المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الافتراء


ابومحمد العلوي
12-04-2013, 10:47 PM
الافتراء
بسم الله الرحمن الرحيم
[...فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ]الأنعام144
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الابرار .
الافتراء لغة:ـ افْتَرَى عَلَيْهِ كَذِبًا اخْتَلَقَهُ وَالِاسْمُ الْفِرْيَةُ بِالْكَسْرِ وَفَرَى عَلَيْهِ يَفْرِي مِنْ بَابِ رَمَى مِثْلُ افْتَرَى .(المصباح المنير في غريب الشرح الكبير ج7 ص185) ,(الفِرْيةُ الكذب فَرَى كذباً فَرْياً وافْتَراه اختلقه ..عن اللحياني الليث يقال فَرَى فلان الكذب يَفْريه إِذا اختلقه والفِرْية من الكذب وقال غيره افْتَرَى الكذب يَفْترِيه اختلقه...(لسان العرب ج15ص151)
ان زعم منصب الهي او مقام علمي او منصب اجتماعي او نسب رفيع ...ليس بالشيء الجديد مادامت اذرع النفس الاماره موجوده والوسواس الخناس موجود , انما الجديد هو كثرة هذه الظاهرة بالسنوات الاخيره بصوره عجيبه , وبالرغم من اشتراك جميع الحالات بصفة الكذب الا ان الخطر الناجم من انواع الحالات متفاوت , فمن زعم الانتماء الى نسب رفيع , او انه صاحب مقام اجتماعي , ليس كزعم الوصول الى مقام المرجعيه , والاخطر من ذلك زعم المناصب الالهيه الخاصه كنيابة الامام المعصوم , اوزعم انه اليماني , او الحسني او النفس الزكيه ...ومن هوان الدنيا على الله قيام هؤلاء المفترين بقصد المدينة المقدسه لبث سمومهم فيها , لعدة اسباب تشجعهم على ذلك , ومنها وجود الجهله الذين ينعقون مع كل ناعق و ..., نسأل الباري العطوف تعجيل فرج زعيمنا فان الكثير قد تسافل الى حد كبير .
واود هنا ذكر بعض مايتعلق بالافتراء الذي يؤدي بصاحبه الى النفاق . (نستجير بالله )
1:ـ بين العلي العظيم(جل جلاله) في كتابه المجيد حالات المفترين ومايزعمون وعاقبة امرهم ومن هذا البيان مايلي :ـ
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ }الأنعام93
{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَـئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُواْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ }الأعراف37
{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ }يونس17
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ }هود18
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }الصف7 .
فما اعظم نعم الله(تعالى) علينا فلقد يسر لنا (الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ), ففيه من الحقائق مايكفي وزياده , اضافة الى نعمة العقل التي يمكن من خلالها ادراك قبح الكذب بالبداهه , ولهذه الرذيلة خطوره كبيره حيث سئل النبي ( ص ) يكون المؤمن جبانا ؟ قال : (نعم ، قيل : ويكون بخيلا؟ قال : نعم ، قيل ويكون كذابا ؟ قال لا)
وقال أمير المؤمنين " ع : "( لايصلح من الكذب جد ولاهزل ولاان يعد احدكم صبيه ثم لايفئ له ، والكذب يهدي إلى الفجور ، والفجور يهدي إلى النار ، وما يزال احدكم يكذب حتى يقال كذب وفجر ، ومايزال احدكم يكذب حتى لايبقى في قلبه موضع ابرة صدق فيسمى عند الله كذابا ).و (قال ابوجعفر عليه السلام : قال رسول الله ( ص : ) أنا زعيم ببيت في الجنة لمن حسن خلقه مع الناس ، وترك الكذب في المزاح والجد ، وترك المراء وهو محق) (مشكاة الانوار), ومن الخطير في هذا الامر ان الكذب يوصل صاحبه الى النفاق (نستجير بالله)
لان النبي ص(مصباح الشريعة ص 146) قال :ـ (المنافق من إذا وعد أخلف و إذا فعل أساء و إذا قال كذب و إذا ائتمن خان و إذا رزق طاش و إذا منع عاش ) , وروي عن مولانا الصادق (ع) في وصف المنافقين(مصباح الشريعه 145) حيث قال:ـ المنافق قد رضي ببعده عن رحمة الله تعالى لأنه يأتي بأعماله الظاهرة شبيها بالشريعة و هو لاه و لاغ و باغ بالقلب عن حقها مستهزئ فيها و علامة النفاق قلة المبالاة بالكذب و الخيانة و الوقاحة و الدعوى بلا معنى و استخانة العين و السفه و الغلط و قلة الحياء و استصغار المعاصي و استيضاع أرباب الدين و استخفاف المصائب في الدين و الكبر و المدح و مدح الحب و حب المدح و الحسد و إيثار الدنيا على الآخرة و الشر على الخير و الحث على النميمة و حب اللهو و معرفة أهل الفسق و معونة أهل البغي و التخلف عن الخيرات و تنقص أهلها و استحسان ما يفعله من سوء و استقباح ما يفعله غيره من حسن )
3:ـ في قضية هذا المقال يمكن القول ان المحور يدور حول طرفان رئيسيان :ـ
الطرف الاول :ـ المفترين وهذا الطرف , يستحيل ان يقرأ كلاماً يكتبه مغمور مثلي , ناهيك عن ان يسمعه او يلتفت اليه , فلا جدوى وهذا الحال من مخاطبتهم بعد ان استحوذ عليهم الشيطان , علما ان الحل لهم يكمن في شيء رئيسي وهو ترك الكذب لما فيه من مخاطر جمه .
اما الطرف الثاني :ـ فهم الذين انخدعوا بهؤلاء المفترين ساحبينهم الى وادي مظلم سحيق ماله من قرار , فهؤلاء المخدوعين يمكنهم ان يسمعوا نصائح ائمتنا عسى ان ينجوا من وادي الهلكه , فعن امامنا الجواد (ع) :ـ(المؤمن يحتاج الى توفيق من الله وواعظ من نفسه وقبول ممن ينصحه ) , اذن فليتوجهوا الى الله بقلوب صادقه ونيات مخلصه طالبين منه العون للهدايه الى داعي الله الناطق بالحق والصادع بالصدق فعن مولانا ومقتدنا ابوجعفر الثاني محمد الجواد(ع)قال:ـ (من اصغى الى ناطق فقد عبده , فان كان الناطق عن الله فقد عبد الله , وان كان الناطق ينطق عن ابليس فقد عبد ابليس) , ومن خلال هذا الحديث الشريف يتبين خطورة الموقف ,فمن كان همه الله يجب ان لايجمد على الركون الى فلان وفلان فينبغي وهذا الحال ان يبتغي الفرد مرضاة الله فما يحبه الله يجب ان نحبه وما يبغضه الله يجب ان نبغضه ومايريده الله يجب ان نريده ومالايريده الله يجب ان لانريده ...ومن غير الممكن ان يجتمع حب الله مع حب اعداء الله...واظن والعلم عند الله ان ترك الكذب باب ومدخل للوصول الى داعي الله الناطق بالحق وكما قيل في المثل شبيه الشيء منجذب اليه والطيور على اشكالها تقع . اسأل الله حسن العاقبه والمنقلب لجميع اخوتي الذين اسألهم ان لاينسوني من بركة دعائهم وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين .