المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «السيدة الزهراء سلام الله عليها بين المحبوبية والمظلومية، للشيخ بناهيان»


الرحيق المختوم
17-04-2013, 10:36 AM
بين يديك أيها القارئ الكريم ملخص محاضرات الشيخ علي رضا بناهيان تحت عنوان «السيدة الزهراء سلام الله عليها بين المحبوبية والمظلومية»:


http://upload7.ir/images/46380058608385084651.jpg (http://upload7.ir/)


شأن فاطمة

إن أيام الفاطمية تذكرنا بمجموعة من المفاهيم المهمة والأساسية التي لها شأن مهم جدا في تاريخ الإسلام، وكما لها تأثير على حياتنا الفردية وعلى مستوى علاقتنا بأهل البيت، كذلك لها تأثير على حياتنا الاجتماعية. وإن الارتباط بهذه المفاهيم يؤدي إلى بركات وفوائد كثيرة لمن يهتمّ بالمسائل المعنوية.

إنها تحمل مختلف الرسائل والدروس والحقائق عن الدين، وقد تكون بعض هذه الدروس أعمق بكثير من الدروس التي نستلهمها من كربلاء.

ومن بين هذه المفاهيم، يمتاز مفهومي «مظلومية» و «محبوبية» السيدة الزهراء سلام الله عليها بأهمية خاصة. إن مظلومية السيدة الزهراء سلام الله عليها تحمل لنا معاني كثيرة وكذلك تنطوي محبوبية السيدة الزهراء سلام الله عليها على معارف دينية عميقة.



محبوبية السيدة الزهراء سلام الله عليها، محور الأيام الفاطمية

إن لمحبة السيدة الزهراء سلام الله عليها، تأثيرا كبيرا في النفوس، فبإمكاننا أن نفترضها محور الأيام الفاطمية. إن أهمية محبوبية الزهراء بدرجة تمكننا من افتراض مظلوميتها وحتى استشهادها فرعا لها. في بعض الأحيان، لعلّ مظلومية الإنسان تجعله محبوبا لدى القلوب، أما في هذه المناسبة نجد أن محبة الزهراء سلام الله عليها تدخل في القلب بلا حاجة إلى تذكار مظلوميتها، بل هي التي جعلت من مظلوميتها مصيبة عزّت على القلوب.

وقد أشار القرآن في صريح قوله إلى هذه المحبوبية وإظهار المحبة؛ «قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبى»[1]



ضرورة التأكيد على محبوبية الزهراء في المجتمع العالمي

نحن الآن وفي هذا المجتمع العالمي الذي نعيش فيه، أمام أعداء كثيرين ومختلف الديانات التي تشاهد تمسكنا بالدين. وأحيانا نشاهدهم ينتجون أفلاما ضدّ الإسلام ويصوّرون الإسلام دينا غير إنساني مليئا بالعنف.

نحن نعظّم هذه المناسبة ونعتزّ بها في ظل هكذا أجواء، فلابدّ أن نعرف هل نجعل محور هذه الأيام هو محبوبية السيدة الزهراء أم مظلوميتها؟ وأيّ المفهومين أنسب بالتسليط الأضواء عليه وأجدر بالتأثير في المجتمع العالمي؟ ومع افتراض هذه الظروف الراهنة، أي الخطابين سيحظى باهتمام أكثر من قبل شعوب العالم؟ فإذا أردنا أن نراعي المصلحة ونجعل خطابنا منسجما مع مقتضيات المجتمع العالمي، لابدّ أن نطرح «محبوبية» السيدة الزهراء سلام الله عليها.

الحب لغة الجميع: إن الحبّ هو اللغة المشتركة في جميع العالم. إنه موضوع أوسع من نطاق الدين والمذهب وحتى الثقافة. إنه أحد القضايا التي لا تتحدد بحدود. فكل العالم يعرف ويفهم أن حبّ أحد ما هو بنفسه أمر جميل ممتع وثمين.

إن هذه الظاهرة وهي أن هناك أناس يحبّون «أمّاً» في أعلى درجات الحبّ ويثنون عليها بكل عظمة وروعة، ويعشقونها حتى الموت من أجلها، تبدو جميلة ورائعة لدى الجميع. ويودّ الجميع أن يشاهدوا هذه المحبة، فبإمكاننا أن نكسب قلوب أهل العالم بإظهار هذه المحبة.

الحب نداء الفطرة: وسبب كون الإنسان يدرك بالحبّ جميع المفاهيم بسهولة وأنه أمر سهل الإدراك لدى الجميع هو أن الله قد خلق الإنسان بهذه الكيفية. لقد قال الإمام الباقر عليه السلام: «هل الدين إلا الحبّ».[2] فبما أن الدين ليس إلا الحبّ، وأن الدين مفطور بفطرة الإنسان الإلهية، إذن نستطيع القول بأن الإنسان ليس سوى الحبّ. إن الحبّ أمر فطريّ في وجود الإنسان. ولهذا أنتم قادرون على غزو العالم بالحبّ. إنه لأكسير عجيب.

ليس في العالم شخصية تماثل السيدة الزهراء سلام الله عليها، لم تستطع ثقافات العالم وحضاراتها وأساطيرها أن تصنع شخصية محبوبة تشبه السيدة الزهراء سلام الله عليها حتى في أبعاد أصغر جدا.

أما نحن فنمتلك هذه الشخصية العظيمة، فلو كانت جميع الأشجار أقلاما والبحار مدادا لنفدت عند وصفها ونظْمِ الشعر في حبّها. نحن قادرون على هزّ العالم بقدر هذا الكمّ القليل من المعلومات التي نعرفها عن حياة هذه المرأة العظيمة التي لم تتجاوز الثماني عشرة، فلماذا لم نتناول هذه القضية ولا نخوض فيها؟

حسبنا أن يصل حبكم للزهراء سلام الله عليها إلى أسماع أهل العالم. فإن شاهدوا هذا الحبّ وسمعوه، سوف يرمي أهل الخمور كؤوسهم، ويقف الراقصون عن رقصهم ويهدأ المغنون عن غنائهم لينظروا إلى مشاهد حبّكم للزهراء سلام الله عليها.

يتبع إن شاء الله...



[1]الشورى، الآية 23.

[2]الكافي، ج8، ص79.

الرحيق المختوم
18-04-2013, 08:45 AM
2. ضرورة التأكيد على محبوبية الزهراء في «العالم الإسلامي»


لا خلاف في العالم الإسلامي على قضية محبوبية الزهراء سلام الله عليها، ومن هذا المنطلق تقتضي المصلحة أن نؤكّد على قضية محبوبيتها في العالم الإسلامي. إنها بنت الرسول صلى الله عليه وآله ونحبها جميعا شيعة وسنة. إن موقع حبّ الزهراء في قلوب المسلمين بمكان حتى أقرّ أحد علماء الوهابيّة بحبّه لها بالرغم من أنه قد أفتى بارتداد الشيعة.
وعلى مرّ التاريخ لم يسئ أحد إلى فاطمة الزهراء سلام الله عليها. حتى في تلك الفترة التي كانوا يسبّون فيها أميرالمؤمين عليه السلام، لم يصل بهم الأمر إلى الإساءة إليها عليها السلام.
نعم، هناك من يناقشون مظلومية الزهراء سلام الله عليها في العالم الإسلامي، بيد أنهم لا ينكرون محبوبيتها أبدا وحتى يرون أنفسهم يدافعون عن هذه المحبوبية التي تحيط بشخصيتها عليها السلام.
محبوبية الزهراء سلام الله عليها، مدعاة للوحدة: إن المجتمع الإسلامي اليوم بحاجة إلى الالتفاف حول محور حبّ الزهراء سلام الله عليها. إن حبّ الزهراء سلام الله عليها يمثل أحد أوامر القرآن بشكل صريح؛ « قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبى‏».[1]
لقد أشار القرآن إلى مودّة أهل بيت الرسول والسيدة الزهراء سلام الله عليها كأجر رسالة خاتم الأنبياء، وإن هذا التأكيد القرآني يمثل أحد القواسم المشتركة بين الشيعة والسنّة. إذن من شأن هذا الحبّ للسيدة الزهراء سلام الله عليها أن يصبح محور الوحدة بين الشيعة والسنة أمام أعداء الإسلام. «تَعالَوْا إِلى‏ کَلِمَةٍ سَواءٍ بَیْنَنا وَ بَیْنَکُم‏» والكلمة السواء بين المسلمين هي حب فاطمة الزهراء سلام الله عليها.
لقد صرّح الإمام الخامنئي دام ظله قبل سنين وقال: «إن أهل البيت وحبّ أهل البيت، محور وحدة المسلمين».[2] إنها كلمة لطيفة وحكيمة جدا، وفعلا بالرغم من زعم الكثير من الناس، إن أهل البيت يمثلون أهمّ محور في وحدة المذاهب الإسلامية.
إن الظروف الخاصة التي تمرّ بالعالم الإسلامي وكذلك ظروف العالم البشري برّمته تقتضي أن نتحدّث عن محبوبيّة السيدة الزهراء سلام الله عليها قبل الحديث عن ظلامتها وأكثر من ذلك. لا أقصد من هذا الكلام أن نتراجع عن حقائق ظلامتها حرصا على بعض المصالح، حيث إن ظلامة فاطمة الزهراء سلام الله عليها هي راية فخر الشيعة ونصرهم، وهي من ثغور معارف الشيعة التي لا نتراجع عنها بقدر شبر واحد. بيد أن ظروف المجتمع العالمي والعالم الإسلامي تقتضي أن نجعل ثقل تأكيدنا على محورية محبوبيتها. وبهذا المنهج نوفّر الأرضية اللازمة لطرح الأبحاث المرتبطة بظلامتها ونزيد بذلك مدى تأثير الكلام على المستمع.

3. ضرورة التأكيد على محبوبية الزهراء سلام الله عليها في الأوساط الشيعية

دور «محبوبية» الزهراء سلام الله عليها في ارتقاء المجتمع الشيعي
ما هو الموقف المطلوب في أوساطنا الإيمانية، فهل لابدّ أن نؤكد على المحبوبية أم المظلومية؟ راجعوا قلوبكم المحترقة وأكبادكم الحرّى في هذه الأيّام واسألوها هل كانت لا تحترق ألما فيما لو غادرت الزهراء حياتها بموت طبيعي؟!
فبمقتضى أمر القرآن الصريح، يتعيّن علينا حب فاطمة الزهراء سلام الله عليها وإظهار هذا الحب. ولهذا حتى لو توفيّت الزهراء سلام الله عليها بموت طبيعي لكان المفترض أن تحترق قلوبنا بهذا القدر.
إذا ارتحل عالم ديني عن المجتمع الإسلامي يصاب الإسلام بصدمة؛ «إِذَا مَاتَ الْعَالِمُ ثُلِمَ فِی الْإِسْلَامِ ثُلْمَةٌ لَا یَسُدُّهَا شَیْ‏ءٌ إِلَى یَوْمِ الْقِیَامَةِ».[3] فلا شك في أنه إذا ارتحلت عنه بنت رسول الله التي كان يحدثها جبرئيل الأمين،[5] وهي كفو أمير المؤمنين عليه السلام وبضعة من رسول الله صلى الله عليه وآله[4] فحتى لو أنها ارتحلت بموت طبيعي، يصاب الإسلام والمجتمع الإسلامي بصدمة أعظم جدا. فهل قد بلغ المجتمع هذا المستوى من «الرشد» حتى يتألم ويحزن بمجرد وفاة السيدة الزهراء سلام الله عليها بغض النظر عن استشهادها؟! أرجوا أن قد بلغ إن شاء الله.
إن هذا الاهتمام بتصعيد المحبوبية لا يعني الغفلة عن الظلامة. فأولئك الذين اتقدت قلوبهم وسالت دموعهم بوهج حبّ فاطمة الزهراء سلام الله عليها ماذا يفعلون لظلامتها؟! وأولئك الذين تخنقهم العبرة بمجرّد ذكر الزهراء سلام الله عليها ماذا يفعلون لظلاماتها ومأساتها؟
إن مجتمعنا الإيماني بحاجة إلى هذا الرشد. لابدّ أن نعلم ونربّي أنفسنا على أن لا نصبّ الدموع ولا نلتاع على الإمام المظلوم وحسب. نحن نصبو إلى عشق صاحب العصر والزمان ونأمل الموت من أجله مع أنه سوف يكون في قمّة القوّة والاقتدار. ويا ترى هل تعيّن علينا أن نقتصر بحبّ الإمام المظلوم وحسب؟

يتبع إن شاء الله ...


[1] الشورى/ 23
[2] خطاب سماحته في لقائه بضيوف المؤتمر العالمي لأهل البيت عليهم السلام، 1990.05.25 )
[3] عن أمير المؤمنين عليه السلام؛ راجع المحاسن، ج 1، ص 233
[4] الكافي، ج1، ص270، باب فی أن الائمة محدثون.
[5] قال رسول الله ـ‌صلّی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلّم‌ـ : «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي»، راجع العمدة، ص384.

شيعية موالية
18-04-2013, 01:16 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

السلام على الزهراء وابيها وبعلها وبنيها ولعن الله ظالميها
احسنت بارك الله فيك

الرحيق المختوم
20-04-2013, 09:42 AM
دور محبة الزهراء سلام الله عليها في إصلاح المجتمع الشيعي

ليست محبة الزهراء سلام الله عليها على رأس أولويات المجتمع العالمي و المجتمع الإسلامي وحسب، إذ حتى أوساطنا الشيعية أيضا لابدّ أن تضرب على وتر حبّ الزهراء باستمرار. إن الظاهرة الواضحة في مجتماعتنا هي احترام السيدة الزهراء سلام الله عليها. ولكن لا ينبغي أن نخلط بين الحب والاحترام. فلا زال مجتمعنا بحاجة إلى تطوير وارتقاء في جانب المحبة. إن ازدياد هذا الحبّ بين أفراد المجتمع سيؤدي إلى حلّ كثير من مشاكلنا الاجتماعية والثقافية:

1.إصلاح سلوك النساء في المجتمع

إن إصلاح حجاب النساء وسلوكهن في المجتمع وعملية تربية الأسر هي من القضايا التي تتيّسر بشياع محبة الزهراء سلام الله عليها في المجتمع. أما مدى علاقة شياع حب الزهراء سلام الله عليها بحل مشاكل المجتمع فراجعٌ إلى العلاقة الموجودة بين «الحب» و«العمل» و«المعرفة»:
المحبة تصلح العمل: ليس هذا بكلام صائب بأننا نحظى بالمحبة والمودة الكافية تجاه السيدة الزهراء سلام الله عليها وعليه فلنذهب إلى كسب «المعرفة» تجاهها ونستلهم الدروس من شخصيتها لنتمكن من الاقتداء بها في مقام «العمل». من قال أن هناك مرحلة متوسطة بين «المودة» و«العمل» باسم «المعرفة»؟ كلا، إن «المودّة» هي الدافع والمحفّر للتأسّي والعمل.
لا نريد أن ننكر قيمة العلم والمعرفة؛ حيث إننا بحاجة إلى المعرفة كذلك. ولكن عندما نتواصى بكسب المحبّة لا نحتاج إلى تواص مستقل بكسب المعرفة. فالذي يقول إني أحبّ الزهراء سلام الله عليها بيد أنه لا يتأسى بها في مقام العمل، لا تعوزه «دورة تعليمية» في مقام السيدة فاطمة سلام الله عليها بل مشكلته هي أنه «قلیل» الحبّ لها. فلابدّ له أن يزداد حبا لها حتى يصبح مثلها.
لا داعي لأن نوصيه بأن «تعرّف على الزهراء سلام الله عليها» بل ينبغي أن نقول له: «إرفع من مستوى حبك للزهراء سلام الله عليها». وبالتأكيد إن ازدياد المعرفة هو بنفسه أحد الطرق والأساليب في سبيل ازدياد المحبّة.
لا تجدون في مجتمعنا الآن شيعيا يسمّي ابنه بيزيد؛ لا يفعل أحد هذا وإن حززت رأسه. لماذا؟ فهل قد حضر دروسا معرفية جعلته يأبى عن هذا العمل، أم أن هذا القدر من «الحبّ» الذي انطوى عليه قلبه تجاه أبي عبد الله الحسين عليه السلام يمنعه من هذا الموقف. إن هذا الحبّ بنفسه يقتضي أن تستحيل بعض الأعمال في المجتمع.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى ظاهرة السفور والتبرج؛ فإن ازداد مستوى حبّ الزهراء سلام الله عليها بين نسائنا، تصبح حينئذ ظاهرة السفور من المستحيلات.
المودة مدعاة لكسب المعرفة: إن كان مجتمعنا الديني بحاجة إلى ازدياد المعرفة تجاه السيدة الزهراء سلام الله عليها لابدّ له أن يصعّد من مستوى مودّته. إن المودة تنتج المعرفة. لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «مَنْ أَرَادَ الْحِكْمَةَ فَلْیُحِبَّ أَهْلَ بَیْتِي».[1] إن هذه الحكمة التي هي ضالة المؤمن،[2] ومن أعطيها فقد صار عالما بلا معلِّم، تحصل بحبّ أهل البيت عليهم السلام.

2.ارتفاع المستوى المعنوي لدى النساء

ليست النساء بنصف المجتمع، بل كل المجتمع. إن دور النساء أكثر حساسية وخصوصية من دور الرجال في المجتمع وذلك بسبب دورهنّ الخاصّ في الأسرة وتربية الأولاد. ومن هذا المنطلق فهنّ أكثر حاجة من الرجال إلى الارتقاء المعنوي. وفي هذا المسار تستطيع علاقتهن بفاطمة الزهراء سلام الله عليها أن تبلغ بهنّ إلى ذروة المعنوية.
يكفينا في هذا المسار أن نوفّر أرضية إقبال النساء على فاطمة الزهراء سلام الله عليها بإشاعة حبّها في المجتمع. يكفينا أن تتقرب النساء من فاطمة الزهراء سلام الله عليها إثر انتشار حبّها في القلوب. عند ذلك وبسبب المشاعر التي يملكنها تجاه الزهراء سلام الله عليها سوف تجدهنّ يزددن اهتماما بالمسائل المعنوية والدينية ويزددن شَبَها بالزهراء سلام الله عليها في حياتهنّ وسلوكهنّ.

ومن جانب آخر، عندما تشيع عظمة هذه المودة في المجتمع، وحين تشاهد النساء أنّ هناك امرأة لها شأن ومقام عظيم في الإسلام وتحظى بهذه المودة والمحبة في المجتمع، يشعرن بالشخصية وإثر ذلك يسهل عليهنّ الالتزام بالدين والمسائل المعنوية.


[1]«مَنْ أَرَادَ الْحِكْمَةَ فَلْیُحِبَّ أَهْلَ بَیْتِی»، بحار الأنوار، ج27، ص116 و مئة منقبة، ص84.
[2]عن الإمام الصادق ـ‌علیه‌السلام‌ـ : «الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِن»، الكافي، ج8، ص168.

الرحيق المختوم
20-04-2013, 06:47 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

السلام على الزهراء وابيها وبعلها وبنيها ولعن الله ظالميها
احسنت بارك الله فيك
أحسن الله لك أختي الموالية
وفقك الله لكل خير

الرحيق المختوم
21-04-2013, 09:44 AM
يكفينا في هذا المسار أن نوفّر أرضية إقبال النساء على فاطمة الزهراء سلام الله عليها بإشاعة حبّها في المجتمع. يكفينا أن تتقرب النساء من فاطمة الزهراء سلام الله عليها إثر انتشار حبّها في القلوب. عند ذلك وبسبب المشاعر التي يملكنها تجاه الزهراء سلام الله عليها سوف تجدهنّ يزددن اهتماما بالمسائل المعنوية والدينية ويزددن شَبَها بالزهراء سلام الله عليها في حياتهنّ وسلوكهنّ.
ومن جانب آخر، عندما تشيع عظمة هذه المودة في المجتمع، وحين تشاهد النساء أنّ هناك امرأة لها شأن ومقام عظيم في الإسلام وتحظى بهذه المودة والمحبة في المجتمع، يشعرن بالشخصية وإثر ذلك يسهل عليهنّ الالتزام بالدين والمسائل المعنوية.

3. ازدياد قوة المجتمع

إن الله قد نصر خاتم أنبيائه بالرعب؛ «ونصره بالرعب».[1] لقد كان الله سبحانه يحيط النبيّ وأصحابه بالأبّهة والهيبة أمام الأعداء ما كان يلقي بها عليهم الرعب. وقد وعد الله سبحانه أن ينصر خاتم أوصيائه بالرعب أيضا،[2] حيث قد ورد في الرويات أن رعب أعداء الإمام المنتظر سوف يعبّد الطريق لجيش الإمام حتى الانتصار السريع.[3]
من أين يأتي هذا الرعب؟ فإذا أمعنّا النظر في هذه الحقيقة نجد أن إلقاء الرعب يأتي من الشجاعة والشجاعة ناجمة من ثبات القلب. وأما القلب الذي يسع عرش الرحمن لا يثبت إلا بعد أن يمتلئ بحبّ مولاه. من خصائص الحبّ هو أنه إذا تعزّز وملأ القلب، يمنح الإنسان قوة في التضحية والشجاعة في سبيل من يهواه. فإن ملأ الحبُّ وجودَك كلَّه، تفدِ نفسك لحبيبك بسهولة، وتفيض حينها الشجعاعة من قلبك، وسوف تلقي هذه الشجاعةُ الرعبَ في قلوب الأعداء.
إنَ مجتمعنا اليوم بحاجة إلى هذا الرعب في مواجهة الأعداء. كما أن انتصارنا على أعدائنا سوف يتحقق بهذا الرعب نفسه. إن هيبة حبَنا لمولانا ومولاتنا هي التي تسلب الأعداء جرأتهم على مواجهتنا والتطاول علينا.
إن سبب حساسيَة العدوّ من مجالسنا وهيئاتنا ما تضطرّه إلى القيام بتفجيرها، هو أنه بات يدرك ما يعطيه «حبّ أهل البيت» لنا من قوّة وهيبة.

4. ضرورة التأكيد على موقع حبّها في نفوسنا

أيهما أوقع في القلب وأعظمها أثرا في نفس الإنسان كفرد؛ التأكيد على ظلامة الزهراء سلام الله عليها أم التأكيد على محبوبيتها؟ وأيّهما أوفر حظّا من الأجر وأجدر في إيصالنا إلى القرب؛ الخوض في محبوبيتها أم الوقوف عند ظلامتها عليها السلام.
مما لا شكّ فيه ولا ريب يعتريه إن لذكر مأساة الزهراء وأحقيتها سلام الله عليها بركات كثيرة وأثرا عميقا في القلوب. وكثيرا ما يبدو هذا الأثر جليا لدى الجميع. بيد أنه ليس بالضرورة أن كلّ ما انطوى على أثر واضح ويسير، فهو ذو قيمة أعظم وثمن أكبر.
إن بعض المصائب لا تُبكي جميع الناس، بيد أنها أغلى قيمة لمن التاع قلبه بسماعها. فعلى سبيل المثال هناك من يبكي على جراحات الحسين عليه السلام وحسب، أما هناك من يستطيع أن يبكي على غربة الحسين عليه السلام أيضا، بل يبكي على مُثُل الحسين عليه السلام وقيمه. فلا شك في أن الدّموع التي سكبتها غربة الحسين وقيمُه عليه السلام أغلى ثمنا من غيرها، إذ إن الذي يبكي على غربة الحسين عليه السلام بل على قيمه عليه السلام فقد ملئ قلبه بمزيد من الهمّ للدين.
بإمكان جميع الناس أن يبكوا ويصبّوا الدموع على مصاب امرأة قتل أخوها أمام عينها، ولكن هل يستطيع أيّ أحد أن يبكي على زينب سلام الله عليها إذ شاهدت مقتل إمام زمانها؟
إن للتهاب القلب والبكاء على مأساة الزهراء وجراحاتها ثمنا عظيما جدّا، وفي نفس الوقت إنه أيسر من البكاء على غربتها ومصائبها في سبيل قيمها ومثلها. إن هذا البكاء أصعب بكثير وأكثر قيمة بطبيعة الحال.
أصل ذهبي في إصلاح القلب: ينطوي القلب على زوايا كثيرة وهي مواطن لأنواع الحبّ وأشكال الصفات. فهو يسع في دهاليزه كلي أنواع الحب والصفات من الحميدة والسيئة التي تتنازع في ما بينها. فتارة يجرّك الحبّ إلى أمر حسن، وتارة أخرى يجرّك إلى أمر سيئ. إن تغيير القلب عمل صعب، ولا يقوى عليه إلا القلب نفسه. إن ذاك الأصل الذهبي في إصلاح القلب هو أن زوايا ودهاليز القلب مستطرقة، فإذا عزّزت حسنة قي قلبك، تقوم هذه الحسنة بطرد باقي المساوئ من الزوايا والدهاليز الأخرى، كما إذا عزّزت سيئة في قلبك تقوم بنفس الدور نفسه تجاه حسنات القلب.


يتبع إن شاء الله...

[1]عن الإمام الصادق ـ‌علیه‌السلام‌، راجع الكافي، ج2، ص17.
[2]«عن ابى جعفر ع: ... وَ أَمَّا شَبَهُهُ مِنْ جَدِّهِ الْمُصْطَفَى ص فَخُرُوجُهُ بِالسَّیْفِ وَ ... وَ أَنَّهُ یُنْصَرُ بِالسَّیْفِ وَ الرُّعْبِ‏»، کمال الدین، ج1، ص327.
[3]عن الإمام الباقر ـ‌علیه‌السلام‌ـ : «... و یَسِیرُ الرُّعْبُ قُدَّامَهَا شَهْراً»، بحارالأنوار، ج52، ص360.

الرحيق المختوم
27-04-2013, 09:22 AM
لقد ورد في رواياتنا أن النقطة البيضاء بنفسها تقدر على طرد جميع السواد والظلام من القلب حتى القضاء عليه تماما، كما إذا تمّ التأكيد على أحد السيئات في القلب، تتكاثر هذه السيئة كما تنمو الخليّة السرطانية إلى أن تطغي على القلب برمّته.[1] إنه لأمر عجيب. فإذا نشأت وتبلورت في القلب حسنة، تقوم بدور «التزكية» فيه. وأيّ حسنة أعظم وأرقى وأكثر تأثيرا من حبّ الزهراء سلام الله عليها.

فإذا أحبّ الإنسانُ أسوةَ الفضائل وقدوتَها، تسري هذه المودّة إلى باقي زوايا القلب شيئا فشيئا. وحينها يتبلور «حبّ الفضائل» في قلب الإنسان وتغادره السيّئات والرذائل. ومن هذه المنطلق نجد أنّ مودّة النبيّ وآله مطهرة للقلب: «وَ مَا خَصَّنَا بِهِ مِنْ وَلَایَتِکُمْ طِیباً لِخَلْقِنَا وَ طَهَارَةً لِأَنْفُسِنَا وَ تَزْکِیَةً لَنَا وَ کَفَّارَةً لِذُنُوبِنَا.»[2]

فباعتبار أن حبّ فاطمة الزهراء سلام الله عليها أنفذ في القلوب وأسهل نموّا واشتدادا، لابدّ أن نستغلّ هذه الفرصة لإصلاح قلوبنا. عززوا محبة الزهراء سلام الله عليها في قلوبكم لتطهروا.

وهناك أصل ذهبي آخر للحصول على هذه المحبّة، وهو أن تطلبوا هذا الحبّ من أمير المؤمنين عليه السلام، فإنه يحبّ محبي فاطمة الزهراء سلام الله عليها وعشّاقها.

الحبّ مدعاة للولاء القلبي: لم يتقبل الله الولاء الظاهري من أحد. فلا قيمة عند الله لخضوعك أمام حكم رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام دون أن يرضى به قلبك وضميرك. فقد أقسم الله بنفسه في القرآن أن لا إيمان لمثل هذا الإنسان. لا يتقبل الله إلا التسليم الحقيقي المنبثق من صميم القلب؛ «فَلاَ وَرَبِّکَ لاَ یُؤْمِنُونَ حَتَّىَ یُحَکِّمُوکَ فِیمَا شَجَرَ بَیْنَهُمْ ثُمَّ لاَ یَجِدُواْ فِی أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَیْتَ وَیُسَلِّمُواْ تَسْلِیمًا».[3]

ولا يخفى أنّ هذا التسليم الحقيقيّ والرضا بحكم الله إنما يتحقّق بالحبّ. فكونك لا تشعر بأي كره تجاه حكم رسول الله صلى الله عليه وآله إنما يحصل ذلك بالمحبّة وحسب. لابدّ أن تبالغ في حبّك لرسول الله وأهل بيته عليهم السلام وتضاعف هذا الحبّ في مختلف زوايا وجودك وضميرك لتكون كما قال الله سبحانه: «وَیُسَلِّمُواْ تَسْلِیمًا».

لذلك قبل أن نواجه صاحب العصر والزمان لابدّ أن نرفع مستوى حبّنا لأهل البيت عليهم السلام ونبلغ مستوى هذا الولاء القلبي. لقد حذرنا أهل البيت عليهم السلام وأوصونا بالاستعداد قبل الظهور.

إن أشرقت الشمس على بستان تثير عطر براعمه وإن أشرقت على جيفة تأجج رائحتها المنتنة. وكذا الحال في شمس الولاية فإن طلعت من وراء ستار غيبتها وأصدرت أمرا ما، تؤجّج نتن رائحة من انطوى قلبه على شيء من «الأنانية». فإذا أردنا أن نتهيّأ قبل الظهور وننال درجة الولاء القلبي قبل أن نلتقي بالإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف لابدّ أن نزداد حبّا لأهل البيت عليهم السلام. وفي سبيل تعزيز هذا الحبّ الذي هو الأساس في إحكام أواصر الولاء، حريّ بنا أن نقف عند محبّة الزهراء سلام الله عليها فإنّ ازدياد محبتها أيسر.

«الحبّ» هو المنجى الوحيد من العجب: من الصعب جدّا أن يصل الإنسان إلى المستوى الذي لا يرى فيه فضائله ولا يعتريه عجب. إنه فخّ لا يأمنه حتى الصالحون. والأمر الوحيد الذي ينجّي الإنسان من هذه الورطة هو «الحبّ». ليس أثر الحب هو القضاء على سلبيات الإنسان وحسب، بل إنه يحرق محاسنه في نظره وحسبانه أيضا. إنما «العشاق» فقط، هم الذين كلّما يزدادون فضلا وحُسنا يزدادون تواضعا وشعورا بالفقر والتقصير أمام حبيبهم. الشيء الوحيد الذي يخلّص الإنسان من «الأنانية» هو وهج الحبّ؛ حيث إنك إن أصبحت عاشقا سوف لا ترى سوى الحبيب ولم تعد ترى نفسك.

العاشق الذي لا تفوته صلاة الليل أبدا، إذا تذكّر صلاة السيدة الزهراء سلام الله عليها في جوف الليل ينسى نوافله، وكأنه لم يصلّ نافلة الليل مرّة، فيرى صلاته لا شيء أمام صلاة حبيبه ومن يهواه. إن نار الحبّ تحرق جميع صلواته في نظره.

لا يقوى شيء على إنقاذ الإنسان من العجب سوى «حبّ أهل البيت» وعلى رأسهم حبّ فاطمة الزهراء سلام الله عليها. ولا مطهِّر للإنسان سوى الحبّ؛ «وَمَا خَصَّنَا بِهِ مِنْ وَلَایَتِکُمْ طِیباً لِخَلْقِنَا وَ طَهَارَةً لِأَنْفُسِنَا وَ تَزْکِیَةً لَنَا».

فمن هذا المنطلق الجميع بحاجة إلى «المحبة». إن «حبّ أهل البيت» هو الأكسير الأعظم، وبالتأكيد إن أثر محبّة أم الأئمة أعظم في قلوب المؤمنين من محبّة جميع الأئمة عليهم السلام. إن هذه الحقيقة واضحة وضوح الشمس في وجه النهار؛ إن فاطمة الزهراء سلام الله عليها هي أمٌّ، وعلاقة الأمّ بالحبّ تختلف عن علاقة غيرها به.



يتبع إن شاء الله...




[1]«عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَیْراً نَكَتَ فِی قَلْبِهِ نُكْتَةً مِنْ نُورٍ وَ فَتَحَ مَسَامِعَ قَلْبِهِ وَ وَكَّلَ بِهِ مَلَكاً یُسَدِّدُهُ وَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ سُوءاً نَكَتَ فِی قَلْبِهِ نُكْتَةً سَوْدَاءَ وَ سَدَّ مَسَامِعَ قَلْبِهِ وَ وَكَّلَ بِهِ شَیْطَاناً یُضِلُّهُ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ فَمَنْ یُرِدِ اللَّهُ أَنْ یَهْدِیَهُ یَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ یُرِدْ أَنْ یُضِلَّهُ یَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَیِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما یَصَّعَّدُ فِی السَّماء»، الكافي، ج1، ص166

[2]مفاتیح الجنان، زیارة الجامعة الكبيرة؛ من‏لایحضره‏الفقیه، ج2، ص613.

[3]النساء، الآية 65.

الرحيق المختوم
28-04-2013, 10:41 AM
تأكيد الإسلام على مودّتها


لقد بالغ ديننا في التأكيد على محبة فاطمة الزهراء سلام الله عليها:

مودتها في القرآن: لقد أمر الله سبحانه في القرآن بمودّة أهل بيت النبي عليهم السلام واعتبرها أجرا للرسالة: «قُل لَّا أَسْأَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبَى».[1] فبموجب أمر القرآن، تجب مودّة فاطمة الزهراء سلام الله عليها.

محبوبية السيدة الزهراء سلام الله عليها لدى النبي صلى الله عليه وآله: النبي المصطفى صلى الله عليه وآله كان يحبّ فاطمة الزهراء عليها السلام محبة خاصة فلم يأخذ أحد مأخذها من قلب الرسول أبدا. الكلّ يعرف أنّ النبي يحبّها كثيرا حيث كان يظهر هذا الحبّ في سلوكه ومواقفه. كان النبيّ يقوم احتراما لها ويجلسها في مكانه.[2] ولم يقل هذه الكلمة إلا في حقها حيث قال إني أشمّ منها رائحة الجنة.[3] كما قال في حقها: «فداها أبوها».[4]


طريقنا تلقاء نيل المحبة


1ـ مراعاة أدب الأيام الفاطمية: ليس من شأن نار الحبّ أن تحرق سيئات الإنسان وحسب، بل لابدّ لها أن تحرق فضائله كذلك، وتقضي على أنانيّته الحاصلة من فضائله. وإنّ هذه الأيام الفاطمية لفرصة ينبغي لها أن يشعل وهجُ هذا الحبّ كلّ وجودنا برمّته.

هل هذه المحبّة التي أريد منها أن تحرق فضائلنا بلغت إلى المستوى الذي تحرق به سيئاتنا كحد أدنى؟ أو أنها لم تبلغ ذاك المستوى لا سامح الله؟ أخشى أن تمرّ بنا هذه الأيام الفاطمية ولم تطهرنا نار محبة الزهراء عليها السلام. فإن لم نصلُح في هذه الأيام متى نريد أن نصلح؟ يا زهراء ماذا لو تغادرنا هذه الأيّام ولم تلتهب نار محبتك في نفوسنا...؟! تعالوا نتوقع من أنفسنا الصلاح ونيل الكمال في هذه الأيام.

2ـ الاحترام شيء والمحبة شيء آخر: ما يصدر منّا كثيرا من الأحيان هو «احترام» السيدة الزهراء، لا «محبّتها». فلابدّ لنا أن ننتبه ولا نخلط بين هذين الأمرين. إن الحبّ أرفع شأنا من الأدب والاحترام. أحيانا ما يخفي الأدب عيوب الإنسان. قد لا يُعجب الإنسانَ المؤدبَ شيءٌ ما، ولكنّه يخفي ذلك بأدبه في سلوكه. فأخشى أن يكون أدبُنا تجاه أهل البيت قد أخفى عيبنا وهو «قلّة حبّنا تجاههم».

3ـ لا حدّ للحبّ: من شأن محبّة أهل البيت عليهم السلام أن تتضاعف وتنمو في وجودنا أكثر بكثير مما هي عليه الآن. لا ينبغي الاكتفاء بالمحبّة التي نحظى بها تجاه أهل البيت. إن حبّ أهل البيت ولا سيما حبّ فاطمة الزهراء سلام الله عليها ينطلق من الحدّ الأدنى وله أن يرتقي وينمو بلا حدّ وأمد. لقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: «لَوْ أَحَبَّنِی جَبَلٌ لَتَهَافَتَ».[5] هذا هو أثر الحبّ. إن طاقة الحبّ قادرة على أن تهلكنا في سبيل الزهراء سلام الله عليها. فلنتوقع ذلك من أنفسنا، إذ بإمكاننا أن ننال أعلى المقامات المعنوية بحبنا للزهراء سلام الله عليها. لقد عشنا أيام الدفاع المقدس وشاهدنا المجاهدين كيف أنهم بلغوا الذروة في المقامات المعنوية عن طريق علاقتهم الخاصة بالزهراء عليها السلام وحبّهم الرائع لها.

4ـ تزكية النفس هي السبيل لنيل المحبة: عندما يأمر الله بشيء، يوفّر لوازمه. فإذا أمر بمودّة أهل بيت النبي عليهم السلام لابدّ أن يكون قد وفّر أرضية هذا الحبّ في قلبنا وفطرتنا. وهذا يحكي عن وجود أرضية واسعة لحبّ أهل البيت في فطرتنا، فإذا قمنا بتزكية النفس وتطهير الروح، نرى عند ذلك ازدهاره.

لابدّ أن نحاسب أنفسنا لنرى كم هي تحبّ الزهراء سلام الله عليها. هناك علاقة وثيقة بين الحبّ وصفاء روح الإنسان. لا ننس أننا نبتعد عن محبة الزهراء سلام الله عليها بقدر الذنوب التي نرتكبها. إن هذا الحبّ بحاجة إلى وعاء يستوعبه، وتزكيةُ النفس هي التي توّسع أوعيتنا لاستيعاب محبّة فاطمة الزهراء عليها السلام.

كما تزكّي نفسك في شهر رمضان طمعا بالمزيد من النور، كذلك في الأيام الفاطمية بالغ في التزكية والتطهير بدافع هذا القبس المشتعل في قبلك بحبّ الزهراء عليها السلام لتزداد حظّا ونفعا بهذه المحبة.

5ـ فاطمة الزهراء عليها السلام أمّنا: فلنَنظُر إلى فاطمة الزهراء سلام الله عليها كأمّ. لا ننس أن الأمّ لا تنفكّ عن حبّ ولدها، ولا تمتنع عنه إن سألها شيئا. نحن نعتقد أن جبرئيل كان ينزل عليها ويحدّثها بما سيجري على المسلمين إلى يوم القيامة.[6] لماذا يجب أن تطّلع عن أخبارنا؟ لأنها أمّ، والأمّ حريصة على أولادها. إنها تحبّكم باعتباركم أولادها. هي التي دعتكم إلى مجلس عزائها؛ إذ يرتاح فؤادها عندما تراكم، وإن لم تحضروا مجالسها في الأيام الفاطمية تقلق عليكم خاصة وإنها طريحة الفراش ولا أمل لها بالقيام...

6ـ إن محوريّة «المحبّة» تؤدّي إلى ازدياد حجم الظلامة: إن محوريّة المحبّة لا تعني إهمال بعد المظلوميّة. ولكن المقتضيات قد دعتنا إلى الحديث حول محبة الزهراء سلام الله عليها. وثانيا إن عزّزنا محبة الزهراء في قلوب الناس، سوف يهلك الناس حبّا لها قبل أن يسمعوا بظلامتها.

نحن إن ندقّ على وتر الحبّ إنما هو من أجل تسعير نار ظلامتها. فنحن إذا رفعنا مستوى محبتها في القلوب، سيصل الأمر بالناس إلى عدم إمكان ذكر مصائبها ومأساتها لهم.

فإن ازداد حبّ الزهراء في القلوب، هل تعلم على أيّ ظلامة سوف تبكي بل تموت أسفا؟! سوف تموت أسفا على ظلامة فاطمة الزهراء سلام الله عليها، بنت رسول الله، وبضعته وسيدتي نساء العالمين، حيث إنها اضطرت إلى الخروج من بيتها لتأخذ حقها وقبالة فدك التي أهداها لها رسول الله صلى الله عليه وآله.

«ألا لعنة الله على القوم الظالمين»



[1]الشوری، الآية23.

[2]«رَوَوْا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص قَامَ لَهَا مِنْ مَجْلِسِهِ وَ قَبَّلَ رَأْسَهَا وَ أَجْلَسَهَا مَجْلِسَه» المناقب، ج3، ص333

[3]«فأنأ أَشَمُّ مِنْهَا رَائِحَةَ الْجَنَّةِ»، علل الشرائع، ج1، ص183

[4]أمالي الصدوق، ص234

[5]نهج البلاغة، الكلمات القصار، الكلمة 111.

[6]الكافي، ج1، ص239.