نعيم الشرهاني
30-04-2013, 12:14 PM
هل كان عثمان صهرا للنبي 2
هل كانت فاطمة(عليها السلام) بنتاً وحيدة للنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ؟
المطالع للسيرة النبوية بدقّة يدرك وجود رابطة مصاهرة بين النبي محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)وعلي(عليه السلام) من خلال زياراته المتكرّرة لبيت فاطمة(عليها السلام).
فبعد نزول آية التطهير بقي ستّة أشهر يمرّ على بيت فاطمة(عليها السلام) ويقول: السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة([1]).
وذكر رسول الله فاطمة(عليها السلام) كثيراً في أحاديثه فقد قال: من تسرق قطعت يدها، ولو كانت فاطمة بنت محمّد. وذكر كثيرون آلاف الروايات عن رابطة فاطمة(عليها السلام) بأبيها:
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): فاطمة أمُّ أبيها([2]).
وروى ابن عباس إنّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذ قَدِم من سفر قبَّل ابنته فاطمة(عليها السلام)([3]).
ولم نجد ذكراً لمروره(صلى الله عليه وآله وسلم) على بيت زينب ولا رقية ولا أم كلثوم!
وجاء عن ابن مسعود: بينما رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس وقد نحرت جزور بالأمس، قال أبو جهل: أيكم يقوم إلى سلا جزور([4]) بني فلان فيأخذه فيضعه في كتفي محمّد إذا سجد؟
فانبعث أشقى القوم فأخذه، فلمّا سجد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وضعه بين كتفيه فاستضحكوا، وجعل يميل على بعض وأنا قائم أنظر لو كانت لي منعة طرحته عن ظهر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)
والنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ساجد ما يرفع رأسه حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة(عليها السلام)، فجاءت وهي جويرية، فطرحته عنه ثمّ أقبلت عليهم تشتمهم([5]).
فأين أمّ كلثوم؟
وقال المقدسي: كلّ ولد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ولدوا في الإسلام([6]).
وجاء عن معركة أحد: جرح وجه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وكسرت رباعيّته، وهشّمت البيضة على رأسه، فكانت فاطمة(عليها السلام) بنت رسول الله تغسل الدم، وكان علي بن أبي طالب(عليه السلام) يسكب عليها بالمجن([7]).
وقدم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) من غزاة له فدخل المسجد فصلى فيه ركعتين وكان يعجبه إذا قدم أن يدخل المسجد فيصلي فيه ركعتين، ثمّ خرج فأتى فاطمة، فبدأ بها قبل بيوت ازواجه، فاستقبلته فاطمة(عليها السلام) وجعلت تقبِّل وجهه وعينيه وتبكي([8]).
ففي كلّ هذه الأحاديث نجد علاقة الأبوّة موجودة بين رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وفاطمة(عليها السلام)فقط، ولا نجد ذكراً لهذه العلاقة بينه(صلى الله عليه وآله وسلم) وبين ربيبتيه زينب ورقية! لا في مكّة ولا في المدينة!
وورد في رواية: جاءت فاطمة(عليها السلام) بكسرة خبز في معركة الخندق فرفعتها إليه، فقال: ما هذه يا فاطمة(عليها السلام)([9]).
وكان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) إذا سافر كان آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة(عليها السلام)وأوّل من يدخل عليه إذا قدم فاطمة(عليها السلام)([10]).
وأنّ فاطمة سلام الله عليها شكت ما تلقي من أثر الرحى فأتى النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)سبيٌ فانطلقت فلم تجده فوجدت عائشة فأخبرتها، فلمّا جاء النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أخبرته بمجيء فاطمة(عليها السلام)، فجاء النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) إليها([11]).
ومئات الأحاديث الأخرى المشابهة المثبتة لعلاقة الأبوّة بين محمّد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وابنته فاطمة(عليها السلام)، ولا يوجد مثل هذه الأحاديث بين النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)من جهة وزينب ورقية من جهة أخرى.
فهل غفل الأمويون عن سيرة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) مع رقية وأمّ كلثوم، أم كان قصدهم إضفاء لقب ذي النورين على عثمان الأموي!
وإذا كانت أمّ كلثوم آخر من تزوّج من بنات النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وبقيت بنتاً تعيش مع أبيها كما يدَّعون، فلماذا لم نَرَ لها ذكراً مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) مثلما جاء من الروايات في فاطمة(عليها السلام)وأبيها (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
وذكر رقية اقتصر على حياتها مع عثمان بن عفان وكذلك اقتصر ذكر زينب على حياتها مع أبي العاص.
ولا يوجد ذكر لأمّ كلثوم مع النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وعثمان، ممّا يبطل قضية وجود هذه المرأة في الدنيا! بل هي من مختلقات الأمويين. ولو كان لها وجود لخطبها الأنصار والمهاجرون في المدينة، ولم يذكر ذلك أحد! ولو كانت تعيش لوحدها مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في المدينة لذكرت الروايات سيرتها في المدينة معه بنصوص صحيحة.
رقية وأمّ كلثوم امرأة واحدة أم إثنتان؟
لقد حاول الأمويون تبعاً لسياسة معاوية في إضفاء الفضائل على عثمان، اختراع مناقب له في هذا المجال. ومن هذه المناقب لقب ذي النورين على تقدير زواج عثمان من ابنتي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) رقية وأُمّ كلثوم.
وكيف يزوّجه ابنته الأخرى وكان قد لعنه وطرده وأمّ كلثوم حسب ما يقولون آخر من تزوّجت من بنات رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)؟
وبسبب هذا الهدف المنشود خبط الرواة خبطة عشواء في هذا السبيل لوضع تلك المنقبة فاختلفوا في رواياتهم اختلافاً شديداً.
وهذا الموضوع يدخل ضمن أمر معاوية بإيجاد مناقب لعثمان بن عفان، وأبي بكر وعمر لمنافسة بني هاشم وبالخصوص أهل البيت(عليهم السلام)([12]).
لقد اخترعت السياسة امرأتين باسم أمّ كلثوم، الأولى جعلتها بنتاً لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وزوّجوها من عثمان بن عفان الأموي.والثانية صنعتها يد الزبير بن بكّار وجعلتها بنتاً لعلي وفاطمة(عليهما السلام) وزوجها من عمر بن الخطّاب.
قال المفيد: إنّ خبر تزويج عمر من أمّ كلثوم غير ثابت; لأنه من طريق الزبير بن بكار([13]). والزبير بن بكار من الناصبين العداء لعلي(عليه السلام).
ومن الروايات المزيّفة رواية زواج عتبة وعتيبة ابني أبي لهب بأمّ كلثوم ورقية([14]) لإثبات وجود بنت للرسول اسمها أمّ كلثوم.
والحقيقة تتمثّل في زواج عتبة وأبي العاص بن الربيع برقية وزينب ربيبتي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) مجازا ،وقالوا :زيد بن محمد وهو ابن حارثة فقد جاء في رواية صحيحة:
«قد زوّج رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ابنتيه قبل البعثة كافرين يعبدان الأصنام أحدهما عتبة بن أبي لهب، والآخر أبو العاص بن الربيع. فلما بُعث النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فرَّق بينهما فمات عتبة على الكفر، وأسلم أبو العاص فردّها عليه بالنكاح الأوّل»([15]).
وجاء في كتابي الأنوار والبدع في رواية صحيحة :أنّ رقية وزينب كانتا ابنتي هالة أخت خديجة([16]).
وتزوّجت رقية عثمان بن عفان وهاجرت معه إلى الحبشة في السنة الخامسة من البعثة وكانت حاملا، ثمّ رجعت معه إلى المدينة وماتت هناك([17]).
وفي رواية مختلقة :تزوّج عثمان رقية في مكّة ثمّ ماتت في المدينة مرجع المسلمين من غزوة بدر، فتزوّج بعدها أمّ كلثوم وماتت في سنة ثمان، وقيل ماتت ولم يبن بها عثمان([18]).وبسبب عدم وجود حقيقة وسيرة معلومة لتلك المرأة (أمّ كلثوم) فقد قالوا بموتها المبكّر في السنة الثامنة!
([1])سنن الترمذي 2 / 29، تفسير الطبري 22 / 5، مسند أحمد 2 / 252.
([2]) أسد الغابة 7 / 220، الاستيعاب 4 / 380.
([3]) أسد الغابة 7 / 224، مجمع الزوائد 8 / 42، ذخائر العقبى 36.
([4]) لفاقة الولد في بطن الناقة كالمشيمة.
([5]) صحيح مسلم 5 / 66 ح1794، صحيح البخاري 3 / 1399 ح3641، مسند أحمد 1 / 688، دلائل النبوّة، البيهقي 2 / 279 ـ 280.
([6]) البدء والتاريخ، المقدسي 4 / 139، 5 / 16.
([7]) صحيح البخاري 4 / 1496 ح3847، صحيح مسلم 4 / 64 ح1790.
([8]) المستدرك، الحاكم 3 / 169، ح4737، حلية الأولياء 2 / 30، المعجم الكبير، الطبراني 22 / 225 ح595، مجمع الزوائد 8 / 262.
([9]) كنز العمال 1 / 77، الطبقات 8 / 24، مجمع الزوائد 8 / 26.
([10]) مسند أحمد 5 / 275، سنن أبي داود 4 / 87 ح4213، المستدرك 1 / 664 ح 1798، 3 / 169 ح 4739، الصواعق المحرقة 109 / 182.
([11]) صحيح البخاري 3 / 1358 ح3502، وص 1133 ح2945، صحيح مسلم 5 / 262 ح2727، سنن أبي داود / 315 ح5063، حلية الأولياء 2 / 41.
([12]) الكامل في التاريخ، ابن الأثير 3 / 162، الاستيعاب 1 / 65، الإصابة 1 / 154، تاريخ الطبري 6 / 77، مختصر تاريخ دمشق 3 / 222، الأغاني 15 / 44، شرح النهج 1 / 116.
([13]) المسائل السروية، المسألة العاشرة.
([14]) الدرّ المنثور 6 / 409، أسد الغابة 5 / 456، نسب قريش 22.
([15]) عدّة رسائل للشيخ المفيد ص 229، المسائل السروية، المسألة العاشرة، خرج عتبة بن أبي لهب من مكّة إلى المدينة مستخفياً لقتل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فقتله أسد في الطريق، البحار 17 / 412.
([16]) البحار 22 / 191.
([17]) الإصابة 4 / 304، 490 نهاية الإرب 18 / 212، 214، تهذيب تاريخ دمشق 1 / 298.
([18]) قاموس الرجال 10 / 406، تنقيح المقال 3 / 73، 74، عن قرب الإسناد.
هل كانت فاطمة(عليها السلام) بنتاً وحيدة للنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ؟
المطالع للسيرة النبوية بدقّة يدرك وجود رابطة مصاهرة بين النبي محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)وعلي(عليه السلام) من خلال زياراته المتكرّرة لبيت فاطمة(عليها السلام).
فبعد نزول آية التطهير بقي ستّة أشهر يمرّ على بيت فاطمة(عليها السلام) ويقول: السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة([1]).
وذكر رسول الله فاطمة(عليها السلام) كثيراً في أحاديثه فقد قال: من تسرق قطعت يدها، ولو كانت فاطمة بنت محمّد. وذكر كثيرون آلاف الروايات عن رابطة فاطمة(عليها السلام) بأبيها:
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): فاطمة أمُّ أبيها([2]).
وروى ابن عباس إنّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذ قَدِم من سفر قبَّل ابنته فاطمة(عليها السلام)([3]).
ولم نجد ذكراً لمروره(صلى الله عليه وآله وسلم) على بيت زينب ولا رقية ولا أم كلثوم!
وجاء عن ابن مسعود: بينما رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس وقد نحرت جزور بالأمس، قال أبو جهل: أيكم يقوم إلى سلا جزور([4]) بني فلان فيأخذه فيضعه في كتفي محمّد إذا سجد؟
فانبعث أشقى القوم فأخذه، فلمّا سجد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وضعه بين كتفيه فاستضحكوا، وجعل يميل على بعض وأنا قائم أنظر لو كانت لي منعة طرحته عن ظهر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)
والنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ساجد ما يرفع رأسه حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة(عليها السلام)، فجاءت وهي جويرية، فطرحته عنه ثمّ أقبلت عليهم تشتمهم([5]).
فأين أمّ كلثوم؟
وقال المقدسي: كلّ ولد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ولدوا في الإسلام([6]).
وجاء عن معركة أحد: جرح وجه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وكسرت رباعيّته، وهشّمت البيضة على رأسه، فكانت فاطمة(عليها السلام) بنت رسول الله تغسل الدم، وكان علي بن أبي طالب(عليه السلام) يسكب عليها بالمجن([7]).
وقدم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) من غزاة له فدخل المسجد فصلى فيه ركعتين وكان يعجبه إذا قدم أن يدخل المسجد فيصلي فيه ركعتين، ثمّ خرج فأتى فاطمة، فبدأ بها قبل بيوت ازواجه، فاستقبلته فاطمة(عليها السلام) وجعلت تقبِّل وجهه وعينيه وتبكي([8]).
ففي كلّ هذه الأحاديث نجد علاقة الأبوّة موجودة بين رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وفاطمة(عليها السلام)فقط، ولا نجد ذكراً لهذه العلاقة بينه(صلى الله عليه وآله وسلم) وبين ربيبتيه زينب ورقية! لا في مكّة ولا في المدينة!
وورد في رواية: جاءت فاطمة(عليها السلام) بكسرة خبز في معركة الخندق فرفعتها إليه، فقال: ما هذه يا فاطمة(عليها السلام)([9]).
وكان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) إذا سافر كان آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة(عليها السلام)وأوّل من يدخل عليه إذا قدم فاطمة(عليها السلام)([10]).
وأنّ فاطمة سلام الله عليها شكت ما تلقي من أثر الرحى فأتى النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)سبيٌ فانطلقت فلم تجده فوجدت عائشة فأخبرتها، فلمّا جاء النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أخبرته بمجيء فاطمة(عليها السلام)، فجاء النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) إليها([11]).
ومئات الأحاديث الأخرى المشابهة المثبتة لعلاقة الأبوّة بين محمّد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وابنته فاطمة(عليها السلام)، ولا يوجد مثل هذه الأحاديث بين النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)من جهة وزينب ورقية من جهة أخرى.
فهل غفل الأمويون عن سيرة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) مع رقية وأمّ كلثوم، أم كان قصدهم إضفاء لقب ذي النورين على عثمان الأموي!
وإذا كانت أمّ كلثوم آخر من تزوّج من بنات النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وبقيت بنتاً تعيش مع أبيها كما يدَّعون، فلماذا لم نَرَ لها ذكراً مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) مثلما جاء من الروايات في فاطمة(عليها السلام)وأبيها (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
وذكر رقية اقتصر على حياتها مع عثمان بن عفان وكذلك اقتصر ذكر زينب على حياتها مع أبي العاص.
ولا يوجد ذكر لأمّ كلثوم مع النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وعثمان، ممّا يبطل قضية وجود هذه المرأة في الدنيا! بل هي من مختلقات الأمويين. ولو كان لها وجود لخطبها الأنصار والمهاجرون في المدينة، ولم يذكر ذلك أحد! ولو كانت تعيش لوحدها مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في المدينة لذكرت الروايات سيرتها في المدينة معه بنصوص صحيحة.
رقية وأمّ كلثوم امرأة واحدة أم إثنتان؟
لقد حاول الأمويون تبعاً لسياسة معاوية في إضفاء الفضائل على عثمان، اختراع مناقب له في هذا المجال. ومن هذه المناقب لقب ذي النورين على تقدير زواج عثمان من ابنتي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) رقية وأُمّ كلثوم.
وكيف يزوّجه ابنته الأخرى وكان قد لعنه وطرده وأمّ كلثوم حسب ما يقولون آخر من تزوّجت من بنات رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)؟
وبسبب هذا الهدف المنشود خبط الرواة خبطة عشواء في هذا السبيل لوضع تلك المنقبة فاختلفوا في رواياتهم اختلافاً شديداً.
وهذا الموضوع يدخل ضمن أمر معاوية بإيجاد مناقب لعثمان بن عفان، وأبي بكر وعمر لمنافسة بني هاشم وبالخصوص أهل البيت(عليهم السلام)([12]).
لقد اخترعت السياسة امرأتين باسم أمّ كلثوم، الأولى جعلتها بنتاً لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وزوّجوها من عثمان بن عفان الأموي.والثانية صنعتها يد الزبير بن بكّار وجعلتها بنتاً لعلي وفاطمة(عليهما السلام) وزوجها من عمر بن الخطّاب.
قال المفيد: إنّ خبر تزويج عمر من أمّ كلثوم غير ثابت; لأنه من طريق الزبير بن بكار([13]). والزبير بن بكار من الناصبين العداء لعلي(عليه السلام).
ومن الروايات المزيّفة رواية زواج عتبة وعتيبة ابني أبي لهب بأمّ كلثوم ورقية([14]) لإثبات وجود بنت للرسول اسمها أمّ كلثوم.
والحقيقة تتمثّل في زواج عتبة وأبي العاص بن الربيع برقية وزينب ربيبتي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) مجازا ،وقالوا :زيد بن محمد وهو ابن حارثة فقد جاء في رواية صحيحة:
«قد زوّج رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ابنتيه قبل البعثة كافرين يعبدان الأصنام أحدهما عتبة بن أبي لهب، والآخر أبو العاص بن الربيع. فلما بُعث النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فرَّق بينهما فمات عتبة على الكفر، وأسلم أبو العاص فردّها عليه بالنكاح الأوّل»([15]).
وجاء في كتابي الأنوار والبدع في رواية صحيحة :أنّ رقية وزينب كانتا ابنتي هالة أخت خديجة([16]).
وتزوّجت رقية عثمان بن عفان وهاجرت معه إلى الحبشة في السنة الخامسة من البعثة وكانت حاملا، ثمّ رجعت معه إلى المدينة وماتت هناك([17]).
وفي رواية مختلقة :تزوّج عثمان رقية في مكّة ثمّ ماتت في المدينة مرجع المسلمين من غزوة بدر، فتزوّج بعدها أمّ كلثوم وماتت في سنة ثمان، وقيل ماتت ولم يبن بها عثمان([18]).وبسبب عدم وجود حقيقة وسيرة معلومة لتلك المرأة (أمّ كلثوم) فقد قالوا بموتها المبكّر في السنة الثامنة!
([1])سنن الترمذي 2 / 29، تفسير الطبري 22 / 5، مسند أحمد 2 / 252.
([2]) أسد الغابة 7 / 220، الاستيعاب 4 / 380.
([3]) أسد الغابة 7 / 224، مجمع الزوائد 8 / 42، ذخائر العقبى 36.
([4]) لفاقة الولد في بطن الناقة كالمشيمة.
([5]) صحيح مسلم 5 / 66 ح1794، صحيح البخاري 3 / 1399 ح3641، مسند أحمد 1 / 688، دلائل النبوّة، البيهقي 2 / 279 ـ 280.
([6]) البدء والتاريخ، المقدسي 4 / 139، 5 / 16.
([7]) صحيح البخاري 4 / 1496 ح3847، صحيح مسلم 4 / 64 ح1790.
([8]) المستدرك، الحاكم 3 / 169، ح4737، حلية الأولياء 2 / 30، المعجم الكبير، الطبراني 22 / 225 ح595، مجمع الزوائد 8 / 262.
([9]) كنز العمال 1 / 77، الطبقات 8 / 24، مجمع الزوائد 8 / 26.
([10]) مسند أحمد 5 / 275، سنن أبي داود 4 / 87 ح4213، المستدرك 1 / 664 ح 1798، 3 / 169 ح 4739، الصواعق المحرقة 109 / 182.
([11]) صحيح البخاري 3 / 1358 ح3502، وص 1133 ح2945، صحيح مسلم 5 / 262 ح2727، سنن أبي داود / 315 ح5063، حلية الأولياء 2 / 41.
([12]) الكامل في التاريخ، ابن الأثير 3 / 162، الاستيعاب 1 / 65، الإصابة 1 / 154، تاريخ الطبري 6 / 77، مختصر تاريخ دمشق 3 / 222، الأغاني 15 / 44، شرح النهج 1 / 116.
([13]) المسائل السروية، المسألة العاشرة.
([14]) الدرّ المنثور 6 / 409، أسد الغابة 5 / 456، نسب قريش 22.
([15]) عدّة رسائل للشيخ المفيد ص 229، المسائل السروية، المسألة العاشرة، خرج عتبة بن أبي لهب من مكّة إلى المدينة مستخفياً لقتل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فقتله أسد في الطريق، البحار 17 / 412.
([16]) البحار 22 / 191.
([17]) الإصابة 4 / 304، 490 نهاية الإرب 18 / 212، 214، تهذيب تاريخ دمشق 1 / 298.
([18]) قاموس الرجال 10 / 406، تنقيح المقال 3 / 73، 74، عن قرب الإسناد.