أبواسد البغدادي
03-05-2013, 07:42 PM
الهم صل على محمد وآل محمد
لاتعليق ..........
حبا بامير المؤمنين وسيد الوصيين اقرؤوا هذه الخطبة بتمعن وتدبر وستجدون اجوبة وفوائد غزيرة وجمة تغنيكم عن مئات المصادر !!!
تفضلوا ...........
المسترشد ص 408 / محمد بن جرير الطبري
روى بعض هذه الفقرات الشريف الرضي (ره) ذيل الخطبة الرابعة من نهج البلاغة.
وروى الشعبي (٢)، عن شريح بن هاني (٣) قال: خطب علي بن أبي طالب عليه السلام بعدما افتتحت مصر
، ثم قال: وإني مخرج إليكم كتابا، وكتب:
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من قرأ كتابي من المؤمنين والمسلمين:
أما بعد، فإن الله بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) بشيرا ونذيرا للعالمين و أمينا على التنزيل، وشهيدا على الأمة، وكنتم يا معشر العرب على شر دين تنحتون في حجارة خشن من صفاة صم، وتسفكون دمائكم، وتقتلون أولادكم وتقطعون أرحامكم، وتأكلون أموالكم بينكم بالباطل، سبلكم خائفة، والأصنام فيكم منصوبة (١)، فمن الله عز وجل عليكم بمحمد (صلى الله عليه وآله) وبعثه إليكم رسولا، فقال: ﴿هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين﴾ (http://qadatona.org/عربي/القرآن-الكريم/0/2) (٢).
(١) - أنظر شرح نهج البلاغة للشيخ محمد عبده، ص ٦٢ الخطبة السادسة والعشرون، نجد هذه الخطبة هناك مع اختلاف يسير في العبارة، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٦ ص ٩٤.
فكان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إليكم من أنفسكم بلسانكم، فعلمكم الكتاب والحكمة والفرائض، وأمركم بصلة أرحامكم، وحصن دمائكم وأداء الأمانة إلى أهلها، ونهاكم عن النجاسة، وأمركم بكل خير يدني إلى الجنة ويباعد من النار، فلما استكمل مدته من الدنيا توفاه الله حميدا سعيدا مرضيا علمه (١)، مشكورا سعيه، فيالها من مصيبة، خصت الأقربين، وعمت جميع المسلمين.
فلما مضى لسبيله، ترك كتاب الله وأهل بيته إمامين لا يختلفان، و أخوين لا يتخاذلان، ومجتمعين لا يفترقان، قد كنت أولى الناس به مني بقميصي، فسارع المسلمون بعده، فوالله ما كان يلقي في روعي، ولا يخطر على بالي!! أن العرب تعدل هذا الامر بعد محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عني، فلما أبطأوا بالولاية علي، وهموا بإزالتها عني، وثبت الأنصار وهم كتيبة الاسلام، فقالت: إذا لم تسلموها لعلي فصاحبنا سعد بن عبادة أحق بها من غيره!.
فوالله ما أدري إلى من أشكو؟ إما أن تكون الأنصار ظلمت حقها، و إما أن يكونوا ظلموني بل حقي المأخوذ، وأنا المظلوم!!.
(١) - كذا في النسخة، وفي نسخة " ح ": عمله.
هذه الخطبة ذكرها ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج ٦ ص ٩٤ (http://shiadocs.com/الكتب/2190_شرح-نهج-البلاغة-ج-٦/الصفحة_0?pageno=94#top)، قال: وروى إبراهيم عن رجاله، عن عبد الرحمان بن جندب، عن أبيه، قال: خطب علي عليه السلام بعد فتح مصر، وقتل محمد بن أبي بكر، فقال: أما بعد فإن الله بعث محمدا نذيرا للعالمين...
وقال قائل من القوم: إن رسول الله استخلف أبا بكر في حياته، لأنه أمره أن يصلي بالناس والصلاة هي الإمامة.
فعلى م المشورة فيه إن كان رسول الله استخلفه؟!
فاتى رهط من أصحاب محمد [صلى الله عليه وآله) يعرضون علي النصرة منهم خالد، وأبان ابنا سعيد بن العاص (١)، والمقداد بن الأسود الكندي (٢)، وأبو ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، وسلمان الفارسي والزبير بن العوام، وأبو سفيان بن حرب، والبراء بن مالك الأنصاري، فقلت لهم:
إن عندي من نبي الله العهد وله الوصية، وليس لي أن أخالفه، و لست أجاوز أمره، وما أخذه علي الله، لو خزموا أنفي لأقررت سمعا و طاعة لله عز وجل، فبينا أنا على ذلك، إذ قيل: قد إنثال الناس على أبي بكر وأجفلوا عليه (٣) ليبايعوه، وما ظننت أنه تخلف عن جيش أسامة، إذ كان
(١) - أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٢ ص ١، حديث السقيفة (http://shiadocs.com/الكتب/1572_السقيفة).
(٢) - هو: المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك الكندي ابن الأسود الصحابي، المتوفى (٣٣) وهو ابن سبعين سنة، ومن الذين أمر الله رسوله أن يحبهم، كما في تهذيب الكمال ج ٢٨ ص ٤٥٥ (http://shiadocs.com/الكتب/3268_تهذيب-الكمال-ج-٢٨/الصفحة_0?pageno=455#top): عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أمرني الله عز وجل بحب أربعة من أصحابي وأخبرني أنه يحبهم، منهم: علي، وأبو ذر، وسلمان، والمقداد ". أنظر: أسد الغابة لابن الأثير، ج ٥، ص ٢٥١ الرقم: ٥٠٦٩
النبي (صلى الله عليه وآله) قد أمره عليه وعلى صاحبه، وقد كان أمر أن يجهز جيش أسامة، فلما رأيته قد تخلف وطمع في الامارة، ورأيت انثيال الناس عليه أمسكت يدي، ورأيت أني أحق بمقام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في الناس ممن قد رفض نفسه، فلبثت ما شاء الله حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الاسلام وأظهرت ذلك يدعون إلى محو دين الله، وتغيير ملة محمد (صلى الله عليه وآله) فخشيت أن لم أنصر الاسلام وقعدت، أن أرى فيه ثلما وهدما، تكون مصيبته علي أعظم من فؤت ولاية أموركم التي إنما هي متاع أيام قلائل، ثم يزول ما كان منها كما يزول السراب، وينقشع كما ينقشع السحاب.
ورأيت الناس قد امتنعوا بقعودي عن الخروج إليهم، فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فتألفته، ولولا أني فعلت ذلك لباد الاسلام، ثم نهضت في تلك الاحداث حتى أناخ الباطل، وكانت كلمة الله هي العليا ولو كره المشركون.
ثم إن سعد بن عبادة، لما رأى الناس يبايعون أبا بكر، نادى: والله ما أردتها حتى صرفت عن علي، ولا أبايعكم أبدا حتى يبايعكم علي ولعلي لا أفعل وإن بايع، وأحببت أن أقطع قول سعد فركب فرسه وأتى حوران (١)، وأقام في غسان حتى هلك، وأبى أن يبايع.
(١) - حوران: ماء بنجد، قال نصر: أظنه بين اليمامة ومكة. وحوران بالفتح كورة واسعة من أعمال دمشق من جهة القبلة، ذات قرى كثيرة ومزارع وحرار، وفتحت حوران قبل دمشق، أنظر معجم البلدان للحموي ج ٢ ص ٣١٧.
وقام فروة بن عمر الأنصاري (١)، فقال: يا معشر قريش هل فيكم رجل تحل له الخلافة، أو يقبل في الشورى فيه ما في علي؟ قالوا: لا، قال:
فهل في علي ما ليس في أحد منكم؟ قالوا: نعم!. قال: فما صدكم عنه؟!
قالوا: اجتماع الناس على أبي بكر؟! قال: أما والله لئن كنتم أصبتم أسنتكم (٢) لقد أخطأتم سننكم، فلو جعلتموها في علي لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم.
فتولى أبو بكر فصحبته والله مناصحا، وأطعته فيما أطاع الله، جاهد وما طمعت أن لو حدث به حادث وأنا حي أن يرد الامر الذي نازعته فيه إلى طمع مستيقن، ولا يئست منه يأس من لا يرجوه، ولولا خاصة ما بينه وبين عمر، وأمر قد عقداه بينهما، لظننت أنه لا يدفعها عني هذا، وقد سمع قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لبريدة الأسلمي (٣)، وذلك (٤):
(١) - هو: فروة بن عمرو بن ودقة بن عبيد بن عامر بن بياضة الأنصاري البياضي المتوفى () - أنظر أسد الغابة لابن الأثير، ج ٤ ص ٣٥٧ ط مصر. كما تجد ترجمته أيضا في " الاستيعاب " لابن عبد البر النمري القرطبي، المطبوع بهامش الإصابة ج ٣ ص ١٩٨ (http://shiadocs.com/الكتب/3319_الإصابة-ج-٣/الصفحة_0?pageno=198#top).
(٢) - " ح ": أسنكم، ولعل أسنتكم.
(٣) - هو: بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث الأسلمي، أنظر، تهذيب الكمال ج ٤ ص ٥٣ (http://shiadocs.com/الكتب/3244_تهذيب-الكمال-ج-٤/الصفحة_0?pageno=53#top)، الرقم: ٦٦١.
(٤) - أنظر دلائل النبوة للبيهقي ج ٥، ص ٣٩٧،
أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعثني وخالد بن الوليد إلى اليمن فقال:
إذا تفرقتما فكل واحد منكما أمير على حياله، وإذا اجتمعتما فأنت يا علي أمير على خالد، فأغرنا على أبيات، وسبينا فيهم خولة بنت جعفر (١) جان الصفا، وإنما سميت جان لحسنها، فأخذت خولة واغتنمها خالد مني! وبعث بريدة الأسلمي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأخبره بما كان مني ومن أخذي خولة، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): حظه في الخمس أكثر مما أخذ، إنه وليكم بعدي، ويسمعها أبو بكر وعمر (٢)!.
(١) - لعل هي: خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة، أم محمد بن حنفية. أنظر بحار الأنوار، ج ٤٢، ص ٩٩، وشرح النهج لابن أبي الحديد ج ١ ص ٢٤٤.
(٢) - أورد البخاري في صحيحه في باب: بعث علي بن أبي طالب إلى اليمن، عن محمد بن البشار.. عن عبد الله بن بريدة عن أبيه، كما اتى مفصلا في " فتح الباري " ط بيروت ج ٨ ص ٥٣، وأخرج البيهقي في دلائل النبوة ج ٥ ص ٣٩٦ وهذا نصه:
أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب، أنبأنا أبو بكر الإسماعيلي، أخبرني ابن خزيمة، أنبأنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، ومحمد بن بشار، قالا: حدثنا روح بن عبادة، حدثنا علي بن سويد بن منجوف، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال:
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا إلى خالد بن الوليد ليقبض الخمس (http://shiadocs.com/الكتب/481_الخمس) فأخذ منه جارية، فأصبح ورأسه يقطر قال خالد لبريدة: الا ترى ما يصنع هذا؟ قال بريدة: وكنت أبغض عليا فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما صنع علي، فلما أخبرته، قال: أتبغض عليا؟ قلت:
نعم، قال: فأحبه فإن له في الخمس (http://shiadocs.com/الكتب/481_الخمس) أكثر من ذلك. وفي تاريخ الاسلام للذهبي ج (عهد الخلفاء) ص ٦٢٨، و ٦٣١: وقال الأجلح الكندي: عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يا بريدة لا تقعن في علي فإنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي ".
وهذا بريدة لم يمت، فهل بعد هذا مقال لقائل؟!، فلما احتضر بعث إلى عمر فولاه، فسمعت وأطعت، وناصحت للدين، وتولى عمر تلك الأمور، وكان مرضي السيرة، ميمون النقيبة عندهم، حتى إذا احتضر، فلت في نفسي: لن يعدلها عني، فجعلني سادس ستة (١)، وأمر صهيبا أن يصلي بالناس! ودعا أبا طلحة زيد بن سهل الأنصاري (٢)، فقال: كن في خمسين رجلا من قومك فاقتل من أبى أن يرضى من هؤلاء الستة،! كيف قال: قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو عن هؤلاء الستة راض، وقال: في حالة: أقتل من أبى منهم وهم عنده ممن قد رضي الله ورسوله عنهم، إن ذلك لمن العجب!!
ثم اجتمعوا فما كانوا لولاية أحد أشد كراهية منهم لولايتي عليهم، فكانوا يسمعوني أحاج أبا بكر فأقول:
يا معشر قريش إنا أهل البيت أحق بهذا الامر منكم ما كان فينا من يقرأ القرآن، ويعرف السنة ويدين بدين الحق، فخشي القوم إن أنا وليتعليهم أن لا يكون لهم في الامر نصيب ما بقوا، وأخذوا بأنفاسهم، واعترض في حلوقهم، فأجمعوا إجماعا واحدا، فصرفوا الولاية عني إلى عثمان وأخرجوني من الامرة عليهم! رجاء أن ينالوها ويتداولوها، ثم قالوا هلم فبايع وإلا جاهدناك!!.
فبايعت مستكرها، وصبرت محتسبا، فقال عبد الرحمان: يا بن أبي طالب إنك على هذا الامر لحريص، قلت: حرصي على أن يرجع حقي في عافية، ولا يجوز لي عنه السكوت لاثبات الحجة عليكم، و أنتم حرصتم على دنيا تبيد، فإني قد جعلني الله ورسوله أولى به منكم، وأنتم تصرفون وجهي دونه، وتحولون بيني وبينه، فبهتوا، والله لا يهدي القوم الظالمين.
اللهم إني أستعديك على قريش، فإنهم قطعوا رحمي، أضاعوا سنتي، وصغروا عظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي، أمرا كنت أولى الناس به منهم فسلبونيه، ثم قالوا: ألا إن في الحق أن تأخذوه، وفي الحق أن تمنعه (١) فاصبر كمدا أو مت متأسفا حنقا، وأيم الله لو
(١) - إلى هنا ذكر السيد الرضي رحمه الله في نهج البلاغة في كلامه عليه السلام الرقم ٢١٤ وهذا نصه: اللهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم فإنهم قد قطعوا رحمي وأكفأوا إنائي وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به من غيري، وقالوا: الا ان في الحق أن تأخذه في الحق أن تمنعه، فأصبر مغموما أو أمت متأسفا، فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا ذاب ولا مساعد الا أهل بيتي، فضننت بهم عن المنية فأغضيت على القذى، وجرعت ريقي على الشجاع، وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم، وآلم للقلب من حز الشفار.
أنظر نهج البلاغة شرح محمد عبده ج ٢ ص ٢٢٧ الرقم: ٢١٢، وذيل خطبة ١٦٧ ص ١٠٢. و " مصادر نهج البلاغة وأسانيده " للخطيب، ج ٣، ص ١٣١ الرقم: ٢١٥.
استطاعوا أن يدفعوا قرابتي كما قطعوا سنتي لفعلوا (١)، ولكن لم يجدوا إلى ذلك سبيلا، وكان نبي الله (صلى الله عليه وآله) عهد إلي فقال: يا ابن أبي طالب لك ولاية أمتي من بعدي فإن ولوك في عافية واجتمعوا عليك بالرضا فقم بأمرهم، وإن اختلفوا عليك فدعهم وما هم فيه، فإن الله سيجعل لك مخرجا.
فنظرت فإذا ليس معي رافد ولا ذاب، ولا مساعد الا أهل بيتي فضننت بهم على الموت والهلاك ولو كان بهم حمزة أو أخي جعفر، ما بايعت كرها، فأغضبت على القذى وتجرعت الشجى، وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم والم القلوب من حز الشفار، (٢).
(0) - كما فعلوا حينما طلبوا منه البيعة ثم حددوه بالقتل وقالوا: أما عبد الله فنعم وأما أخو رسول الله فلا!، كما ذكر ابن قتيبة الدينوري في " الإمامة والسياسة " ص ٣١، وكما تقدم. ثم إن كلمة سنتي فيها غرابة ولعل الصواب: نسبي أو سببي كما يفهم من الكلام.
فبايعتكم على كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) ودعوت الناس إلى بيعتي، فمن بايعني طائعا قبلت منه ومن أبى تركته، فبايعني فيمن بايعني طلحة والزبير، ولو أبيا ما أكرهتهما كما لم أكره غيرهما.وكان طلحة يرجوا اليمن، والزبير يرجوا العراق، فلما علما أني غير موليهما، استأذنا في العمرة، يريدان الغدرة، فأتيا عائشة فاستخفاها مع شئ كان في نفسها علي.
عبيد الله، وبأكثر الناس مالا يعلى بن منية التميمي (١)، أعان علي بأصواع الدنانير.
والله لئن استقام هذا الامر لأجعلن ماله وولده فيئا للمسلمين، فأتيا البصرة وأهلها مجتمعون على طاعتي وبيعتي، وبها شيعتي و خزان بيت مال المسلمين، فدعوا الناس إلى معصيتي، وإلى نقض بيعتي فمن أطاعهم أكفروه ومن عصاهم قتلوه، فثار بهم حكيم بن جبلة العبدي (٢) في سبعين رجلا من عباد أهل البصرة وكانوا يسمون أصحاب الثفنات كأن جبهاتهم مثل ثفنات الإبل، وأبى أن يبايعهما يزيد بن الحرث اليشكري (٣) وهو شيخ أهل البصرة يومئذ وقال: اتقيا الله، إن
(١) - هو: يعلى بن أمية التميمي، حليف بني نوفل، ومنية جدته الأدنى وبها يعرف، يقال له: يعلى بن منية. أنظر " الاكمال " لابن مأكولا، ج ٧ ص ٢٢٨، ط بيروت.
(٢) - هو: حكيم بن جبلة العبدي. أنظر " الإصابة " لابن حجر العسقلاني ج ١ ص ٣٧٩، وكان بعثه عثمان إلى السند، ثم نزل البصرة وقتل بها يوم الجمل.
وفي " الاكمال " لابن مأكولا ج ٢ ص ٤٨: وحكيم بن جبل ويقال: جبلة، كان عاملا على البصرة مع عثمان بن حنيف، قطعت رجله يوم الجمل.
(٣) - هو اسمه موجود ضمن التاريخ والأحاديث كما ذكر في الغارات للثقفي، والغدير للأميني والبحار للمجلسي، ولم نظفر على ترجمته بهذا العنوان
أو لكما قادنا إلى الجنة فلا يقودنا آخركما إلى النار.
أمل يميني فشغلها عني علي [بن أبي طالب] (عليه السلام) ببيعتي إياه و أما شمالي فهذه خذاها فارغة إن شئتما!، فخنق حتى مات.
وقام عبد الله بن حكيم التميمي، فقال: يا طلحة تعرف هذا الكتاب؟
قال: نعم هذا كتابي إليك، قال: هل تدري ما فيه؟ قال: إقرأه علي، فقرأه، فإذا فيه عيب عثمان ودعائه إلى قتله.
ثم أخذا عاملي عثمان بن حنيف أمير الأنصار فمثلا به، ونتفا كل شعرة في رأسه ووجهه، وقتلا شيعتي، طائفة صبرا وطائفة غدرا، جالدوا بالسيوف حتى لقوا الله عز وجل صادقين، فوالله لو لم يصيبوا منهم الا رجلا واحدا متعمدين بقتله لحل لي قتالهم ذلك الجيش كله، أما طلحة فرماه مروان بسهم فقتله، وأما الزبير فذكر قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) له: تقاتل عليا وأنت له ظالم فرجع من الحرب على عقبه، وأما عائشة، فإن نبي الله نهاها عن مسيرها، فعضت يدها ندامة على ما كان منها .
وكان طلحة لما نزل بذي قار، (١) قام خطيبا فقال:
يا أيها الناس، إنا أخطئنا في أمر عثمان خطيئة لا يخرجنا منها الا الطلب بدمه!! وعلي قاتله وعليه القود، وقد نزل ذا قار مع نساجي اليمن وقصابي ومنافقي مصر، فلما بلغني ذلك كتبت إليه أناشده بحق محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ألست أتيتني في أهل مصر؟ وقد حصروا عثمان!؟ فقلت: إنهض بنا إلى هذا الرجل، فإنا لا نستطيع قتله الا بك، ألا تعلم أنه سير أبا ذر، وفتق بطنعمار وآوى الحكم بن العاص طريد رسول الله، واستعمل الفاسق في كتاب الله الوليد بن عقبة بن أبي معيط وقد ضرب في الخمر وسلط خالد بن الوليد على عرفطة العذري وأنحى على كتاب الله يحرفه ويحرقه!! فقلت: لا أرى قتله اليوم، وأنت اليوم تطلب بدمه!؟ فأتياه معكما عمرو وسعيد، فخلياه عنهما يطلبان بدم أبيهما، متى كانت أسد وتيم أولياء دم بني أمية!؟ فانقطعا عند ذلك، وقام عمران بن الحصين الخزاعي صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا هذان لا تخرجانا من طاعة الله على أنفسكما، ولا تحملانا على نقض بيعته، فإنها لله رضى، أما وسعتكما بيوتكما حتى جئتما بأم المؤمنين لطاعتها إياكما من مسيرها معكما، وكفا عنا أنفسكما، وأرجعا، [من حيث جئتما] فأبيا عليه، ثم نظرت في أهل الشام فإذا هم بقية الأحزاب وحثالة الاعراب فراش نار، وذبان طمع، تجمعوا من كل أوب ومنزل ممن كان ينبغي أن يؤدب ويدرب ويولا عليه، ليسوا من المهاجرين والأنصار ولا التابعين بإحسان، فسرت إليهم ودعوتهم إلى الطاعة والجماعة فأبوا إلا شقاقي...........
(١) - أورد البلاذري تفصيل القصة في أنساب الأشراف (http://shiadocs.com/الكتب/1296_الأشراف) ج ٥ ص ٢٩ ط بيروت، ولرعاية الاختصار وضيق المجال نحيل القارئ إلى المصدر المذكور
فسلام الله عليك ايها المظلوم الاكبر ورحمة الله وبركاته
وبلينا بقوم لايفقهون
لاتعليق ..........
حبا بامير المؤمنين وسيد الوصيين اقرؤوا هذه الخطبة بتمعن وتدبر وستجدون اجوبة وفوائد غزيرة وجمة تغنيكم عن مئات المصادر !!!
تفضلوا ...........
المسترشد ص 408 / محمد بن جرير الطبري
روى بعض هذه الفقرات الشريف الرضي (ره) ذيل الخطبة الرابعة من نهج البلاغة.
وروى الشعبي (٢)، عن شريح بن هاني (٣) قال: خطب علي بن أبي طالب عليه السلام بعدما افتتحت مصر
، ثم قال: وإني مخرج إليكم كتابا، وكتب:
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من قرأ كتابي من المؤمنين والمسلمين:
أما بعد، فإن الله بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) بشيرا ونذيرا للعالمين و أمينا على التنزيل، وشهيدا على الأمة، وكنتم يا معشر العرب على شر دين تنحتون في حجارة خشن من صفاة صم، وتسفكون دمائكم، وتقتلون أولادكم وتقطعون أرحامكم، وتأكلون أموالكم بينكم بالباطل، سبلكم خائفة، والأصنام فيكم منصوبة (١)، فمن الله عز وجل عليكم بمحمد (صلى الله عليه وآله) وبعثه إليكم رسولا، فقال: ﴿هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين﴾ (http://qadatona.org/عربي/القرآن-الكريم/0/2) (٢).
(١) - أنظر شرح نهج البلاغة للشيخ محمد عبده، ص ٦٢ الخطبة السادسة والعشرون، نجد هذه الخطبة هناك مع اختلاف يسير في العبارة، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٦ ص ٩٤.
فكان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إليكم من أنفسكم بلسانكم، فعلمكم الكتاب والحكمة والفرائض، وأمركم بصلة أرحامكم، وحصن دمائكم وأداء الأمانة إلى أهلها، ونهاكم عن النجاسة، وأمركم بكل خير يدني إلى الجنة ويباعد من النار، فلما استكمل مدته من الدنيا توفاه الله حميدا سعيدا مرضيا علمه (١)، مشكورا سعيه، فيالها من مصيبة، خصت الأقربين، وعمت جميع المسلمين.
فلما مضى لسبيله، ترك كتاب الله وأهل بيته إمامين لا يختلفان، و أخوين لا يتخاذلان، ومجتمعين لا يفترقان، قد كنت أولى الناس به مني بقميصي، فسارع المسلمون بعده، فوالله ما كان يلقي في روعي، ولا يخطر على بالي!! أن العرب تعدل هذا الامر بعد محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عني، فلما أبطأوا بالولاية علي، وهموا بإزالتها عني، وثبت الأنصار وهم كتيبة الاسلام، فقالت: إذا لم تسلموها لعلي فصاحبنا سعد بن عبادة أحق بها من غيره!.
فوالله ما أدري إلى من أشكو؟ إما أن تكون الأنصار ظلمت حقها، و إما أن يكونوا ظلموني بل حقي المأخوذ، وأنا المظلوم!!.
(١) - كذا في النسخة، وفي نسخة " ح ": عمله.
هذه الخطبة ذكرها ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج ٦ ص ٩٤ (http://shiadocs.com/الكتب/2190_شرح-نهج-البلاغة-ج-٦/الصفحة_0?pageno=94#top)، قال: وروى إبراهيم عن رجاله، عن عبد الرحمان بن جندب، عن أبيه، قال: خطب علي عليه السلام بعد فتح مصر، وقتل محمد بن أبي بكر، فقال: أما بعد فإن الله بعث محمدا نذيرا للعالمين...
وقال قائل من القوم: إن رسول الله استخلف أبا بكر في حياته، لأنه أمره أن يصلي بالناس والصلاة هي الإمامة.
فعلى م المشورة فيه إن كان رسول الله استخلفه؟!
فاتى رهط من أصحاب محمد [صلى الله عليه وآله) يعرضون علي النصرة منهم خالد، وأبان ابنا سعيد بن العاص (١)، والمقداد بن الأسود الكندي (٢)، وأبو ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، وسلمان الفارسي والزبير بن العوام، وأبو سفيان بن حرب، والبراء بن مالك الأنصاري، فقلت لهم:
إن عندي من نبي الله العهد وله الوصية، وليس لي أن أخالفه، و لست أجاوز أمره، وما أخذه علي الله، لو خزموا أنفي لأقررت سمعا و طاعة لله عز وجل، فبينا أنا على ذلك، إذ قيل: قد إنثال الناس على أبي بكر وأجفلوا عليه (٣) ليبايعوه، وما ظننت أنه تخلف عن جيش أسامة، إذ كان
(١) - أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٢ ص ١، حديث السقيفة (http://shiadocs.com/الكتب/1572_السقيفة).
(٢) - هو: المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك الكندي ابن الأسود الصحابي، المتوفى (٣٣) وهو ابن سبعين سنة، ومن الذين أمر الله رسوله أن يحبهم، كما في تهذيب الكمال ج ٢٨ ص ٤٥٥ (http://shiadocs.com/الكتب/3268_تهذيب-الكمال-ج-٢٨/الصفحة_0?pageno=455#top): عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أمرني الله عز وجل بحب أربعة من أصحابي وأخبرني أنه يحبهم، منهم: علي، وأبو ذر، وسلمان، والمقداد ". أنظر: أسد الغابة لابن الأثير، ج ٥، ص ٢٥١ الرقم: ٥٠٦٩
النبي (صلى الله عليه وآله) قد أمره عليه وعلى صاحبه، وقد كان أمر أن يجهز جيش أسامة، فلما رأيته قد تخلف وطمع في الامارة، ورأيت انثيال الناس عليه أمسكت يدي، ورأيت أني أحق بمقام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في الناس ممن قد رفض نفسه، فلبثت ما شاء الله حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الاسلام وأظهرت ذلك يدعون إلى محو دين الله، وتغيير ملة محمد (صلى الله عليه وآله) فخشيت أن لم أنصر الاسلام وقعدت، أن أرى فيه ثلما وهدما، تكون مصيبته علي أعظم من فؤت ولاية أموركم التي إنما هي متاع أيام قلائل، ثم يزول ما كان منها كما يزول السراب، وينقشع كما ينقشع السحاب.
ورأيت الناس قد امتنعوا بقعودي عن الخروج إليهم، فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فتألفته، ولولا أني فعلت ذلك لباد الاسلام، ثم نهضت في تلك الاحداث حتى أناخ الباطل، وكانت كلمة الله هي العليا ولو كره المشركون.
ثم إن سعد بن عبادة، لما رأى الناس يبايعون أبا بكر، نادى: والله ما أردتها حتى صرفت عن علي، ولا أبايعكم أبدا حتى يبايعكم علي ولعلي لا أفعل وإن بايع، وأحببت أن أقطع قول سعد فركب فرسه وأتى حوران (١)، وأقام في غسان حتى هلك، وأبى أن يبايع.
(١) - حوران: ماء بنجد، قال نصر: أظنه بين اليمامة ومكة. وحوران بالفتح كورة واسعة من أعمال دمشق من جهة القبلة، ذات قرى كثيرة ومزارع وحرار، وفتحت حوران قبل دمشق، أنظر معجم البلدان للحموي ج ٢ ص ٣١٧.
وقام فروة بن عمر الأنصاري (١)، فقال: يا معشر قريش هل فيكم رجل تحل له الخلافة، أو يقبل في الشورى فيه ما في علي؟ قالوا: لا، قال:
فهل في علي ما ليس في أحد منكم؟ قالوا: نعم!. قال: فما صدكم عنه؟!
قالوا: اجتماع الناس على أبي بكر؟! قال: أما والله لئن كنتم أصبتم أسنتكم (٢) لقد أخطأتم سننكم، فلو جعلتموها في علي لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم.
فتولى أبو بكر فصحبته والله مناصحا، وأطعته فيما أطاع الله، جاهد وما طمعت أن لو حدث به حادث وأنا حي أن يرد الامر الذي نازعته فيه إلى طمع مستيقن، ولا يئست منه يأس من لا يرجوه، ولولا خاصة ما بينه وبين عمر، وأمر قد عقداه بينهما، لظننت أنه لا يدفعها عني هذا، وقد سمع قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لبريدة الأسلمي (٣)، وذلك (٤):
(١) - هو: فروة بن عمرو بن ودقة بن عبيد بن عامر بن بياضة الأنصاري البياضي المتوفى () - أنظر أسد الغابة لابن الأثير، ج ٤ ص ٣٥٧ ط مصر. كما تجد ترجمته أيضا في " الاستيعاب " لابن عبد البر النمري القرطبي، المطبوع بهامش الإصابة ج ٣ ص ١٩٨ (http://shiadocs.com/الكتب/3319_الإصابة-ج-٣/الصفحة_0?pageno=198#top).
(٢) - " ح ": أسنكم، ولعل أسنتكم.
(٣) - هو: بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث الأسلمي، أنظر، تهذيب الكمال ج ٤ ص ٥٣ (http://shiadocs.com/الكتب/3244_تهذيب-الكمال-ج-٤/الصفحة_0?pageno=53#top)، الرقم: ٦٦١.
(٤) - أنظر دلائل النبوة للبيهقي ج ٥، ص ٣٩٧،
أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعثني وخالد بن الوليد إلى اليمن فقال:
إذا تفرقتما فكل واحد منكما أمير على حياله، وإذا اجتمعتما فأنت يا علي أمير على خالد، فأغرنا على أبيات، وسبينا فيهم خولة بنت جعفر (١) جان الصفا، وإنما سميت جان لحسنها، فأخذت خولة واغتنمها خالد مني! وبعث بريدة الأسلمي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأخبره بما كان مني ومن أخذي خولة، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): حظه في الخمس أكثر مما أخذ، إنه وليكم بعدي، ويسمعها أبو بكر وعمر (٢)!.
(١) - لعل هي: خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة، أم محمد بن حنفية. أنظر بحار الأنوار، ج ٤٢، ص ٩٩، وشرح النهج لابن أبي الحديد ج ١ ص ٢٤٤.
(٢) - أورد البخاري في صحيحه في باب: بعث علي بن أبي طالب إلى اليمن، عن محمد بن البشار.. عن عبد الله بن بريدة عن أبيه، كما اتى مفصلا في " فتح الباري " ط بيروت ج ٨ ص ٥٣، وأخرج البيهقي في دلائل النبوة ج ٥ ص ٣٩٦ وهذا نصه:
أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب، أنبأنا أبو بكر الإسماعيلي، أخبرني ابن خزيمة، أنبأنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، ومحمد بن بشار، قالا: حدثنا روح بن عبادة، حدثنا علي بن سويد بن منجوف، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال:
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا إلى خالد بن الوليد ليقبض الخمس (http://shiadocs.com/الكتب/481_الخمس) فأخذ منه جارية، فأصبح ورأسه يقطر قال خالد لبريدة: الا ترى ما يصنع هذا؟ قال بريدة: وكنت أبغض عليا فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما صنع علي، فلما أخبرته، قال: أتبغض عليا؟ قلت:
نعم، قال: فأحبه فإن له في الخمس (http://shiadocs.com/الكتب/481_الخمس) أكثر من ذلك. وفي تاريخ الاسلام للذهبي ج (عهد الخلفاء) ص ٦٢٨، و ٦٣١: وقال الأجلح الكندي: عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يا بريدة لا تقعن في علي فإنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي ".
وهذا بريدة لم يمت، فهل بعد هذا مقال لقائل؟!، فلما احتضر بعث إلى عمر فولاه، فسمعت وأطعت، وناصحت للدين، وتولى عمر تلك الأمور، وكان مرضي السيرة، ميمون النقيبة عندهم، حتى إذا احتضر، فلت في نفسي: لن يعدلها عني، فجعلني سادس ستة (١)، وأمر صهيبا أن يصلي بالناس! ودعا أبا طلحة زيد بن سهل الأنصاري (٢)، فقال: كن في خمسين رجلا من قومك فاقتل من أبى أن يرضى من هؤلاء الستة،! كيف قال: قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو عن هؤلاء الستة راض، وقال: في حالة: أقتل من أبى منهم وهم عنده ممن قد رضي الله ورسوله عنهم، إن ذلك لمن العجب!!
ثم اجتمعوا فما كانوا لولاية أحد أشد كراهية منهم لولايتي عليهم، فكانوا يسمعوني أحاج أبا بكر فأقول:
يا معشر قريش إنا أهل البيت أحق بهذا الامر منكم ما كان فينا من يقرأ القرآن، ويعرف السنة ويدين بدين الحق، فخشي القوم إن أنا وليتعليهم أن لا يكون لهم في الامر نصيب ما بقوا، وأخذوا بأنفاسهم، واعترض في حلوقهم، فأجمعوا إجماعا واحدا، فصرفوا الولاية عني إلى عثمان وأخرجوني من الامرة عليهم! رجاء أن ينالوها ويتداولوها، ثم قالوا هلم فبايع وإلا جاهدناك!!.
فبايعت مستكرها، وصبرت محتسبا، فقال عبد الرحمان: يا بن أبي طالب إنك على هذا الامر لحريص، قلت: حرصي على أن يرجع حقي في عافية، ولا يجوز لي عنه السكوت لاثبات الحجة عليكم، و أنتم حرصتم على دنيا تبيد، فإني قد جعلني الله ورسوله أولى به منكم، وأنتم تصرفون وجهي دونه، وتحولون بيني وبينه، فبهتوا، والله لا يهدي القوم الظالمين.
اللهم إني أستعديك على قريش، فإنهم قطعوا رحمي، أضاعوا سنتي، وصغروا عظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي، أمرا كنت أولى الناس به منهم فسلبونيه، ثم قالوا: ألا إن في الحق أن تأخذوه، وفي الحق أن تمنعه (١) فاصبر كمدا أو مت متأسفا حنقا، وأيم الله لو
(١) - إلى هنا ذكر السيد الرضي رحمه الله في نهج البلاغة في كلامه عليه السلام الرقم ٢١٤ وهذا نصه: اللهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم فإنهم قد قطعوا رحمي وأكفأوا إنائي وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به من غيري، وقالوا: الا ان في الحق أن تأخذه في الحق أن تمنعه، فأصبر مغموما أو أمت متأسفا، فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا ذاب ولا مساعد الا أهل بيتي، فضننت بهم عن المنية فأغضيت على القذى، وجرعت ريقي على الشجاع، وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم، وآلم للقلب من حز الشفار.
أنظر نهج البلاغة شرح محمد عبده ج ٢ ص ٢٢٧ الرقم: ٢١٢، وذيل خطبة ١٦٧ ص ١٠٢. و " مصادر نهج البلاغة وأسانيده " للخطيب، ج ٣، ص ١٣١ الرقم: ٢١٥.
استطاعوا أن يدفعوا قرابتي كما قطعوا سنتي لفعلوا (١)، ولكن لم يجدوا إلى ذلك سبيلا، وكان نبي الله (صلى الله عليه وآله) عهد إلي فقال: يا ابن أبي طالب لك ولاية أمتي من بعدي فإن ولوك في عافية واجتمعوا عليك بالرضا فقم بأمرهم، وإن اختلفوا عليك فدعهم وما هم فيه، فإن الله سيجعل لك مخرجا.
فنظرت فإذا ليس معي رافد ولا ذاب، ولا مساعد الا أهل بيتي فضننت بهم على الموت والهلاك ولو كان بهم حمزة أو أخي جعفر، ما بايعت كرها، فأغضبت على القذى وتجرعت الشجى، وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم والم القلوب من حز الشفار، (٢).
(0) - كما فعلوا حينما طلبوا منه البيعة ثم حددوه بالقتل وقالوا: أما عبد الله فنعم وأما أخو رسول الله فلا!، كما ذكر ابن قتيبة الدينوري في " الإمامة والسياسة " ص ٣١، وكما تقدم. ثم إن كلمة سنتي فيها غرابة ولعل الصواب: نسبي أو سببي كما يفهم من الكلام.
فبايعتكم على كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) ودعوت الناس إلى بيعتي، فمن بايعني طائعا قبلت منه ومن أبى تركته، فبايعني فيمن بايعني طلحة والزبير، ولو أبيا ما أكرهتهما كما لم أكره غيرهما.وكان طلحة يرجوا اليمن، والزبير يرجوا العراق، فلما علما أني غير موليهما، استأذنا في العمرة، يريدان الغدرة، فأتيا عائشة فاستخفاها مع شئ كان في نفسها علي.
عبيد الله، وبأكثر الناس مالا يعلى بن منية التميمي (١)، أعان علي بأصواع الدنانير.
والله لئن استقام هذا الامر لأجعلن ماله وولده فيئا للمسلمين، فأتيا البصرة وأهلها مجتمعون على طاعتي وبيعتي، وبها شيعتي و خزان بيت مال المسلمين، فدعوا الناس إلى معصيتي، وإلى نقض بيعتي فمن أطاعهم أكفروه ومن عصاهم قتلوه، فثار بهم حكيم بن جبلة العبدي (٢) في سبعين رجلا من عباد أهل البصرة وكانوا يسمون أصحاب الثفنات كأن جبهاتهم مثل ثفنات الإبل، وأبى أن يبايعهما يزيد بن الحرث اليشكري (٣) وهو شيخ أهل البصرة يومئذ وقال: اتقيا الله، إن
(١) - هو: يعلى بن أمية التميمي، حليف بني نوفل، ومنية جدته الأدنى وبها يعرف، يقال له: يعلى بن منية. أنظر " الاكمال " لابن مأكولا، ج ٧ ص ٢٢٨، ط بيروت.
(٢) - هو: حكيم بن جبلة العبدي. أنظر " الإصابة " لابن حجر العسقلاني ج ١ ص ٣٧٩، وكان بعثه عثمان إلى السند، ثم نزل البصرة وقتل بها يوم الجمل.
وفي " الاكمال " لابن مأكولا ج ٢ ص ٤٨: وحكيم بن جبل ويقال: جبلة، كان عاملا على البصرة مع عثمان بن حنيف، قطعت رجله يوم الجمل.
(٣) - هو اسمه موجود ضمن التاريخ والأحاديث كما ذكر في الغارات للثقفي، والغدير للأميني والبحار للمجلسي، ولم نظفر على ترجمته بهذا العنوان
أو لكما قادنا إلى الجنة فلا يقودنا آخركما إلى النار.
أمل يميني فشغلها عني علي [بن أبي طالب] (عليه السلام) ببيعتي إياه و أما شمالي فهذه خذاها فارغة إن شئتما!، فخنق حتى مات.
وقام عبد الله بن حكيم التميمي، فقال: يا طلحة تعرف هذا الكتاب؟
قال: نعم هذا كتابي إليك، قال: هل تدري ما فيه؟ قال: إقرأه علي، فقرأه، فإذا فيه عيب عثمان ودعائه إلى قتله.
ثم أخذا عاملي عثمان بن حنيف أمير الأنصار فمثلا به، ونتفا كل شعرة في رأسه ووجهه، وقتلا شيعتي، طائفة صبرا وطائفة غدرا، جالدوا بالسيوف حتى لقوا الله عز وجل صادقين، فوالله لو لم يصيبوا منهم الا رجلا واحدا متعمدين بقتله لحل لي قتالهم ذلك الجيش كله، أما طلحة فرماه مروان بسهم فقتله، وأما الزبير فذكر قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) له: تقاتل عليا وأنت له ظالم فرجع من الحرب على عقبه، وأما عائشة، فإن نبي الله نهاها عن مسيرها، فعضت يدها ندامة على ما كان منها .
وكان طلحة لما نزل بذي قار، (١) قام خطيبا فقال:
يا أيها الناس، إنا أخطئنا في أمر عثمان خطيئة لا يخرجنا منها الا الطلب بدمه!! وعلي قاتله وعليه القود، وقد نزل ذا قار مع نساجي اليمن وقصابي ومنافقي مصر، فلما بلغني ذلك كتبت إليه أناشده بحق محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ألست أتيتني في أهل مصر؟ وقد حصروا عثمان!؟ فقلت: إنهض بنا إلى هذا الرجل، فإنا لا نستطيع قتله الا بك، ألا تعلم أنه سير أبا ذر، وفتق بطنعمار وآوى الحكم بن العاص طريد رسول الله، واستعمل الفاسق في كتاب الله الوليد بن عقبة بن أبي معيط وقد ضرب في الخمر وسلط خالد بن الوليد على عرفطة العذري وأنحى على كتاب الله يحرفه ويحرقه!! فقلت: لا أرى قتله اليوم، وأنت اليوم تطلب بدمه!؟ فأتياه معكما عمرو وسعيد، فخلياه عنهما يطلبان بدم أبيهما، متى كانت أسد وتيم أولياء دم بني أمية!؟ فانقطعا عند ذلك، وقام عمران بن الحصين الخزاعي صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا هذان لا تخرجانا من طاعة الله على أنفسكما، ولا تحملانا على نقض بيعته، فإنها لله رضى، أما وسعتكما بيوتكما حتى جئتما بأم المؤمنين لطاعتها إياكما من مسيرها معكما، وكفا عنا أنفسكما، وأرجعا، [من حيث جئتما] فأبيا عليه، ثم نظرت في أهل الشام فإذا هم بقية الأحزاب وحثالة الاعراب فراش نار، وذبان طمع، تجمعوا من كل أوب ومنزل ممن كان ينبغي أن يؤدب ويدرب ويولا عليه، ليسوا من المهاجرين والأنصار ولا التابعين بإحسان، فسرت إليهم ودعوتهم إلى الطاعة والجماعة فأبوا إلا شقاقي...........
(١) - أورد البلاذري تفصيل القصة في أنساب الأشراف (http://shiadocs.com/الكتب/1296_الأشراف) ج ٥ ص ٢٩ ط بيروت، ولرعاية الاختصار وضيق المجال نحيل القارئ إلى المصدر المذكور
فسلام الله عليك ايها المظلوم الاكبر ورحمة الله وبركاته
وبلينا بقوم لايفقهون