الباحث الاكاديمي
06-05-2013, 04:23 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير الخلق محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
السفياني هو احد العلامات الحتمية, فقد ورد في حتمية السفياني العديد من الروايات كما ان بعض الروايات التي تكلمت عن السفياني بدى للبعض من المفكرين انها تقلل من شأن حتمية السفياني كالرواية التي تخبرنا بإمكانية البداء فيه.
وسنبين من خلال بحثنا ان السفياني محتوم لابد منه ولايوجد وجه للبداء فيه.
حتمية السفياني :
-----------------
عن الإمام الصادق عليه السلام قال: ( قبل قيام القائم خمس علامات محتومات: اليماني ، والسفياني ، والصيحة ، وقتل النفس الزكية ، والخسف بالبيداء ) (البحار: 52 /204 ).
السفياني احد خمس علامات محتومات.
وعن الامام الصادق عليه السلام قوله:
(من الأمرِ محتومٌ ومنه ليس بمحتوم ومن المحتوم خروج السفياني في رجب) غيبة النعماني: 417/ باب 18/ ح 3.
ان هذه الرواية لم تذكر اصل القضية فقط وانما تعرضت الى تفاصيلها بذكرها لحتمية خروج السفياني في رجب.
كذلك فأن علامة الخسف بجيش السفياني والتي تعد من العلامات الحتمية توكد حتمية السفياني.
وعن الامام السجاد عليه السلام : إن أمر القائم حتم من الله ، وأمر السفياني حتم من الله ، ولا يكون قائم إلا بسفياني). (البحار:53/182
وهذه الرواية بالإضافة الى اخبارها بحتمية السفياني فأنها تخبرنا بضرورة وجود السفياني كركن من اركان القضية المهدوية وكشخصية اساسية في انجاز التخطيط الالهي في الملحمة الاخيرة بين الايمان والمتمثل بالمهدي عج وبين الالحاد والوثنية المتمثلين بالسفياني.
الامور الموقوفة والمحتومة :
----------------------------
ورد في غيبة النعماني عن الباقر عليه السلام قوله:
(إنّ من الأمور أموراً موقوفة وأموراً محتومة وإنّ السفياني من المحتوم الذي لا بدَّ منه) .غيبة النعماني: 416/ باب 18/ ح 6.
ان هذه الرواية تصنف العلامات والاحداث الى صنفين :
1- الامور الموقوفة.
2- الامور المحتومة.
وتؤكد إنّ السفياني من المحتوم الذي لا بدَّ منه.
تعريف الموقوف والمحتوم :
--------------------------
عن الباقر عليه السلام قوله في تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ) , (إنّهما أجلان أجل محتوم وأجل موقوف).
فقال له حمران: ما المحتوم؟
قال عليه السلام: (الذي لا يكون غيره).
قال: ما الموقوف؟
قال عليه السلام: (الذي لله فيه المشيئة).
قال حمران: إني لأرجو أن يكون السفياني من الموقوف.
فقال أبو جعفر عليه السلام: (لا والله إنّه لمن المحتوم).
بحار الأنوار 52: 249/ ح 133.
وجاء في تفسير العلامة الطباطبائي ( فهذا الأجل أجلٌ محفوظ في اُمِّ الكتاب وليس من الأجل الموجود في لوح المحو والإثبات الذي يمكن أن يتخلّف بتخلّف شرائطه )
تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي قدس سره 7: 6، في تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ قَضَى ...) الآية.
الموقوف : كما في تعريف الامام الباقر عليه السلام (الذي لله فيه المشيئة).
ان هذه المشيئة هي المشيئة الالهية الحكيمة وهي ذات السنن الالهية التي اجراها في خلقه فهي تساوق القواعد الايمانية التي جعلها الباري عز وجل, فالصدقة تدفع البلاء المبروم ,المحتوم ناهيك عما هو موقوف.
وقال تعالى ( ان تنصروا الله ينصركم ) فمن ينصر الله يرجح الله تعالى له النصر بعد بعد ان كان نصره موقوفاً.
ومن تلك القواعد الايمانية الدعاء وما عرف عنه من دفع المصائب والنكبات .
المحتوم : كما في تعريف الامام الباقر عليه السلام (الذي لا يكون غيره).
فالمحتوم هو جزء ضروري من القضية المهدوية لا يمكن ان تتم القضية في حال فقده. ووجود عدة علامات محتومات يفضي الى وجود فلسفة معينة في التخطيط الالهي لواقعة الظهور المقدس.
بفقدان احد المحتومات يتغير سيناريو التخطيط الالهي للواقعة بل بزيادة بعض الاحداث الى الاحداث الحتمية كذلك يؤدي الى تغير السيناريو فيستدعي التدخل الالهي للحفاظ عليه من التلاعب ومثال ذلك حتمية وصول جيش السفياني من المدينة الى مكة أثر حركة النفس الزكية, فليس هنالك من رادع لذلك الجيش من الوصول اليها . مما استدعى التدخل الالهي بالخسف بجيش السفياني كي لا يتم التلاعب بالمخطط الالهي.
في شرح العلامة الطباطبائي فأن المحتوم هو الاجل المحفوظ في ام الكتاب والذي لا يمكن ان تتخلف شرائطه لذلك هو حتمي التحقق. فشرائط المحتوم حسب منطق العلامة الطباطبائي حتمية كحتمية مشروطها.
وتعقيبا على رأي العلامة الطباطبائي نقول : ليس كل محتوم من الاجل المحفوظ في ام الكتاب لان بعض الحتميات قابلة للبداء كما تم اثباته بالنص بل ان المنطق يبين ضرورة وجود بداء في بعض الامور المحتومة.
امكانية البداء في المحتوم :
------------------------
عن أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري قال:
كنّا عند أبي جعفر محمّد بن علي الرضا عليه السلام فجرى ذكر السفياني وما جاء في الرواية من أن أمره من المحتوم، فقلت لأبي جعفر عليه السلام: هل يبدو لله في المحتوم؟
قال: (نعم).
قلنا له: فنخاف أن يبدو لله في القائم؟
فقال: (إنّ القائِمَ مِنَ الميعَاد وَالله لا يُخْلِفُ المِيعَادَ).
غيبة النعماني: 421/ باب 18/ ح 10
في هذه الرواية يتبادر للأذهان ان السفياني من الممكن ان يتعرض للبداء وهذا الاشكال وقع فيه العديد ممن كتب في السفياني وتناول موضوع حتميته.
في الحقيقة ان البداء يكون وفق المشيئة الالهية الحكيمة ولضرورة تقتضيها المصلحة وتلك المشيئة متعلقة بالسنن الالهية في خلقه تعالى. فالسفياني مقطوع في وجوده ( وأمر السفياني حتم من الله ), (وإنّ السفياني من المحتوم الذي لا بدَّ منه).
حيث نجد في المقطعين الروائيين اعلاه ورود لفظ الحتم مقيداً وليس مطلقاً, فالذي ورد من امكانية البداء في المحتوم في الرواية آنفاً هو المحتوم المطلق.
اما التقييد تارة ( حتم من الله ) وأخرى ( المحتوم الذي لابد منه ).
فإن ذلك التقييد يخرج ذلك الحتم من البداء تارة لان نص البداء في المطلق دون المقيد وأخرى لدلالة الفاظ التقييد والتي تفيد ان حتم السفياني من الله وانه لابد من السفياني.
وبذلك ينتفي احتمال البداء في السفياني وينتفي معه احتمال البداء في جميع العلامات الحتمية لانها اما ان تكون مرتبطة بالسفياني كاليماني والخراساني واما ان تكون مرتبطة بالقائم كالصيحة والنفس الزكية والخسف بالبيداء.
اما ما يدور من جدل في خروج السفياني وحركته فليس هنالك ضرورة للبداء في خروجه وحركته.
بل ان خروجه ضروري كما اثبتناه سلفا.
لو تناولنا الاجزاء المهمة من حركة السفياني وهي :
1- دخول جيش السفياني الى العراق.
2- ارسال السفياني جيشاً الى مكة عقب حركة النفس الزكية عند الكعبة المشرفة.
حيث ان هذين المكانين هما اهم الاماكن التي ينبغي تمهيد الارض فيها للظهور المقدس. فالعراق سيكون مقر اقامة الامام عج بعد ظهوره ومركز انطلاقته للفتوحات. اما مكة المكرمة فإنها مكان الظهور المقدس.
ان اليماني والخراساني سيكونان مقتدرين في الانتصار على جيش السفياني وتحطيم وحداته العسكرية في العراق وتمهيد ارض العراق لاستقبال القائد المفدى. فليس هنالك ضرورة للبداء في حركة السفياني في العراق.
اما مكة المكرمة فإن السفياني بعد حركة النفس الزكية يرسل جيشه الذي في المدينة الى مكة, وهنا يكون حدث دخول جيش السفياني الى مكة محتوما, فليس هنالك من رادع لجيشه من الوصول الى مكة, وعدم وجود اي اسباب موضوعية تؤدي الى تخلف شروط تحقق هذا الحدث. وهنا تقتضي الضرورة الى التدخل الالهي بالبداء في ذلك الحدث فيأمر الله تعالى جبرائيل عليه السلام بالخسف بجيش السفياني بين المدينة ومكة المشرفة..
حينئذ وبكفاية اليماني والخراساني لصد جيش السفياني واندحاره في العراق, والتدخل الالهي بالخسف بجيش السفياني قبل وصوله الى مكة, لن يبقى حينئذ اي داع للبداء في السفياني.
فالسفياني اذن حتمي وخروجه حتمي لابد منه وكما اكدت الروايات على ذلك.
خلاصة :
مما مضى من البحث نستطيع ان نؤكد ما يلي :
1- ان شرائط السفياني لا يمكن ان تتخلف عنه.
2- ان الاحداث المرتبطة بحركة السفياني والتي لا تعد كشروط من شرائط تحقق خروج السفياني هي ليست حتمية اي انها موقوفة. وهي تخضع كما هو حال الموقوف من الاحداث الى امكانية تخلف او عدم تخلف شرائطها. وذلك على خلاف الاحداث والعلامات التي تعد شرائط لتحقق خروج السفياني.
ومثال على ذلك : مجزرة النجف التي يحدثها جيش السفياني والتي يقتل فيها اكثر من ستين الفا كما في الروايات, فهي من الاحداث الموقوفة كونها ليست شرطا من شرائط تحقق علامة السفياني فلو ان اهل النجف كانوا على اجتماع من القلوب وكانوا مسلّمين للتوجيهات السديدة للمرجعية الرشيدة واليماني الموعود صاحب اهدى الرايات , وملتزمين بتوجيهات اهل البيت عليهم السلام فيما يخص كيفية التعامل مع السفياني وكما ورد في الرواية ( ليس على النساء والعيال بأس وعلى الرجال ان يولوا وجوههم عنه). لما استطاع جيش السفياني ان يجد هذا العدد امامه ليقتله في مجزرته حيث ان حدث المجزرة سيتخلف حينئذ لتخلف شروط تحققه.
بقي ان انوه الى امر مهم وهو في تصوري ان الامل منعدم في تخلف الاحداث والعلامات الموقوفة وذلك لامرين :
1- عدم وجود داع للتدخل الالهي في ترجيح عدم تحققها.
2- لما يعيشه المجتمع الشيعي من مصائب ونكبات ودسائس ومؤامرات مما يجعله غافلا عن مثل هذه الامور وفاقدا للعزم على التحرك لترجيح كفة تخلف الاحداث المؤسفة.
وهذا الامر يعني احتمالية تحقق جميع العلامات والاحداث الحتمية وغير الحتمية كما وردت في الروايات.
والله تعالى العالم بحقيقة الامور
والصلاة والسلام على خير الخلق محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
السفياني هو احد العلامات الحتمية, فقد ورد في حتمية السفياني العديد من الروايات كما ان بعض الروايات التي تكلمت عن السفياني بدى للبعض من المفكرين انها تقلل من شأن حتمية السفياني كالرواية التي تخبرنا بإمكانية البداء فيه.
وسنبين من خلال بحثنا ان السفياني محتوم لابد منه ولايوجد وجه للبداء فيه.
حتمية السفياني :
-----------------
عن الإمام الصادق عليه السلام قال: ( قبل قيام القائم خمس علامات محتومات: اليماني ، والسفياني ، والصيحة ، وقتل النفس الزكية ، والخسف بالبيداء ) (البحار: 52 /204 ).
السفياني احد خمس علامات محتومات.
وعن الامام الصادق عليه السلام قوله:
(من الأمرِ محتومٌ ومنه ليس بمحتوم ومن المحتوم خروج السفياني في رجب) غيبة النعماني: 417/ باب 18/ ح 3.
ان هذه الرواية لم تذكر اصل القضية فقط وانما تعرضت الى تفاصيلها بذكرها لحتمية خروج السفياني في رجب.
كذلك فأن علامة الخسف بجيش السفياني والتي تعد من العلامات الحتمية توكد حتمية السفياني.
وعن الامام السجاد عليه السلام : إن أمر القائم حتم من الله ، وأمر السفياني حتم من الله ، ولا يكون قائم إلا بسفياني). (البحار:53/182
وهذه الرواية بالإضافة الى اخبارها بحتمية السفياني فأنها تخبرنا بضرورة وجود السفياني كركن من اركان القضية المهدوية وكشخصية اساسية في انجاز التخطيط الالهي في الملحمة الاخيرة بين الايمان والمتمثل بالمهدي عج وبين الالحاد والوثنية المتمثلين بالسفياني.
الامور الموقوفة والمحتومة :
----------------------------
ورد في غيبة النعماني عن الباقر عليه السلام قوله:
(إنّ من الأمور أموراً موقوفة وأموراً محتومة وإنّ السفياني من المحتوم الذي لا بدَّ منه) .غيبة النعماني: 416/ باب 18/ ح 6.
ان هذه الرواية تصنف العلامات والاحداث الى صنفين :
1- الامور الموقوفة.
2- الامور المحتومة.
وتؤكد إنّ السفياني من المحتوم الذي لا بدَّ منه.
تعريف الموقوف والمحتوم :
--------------------------
عن الباقر عليه السلام قوله في تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ) , (إنّهما أجلان أجل محتوم وأجل موقوف).
فقال له حمران: ما المحتوم؟
قال عليه السلام: (الذي لا يكون غيره).
قال: ما الموقوف؟
قال عليه السلام: (الذي لله فيه المشيئة).
قال حمران: إني لأرجو أن يكون السفياني من الموقوف.
فقال أبو جعفر عليه السلام: (لا والله إنّه لمن المحتوم).
بحار الأنوار 52: 249/ ح 133.
وجاء في تفسير العلامة الطباطبائي ( فهذا الأجل أجلٌ محفوظ في اُمِّ الكتاب وليس من الأجل الموجود في لوح المحو والإثبات الذي يمكن أن يتخلّف بتخلّف شرائطه )
تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي قدس سره 7: 6، في تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ قَضَى ...) الآية.
الموقوف : كما في تعريف الامام الباقر عليه السلام (الذي لله فيه المشيئة).
ان هذه المشيئة هي المشيئة الالهية الحكيمة وهي ذات السنن الالهية التي اجراها في خلقه فهي تساوق القواعد الايمانية التي جعلها الباري عز وجل, فالصدقة تدفع البلاء المبروم ,المحتوم ناهيك عما هو موقوف.
وقال تعالى ( ان تنصروا الله ينصركم ) فمن ينصر الله يرجح الله تعالى له النصر بعد بعد ان كان نصره موقوفاً.
ومن تلك القواعد الايمانية الدعاء وما عرف عنه من دفع المصائب والنكبات .
المحتوم : كما في تعريف الامام الباقر عليه السلام (الذي لا يكون غيره).
فالمحتوم هو جزء ضروري من القضية المهدوية لا يمكن ان تتم القضية في حال فقده. ووجود عدة علامات محتومات يفضي الى وجود فلسفة معينة في التخطيط الالهي لواقعة الظهور المقدس.
بفقدان احد المحتومات يتغير سيناريو التخطيط الالهي للواقعة بل بزيادة بعض الاحداث الى الاحداث الحتمية كذلك يؤدي الى تغير السيناريو فيستدعي التدخل الالهي للحفاظ عليه من التلاعب ومثال ذلك حتمية وصول جيش السفياني من المدينة الى مكة أثر حركة النفس الزكية, فليس هنالك من رادع لذلك الجيش من الوصول اليها . مما استدعى التدخل الالهي بالخسف بجيش السفياني كي لا يتم التلاعب بالمخطط الالهي.
في شرح العلامة الطباطبائي فأن المحتوم هو الاجل المحفوظ في ام الكتاب والذي لا يمكن ان تتخلف شرائطه لذلك هو حتمي التحقق. فشرائط المحتوم حسب منطق العلامة الطباطبائي حتمية كحتمية مشروطها.
وتعقيبا على رأي العلامة الطباطبائي نقول : ليس كل محتوم من الاجل المحفوظ في ام الكتاب لان بعض الحتميات قابلة للبداء كما تم اثباته بالنص بل ان المنطق يبين ضرورة وجود بداء في بعض الامور المحتومة.
امكانية البداء في المحتوم :
------------------------
عن أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري قال:
كنّا عند أبي جعفر محمّد بن علي الرضا عليه السلام فجرى ذكر السفياني وما جاء في الرواية من أن أمره من المحتوم، فقلت لأبي جعفر عليه السلام: هل يبدو لله في المحتوم؟
قال: (نعم).
قلنا له: فنخاف أن يبدو لله في القائم؟
فقال: (إنّ القائِمَ مِنَ الميعَاد وَالله لا يُخْلِفُ المِيعَادَ).
غيبة النعماني: 421/ باب 18/ ح 10
في هذه الرواية يتبادر للأذهان ان السفياني من الممكن ان يتعرض للبداء وهذا الاشكال وقع فيه العديد ممن كتب في السفياني وتناول موضوع حتميته.
في الحقيقة ان البداء يكون وفق المشيئة الالهية الحكيمة ولضرورة تقتضيها المصلحة وتلك المشيئة متعلقة بالسنن الالهية في خلقه تعالى. فالسفياني مقطوع في وجوده ( وأمر السفياني حتم من الله ), (وإنّ السفياني من المحتوم الذي لا بدَّ منه).
حيث نجد في المقطعين الروائيين اعلاه ورود لفظ الحتم مقيداً وليس مطلقاً, فالذي ورد من امكانية البداء في المحتوم في الرواية آنفاً هو المحتوم المطلق.
اما التقييد تارة ( حتم من الله ) وأخرى ( المحتوم الذي لابد منه ).
فإن ذلك التقييد يخرج ذلك الحتم من البداء تارة لان نص البداء في المطلق دون المقيد وأخرى لدلالة الفاظ التقييد والتي تفيد ان حتم السفياني من الله وانه لابد من السفياني.
وبذلك ينتفي احتمال البداء في السفياني وينتفي معه احتمال البداء في جميع العلامات الحتمية لانها اما ان تكون مرتبطة بالسفياني كاليماني والخراساني واما ان تكون مرتبطة بالقائم كالصيحة والنفس الزكية والخسف بالبيداء.
اما ما يدور من جدل في خروج السفياني وحركته فليس هنالك ضرورة للبداء في خروجه وحركته.
بل ان خروجه ضروري كما اثبتناه سلفا.
لو تناولنا الاجزاء المهمة من حركة السفياني وهي :
1- دخول جيش السفياني الى العراق.
2- ارسال السفياني جيشاً الى مكة عقب حركة النفس الزكية عند الكعبة المشرفة.
حيث ان هذين المكانين هما اهم الاماكن التي ينبغي تمهيد الارض فيها للظهور المقدس. فالعراق سيكون مقر اقامة الامام عج بعد ظهوره ومركز انطلاقته للفتوحات. اما مكة المكرمة فإنها مكان الظهور المقدس.
ان اليماني والخراساني سيكونان مقتدرين في الانتصار على جيش السفياني وتحطيم وحداته العسكرية في العراق وتمهيد ارض العراق لاستقبال القائد المفدى. فليس هنالك ضرورة للبداء في حركة السفياني في العراق.
اما مكة المكرمة فإن السفياني بعد حركة النفس الزكية يرسل جيشه الذي في المدينة الى مكة, وهنا يكون حدث دخول جيش السفياني الى مكة محتوما, فليس هنالك من رادع لجيشه من الوصول الى مكة, وعدم وجود اي اسباب موضوعية تؤدي الى تخلف شروط تحقق هذا الحدث. وهنا تقتضي الضرورة الى التدخل الالهي بالبداء في ذلك الحدث فيأمر الله تعالى جبرائيل عليه السلام بالخسف بجيش السفياني بين المدينة ومكة المشرفة..
حينئذ وبكفاية اليماني والخراساني لصد جيش السفياني واندحاره في العراق, والتدخل الالهي بالخسف بجيش السفياني قبل وصوله الى مكة, لن يبقى حينئذ اي داع للبداء في السفياني.
فالسفياني اذن حتمي وخروجه حتمي لابد منه وكما اكدت الروايات على ذلك.
خلاصة :
مما مضى من البحث نستطيع ان نؤكد ما يلي :
1- ان شرائط السفياني لا يمكن ان تتخلف عنه.
2- ان الاحداث المرتبطة بحركة السفياني والتي لا تعد كشروط من شرائط تحقق خروج السفياني هي ليست حتمية اي انها موقوفة. وهي تخضع كما هو حال الموقوف من الاحداث الى امكانية تخلف او عدم تخلف شرائطها. وذلك على خلاف الاحداث والعلامات التي تعد شرائط لتحقق خروج السفياني.
ومثال على ذلك : مجزرة النجف التي يحدثها جيش السفياني والتي يقتل فيها اكثر من ستين الفا كما في الروايات, فهي من الاحداث الموقوفة كونها ليست شرطا من شرائط تحقق علامة السفياني فلو ان اهل النجف كانوا على اجتماع من القلوب وكانوا مسلّمين للتوجيهات السديدة للمرجعية الرشيدة واليماني الموعود صاحب اهدى الرايات , وملتزمين بتوجيهات اهل البيت عليهم السلام فيما يخص كيفية التعامل مع السفياني وكما ورد في الرواية ( ليس على النساء والعيال بأس وعلى الرجال ان يولوا وجوههم عنه). لما استطاع جيش السفياني ان يجد هذا العدد امامه ليقتله في مجزرته حيث ان حدث المجزرة سيتخلف حينئذ لتخلف شروط تحققه.
بقي ان انوه الى امر مهم وهو في تصوري ان الامل منعدم في تخلف الاحداث والعلامات الموقوفة وذلك لامرين :
1- عدم وجود داع للتدخل الالهي في ترجيح عدم تحققها.
2- لما يعيشه المجتمع الشيعي من مصائب ونكبات ودسائس ومؤامرات مما يجعله غافلا عن مثل هذه الامور وفاقدا للعزم على التحرك لترجيح كفة تخلف الاحداث المؤسفة.
وهذا الامر يعني احتمالية تحقق جميع العلامات والاحداث الحتمية وغير الحتمية كما وردت في الروايات.
والله تعالى العالم بحقيقة الامور