المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العراق على حافة الهاوية، مرة أخرى


س البغدادي
09-05-2013, 09:06 PM
واشنطن بوست، ريان كروكر

ترجمة : حسين خاني الجاف


ريان كروكر سفير الولايات المتحدة في العراق 2007-2009. وهو زميل أقدم في معهد كيسنجر جاكسون جامعة ييل.

اتخذت الأوضاع في العراق منعطفا خطيرا جدا. حيث تُذكرنا الأحداث التي وقعت الأيام الأخيرة بتلك التي أدت إلى الحرب الأهلية في عام 2006 وادت إلى زيادة في اعداد القوات الامريكية، ووضع استراتيجية جديدة وقتال عنيف جدا.في الواقع، ان الأماكن التي اندلعت فيها أعمال العنف معروفة بانهـا تشكل خطرا مخيفا، حيث كانت معقل لتنظيم القاعدة في العراق في بداية الحشد الامريكي قبل انتشار قوات الصحوة التي شجعت على المصالحة بين العرب السنة والحكومة التي يقودها الشيعة في بغداد.

الأحداث الأخيرة جاءت متزامنة مع تزايد حوادث الهجمات المروعة من قبل تنظيم القاعدة في العراق، حيث شهد العراق الشهر الماضي أكبر الخسائر قياسا الى السنوات الماضية، وأنها حدثت على خلفية ازدياد النزاع السياسي الخطير، هذه التطورات تتطلب بوضوح الاهتمام والدعم من المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة.

في البداية جاء التقدم بالتوصل الى التوافق والتعددية السياسية في حينها عام 2007 و 2008، ومع تطورالاوضاع الامنية خلال فترة الحشد الامريكي، اختار زعماء الشيعة والسنة لحل خلافاتهم من خلال التسوية بدلا من العنف .التزاماتهم انقذت النتائج الصعبة التي تمخضت بعد الانتخابات البرلمانية عام 2010، حيث لم يفز حزب واحد بصورة جلية في هذه الانتخابات. كما وانها انقذت التداعيات التي تمخضت عن الاعتقال الاخير لحماية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي لاتهامهم بالارهاب، فضلا عن محاكمته غيابيا واصدار حكم بالاعدام ضده.

وعلى الرغم من أن القضايا السياسية المحلية ادت الى غليان المناطق السنية في البلاد على مدى الأشهر الأربعة الماضية، فإن كلا من قوات الأمن العراقية والمتظاهرين يمارسون ضبط للنفس بصورة كبيرة. كما واتخذ زعماء السنة خطوات ملموسة للحفاظ على سلمية المظاهرات من خلال البحث عن اسلحة المتظاهرين. حتى بعد مقتل ثمانية متظاهرين سنة في الفلوجة في كانون الثاني، تمكن كلا الجانبين من التهدئة.

كل ذلك تغير الأسبوع الماضي. وبدأ ذلك في بلدة الحويجة قرب كركوك، حيث قالت قوات الامن العراقية بان المتظاهرين السنة يأوون المسلحين الذين قتلوا الجنود عند احد السيطرات التابعة للجيش العراقي. المحتجون نفوا وجود أي مسلحين في معسكرهم ورفضوا تسليم أي واحد منهم . في 23 نيسان، بدات قوات الأمن بالدخول الى مخيمات المتظاهرين ، وأعقب ذلك اشتباك عنيف، أسفر عن مقتل وجرح العشرات. الآن شيوخ العرب السنة الذين حثوا على ضبط النفس باتوا يدعون الى الحرب. وتقول بعض التقارير أن القبائل وجمع من المتمردين السابقين يقومون بالاستعداد للقتال. وقد حصدت حوادث العنف أكثر من 40 شخصا قتلوا في يوم واحد في الموصل وحدها.

هذه الاحداث كانت لها اثار خطيرة على الامن والاستقرار في العراق. وبدأ تنظيم القاعدة في العراق باعادة تاسيس نفسه في المناطق التي كلفت القوات الامريكية والعراقية تطهيرها خسائر هائلة على مدى السنوات الخمس الماضية. من جانبها تحاول "جبهة النصرة" وهو تنظيم ما يسمى الدولة الاسلامية في العراق والشام خطف المقاومة العلمانية للرئيس السوري بشار الاسد ، ولا تؤدي هذه التطورات الى تهديد المكاسب الهشة التي تحققت منذ عام 2007 فقط ، ولكن تؤدي ايضا الى تنشيط قوى التطرف العنيف في قلب العالم العربي وحرق سوريا بالفعل.

يحتاج قادة البلاد لنزع فتيل الأزمة ومعالجة مخاوف أولئك الذين يشعرون بالظلم. واحد هذه المظالم الجديدة على وجه الخصوص، تأخير انتخابات مجالس المحافظات في الأنبار ونينوى ، التي يجب أن تعالج بسرعة. وقد صوّت معظم العراقيين لقادة المحافظات في 20 نيسان، ولكن الاسباب الأمنية أخّرت التصويت في الأنبار ونينوى حتى 18 آيار، ومن ثم اجلت حتى 4 تموز، مما أدى إلى تفاقم الشعور بالتهميش الطائفي. من المهم أن تمضي تلك الانتخابات قدما كما هو مقرر.

لم تكن الاحتجاجات تتعلق بتاخير الانتخابات فقط، فقد طالب المحتجون أيضا بإصلاحات هامة لسياسات الاعتقال في العراق والطريقة التي تنفذ فيها قوانين اجتثاث البعث. ونحن نلاحظ بأن رئيس الوزراء نوري المالكي قدم تنازلات بشأن هذه القضايا ، ونحن نتطلع إلى دعم من الأحزاب السياسية الأخرى مع المؤسسات الشيعية. وقبل كل شيء لا بد للشعب العراقي وقادته أن يتذكروا الالتزام الذي توصلوا اليه عام 2007 لنبذ العنف الطائفي والمضي قدما لبناء عراق أفضل لجميع العراقيين.

هذا الجهد يقع أيضا على عاتق أصدقاء العراق. فالتقدم في العراق جاء عندما شجعت قوى التحالف المجتمعات السنية للعمل مع الحكومة التي لا تزال تفتقر إلى الثقة. الروح التي شجعت على التقدم نحو الاستقرار يجب ان تنشط الآن وهذا حيوي جدا. وبالتالي كانت هناك مؤشرات جيدة في الأيام الأخيرة من جانب سفير الولايات المتحدة في بغداد وبعثة الامم المتحدة تجسد في دعواتهم الى التهدئة والانخراط مع جميع الأطراف، وتذكيرهم بما يمكن أن يفقدوه وهو ( العراق الجديد الذي دفع له العراقيون والولايات المتحدة الكثير لبناءه).

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قد سحبت قواتها من العراق، فإنها تحتفظ بنفوذ كبير فيه.وقد تم تجهيز وتدريب القوات العراقية من قبل الأميركيين، وقادة البلاد تحتاج وتتوقع مساعدتنا. وأظهر وزير الخارجية جون كيري مبادرة عظيمة في جعل العراق جزءا من أول زيارة له إلى الخارج، وأنه يجب أن يعود لوضعه للإشارة إلى أهمية العراق على المدى الطويل بالنسبة الى الولايات المتحدة وللاستقرارالإقليمي، وينبغي عليه إشراك جميع قادة العراق. الخطوة الاخرى ستكون في عقد اجتماع على مستوى الوزراء للجنة المشتركة التي تاسست بموجب اتفاقية الإطار الاستراتيجي.

بصورة اوضح وبالنسبة للعراقيين فان العراق يمكن ان ينجو من حافة الهاوية ، ويجب على الولايات المتحدة ان تقود جهود دبلوماسية مستمرة وعلى مستوى عال. وقد فعلنا ذلك بنجاح في الماضي ، ابتداءا من عام 2007 ، ويجب ان نفعل ذلك مرة اخرى . ان المخاطر بالنسبة للعراق والمنطقة بلغت اعلى مستوياتها .