المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما الأسباب التي جعلت الرسول لم يقتص من خالد بن الوليد عندما قتل بني جذيمة


عاشق أبا الأحرار
16-05-2013, 02:59 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم

شبهه جديده :
س/ ما الاسباب التي جعلت الرسول صلى الله عله وآله لم يقتص من خالد بن الوليد عندما قتل بني جذيمه؟

الجواب:
أولا: الملحد لايؤمن بأحكام الدين الإسلامي ولا يعترف بكون رسول الله صلى الله عليه وآله معصوم أفعاله لاتمليها نزعات العاطفة فعلى هذا يجب أن تطالبه في البداية بأن يُسلّم على سبيل الفرض أنّ نبينا معصوم وأنّ للدين الإسلامي أحكاما تطبيقها يخضع لشرائط وظروف ومصالح رسول الله أعرف بها.
ثانيا: بعد أن يُسلّم الملحد لنا بذلك على سبيل الفرض نقول له انه لا شك عندنا نحن المسلون أنّ فعل وقول وتقرير المعصوم حجة. ولكن بين قول المعصوم وفعله فرق وهو أنّ القول له بيان وظهور "بذاته" وحجته ثابتة بينما تقرير وفعل المعصوم فيهما تفصيل من حيث دلالتهما فإذا فعل المعصوم شيئا نحتاج أن ندقق لنعرفَ وجه ثبوته هل هو على نحو الاستحباب أم الوجوب أم الاطلاق أم التقييد الى غير ذلك.
لكن على نحو الاجمال ما نقطع به هو "جواز " ومشروعية ذلك الفعل، حينها تعرف أنّ تشخيص "عدم فعل" المعصوم لعمل ما يكون من باب أولى أكثر حاجة للتأمل والتركيز منا حيث عدم الوجدان لا يعني عدم الوجود وهذا لا يختلف فيه الملحد معنا.
عدم الاقتصاص من خالد لا يعني عدم الرفض لعمل خالد , وعدم تطبيق الحد عليه لا ينفي انه مجرم مستحق للعقاب.
نحن لا ندّعي الاحاطة بكل جوانب الحكمة في ترك النبي صلى الله عليه وآله لفعلٍ ما, وفي هذا المقام نقول ذات الشيء غير أننا نورد ما فهمناه من مجموع الاخبار المتعلقة بالقضية. قبل عرض الروايات الشريفة نشير إلى أنّ تلك الواقعة كانت بعد فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة.
روى الشيخ الصدوق رحمه الله في أماليه مسنداً عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : ( بعث رسول الله صلى الله عليه وآله، خالد بن الوليد الى حي يقال لهم بنو المصطلق، من بني جذيمة، وكان بينهم وبينه وبين بني مخزوم إحنة - الإحنة : الضغينة والشحناء والحقد- في الجاهليّة، فلما ورد عليهم كانوا قد أطاعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وأخذوا منه كتاباً، فلمّا ورد عليهم خالد أمر منادياً فنادى بالصلاة، فصلى وصلّوا، فلمّا كان صلاة الفجر أمر مناديه فنادى، فصلى وصلوا، ثمّ أمر الخيل فشنوا فيهم الغارة فقتل وأصاب، فطلبوا كتابهم فوجدوه، فأتوا به النبي صلى الله عليه وآله وحدّثوه بما صنع خالد بن الوليد، فاستقبل القبلة، ثم قال صلّى الله عليه وآله : "اللهم أني أبرأ إليك ممّا صنع خالد بن الوليد"، قال : ثمّ قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله تبر ومتاع، فقال لعلي عليه السلام : يا علي، ائت بني جذيمة من بني المصطلق، فأرضهم ممّا صنع خالد)، ثمّ رفع قدميه فقال : :يا علي، اجعل قضاء أهل الجاهليّة تحت قدميك"، فأتاهم علي عليه السلام، فلمّا انتهى اليهم، حكم فهيم بحكم الله، فلمّا رجع الى النبي (صلى الله عليه وآله)، قال : يا علي، أخبرني بما صنعت)، فقال : يا رسول الله، عمدت فأعطيت لكلّ دم ديّة، ولكل جنين غرّة، ولكلّ مال مالاً، وفضلت معي فضلة فأعطيتهم لميلغة كلابهم "ميلَغَة الكلب : الاناء الذي يشرب فيه" وحبلة رعاتهم، وفضلت معي فضلة فأعطيتهم لروعة نسائهم وفزع صبيانهم، وفضلت معي فضلة فأعطيتهم لما يعلمون ولما لا يعلمون، وفضلت معي فضلة فأعطيتهم ليرضوا عنك يا رسول الله، فقال : يا علي أعطيتهم ليرضوا عني، رضي الله عنك يا علي، إنّما أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي )
(أمالي الصدوق, 173، الخصال 561,ج2 )
ورد في الارشاد للشيخ المفيد:
( إرسال خالد بن الوليد الى بني جذيمة لأمرين:
الاول: "يدعوهم إلى الله عز وجل " . وثانياً : "وإنما أنفذه إليهم للترة التي كانت بينه وبينهم، وذلك انهم كانوا أصابوا في الجاهلية نسوة من بني المغيرة وقتلوا الفاكه بن المغيرة عم خالد بن الوليد، وقتلوا عوفاً أبا عبد الرحمن بن عوف" وهذا كان سبب انفاذ رسول الله صلى الله عليه وآله له كما انه قد أرسل معه عبد الرحمن بن عوف لنفس السبب ولولا ذلك لما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله خالداً أهلاً للامارة على المسلمين , فكان من أمره ما كان مخالفاً لعهد الله سبحانه وعهد رسوله صلى الله عليه وآله. وعمل فيهم بسنة الجاهلية الجهلاء فكان من رسول الله صلى الله عليه وآله ان تبرى من عمله وتلافى تفريطه وخلافه)
(الإرشاد 139,ج1)
جاء في إعلام الورى ما نصه:
(وقد كانوا أصابوا في الجاهلية من بني المغيرة نسوة وقتلوا عمّ خالد ,فاستقبلوه وعليهم السلاح )
هناك أيضا ورد:
(فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله يده إلى السماء وقال : ( "اللهم اني أبرأ إليك مما فعل خالد"، وبكى ثم دعا علياً.., إلى آخر الرواية) .
أما في رواية الخدري قال صلى الله عليه وآله: ( اللهم اني أبرأ من خالد , ثلاثاً ).
بعد تلك المقدمات وهذا العرض لموقف رسول الله وأسباب إرساله خالدا لعنه الله نخلص إلى التالي:
ـ يتبين من خلال ما سبق أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يبعث خالدا وغيره ليتوجهوا إلى الناس بالدعوة إلى الله تعالى وليس للقتال وهذا ما ذكره ابن الاثير حين تطرق لهذه القضية. أي رسول الله صلى الله عليه وآله حين بعث خالدا لم يأمره بقتال
.
وجدنا من طرقنا نحن شيعة أهل البيت عليهم السلام أنّ جميع الروايات تنص على أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله بعث خالدا لبني جذيمة كما في النص "للترة التي كانت بينه وبينهم" لذا فقد كان هذا اختبارا لخالد وإظهاراً لحقيقة دعوى إيمانه بالاسلام الذي يحرم ثارات وإحن الجاهلية كما في هذا اختبارا لبني جذيمة وصدق قبولهم للإسلام الذي يرفض نعرات الجاهلية.
ـ عند العرب "صبأ " تعني انتقل من دين إلى آخر. ونحن لا نشك في خبث ذلك المنافق ابن الوليد وفي كونه فهم من تلك العبارة الانتقال الى الاسلام إذ لو كان في "الحقيقة والواقع" مشتبها لما تبرأ رسول الله منه ومن عمله ولكنّ رسول الله يُجري الأحكام حسب "الظاهر" وعندنا نحن المسلمون "تُدرأ الحدود بالشبهات" ولكن مع ذلك رسول الله بيّن باطن ذلك المنافق حين بريء منه ومن عمله وهذا يعني أنه في "الواقع" كان عامداً لا مشتبها فرسول الله لا يبرأ من مؤمن مشتبه إلا أنّ الأحكام في الاسلام "تُطبق" حسب "الظاهر".
ورد في الطرائف لابن طاووس :
(فدعاهم إلى الاسلام فلم يحسنوا ان يقولوا أسلمنا، فجعلوا يقولون : صبأنا صبأنا )
(الطرائف لابن طاووس, 2 / 394)
ولكننا بعد موقف رسول الله صلى الله عليه وآله من فعل خالد ليس لدينا أدنى شك في كون خالد قد خالف أمر رسول الله صلى الله عليه وآله ونقض عهده وعمل بحمية ونعرات الجاهلية وقتل اولائك الأبرياء وهم على ذمة الإسلام ولكنّ هذا لم يُوجب عليه الحد بلحظا ما سبق بيانه وعليك عدم إغفال أنّ ما يقع من "مخالفات" على يد الولاة المعينين من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله ومن بعده الائمة المعصومين عليهم السلام يتكفل فيها ببيت مال المسلمين بتعويض المتضررين فتُدفع الديات ويعوّضون عن كل جناية وقعت عليهم ولو لم يثبت أحدها بل حتى لمجرد "احتمال" أنّ شيئا من سائر ما تعلق بهم قد تعرض لضرر وجناية.
مما يقوي أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله لتصرف خالد ذاك حسب "الظاهر" وفق قاعدة (الحدود تُدرأ بالشبهات ) هو كون الاسلام لازال "جديدا "عليهم وأحكامه قد لا تكون معروفة بين بعض المسلمين على الوجه الأتم وهذا قد يتذرع به خالد عليه لعنة الله.
ـ كما ترى كان ابتعاث رسول الله صلى الله عليه وآله لخالد لعنه الله ينطوي على نظرة بعيدة المدى حيث "برهن" للمسلمين على عدم أهلية ذلك الفاسق لتولي شأن من شؤون المسلمين لأنه رجل جلف تسيطر عليه النعرات الجاهلية لذا ليس جديرا بالثقة على الرغم مما شاع عنه من براعة في القيادة العسكرية واغترار كثير من الناس به من هذه الناحيةـ فرسول الله بهذا يحصنهم "عملياً" من الانخداع بذلك الفاسق مستقبلا, فرجل خالف رسول الله صلى الله عليه وآله في حياته حري بالأمة أن تحذره ولا تسلمه قيادة شأن من شؤونها وعلى الرغم من ذلك رأيت أنّ من جاؤوا بعد رسول الله من المنقلبين على أعقابهم لم يتعلموا الدرس فأمّروا ذلك المجرم لذا وقعت تلك الجريمة العظمى في حق مالك ابن النويرة رحمه الله. فلا عذر لأبي بكر لعنه الله في عدم إقامة الحد على خالد لعنه الله لكون الأصل في مالك ابن نويرة أنه مسلم وعدم دفعه للزكاة لكونه ليس معترفا بشرعية حكومة أبي بكر لا يخرجه من ربقة الإسلام وفي هذا تفصيل ليس هاهنا محله.
يقول صاحب الطرائف : (وكان الصواب ترك ولاية خالد ومحبته عند من يقول بصحّة الخبر المذكور )
أيضا ورد في نهج الحق : (واذا كان خالد قد خالفه صلى الله عليه وآله في حياته وخانه في أمره فكيف به وبغيره بعده )
ـ إنصح ذلك الملحد بالاطلاع على هذه السلسلة

والحمدلله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

عاشق أبا الأحرار
16-05-2013, 03:00 PM
لم يرَ التاريخ نظيرا للنبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) في عقليته الفذة، فهو أعظم العظماء بلا منازع. ومن أبرز عناصر عظمته؛ قدرته الفائقة على تشخيص المصلحة العليا، وترتيب الأولويات بحيث يُضحَّى بالمهم من أجلالأهم.
بعد أن نعرف هذا؛ فلا بد من الإيمان بأن قراره (صلى الله عليه وآله وسلم) بتعطيل إقامة الحدّ على خالد بن الوليد (عليه اللعنة) إنما جاء متوافقا مع المصلحة الإسلامية العليا آنذاك، فمع أن إقامة حدّ القصاص عليه بسبب المجزرة التي ارتكبها في اليمن هو أمر (مهم) إلا أن هناك ما هو (أهم)، وسأشرحه لك مختصرا.
هذا (الأهم) هو تثبيت دعائم وأركان الإسلام والدولة النبوية، فقد حرص رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أن تبقى صورة مجتمع العاصمة متلاحمة ولو في الظاهر، فلا يُشاع في أوساط العرب والأعراب وسائر الأمم أن فيه انشقاقا أو تصدّعا أو أن الخلافات بدأت تدبّ بين صفوفه، فإن ذلك لو وقع لأحدث هزّة كبرى قد تنهي وجود الإسلام أصلا .
لقد أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يبقى هذا المجتمع موحّدا بأي شكل من الأشكال، وأن لا يتخذ أية خطوات من شأنها استئصال أفراد أو فئات من هذا المجتمع – وإن كانوا مستحقين لذلك - لئلا تنعكس صورة سلبية عنه في عيون الآخرين، فيفقدون الثقة فيه أو يطمعون في إجهاضه. فمجتمع المدينة كان يمثل نواة مركز تأسيس الإسلام، بسقوطه يسقط الإسلام، وبصعوده يصعد الإسلام .
وكان من أعظم ما يثير غيظ الكفار هو تماسك هذا المجتمع الوليد خلف قائده النبي، وهو التماسك الذي لم يروا مثله أبدا في تاريخهم المليء بالصراعات والتحزّبات والانشقاقات والتصدّعات. هذا التماسك هو الذي جعلهم يفقدون الأمل شيئا فشيئا في تدمير المجتمع الإسلامي والقضاء على نبي الإسلام ودينه الجديد، وقد استطاع النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) بحكمته الخارقة أن يوصل إليهم هذه الرسالة وإن كانت غير دقيقة في الواقع، حيث كان في المجتمع الإسلامي حينذاك تيار عريض من المنافقين الذين كانوا يعملون على هدم الإسلام من الداخل؛ لكن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) بدلا من أن ينجرّ إلى الصراع معهم وما يجلبه ذلك من شق لوحدة الصف – ظاهريا – واستنزاف للطاقات والجهود؛ فإنه عمد إلى تطويقهم بسياسة ذكية لا مثيل لها في التاريخ، استطاع بها أن يفقدهم القدرة على إحباط مشروع تأسيس الإسلام بل وأن يستفيد منهم في خدمته وهم كارهون!
لهذا ترى أن النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) تغاضى عن كثير من الحوادث الإجرامية التي كان مرتكبوها يستحقون فيها حدّ القتل، فاستعمل ولايته الممنوحة له من الله سبحانه لإسقاطها أو تعطيلها وتجميدها، لأنه إنْ فعل وأجرى الحد عليهم كان ذلك بمثابة إعلان بدء العد التنازلي لنهاية الإسلام!
فمثلا: تآمر جمع من أصحابه المنافقين (صلى الله عليه وآله وسلم) على قتله والنفر بناقته ليلة العقبة، يتقدّمهم أبو بكر وعمر وعثمان (عليهم اللعنة) ومع أن هؤلاء جريرتهم أعظم من جريرة خالد يوم اليمن، إذ دبّروا لاغتيال سيد الأولين والآخرين وأعظم خلق الله تعالى، وهم بذلك يستحقون القتل أضعافا مضاعفة إن جاز التعبير، ومع أن إبقاءهم يعني إبقاء الباب مفتوحا أمام استمرارهم في مخططاتهم التآمرية لضرب النبي الأكرم صلى الله عليه وآله.. مع كل هذا؛ نجد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) امتنع عن إجراء الحد عليهم بل وأمر بالتكتم على أمرهم خشية أن تصل رسالة إلى المشركين وبقية الأعراب مفادها: "إن محمدا بدأ ينقلب على أصحابه! وبدأ أصحابه ينقلبون عليه! وهاهم يتآمرون على بعضهم البعض! وهاهو يأمر بقتلهم! وهذه هي بداية النهاية! فعلى الإسلام السلام"!
وقد عبّر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن هذه الحقيقة عندما طولب بإجراء الحد عليهم قائلا: "لا! أكره أن تتحدث العرب بينها أن محمداً قاتل بقوم حتى إذا أظهره الله بهم أقبل عليهم يقتلهم"! (تفسير ابن كثير ج2 ص373 وغيره من المصادر).
ولهذا تراه (صلى الله عليه وآله) امتنع عن إقامة الحد أيضا على عائشة (عليها اللعنة) عندما اتهمت أم ولده مارية (عليها رضوان الله) بالفاحشة - والعياذ بالله - في قضية الإفك، وكذا امتناعه عن إجراء الحد على حاطب بن أبي بلتعة الذي أفشى خططه العسكرية إلى المشركين بمكة، وكذا تجاوزه عن مؤامرات عبد الله بن أبي بن سلول (عليه اللعنة) حيث قال عندما سئل ذلك: "لا! لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه"! (تاريخ المدينة ج1 ص366 وغيره من المصادر).
فدقّق جيدا؛ إنه (صلى الله عليه وآله) لا يريد إيصال أي معلومة إلى الناس مفادها وقوع خلاف بينه وبين أصحابه وقد وصل إلى حد القتل، فذلك بحد ذاته كان كفيلا بهزّ الثقة في النظام الجديد الذي جاهد من أجل تأسيسه.
وعلى هذا يتبيّن بوضوح أن تعطيله (صلى الله عليه وآله) إجراء الحد على خالد مع استحقاقه له؛ إنما كان لأجل هذه المصلحة، مصلحة الإسلام الواقعية العليا، ومن أجل هذا الأهم، وهو حفظ الدولة النبوية وعدم تعريض الإسلام للخطر. فإنه لو كان قد أوقع الحد عليه؛ لتحدّث الناس عن أن هذه الجبهة الإسلامية بدأت بالتفكك، لأن النبي قتل أحد قوّاده العسكريين. ولتسبّب ذلك أيضا في إثارة غضب عصبة خالد وأوليائه وعشيرته، ونفورهم من الإسلام.
لاحظ جيدا أن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يحرص أشد الحرص على أن يؤسس مجتمعا إسلاميا يستأصل المجتمعات الجاهلية المتجذرة في تاريخ العرب، وهي مهمة صعبة جدا، وظروف المرحلة التأسيسية تختلف عن غيرها، فلا بد فيها من التغاضي عن بعض القضايا لتحقيق ولو أدنى قدر ممكن من الوجود والتماسك اللذين يؤهلان هذا المجتمع للبقاء وتكوين الأمة العالمية. لهذا مثلا شرّع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سهم المؤلفة قلوبهم، وعفى عن الطلقاء، وتزوّج من الأراذل، وداهن هذا وذاك، وتجاوز عن هذا وذاك.. كل ذلك لأجل تحقيق هذه الغاية التي نجح فيها بشكل مبهر وفريد من نوعه.
وبالنسبة إلى خالد بن الوليد عليه اللعنة، فإن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) عمد إلى تعطيل الحد عنه، مع التبرؤ منه بكل صرامة أمام المسلمين كافة، ليكون إعلانا بتجريمه واستحقاقه للعذاب الإلهي. كما أنه (صلى الله عليه وآله) أرسل أخاه أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) إلى اليمن لإصلاح ما أفسده هذا اللعين، بتعويض جميع من طالهم إجرامه ودفع الدية لهم، حتى أنه دفع لهم تعويضا عن كسر "ميلغة كلابهم" وهو الإناء الذي يشرب فيه الكلاب الماء! ولهذا الموقف النبيل، أعلن الثكالى رضاهم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأيقنوا أن ما أجرمه خالد بحقهم لم يكن نابعا من التعاليم النبوية.
مضافا إلى هذا؛ لاحظ أن من الأسباب الحكيمة التي جعلت النبي (صلى الله عليه وآله) يتجاوز عن خالد عليه اللعنة؛ هو علمه (صلى الله عليه وآله) بأنه سيخرج من صلبه من يكون مؤمنا في المستقبل، فلو طبّق عليه القصاص وقتله؛ لنقض ذلك الحكمة والمشيئة الإلهية التي اقتضت أن يكون من ولد هذا الكافر، رجل مؤمن.
وبالفعل فقد حدّثنا التاريخ أن أحد أبناء خالد بن الوليد كان مؤمنا مواليا مناصرا لأمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، واسمه (المهاجر بن خالد بن الوليد) وقد حارب مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في معركة الجمل ضد عائشة وطلحة والزبير عليهم اللعنة، ثم حارب في معركة صفين ضد معاوية عليه اللعنة، وقد استشهد في هذه المعركة رحمه الله.
وإلى هذا أشار الإمام الصادق (عليه الصلاة والسلام) عندما سئل عن سبب عدم قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) لأعدائه الأوائل وهم مستحقون له حسب الأحكام الشرعية، حيث كان إقدامهم على قتل أخيه رسول الله وزوجته الزهراء (صلوات الله عليهما وآلهما) وكذا إقدامهم على تبديل دين الله واغتصاب الولاية موجبا لتحقق موضوع هذا الحكم عليهم.
وكان سؤال السائل للإمام: "ما بال أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يقاتل مخالفيه في الأول"؟
فأجاب صلوات الله عليه: "لآية في كتاب الله تعالى: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا" (الفتح: 25).
فسئل (عليه السلام) ثانيا: "وما يعني بتزايلهم"؟
فقال صلوات الله عليه: "ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين". (كمال الدين وتمام النعمة للصدوق ص641).
والتزايل هو التمايز، هذا للعلم.

عاشق أبا الأحرار
16-05-2013, 03:02 PM
خالد بن الوليد في قتل بني جذيمة ـ في بعض النقل 30 رجلاً منهم ـ أن ذلك أخذاً بحقه ويشير إلى ما ارتكبته بنو جذيمه من قتل الفاكه بن المغيرة ونسوة من بني المغيرة في أيام الجاهلية ، وتعلّل أيضاً بأنّه لم يطمئن من إسلامهم ؛ لأنّهم لم يلقوا السلاح ، حيث كانوا قد خشوا منه الاقتصاص منهم ، وهذا التعلل الثاني نظير ما وقع فيه اُسامة بن زيد عندما قتل من أظهر له الإسلام في القصة المعروفة ، مع أنّ بني جذيمة كانوا قد بنوا المساجد وأظهروا الأذان وإقامة الصلاة ، وكان النبي صلى الله عليه وآله قد أمر خالداً أن يدعوهم إلى الإسلام ، ولا يبدأهم بقتال لكنه خالف الأمر واقتصّ منهم ثأر الجاهلية ، فلما استخبر النبي صلى الله عليه وآله بذلك تبرأ إلى الله تعالى ممّا قد فعل خالد ، ثمّ أرسل أمير المؤمنين عليه السلام فودّى لهم ، أي اعطاهم الدية للقتلى ولكل ما تلف منهم ، وقال صلى الله عليه وآله له عليه السلام بأن يجعل كل ما كان في الجاهلية تحت قدميه .
فيظهر من مجموع ذلك أنّ سبب عدم اقتصاصه صلى الله عليه وآله لبني جذيمة من خالد بن الوليد هو عدم فقه خالد بأنّ كل دم ووتر في الجاهلية فهو ساقط بالإسلام ، وإنّ الإسلام يجبّ ما قبله ، وإنّ كان خالد بن الوليد قد عصى أمر النبي صلى الله عليه وآله في ما رسمه له من الدعوة إلى الإسلام ، وقد كذّب عدة من الصحابة تأوّل خالد باسترابته في إسلام بني جذيمة ممّن كانوا معه ، بل أكثر الأنصار لم يشاركوا في قتل الأسرى ، وامتنعوا من ذلك إلا أن العمدة لسقوط القصاص هو جهالة خالد بجبّ الإسلام حكم الجاهلية . وهذا بخلاف ما فعله خالد بن الوليد بمالك بن نويرة ؛ فإنّه قد رأى صلاته وصلاة قومه ، وقد صلى خالد وراءه ، وعرف أن امتناع مالك من اعطاء الزكاة ، لا لإرتداده بل لامتناعه من بيعة أبي بكر ، وبقائه على ولاية وبيعة علي بن أبي طالب عليه السلام أمير المؤمنين ، فبين الواقعتين فرق واضح بيّن .
مضافاً إلى تبرّئ واستنكار النبي صلى الله عليه وآله لما فعله خالد ، بينما لم يستنكر أبوبكر ما فعله خالد ، وقد اعطى النبي صلى الله عليه وآله الدية لأهالي القتلى واسترضاهم علياً عليه السلام حتى رضوا عن النبي صلى الله عليه وآله وأعاد حرمتهم ، بينما أبوبكر لم يصلح ما أفسده خالد وعزله عن استحلال زوجة مالك بن نويرة ، وهي في عدة وفاته ، ولا أعطى الدية لقبيلته ، ولا أعاد حرمتهم ، بل أقرّ خالداً على قيادة الجيش ، وفسح المجال له بالعمل كما يشتهي ويهوى ، وتصبوا إليه نزوته كما في موارد أخرى بعد الواقعة المزبورة ، كما هو مذكور في كتب السير والمغازي والتاريخ .

أبواسد البغدادي
16-05-2013, 03:20 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد

هذا الخبيث خالد لم يؤمن يوما بنبوة محمد صلى الله عليه وآله كم ان ابي بكر وعمر لم يؤمنوا يوما بالرسالة
والادلة واضحة من بعثة خالد النجس الى بني جذيمة ولم يتعض من تبرءة النبي روحي فداه منه وغضبه عليه ؟
بل كرر الامر في قتله لمالك بن نويره ونزوه على زوجته وبموافقة الملعون عتيق الوسخ !!
ونجد ان امير المؤمنين عليه السلام له موقف في الحالتين في الحالة الاولى بعثه النبي صلى الله عليه وآله لارضاء الخصوم ودفع الديات وفي موقف ابن نويرة لم يشارك في الحرب وقتل الابرياء !؟
احسنتم كثيرا وجزاكم ربي خيرا استفدنا بحق

وبلينا بقوم لايفقهون

ممنون ياطيب

عاشق أبا الأحرار
16-05-2013, 06:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعدائهم من الأولين والآخرين

شكراً للمرور الكريم مولانا الجليل الفاضل العزيز ابو اسد المحترم نعم أخي خالد لعنة الله عليه كان من الصحابه المنافقين لعنة الله عليهم والمصيبه هم يحتجون علينا لماذا لم ينصر امير المؤمنين مالك بن نويره رضوان الله تعالى عليه هههه فنحن أن شاءالله أيضاً نرد هذه الشبهه ونقلبها ضدهم بأذنهِ تعالى

أخي ومولاي الفاضل جزاك ربي الف خير على متابعتك القيمه للمواضيع وجهودك الكبيره المبذوله
شكراً اخي العزيز على مرورك الكريم
دمت سالماً غانماً