س البغدادي
17-05-2013, 10:47 PM
ابو هاني الشمري
لان حقائق التاريخ لا يمكن ان تُخفى ولابد ان يهيئ الله شخصاً ينبشها ليظهر الحقيقة فقد كان في تاريخ ما بعد رفع عيسى عليه السلام الى السماء وما بعد وفاة النبي (ص) من الاحداث التي المتسارعة التي حاول فيها عتاة القوم من طمس الكثير من الحقائق ولكن الله مُظهر أمره مهما حاول الساعون لطمس تلك الحقيقة تماشيا مع مصالحهم.
يقول ديفـد كلداني (او عبد الاحد داوود) في مقدمة كتابه الانجيل والصليب (هذا - وان للعقل وحده الصلاحية في إدراك الدين الحق والتصديق بصحته ، والقلوب مستعدة دائماً بفطرتها، ومهيأة بطبيعتها لحب الحقائق والميل الوجداني إليها).
هذه المقدمة من شخص بوزن ديفيد الذي اسلم بعدما كان ممثلا للكاثوليك الشرقيين في مؤتمر القربان المقدس الذي عقد في باريس عام 1897 وصاحب الجهود التبشيرية الكبرى للديانة النصرانية تجعل كل انسان صاحب عقل ان يدرك "من خلال هذا العقل" الدين الحق لا من خلال (إنّا وجدنا آبائنا على أمة وانا على اثارهم مهتدون).
لكي يكون موضوعنا مفهوما لمن لا يعرف بعض المسميات التي ذكرناها في عنوان المقالة من بعض الاخوة القراء فلا بد ان نتكلم عن امور نلخصها بما يلي:
مجمع نيقية:
وهو اول مجمع مسكوني (نسبة الى من يسكن الارض) حضره كبار الاساقفة في مدينة نيقية ومن انحاء العالم كلها تم عقده في عام 325 ميلادي (اي بعد رحيل السيد المسيح عليه السلام بـ 325 سنة) ويقال ان عدد الاساقفة الذين حضروه (318) وسبب عقد هذا المجمع هو ان (الكاهن آريوس) كان قد نشر فكرا مختلفا عن مبدأ التثليث الذي يؤمن به اغلب اتباع الديانة المسيحية وقد قال هذا الكاهن خلال الاجتماع ("إن الابن ليس مساويًا للآب في الأزلية وليس من جوهره، وأن الآب كان في الأصل وحيدًا فأخرج الابن من العدم بإرادته. وأن الآب لا يُرَى ولا يُكشَف حتى للابن؛ لأن الذي له بداية لا يعرف الأزلي، وأن الابن إله لحصوله على لاهوت مُكْتَسَب" -- فحدث ضجيجًا عاليًا، وسَدّوا آذانهم لكي لا يسمعوا هذا التجديف، وقال بعض الأناشيد والأغاني التي تتكلم على هذه البدعة) (هذا ملخص القصة التي ذكرها الأنبا بيشوي القبطي). لقد قرأتم كيف أن القوم سدّوا آذانهم حينما تكلم آريوس حتى لا يسمعوا كلمات التوحيد التي يقبلها العقل او على الاقل ليفهوا ما يرمي اليه رغم أنهم عِلّية القوم في دينهم.
وبعد لقاءات ومداولات طويلة استمرت شهورا ووصلت الى التضارب والعراك قرر المجتمعون ادانة آريوس ونفيه الى بلد آخر (وتقول روايات أخرى انه وجد ميتا في مكان التبول وقد انشقت بطنه (ولك ايها القارئ ان تفكر لماذا مات هكذا؟) ومن ثم اتفقوا على أن تكون هنالك الكتب السبعة والعشرين (هي الاناجيل المعروفة حاليا "متى ومرقس ويوحنا ولوقا" اضافة الى الرسائل التي تسمى حاليا العهد القديم) وأحرقت كل الكتب الاخرى وبالخصوص الكتب التي وردت عن آريوس واتباعه وقد قتل آريوس فيما بعد (وروايات اخرى تقول انه مات بعد مدة واحداث كثيرة) !!.
يقول عبد الاحد داوود مُختَصِراً هذه الواقعة التاريخية (إذاً فانتخاب واختيار الكتب السبعة والعشرين وحدها من بين تلك الأكوام العظيمة من الكتب التي لا تسعها أية خزانة واحدة وَرَدّ الباقية منها ومحوها يجب أن تتحرى أسبابها في الأساس التاريخي الذي أجملناه هنا)
من هنا نلاحظ ان آريوس كان موحداً لا يؤمن بالتثليث الذي هو عماد ديانتهم من خلال المقطع الذي ذكرناه رغم ان مفهومه للتوحيد يختلف كثيرا عن المفهوم الاسلامي له ولذلك فإن اتباع آريوس كانوا اول الداخلين في الاسلام عند ظهوره واندمجوا في مجتمعه.
كتاب سليم بن قيس الهلالي:
هو اول كتاب كتبه سليم بن قيس الهلالي رضوان الله عليه مباشرة من ملاحظته ومشاهدته للاحداث وسماعها مباشرة من الامام علي (ع) واصحاب رسول الله (ص) المنتجبين امثال سلمان وابو ذر وغيرهم وكتبها عنهم وقد لاقى ما لاقاه من ولائه لعلي عليه السلام وقد عاش هذا التابعي اوائل عصر خلافة عمر بن الخطاب حتى وافاه الاجل عام 76 للهجرة في مدينة نبودنجان هاربا عند ابان بن ابي عياش رضي بعدما طارده الحجاج لقتله. ومن خلال معرفة فترة حياته (2 قبل الهجرة - 76 هجري) نعرف انه عايش الاحداث التاريخية الكبرى وسجلها اولاً بأول.
في هذا الكتاب الكثير من الروايات التي تتكلم عن مظلومية اهل بيت النبوة وما جرى عليهم من كبار الصحابة ممن صاروا خلفاء تسلطوا على رقاب المسلمين. عاصر سُليم علياً والحسن والحسين وعلي بن الحسين والباقر عليهم صلوات الله وسلامه وجميعهم ايدوا ما مذكور في كتابه, وقد قال الامام الصادق عليه السلام بحق هذا الكتاب وصاحبه (( من لم يكن عنده من شيعتنا ومحبينا (كتاب سُلَيم بن قيس الهلالي) فليس عنده من أمرنا شئ, ولا يعلم من اسبابنا شيئا, وهو ابجد الشيعة وسرٌّ من أسرار آل محمد عليهم السلام)).
اصحاب الصحيفة:
وهم خمسة نفر من كبار الصحابة (لمن يريد ان يطلع على اسمائهم حسبما ذكرهم حذيفة بن اليمان رضوان الله عليه يمكنه ان يجد اسمائهم في كتاب بحار الانوار الجزء 28 او كتاب سليم بن قيس) وهؤلاء الخمسة كتبوا صحيفة ذكروا فيها (لإن مات محمداً أو قتل نزوي هذا الامر(اي نمنع الخلافة) عن اهل بيته فلا يصل أحد منهم الى الخلافة ما بقينا !!) ثم ارسلوا هذه الصحيفة الملعونة فوضعوها في جوف الكعبة ولم تخرج من الكعبة الى ان تولى عمر الخلافة ... وقد كان لهم ذلك.
بعدما عرفنا معلومة مختصرة عن عنوان مقالتنا وكيف أن الديانة النصرانية بقيت 325 عاما بعد المسيح عليه السلام بلا كتاب واحد مقدس (كما هو اليوم بأربعة اناجيل) بل كانت هنالك مئات الكتب المختلفة وهنالك العشرات من المشارب والاهواء طيلة اكثر من ثلاث قرون جاء الاساقفة وفي زمن حكم القائد الروماني قسطنطين وجعلوا هذه الاربعة اناجيل هي كتابهم المقدس الجديد ومحوا وأحرقوا خزائن عملاقة من الكتب والمؤلفات والاخبار المروية التي تتنافى مع ما يؤمنون به وبذلك طمسوا تاريخا حافلا امتد على طول تلك الفترة من السنين, لذلك فإن من البديهي وبعد مرور اكثر من الف عام على اخفاء وتدمير ذلك الكم الهائل من المعلومات ان ينكر القائمون على التعاليم المسيحية اي وثيقة او كتاب او حقيقة تتنافى والتعاليم التي وضعها مجمع نيقية فلا غرابة ان ينكروا انجيل برنابا الذي يذكر ان نبيا يأتي بعده اسمه محمد (ص) وينكروا الوثيقة الاخيرة او يشككوا فيها والتي تقول ان المسيح عليه السلام كانت عنده زوجة (مريم المجدلية) وينكروا اي حادثة تاريخية ستكتشف في قادم الايام تتعارض والتعاليم المسيحية لمجمع نيقية.
نفس الاحداث ولكن بشكل فيه نوع من الاختلاف جرت على رسالة نبينا محمد (ص). ولكون القرآن العظيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لان خيرة اصحاب النبي وعترته كتبوه ووثقوه فلم يكن بمقدور التيار الذي لا يريد بالنبي وأهل بيته خيرا ان يتلاعب بآيات القران.
لذلك تحركوا نحوا طمس آثار النبي وأحاديثه. فما أن تولى ابو بكر وعمر الخلافة إلا وطلبوا من جميع المسلمين آنذاك ان يجمعوا كل أحاديث النبي (ص) حتى صارت كومة كبيرة ثم اوقدوا فيها النار بحجة انها سوف تؤدي الى ارباك الناس وتداخلها مع القرآن!!.
هذه الحادثة ادت الى طمس روايات النبي (ص) وإحراقها بهذا الشكل الذي ينم نية خبيثة مبيته وموجهة كخنجر اغمد في خاصرة الاسلام وهو لا يزال حتى اليوم يعاني منها بعدما اخفوا تاريخ مهم وصحيح وبتماس مباشر مع ذلك العصر.
بقي هذا الحال حتى مضى اكثر من قرن على رحيل النبي (ص) الى بارئه ثم بدأت عمليات تجميع احاديثه !!.
فأختلف المسلمون في كل شئ, فالشيعة يقولون انهم يتبعون اهل بيت النبي بعد رحيله وعامة المسلمين يقولون أنهم يتبعون صحابته وسنته (ولا أدري ماذا بقي من سنته وقد حرّقها اول خلفاء المسلمين ابو بكر وعمر كما اسلفنا بل ومنع عمر بن الخطاب الناس من التحدث بها).
تفسير القرآن فيه اختلاف, جميع الاحكام فيها اختلاف, سنة النبي وأحاديثه فيها اختلاف, التاريخ فيه اختلاف بل وصل الاختلاف الى مولد النبي والكثير من الوقائع الاخرى.
لذلك فإن كتاب سُليم ابن قيس عند عامة المسلمين هو كتاب موضوع وليس صحيحا رغم ان كبار كتّابهم ومؤرخيهم في العصور الاولى من الاسلام قد اشاروا اليه وهذا يعني ببساطة انه كان موجودا منذ تلك العصور ... ولكن لابد من نفي صحة الكتاب لانهم لو اسلموا بصحته فإنه سينسف كل ما بنوا عليه عقائدهم طيلة 1400 عام وهذا لا يمكن قبوله كما حدث في مجمع نيقية حينما طمست الكثير من الحقائق التي احرقت وباتت اليوم من الماضي ولا يقبلها اتباع ديانية التثليث.
فهل يقبل عامة المسلمين ان تكون الصحيفة التي وضعت في جوف الكعبة خلال حياة النبي (ص) هي من تدبير الخليفتين الاولين وصاحبي رسول الله (ص) وقد التحق بهما ثلاثة آخرين فوقعوا عهدهم بمنع وصول آل بيت النبي الى الخلافة بعد وفاته؟!! مما لا شك فيه ان هكذا أمر غير قابل للنقاش بل وحتى النظر فيه لان كل دينهم مبني على تبجيل وتوقير الخلفاء قبل علي عليه السلام وأيصالهم مرتبة توازي مرتبة النبي (ص) فكيف لعقل ان يتقبل هدم هذه الرموز التي بنى عليها عقيدته طيلة حياته وحياة اسلافه ثم يحولها الى شخصيات منافقة محاربة لله ورسوله وقد ارادوا بالاسلام وبرسول الاسلام شراً ... حتما ان ذلك غير مقبول ولا يمكن السماح به!!.
(ذكر كتاب سُليم حادثة العقبة التي حاول فيها المنافقون من كبار صحابة النبي (ص) قتله قبل اشهر قليلة من استشهاده بالسم كما يؤكد ذلك الشيعة - لان عامة المسلمين يقولون انه مات محموما وليس مسموماً رغم ان بعضهم ذكر أنه مات بآثار السم الذي سقته احدى اليهوديات بعد فتحه حصونهم وبقصة طويلة وبقي هذا السم طيلة تلك السنين في جسده حتى مات بعد ذلك منه!!).
هذا التطابق في محاولة تزوير الحقائق التاريخية في الديانات لن يخفي حقيقتها بغربال, وكما ذكرت قول عبدالاحد داوود "ان العقل هو الفيصل في التفريق بين الحق والباطل" فإن المتتبع لتاريخ الاسلام بشكل جاد وليس اعتمادا على رأي هذا الاعور او ذاك الاعمى او ذاك المتعصب سيعرف بعقله اين الحق ومن هم اصحابه.
هذه النبذه المختصرة عن موضوع كُتِبَتْ عنه مؤلفات ضخمة ليس مجالا لمناقشة فقرة صغيرة فيه من موج هائل من كتب التاريخ والفقه والسيرة المتضاربة فيما بينها وليست مكانا لمناقشة هذا الاختلاف او ذاك ولكنها مجال لاطلاق العنان للعقول التي تحب ان تبحث عن الحقيقة أين, وستجد حتما اساسا صلبا تقف عليه اذا كانت فعلا حرة وتبحث عن الحقيقة من بين تلك الاكداس من القصص.
لان حقائق التاريخ لا يمكن ان تُخفى ولابد ان يهيئ الله شخصاً ينبشها ليظهر الحقيقة فقد كان في تاريخ ما بعد رفع عيسى عليه السلام الى السماء وما بعد وفاة النبي (ص) من الاحداث التي المتسارعة التي حاول فيها عتاة القوم من طمس الكثير من الحقائق ولكن الله مُظهر أمره مهما حاول الساعون لطمس تلك الحقيقة تماشيا مع مصالحهم.
يقول ديفـد كلداني (او عبد الاحد داوود) في مقدمة كتابه الانجيل والصليب (هذا - وان للعقل وحده الصلاحية في إدراك الدين الحق والتصديق بصحته ، والقلوب مستعدة دائماً بفطرتها، ومهيأة بطبيعتها لحب الحقائق والميل الوجداني إليها).
هذه المقدمة من شخص بوزن ديفيد الذي اسلم بعدما كان ممثلا للكاثوليك الشرقيين في مؤتمر القربان المقدس الذي عقد في باريس عام 1897 وصاحب الجهود التبشيرية الكبرى للديانة النصرانية تجعل كل انسان صاحب عقل ان يدرك "من خلال هذا العقل" الدين الحق لا من خلال (إنّا وجدنا آبائنا على أمة وانا على اثارهم مهتدون).
لكي يكون موضوعنا مفهوما لمن لا يعرف بعض المسميات التي ذكرناها في عنوان المقالة من بعض الاخوة القراء فلا بد ان نتكلم عن امور نلخصها بما يلي:
مجمع نيقية:
وهو اول مجمع مسكوني (نسبة الى من يسكن الارض) حضره كبار الاساقفة في مدينة نيقية ومن انحاء العالم كلها تم عقده في عام 325 ميلادي (اي بعد رحيل السيد المسيح عليه السلام بـ 325 سنة) ويقال ان عدد الاساقفة الذين حضروه (318) وسبب عقد هذا المجمع هو ان (الكاهن آريوس) كان قد نشر فكرا مختلفا عن مبدأ التثليث الذي يؤمن به اغلب اتباع الديانة المسيحية وقد قال هذا الكاهن خلال الاجتماع ("إن الابن ليس مساويًا للآب في الأزلية وليس من جوهره، وأن الآب كان في الأصل وحيدًا فأخرج الابن من العدم بإرادته. وأن الآب لا يُرَى ولا يُكشَف حتى للابن؛ لأن الذي له بداية لا يعرف الأزلي، وأن الابن إله لحصوله على لاهوت مُكْتَسَب" -- فحدث ضجيجًا عاليًا، وسَدّوا آذانهم لكي لا يسمعوا هذا التجديف، وقال بعض الأناشيد والأغاني التي تتكلم على هذه البدعة) (هذا ملخص القصة التي ذكرها الأنبا بيشوي القبطي). لقد قرأتم كيف أن القوم سدّوا آذانهم حينما تكلم آريوس حتى لا يسمعوا كلمات التوحيد التي يقبلها العقل او على الاقل ليفهوا ما يرمي اليه رغم أنهم عِلّية القوم في دينهم.
وبعد لقاءات ومداولات طويلة استمرت شهورا ووصلت الى التضارب والعراك قرر المجتمعون ادانة آريوس ونفيه الى بلد آخر (وتقول روايات أخرى انه وجد ميتا في مكان التبول وقد انشقت بطنه (ولك ايها القارئ ان تفكر لماذا مات هكذا؟) ومن ثم اتفقوا على أن تكون هنالك الكتب السبعة والعشرين (هي الاناجيل المعروفة حاليا "متى ومرقس ويوحنا ولوقا" اضافة الى الرسائل التي تسمى حاليا العهد القديم) وأحرقت كل الكتب الاخرى وبالخصوص الكتب التي وردت عن آريوس واتباعه وقد قتل آريوس فيما بعد (وروايات اخرى تقول انه مات بعد مدة واحداث كثيرة) !!.
يقول عبد الاحد داوود مُختَصِراً هذه الواقعة التاريخية (إذاً فانتخاب واختيار الكتب السبعة والعشرين وحدها من بين تلك الأكوام العظيمة من الكتب التي لا تسعها أية خزانة واحدة وَرَدّ الباقية منها ومحوها يجب أن تتحرى أسبابها في الأساس التاريخي الذي أجملناه هنا)
من هنا نلاحظ ان آريوس كان موحداً لا يؤمن بالتثليث الذي هو عماد ديانتهم من خلال المقطع الذي ذكرناه رغم ان مفهومه للتوحيد يختلف كثيرا عن المفهوم الاسلامي له ولذلك فإن اتباع آريوس كانوا اول الداخلين في الاسلام عند ظهوره واندمجوا في مجتمعه.
كتاب سليم بن قيس الهلالي:
هو اول كتاب كتبه سليم بن قيس الهلالي رضوان الله عليه مباشرة من ملاحظته ومشاهدته للاحداث وسماعها مباشرة من الامام علي (ع) واصحاب رسول الله (ص) المنتجبين امثال سلمان وابو ذر وغيرهم وكتبها عنهم وقد لاقى ما لاقاه من ولائه لعلي عليه السلام وقد عاش هذا التابعي اوائل عصر خلافة عمر بن الخطاب حتى وافاه الاجل عام 76 للهجرة في مدينة نبودنجان هاربا عند ابان بن ابي عياش رضي بعدما طارده الحجاج لقتله. ومن خلال معرفة فترة حياته (2 قبل الهجرة - 76 هجري) نعرف انه عايش الاحداث التاريخية الكبرى وسجلها اولاً بأول.
في هذا الكتاب الكثير من الروايات التي تتكلم عن مظلومية اهل بيت النبوة وما جرى عليهم من كبار الصحابة ممن صاروا خلفاء تسلطوا على رقاب المسلمين. عاصر سُليم علياً والحسن والحسين وعلي بن الحسين والباقر عليهم صلوات الله وسلامه وجميعهم ايدوا ما مذكور في كتابه, وقد قال الامام الصادق عليه السلام بحق هذا الكتاب وصاحبه (( من لم يكن عنده من شيعتنا ومحبينا (كتاب سُلَيم بن قيس الهلالي) فليس عنده من أمرنا شئ, ولا يعلم من اسبابنا شيئا, وهو ابجد الشيعة وسرٌّ من أسرار آل محمد عليهم السلام)).
اصحاب الصحيفة:
وهم خمسة نفر من كبار الصحابة (لمن يريد ان يطلع على اسمائهم حسبما ذكرهم حذيفة بن اليمان رضوان الله عليه يمكنه ان يجد اسمائهم في كتاب بحار الانوار الجزء 28 او كتاب سليم بن قيس) وهؤلاء الخمسة كتبوا صحيفة ذكروا فيها (لإن مات محمداً أو قتل نزوي هذا الامر(اي نمنع الخلافة) عن اهل بيته فلا يصل أحد منهم الى الخلافة ما بقينا !!) ثم ارسلوا هذه الصحيفة الملعونة فوضعوها في جوف الكعبة ولم تخرج من الكعبة الى ان تولى عمر الخلافة ... وقد كان لهم ذلك.
بعدما عرفنا معلومة مختصرة عن عنوان مقالتنا وكيف أن الديانة النصرانية بقيت 325 عاما بعد المسيح عليه السلام بلا كتاب واحد مقدس (كما هو اليوم بأربعة اناجيل) بل كانت هنالك مئات الكتب المختلفة وهنالك العشرات من المشارب والاهواء طيلة اكثر من ثلاث قرون جاء الاساقفة وفي زمن حكم القائد الروماني قسطنطين وجعلوا هذه الاربعة اناجيل هي كتابهم المقدس الجديد ومحوا وأحرقوا خزائن عملاقة من الكتب والمؤلفات والاخبار المروية التي تتنافى مع ما يؤمنون به وبذلك طمسوا تاريخا حافلا امتد على طول تلك الفترة من السنين, لذلك فإن من البديهي وبعد مرور اكثر من الف عام على اخفاء وتدمير ذلك الكم الهائل من المعلومات ان ينكر القائمون على التعاليم المسيحية اي وثيقة او كتاب او حقيقة تتنافى والتعاليم التي وضعها مجمع نيقية فلا غرابة ان ينكروا انجيل برنابا الذي يذكر ان نبيا يأتي بعده اسمه محمد (ص) وينكروا الوثيقة الاخيرة او يشككوا فيها والتي تقول ان المسيح عليه السلام كانت عنده زوجة (مريم المجدلية) وينكروا اي حادثة تاريخية ستكتشف في قادم الايام تتعارض والتعاليم المسيحية لمجمع نيقية.
نفس الاحداث ولكن بشكل فيه نوع من الاختلاف جرت على رسالة نبينا محمد (ص). ولكون القرآن العظيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لان خيرة اصحاب النبي وعترته كتبوه ووثقوه فلم يكن بمقدور التيار الذي لا يريد بالنبي وأهل بيته خيرا ان يتلاعب بآيات القران.
لذلك تحركوا نحوا طمس آثار النبي وأحاديثه. فما أن تولى ابو بكر وعمر الخلافة إلا وطلبوا من جميع المسلمين آنذاك ان يجمعوا كل أحاديث النبي (ص) حتى صارت كومة كبيرة ثم اوقدوا فيها النار بحجة انها سوف تؤدي الى ارباك الناس وتداخلها مع القرآن!!.
هذه الحادثة ادت الى طمس روايات النبي (ص) وإحراقها بهذا الشكل الذي ينم نية خبيثة مبيته وموجهة كخنجر اغمد في خاصرة الاسلام وهو لا يزال حتى اليوم يعاني منها بعدما اخفوا تاريخ مهم وصحيح وبتماس مباشر مع ذلك العصر.
بقي هذا الحال حتى مضى اكثر من قرن على رحيل النبي (ص) الى بارئه ثم بدأت عمليات تجميع احاديثه !!.
فأختلف المسلمون في كل شئ, فالشيعة يقولون انهم يتبعون اهل بيت النبي بعد رحيله وعامة المسلمين يقولون أنهم يتبعون صحابته وسنته (ولا أدري ماذا بقي من سنته وقد حرّقها اول خلفاء المسلمين ابو بكر وعمر كما اسلفنا بل ومنع عمر بن الخطاب الناس من التحدث بها).
تفسير القرآن فيه اختلاف, جميع الاحكام فيها اختلاف, سنة النبي وأحاديثه فيها اختلاف, التاريخ فيه اختلاف بل وصل الاختلاف الى مولد النبي والكثير من الوقائع الاخرى.
لذلك فإن كتاب سُليم ابن قيس عند عامة المسلمين هو كتاب موضوع وليس صحيحا رغم ان كبار كتّابهم ومؤرخيهم في العصور الاولى من الاسلام قد اشاروا اليه وهذا يعني ببساطة انه كان موجودا منذ تلك العصور ... ولكن لابد من نفي صحة الكتاب لانهم لو اسلموا بصحته فإنه سينسف كل ما بنوا عليه عقائدهم طيلة 1400 عام وهذا لا يمكن قبوله كما حدث في مجمع نيقية حينما طمست الكثير من الحقائق التي احرقت وباتت اليوم من الماضي ولا يقبلها اتباع ديانية التثليث.
فهل يقبل عامة المسلمين ان تكون الصحيفة التي وضعت في جوف الكعبة خلال حياة النبي (ص) هي من تدبير الخليفتين الاولين وصاحبي رسول الله (ص) وقد التحق بهما ثلاثة آخرين فوقعوا عهدهم بمنع وصول آل بيت النبي الى الخلافة بعد وفاته؟!! مما لا شك فيه ان هكذا أمر غير قابل للنقاش بل وحتى النظر فيه لان كل دينهم مبني على تبجيل وتوقير الخلفاء قبل علي عليه السلام وأيصالهم مرتبة توازي مرتبة النبي (ص) فكيف لعقل ان يتقبل هدم هذه الرموز التي بنى عليها عقيدته طيلة حياته وحياة اسلافه ثم يحولها الى شخصيات منافقة محاربة لله ورسوله وقد ارادوا بالاسلام وبرسول الاسلام شراً ... حتما ان ذلك غير مقبول ولا يمكن السماح به!!.
(ذكر كتاب سُليم حادثة العقبة التي حاول فيها المنافقون من كبار صحابة النبي (ص) قتله قبل اشهر قليلة من استشهاده بالسم كما يؤكد ذلك الشيعة - لان عامة المسلمين يقولون انه مات محموما وليس مسموماً رغم ان بعضهم ذكر أنه مات بآثار السم الذي سقته احدى اليهوديات بعد فتحه حصونهم وبقصة طويلة وبقي هذا السم طيلة تلك السنين في جسده حتى مات بعد ذلك منه!!).
هذا التطابق في محاولة تزوير الحقائق التاريخية في الديانات لن يخفي حقيقتها بغربال, وكما ذكرت قول عبدالاحد داوود "ان العقل هو الفيصل في التفريق بين الحق والباطل" فإن المتتبع لتاريخ الاسلام بشكل جاد وليس اعتمادا على رأي هذا الاعور او ذاك الاعمى او ذاك المتعصب سيعرف بعقله اين الحق ومن هم اصحابه.
هذه النبذه المختصرة عن موضوع كُتِبَتْ عنه مؤلفات ضخمة ليس مجالا لمناقشة فقرة صغيرة فيه من موج هائل من كتب التاريخ والفقه والسيرة المتضاربة فيما بينها وليست مكانا لمناقشة هذا الاختلاف او ذاك ولكنها مجال لاطلاق العنان للعقول التي تحب ان تبحث عن الحقيقة أين, وستجد حتما اساسا صلبا تقف عليه اذا كانت فعلا حرة وتبحث عن الحقيقة من بين تلك الاكداس من القصص.