المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا يلتجأ الفقيه الأعلم إلى الاحتياطات الوجوبية؟


أبو محمد الخزاعي
19-05-2013, 02:03 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العاليمن والصلاة والسلام على خير خلقه واشرف بريته أبى القاسم محمد وعلى اهل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين ولعنة الله على أعدائهم اجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين


الموضوع الذي نريد طرحه بين ييدي الاخوة الأفاضل من طلبة العلوم الدينية هو حول اسباب الاحتياطات الوجوبية للفقيه

فكما هو معلوم أنّ الفقهاء ولا سيّما فقهاء العصر(رحم الله الماضين منهم وحفظ الباقين) يكثرون من الاحتياطات الوجوبية في رسائلهم العمليّة، ومن ثم يرتّبون على ذلك أنّ المكلّف مخيّر بين العمل بالاحتياط أو الرجوع إلى فقيه آخر الأعلم فالأعلم.

قال الفقيه البارع السيّد محمّد كاظم اليزدي(قدس سرّه) في كتابه العروة الوثقى في مسألة 63:

((في احتياطات الأعلم إذا لم يكن له فتوى يتخيّر المقلد بين العمل بها، وبين الرجوع الى غيره الأعلم فالأعلم)).

من هنا يطرح السؤال التالي:

لماذا يلتجأ الفقيه إلى طريق الاحتياط الوجوبي؟

ألا يستلزم ذلك الجهل في تلك المسائل وبالتالي يتنافى مع كونه مجتهداً مطلقاً أو على الأقل يتنافى مع كونه الأعلم بين المجتهدين؟؟!!


ننتظر تعليق الأخوة الفضلاء !

زرارة
20-05-2013, 02:48 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعتذر على التطفل كون السؤال موجه للأخوة الفضلاء - ولست منهم - ولكن أطرح بعض الإحتملات والإيرادات

1- بعض الإحتياطات تكون أشبه بالصورية والمقصود بها الاحتياطات التي ليست ناشئة من تردد الفقيه في المسألة حيث أنه اختار رأياً إلا أنه يمتنع عن الإفتاء به لكونه خلاف رأي المشهور مثلاً

2- بعض الاحتياطات تكون واقعية ولكن ليست ناتجة عن جهل وذلك كالاحتياط بعد مراجعة جملة من المدراك وعدم استكمال البحث

اذا اتضح هذا أقول بأن القول بأن الاحتياط ملازم للجهل هو أول الكلام ، فقد يكون الفقيه محتاطاً لأحد السببين المتقدمين ومع التنزل والقول بجهله في هذه الموارد ، والتنزل بعدم كونه مجتهداً مطلقاً فقطعاً هو مجتهد متجزئ ولو في الموارد التي أفتى بها ، فالفقهاء يفتون بلزوم تقليد الاعلم وان كان متجزئأً في الموارد التي يكون هو أعلم فيها من غيره فلا يتنافى جهله مع ذلك مع التنزل والقول به لما بيناه ، وان كان القول بجهله واستلزامه لنقض اجتهاده واعلميته مشكلاً بل ممنوعاً ، وخصوصاً اذا ذهبنا إلى القول بان الاجتهاد ملكة لا تتجزأ ولا وجود للمجتهد المطلق الا اصطلاحاً وغيرها من الاحتمالات والنقاشات التي يمكن طرحها لولا ضيق الوقت والله العالم

أبو محمد الخزاعي
22-05-2013, 09:52 AM
وعليكم السلام أخي الفاضل وحيّاكم الله
وشكراً لكم على هذه الإجابة العلمية الدقيقة
ولكن اسمح لي ببعض التعليقات المتواضعة على ما تفضلتم به من باب تعميق البحث:


1- بعض الإحتياطات تكون أشبه بالصورية والمقصود بها الاحتياطات التي ليست ناشئة من تردد الفقيه في المسألة حيث أنه اختار رأياً إلا أنه يمتنع عن الإفتاء به لكونه خلاف رأي المشهور مثلاً


وهنا قد يقال:

1- إذا كانت بعض الاحتياطات الوجوبية المذكورة في الرسائل العمليّة صورية وغير حقيقية، فكيف يكون المقلّد في مثل هذه الاحتياطات مخيّراً بين العمل بالاحتياط وبين الرجوع إلى مجتهد آخر الأعلم فالأعلم؟!

فالمفروض أنّ المقلّد يكون ملزماً بها على نحو التعيين لا التخيير بينها وبين الرجوع إلى غيره الأعلم فالاعلم.

2- يفهم من كلامكم هذا أن الفقيه ومن له رسالة عمليّة لا يحصل له تردّد بحكم أي مسألة مطلقاً؟

فهل تقصدون من ذلك عدم حصول التردّد في الحكم الشرعي مطلقاً؟

إن كنتم تقصدون ذلك فكيف يعقل مع أنّ المجتهد في كثير من الموارد الفقهية يلتجأ إلى قاعدة الاشتغال وهي عبارة عن قاعدة عقلية وليست شرعية، والفقيه لا يتمسّك بها إلا بعد التردّد والحيرة في الوصول إلى الحكم الشرعي.

2- بعض الاحتياطات تكون واقعية ولكن ليست ناتجة عن جهل وذلك كالاحتياط بعد مراجعة جملة من المدراك وعدم استكمال البحث

أقول قد يلاحظ على كلامكم هذا

أن محلّ الكلام هو الاحيتاطات الوجوبية في الرسائل العملية، وفيها لا يتوقع من الفقيه ومرجع التقليد أن يذكر مسألة للمقلّد من غير أن يستكمل البحث فيها.

ثم أنّه يفهم من كلامكم أن احتياطات الأعلم تنشأ من أمرين لا ثالث لهما الأوّل عدم الفحص الكامل والثاني في عدم إظهار الفتوى بعد فحصه وعلمه بالحكم

وهنا نسأل بأي دليل تقولون أنّ الاحتياطات الوجوبيّة منحصرة بهذين الأمرين؟؟؟

زرارة
22-05-2013, 03:54 PM
السلام عليكم ورحمة الله أخي الفاضل أبو محمد

لست هنا في صدد النقاش مع جنابكم الكريم لقصوري عن استيعاب كلامكم وكلام غيركم من العلماء ولكن هي خواطر واحتمالات


قلتم :

وهنا قد يقال:
1- إذا كانت بعض الاحتياطات الوجوبية المذكورة في الرسائل العمليّة صورية وغير حقيقية، فكيف يكون المقلّد في مثل هذه الاحتياطات مخيّراً بين العمل بالاحتياط وبين الرجوع إلى مجتهد آخر الأعلم فالأعلم؟!
فالمفروض أنّ المقلّد يكون ملزماً بها على نحو التعيين لا التخيير بينها وبين الرجوع إلى غيره الأعلم فالأعلم.


وأقول : لا تلازم بين كونها صورية وبين التخيير المذكور وتقرير ذلك بأنه لما كان الإفتاء غير واجب على الفقيه في كل مسألة وإن كان أصل الإجتهاد واجب كفائي فلا يجب على الفقيه الإفتاء فلو لم يفتِ في المسألة أو احتاط صورياً مع عدم علم المكلف بفتواه في المسألة تخيّر المكلف بين الاحتياط والرجوع للغير ، نعم لو علم بفتواه وجب عليه العمل بها



2- يفهم من كلامكم هذا أن الفقيه ومن له رسالة عمليّة لا يحصل له تردّد بحكم أي مسألة مطلقاً؟
فهل تقصدون من ذلك عدم حصول التردّد في الحكم الشرعي مطلقاً؟
إن كنتم تقصدون ذلك فكيف يعقل مع أنّ المجتهد في كثير من الموارد الفقهية يلتجأ إلى قاعدة الاشتغال وهي عبارة عن قاعدة عقلية وليست شرعية، والفقيه لا يتمسّك بها إلا بعد التردّد والحيرة في الوصول إلى الحكم الشرعي.

أقول : لم أدعِ ذلك بل قلت أن بعض الاحتياطات ولم أقل كل الاحتياطات وعقبت على هذه النقطة بأنه لو سلمنا بأن جميع الإحتياطات المذكورة في رسالة الأعلم ناشئة من تردد فلا يخدش ذلك في اجتهاده المطلق فضلاً عن أعلميته على الموجودين كما بينت أعلاه من أن الأعلم هو الأقدر على الإستنباط من المدارك المقررة ولا ينافيه عدم الإستنباط في بعض المسائل ، وكذلك بالنسبة للمجتهد المطلق فهو القادر على استنباط الاحكام في جميع الابواب في الجملة وعليه لو كان المقصود في جميع الابواب والمسائل لم نجد فقيهاً مطلقاً إلا بعدد الأصابع ، ناهيك عن تفسير الاجتهاد بالملكة التي لا تتجزأ فلا يرد الإشكال أصلاً




أقول قد يلاحظ على كلامكم هذا

أن محلّ الكلام هو الاحيتاطات الوجوبية في الرسائل العملية، وفيها لا يتوقع من الفقيه ومرجع التقليد أن يذكر مسألة للمقلّد من غير أن يستكمل البحث فيها.

أقول : بأن أغلب الرسائل الفقهية هي تعليقة على رسائل سابقة فلا يمنع أن يعلق على الرسالة بالاحتياط من دون أن يستكمل البحث أو يصل إلى نتيجة ، ولو قلت بأن الاشكال يستهدف أصحاب الرسائل الأصلية ، أقول : قد تكون المسائل ابتلائية ويكثر السؤال عنها فلذلك أدرجت .


ثم أنّه يفهم من كلامكم أن احتياطات الأعلم تنشأ من أمرين لا ثالث لهما الأوّل عدم الفحص الكامل والثاني في عدم إظهار الفتوى بعد فحصه وعلمه بالحكم

وهنا نسأل بأي دليل تقولون أنّ الاحتياطات الوجوبيّة منحصرة بهذين الأمرين؟؟؟



لم نقل بهذا ، بل هذه احد أسباب الاحتياطات منها التردد في الحكم وعدم الوصول لنتيجة ومنها ما اذا وصل لنتيجة ولزيادة شكها او خطورة المسألة احتاط وغيرها

أبواسد البغدادي
23-05-2013, 03:40 PM
السلام عليكم

الاخ صاحب الموضوع يريد ان يستفسر عن سبب ورود الاحتياط الوجوبي من الفقيه في رسالته ؟

ام يريد ان يثبت شيئ اخر ( كوجود الاعلم ... اعلم الاحياء والاموات دون منازع )!

مولى أبي تراب
25-05-2013, 11:17 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً
السيد اليزدي قدس سره وإن أطلق الحكم بالتخيير في جميع احتياطات الأعلم ، الا أن كثيراً من المحققين على تقييد
هذا التخيير بما إذا كان الاحتياط في الشبهة قبل الفحص ونحوه ، دونما إذا كان ناشئاً بعد الفحص كما إذا لم يجد
الأعلم ما يصلح أن يكون مدركاً للحكم في المسألة بحيث يرى خطأ من أفتى فيها ، وبعبارة أخرى التخيير يختص
بالاحتياط في الفتوى دون الفتوى بالاحتياط
وعلى أي حال فجهل الأعلم بالحكم الواقعي غير ضائر ، إذ لا يشترط في وجوب الرجوع اليه أن يكون عالماً بالحكم
الواقعي ، بل يكفي أن يكون له حكم ظاهري في المسألة وهو متحقق بالاحتياط الوجوبي .
وبعبارة أخرى المهم هو تشخيص الأعلم ، فإذا كان الأعلم يرى انسداد الطريق الى الحكم الواقعي وانعدام ما يصلح
أن يكون دليلاً عليه في هذه المسألة أو تلك قُدّم تشخيصه على تشخيص غيره - بناء على وجوب تقليد الأعلم -
وإن كان لازم تشخيصه الجهل بالحكم الواقعي ، وذلك لخطأ دعوى غيره العلم به بحسب نظره .
وفقكم الله تعالى

أبو محمد الخزاعي
07-06-2013, 02:18 PM
وعليكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي العزيز الفاضل زرارة

ومرة اُخرى اشكركم على أجوبتكم السديدة والقيّمة

وأيضاً من باب تعميق هذه المسألة نورد بعض التعليقات المتواضعة جداً على ما تفضلتم به في المشاركة السابقة:

قلتم

((لا تلازم بين كونها صورية وبين التخيير المذكور وتقرير ذلك بأنه لما كان الإفتاء غير واجب على الفقيه في كل مسألة وإن كان أصل الإجتهاد واجب كفائي فلا يجب على الفقيه الإفتاء فلو لم يفتِ في المسألة أو احتاط صورياً مع عدم علم المكلف بفتواه في المسألة تخيّر المكلف بين الاحتياط والرجوع للغير ، نعم لو علم بفتواه وجب عليه العمل بها))

أقول

إنّ الإفتاء وإن لم يكن واجباً على الفقيه في كل مسألة لكن الاحتياط الصوري في بعض حالاته هو عبارة عن صياغة للرأي في صورة الاحتياط، فمثلاً لو كانت الفقيه يرى حرمة حلق اللحية ولكنّه لم يرغب في إبراز هذا الحكم بصيغة الفتوى بل أراد أن يبرزه بصيغة الاحتياط من باب التسهيل على المقلّد مثلاً حتّى يمكنه الرجوع إلى غيره القائل بالجواز، فهنا يقال إنّ الاحتياط صوري في مثل هذه الحالة، وحينئذٍ نقول كيف يكون المقلّد مخيّراً بين العمل بهذا الاحتياط أو الرجوع إلى الغير مع أنّ هذا الاحتياط هو عين رأي الفقيه الأعلم، والاختلاف هو في الصياغة والصورة فقط دون المضمون؟!

قلتم:

((أن الأعلم هو الأقدر على الإستنباط من المدارك المقررة ولا ينافيه عدم الإستنباط في بعض المسائل ، وكذلك بالنسبة للمجتهد المطلق فهو القادر على استنباط الاحكام في جميع الابواب في الجملة وعليه لو كان المقصود في جميع الابواب والمسائل لم نجد فقيهاً مطلقاً إلا بعدد الأصابع ))

أقول
لو كان المراد من الاجتهاد المطلق هو القدرة على استنباط الاحكام في جميع الابواب في الجملة وليس القدرة
على الاستنباط في جميع الابواب والمسائل فلن يكون هناك فرقاً بين المجتهد المتجزي والمجتهد المطلق، فالمتجزي أيضاً يمكن أن يكون قادراً على الاستنباط في جميع أبواب الفقه لكن لا على نحو الإطلاق بل في الجملة.

مضافاً إلى أن الوارد في كلمات الاعلام هو أن الاجتهاد المطلق هو القدرة على استنباط جميع الأحكام والتجزّي هو القدرة على استنباط بعض الأحكام ولو في جميع الأبواب، فلم يفرقوا بينهما على أساس القدرة على الاستنباط في جميع الأبواب أو بعض الأبواب.

قلتم:

((بأن أغلب الرسائل الفقهية هي تعليقة على رسائل سابقة فلا يمنع أن يعلق على الرسالة بالاحتياط من دون أن يستكمل البحث أو يصل إلى نتيجة ))

أقول

يفهم من بعض أصحاب الرسائل كالمرجع الكبير السيد أبو القاسم الخوئي (رضوان الله تعالى عليه) هو التعليقات المذكورة كانت عن فحص كامل

قال رحمه الله في مقدمة منهاج الصالحين:

(فقد طلب مني جماعة من أهل الفضل وغيرهم من المؤمنين أن أعلق عليها ، وأبين موارد اختلاف النظر فيها فأجبتهم إلى ذلك ))
فلو لم يكن التعليق مع الفحص الكامل للمسألة كيف يمكن بيان موارد اختلاف النظر؟!

واعتقد أن جميع تعليقات الذين علقّوا على العروة والمنهاج وغيرها من الرسائل العملية كان الغرض منها هو بيان الاختلاف في وجهات النظر وهو لا يحصل إلاّ عن فحص كامل.

أبو محمد الخزاعي
07-06-2013, 02:26 PM
السلام عليكم

الاخ صاحب الموضوع يريد ان يستفسر عن سبب ورود الاحتياط الوجوبي من الفقيه في رسالته ؟

ام يريد ان يثبت شيئ اخر ( كوجود الاعلم ... اعلم الاحياء والاموات دون منازع )!

وعليكم السلام ورحمة الله أخي العزيز البغدادي
سؤالي لم يكن عن الأمرين المذكورين بل كان عن أمر آخر وهو أن لجوء الفقيه إلى الاحتياط الوجوبي إلا ينافي الاجتهاد المطلق أو على الأقل الأعلمية؟
وشكراً لكم

أبو محمد الخزاعي
07-06-2013, 02:33 PM
اخي الفاضل مولى أبي تراب حيّاك الله تعالى

كلامكم دقيق جداً وسأعود للتعليق عليه قريباً إن شاء الله تعالى

أبو محمد الخزاعي
08-06-2013, 07:17 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً
السيد اليزدي قدس سره وإن أطلق الحكم بالتخيير في جميع احتياطات الأعلم ، الا أن كثيراً من المحققين على تقييد
هذا التخيير بما إذا كان الاحتياط في الشبهة قبل الفحص ونحوه ، دونما إذا كان ناشئاً بعد الفحص كما إذا لم يجد
الأعلم ما يصلح أن يكون مدركاً للحكم في المسألة بحيث يرى خطأ من أفتى فيها ، وبعبارة أخرى التخيير يختص
بالاحتياط في الفتوى دون الفتوى بالاحتياط
وعلى أي حال فجهل الأعلم بالحكم الواقعي غير ضائر ، إذ لا يشترط في وجوب الرجوع اليه أن يكون عالماً بالحكم
الواقعي ، بل يكفي أن يكون له حكم ظاهري في المسألة وهو متحقق بالاحتياط الوجوبي .
وبعبارة أخرى المهم هو تشخيص الأعلم ، فإذا كان الأعلم يرى انسداد الطريق الى الحكم الواقعي وانعدام ما يصلح
أن يكون دليلاً عليه في هذه المسألة أو تلك قُدّم تشخيصه على تشخيص غيره - بناء على وجوب تقليد الأعلم -
وإن كان لازم تشخيصه الجهل بالحكم الواقعي ، وذلك لخطأ دعوى غيره العلم به بحسب نظره .
وفقكم الله تعالى



نقول أخي الحبيب مولى أبي تراب في التعليق على ذلك

كلامكم مهم في نفسه ويحتاج إلى بحث في الدليل الذي يمكن أن يُستدلّ به على هذا التقييد، فقد يكون الحقّ مع السيّد اليزدي(رحمه الله) ومن تبعه من الأعلام وقد يكون الحقّ مع الآخرين الذي قيّدوا كلامه في العروة، لكن ليس الكلام بالفعل حول هذا القيد وهل هو صحيح أم لا، بل الكلام في الاحتياطات الوجوبيّة الواردة في الرسائل العملية ولو كانت على نحو الاحتياطات في الفتوى فهل تنافي الاجتهاد المطلق، أم لا تنافيه؟

فلو سلمّنا أن الفتوى بالاحتياط لا تنافي الاجتهاد المطلق ، لكن ألا يستلزم لاحتياط في الفتوى بنظركم الجهل بالحكم سواء كان واقعياً أم ظاهرياً، وبالتالي يستلزم ذلك منافاة الاجتهاد المطلق؟

وننتظر تعليقاتكم القيّمة حول هذه النقطة بالذات

وربّما سنشير في خاتمة هذا الموضوع إلى ما تفضلتم به والبحث في الأدلّة التي يستند إليها من يقيّد كلام السيد اليزدي بخصوص الاحتياط في الفتوى وبنحو العجالة نقول إنّ دعوى التقييد غير واضحة؛ إذ قد يقال: إن ما يسمّى بـ(الفتوى بالاحتياط) هو عبارة عن استناد الفقيه إلى قاعدة عقلية وهي قاعدة الاشتغال فليس هو بحكم ظاهري حتّى يندرج تحت عنوان الفتوى ولو كان ينتهي إلى تخطئة الغير بل هو نحو من الانسداد ولو في بعض المسائل.

وشكراً لكم

مولى أبي تراب
16-06-2013, 09:57 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبارك الله بكم
نعم كما ذكرتم قد يكون الحق مع السيد اليزدي رحمه الله ، لكن لم أكن بصدد ترجيح الرأي الآخر ، وإنما عنيت أن هذا الخلاف لا بد أن يؤخذ بنظر الاعتبار وهو دخيل في
محل البحث ، لأن الإشكال الذي طرحتموه يتجه بناء على مختار السيد اليزدي فقط ، أما بناء على الرأي الآخر فقد لا يكون الإشكال وارداً لأن نفس الاحتياط بعد الفحص
هو فتوى غايته أنه فتوى بالاحتياط ، وبالتالي لا يقال أن الاحتياط ينافي الاجتهاد المطلق لأن الاحتياط بنفسه اجتهاد حينئذٍ . وبناء عليه فإن الكلام في المقام وإن لم يكن
في التقييد فعلاً وفي حد نفسه ، الا أن الكلام في التقييد له دخالة في محل الكلام
وعلى أي حال فقد يقال في مقام الجواب أن الجهل في مسألة لا ينافي الاجتهاد المطلق ، وذلك لأحد أمرين :
الأول / ليس المراد من الاجتهاد المطلق القدرة على الاستنباط في كل مسألة حتى يكون الركون الى الاحتياط في بعض المسائل منافياً له بل هو القدرة على الاستنباط في
جميع أبواب الفقه ولو مع تخلفه أو تعذره في مسألة أو أكثر من هذا الباب أو ذاك ، وربما يوحي بذلك أخذهم لفظ (الأبواب) في تعريف الاجتهاد المطلق فقالوا ( المجتهد
المطلق : هو الذي يتمكن من الاستنباط في جميع أبواب الفقه ) ولم يقولوا في جميع المسائل . وإن كانت بعض العبارات صريحة في أن الاجتهاد المطلق هو القدرة على
الاستنباط في جميع الأحكام ، لكن قد يقال أن مقصودهم ليس التعميم لجميع المسائل بل نظرهم الى غالب المسائل أو يكون المقصود هو المقابلة مع المتجزئ الذي يقدر
على الاستنباط في بعض المسائل ، وربما يؤيد أن مرادهم ليس المدلول المطابقي للتعريف أنك لا تجد مجتهداً يستنبط في جميع الأحكام بلا احتياط فيلزم انعدام المجتهد
المطلق على هذا التعريف مع تسليمهم بتحققه فعُلم أن مرادهم غالب الأحكام لا جميعها ، بل ذهب صاحب الفصول الى تعذر المجتهد المطلق القادر على الاستنباط في
جميع الأحكام وعرّفه بقوله ( فالمجتهد المطلق من كان له ملكة تحصيل الظن بجملة يعتد بها من الاحكام عن أدلتها التفصيلية على وجه يعتبر عرفا ولا يقدح قصور نظره
عن تحصيل الظن بالبعض إن كان قصور عارف كما هو المتصور عادة في حق من له الملكة المذكورة ) وقال ( وإنما لم نعتبر ملكة تحصيل الظن بالكل مما عدا قطعياته
لتعذره عادة فإن الأدلة قد تتعارض ولتردد كثير من المجتهدين في جملة من الاحكام كالمحقق والعلامة والشهيدين وأضرابهم مع أن أحدا لم يقدح بذلك في اجتهادهم فإن
ترددهم إنما هو في مقام الاجتهاد وإلا فلا تردد في مقام الحكم ) {الفصول الغروية ص393} ، ورأيه هذا قد يكون وجيهاً بلحاظ ما ذكرناه وهو أن المقصود بجميع المسائل
المأخوذ قيداً في تعريف المجتهد المطلق هو غالبها وجملة معتد بها منها في مقابل المتجزئ الذي له القدرة على الاستنباط في بعضها . والى ذلك أشار الفيروزآبادي في
عناية الأصول تعليقاً على عبارة الآخوند ( والتجزي هو ما يقتدر به على استنباط بعض الأحكام ) قال ( لازم هذه العبارة أن يكون الاجتهاد المطلق هو عبارة عما يقتدر به
على استنباط جميع الأحكام ولا يعتبر ذلك قطعاً بل المعتبر في الاجتهاد المطلق كما أشرنا آنفاً هو ما يقتدر به على استنباط نوع الأحكام وإن لم يقتدر به على استنباط
جميع الأحكام لغموضة بعضها كما يتفق ذلك لكثير من الاعلام من دون أن يكون مضراً بصدق اجتهادهم المطلق ) عناية الأصول ج 6 ص 168 .
الثاني / لو تنزلنا عن ذلك وقبلنا أن الاجتهاد المطلق هو القدرة على الاستنباط في كل مسألة ، لكن يقال أنه القدرة على الاستنباط في كل مسألة يمكن الاستنباط فيها
بتوفر وسائل الاستنباط وأدواته لا مطلقاً ، ولا يلزم من عدم القدرة على الاستنباط في مسألة لانعدام أدواته عدمُ الاجتهاد المطلق إذ المقتضي للاجتهاد والاستنباط في هذه
المسألة موجود وهو اشتمال الفقيه على الملكة أو إفراغ الوسع في تحصيل الحكم في تلك المسألة الا أن المانع غير مفقود وهو عدم وجدان الدليل في المسألة ، فإنه لا بد
من التفريق بين عدم استنباط الفقيه وسلوكه طريق الاحتياط في مسألة ما لقصور في قدرته على الاستنباط وبين أن يكون ذلك لفقدان الدليل - ولو بحسب نظره - مع
قدرته على الاستنباط على تقدير وجدانه ، وإنما ينافي الاحتياطُ الاجتهادَ المطلق على الأول دون الثاني .
هذا ما بدا لي في هذه العجالة ، وفقكم الله تعالى

أبو محمد الخزاعي
07-07-2013, 11:43 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الفاضل مولى أبي تراب
ونبارك لكم هذه الروح العلمية والنقاش العلمي الرائع ونسأل الله لنا لكم المزيد من التوفيق
لقد كان اجوبتكم في غاية في الاتقان والدقة ولكن من باب تعميق الموضوع نذكر بعض التعليقات ولو كانت متواضعة:

قلتم:

((ليس المراد من الاجتهاد المطلق القدرة على الاستنباط في كل مسألة حتى يكون الركون الى الاحتياط في بعض المسائل منافياً له بل هو القدرة على الاستنباط في جميع أبواب الفقه ولو مع تخلفه أو تعذره في مسألة أو أكثر من هذا الباب أو ذاك ، وربما يوحي بذلك أخذهم لفظ (الأبواب) في تعريف الاجتهاد المطلق فقالوا ( المجتهد المطلق : هو الذي يتمكن من الاستنباط في جميع أبواب الفقه ) ولم يقولوا في جميع المسائل . وإن كانت بعض العبارات صريحة في أن الاجتهاد المطلق هو القدرة على الاستنباط في جميع الأحكام ، لكن قد يقال أن مقصودهم ليس التعميم لجميع المسائل بل نظرهم الى غالب المسائل أو يكون المقصود هو المقابلة مع المتجزئ الذي يقدر على الاستنباط في بعض المسائل ، وربما يؤيد أن مرادهم ليس المدلول المطابقي للتعريف أنك لا تجد مجتهداً يستنبط في جميع الأحكام بلا احتياط فيلزم انعدام المجتهد المطلق على هذا التعريف مع تسليمهم بتحققه فعُلم أن مرادهم غالب الأحكام لا جميعها ))

أقول

كان السؤال المطروح أن الاحتياط الوجوبي ألا ينافي الاجتهاد المطلق؟

وطبعاً كنا نقصد من الاجتهاد المطلق هو ما يمكن استظهاره من كلام صاحب الكفاية وغيره من انّه القدرة على استنباط في جميع الأحكام الشرعية، وعليه فالاجتهاد المطلق بالمعنى الذي ذكره صاحب الفصول أو الفيروزآبادي يخرج عن موضوع السؤال
فأرى أنّ جوابكم الأوّل كان موافقاً تماماً للإشكال وهو ان الاحتياط الوجوبي يستلزم أن لا يكون الفقيه عالماً بجميع الاحكام أو قل إن الاحتتياطات الوجوبية ينافي الاجتهاد المطلق بالمعنى المقصود في السؤال .

فلم يكن كلامنا منصباً على الاصطلاح بما هو اصطلاح بل على معنى معيّن مقصود منه وهو (القدرة على استنباط جميع الأحكام الشرعية)

مع ذلك فكلام جناب الفاضل العزيز مولى أبي تراب(حفظه الله تعالى) مهم جداً ويثير في الذهن سؤالين :

1- هل أن القدرة على استنباط جميع الأحكام من الأمور المستحيلة؟ أو هو من الأمور المتعسرة؟ أو من الامور الممكنة والواقعة؟

2- ماذا يقصد العلماء من الاجتهاد المطلق هل ما ذكره صاحب الفصول أم ما ذكره الفيروزآبادي أم ما يستظهر من صاحب الكفاية؟

بعبارة اُخرى هل يوجد نزاع بين العلماء في تحديد مصطلح الاجتهاد المطلق؟

ولابأس أن نخوض مع الاخوة الأفاضل في هذه الأمرين في مشاركات آتية إن شاء الله تعالى

ثم قلتم(حفظكم الله تعالى)
(( لا بد من التفريق بين عدم استنباط الفقيه وسلوكه طريق الاحتياط في مسألة ما لقصور في قدرته على الاستنباط وبين أن يكون ذلك لفقدان الدليل - ولو بحسب نظره - مع قدرته على الاستنباط على تقدير وجدانه ، وإنما ينافي الاحتياطُ الاجتهادَ المطلق على الأول دون الثاني)) .

نقول

1- فقدان الدليل يقتضي الرجوع إلى الاصول العملية وعليه فالفقيه يمكن أن يفتي بالبراءة ، أو يفتي بوجوب الاحتياط بحسب ما تقتضيه تلك الأصول، فلماذ يلجأ إلى الاحتياط بالفتوى؟!

2- جوابكم الثاني مبني على فرض أن الاجتهاد المطلق هو عبارة عن القدرة على استنباط جميع الأحكام لكن مجرد فرض هذا المعنى لا يستلزم إمكانه فضلاً عن تحقّقه في الخارج .

وشكراً لكم

صفاء العامري
21-07-2013, 07:57 PM
احسنت ابو محمد