المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحلقة الاولى : قل هذه سبيلي ادعوا الى الله


عبدالله الجزائري
21-05-2013, 06:42 PM
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على النبي المبعوث رحمة للخلق أجمعين، وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة على أعداءهم أجمعين إلى يوم الدين.
أما بعد،،،
فإن الاختلاف سنة كونية، منحت الحياة ألواناً مختلفة من نتائج الأفكار، وأنماطاً متعددة من آثار السلوك والأفعال، وجعلت التعدد والتباين بين الناس في رؤاهم ونظرتهم للأشياء أصلاً من الأصول التي بني عليها فكر الأمة الممتاز بالتنوع، وانطلاقاً من هذه الحقيقة؛ كان لابد من همزة وصل تشكل ملتقى بين الفرقاء والمتخالفين، لتحقيق ورسم رؤية مشتركة تصب في بناء الحياة، وتسهم في تشكيل صورة الإنسانية على أحسن وجه.
ولما كان من الصعب بلورة هذه الرؤية دون التقاء بين أطرافها، كان لا بد من الدعوة إلى ملتقى أو منتدى مفتوح يتطرق لكافة قضايا وجوانب الخلاف الذي قد يظهر بين الأطراف، وبما أنه من المتوقع والمرتقب ظهور خلاف في الرأي بين أي طرفين –ولا يعني ذلك ضرورة ملك الحق والصواب لأحدهم دون الآخر- كان لا بد من وسيلة وآلية تضبط اللقاء في ذلك الملتقى، بغرض الوصول إلى الحق من جهة، وإقامته على ساق من الحياد والموضوعية العلمية من جهة أخرى، ووصولاً إلى حل النزاع بين الفرقاء، وإحقاقاً لوجهة واحدة في المسائل التي لا يحتمل مثلها خلافاً.
من أجل ذلك كان الحوار، وكانت مناهجه وضوابطه، لتعطي الخلاف بين الفرقاء بُعداً إنسانياً، ولكي يوضع أيضاً في إطاره الطبيعي حتى لا يتحول فيما بعد إلى أداة دمار وبغضاء وكراهية.
والحوار المفتوح البناء يذيب الخلافات، ويذهب بأسبابها، ويستأصل بوادرها وسلبياتها من شأفتها، وفي المقابل فهو يزيد أيضاً من إيجابيات اللقاء بين المتخالفين، ويجعل الاختلاف الذي هو سنة كونية رحمةً من الله للطائفة للأمة وتوسعة عليها.

عبدالله الجزائري
21-05-2013, 06:53 PM
منهج الحوار
قد نرى بعض الفرقاء كلما أرادوا ائتلافاً تفرقوا، وحيثما جلسوا لتسوية
خلاف تشتتوا وتنازعوا، ولا يرجع ذلك إلى نوعية الأخلاق القائمة على الرفض والنبذ لهذا الفريق أو ذاك فقط، وإنما يرجع قبل ذلك وبعده إلى عدم الإدراك لحقيقة علم الحوار وفن المحاورة.
الأمر الذي يجعل المتقاربين في الأهداف والأفكار في خلافٍ دائم، ونزاع مستمر، وفُرقة مقيتة.
ولكي لا نسقط في فتنة الفُرقة؛ لابد أن نرتفع بحواراتنا إلى مستوى تصبح فيه الحوارات علماً نتلقاه، وفناً نتدرب على أساليبه ونمارسه للوصول إلى أهدافنا النافعة، بعيداً عن الارتجال والتسرع وشخصنه العمل العلمي.
ولكي يتسنى لنا ذلك، لابد من الوقوف على قواعد منهج الحوار الصحيحة، التي تُحكِم أطراف الحوار وتضبطه، وتبين أساليبه التي تخدمه، وتتعرف على عوائقه التي توقفه، حتى يكون كلامنا باعتدال، وجدالنا بمنطق، وحوارنا باتزان.
وهاكم طائفة من تلك القواعد: الحلقة الثالثة يتبع

عبدالله الجزائري
21-05-2013, 07:04 PM
الإقرار بالحرية الفكرية لدى المتحاورين، أو بمعنى آخر: امتلاك الحرية الفكرية:
لابد لكل حوار أن يمتلك أطرافه الحرية الفكرية، فمن غير المقبول ألبتة أن يقيد فكر المحاور، فهذا فضلاً عن كونه مصادرة لرأي ارتآه صاحبه، فهو أيضا مانع من الوصول إلى الحق.
أما مصادرة رأي المخالف بحجة الخطأ، فهذا تجن على فكرة الحوار، ونقض لها من أساسها، إذ أن منتديات الحوار أماكن يتجلى فيها الخطأ من الصواب، والحكم على الخصم بالخطأ قبل بيان تمام مراده تحكم، وهو عندئذ أشبه بمحاكمة ليس فيها سماع للشاهد ولا الجاني.
وتقييد فكر المحاور سلب لأداة الحوار عنده، فهو له كالقلم والمدواة للكاتب، أو الآلة لصاحب الحرفة، في حين أن امتلاك المحاور للحرية الفكرية مولد لثقته بشخصيته العلمية المستقلة، فلا ينسحق أمام الآخر؛ لما يحس به من العظمة والقوة التي يمتلكها الآخر، فتتضاءل إزاء ذاك ثقته بنفسه وبالتالي بفكره وقابليته لأن يكون طرفاً للحوار، فيتجّمد ويتحول إلى صدى للأفكار التي يتلقاها من الآخر، الأمر الذي يفقد الحوار قيمته العلمية، ويشكك في نتائجه المتوصل إليها.

فإذا امتلك أطراف الحوار الحرية الكاملة، فأول ما يُناقش فيه هو المنهج الفكري -قبل المناقشة في جزئيات الأفكار وتفاصيلها- في محاولة لتعريف الخصم بالحقيقة المقصودة من الحوار، والتي قد غفل عنها من وجهة نظرنا؛ وبيان ذلك أن القضايا الفكرية لا ترتبط بالثقافة الشخصية للمحاور فحسب، أو الطبيعة العلمية له، وإنما هي مولدة عنده من منهج دأب على تبنيه والسير عليه، فلكلٍ مجاله، ولكل أصوله المنهجية التي ينطلق منها، ويمتد إليها.
وحصر الحوار بعد ذلك في المفردات التفصيلية ظلم وغبن، إذ أن كل فكرة متوصل إليها بدراسة منهجية، وإثبات الحق من خلال كشف الخلل في المنهجية أولى منه في تصحيح الفكر من خلال القضايا التفصيلية

عبدالله الجزائري
21-05-2013, 07:12 PM
الابتعاد عن الأجواء الانفعالية، والتزام الحوار بالحكمة والموعظة الحسنة:
من عوامل نجاح الحوار أن يتم في الأجواء الهادئة؛ ليبتعد التفكير فيها عن الأجواء الانفعالية التي تبتعد بالإنسان عن الوقوف مع نفسه وقفة تأمل وتفكير، وتقصيه عن الاعتدال الذي يقود إلى الإنصاف والإذعان، إذ إنه عند الانفعال قد يخضع للجو الاجتماعي، ويستسلم لا شعورياً للمحيط العام، الأمر الذي يفقده استقلاله الفكري.

عبدالله الجزائري
21-05-2013, 07:23 PM
التسليم بإمكانية صواب الخصم:

ولا بد لانطلاق الحوار من التسليم الجدلي بأنَّ الخصم قد يكون على حق، أما إذا كان المتحاوران يعتقد كل منهما صواب نفسه يقينا، وغلط صاحبه يقيناً أيضا، دون إمكان لأن يكون الصواب عند غيره، فهذه مقدمات لمراء منهي عنه، لا لحوار يصل بأطرافه إلى الصواب.

عبدالله الجزائري
21-05-2013, 07:28 PM
التعهد والالتزام باتباع الحق:

هذا ولا يكفي مجرد التسليم الجدلي بإمكانية صواب الخصم، بل لا بد من التعهد والالتزام باتباع الحق إن ظهر على يديه

عبدالله الجزائري
21-05-2013, 07:32 PM
التركيز على نقاط الاتفاق

إن الذي ينبغي إقراره في هذا المقام أن هناك قواسم مشتركة بين الناس على اختلاف توجهاتهم وأديانهم، وجوامع تأتلف عليها كلمة المتحاورين مهما اختلفت أطيافهم، أو تعددت منابتهم وأصولهم، وإن تلك القواسم والجوامع ينبغي أن تكون محل احترام من الجميع، أما مسائل الخلاف فهي أمر مقدر ومعتبر.
إن الذي نوده ونتمناه أن يكون منطلق الحوارات بين مختلف الفرقاء من مجامع الاتفاق، وأن يكون إليها الاحتكام عند التخالف والتناكر.

عبدالله الجزائري
21-05-2013, 07:48 PM
الانضباط بالقواعد المنطقية في مناقشة موضع الاختلاف:

فإذا تم الالتزام بهذه الأسس فإنَّ الحوار ينطلق معتمداً على قواعد العقل والمنطق والعلم والحجة والبرهان، والحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن

عبدالله الجزائري
21-05-2013, 07:54 PM
ختم الحوار بهدوء مهما كانت النتائج:

إذا سار الحوار جادّاً وفق هذا المنهج من قبل جميع الأطراف؛ فلا بد أن يصلوا جميعاً إلى ما التزموا به في بداية الحوار من الرجوع إلى الحق وتأييد الصواب، فإذا رفض المحاور الحجج العقلية كأن لم يقتنع بها؛ فإنه بذلك يمارس حقاً أصيلاً كَفِلَه له رب العزة، وسيكون مسئولاً عن ذلك أمام الله تعالى.
وفي هذه الحالة ينتهي الحوار بهدوء كما بدأ دون حاجة إلى التوتر والانفعال،

ابو سعد
21-05-2013, 11:49 PM
حياك الله اخي الفاضل
ارجو الاكثار من هذه المواضيع
لان الحوار بلا قواعد انما هو جدل عقيم

عبدالله الجزائري
22-05-2013, 12:54 AM
حياك الله وبياك اخي الفاضل ابو سعد
وزادك الله والاخوة الاعضاء جميعا بسطة في العلم والحلم والصبر

ارى انك انبريت للرد على الاخوة المتداخلين سيما الاخ رافل الاوسي العزيز الذي لديه اشكالات في الردود الواردة في الاستفتاءات فادعوك الى ضبط النفس وتحمل اخوانك مهما احتد واحتدم النقاش

ولو ان الاخ العزيز رافل قد اجمل واوجز واكتفى بايراد الاشكال دون المقدمات التي يمكن الاستغناء عنها دفعا ودرءا لاثارة النفوس وفقدان اجواء التوازن النفسي وفتح النقاش وفق منهج الحوار الذي اردناه لكان خيرا لنا جميعا وادعى الى راب الصدع ورتق الفتق واسلم عاقبة
ومن هنا اناشد الاخ رافل والاخوة جميعا باتباع هذا المنهج حتى نخوض غمار النقاش والحوار العلمي والوصول الى نتيجه نقبلها
((فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه))

العقل الحر
22-05-2013, 12:57 AM
احسنت وجزيتم خيرا
موضوع رائع .

ابو سعد
22-05-2013, 12:59 AM
حياك الله اخي الفاضل
ملاحظاتك على العين والراس
لاتحرمني من اي تنبيه او نصيحة
مع جزيل الشكر