فراس القافي
25-05-2013, 12:36 AM
إليكَ بيوتَ الشِّعْرِ فَهْيَ عِذابُ
وإنْ كانَ فيها لَوْعةٌ وعَذابُ
إذا جنَحتْ للسِّلمِ فهْيَ حمائمٌ
وإنْ جَمَحتْ للحربِ فهْيَ حِرابُ
تُزَفُّ قوافيها قرابينَ تائقٍ
إلى منْ زكَوا في النشأتَينِ وطابوا
أُزكّي بها مَنْ لَمْ تشُبْهُمْ شوائبٌ
وكُلُّ كمالٍ في الوجودِ يُشابُ
ذكرْتُ رجالاً إنْ تُعدَّدْ خصالُهمْ
تضِقْ في صحارى المشرقينِ رِحابُ
لها لحياةِ الذّلِّ بُغْضٌ وعندَها
نوالُ المنايا في الحُسَيْنِ غِلابُ
نكونُ لهُ الأعداءَ رغْمَ انتمائنا
إذا قيلَ عنْهمْ للحُسينِ صِحابُ
فهُمْ في حِمى الإيثارِ والبذْلِ والوفا
أذابوا حُدودَ المُستحيلِ .. وذابوا
لقدْ حَضَروا في خاطرِ الدَّهْرِ عندما
هَوَوْا فوق رمضا كربلاءَ وغابوا
وها هُمْ بنو العليا بخيرِ بضاعةٍ
إلى سيِّدِ الأكوانِ ( أحمدَ) آبوا
وقدْ أورثوا التأريخَ جُرْحاً ولَمْ يكُنْ
لهُ غيرَ شِبْلِ العسكريِّ عِصابُ
جُسومٌ براها اللهُ زاخرةً بما
يُغطّي عُيونَ الشّمسِ وَهْيَ سِغابُ
وتهفو لأطرافِ العوادي وللظُّبا
كأنَّ كِعابَ العادياتِ كَعابُ
يُحقَّرُ خَطْبُ المَوْتِ في أعْيُنِ الأُلى
لهُمْ في سبيلِ المُسْتعانِ طلابُ
رجالُهمُ أتقى البرايا ، نساؤهمْ
خوافِرُ لَمْ يُكْشَفْ لَهُنَّ نقابُ
وإنْ تسألَنْ عَنْهمْ تُجِبْكَ سيوفُهُمْ
أ أبلغُ مِنْ قولِ السّيوفِ جوابُ
همُ الكوثرُ السَّلسالُ ، هُمْ موْرِدُ الظّما
وكُلُّ معينٍ دونَ ذاكَ سرابُ
ذكرْتُ رزاياهمْ عشيّةَ كربلا
فللدمْعِ مِنْ قبلِ الشِّفاهِ خِطابُ
لأنَّ الذي لَمْ يدْرِ ما كابدوا فذا
لديهِ يسيراتُ الخُطوبِ صِعابُ
ومَن كانَ يدري هانَ رُزْءُ مُصابِهِ
أمامَ مُصابٍ ما سواهُ مُصابُ
يكلُّ لِساني عنه إنْ رُمْتُ وصْفَهُ
كأنَّ حضورَ المُفرداتِ غِيابُ
ويلهِمُني دمعي السَّكوبُ مواعظاً
بأنَّ نبالَ الذكرياتِ صِيابُ
ويأخذُني دمعي إلى بدْرِ هاشمٍ
فللوجْدِ ظِفْرٌ في حشايَ ونابُ
أبا الفضْلِ يا شجْوَ الحمائمِ كُلّما
خَفَقْنَ وإذْ حنَّتْ لهُنَّ هِضابُ
شِفاهُكَ لَمْ تهوَ الفُراتَ وَلَمْ تكُنْ
لها بمياهِ العلقميِّ رِغابُ
لأنَّكَ لو أومأتَ للسُّحْبِ أنْزَلَتْ
نداها ، وهلْ تعصي دُعاكَ سحابُ
لأنَّكَ تستسقي لِعِلَّةِ خَلْقِها
ولو شئتَ فاضتْ مِنْ يديكَ كِرابُ
لَقدْ عرَفَ الأعداءُ قَدْرَ نفوسِهمْ
لذا أحجموا عمّا ترومُ وخابوا
دعَوْكَ لخذلانِ الحُسيْنِ ونصرِهمْ
فكُلُّ خلاياكَ العطاشِ غِضابُ
يساومُكَ الجُهّالُ في بيعةٍ لهمْ
يسيلُ لها ممّن سواكَ لُعابُ
نفرْتَ عنِ الأعداءِ في كُلِّ خصلةٍ
فهُمْ تُربةٌ توطا وأنتَ شِهابُ
ولَمْ يتناغمْ منكما وترٌ سوى
هُنا نصلُ بتّارٍ .. هُناكَ رِقابُ
بصائرُهمْ عُمْيٌ وكفّاكَ خندقٌ
وسيفُكَ شمْسٌ والخميسُ ضبابُ
نزلْتَ براكيناً على أدعيائهمْ
فللأرضِ مِنْ سيْلِ الدماءِ خِضابُ
وأسْجَرْتَ مَرْعاهمْ يبيساً وأخضراً
وَلَمْ ينْجُ مِنْ نيرانِ كفِّكَ غابُ
فما عادَ في عينِ الليالي سوادُها
ولا عادَ في ثغرِ السّماءِ رضابُ
وما حارَ مَنْ يدريكَ في ساحةِ الوغى
ولا كانَ ما يُلحى بهِ ويُرابُ
فإنْ كرَّ للعبّاسِ ليسَ بعائدٍ
وإنْ فرَّ مهزوماً فليسَ يُعابُ
وها هو في الحالَيْنِ مِنْ هَوْلِ ما جنى
لهُ الحتفُ زادٌ والنَّجيعُ شرابُ
زئيرُكَ في الهيجاءِ رَجْعُ زلازلٍ
تُسِيْخُ المدى ، فالشّاهقاتُ خرابُ
سليلُ حُسامِ اللهِ ، دِرْعِ نبيِّهِ
إذا لَمْ يُهَبْ مِنْهُ فَمِنْ سيُهابُ
أيا نابَ ثغْرِ الموتِ في لُجَّةِ الوغى
بفيهِ الثرى مَنْ قالَ عنْكَ يُنابُ
ويا واحداً سوّاهُ للطَّفِّ واحدٌ
ليُكْمَلَ للإيثارِ مِنْهُ نِصابُ
فلولا ندى العبّاسِ حيّاً وميِّتاً
لَمَا كانَ في كَرْمِ العُتاةِ حِطاب
أُكذِّبُ كُلَّ الزّاعمينَ جهالةً
بأنَّ الأُلى لاقوا رداكَ شبابُ
فأنتَ بيُمناكَ اخْتَزَلْتَ حياتَهُمْ
فقد كهلوا يومَ الطّفوفِ وشابوا
فألبابُهمْ مِنْ بطْشِ كفّيكَ أُذْهِلَتْ
وأرْياقُهُمْ مِنْ هَوْلِ سَيْفِكَ صابُ
ضَربْتَ بكفٍّ كالبُرُوقِ ، وبعْدَها
فلا قِيْلَ عَنْ طَعْنِ الكُمَاةِ ضِرابُ
وصالوا بأسْيافٍ يحطُّ ذُبابُها
كما حطَّ فَوْقَ الموبِقاتِ ذُبابُ
وأنْعَبْتَ أشلاءَ الفوارسِ حينَ لَمْ
يطِرْ ( مِنْ بُروقِ المُرْهَفاتِ ) غُرابُ
ودَبَّ بهمْ رُعْبٌ ، جَمَاداً أحالَهمْ
وإنْ قيلَ عنهمْ ـ بالمَجازِ ـ دَوابُ
وَمَنْ لَمْ يكونوا يؤمنونَ بأوْبَةٍ
وراءَ الرَّدى صاحُوا :- الإيابُ صوابُ
فقد كُنتَ تذروهم هشيماً بصارمٍ
لهُ رَهْبةٌ عِندَ العِدى وحِسابُ
لقدْ آمنوا بالنَّشْرِ والحَشْرِ ، وانتهوا
بأنَّ مآلَ الكائناتِ تُرابُ
لأنَّهمُ ظنّوكَ داحيَ خَيْبَرٍ
وإنْ لَمْ يكُنْ يُدْحى بكفِّكَ بابُ
دَحَوْتَ بهمْ أرضَ الطُّفوفِ فأُفْعِمَتْ
بأشلاءِ قتلى الأخسرينَ شِعابُ
وعيدٌ وَوَعْدٌ عِنْدَ كفَّيْك أنْجِزا
وأُبْرِمَ عَهْدٌ للورى وكِتابُ
تُثيبُ البرايا راحتاكَ ، وفيهما
لِمَنْ شذَّ عنْ دَرْبِ الحُسيْنِ عِقابُ
لِتصطادَ مَنْ تختارُ لا مَنْ تطولُهُ
كما اختارَ ما ينوي يصيدُ عُقابُ
ترى ما يراهُ اللهُ أمراً مُحتَّماً
فما فيكَ مِنْ أعتى الخطوبِ عجابُ
لأنَّكَ قدْ أُلْقِنْتَ مِنْ خِيرةِ الورى
مكارمَ لا يُملا لهُنَّ إهابُ
نزلْتَ إلى صدْرِ الشّريعةِ مُفْجِعاً
منازلَكَ الثكلى .. وليسَ إيابُ
فبينكَ يا دمعَ الغمائمِ لَمْ يكُنْ
وبينَ مياهِ العلقميِّ حِجابُ
فصار المدى نهراً وزنداً وقربةً
وحولكَ قَوْسٌ ضارعٌ ونِشابُ
أبا الفضْلِ لَمْ تسكنْ دموعُ سَكينةٍ
وهلْ ظلَّ للدَّمْعِ الوَقورِ لُبابُ
لقدْ جفَّ مثلَ الرّمْلِ خافقُ رمْلةٍ
عليكَ وذي عينُ الرَّبابِ ربابُ
وذابَ حشا الأهلينَ مِنْ شِدَّةِ الظَّما
وبُلَّتْ مِنَ الدَّمْعِ السَّخينِ ثيابُ
أيا قِرْبةَ العبّاسِ .. يا وجْدَ زينبٍ
ويا عَبْرةَ النُسّاكِ حينَ أنابوا
نثرْتِ المدى عِطْراً فيالكِ قرْبةً
لها في صحارى الخافِقَيْنِ عُبابُ
أُريقَ على صدْرِ المروءةِ ماؤها
لتنضحَ في جدْبِ النّفوسِ قِرابُ
فللآنَ تُسْتسقى بمائكِ أنْهُرٌ
وللآنَ يُملا بالسِّهامِ جِعابُ
ويُكْتَبُ للعبّاسِ كُلَّ عشيّةٍ
قريضٌ بدمْعِ الثاكلاتِ مُذابُ
وللآنَ يستروي الدموعَ ضريحُهُ
وللآن يُسْتتلى عليهِ عِتابُ
وللآنَ أصداءٌ تحفُّ بقبرهِ
أحاطتْ خيامَ الزاكياتِ ذئابُ
مضى والهُدى يكسوهُ مِنْ حُلَلِ الوفا
وللمجدِ في أقصى ذُراهُ ذِهابُ
وراحَتْ تجوبُ الأرضَ صَنّاجةُ الذي
بُغُرَّتِهِ النَّوْراء كانَ يُجابُ
وقيلَ عن العبّاسِ للعِرْقِ ثائرٌ
لذا استعطفتْهُ مِنْ كِلابَ كِلابُ
ولَمْ نلقَ فيما قيلَ إلّا سذاجةً
لأنَّ نزالَ القاصرينَ سِبابُ
أبا الفضْلِ لا واللهِ لَمْ يجرِ دمْعُنا
لكي يُتوخّى بالدموعِ ثوابُ
لأنَّكَ جُرْحٌ ضاربٌ في جذورِنا
وبعدكَ فيمن نُبتلى ونُصابُ
يقولونَ في الدُّنيا مُنِحْتَ مواهباً
فقُلْتُ أ في دُنيا الفناءِ تُثابُ؟
يقولونَ أنَّ اللهَ شاءكَ قِبْلةً
تُشَدُّ له في المشرقينِ رِكابُ
وذي قُبَّةٌ قالوا علَتْكَ فقُلْتُ لا
متى بُنِيَتْ فوْقَ القبابِ قبابُ
أ ذا أنتَ ؟ لا بلْ أنتَ جنبَ جنابهِ
لك العرْشُ يا دِرْعَ الحُسيْنِ جنابُ
وذا اسمُكَ لاسمِ اللهِ مِفْتاحُ رحْمةٍ
وقبرُكَ درْبٌ نحوَهُ ومتابُ
ويومُكَ مشهودٌ وقبرُكَ شاهِدٌ
بأنَّ قصورَ الظالمينَ يبابُ
وإنْ كانَ فيها لَوْعةٌ وعَذابُ
إذا جنَحتْ للسِّلمِ فهْيَ حمائمٌ
وإنْ جَمَحتْ للحربِ فهْيَ حِرابُ
تُزَفُّ قوافيها قرابينَ تائقٍ
إلى منْ زكَوا في النشأتَينِ وطابوا
أُزكّي بها مَنْ لَمْ تشُبْهُمْ شوائبٌ
وكُلُّ كمالٍ في الوجودِ يُشابُ
ذكرْتُ رجالاً إنْ تُعدَّدْ خصالُهمْ
تضِقْ في صحارى المشرقينِ رِحابُ
لها لحياةِ الذّلِّ بُغْضٌ وعندَها
نوالُ المنايا في الحُسَيْنِ غِلابُ
نكونُ لهُ الأعداءَ رغْمَ انتمائنا
إذا قيلَ عنْهمْ للحُسينِ صِحابُ
فهُمْ في حِمى الإيثارِ والبذْلِ والوفا
أذابوا حُدودَ المُستحيلِ .. وذابوا
لقدْ حَضَروا في خاطرِ الدَّهْرِ عندما
هَوَوْا فوق رمضا كربلاءَ وغابوا
وها هُمْ بنو العليا بخيرِ بضاعةٍ
إلى سيِّدِ الأكوانِ ( أحمدَ) آبوا
وقدْ أورثوا التأريخَ جُرْحاً ولَمْ يكُنْ
لهُ غيرَ شِبْلِ العسكريِّ عِصابُ
جُسومٌ براها اللهُ زاخرةً بما
يُغطّي عُيونَ الشّمسِ وَهْيَ سِغابُ
وتهفو لأطرافِ العوادي وللظُّبا
كأنَّ كِعابَ العادياتِ كَعابُ
يُحقَّرُ خَطْبُ المَوْتِ في أعْيُنِ الأُلى
لهُمْ في سبيلِ المُسْتعانِ طلابُ
رجالُهمُ أتقى البرايا ، نساؤهمْ
خوافِرُ لَمْ يُكْشَفْ لَهُنَّ نقابُ
وإنْ تسألَنْ عَنْهمْ تُجِبْكَ سيوفُهُمْ
أ أبلغُ مِنْ قولِ السّيوفِ جوابُ
همُ الكوثرُ السَّلسالُ ، هُمْ موْرِدُ الظّما
وكُلُّ معينٍ دونَ ذاكَ سرابُ
ذكرْتُ رزاياهمْ عشيّةَ كربلا
فللدمْعِ مِنْ قبلِ الشِّفاهِ خِطابُ
لأنَّ الذي لَمْ يدْرِ ما كابدوا فذا
لديهِ يسيراتُ الخُطوبِ صِعابُ
ومَن كانَ يدري هانَ رُزْءُ مُصابِهِ
أمامَ مُصابٍ ما سواهُ مُصابُ
يكلُّ لِساني عنه إنْ رُمْتُ وصْفَهُ
كأنَّ حضورَ المُفرداتِ غِيابُ
ويلهِمُني دمعي السَّكوبُ مواعظاً
بأنَّ نبالَ الذكرياتِ صِيابُ
ويأخذُني دمعي إلى بدْرِ هاشمٍ
فللوجْدِ ظِفْرٌ في حشايَ ونابُ
أبا الفضْلِ يا شجْوَ الحمائمِ كُلّما
خَفَقْنَ وإذْ حنَّتْ لهُنَّ هِضابُ
شِفاهُكَ لَمْ تهوَ الفُراتَ وَلَمْ تكُنْ
لها بمياهِ العلقميِّ رِغابُ
لأنَّكَ لو أومأتَ للسُّحْبِ أنْزَلَتْ
نداها ، وهلْ تعصي دُعاكَ سحابُ
لأنَّكَ تستسقي لِعِلَّةِ خَلْقِها
ولو شئتَ فاضتْ مِنْ يديكَ كِرابُ
لَقدْ عرَفَ الأعداءُ قَدْرَ نفوسِهمْ
لذا أحجموا عمّا ترومُ وخابوا
دعَوْكَ لخذلانِ الحُسيْنِ ونصرِهمْ
فكُلُّ خلاياكَ العطاشِ غِضابُ
يساومُكَ الجُهّالُ في بيعةٍ لهمْ
يسيلُ لها ممّن سواكَ لُعابُ
نفرْتَ عنِ الأعداءِ في كُلِّ خصلةٍ
فهُمْ تُربةٌ توطا وأنتَ شِهابُ
ولَمْ يتناغمْ منكما وترٌ سوى
هُنا نصلُ بتّارٍ .. هُناكَ رِقابُ
بصائرُهمْ عُمْيٌ وكفّاكَ خندقٌ
وسيفُكَ شمْسٌ والخميسُ ضبابُ
نزلْتَ براكيناً على أدعيائهمْ
فللأرضِ مِنْ سيْلِ الدماءِ خِضابُ
وأسْجَرْتَ مَرْعاهمْ يبيساً وأخضراً
وَلَمْ ينْجُ مِنْ نيرانِ كفِّكَ غابُ
فما عادَ في عينِ الليالي سوادُها
ولا عادَ في ثغرِ السّماءِ رضابُ
وما حارَ مَنْ يدريكَ في ساحةِ الوغى
ولا كانَ ما يُلحى بهِ ويُرابُ
فإنْ كرَّ للعبّاسِ ليسَ بعائدٍ
وإنْ فرَّ مهزوماً فليسَ يُعابُ
وها هو في الحالَيْنِ مِنْ هَوْلِ ما جنى
لهُ الحتفُ زادٌ والنَّجيعُ شرابُ
زئيرُكَ في الهيجاءِ رَجْعُ زلازلٍ
تُسِيْخُ المدى ، فالشّاهقاتُ خرابُ
سليلُ حُسامِ اللهِ ، دِرْعِ نبيِّهِ
إذا لَمْ يُهَبْ مِنْهُ فَمِنْ سيُهابُ
أيا نابَ ثغْرِ الموتِ في لُجَّةِ الوغى
بفيهِ الثرى مَنْ قالَ عنْكَ يُنابُ
ويا واحداً سوّاهُ للطَّفِّ واحدٌ
ليُكْمَلَ للإيثارِ مِنْهُ نِصابُ
فلولا ندى العبّاسِ حيّاً وميِّتاً
لَمَا كانَ في كَرْمِ العُتاةِ حِطاب
أُكذِّبُ كُلَّ الزّاعمينَ جهالةً
بأنَّ الأُلى لاقوا رداكَ شبابُ
فأنتَ بيُمناكَ اخْتَزَلْتَ حياتَهُمْ
فقد كهلوا يومَ الطّفوفِ وشابوا
فألبابُهمْ مِنْ بطْشِ كفّيكَ أُذْهِلَتْ
وأرْياقُهُمْ مِنْ هَوْلِ سَيْفِكَ صابُ
ضَربْتَ بكفٍّ كالبُرُوقِ ، وبعْدَها
فلا قِيْلَ عَنْ طَعْنِ الكُمَاةِ ضِرابُ
وصالوا بأسْيافٍ يحطُّ ذُبابُها
كما حطَّ فَوْقَ الموبِقاتِ ذُبابُ
وأنْعَبْتَ أشلاءَ الفوارسِ حينَ لَمْ
يطِرْ ( مِنْ بُروقِ المُرْهَفاتِ ) غُرابُ
ودَبَّ بهمْ رُعْبٌ ، جَمَاداً أحالَهمْ
وإنْ قيلَ عنهمْ ـ بالمَجازِ ـ دَوابُ
وَمَنْ لَمْ يكونوا يؤمنونَ بأوْبَةٍ
وراءَ الرَّدى صاحُوا :- الإيابُ صوابُ
فقد كُنتَ تذروهم هشيماً بصارمٍ
لهُ رَهْبةٌ عِندَ العِدى وحِسابُ
لقدْ آمنوا بالنَّشْرِ والحَشْرِ ، وانتهوا
بأنَّ مآلَ الكائناتِ تُرابُ
لأنَّهمُ ظنّوكَ داحيَ خَيْبَرٍ
وإنْ لَمْ يكُنْ يُدْحى بكفِّكَ بابُ
دَحَوْتَ بهمْ أرضَ الطُّفوفِ فأُفْعِمَتْ
بأشلاءِ قتلى الأخسرينَ شِعابُ
وعيدٌ وَوَعْدٌ عِنْدَ كفَّيْك أنْجِزا
وأُبْرِمَ عَهْدٌ للورى وكِتابُ
تُثيبُ البرايا راحتاكَ ، وفيهما
لِمَنْ شذَّ عنْ دَرْبِ الحُسيْنِ عِقابُ
لِتصطادَ مَنْ تختارُ لا مَنْ تطولُهُ
كما اختارَ ما ينوي يصيدُ عُقابُ
ترى ما يراهُ اللهُ أمراً مُحتَّماً
فما فيكَ مِنْ أعتى الخطوبِ عجابُ
لأنَّكَ قدْ أُلْقِنْتَ مِنْ خِيرةِ الورى
مكارمَ لا يُملا لهُنَّ إهابُ
نزلْتَ إلى صدْرِ الشّريعةِ مُفْجِعاً
منازلَكَ الثكلى .. وليسَ إيابُ
فبينكَ يا دمعَ الغمائمِ لَمْ يكُنْ
وبينَ مياهِ العلقميِّ حِجابُ
فصار المدى نهراً وزنداً وقربةً
وحولكَ قَوْسٌ ضارعٌ ونِشابُ
أبا الفضْلِ لَمْ تسكنْ دموعُ سَكينةٍ
وهلْ ظلَّ للدَّمْعِ الوَقورِ لُبابُ
لقدْ جفَّ مثلَ الرّمْلِ خافقُ رمْلةٍ
عليكَ وذي عينُ الرَّبابِ ربابُ
وذابَ حشا الأهلينَ مِنْ شِدَّةِ الظَّما
وبُلَّتْ مِنَ الدَّمْعِ السَّخينِ ثيابُ
أيا قِرْبةَ العبّاسِ .. يا وجْدَ زينبٍ
ويا عَبْرةَ النُسّاكِ حينَ أنابوا
نثرْتِ المدى عِطْراً فيالكِ قرْبةً
لها في صحارى الخافِقَيْنِ عُبابُ
أُريقَ على صدْرِ المروءةِ ماؤها
لتنضحَ في جدْبِ النّفوسِ قِرابُ
فللآنَ تُسْتسقى بمائكِ أنْهُرٌ
وللآنَ يُملا بالسِّهامِ جِعابُ
ويُكْتَبُ للعبّاسِ كُلَّ عشيّةٍ
قريضٌ بدمْعِ الثاكلاتِ مُذابُ
وللآنَ يستروي الدموعَ ضريحُهُ
وللآن يُسْتتلى عليهِ عِتابُ
وللآنَ أصداءٌ تحفُّ بقبرهِ
أحاطتْ خيامَ الزاكياتِ ذئابُ
مضى والهُدى يكسوهُ مِنْ حُلَلِ الوفا
وللمجدِ في أقصى ذُراهُ ذِهابُ
وراحَتْ تجوبُ الأرضَ صَنّاجةُ الذي
بُغُرَّتِهِ النَّوْراء كانَ يُجابُ
وقيلَ عن العبّاسِ للعِرْقِ ثائرٌ
لذا استعطفتْهُ مِنْ كِلابَ كِلابُ
ولَمْ نلقَ فيما قيلَ إلّا سذاجةً
لأنَّ نزالَ القاصرينَ سِبابُ
أبا الفضْلِ لا واللهِ لَمْ يجرِ دمْعُنا
لكي يُتوخّى بالدموعِ ثوابُ
لأنَّكَ جُرْحٌ ضاربٌ في جذورِنا
وبعدكَ فيمن نُبتلى ونُصابُ
يقولونَ في الدُّنيا مُنِحْتَ مواهباً
فقُلْتُ أ في دُنيا الفناءِ تُثابُ؟
يقولونَ أنَّ اللهَ شاءكَ قِبْلةً
تُشَدُّ له في المشرقينِ رِكابُ
وذي قُبَّةٌ قالوا علَتْكَ فقُلْتُ لا
متى بُنِيَتْ فوْقَ القبابِ قبابُ
أ ذا أنتَ ؟ لا بلْ أنتَ جنبَ جنابهِ
لك العرْشُ يا دِرْعَ الحُسيْنِ جنابُ
وذا اسمُكَ لاسمِ اللهِ مِفْتاحُ رحْمةٍ
وقبرُكَ درْبٌ نحوَهُ ومتابُ
ويومُكَ مشهودٌ وقبرُكَ شاهِدٌ
بأنَّ قصورَ الظالمينَ يبابُ