حسين ال دخيل
25-05-2013, 11:28 AM
اللهم صلِ على محمد وآلِ محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
مأجورين بوفاة العقيلة زينب عليها السلام..
والان انقل اليكم قصة وفاة السيدة زينب عليها السلام.
وفاتها:
إنّ من المأسوف عليه أنّ حملة التاريخ على توسّعهم في سرد القصص والأحوال في أشياء كثيرة أهملوا حقائق من التاريخ تمسّ إليها حاجة المنقّب، وتساق إليها طلبة الباحث.
ولسنا الآن في صدد الأسباب الباعثة على ذلك- ولعلّها لا تخفى على الناقد البصير- غير أنّ المهم هي ناحية واحدة أصبحت من مواضيعه، وهو البحث عن وفاة عقيلة بني هاشم زينب الكبرى، وتحرّي الوقوف على مدفنها، وإن كانت المصادر التي نستمد منها لا تخلو جملة منها من تشويش واضطراب، وعلى العلاّت فنحن نتقدم إلى القارئ الكريم ما قيل في ذلك، ونحيل الحكم إليه.
فقيل: إنّها توفيت ودفنت في المدينة المنوّرة، وكان ذلك بعد رجوعهم من الشام، ذكره صاحب الطراز عن بحر المصائب.
ولو صحّ هذا لبقي لعظيمة بيت الوحي أثر خالد ومشهد يزار، كما بقي لمن دونها في المرتبة من بني هاشم، بل لمن يمتّ إليهم بالولاء من رجالات الأمّة.
وقيل: إنّها توفيت حوالي الشام، نقله صاحب الطراز أيضاً عن أنوار الشهادة وبحر المصائب، في تفصيل لا مقيل له من ظلّ الحقيقة، وهو بالروايات الخرافية أشبه، فالإعراض عنه أجدر.
وقيل: إنّها توفيت في الشام، نقله في الطراز أيضاً عن كنز الأنساب، لكن قائله تفرد برواية قصة في ذلك لم تتأكد.
وقيل: إنّها توفيت في إحدى قرى الشام، نسبه إلى الطراز أيضاً إلى بعض المتأخرين، وتلهج الألسن في سبب ذلك بحديث المجاعة التي أصابت أهل المدينة المنورّة، فهاجرت مع زوجها عبد الله إلى الشام، وتوفيّت هنالك.
وذكر النسابة العبيدلي في أخبار الزينبيات على ما حكاه عنه مؤلّف كتاب السيدة زينب: أنّ زينب الكبرى بعد رجوعها من أسر بني أميّة إلى المدينة أخذت تؤلّب الناس على يزيد بن معاوية، فخاف عمرو بن سعد الأشدق انتقاض الأمر، فكتب إلى يزيد بالحال، فأتاه كتاب يزيد يأمره بأن يفرّق بينها وبين الناس، فأمر الوالي بإخراجها من المدينة إلى حيث شاءت، فأبت الخروج من المدينة وقالت: فوالله لا أخرج وإن أهرقت دماؤنا، فقالت لها زينب بنت عقيل: يا ابنة عمّاه قد صدقنا الله وعده وأورثنا الأرض نتبوّء منها حيث نشاء، فطيبي نفساً وقرّي عيناً، وسيجزي الله الظالمين، أتريدين بعد هذا هواناً؟ ارحلي إلى بلد آمن، ثم اجتمع عليها نساء بني هاشم وتلطّفن معها في الكلام، فاختارت مصر، وخرج معها من نساء بني هاشم فاطمة ابنة الحسين وسكينة، فدخلت مصر لأيام بقيت من ذي الحجة، فاستقبلها الوالي مسلمة بن مخلد الأنصاري في جماعة معه، فأنزلها داره بالحمراء، فأقامت به أحد عشر شهراً وخمسة عشر يوماً، وتوفيت عشية يوم الأحد لخمسة عشر يوماً مضت من رجب سنة اثنتين وستين هجرية، ودفنت بمخدعها في دار مسلمة المستجدة بالحمراء القصوى(1)، حيث بساتين عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، انتهى نصّ العبيدلي.
ونقل الموافقة له في الدفن الشريف ناشر كتاب الزينبات عن ابن عساكر الدمشقي في تاريخه الكبير، والمؤرخ ابن طولون الدمشقي في الرسالة الزينبية، ووجدنا الموافقة له أيضاً في كتاب لواقح الأنوار للشعراني 1/23، وفي كتاب إسعاف الراغبين للشيخ محمد صبان: 196 بهامش نور الأبصار، وفي كتاب نور الأبصار للشيلنجي: 166، وفي الإتحاف للشبراوي: 93، وفي مشارق الأنوار للشيخ حسن العدوي: 100نقلاً عن الشعراني في الأنوار القدسية والمنن، وعن العلاّمة المناوي في طبقاته، وعن جلال الدين السيوطي في رسالته الزينبية، وعن العلامة الاجهوري في رسالته على مسلسل عاشوراء.
قال مؤلف كتاب السيدة زينب ص60: ثم بعد مرور عام على وفاتها، وفي نفس اليوم الذي توفيت فيه، اجتمع أهل مصر قاطبة- وفيهم الفقهاء والقراء وغير ذلك- وأقاموا لها موسماً عظيماً برسم الذكرى على ما جرت به العادة، ومن ذلك الحين لم ينقطع هذا الموسم إلى وقتنا هذا، من يوم وفاتها إلى الآن وإلى ما شاء الله، وهذا الموسم المذكور هو المعبّر عنه بالمولد الزينبي الذي يبتدئ من أول شهر رجب من كلّ سنة وينتهي ليلة الختام، وتحيى هذه الليالي بتلاوة القرآن الحكيم والأذكار الشرعية، ويكون لذلك مهرجان عظيم، وتفِدِ الناس من كلّ فجّ عميق إلى زيارة ضريحها الشريف، وكذلك تقصدها الناس بالزيارة بكثرة، لا سيّما في يوم الأحد، وهي عادة قديمة ورثها الخلف عن السلف.
قال: والأصل في ذلك أنّ أفضل ما يزار فيه الولي من الأيام هو اليوم الذي توفي فيه، بل قالوا: لا يزار إلاّ في هذا اليوم إن عُلم ذلك، وإلاّ ففي اليوم المجمع عليه، جرياً على العادة، والسيدة رضي الله عنها وأرضاها لا يقصدها الزائرون بكثرة إلاّ في هذا اليوم، اقتداء بما تواتر عن أسلافهم، وكان يزورها كافور الإخشيدي في ذلك اليوم، كما كان يزور السيّدة نفيسة بنت سيدي الحسن في يوم الخميس، وكذلك كان يفعل أحمد بن طولون، وكان الظافر بنصر الله الفاطمي لا يزورها إلاّ في نفس هذا اليوم، وإذا أتى إلى مقامها الشريف يأتي حاسر الرأس مترجّلاً، ويتصدّق عند قبرها وينذر لها النذور وغير ذلك، واقتفى أثر هؤلاء من جاء بعدهم من الملوك والسلاطين والأمراء، وكان الظاهر جقمق أحد ملوك مصر في القرن الثامن الهجري يوقد له في هذا اليوم الشموع، وتنار أرجاء المشهد بالقناديل الملونة، ولازم زيارتها في هذا اليوم كثير من العلماء والأولياء وأهل الفضل، ولا زال ذلك جارياً إلى الآن.
الهوامش
1 - الحمراء القصوى هي إحدى الحمراوات الثلاث: الحمراء الدنيا خطة بني بن عمر بن الحاف بن قضاعة، والحمراء الوسطى خطة بني نبه - وهم قوم من الروم حضر الفتح منهم مائة رجل - والحمراء القصوى وهي خطة بن الأزرق وبني روبيل، وهم من الروم، وهي من درب معاني إلى القناطر الظاهرية، يعني قناطر السباع، وهي حدّ ولاية مصر من القاهرة، وكانت هذه الحمراوات الثلاث جلّ عمارة مصر (منه قدّس سرّه).
نسالكم الدعاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
مأجورين بوفاة العقيلة زينب عليها السلام..
والان انقل اليكم قصة وفاة السيدة زينب عليها السلام.
وفاتها:
إنّ من المأسوف عليه أنّ حملة التاريخ على توسّعهم في سرد القصص والأحوال في أشياء كثيرة أهملوا حقائق من التاريخ تمسّ إليها حاجة المنقّب، وتساق إليها طلبة الباحث.
ولسنا الآن في صدد الأسباب الباعثة على ذلك- ولعلّها لا تخفى على الناقد البصير- غير أنّ المهم هي ناحية واحدة أصبحت من مواضيعه، وهو البحث عن وفاة عقيلة بني هاشم زينب الكبرى، وتحرّي الوقوف على مدفنها، وإن كانت المصادر التي نستمد منها لا تخلو جملة منها من تشويش واضطراب، وعلى العلاّت فنحن نتقدم إلى القارئ الكريم ما قيل في ذلك، ونحيل الحكم إليه.
فقيل: إنّها توفيت ودفنت في المدينة المنوّرة، وكان ذلك بعد رجوعهم من الشام، ذكره صاحب الطراز عن بحر المصائب.
ولو صحّ هذا لبقي لعظيمة بيت الوحي أثر خالد ومشهد يزار، كما بقي لمن دونها في المرتبة من بني هاشم، بل لمن يمتّ إليهم بالولاء من رجالات الأمّة.
وقيل: إنّها توفيت حوالي الشام، نقله صاحب الطراز أيضاً عن أنوار الشهادة وبحر المصائب، في تفصيل لا مقيل له من ظلّ الحقيقة، وهو بالروايات الخرافية أشبه، فالإعراض عنه أجدر.
وقيل: إنّها توفيت في الشام، نقله في الطراز أيضاً عن كنز الأنساب، لكن قائله تفرد برواية قصة في ذلك لم تتأكد.
وقيل: إنّها توفيت في إحدى قرى الشام، نسبه إلى الطراز أيضاً إلى بعض المتأخرين، وتلهج الألسن في سبب ذلك بحديث المجاعة التي أصابت أهل المدينة المنورّة، فهاجرت مع زوجها عبد الله إلى الشام، وتوفيّت هنالك.
وذكر النسابة العبيدلي في أخبار الزينبيات على ما حكاه عنه مؤلّف كتاب السيدة زينب: أنّ زينب الكبرى بعد رجوعها من أسر بني أميّة إلى المدينة أخذت تؤلّب الناس على يزيد بن معاوية، فخاف عمرو بن سعد الأشدق انتقاض الأمر، فكتب إلى يزيد بالحال، فأتاه كتاب يزيد يأمره بأن يفرّق بينها وبين الناس، فأمر الوالي بإخراجها من المدينة إلى حيث شاءت، فأبت الخروج من المدينة وقالت: فوالله لا أخرج وإن أهرقت دماؤنا، فقالت لها زينب بنت عقيل: يا ابنة عمّاه قد صدقنا الله وعده وأورثنا الأرض نتبوّء منها حيث نشاء، فطيبي نفساً وقرّي عيناً، وسيجزي الله الظالمين، أتريدين بعد هذا هواناً؟ ارحلي إلى بلد آمن، ثم اجتمع عليها نساء بني هاشم وتلطّفن معها في الكلام، فاختارت مصر، وخرج معها من نساء بني هاشم فاطمة ابنة الحسين وسكينة، فدخلت مصر لأيام بقيت من ذي الحجة، فاستقبلها الوالي مسلمة بن مخلد الأنصاري في جماعة معه، فأنزلها داره بالحمراء، فأقامت به أحد عشر شهراً وخمسة عشر يوماً، وتوفيت عشية يوم الأحد لخمسة عشر يوماً مضت من رجب سنة اثنتين وستين هجرية، ودفنت بمخدعها في دار مسلمة المستجدة بالحمراء القصوى(1)، حيث بساتين عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، انتهى نصّ العبيدلي.
ونقل الموافقة له في الدفن الشريف ناشر كتاب الزينبات عن ابن عساكر الدمشقي في تاريخه الكبير، والمؤرخ ابن طولون الدمشقي في الرسالة الزينبية، ووجدنا الموافقة له أيضاً في كتاب لواقح الأنوار للشعراني 1/23، وفي كتاب إسعاف الراغبين للشيخ محمد صبان: 196 بهامش نور الأبصار، وفي كتاب نور الأبصار للشيلنجي: 166، وفي الإتحاف للشبراوي: 93، وفي مشارق الأنوار للشيخ حسن العدوي: 100نقلاً عن الشعراني في الأنوار القدسية والمنن، وعن العلاّمة المناوي في طبقاته، وعن جلال الدين السيوطي في رسالته الزينبية، وعن العلامة الاجهوري في رسالته على مسلسل عاشوراء.
قال مؤلف كتاب السيدة زينب ص60: ثم بعد مرور عام على وفاتها، وفي نفس اليوم الذي توفيت فيه، اجتمع أهل مصر قاطبة- وفيهم الفقهاء والقراء وغير ذلك- وأقاموا لها موسماً عظيماً برسم الذكرى على ما جرت به العادة، ومن ذلك الحين لم ينقطع هذا الموسم إلى وقتنا هذا، من يوم وفاتها إلى الآن وإلى ما شاء الله، وهذا الموسم المذكور هو المعبّر عنه بالمولد الزينبي الذي يبتدئ من أول شهر رجب من كلّ سنة وينتهي ليلة الختام، وتحيى هذه الليالي بتلاوة القرآن الحكيم والأذكار الشرعية، ويكون لذلك مهرجان عظيم، وتفِدِ الناس من كلّ فجّ عميق إلى زيارة ضريحها الشريف، وكذلك تقصدها الناس بالزيارة بكثرة، لا سيّما في يوم الأحد، وهي عادة قديمة ورثها الخلف عن السلف.
قال: والأصل في ذلك أنّ أفضل ما يزار فيه الولي من الأيام هو اليوم الذي توفي فيه، بل قالوا: لا يزار إلاّ في هذا اليوم إن عُلم ذلك، وإلاّ ففي اليوم المجمع عليه، جرياً على العادة، والسيدة رضي الله عنها وأرضاها لا يقصدها الزائرون بكثرة إلاّ في هذا اليوم، اقتداء بما تواتر عن أسلافهم، وكان يزورها كافور الإخشيدي في ذلك اليوم، كما كان يزور السيّدة نفيسة بنت سيدي الحسن في يوم الخميس، وكذلك كان يفعل أحمد بن طولون، وكان الظافر بنصر الله الفاطمي لا يزورها إلاّ في نفس هذا اليوم، وإذا أتى إلى مقامها الشريف يأتي حاسر الرأس مترجّلاً، ويتصدّق عند قبرها وينذر لها النذور وغير ذلك، واقتفى أثر هؤلاء من جاء بعدهم من الملوك والسلاطين والأمراء، وكان الظاهر جقمق أحد ملوك مصر في القرن الثامن الهجري يوقد له في هذا اليوم الشموع، وتنار أرجاء المشهد بالقناديل الملونة، ولازم زيارتها في هذا اليوم كثير من العلماء والأولياء وأهل الفضل، ولا زال ذلك جارياً إلى الآن.
الهوامش
1 - الحمراء القصوى هي إحدى الحمراوات الثلاث: الحمراء الدنيا خطة بني بن عمر بن الحاف بن قضاعة، والحمراء الوسطى خطة بني نبه - وهم قوم من الروم حضر الفتح منهم مائة رجل - والحمراء القصوى وهي خطة بن الأزرق وبني روبيل، وهم من الروم، وهي من درب معاني إلى القناطر الظاهرية، يعني قناطر السباع، وهي حدّ ولاية مصر من القاهرة، وكانت هذه الحمراوات الثلاث جلّ عمارة مصر (منه قدّس سرّه).
نسالكم الدعاء