المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خدام المهدي.. المجد مع البلاء!


أحلى بحراني
29-05-2013, 09:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
http://im28.gulfup.com/sYcl1.jpg (http://www.gulfup.com/?EIoT39)
خدام المهدي.. المجد مع البلاء!
من بين ملايين المسلمين في ذلك الحين؛ لم يندفع لنصرة سيد شباب أهل الجنة (عليه الصلاة والسلام) إلا ما يقارب الألف منهم في بداية رحلته إلى كربلاء. وفي طريق تلك الرحلة؛ لم يصمد من هؤلاء حتى ليلة العاشر سوى ثلاثة وسبعين رجلا هم أنصار الحسين المستشهدين معه، عليهم جميعا سلام الله ورضوانه.
وسواء الذين تخلفوا عن نصرة أبي عبد الله عليه السلام، أو الذين هربوا وانشقوا عن جيشه تباعا؛ فإن العار قد لحق بهم أينما حلوا وحيثما ذُكِروا، وقد باءوا بالخسران المبين في الدارين، فلا مكانة لهم في الدنيا، ولا جاها لهم في الآخرة!
في حين حظي أولئك القلة الذين آثروا نصرة سيد الشهداء (عليه الصلاة والسلام) وبذلوا مهجهم دونه؛ بالمجد والخلود في الدنيا، والمقام الرفيع عند الله سبحانه في جنة عدن. ذلك المجد وذلك الخلود الذي يجعل أهل الدنيا جيلا بعد جيل يتذاكرون أسماءهم وينظرون إليهم نظرة تعظيم لا نظير لها. وذلك المقام الرفيع الذي جعلهم سادة الخلق بعد الأئمة والأنبياء والأوصياء، فأضحوا بذلك ينزلون إلى جوار الحسين وأهل بيته (عليهم السلام) في أعلى عليين. وكفى مجدا وعظمة لهم أن صادق أهل البيت (عليه الصلاة والسلام) خاطبهم بقوله: "بأبي أنتم وأمي.. طبتم وطابت الأرض التي فيها دفنتم، وفزتم والله فوزا عظيما"!
وقد اختار هؤلاء الأبرار طريق المجد والخلود مع إدراكهم بما سيستتبعه ذلك من بلاء وشقاء ومصائب ومكاره. كانوا يعلمون سلفا أن المعركة مع الخصم الشيطاني السفياني غير متكافئة القوة، وأنهم لا محالة مقتولون وسيقطعون إربا إربا! إلا أنهم تيقنوا بأن النصر المعنوي سيكون حليفهم مستقبلا، حينما تبقى عقيدة آل محمد (عليهم السلام) وتُحفظ من الانطماس والاندراس، وعندما يظل الصوت المحمدي العلوي مدويا مسموعا يبعث كل جيل على الثورة والنهضة والإصلاح. وإلى جانب ذلك؛ فإن أنفس هؤلاء الفرسان الشجعان استيقنت أن الجنة مأواهم وأن رضوان الله الأكبر ينتظرهم. وأي شيء أعظم من ذلك؟!
أما أولئك التعساء الحقراء من أهل الخذلان والنذالة؛ فما كانوا على استعداد للتضحية والبذل وتحمل المكاره في سبيل الحق والعدل، فتخلوا عن إمامهم وتركوه غريبا، وانزووا عن نصرته والاستشهاد في سبيله، وانكفئوا في ديارهم يأكلون ويشربون وينامون كالبهائم لا هدفا لهم ولا معنى لحياتهم! ثم ما لبثت الدنيا أن أدارت ظهرها لهم فجعلتهم في أحط قدر وأسوأ حال إذ يوصمون بالجبن والوضاعة! وهم اليوم في قبورهم يتجرعون ألوان العذاب، لينتظرهم عذاب أكبر يوم الحساب!
ويظل التاريخ يجدد نفسه في كل موقف يتصارع فيه الحق والباطل، والخير والشر. فتجد ثلة قليلة من المؤمنين الشجعان يهبون لتلبية نداء الله ويذرون ما سواه ويسترخصون كل ما يملكون من أجله، وتجد عامة البشر يصمون آذانهم ويعمون أبصارهم ويعقدون ألسنتهم لئلا يصيبهم البلاء والمكروه في سبيل مقارعة الباطل والظلم والطغيان وإعادة الحق إلى نصابه!
وينجلي ستار زماننا هذا عن واقع مماثل جديد، حيث يهب الخدام الذين نذروا أنفسهم في سبيل إمامهم المهدي المفدى (صلوات الله وسلامه عليه) للسعي في تحقيق الوعد الإلهي بالظهور، حاملين رسالتهم الإصلاحية العظمى لإعادة البشر إلى عقيدة آل محمد عليهم الصلاة والسلام، وهم يدركون ما سيستوقفهم في طريقهم من مصاعب ومطبات، وما سيوضع أمام تقدمهم من حواجز وسدود، وما سيُفتح قبالهم من جبهات وقتال، لأنهم أصحاب رسالة تغييرية مهدوية تصطدم مع الذين يريدون لهذا العالم أن يبقى هكذا على حاله؛ بين شركٍ ونصبٍ ونفاق وفساد وجهل وتخلف!
إلا أن هذا هو طريق المجد والخلود والمقام الرفيع والجاه العظيم، وهذه هي تبعاته واستحقاقاته التي يجب تحملها والصبر عليها، حتى وإن كان في ذلك استنزافا للدماء، وفناء للأرواح، فإن الله جل قدسه - كما قال مولانا جعفر بن محمد صلوات الله عليهما - إذا أحب قوما أو أحب عبدا صبّ عليه البلاء صبا، فلا يخرج من غمٍ إلا وقع في غم!
إن أمام خدام المهدي (عليه الصلاة والسلام) دربا محفوفة بالمخاطر والمصاعب، وتلك ضريبة الإصرار على نصرة الحق، والإصرار على نصرة أهل البيت الأطهار عليهم الصلاة والسلام، فإن مولانا حيدر (عليه السلام) أكد ذلك قائلا: "من أحبنا أهل البيت فليستعد للبلاء"!
وإنْ لم يكن الخدام كذلك، فإنهم لا يستحقون هذا اللقب العظيم، وخيرٌ لهم أن يتركوه لمن هم أجدر بحمله منهم، فإن أناسا من الشيعة جاءوا إلى سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي (عليهما الصلاة والسلام) وشكوا إليه ما يتعرضون له من البلاء والمحن، فأقسم قسما عظيما بالله وأجابهم قائلا: "والله! البلاء والفقر والقتل أسرع إلى من أحبنا من ركض البراذين، ومن السيل إلى صمره.. ولولا أن تكونوا كذلك لرأينا أنكم لستم منا"!!
فحاشى أن لا تكون هذه الكوكبة الطاهرة من المؤمنين من الخدام حقا، وحاشى لهم أن يتراجعوا يوما أو يخلدوا إلى الراحة ما دام مهدينا المنتظر (عجل الله فرجه الشريف) غائبا عن الأنظار ينتظر أنصارا ينصرونه كما نُصِر جده أبو عبد الله الحسين عليه السلام.
إنه العهد على البقاء ومواصلة الدرب الوعرة.. درب المجد مع البلاء! درب العظمة مع التضحية! درب العلو مع الألم!
تلك هي دربنا وذلك هو هدفنا إلى حين نحقق ما نريد أو أن يرزقنا الله الشهادة دونه ليكون ذلك وقودا لثورات ونهضات تأتي في ما بعد من الأيام.. حين يتذاكر الناس هذه التضحيات والجهود فتكون - ربما - نموذجا لهم إن شاء الله تعالى.
أما هذه الراية العظيمة؛ راية خدام المهدي أرواحنا لتراب مقدمه الفداء؛ فستظل تخفق بحول الله تعالى دائما وأبدا، إلى أن يتسلمها مولانا صاحب العصر (عليه الصلاة والسلام) ويتقبل التضحيات التي بُذِلت من أجل المحافظة عليها. فيا مولانا يا أبا صالح.. من أجلك فقط نتحمل ما نتحمل، ونشكر الله على هذا البلاء!