أحلى بحراني
12-06-2013, 01:52 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
علاج الهم والغم والحزن
لكل داء دواء..
إن الطبيب الحاذق هو ذلك الطبيب الذي يصف دواء لكل داء، والمستشفى الناجحة هي التي عندها دواء لكل مرض.. وبما أن الإسلام دين شامل ملم بجميع نواحي الحياة، فإن هناك أمراضاً في عالم القلوب، جاء الإسلام ليعالجنا منها، ومن تلك الأمراض: عارض الحزن والهم!.. حيث أن هناك كثيراً من الناس وضعه حسب الظاهر من المفترض أن يكون سعيداً، فهو لديه: الدار الواسعة، والزوجة المطيعة، والدابة السريعة؛ قال رسول الله (ص): (من سعادة المرء المسلم: الزّوجة الصّالحة، والمسكن الواسع، والمركب الهنيء، والولد الصّالح)، ولكن مع ذلك لا ترى ابتسامة على وجهه!..
علاج الهم والغم..
إن الحزن بما هو حزن، قد لا يكون له سلبية؛ فالحزن الفجائي العرضي لا بأس به!.. ولكن الإنسان الذي يكون دائم الكآبة والحزن، هذا له مشكلتان دنيوياً وأخروياً:
1. دنيوياً: إن الإنسان الحزين الكئيب يتقاعس عن التقدم في الحياة، فهو إنسان مجمد لا يطور نفسه، ولا يطور ذاته.
2. أخروياً: إن الحزن بالنسبة للأمور الأخروية أيضاً أمر يعرقل الإنسان في سيره إلى الله عز وجل: فالعبادة تحتاج إلى نشاط، والإنسان المكتئب لا يحب الخروج من المنزل، وهذا أمر طبيعي فمن علامات الحزن، ومن لوازم الاكتئاب؛ الجلوس في المنزل.. وعليه، فإن هذا الإنسان: محروم من صلوات الجماعة، ومحروم من الحج، والعمرة، والزيارة.. وكذلك من لوازم الحزن؛ النوم الكثير، والنوم الكثير يفوّت على الإنسان صلاة الليل.
منشأ الحزن..
1. رفع درجة: إن الحزن تارةً يكون تفضلاً إلهياً؛ أي أن رب العالمين يدخل الحزن على قلب المؤمن لفترة: لسويعات، أو لليلة أو ليلتين؛ رفعاً لدرجاته.
2. كفارة لذنب: إن الحزن -بعض الأوقات- يكون كفارةً للذنوب، فمن يدخل الحزن على قلب مؤمن أو مؤمنة؛ جزاءه في الدنيا أن يغتم ويحزن؛ أي هذه بتلك!..
العلاج..
إن مسألة الهم والغم، لها ثلاثة علاجات: حل لفظي ظاهري، والثاني مادي غير عبادي، والثالث أمر معنوي باطني..
أولاً: العلاج اللفظي..
يكمن العلاج اللفظي في:
1. الاستغفار: روي عن النبي (ص) أنه قال: (مَن أكثر الاستغفار: جعل الله له مِن كل همّ فرجاً، ومِن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب).. فإذن، إذا كان منشأ الهم والحزن هو التقصير، فإن الاستغفار المتواصل يرفع ذلك.. لذا، فإن المؤمن يغتنم الاستغفار بين السجدتين، ويجعله استغفاراً حقيقياً!..
2. الحوقلة: إن الإكثار من الحوقلة أمر معروف في تراث أهل البيت (عليهم السلام)، روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: (يا سفيان!.. إذا حزنك أمر من سلطان أو غيره؛ فأكثر من قول "لا حول ولا قوة إلا بالله"؛ فإنها مفتاح الفرج، وكنز من كنوز الجنة).. والإكثار بمعنى: أن يلهج الإنسان به بشكل متواصل، لأن المرة أو المرتين لا تكفي!..
3. التهليل: روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (...وعجبت لمَن اغتم كيف لا يفزع إلى قوله تعالى: ﴿لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، فإني سمعت الله عزّ وجلّ يقول بعقبها: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾.. وفي حديث آخر عنه (عليه السلام): (دعاء المكروب والملهوف، ومَن قد أعيته الحيلة وأصابته بلية: ﴿لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ يقولها ليلة الجمعة إذا فرغ من الصلاة المكتوبة من العشاء الآخرة.... الخبر).
فإذن، إن: الاستغفار، والحوقلة، والتهليل؛ من موجبات رفع الهم والغم!..
ثانياً: العلاج المادي..
إن الهم والحزن -بعض الأوقات- قد يكون أمراً مادياً؛ بمعنى الضيق.. لذلك فإن علاجه يكون بـ:
1. النظافة: إن الإنسان الذي يلبس ثوباً متسخاً تفوح منه رائحة العرق؛ يصاب بالهمّ والحزن عندما يشم تلك الرائحة.. هناك راوية عن الإمام علي (عليه السلام) تقول: (غسل الثياب يذهب بالهم والحزن، وهو طهور للصلاة).
2. الطيب: بما أن قسماً من الهمّ والضيق يأتي من قضايا مادية؛ فإن الروائح الزكية: كالطيب والبخور وغيره؛ أيضاً من موجبات إذهاب الهم والغم.. روي عن النبي (ص) أنه قال: (الرائحة الطيبة؛ تشد القلب)، وعنه (ص): (حُبّب إلي من الدنيا ثلاث: النساء، والطيب، وقرة عيني في الصلاة).. وفي رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (إن الله تعالى يحب الجمال والتجمل، ويكره البؤس والتباؤس.. فإن الله عز وجل إذا أنعم على عبد نعمة؛ أحب أن يرى عليه أثرها، قيل: وكيف ذلك؟.. قال: ينظف ثوبه، ويطيّب ريحه، ويحسّن داره، ويكنس أفنيته.. حتى أن السراج قبل مغيب الشمس: ينفي الفقر، ويزيد في الرزق).
3. غسل الرأس: إن هناك علاقة بين النشاط وبين خصوص غسل الرأس، فهو يرفع الهم والغم في بعض الحالات، وقد ورد ذلك في روايات أهل البيت (عليهم السلام).. روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (من وجد همّا فلا يدري ما هو؛ فليغسل رأسه!.. وقال: إذا توالت الهموم؛ فعليك بلا حول ولا قوة إلا بالله).
4. الطعام: إن بعض المأكولات لها تأثير على مزاج الإنسان ونفسيته، وهذه الأيام هناك بعض العقاقير تباع في الأسواق؛ لرفع الاكتئاب!.. روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (لما حسر الماء عن عظام الموتى فرأى ذلك نوح (عليه السلام)، جزع جزعاً شديداً واغتمّ لذلك، فأوحى الله إليه أن كل العنب الأسود ليذهب غمّك).
ثالثاً: العلاج المعنوي..
1. حسن اليقين: إن العلاج الأساسي العميق، وليس الضماد الموضعي، هو ما ذكره علي (عليه السلام) الذي وصف النبي () بتعبير رائع، حيث قال: (طبيب دوار بطبه، قد أحكم مراهمه، وأحمى مواسمه.. يضع ذلك حيث الحاجة إليه، من قلوب عمي، وآذان صم، وألسنة بكم.. متتبع بدوائه مواضع الغفلة، ومواطن الحيرة...).. وعلي (عليه السلام) الذي ورث علم طبيب الأمة، يقول: (واطرح عنك واردات الهموم: بعزائم الصبر، وحسن اليقين.... ومن التوفيق الوقوف عند الحيرة، ونِعْمَ طرد الهموم اليقين .... نِعْمَ الخلق التّكرم)؛ فالذي يزيل الهم من جذوره؛ هو حسن اليقين!.. لأن ما يصيب الإنسان هو من الله عز وجل، وبما أن الله سبحانه وتعالى رؤوف بالعباد؛ فإن ما يصيب الإنسان من الرؤوف؛ لابد أن يكون فيه صلاحه!.. وعليه، فإن كان الأمر هكذا؛ فلماذا الهم والغم؟!.. يقول الإمام الصادق (عليه السلام): (وإن كان كل شيء بقضاء وقدر، فالحزن لماذا)؟.. فإذن، إن الاعتقاد الباطني أمر مهم جداً في علاج هذه المسألة.
2. التحمل: إن كل بلاء له أمد: إن كان مرضاً؛ فإنه يذهب ويزول.. وإن كان فقراً؛ فإنه أيضاً لا يدوم.
3. التخطيط المستقبلي: إن المدارس التربوية والنفسية تقول: إن الإنسان الناجح في الحياة -ولو كان يهودياً أو نصرانياً- دائماً ينظر إلى المستقبل، وذلك لأن:
أ- الماضي لا يتغير!..
ب- همه لا قيمة له.
ج- الندم على الماضي؛ يشغله عن التفكير في المستقبل.
إن الإنسان الذي يجلس كئيباً نادماً وهو يفكر: لو أنه اشترى هذه الأرض -مثلاً- قبل عشر سنوات، لأصبح الآن ثرياً!.. هذا الندم لا يغير في الأمر شيئاً؛ لأن الأمر انتهى، والعشر سنوات مضت؛ فما قيمة هذا الحزن؟.. لذا، فإن الحل العملي هو: أن يجمع الآن ديناراً على دينار؛ ليشتري أرضاً في المستقبل.. وهذه من توصيات أهل البيت (عليهم السلام) وصاحب التوصية هو أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث يقول: (لا تشعر قلبك الهم على ما فات؛ فيشغلك عن الاستعداد بما هو آت).. فالإنسان الذي يصبح أثير همّ الماضي؛ يكون قد خسر من جهتين: فهو يعيش الهم؛ بلا فائدة من جهة.. ومن جهة أخرى: ينشغل عن التخطيط المستقبلي.. لذا، هنيئاً لمن كان على منهاجهم في تربية نفسه، والقضاء على همومه وغمومه!
ومع السلامة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
علاج الهم والغم والحزن
لكل داء دواء..
إن الطبيب الحاذق هو ذلك الطبيب الذي يصف دواء لكل داء، والمستشفى الناجحة هي التي عندها دواء لكل مرض.. وبما أن الإسلام دين شامل ملم بجميع نواحي الحياة، فإن هناك أمراضاً في عالم القلوب، جاء الإسلام ليعالجنا منها، ومن تلك الأمراض: عارض الحزن والهم!.. حيث أن هناك كثيراً من الناس وضعه حسب الظاهر من المفترض أن يكون سعيداً، فهو لديه: الدار الواسعة، والزوجة المطيعة، والدابة السريعة؛ قال رسول الله (ص): (من سعادة المرء المسلم: الزّوجة الصّالحة، والمسكن الواسع، والمركب الهنيء، والولد الصّالح)، ولكن مع ذلك لا ترى ابتسامة على وجهه!..
علاج الهم والغم..
إن الحزن بما هو حزن، قد لا يكون له سلبية؛ فالحزن الفجائي العرضي لا بأس به!.. ولكن الإنسان الذي يكون دائم الكآبة والحزن، هذا له مشكلتان دنيوياً وأخروياً:
1. دنيوياً: إن الإنسان الحزين الكئيب يتقاعس عن التقدم في الحياة، فهو إنسان مجمد لا يطور نفسه، ولا يطور ذاته.
2. أخروياً: إن الحزن بالنسبة للأمور الأخروية أيضاً أمر يعرقل الإنسان في سيره إلى الله عز وجل: فالعبادة تحتاج إلى نشاط، والإنسان المكتئب لا يحب الخروج من المنزل، وهذا أمر طبيعي فمن علامات الحزن، ومن لوازم الاكتئاب؛ الجلوس في المنزل.. وعليه، فإن هذا الإنسان: محروم من صلوات الجماعة، ومحروم من الحج، والعمرة، والزيارة.. وكذلك من لوازم الحزن؛ النوم الكثير، والنوم الكثير يفوّت على الإنسان صلاة الليل.
منشأ الحزن..
1. رفع درجة: إن الحزن تارةً يكون تفضلاً إلهياً؛ أي أن رب العالمين يدخل الحزن على قلب المؤمن لفترة: لسويعات، أو لليلة أو ليلتين؛ رفعاً لدرجاته.
2. كفارة لذنب: إن الحزن -بعض الأوقات- يكون كفارةً للذنوب، فمن يدخل الحزن على قلب مؤمن أو مؤمنة؛ جزاءه في الدنيا أن يغتم ويحزن؛ أي هذه بتلك!..
العلاج..
إن مسألة الهم والغم، لها ثلاثة علاجات: حل لفظي ظاهري، والثاني مادي غير عبادي، والثالث أمر معنوي باطني..
أولاً: العلاج اللفظي..
يكمن العلاج اللفظي في:
1. الاستغفار: روي عن النبي (ص) أنه قال: (مَن أكثر الاستغفار: جعل الله له مِن كل همّ فرجاً، ومِن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب).. فإذن، إذا كان منشأ الهم والحزن هو التقصير، فإن الاستغفار المتواصل يرفع ذلك.. لذا، فإن المؤمن يغتنم الاستغفار بين السجدتين، ويجعله استغفاراً حقيقياً!..
2. الحوقلة: إن الإكثار من الحوقلة أمر معروف في تراث أهل البيت (عليهم السلام)، روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: (يا سفيان!.. إذا حزنك أمر من سلطان أو غيره؛ فأكثر من قول "لا حول ولا قوة إلا بالله"؛ فإنها مفتاح الفرج، وكنز من كنوز الجنة).. والإكثار بمعنى: أن يلهج الإنسان به بشكل متواصل، لأن المرة أو المرتين لا تكفي!..
3. التهليل: روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (...وعجبت لمَن اغتم كيف لا يفزع إلى قوله تعالى: ﴿لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، فإني سمعت الله عزّ وجلّ يقول بعقبها: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾.. وفي حديث آخر عنه (عليه السلام): (دعاء المكروب والملهوف، ومَن قد أعيته الحيلة وأصابته بلية: ﴿لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ يقولها ليلة الجمعة إذا فرغ من الصلاة المكتوبة من العشاء الآخرة.... الخبر).
فإذن، إن: الاستغفار، والحوقلة، والتهليل؛ من موجبات رفع الهم والغم!..
ثانياً: العلاج المادي..
إن الهم والحزن -بعض الأوقات- قد يكون أمراً مادياً؛ بمعنى الضيق.. لذلك فإن علاجه يكون بـ:
1. النظافة: إن الإنسان الذي يلبس ثوباً متسخاً تفوح منه رائحة العرق؛ يصاب بالهمّ والحزن عندما يشم تلك الرائحة.. هناك راوية عن الإمام علي (عليه السلام) تقول: (غسل الثياب يذهب بالهم والحزن، وهو طهور للصلاة).
2. الطيب: بما أن قسماً من الهمّ والضيق يأتي من قضايا مادية؛ فإن الروائح الزكية: كالطيب والبخور وغيره؛ أيضاً من موجبات إذهاب الهم والغم.. روي عن النبي (ص) أنه قال: (الرائحة الطيبة؛ تشد القلب)، وعنه (ص): (حُبّب إلي من الدنيا ثلاث: النساء، والطيب، وقرة عيني في الصلاة).. وفي رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (إن الله تعالى يحب الجمال والتجمل، ويكره البؤس والتباؤس.. فإن الله عز وجل إذا أنعم على عبد نعمة؛ أحب أن يرى عليه أثرها، قيل: وكيف ذلك؟.. قال: ينظف ثوبه، ويطيّب ريحه، ويحسّن داره، ويكنس أفنيته.. حتى أن السراج قبل مغيب الشمس: ينفي الفقر، ويزيد في الرزق).
3. غسل الرأس: إن هناك علاقة بين النشاط وبين خصوص غسل الرأس، فهو يرفع الهم والغم في بعض الحالات، وقد ورد ذلك في روايات أهل البيت (عليهم السلام).. روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (من وجد همّا فلا يدري ما هو؛ فليغسل رأسه!.. وقال: إذا توالت الهموم؛ فعليك بلا حول ولا قوة إلا بالله).
4. الطعام: إن بعض المأكولات لها تأثير على مزاج الإنسان ونفسيته، وهذه الأيام هناك بعض العقاقير تباع في الأسواق؛ لرفع الاكتئاب!.. روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (لما حسر الماء عن عظام الموتى فرأى ذلك نوح (عليه السلام)، جزع جزعاً شديداً واغتمّ لذلك، فأوحى الله إليه أن كل العنب الأسود ليذهب غمّك).
ثالثاً: العلاج المعنوي..
1. حسن اليقين: إن العلاج الأساسي العميق، وليس الضماد الموضعي، هو ما ذكره علي (عليه السلام) الذي وصف النبي () بتعبير رائع، حيث قال: (طبيب دوار بطبه، قد أحكم مراهمه، وأحمى مواسمه.. يضع ذلك حيث الحاجة إليه، من قلوب عمي، وآذان صم، وألسنة بكم.. متتبع بدوائه مواضع الغفلة، ومواطن الحيرة...).. وعلي (عليه السلام) الذي ورث علم طبيب الأمة، يقول: (واطرح عنك واردات الهموم: بعزائم الصبر، وحسن اليقين.... ومن التوفيق الوقوف عند الحيرة، ونِعْمَ طرد الهموم اليقين .... نِعْمَ الخلق التّكرم)؛ فالذي يزيل الهم من جذوره؛ هو حسن اليقين!.. لأن ما يصيب الإنسان هو من الله عز وجل، وبما أن الله سبحانه وتعالى رؤوف بالعباد؛ فإن ما يصيب الإنسان من الرؤوف؛ لابد أن يكون فيه صلاحه!.. وعليه، فإن كان الأمر هكذا؛ فلماذا الهم والغم؟!.. يقول الإمام الصادق (عليه السلام): (وإن كان كل شيء بقضاء وقدر، فالحزن لماذا)؟.. فإذن، إن الاعتقاد الباطني أمر مهم جداً في علاج هذه المسألة.
2. التحمل: إن كل بلاء له أمد: إن كان مرضاً؛ فإنه يذهب ويزول.. وإن كان فقراً؛ فإنه أيضاً لا يدوم.
3. التخطيط المستقبلي: إن المدارس التربوية والنفسية تقول: إن الإنسان الناجح في الحياة -ولو كان يهودياً أو نصرانياً- دائماً ينظر إلى المستقبل، وذلك لأن:
أ- الماضي لا يتغير!..
ب- همه لا قيمة له.
ج- الندم على الماضي؛ يشغله عن التفكير في المستقبل.
إن الإنسان الذي يجلس كئيباً نادماً وهو يفكر: لو أنه اشترى هذه الأرض -مثلاً- قبل عشر سنوات، لأصبح الآن ثرياً!.. هذا الندم لا يغير في الأمر شيئاً؛ لأن الأمر انتهى، والعشر سنوات مضت؛ فما قيمة هذا الحزن؟.. لذا، فإن الحل العملي هو: أن يجمع الآن ديناراً على دينار؛ ليشتري أرضاً في المستقبل.. وهذه من توصيات أهل البيت (عليهم السلام) وصاحب التوصية هو أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث يقول: (لا تشعر قلبك الهم على ما فات؛ فيشغلك عن الاستعداد بما هو آت).. فالإنسان الذي يصبح أثير همّ الماضي؛ يكون قد خسر من جهتين: فهو يعيش الهم؛ بلا فائدة من جهة.. ومن جهة أخرى: ينشغل عن التخطيط المستقبلي.. لذا، هنيئاً لمن كان على منهاجهم في تربية نفسه، والقضاء على همومه وغمومه!
ومع السلامة.