ابو علي الحائري
14-06-2013, 03:57 PM
العشق كلمة أجتثت مالها من قرار
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين .
العِشْق، هذه الكلمة التي طالما طرقت أسماعنا من قِبَلْ كثير من الشعراء في قصائدهم، وجرت على ألسن بعض خطباء المنبر الحسيني، وحتى بعض العلماء، وطالما قرأناها في الكتب الأسلامية، وهم يُطلقونها على الله وعلى أوليائِه المعصومين عليهم السلام ، تعبيراً عن فرط حبهم لله ولأوليائه، ظناً منهم بأنها تزيدهم قُرباً إلى الله وإلى أوليائه، غير مُلتفتين إلى ما تحمله هذه الكلمة من إشكال، بسبب غياب المعنى الحقيقي لهذه الكلمة عن الأذهان وعدم النظر في روايات المعصومين عليهم السلام التي ورد فيها ذِكْر هذه الكلمة، ثم انتقل هذا الأمر الى عامة الناس الذين دأبوا على اقتفاء أثر العلماء والخطباء والإقتباس منهم ، فأصبحوا يرددون كلمة العشق وما يشتق منها في بيان حبهم للأئمة المعصومين.
وبعد البحث الدقيق في روايات أهل البيت عليهم السلام وجدت أن الأئمة عليهم السلام يذكرون هذه الكلمة في موضع الذم ولايستخدمونها في العلاقة بين العبد وربه ويعبرون عنها بالمرض الذي يصيب العبد ( كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام : مَنْ عَشَقَ شَيْئاً أَعْشى بَصَرَهُ، وَأَمْرَضَ قَلْبَهُ، فَهُوَ يَنْظُرُ بِعَينٍ غَيرِ صَحيحَةٍ، وَيَسْمَعُ بأذُنٍ غَيرِ سميعَةٍ ، قَدْ خَرَقَتِ الشَهَواتِ عَقْلَهُ ، وَأَماتَتِ الدُّنيا قَلْبَهُ) ويذكرونها فقط في العلاقة بين الزوج وزوجته كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ( لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته وهي الموافقة ليجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها ، وحسن خلقه معها ، واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، وتوسعته عليها، ولا غنى بالزوجة فيما بينها وبين زوجها الموافق لها عن ثلاث خصال وهُنّ : صيانة نفسها عن كل دنس حتى يطمئن قلبه إلى الثقة بها في حال المحبوب والمكروه، وحياطته ليكون ذلك عاطفا عليها عند زلة تكون منها، وإظهار العشق له بالخلابة والهيئة الحسنة لها في عينه) .
فذكر العشق بين الزوجين لاإشكال فيه هنا ، أما استخدامها بين غير الزوجين فلايجوز وذلك لدخول الشهوة في معناها العرفي واللغوي كما ذكر أهل اللغة ذلك منهم (أبو هلال العسكري قال الفرق بين العشق والمحبة : أن العشق شدة الشهوة لنيل المراد من المعشوق إذا كان إنسانا والعزم على مواقعته عند التمكن منه، ولو كان العشق مفارقا للشهوة لجاز أن يكون العاشق خاليا من أن يشتهي النيل ممن يعشقه ، إلا أنه شهوة مخصوصة لا تفارق موضعها وهي شهوة الرجل للنيل ممن يعشقه ، ولا تسمى شهوته لشرب الخمر وأكل الطيب عشقا ، والعشق أيضا هو الشهوة التي إذا أفرطت وامتنع نيل ما يتعلق بها قتلت صاحبها ولا يقتل من الشهوات غيرها ألا ترى أن أحدا لم يمت من شهوة الخمر والطعام والطيب ولا من محبة داره أو ماله ومات خلق كثير من شهوة الخلوة مع المعشوق والنيل منه.
كما بين أهل اللغة أن كلمة العِشْق : بكسر العين وسكون الشين مصدر عَشَقَ ، وهو فرط الحب إذا تجاوز حدود العقل.
أما الحُبْ : هو ميل النفس الى المحبوب مع العقل ، فإذا تجاوز العقل فهو العشق، وقيل العِشْق من العَشَقَة وهو نبات اللبلاب الذي يلتوي على الشجرة ويلزمها فهو محيط بها من أصلها الى فرعها.
والنتيجة إنّ العشق من الكلمات الدخيلة على مذهبنا إنتقلت إلى مجتمعنا من الصوفية عن طريق بعض الشيعة الذين يميلون إليهم ويتشبهون بهم ويأولون كلامهم ويُرَوِّجون لهم بضاعتهم الكاسدة ، دون الإلتفات الى معناها الحقيقي والإشكال الذي يترتب على استخدامها مع الله ومع أوليائه، وذلك لدخول الشهوة في معناها اللغوي والعرفي، وهم يدّعون أنّها إفراط في الحب وزيادة في درجات القرب، فلو كان معناها الأفراط في الحب كما يقولون، لكان الله سبحان وتعالى قد ذكرها في كتابه الكريم بدل كلمة الحب التي وردت عشرات المرّات في القرآن .
منها الآية: ]يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّه[ ، فكان الأولى أن يقول سبحان وتعالى : أشَدُّ عِشْقاً بدل أشَدُّ حُبّاً ، والآية : ]قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي [ فكان الأَولى أنْ يقول إن كنتم تعشقون الله ، بدل إن كنتم تحبون الله ، والآية : ]فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ[، وهكذا بقية الآيات ، ولو كان العشق أشَدُّ من الحب كما يدّعون، لما قال النبي صلى الله عليه وآله " لأعطينّ الراية غداَ رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله " فكان الأولى أن يقول يعشق الله بدل يحب الله، ولكان الأَولى تسمية النبى محمّد صلى الله عليه وآله بعاشق الله وليس حبيب الله، وكذلك الإمام بسيد العاشقين .
ومما يجدر بالذكرأن كلمة الحب وما يشتق منها ذكرت أكثر من ثمانين مرة في القرآن الكريم ولم تذكر كلمة العشق مرة واحدة،
وهذه أحاديث النبي صلى الله عليه وآله و الأئمة الهداة عليهم السلام وأدعيتهم قد ملأت الكتب، فلم يستعملوا فيها لفظ العشق في العلاقة بين العبد وربه ، وهذا دليل على عدم جواز استخدامه، فهذه أدعيتهم عليهم السلام التي وردت في كتاب مفاتيح الجنان لاتوجد فيه كلمة عِشْق واحدة ، وهذه مناجات الإمام زين العابدين عليه السلام الخمسة عشر في الصحيفة السجادية لم نجد فيها عنوان بإسم العاشقين ولاتوجد فيها كلمة عِشْق واحدة، بل على العكس قد ورد في أحاديثهم ذم العشق ، كما إنهم عليهم السلام دأبوا على تعليم الناس كيفية الدعاء والتأدّب في إنتقاء الكلمات التي تليق بالحضرة الأحدية، ونهونا عن إطلاق الأسماء على الله كيفما أتفق لأن أسماء الله توقيفية.
أما قول البعض إنّ العشق المجازي يوصل الى العشق الحقيقي وهو عشق الله، يلزمنا أن نطلق إسم المعشوق على الله بينما لم نجد هذا الأسم بين الأسماء الحسنى لله ولم نجده في دعاء الجوشن الكبير الذي ورد فيه ألف إسم لله سبحانه وتعالى ، فهذه التسمية غير مقبولة عند أهل البيت عليهم السلام ، كما ورد في حديث طويل للإمام الرضاعليه السلام مع سليمان المروزي حيث أنه عليه السلام قال له: (( ليس لك أن تسمّيه بما لم يُسَمِّ به نفسه)).
فبناءاً على هذا الحديث وغيره من الأدلَّة لايجوز إطلاق الأسماء على الله تعالى وكذلك الأفعال المشتقة منها، إلاّ ما ورد على لسان أوليائه المعصومين عليهم السلام ، ومنها لفظ العشق، كما إنّه لايجوز إطلاقها أيضاً على المعصومين عليهم السلام .
ودليل آخر على قبح لفظة العشق وهو أن الأشخاص الذين يستعملون هذه اللفظة يأبون ويمتنعون من استخدامها مع محارمهم كالأم والأخت والبنت تعبيراً عن شدة حبهم لهنّ لأن نفوسهم تأبى ذلك لدخول الشهوة في معناها بينما نراهم لايتحرجون من استعمالها مع الله ومع المعصومين عليهم السلام بل وحتى مع الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام.
من جانب آخر إنّ إعتقاد البعض إن العشق نوعان منه عشق جسماني شهواني وهو مذموم ، ومنه عشق روحاني نفساني وهو ممدوح، واعتقاد البعض الآخر إن العشق ينقسم الى حقيقي ومجازي ، والحقيقي هو عشق الله وصفاته وأفعاله، والمجازي هو العشق النفساني للشخص الانساني، والعشق المجازي يكون قنطرة وموصل الى العشق الحقيقي، وهذا الكلام لم يرد من طرقنا ولم يوصي به أئمتنا عليهم السلام ، وإنما ورد عن طريق الصوفية الذين يوصون من أراد السلوك العرفاني من مريدهم الإبتداء بالعشق النفساني الانساني للوصول الى العشق الحقيقي وهو عشق الله كما يدّعون .
وأخيراً لعلّ القاريء الكريم يتساءل ماهو رأي العلماء المعاصرين عن هذا الموضوع ؟ وفي جواب ذلك وتحريا للأمانة في النقل فقد أجاب غير واحدٍ من العلماء أنه إذا كان في إضافة هذه اللفظة الى أسماء الله وأسماء المعصومين عليهم السلام إنتهاكاً فلايجوز.
وعلى القاريء المنصف أن ينظر بعين التمعن وبحسب الأدلة التي بيناها سابقاً أليس في ذلك إنتهاكاً بيّناً للفظ الجلالة ولمقام المعصومين عليهم السلام ؟
ولمن أراد الأطلاع على المزيد من التفصيل عن كلمة العشق في روايات أهل البيت وأراء العلماء فيها فليقرأ هذا البحث المختصر في هذا الرابط :
http://www.mediafire.com/view/rpaagkamzsbum1s/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B4%D9%82_%D9%83%D9%84%D9%85% D8%A9_%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D8%AB%D8%AA_%D9%85%D8%A7_ %D9%84%D9%87%D8%A7_%D9%85%D9%86_%D9%82%D8%B1%D8%A7 %D8%B1.doc
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين .
العِشْق، هذه الكلمة التي طالما طرقت أسماعنا من قِبَلْ كثير من الشعراء في قصائدهم، وجرت على ألسن بعض خطباء المنبر الحسيني، وحتى بعض العلماء، وطالما قرأناها في الكتب الأسلامية، وهم يُطلقونها على الله وعلى أوليائِه المعصومين عليهم السلام ، تعبيراً عن فرط حبهم لله ولأوليائه، ظناً منهم بأنها تزيدهم قُرباً إلى الله وإلى أوليائه، غير مُلتفتين إلى ما تحمله هذه الكلمة من إشكال، بسبب غياب المعنى الحقيقي لهذه الكلمة عن الأذهان وعدم النظر في روايات المعصومين عليهم السلام التي ورد فيها ذِكْر هذه الكلمة، ثم انتقل هذا الأمر الى عامة الناس الذين دأبوا على اقتفاء أثر العلماء والخطباء والإقتباس منهم ، فأصبحوا يرددون كلمة العشق وما يشتق منها في بيان حبهم للأئمة المعصومين.
وبعد البحث الدقيق في روايات أهل البيت عليهم السلام وجدت أن الأئمة عليهم السلام يذكرون هذه الكلمة في موضع الذم ولايستخدمونها في العلاقة بين العبد وربه ويعبرون عنها بالمرض الذي يصيب العبد ( كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام : مَنْ عَشَقَ شَيْئاً أَعْشى بَصَرَهُ، وَأَمْرَضَ قَلْبَهُ، فَهُوَ يَنْظُرُ بِعَينٍ غَيرِ صَحيحَةٍ، وَيَسْمَعُ بأذُنٍ غَيرِ سميعَةٍ ، قَدْ خَرَقَتِ الشَهَواتِ عَقْلَهُ ، وَأَماتَتِ الدُّنيا قَلْبَهُ) ويذكرونها فقط في العلاقة بين الزوج وزوجته كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ( لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته وهي الموافقة ليجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها ، وحسن خلقه معها ، واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، وتوسعته عليها، ولا غنى بالزوجة فيما بينها وبين زوجها الموافق لها عن ثلاث خصال وهُنّ : صيانة نفسها عن كل دنس حتى يطمئن قلبه إلى الثقة بها في حال المحبوب والمكروه، وحياطته ليكون ذلك عاطفا عليها عند زلة تكون منها، وإظهار العشق له بالخلابة والهيئة الحسنة لها في عينه) .
فذكر العشق بين الزوجين لاإشكال فيه هنا ، أما استخدامها بين غير الزوجين فلايجوز وذلك لدخول الشهوة في معناها العرفي واللغوي كما ذكر أهل اللغة ذلك منهم (أبو هلال العسكري قال الفرق بين العشق والمحبة : أن العشق شدة الشهوة لنيل المراد من المعشوق إذا كان إنسانا والعزم على مواقعته عند التمكن منه، ولو كان العشق مفارقا للشهوة لجاز أن يكون العاشق خاليا من أن يشتهي النيل ممن يعشقه ، إلا أنه شهوة مخصوصة لا تفارق موضعها وهي شهوة الرجل للنيل ممن يعشقه ، ولا تسمى شهوته لشرب الخمر وأكل الطيب عشقا ، والعشق أيضا هو الشهوة التي إذا أفرطت وامتنع نيل ما يتعلق بها قتلت صاحبها ولا يقتل من الشهوات غيرها ألا ترى أن أحدا لم يمت من شهوة الخمر والطعام والطيب ولا من محبة داره أو ماله ومات خلق كثير من شهوة الخلوة مع المعشوق والنيل منه.
كما بين أهل اللغة أن كلمة العِشْق : بكسر العين وسكون الشين مصدر عَشَقَ ، وهو فرط الحب إذا تجاوز حدود العقل.
أما الحُبْ : هو ميل النفس الى المحبوب مع العقل ، فإذا تجاوز العقل فهو العشق، وقيل العِشْق من العَشَقَة وهو نبات اللبلاب الذي يلتوي على الشجرة ويلزمها فهو محيط بها من أصلها الى فرعها.
والنتيجة إنّ العشق من الكلمات الدخيلة على مذهبنا إنتقلت إلى مجتمعنا من الصوفية عن طريق بعض الشيعة الذين يميلون إليهم ويتشبهون بهم ويأولون كلامهم ويُرَوِّجون لهم بضاعتهم الكاسدة ، دون الإلتفات الى معناها الحقيقي والإشكال الذي يترتب على استخدامها مع الله ومع أوليائه، وذلك لدخول الشهوة في معناها اللغوي والعرفي، وهم يدّعون أنّها إفراط في الحب وزيادة في درجات القرب، فلو كان معناها الأفراط في الحب كما يقولون، لكان الله سبحان وتعالى قد ذكرها في كتابه الكريم بدل كلمة الحب التي وردت عشرات المرّات في القرآن .
منها الآية: ]يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّه[ ، فكان الأولى أن يقول سبحان وتعالى : أشَدُّ عِشْقاً بدل أشَدُّ حُبّاً ، والآية : ]قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي [ فكان الأَولى أنْ يقول إن كنتم تعشقون الله ، بدل إن كنتم تحبون الله ، والآية : ]فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ[، وهكذا بقية الآيات ، ولو كان العشق أشَدُّ من الحب كما يدّعون، لما قال النبي صلى الله عليه وآله " لأعطينّ الراية غداَ رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله " فكان الأولى أن يقول يعشق الله بدل يحب الله، ولكان الأَولى تسمية النبى محمّد صلى الله عليه وآله بعاشق الله وليس حبيب الله، وكذلك الإمام بسيد العاشقين .
ومما يجدر بالذكرأن كلمة الحب وما يشتق منها ذكرت أكثر من ثمانين مرة في القرآن الكريم ولم تذكر كلمة العشق مرة واحدة،
وهذه أحاديث النبي صلى الله عليه وآله و الأئمة الهداة عليهم السلام وأدعيتهم قد ملأت الكتب، فلم يستعملوا فيها لفظ العشق في العلاقة بين العبد وربه ، وهذا دليل على عدم جواز استخدامه، فهذه أدعيتهم عليهم السلام التي وردت في كتاب مفاتيح الجنان لاتوجد فيه كلمة عِشْق واحدة ، وهذه مناجات الإمام زين العابدين عليه السلام الخمسة عشر في الصحيفة السجادية لم نجد فيها عنوان بإسم العاشقين ولاتوجد فيها كلمة عِشْق واحدة، بل على العكس قد ورد في أحاديثهم ذم العشق ، كما إنهم عليهم السلام دأبوا على تعليم الناس كيفية الدعاء والتأدّب في إنتقاء الكلمات التي تليق بالحضرة الأحدية، ونهونا عن إطلاق الأسماء على الله كيفما أتفق لأن أسماء الله توقيفية.
أما قول البعض إنّ العشق المجازي يوصل الى العشق الحقيقي وهو عشق الله، يلزمنا أن نطلق إسم المعشوق على الله بينما لم نجد هذا الأسم بين الأسماء الحسنى لله ولم نجده في دعاء الجوشن الكبير الذي ورد فيه ألف إسم لله سبحانه وتعالى ، فهذه التسمية غير مقبولة عند أهل البيت عليهم السلام ، كما ورد في حديث طويل للإمام الرضاعليه السلام مع سليمان المروزي حيث أنه عليه السلام قال له: (( ليس لك أن تسمّيه بما لم يُسَمِّ به نفسه)).
فبناءاً على هذا الحديث وغيره من الأدلَّة لايجوز إطلاق الأسماء على الله تعالى وكذلك الأفعال المشتقة منها، إلاّ ما ورد على لسان أوليائه المعصومين عليهم السلام ، ومنها لفظ العشق، كما إنّه لايجوز إطلاقها أيضاً على المعصومين عليهم السلام .
ودليل آخر على قبح لفظة العشق وهو أن الأشخاص الذين يستعملون هذه اللفظة يأبون ويمتنعون من استخدامها مع محارمهم كالأم والأخت والبنت تعبيراً عن شدة حبهم لهنّ لأن نفوسهم تأبى ذلك لدخول الشهوة في معناها بينما نراهم لايتحرجون من استعمالها مع الله ومع المعصومين عليهم السلام بل وحتى مع الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام.
من جانب آخر إنّ إعتقاد البعض إن العشق نوعان منه عشق جسماني شهواني وهو مذموم ، ومنه عشق روحاني نفساني وهو ممدوح، واعتقاد البعض الآخر إن العشق ينقسم الى حقيقي ومجازي ، والحقيقي هو عشق الله وصفاته وأفعاله، والمجازي هو العشق النفساني للشخص الانساني، والعشق المجازي يكون قنطرة وموصل الى العشق الحقيقي، وهذا الكلام لم يرد من طرقنا ولم يوصي به أئمتنا عليهم السلام ، وإنما ورد عن طريق الصوفية الذين يوصون من أراد السلوك العرفاني من مريدهم الإبتداء بالعشق النفساني الانساني للوصول الى العشق الحقيقي وهو عشق الله كما يدّعون .
وأخيراً لعلّ القاريء الكريم يتساءل ماهو رأي العلماء المعاصرين عن هذا الموضوع ؟ وفي جواب ذلك وتحريا للأمانة في النقل فقد أجاب غير واحدٍ من العلماء أنه إذا كان في إضافة هذه اللفظة الى أسماء الله وأسماء المعصومين عليهم السلام إنتهاكاً فلايجوز.
وعلى القاريء المنصف أن ينظر بعين التمعن وبحسب الأدلة التي بيناها سابقاً أليس في ذلك إنتهاكاً بيّناً للفظ الجلالة ولمقام المعصومين عليهم السلام ؟
ولمن أراد الأطلاع على المزيد من التفصيل عن كلمة العشق في روايات أهل البيت وأراء العلماء فيها فليقرأ هذا البحث المختصر في هذا الرابط :
http://www.mediafire.com/view/rpaagkamzsbum1s/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B4%D9%82_%D9%83%D9%84%D9%85% D8%A9_%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D8%AB%D8%AA_%D9%85%D8%A7_ %D9%84%D9%87%D8%A7_%D9%85%D9%86_%D9%82%D8%B1%D8%A7 %D8%B1.doc