حسين ال دخيل
18-06-2013, 12:57 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين الاشراف وعجل فرجهم يا كريم
ذم حب الجاه والشهرة
اعلم ان حب الجاه والشهرة من المهلكات العظيمة، وطالبهما طالب الآفات الدنيوية والاخروية، ومن اشتهر اسمه وانتشر صيته لا يكاد أن تسلم دنياه وعقباه، إلا من شهره الله لنشر دينه من غير تكلف طلب للشهرة منه. ولذا ورد في ذمهما ما لا يمكن إحصاؤه من الآيات والأخبار: قال الله سبحانه:
" تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً "[1]. وقال: " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفٍ اليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون "[2].
وهذا بعمومه متناول لحب الجاه، لأنه أعظم لذة من لذات الحياة الدنيا واكبر زينة من زينتها.
وقال رسول الله (ص): " حب الجاه والمال ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل ". وقال (ص): ما ذئبان ضاريان أرسلا في زريبة غنم باكثر فساداً من حب الجاه والمال في دين الرجل المسلم ". وقال (ص): " حسب امرىء من الشر إلا من عصمه الله أن يشير الناس اليه بالاصابع ". وقال أمير المؤمنين (ع): " تبذل ولا تشتهر، ولا ترفع شخصك لتذكر، وتعلم واكتم، واصمت تسلم، تسر الأبرار وتغيظ الفجار ". وقال الباقر (ع): " لا تطلبن الرياسة ولا تكن ذنباً، ولا تأكل الناس بنا فيفقرك الله ". وقال الصادق (ع): " إياكم وهؤلاء الرؤساء الذين يترأسون، فو الله ما خفقت النعال خلف رجل إلا هلك وأهلك! ". وقال (ع): " ملعون من ترأس، ملعون من هم بها، ملعون من حدث بها نفسه! " وقال (ع): " من أراد الرياسة هلك ". وقال (ع): " أترى لا اعرف خياركم من شراركم؟ بلى والله! إن شراركم من أحب أن يوطأ عقبه، أنه لا بد من كذاب أو عاجز الرأي "[3].
والأخبار بهذه المضامين كثيرة، ولكثرة آفاتها لا يزال اكابر العلماء وأعاظم الأتقياء يفرون منهما فرار الرجل من الحية السوداء، حتى أن بعضهم إذا جلس إليه أكثر من ثلاثة قام من مجلسه، وبعضهم يبكي لأجل أن اسمه بلغ المسجد الجامع، وبعضهم إذا تبعه اناس من عقبه التفت إليهم وقال: " على مَ تتبعوني، فو الله لو تعلمون ما اغلق عليه بابي ما تبعني منكم رجلان ". وبعضهم يقول: لا اعرف رجلا احب أن يعرف إلا ذهب دينه وافتضح ". وآخر يقول: " لا يجد حلاوة الآخرة رجل يحب أن يعرفه الناس ". وآخر يقول " والله ما صدق الله عبد إلا سره ألا يشعر بمكانه ".
ومن فساد حب الجاه: أن من غلب على قلبه حب الجاه، صار مقصور الهم على مراعاة الخلق، مشغوفا بالتودد إليهم والمراءاة لأجلهم، ولا يزال في أقواله وأفعاله متلفتاً إلى ما يعظم منزلته عندهم، وذلك بذر النفاق وأصل الفساد، ويجر لا محالة إلى التساهل في العبادات والمراآة بها والى اقتحام المحظورات للتوصل بها إلى اقتناص القلوب، ولذلك شبه رسول الله حب الشرف والمال وافسادهما للدين بذئبين ضاربين، وقال: " إنه ينبت النفاق كما ينبت الماء البقل "، إذ النفاق هو مخالفة الظاهر للباطن بالقول والفعل، وكل من طلب المنزلة في قلوب الناس يضطر إلى النفاق معهم، والى التظاهر بخصال حميدة هو خال عنها، وذلك عين النفاق.
------------------
[1] القصص، الآية: 83.
[2] هود، الآية: 15 ـ 16.
[3] الأحاديث الخمسة الاخيرة صححناها على (أصول الكافي): باب طلب الرياسة. و(الوسائل): كتاب الجهاد، الباب 49 من أبواب جهاد النفس
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين الاشراف وعجل فرجهم يا كريم
ذم حب الجاه والشهرة
اعلم ان حب الجاه والشهرة من المهلكات العظيمة، وطالبهما طالب الآفات الدنيوية والاخروية، ومن اشتهر اسمه وانتشر صيته لا يكاد أن تسلم دنياه وعقباه، إلا من شهره الله لنشر دينه من غير تكلف طلب للشهرة منه. ولذا ورد في ذمهما ما لا يمكن إحصاؤه من الآيات والأخبار: قال الله سبحانه:
" تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً "[1]. وقال: " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفٍ اليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون "[2].
وهذا بعمومه متناول لحب الجاه، لأنه أعظم لذة من لذات الحياة الدنيا واكبر زينة من زينتها.
وقال رسول الله (ص): " حب الجاه والمال ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل ". وقال (ص): ما ذئبان ضاريان أرسلا في زريبة غنم باكثر فساداً من حب الجاه والمال في دين الرجل المسلم ". وقال (ص): " حسب امرىء من الشر إلا من عصمه الله أن يشير الناس اليه بالاصابع ". وقال أمير المؤمنين (ع): " تبذل ولا تشتهر، ولا ترفع شخصك لتذكر، وتعلم واكتم، واصمت تسلم، تسر الأبرار وتغيظ الفجار ". وقال الباقر (ع): " لا تطلبن الرياسة ولا تكن ذنباً، ولا تأكل الناس بنا فيفقرك الله ". وقال الصادق (ع): " إياكم وهؤلاء الرؤساء الذين يترأسون، فو الله ما خفقت النعال خلف رجل إلا هلك وأهلك! ". وقال (ع): " ملعون من ترأس، ملعون من هم بها، ملعون من حدث بها نفسه! " وقال (ع): " من أراد الرياسة هلك ". وقال (ع): " أترى لا اعرف خياركم من شراركم؟ بلى والله! إن شراركم من أحب أن يوطأ عقبه، أنه لا بد من كذاب أو عاجز الرأي "[3].
والأخبار بهذه المضامين كثيرة، ولكثرة آفاتها لا يزال اكابر العلماء وأعاظم الأتقياء يفرون منهما فرار الرجل من الحية السوداء، حتى أن بعضهم إذا جلس إليه أكثر من ثلاثة قام من مجلسه، وبعضهم يبكي لأجل أن اسمه بلغ المسجد الجامع، وبعضهم إذا تبعه اناس من عقبه التفت إليهم وقال: " على مَ تتبعوني، فو الله لو تعلمون ما اغلق عليه بابي ما تبعني منكم رجلان ". وبعضهم يقول: لا اعرف رجلا احب أن يعرف إلا ذهب دينه وافتضح ". وآخر يقول: " لا يجد حلاوة الآخرة رجل يحب أن يعرفه الناس ". وآخر يقول " والله ما صدق الله عبد إلا سره ألا يشعر بمكانه ".
ومن فساد حب الجاه: أن من غلب على قلبه حب الجاه، صار مقصور الهم على مراعاة الخلق، مشغوفا بالتودد إليهم والمراءاة لأجلهم، ولا يزال في أقواله وأفعاله متلفتاً إلى ما يعظم منزلته عندهم، وذلك بذر النفاق وأصل الفساد، ويجر لا محالة إلى التساهل في العبادات والمراآة بها والى اقتحام المحظورات للتوصل بها إلى اقتناص القلوب، ولذلك شبه رسول الله حب الشرف والمال وافسادهما للدين بذئبين ضاربين، وقال: " إنه ينبت النفاق كما ينبت الماء البقل "، إذ النفاق هو مخالفة الظاهر للباطن بالقول والفعل، وكل من طلب المنزلة في قلوب الناس يضطر إلى النفاق معهم، والى التظاهر بخصال حميدة هو خال عنها، وذلك عين النفاق.
------------------
[1] القصص، الآية: 83.
[2] هود، الآية: 15 ـ 16.
[3] الأحاديث الخمسة الاخيرة صححناها على (أصول الكافي): باب طلب الرياسة. و(الوسائل): كتاب الجهاد، الباب 49 من أبواب جهاد النفس