الجزائرية
30-06-2013, 11:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وال محمد وعجل فرجهم الشريف ...
مجموعة بحوث مختصرة حول القضية المهدوية وقد اعتمدنا فيها على سلسلة بحوث سماحة السيد محمد رضا الشيرازي وبعض المصادر الاخرى وبحوصنا ايضا حول القضية نسأل الله تعالى ومولانا صاحب الزمان ان يتقبل منا هذا القليل ..
السبب الكامن وراء الغيبة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه الغيبة التي يعتبرها البعض تحديا كبيرا للقائلين بوجود الامام المهدي عليه السلام وللقائلين بامامة الامام المهدي فلماذا كانت هذه الغيبة المحيرة ؟!
بدايتا ينبغي ان نفرق من ان الغيبة ظاهرة عامة في حياة الانبياء والاولياء وليس حالة استثنائية تفرد بها الامام المهدي عج ..
القران الكريم في مواقع متعددة يُشير الى ظاهرة الغيبة في حياة الانبياء وفي حياة الاولياء , لعله احدهم اذا قرأ القران بهذا المنظار يجد ان هنالك اشارات وتلويحات كثيرة في مواقع متعددة في القران الكريم الى فكرة الامام المنتظر ..
القران الكريم يبين ان هنالك كانت غيبة للنبي موسى بن عمران وهي غيبة قصيرة "وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة"
اربعين يوم موسى بن عمران وهو نبي يغيب عن قومه ,حتى اخوه ووصيه لم يصحبه معه في هذه الغيبة ,
القران الكريم يثبت غيبة اخرى طويلة , نبي الله عيسى بن مريم غاب عن قومه بل غاب عن البشرية كلها , الان كم عام يمر على غيبة النبي عيسى؟!!
قال تعالى " وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا "
والى الان عيسى بن مريم يعيش حالة الغيبة ..
القران الكريم يُثبت الغيبة لنبي الله يونس
قال تعالى "وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه .."
لبث نبينا يونس في بطن الحوت اربعون يوما , فهل قدح ذلك في نبوته؟
هل انتفت نبوته بسبب الغيبة ؟
القران الكريم يذكر اصحاب الكهف انهم غابوا ثلاثمئة عاما وازدادو تسعة في الكهف
وكم جيل تبدل خلال هذه الاعوام الطويلة , " وكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ .."
واذا بأصحاب الكهف يعودون الى الظهور بعد هذه الغيبة الطويلة ...
جاء في بحار الانوار
حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود وحيدر بن محمد السمرقدني جميعا قالا : حدثنا محمد بن مسعود قال : حدثنا جبرائيل بن أحمد ، عن موسى بن جعفر البغدادي قال : حدثني الحسن بن محمد الصيرفي ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (ع) قال : إن للقائم منا غيبة يطول أمدها ، فقلت له : يابن رسول الله ولم ذلك ؟ قال ك لان عزوجل أبى إلا أن تجري فيه سنن الانياء (ع) في غيباتهم ، وإنه لابد له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم ، قال الله تعالى : ((لتركبنّ طبقا عن طبق)) أي سنن من كان قبلكم.
اذا كانت ظاهرة الغيبة ظاهرة عامة فالسؤال عن علة الغيبة او سبب الغيبة ايضا يكون عاما وليس خاصا ..
لماذا غاب الامام المهدي عج
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك عدة اجابات حول هذه القضية نذكر منها :
1. الاجابة الاولى :
الاجابة التي اجاب بها الشيخ الطوسي في كتابه الغيبة وعلماءنا الاعلام يعتقدون ان هذه الاجابة مفتاح مهم من مفاتيح التعامل مع قضية المهدي خصوصا ومع الدين عموما ..
وقد عبر عنها الشيخ الطوسي بفكرة الحكمة المجهولة ومجملها :
في دائرة التكوين ودائرة التشريع هناك نقاط غموض اما لاتحتمل عقلية البشر فهمها واما جعل الله هذه النقاط لحكمة من الحكم , ففي دائرة التكوين هناك نقاط غموض اذا لاحظ احدهم هذه النقاط بعيدا عن نظرية الحكمة المجهولة لعله يبتلى بحالة من الاحباط والنكوص والارتداد ..
وكذلك في الاطار التشريعي فهناك نقاط غموض وابهام وهناك مئات الامثلة على ذلك ..
فنحن كيف نواجه نقاط الغموض ؟!
الجواب نواجهها بنظرية الحكمة المجهولة فهذه الفكرة او النظرية ترتبط ارتباطا عضويا بمستوى الايمان فكلما كان مستوى الايمان اعلى الايمان بالحكمة المجهولة يكون اقوى ..
فهناك حكمة كامنة وراء الغيبة , اذا شكك احدهم في هذا فأنه يشكك في ايمانه ...
~~~~~~~~~~~~~~
الاجابة الثانية :
وهي كالاجابة الاولى ووجهت بالرفض والتشكيك وهي ايضا للشيخ الطوسي يطرحها في مكان اخر من كتابه الغيبة ,وهذه الاجابة هي الخوف من بطش الظالمين ..
هل الانبياء والاولياء يخافون ؟!
الجواب :نعم القران الكريم يقول الانبياء يخافون ..
قال تعالى "فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ .."
فأذن النبي خاف وعلى اثر هذا الخوف فرَ حتى لايُقتل ..
كيف يخاف نبي من الانبياء والخوف انر مذموم ؟!وهو يجب ان يكون قمة في الكمال الانساني ؟!!
الاجابة: الخوف نوعان خوف محمود وخوف مذموم ..
1 . الخوف المحمود: الخوف في موطن ينبغي ان يُخاف فيه في شيء يخاف منه..
2. الخوف المذموم :الخوف مما لايخاف منه في موطن لا يُخاف فيه ..
اذا فالخوف كمال جعله الله تعالى لذلك فالانبياء والاولياء ايضا يخافون على انفسهم في موطن ينبغي ان يُخاف فيه كما في حالة النبي موسى ع وهو يحقق صفة الكمال ,
لانريد ان نتعمق في البحث عن هذه الصفة ومن اراد ان يراجع اكثر فليراجع ماطرحه النائيني بصورة مفصلة حول هذه الصفة ..
والسؤال هنا هل الامام المهدي عليه السلام كان في معرض الخطر اذا كان ظاهرا ؟!!
الجواب : يقينا نعم والادلة كثيرة على ذلك
الدليل الاول ابوه الامام العسكري قُتل على ايدي الحكام الظالمين .
الدليل الثاني اجداده جميعا قتلوا على ايدي الظالمين..
وهو مايذكره الامام المعصوم "مامنا الامقتول او مسموم "
فالحكومات الظالمة عمدت على قتل اهل البيت عليهم السلام ..
أما النبي فقد قضى وبقلبه ******* من قومه قبسات وجد مُكمَنِ
والمرتضى أردوه في محرابهِ ******* بيمين اشقى العالمين وألعنِ
الانبياء قُتلوا نبي الله يحيى قُتل واُهدي الى بغي من بغايا بني اسرائيل , جميع الانبياء قُتلوا وطوردوا , قال تعالى "لولا رهطك لرجمناك"
لذلك فالامام المهدي لايشذ عن هذا القانون العام بل هو اكثر في معرض التهديد لأنه هو المبشر به , هو الذي تواترت الاحاديث بأنه سيسقط جميع الظالمين ,
والتاريخ يذكر ان المعتضد حاول مرارا قتل الامام الحجة بل وحتى مهدد من الكثير من المجتمعات !
احدهم يطرح اشكال فيقول : اذا كان الامام المهدي يعلم بأنه هو الموعود فهو بهذا لاخوف عليه ولاخطر ,واذا كانت ارادة الله قدرت ان الامام المهدي يظل لليوم الموعود اذن لاخطر عليه بذلك ؟!
الجواب على ذلك بصورة مختصرة :
في الفقه تقسم القضايا الى حملية وشرطية ,
ارادت الله تعالى تتعلق بالقضايا الحملية ..
النبي محمد صلوات الله عليه واله لماذا اختبئ بالغار ؟ كان يقول اني مضمون بالضمان الالهي !!
فأذن هو مضمون بالضمان الالهي يقينا لكن على القضية الشرطية لا الحملية ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة : احيانا الشيء تكون له علة يعني(سبب) ولكن هذه العلة لاتكون هي العلة النهائية فيكون وراء العلة علة اخرى , وهي العلة في ولادة هذه العلة
كل علة لاحقة تستند الى علة سابقة , وهناك رواية لكمال الدين باب 44ص281
عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر (ع) يقول : إن للقائم غيبة قبل أن يقوم ، قال : قلت : ولم ؟ قال : يخاف – وأومأ بيده إلى بطنه ـ قال زرارة : يعني القتل .
~~~~~~~~~~~~~~
وهناك احتمال اخر وهو الخوف على المهمة قد يكون احدهم خائف على نفسه وقد يكون خائف على المهمة
قال تعالى " فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى"
مما خاف النبي موسى (ع) من حبال السحرة وعصيهم التي تحولت الى افاعي وهمية ؟!!!
عن الامام علي عليه السلام انه قال (انه خاف من غلبة الباطل واخلال الجهّال)
خاف من عدم ايضاح المهمة للناس فيضيع الامر على الناس والاية اللاحقة توّضح المعنى
قال تعالى "قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَىٰ"
فالخوف ليس من القتل بل لعدم التمكن من اداء المهمة ..
اذن نظرية الخوف مقبولة ..
~~~~~~~~~~~~~~
الاجابة الثالثة:
ان غيبة الامام المهدي عليه السلام تمثل شكلا من اشكال التمحيص والابتلاء الالهي للعباد, والقران الكريم يبين ان الابتلاء الالهي سنة الله في عباده ..
قال تعالى "احَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ "
اذن فالابتلاء الالهي كان في الامم المتقدمة وهذه الامة لاتشذ عن هذه السنة الالهية بل لعل القران الكريم يدل على ان الغاية والهدف من الخلقة هو الاختبار والامتحان
قال تعالى "تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ"
فالغاية من الخلقة هي الامتحان والتمحيص الالهي ...
وهناك انواع عديدة من الابتلاءات الالهية وغايتها اختبار العبد ..
واحد اشكال الابتلاء الالهي هو الابتلاء بالغيبة ,
نستعين بمثال من حياة الانبياء صلوات الله عليهم
~~~~~~~
نحن نعلم ان وجود القائد في مراحل التحول التاريخي قضية مهمة جدا في مرحلة التحول في بدايدايات التكوين, وجود القائد بين ظهراني الامة امر ضروري لان هذه الامة لم تصل الى كمالها المطلوب .
هذه الامة ما استقرت امة فيها رواسب الماضي وهذه الرواسب يمكن ان تعرض الامة للخطر اذا غاب القائد , ومع ذلك نجد نبي من الانبياء يغيب عن امته في مرحلة التكوين والتحويل..
نبي الله موسى عندما انتقل الى مرحلة التكوين الامة , جديدة التكوين جديدة التأسيس قد خرجت من تحت حكم ال فرعون , فوجود النبي في هذه المرحلة مهم جدا ولكن هذا النبي يغيب ثلاثين ليلة والعجيب ان التقدير الالهي يمدد هذه الثلاثين الى اربعين ..
قال تعالى " وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة"
طالت الغيبة واذا بالكوامن الدفينة تتحرك واذا بالمجال يُفسح امام القوة التي في قلبها مرض او في قلبها شك او في قلبها ريب , واذا بهذه الامة الجديدة تمتحن امتحان شديد ..
يأتي هناك رجل يقال له السامري فيصنع له عجل من ذهب الى نهاية القضية ...
هنالك رواية لطيفة في بحار الانوار (المجلد الثالث عشر ص227 )
(عن أبى بصير عن أبى جعفر عليه السلام (1) قال : لما ناجى موسى ربه أوحى الله اليه : ان يا موسى قد فتنت قومك ، قال : وبماذا يا رب ؟ قال : بالسامرى صاغ لهم من حليهم عجلا ، قال : يا رب ان حليهم لايحتمل أن يصاغ منه غزال وتمثال وعجل فكيف فتنتهم ؟ قال : صاغ لهم عجلا فخار ، قال : يارب و من أخاره ؟ قال : أنا ، قال عنده موسى : ان هى الا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدى من تشاء)
اذن هو امتحان فتنة فأذا كان موسى موجودا معهم ماكان يمكن كما يبدو هذا الامتحان الالهي !
هنالك رجل يسأل الامام الحسين صلوات الله عليه لماذا تخرج الى كربلاء ..
قال الامام الحسين ع "فبماذا يُمتحن هذا الخلق "
فهنالك كوامن هذه الكوامن خفية وهي في مراحل القوة فالامتحان الالهي يوّفر الجو ..
الله تعالى يحرك الاحداث بشكل حتى ما بالقوة يتحول الى ما بالفعل ..
المفروض ان النبي يغيب غاب النبي ..
المفروض ان الامام يغيب غاب الامام ..
الارادة التكوينية تتحرك في اتجاه والارادة التشريعية تتحرك باتجاه اخر لأنه اذا توافق تحرك الارادتين لا يتحقق الامتحان .,.
واذا بالله تعالى يمحص مافي القلوب ..
~~~~~~~~~~~
روايات عن غيبة الامام والتي تبين ان هذه الغيبة امتحان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن زرارة عن الإمام الصادق عليه السلام: إن المهدي منّا, له غيبة قبل أن يقوم لأن الله عزوجل يحب أن يمتحن خلقه فعند ذلك يرتاب المبطلون (الكافي: 1/ 337 الحديث 5، إكمال الدين وإتمام النعمة 342 الحديث 24 عن الباب 33
عن الإمام الصادق (عليه السلام) { والله لتكسرن كسر الزجاج وان الزجاج يعاد فيعود كما كان ، والله لتكسرن كسر الفخار وان الفخار لا يعود كما كان ، والله لتمحصن والله لتغربلن كما يغربل الزؤان (نبات يخالط الحنطة) من القمح)
(بحار الانوار الحديث الثالث ص101)
قال إن الإمام الكاظم (عليه السلام) قال لأولاده وأرحامه: (إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم، لا يزيلنكم عنها أحد. يا بني إنه لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به !؟ إنما هي محنة من الله عز وجل امتحن بها خلقه
الكافي: ج1 ص336.
وجاء في بحار الانوار
روي عن جابر الجعفيّ، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: متى يكون فَرَجُكم؟ فقال: هيهاتَ هيهات، لا يكون فرجنا حتّى تُغرَبلوا ثمّ تُغربلوا ثمّ تغربلوا، قالها ثلاثاً، حتّى يذهب الكدر ويبقي الصفو.
ملاحظة: في امتحانات الغيبة هنالك اختلاط عجيب بين عنصرين عنصر الظهور وعنصر البطون , عنصر التجلي وعنصر الاختلاط ,عنصر الغيبة وعنصر الوضوح ...
لماذا البطون ؟!
الجواب الامتحان .
لماذا الظهور الكامل؟!!
لتتم الحجة على العباد ..
اللهم صلِ على محمد وال محمد وعجل فرجهم الشريف ...
مجموعة بحوث مختصرة حول القضية المهدوية وقد اعتمدنا فيها على سلسلة بحوث سماحة السيد محمد رضا الشيرازي وبعض المصادر الاخرى وبحوصنا ايضا حول القضية نسأل الله تعالى ومولانا صاحب الزمان ان يتقبل منا هذا القليل ..
السبب الكامن وراء الغيبة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه الغيبة التي يعتبرها البعض تحديا كبيرا للقائلين بوجود الامام المهدي عليه السلام وللقائلين بامامة الامام المهدي فلماذا كانت هذه الغيبة المحيرة ؟!
بدايتا ينبغي ان نفرق من ان الغيبة ظاهرة عامة في حياة الانبياء والاولياء وليس حالة استثنائية تفرد بها الامام المهدي عج ..
القران الكريم في مواقع متعددة يُشير الى ظاهرة الغيبة في حياة الانبياء وفي حياة الاولياء , لعله احدهم اذا قرأ القران بهذا المنظار يجد ان هنالك اشارات وتلويحات كثيرة في مواقع متعددة في القران الكريم الى فكرة الامام المنتظر ..
القران الكريم يبين ان هنالك كانت غيبة للنبي موسى بن عمران وهي غيبة قصيرة "وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة"
اربعين يوم موسى بن عمران وهو نبي يغيب عن قومه ,حتى اخوه ووصيه لم يصحبه معه في هذه الغيبة ,
القران الكريم يثبت غيبة اخرى طويلة , نبي الله عيسى بن مريم غاب عن قومه بل غاب عن البشرية كلها , الان كم عام يمر على غيبة النبي عيسى؟!!
قال تعالى " وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا "
والى الان عيسى بن مريم يعيش حالة الغيبة ..
القران الكريم يُثبت الغيبة لنبي الله يونس
قال تعالى "وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه .."
لبث نبينا يونس في بطن الحوت اربعون يوما , فهل قدح ذلك في نبوته؟
هل انتفت نبوته بسبب الغيبة ؟
القران الكريم يذكر اصحاب الكهف انهم غابوا ثلاثمئة عاما وازدادو تسعة في الكهف
وكم جيل تبدل خلال هذه الاعوام الطويلة , " وكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ .."
واذا بأصحاب الكهف يعودون الى الظهور بعد هذه الغيبة الطويلة ...
جاء في بحار الانوار
حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود وحيدر بن محمد السمرقدني جميعا قالا : حدثنا محمد بن مسعود قال : حدثنا جبرائيل بن أحمد ، عن موسى بن جعفر البغدادي قال : حدثني الحسن بن محمد الصيرفي ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (ع) قال : إن للقائم منا غيبة يطول أمدها ، فقلت له : يابن رسول الله ولم ذلك ؟ قال ك لان عزوجل أبى إلا أن تجري فيه سنن الانياء (ع) في غيباتهم ، وإنه لابد له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم ، قال الله تعالى : ((لتركبنّ طبقا عن طبق)) أي سنن من كان قبلكم.
اذا كانت ظاهرة الغيبة ظاهرة عامة فالسؤال عن علة الغيبة او سبب الغيبة ايضا يكون عاما وليس خاصا ..
لماذا غاب الامام المهدي عج
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك عدة اجابات حول هذه القضية نذكر منها :
1. الاجابة الاولى :
الاجابة التي اجاب بها الشيخ الطوسي في كتابه الغيبة وعلماءنا الاعلام يعتقدون ان هذه الاجابة مفتاح مهم من مفاتيح التعامل مع قضية المهدي خصوصا ومع الدين عموما ..
وقد عبر عنها الشيخ الطوسي بفكرة الحكمة المجهولة ومجملها :
في دائرة التكوين ودائرة التشريع هناك نقاط غموض اما لاتحتمل عقلية البشر فهمها واما جعل الله هذه النقاط لحكمة من الحكم , ففي دائرة التكوين هناك نقاط غموض اذا لاحظ احدهم هذه النقاط بعيدا عن نظرية الحكمة المجهولة لعله يبتلى بحالة من الاحباط والنكوص والارتداد ..
وكذلك في الاطار التشريعي فهناك نقاط غموض وابهام وهناك مئات الامثلة على ذلك ..
فنحن كيف نواجه نقاط الغموض ؟!
الجواب نواجهها بنظرية الحكمة المجهولة فهذه الفكرة او النظرية ترتبط ارتباطا عضويا بمستوى الايمان فكلما كان مستوى الايمان اعلى الايمان بالحكمة المجهولة يكون اقوى ..
فهناك حكمة كامنة وراء الغيبة , اذا شكك احدهم في هذا فأنه يشكك في ايمانه ...
~~~~~~~~~~~~~~
الاجابة الثانية :
وهي كالاجابة الاولى ووجهت بالرفض والتشكيك وهي ايضا للشيخ الطوسي يطرحها في مكان اخر من كتابه الغيبة ,وهذه الاجابة هي الخوف من بطش الظالمين ..
هل الانبياء والاولياء يخافون ؟!
الجواب :نعم القران الكريم يقول الانبياء يخافون ..
قال تعالى "فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ .."
فأذن النبي خاف وعلى اثر هذا الخوف فرَ حتى لايُقتل ..
كيف يخاف نبي من الانبياء والخوف انر مذموم ؟!وهو يجب ان يكون قمة في الكمال الانساني ؟!!
الاجابة: الخوف نوعان خوف محمود وخوف مذموم ..
1 . الخوف المحمود: الخوف في موطن ينبغي ان يُخاف فيه في شيء يخاف منه..
2. الخوف المذموم :الخوف مما لايخاف منه في موطن لا يُخاف فيه ..
اذا فالخوف كمال جعله الله تعالى لذلك فالانبياء والاولياء ايضا يخافون على انفسهم في موطن ينبغي ان يُخاف فيه كما في حالة النبي موسى ع وهو يحقق صفة الكمال ,
لانريد ان نتعمق في البحث عن هذه الصفة ومن اراد ان يراجع اكثر فليراجع ماطرحه النائيني بصورة مفصلة حول هذه الصفة ..
والسؤال هنا هل الامام المهدي عليه السلام كان في معرض الخطر اذا كان ظاهرا ؟!!
الجواب : يقينا نعم والادلة كثيرة على ذلك
الدليل الاول ابوه الامام العسكري قُتل على ايدي الحكام الظالمين .
الدليل الثاني اجداده جميعا قتلوا على ايدي الظالمين..
وهو مايذكره الامام المعصوم "مامنا الامقتول او مسموم "
فالحكومات الظالمة عمدت على قتل اهل البيت عليهم السلام ..
أما النبي فقد قضى وبقلبه ******* من قومه قبسات وجد مُكمَنِ
والمرتضى أردوه في محرابهِ ******* بيمين اشقى العالمين وألعنِ
الانبياء قُتلوا نبي الله يحيى قُتل واُهدي الى بغي من بغايا بني اسرائيل , جميع الانبياء قُتلوا وطوردوا , قال تعالى "لولا رهطك لرجمناك"
لذلك فالامام المهدي لايشذ عن هذا القانون العام بل هو اكثر في معرض التهديد لأنه هو المبشر به , هو الذي تواترت الاحاديث بأنه سيسقط جميع الظالمين ,
والتاريخ يذكر ان المعتضد حاول مرارا قتل الامام الحجة بل وحتى مهدد من الكثير من المجتمعات !
احدهم يطرح اشكال فيقول : اذا كان الامام المهدي يعلم بأنه هو الموعود فهو بهذا لاخوف عليه ولاخطر ,واذا كانت ارادة الله قدرت ان الامام المهدي يظل لليوم الموعود اذن لاخطر عليه بذلك ؟!
الجواب على ذلك بصورة مختصرة :
في الفقه تقسم القضايا الى حملية وشرطية ,
ارادت الله تعالى تتعلق بالقضايا الحملية ..
النبي محمد صلوات الله عليه واله لماذا اختبئ بالغار ؟ كان يقول اني مضمون بالضمان الالهي !!
فأذن هو مضمون بالضمان الالهي يقينا لكن على القضية الشرطية لا الحملية ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة : احيانا الشيء تكون له علة يعني(سبب) ولكن هذه العلة لاتكون هي العلة النهائية فيكون وراء العلة علة اخرى , وهي العلة في ولادة هذه العلة
كل علة لاحقة تستند الى علة سابقة , وهناك رواية لكمال الدين باب 44ص281
عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر (ع) يقول : إن للقائم غيبة قبل أن يقوم ، قال : قلت : ولم ؟ قال : يخاف – وأومأ بيده إلى بطنه ـ قال زرارة : يعني القتل .
~~~~~~~~~~~~~~
وهناك احتمال اخر وهو الخوف على المهمة قد يكون احدهم خائف على نفسه وقد يكون خائف على المهمة
قال تعالى " فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى"
مما خاف النبي موسى (ع) من حبال السحرة وعصيهم التي تحولت الى افاعي وهمية ؟!!!
عن الامام علي عليه السلام انه قال (انه خاف من غلبة الباطل واخلال الجهّال)
خاف من عدم ايضاح المهمة للناس فيضيع الامر على الناس والاية اللاحقة توّضح المعنى
قال تعالى "قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَىٰ"
فالخوف ليس من القتل بل لعدم التمكن من اداء المهمة ..
اذن نظرية الخوف مقبولة ..
~~~~~~~~~~~~~~
الاجابة الثالثة:
ان غيبة الامام المهدي عليه السلام تمثل شكلا من اشكال التمحيص والابتلاء الالهي للعباد, والقران الكريم يبين ان الابتلاء الالهي سنة الله في عباده ..
قال تعالى "احَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ "
اذن فالابتلاء الالهي كان في الامم المتقدمة وهذه الامة لاتشذ عن هذه السنة الالهية بل لعل القران الكريم يدل على ان الغاية والهدف من الخلقة هو الاختبار والامتحان
قال تعالى "تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ"
فالغاية من الخلقة هي الامتحان والتمحيص الالهي ...
وهناك انواع عديدة من الابتلاءات الالهية وغايتها اختبار العبد ..
واحد اشكال الابتلاء الالهي هو الابتلاء بالغيبة ,
نستعين بمثال من حياة الانبياء صلوات الله عليهم
~~~~~~~
نحن نعلم ان وجود القائد في مراحل التحول التاريخي قضية مهمة جدا في مرحلة التحول في بدايدايات التكوين, وجود القائد بين ظهراني الامة امر ضروري لان هذه الامة لم تصل الى كمالها المطلوب .
هذه الامة ما استقرت امة فيها رواسب الماضي وهذه الرواسب يمكن ان تعرض الامة للخطر اذا غاب القائد , ومع ذلك نجد نبي من الانبياء يغيب عن امته في مرحلة التكوين والتحويل..
نبي الله موسى عندما انتقل الى مرحلة التكوين الامة , جديدة التكوين جديدة التأسيس قد خرجت من تحت حكم ال فرعون , فوجود النبي في هذه المرحلة مهم جدا ولكن هذا النبي يغيب ثلاثين ليلة والعجيب ان التقدير الالهي يمدد هذه الثلاثين الى اربعين ..
قال تعالى " وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة"
طالت الغيبة واذا بالكوامن الدفينة تتحرك واذا بالمجال يُفسح امام القوة التي في قلبها مرض او في قلبها شك او في قلبها ريب , واذا بهذه الامة الجديدة تمتحن امتحان شديد ..
يأتي هناك رجل يقال له السامري فيصنع له عجل من ذهب الى نهاية القضية ...
هنالك رواية لطيفة في بحار الانوار (المجلد الثالث عشر ص227 )
(عن أبى بصير عن أبى جعفر عليه السلام (1) قال : لما ناجى موسى ربه أوحى الله اليه : ان يا موسى قد فتنت قومك ، قال : وبماذا يا رب ؟ قال : بالسامرى صاغ لهم من حليهم عجلا ، قال : يا رب ان حليهم لايحتمل أن يصاغ منه غزال وتمثال وعجل فكيف فتنتهم ؟ قال : صاغ لهم عجلا فخار ، قال : يارب و من أخاره ؟ قال : أنا ، قال عنده موسى : ان هى الا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدى من تشاء)
اذن هو امتحان فتنة فأذا كان موسى موجودا معهم ماكان يمكن كما يبدو هذا الامتحان الالهي !
هنالك رجل يسأل الامام الحسين صلوات الله عليه لماذا تخرج الى كربلاء ..
قال الامام الحسين ع "فبماذا يُمتحن هذا الخلق "
فهنالك كوامن هذه الكوامن خفية وهي في مراحل القوة فالامتحان الالهي يوّفر الجو ..
الله تعالى يحرك الاحداث بشكل حتى ما بالقوة يتحول الى ما بالفعل ..
المفروض ان النبي يغيب غاب النبي ..
المفروض ان الامام يغيب غاب الامام ..
الارادة التكوينية تتحرك في اتجاه والارادة التشريعية تتحرك باتجاه اخر لأنه اذا توافق تحرك الارادتين لا يتحقق الامتحان .,.
واذا بالله تعالى يمحص مافي القلوب ..
~~~~~~~~~~~
روايات عن غيبة الامام والتي تبين ان هذه الغيبة امتحان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن زرارة عن الإمام الصادق عليه السلام: إن المهدي منّا, له غيبة قبل أن يقوم لأن الله عزوجل يحب أن يمتحن خلقه فعند ذلك يرتاب المبطلون (الكافي: 1/ 337 الحديث 5، إكمال الدين وإتمام النعمة 342 الحديث 24 عن الباب 33
عن الإمام الصادق (عليه السلام) { والله لتكسرن كسر الزجاج وان الزجاج يعاد فيعود كما كان ، والله لتكسرن كسر الفخار وان الفخار لا يعود كما كان ، والله لتمحصن والله لتغربلن كما يغربل الزؤان (نبات يخالط الحنطة) من القمح)
(بحار الانوار الحديث الثالث ص101)
قال إن الإمام الكاظم (عليه السلام) قال لأولاده وأرحامه: (إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم، لا يزيلنكم عنها أحد. يا بني إنه لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به !؟ إنما هي محنة من الله عز وجل امتحن بها خلقه
الكافي: ج1 ص336.
وجاء في بحار الانوار
روي عن جابر الجعفيّ، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: متى يكون فَرَجُكم؟ فقال: هيهاتَ هيهات، لا يكون فرجنا حتّى تُغرَبلوا ثمّ تُغربلوا ثمّ تغربلوا، قالها ثلاثاً، حتّى يذهب الكدر ويبقي الصفو.
ملاحظة: في امتحانات الغيبة هنالك اختلاط عجيب بين عنصرين عنصر الظهور وعنصر البطون , عنصر التجلي وعنصر الاختلاط ,عنصر الغيبة وعنصر الوضوح ...
لماذا البطون ؟!
الجواب الامتحان .
لماذا الظهور الكامل؟!!
لتتم الحجة على العباد ..