الرحيق المختوم
02-07-2013, 12:33 PM
إن لم نكن عبدا لله، نكن عبدا للطاغوت
من عرف أنه عبد الله يخرج من الحيرة
في العلاقات المادية نجد أن المولى هو الذي يختار عبده ويبتاعه، بيد أن الله سبحانه وتعالى قد خلق الناس وفطرهم بحيث يبحثون هم عن مولاهم ليجدوه ويخرجوا به عن حيرتهم. لهذا من عرف هويته لم يعد في حيرة.
من عرف أنه عبدا لله عند ذلك يعيش أحلى وأجمل العلاقة مع ربّه، حتى أن باقي علاقاته الاجتماعية سوف تتأطر في هذه العلاقة الرئيسة مع الله. فعلى سبيل المثال إن أحبّ زوجه فلأنها هي هبة من قبل الله إليه. فمن وجد نفسه عبدا حقيقة، سوف لا يرى نفسه مالكا لأولاده. هكذا كان أمير المؤمنين(ع) يناجي ربّه في مسجد الكوفة: «مَوْلَایَ یَا مَوْلَایَ أَنْتَ الْمَوْلَى وَ أَنَا الْعَبْدُ وَ هَلْ یَرْحَمُ الْعَبْدَ إِلَّا الْمَوْلَى مَوْلَایَ یَا مَوْلَایَ أَنْتَ الْمَالِکُ وَ أَنَا الْمَمْلُوکُ وَ هَلْ یَرْحَمُ الْمَمْلُوکَ إِلَّا الْمَالِک».
إن أحد أساليب درك لذة العبودية لله هو أن نزيد في جمال عبادتنا ونكثر من سجودنا ونصعّد من روعة طاعتنا له ثم نمتثل أوامره من صميم قلوبنا حتى تعجبه عبادتنا وطاعتنا ويذيقنا حلاوة العبودية.
إن عقوبة أولئك الذين نسوا الله هي أن تعمى أعينهم عن مشاهدة حقيقتهم وهويتهم/ أحد ألدّ أعداء عبودية الإنسان هو مدرسة الأومانية وأصالة الإنسان
إن للعبودية أعداء كثيرين وأحد شرار هؤلاء الأعداء هو الأومانية؛ إذ إن الأومانية تبرز «الأنا» في مقابل العبودية وتعزز الكبر والأنانية. فعقوبة أولئك الذين نسوا الله هي أن لا يروا بعد ذلك أنفسهم: (وَلاتَکُونُوا کَالَّذینَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُم).[1] فمن ابتعد عن الله لم يعد يرى نفسه عبدا فهو لا يرى حقيقته ولا يملك روح العبودية تجاه الله سبحانه.
إن لم نكن عبدا لله نكن عبدا للطاغوت/ عبد الطاغوت هو من يمتثل أمر ما سوى الله
لا يخرج الإنسان عن حالين؛ فإما هو عبد لله والله مولاه، وإما أن يعبد ما سوى الله فيصبح عبد الطاغوت. والطاغوت هو من لم يأمر الله بطاعته. (اللَّهُ وَلِیُّ الَّذینَ آمَنُوا یُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَ الَّذینَ کَفَرُوا أَوْلِیاؤُهُمُ الطَّاغُوت).[2] إن عبدة الطاغوت هم شرار خلق الله وقد لعنهم الله وغضب عليهم؛ (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُکُم بِشرٍَّ مِّن ذَالِکَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَیْهِ وَ جَعَلَ مِنهُْمُ الْقِرَدَةَ وَ الخَْنَازِیرَ وَ عَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئکَ شرٌَّ مَّکاَنًا وَ أَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِیل).[3] ولا يخفى أن عبادة الطاغوت ليس أمرا معقدا صعب الحصول، فحسب الإنسان أن يطيع غير الله ليصير من عبدة الطاغوت.
لقد قال الإمام الباقر(ع): «مَنْ أَصْغَى إِلَى نَاطِقٍ فَقَدْ عَبَدَهُ فَإِنْ کَانَ النَّاطِقُ یُؤَدِّی عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَدْ عَبَدَ اللَّهَ وَ إِنْ کَانَ النَّاطِقُ یُؤَدِّی عَنِ الشَّیْطَانِ فَقَدْ عَبَدَ الشَّیْطَانَ».[4]
وقال الإمام الصادق(ع): «لَیْسَ الْعِبَادَةُ هِیَ السُّجُودَ وَ لَا الرُّکُوعَ إِنَّمَا هِیَ طَاعَةُ الرِّجَالِ مَنْ أَطَاعَ الْمَخْلُوقَ فِی مَعْصِیَةِ الْخَالِقِ فَقَدْ عَبَدَهُ.»[5]
إن لم نعبد الله فلا فرق بعد ذلك في ما نعبده، إذ نكن من الخاسرين في كل الأحوال. «قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مخُْلِصًا لَّهُ دِینىِ*فَاعْبُدُواْ مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخاسِرینَ الَّذینَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلیهِمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ أَلا ذلِکَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبین»[6] وهناك من يعبد عدوه المبين أي الشيطان. :«أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَیْکُمْ یا بَنی آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّیْطانَ إِنَّهُ لَکُمْ عَدُوٌّ مُبین».[7] وهناك من يعبد هواه: «أَ فَرَأَیْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ»[8]
لابدّ أن نحذر من دخول بعض عبّاد الهوى وعباد ما سوى الله بين السياسيين والوزراء ونواب المجلس وفي مثل هذه الأوساط السياسية، إذ سوف يسوقون المجتمع إلى متاهات وفي سبيل مصالحهم سوف يعبثون في الأرض فسادا. إن المناصب السياسية هي مقام جلوس أتقى الناس وأورعهم، وبالتأكيد لا يعني هذا الكلام أن هذه المناصب بغنى عن التخصص والكفاءة، ولكن التقوى تقيد الإنسان فعندما رأى أنه ليس بجدير لاستلام هذا المنصب تمنعه تقواه من الدخول في هذا الميدان.
قد يصل الأمر بعبد الطاغوت أن يقتل الحسين(ع)/ لا يقدر عبد الطاغوت أن يسيطر على نفسه
من خضع لعبادة غير الله، يقوده أربابه إلى أن يصيروه قاتلا لأبي عبد الله الحسين(ع)، فيصل الأمر به إلى أن يشهر سيفه ضدّ الحسين(ع). فلعلّ قبل أيام من يوم عاشوراء لم يخطر على قتلة الحسين(ع) أنهم سيرتكبون جريمة كهذه.
فمن أصبح عبدا للطاغوت يقدم على كلّ شيء بإشارة منه. إن أولئك الأراذل الذين كانوا يحرقون سلات النفايات في شوارع طهران في فتنة عام 2009 إنما كانوا عبدة الطاغوت، فكانوا يرتكبون كل شيء بأمره وإشارته، إذ من يخرج عن عبادة الله يصبح عبدا للطاغوت لا محالة، وبعد ذلك يقوم بكل ما أمره ربّه.
[1]. الحشر: 19.
[2]. البقرة: 257.
[3]. المائدة: 60
[4]. الكافي، ج6، ص434.
[5]. تفسير القمي، ج2، ص55.
[6]. الزمر: 14، 15.
[7]. يس: 60.
[8]. الجاثية: 23.
من عرف أنه عبد الله يخرج من الحيرة
في العلاقات المادية نجد أن المولى هو الذي يختار عبده ويبتاعه، بيد أن الله سبحانه وتعالى قد خلق الناس وفطرهم بحيث يبحثون هم عن مولاهم ليجدوه ويخرجوا به عن حيرتهم. لهذا من عرف هويته لم يعد في حيرة.
من عرف أنه عبدا لله عند ذلك يعيش أحلى وأجمل العلاقة مع ربّه، حتى أن باقي علاقاته الاجتماعية سوف تتأطر في هذه العلاقة الرئيسة مع الله. فعلى سبيل المثال إن أحبّ زوجه فلأنها هي هبة من قبل الله إليه. فمن وجد نفسه عبدا حقيقة، سوف لا يرى نفسه مالكا لأولاده. هكذا كان أمير المؤمنين(ع) يناجي ربّه في مسجد الكوفة: «مَوْلَایَ یَا مَوْلَایَ أَنْتَ الْمَوْلَى وَ أَنَا الْعَبْدُ وَ هَلْ یَرْحَمُ الْعَبْدَ إِلَّا الْمَوْلَى مَوْلَایَ یَا مَوْلَایَ أَنْتَ الْمَالِکُ وَ أَنَا الْمَمْلُوکُ وَ هَلْ یَرْحَمُ الْمَمْلُوکَ إِلَّا الْمَالِک».
إن أحد أساليب درك لذة العبودية لله هو أن نزيد في جمال عبادتنا ونكثر من سجودنا ونصعّد من روعة طاعتنا له ثم نمتثل أوامره من صميم قلوبنا حتى تعجبه عبادتنا وطاعتنا ويذيقنا حلاوة العبودية.
إن عقوبة أولئك الذين نسوا الله هي أن تعمى أعينهم عن مشاهدة حقيقتهم وهويتهم/ أحد ألدّ أعداء عبودية الإنسان هو مدرسة الأومانية وأصالة الإنسان
إن للعبودية أعداء كثيرين وأحد شرار هؤلاء الأعداء هو الأومانية؛ إذ إن الأومانية تبرز «الأنا» في مقابل العبودية وتعزز الكبر والأنانية. فعقوبة أولئك الذين نسوا الله هي أن لا يروا بعد ذلك أنفسهم: (وَلاتَکُونُوا کَالَّذینَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُم).[1] فمن ابتعد عن الله لم يعد يرى نفسه عبدا فهو لا يرى حقيقته ولا يملك روح العبودية تجاه الله سبحانه.
إن لم نكن عبدا لله نكن عبدا للطاغوت/ عبد الطاغوت هو من يمتثل أمر ما سوى الله
لا يخرج الإنسان عن حالين؛ فإما هو عبد لله والله مولاه، وإما أن يعبد ما سوى الله فيصبح عبد الطاغوت. والطاغوت هو من لم يأمر الله بطاعته. (اللَّهُ وَلِیُّ الَّذینَ آمَنُوا یُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَ الَّذینَ کَفَرُوا أَوْلِیاؤُهُمُ الطَّاغُوت).[2] إن عبدة الطاغوت هم شرار خلق الله وقد لعنهم الله وغضب عليهم؛ (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُکُم بِشرٍَّ مِّن ذَالِکَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَیْهِ وَ جَعَلَ مِنهُْمُ الْقِرَدَةَ وَ الخَْنَازِیرَ وَ عَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئکَ شرٌَّ مَّکاَنًا وَ أَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِیل).[3] ولا يخفى أن عبادة الطاغوت ليس أمرا معقدا صعب الحصول، فحسب الإنسان أن يطيع غير الله ليصير من عبدة الطاغوت.
لقد قال الإمام الباقر(ع): «مَنْ أَصْغَى إِلَى نَاطِقٍ فَقَدْ عَبَدَهُ فَإِنْ کَانَ النَّاطِقُ یُؤَدِّی عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَدْ عَبَدَ اللَّهَ وَ إِنْ کَانَ النَّاطِقُ یُؤَدِّی عَنِ الشَّیْطَانِ فَقَدْ عَبَدَ الشَّیْطَانَ».[4]
وقال الإمام الصادق(ع): «لَیْسَ الْعِبَادَةُ هِیَ السُّجُودَ وَ لَا الرُّکُوعَ إِنَّمَا هِیَ طَاعَةُ الرِّجَالِ مَنْ أَطَاعَ الْمَخْلُوقَ فِی مَعْصِیَةِ الْخَالِقِ فَقَدْ عَبَدَهُ.»[5]
إن لم نعبد الله فلا فرق بعد ذلك في ما نعبده، إذ نكن من الخاسرين في كل الأحوال. «قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مخُْلِصًا لَّهُ دِینىِ*فَاعْبُدُواْ مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخاسِرینَ الَّذینَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلیهِمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ أَلا ذلِکَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبین»[6] وهناك من يعبد عدوه المبين أي الشيطان. :«أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَیْکُمْ یا بَنی آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّیْطانَ إِنَّهُ لَکُمْ عَدُوٌّ مُبین».[7] وهناك من يعبد هواه: «أَ فَرَأَیْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ»[8]
لابدّ أن نحذر من دخول بعض عبّاد الهوى وعباد ما سوى الله بين السياسيين والوزراء ونواب المجلس وفي مثل هذه الأوساط السياسية، إذ سوف يسوقون المجتمع إلى متاهات وفي سبيل مصالحهم سوف يعبثون في الأرض فسادا. إن المناصب السياسية هي مقام جلوس أتقى الناس وأورعهم، وبالتأكيد لا يعني هذا الكلام أن هذه المناصب بغنى عن التخصص والكفاءة، ولكن التقوى تقيد الإنسان فعندما رأى أنه ليس بجدير لاستلام هذا المنصب تمنعه تقواه من الدخول في هذا الميدان.
قد يصل الأمر بعبد الطاغوت أن يقتل الحسين(ع)/ لا يقدر عبد الطاغوت أن يسيطر على نفسه
من خضع لعبادة غير الله، يقوده أربابه إلى أن يصيروه قاتلا لأبي عبد الله الحسين(ع)، فيصل الأمر به إلى أن يشهر سيفه ضدّ الحسين(ع). فلعلّ قبل أيام من يوم عاشوراء لم يخطر على قتلة الحسين(ع) أنهم سيرتكبون جريمة كهذه.
فمن أصبح عبدا للطاغوت يقدم على كلّ شيء بإشارة منه. إن أولئك الأراذل الذين كانوا يحرقون سلات النفايات في شوارع طهران في فتنة عام 2009 إنما كانوا عبدة الطاغوت، فكانوا يرتكبون كل شيء بأمره وإشارته، إذ من يخرج عن عبادة الله يصبح عبدا للطاغوت لا محالة، وبعد ذلك يقوم بكل ما أمره ربّه.
[1]. الحشر: 19.
[2]. البقرة: 257.
[3]. المائدة: 60
[4]. الكافي، ج6، ص434.
[5]. تفسير القمي، ج2، ص55.
[6]. الزمر: 14، 15.
[7]. يس: 60.
[8]. الجاثية: 23.