مشاهدة النسخة كاملة : موضوع للنقاش: عراق 2040م صومالي أم خليجي أم كوري جنوبي؟
د. حامد العطية
27-07-2013, 07:03 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استجابة لاقتراح من الأخ الفاضل الأستاذ الرجل الحر ودعوة كريمة من إدارة هذا المنتدى الأغر أطرح موضوعاً مقترحاً للنقاش يدور حول مستقبل العراق بعد حوالي ربع قرن من اليوم، كلنا ندعوا ونأمل أن يكون عراقاً مستقراً آمناً ومزدهراً تتحقق فيه أمنيات العراقيين ويكون مدعاة فخر واعتزاز لهم، ومن البديهي أن مستقبل العراق يبنى اليوم، وما سوف يكون عليه هو نتيجة للخطط والقرارات التي يتخذها صانعو القرارات الذين اختارهم العراقيون عبر صناديق الاقتراع وسيعيدونهم إلى مناصبهم أو يأتون بغيرهم في الانتخابات القادمة وبالتالي نتحمل جميعاً المسؤولية في صنع مستقبل العراق الذي سيعيش فيه أولادنا وأحفادنا ومن هنا تتضح أهمية هذا النقاش في تقديري الشخصي.
اقترح طرح هذا الموضوع لابداء الرأي والنقاش بين أعضاء هذا المنتدى الكريم على امتداد أربعة أيام ومن الله السداد والتوفيق.
موضوع للنقاش: عراق 2040م صومالي أم خليجي أم كوري جنوبي؟
د. حامد العطية
العراقيون اليوم يطاردهم الماضي بكوابيسه، ويعذبهم الحاضر برعبه، وجل اهتمامهم منصب على تدبير احتياجاتهم الآنية، فلا يجدون الوقت للتفكير بالمستقبل، لكنهم ومثل كل شعوب العالم يتمنون مستقبلاً أفضل لأبنائهم وأحفادهم، فما هي احتمالات حدوث ذلك؟ استشراف المستقبل موضوع شائك ومعقد، واحتمالات الخطأ فيه عالية، لكنه ضروري، على الأقل للتوعية بالمخاطر التي ينبغي مواجهتها اليوم والفرص السانحة التي يمكن استثمارها.
مرت عشر سنوات على سقوط النظام البعثي، يمر الزمن سراعاً، وإن كانت أحداثة مفجعة أحياناً، والمرارة التي تخلفها تترسب في النفوس، قبل عشر سنوات دار حديث بيني وبين وكيل وزارة الحج السعودية، على هامش تكليفي باستشارة إدارية للوزارة، قال لي الوكيل الذي ترقى فيما بعد لمنصب وزير: سلموا زمام أموركم للأمريكيين لعشرة أعوام وسيحيلون بلدكم إلى جنة! من يعرف نوايا الأمريكيين لا يصدق ذلك، وها قد مضت السنوات ولم تتحقق نبوءة الوزير السعودي، بل العكس منها بالضبط، والعراق اليوم بنظامه السياسي الفاشل ووضعه الأمني الهش واقتصاده المتخلف وإدارته الفاسدة أبعد ما يكون عن الجنة الأرضية الموعودة.
ما بين اليوم و2040م سبع وعشرون سنة، وهي فترة زمنية كافية، سيتضح بنهايتها مصير العراق ومدى نجاح حكوماته وشعبه في إعادة بناءه أو تركه نهباً للاضمحلال والخراب، يمكن استشراف ثلاثة صور متباينة لمستقبل العراق في 2040م: أن يصبح العراق أشبه بالصومال في انقساماته العميقة المزمنة وضياع سيادته وتقاتل فئاته وتخلف اقتصاده ومجاعة شعبه وهجرة أبناءه، وقد يحدث الأسوء من ذلك، إذ الصومال ما زال متحداً لكن العراق مرشح للتقسيم إلى دويلات.
الاحتمال الثاني هو أن يصبح العراق مثل بعض دول الخليج، أو بالأحرى سياسياً أشبه بالنظام السياسي اللبناني الطائفي، واقتصادياً نسخة رديئة من دول الخليج، ليس صنو دبي أو الإمارات العربية في الحداثة والعمران وجودة الخدمات والرفاهية كما يتمنى بعض العراقيين، ولا السعودية في حجم اقتصادها وقوة صناعاتها النفطية وعمرانها وسوق خدماتها، بل أقرب إلى النموذج العماني أو البحريني، في اعتماده الرئيسي على عائدات النفط الخام والتوظيف الحكومي مع قطاع زراعي متقلص وصناعة محدودة.
في الثمانينات من القرن الماضي جنت الشركات الكورية الجنوبية أرباحاً ضخمة من مشاريع البناء في السعودية والعراق وغيرهما، وكان الانطباع العام بأن البناء هو أفضل ما يتقنه الكوريون، وعندما اشترى زميل سعودي سيارة كورية رخيصة ورديئة الصنع في حينها سخرنا منه، أما اليوم وبعد مرور ربع قرن أصبحت كوريا الجنوبية قوة اقتصادية، تنافس منتجاتها الصناعات الأوروبية والأمريكية واليابانية، ولو استطاع العراق أن يصل في 2040م إلى ما يشبه مرحلة انطلاق الاقتصاد الكوري الجنوبي قبل ثلاثين سنة فسيكون ذلك إنجازاً مرموقاً، لكن ذلك يتطلب أيضاً تكرار التجربة الكورية في إصلاح النظام السياسي والإداري والقضاء على الفساد.
بناء المستقبل عملية كبرى، تواجهها قيود وتحديات وفرص سانحة، ولأننا مؤمنون فلا بد أن نضيف أيضاً عامل العناية الآلهية، ويشتمل الوضع الحالي على قيود ومحددات، لا بد من التعامل معها ومحاولة التغلب على اثارها السيئة، كما ستؤدي هذه العوامل والظروف المحددة إلى نتائج على المديين القريب والبعيد، ينبغي الالتفات لها والحد من مضارها المحتملة والاستفادة من مزاياها إن وجدت، وفيما يلي قائمة بالظروف الحالية التي تشكل قيوداً على عملية إعادة البناء والإعمار، وهي على سبيل المثال لا الحصر:
1. اضطراب الوضع السياسي وكثرة الانقسامات والخلافات داخل العملية السياسية.
2. ارتفاع وتيرة العنف والعمليات الإرهابية.
3. تأزم المجتمع العراقي نتيجة التوترات الطائفية والإثنية.
4. ارتفاع مستوى النمو السكاني، ومن المتوقع أن يتضاعف عدد السكان في 2040م ليصل إلى أكثر من ستين مليون نسمة.
5. تدهور البنية التحتية للاقتصاد العراقي بسبب العقود المنصرمة من الحروب والحصار والاحتلال والاهمال.
6. تدني مستوى قطاعات الكهرباء والنقل والمواصلات والمياه والخدمات الحكومية الأساسية.
7. وجود أزمات مزمنة في قطاع الزراعة مثل ارتفاع نسبة الكثافة السكانية في المناطق الزراعية وتفتت الملكية الزراعية وسوء الإدارة الزراعية.
8. اضمحلال القطاع الصناعي الحكومي وضعف نمو القطاع الخاص.
9. شح مصادر المياه بسبب تدني حصة العراق من مياه الأنهار والروافد المارة في أراضيه.
10. تنامي النزعة الاستهلاكية في المجتمع العراقي وازدياد الطلب على البضائع المستوردة.
11. مشكلة الفقر، وتقدر نسبة الفقراء بـ 18% من مجموع السكان.
12. المستويات العالية نسبياً للأمية والتسرب من المراحل التعليمية الأساسية.
13. نسبة البطالة المرتفعة التي تقدر بـ 16 %.
لا تبعث هذه القائمة على التفاؤل، فالوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي سيء أو سيء جداً، وتطلعات وتوقعات السكان عالية كما أنهم يتكاثرون بمعدل مرتفع، وعندما يصل عدد السكان إلى ستين مليوناً ستتضاعف احتياجات السكان من الكهرباء وغيرها من الخدمات، وهي في الوقت الحاضر لا تسد نصف الاحتياجات الراهنة، كما ستظهر الحاجة لتوفير ملايين من فرص التوظيف للأعداد الإضافية من المواطنين وللقضاء على البطالة الحالية، وإذا كان عدد العمالة في الوقت الحاضر يقدر بثمانية ملايين (تقديرات البنك الدولي ووزارة التخطيط العراقية) فلا بد من ايجاد حوالي عشرة ملايين فرصة عمل إضافية بحلول 2040م، علماً بأن نسبة مشاركة المرأة العراقية في العمل حالياً منخفضة وتقدر بـ 13%، ولن يكون التوظيف الحكومي قادراً على استيعاب سوى نسبة ضئيلة من هؤلاء المنضمين الجدد إلى سوق العمل، وعلى صعيد اخر ستواجه العراق صعوبات مضاعفة في توفير المياه لسد احتياجات السكان والزراعة والنشاطات الأخرى، مما يحتم عليه البحث عن مصادر إضافية عن طريق تحلية مياه الخليج وكذلك ترشيد الاستهلاك وتغيير أنماط الزراعة، وسيبقى النفط مورداُ رئيسياً يعول عليه العراقيون بعد الله في معيشتهم وتنمية اقتصادهم، لكنه ونتيجة تسارع معدلات التصدير سيكون من الصعب استخراج المتبقي منه، لذا فإن نافذة الاستفادة من هذا المورد الناضب ستتقلص بمرور الزمن مما يفرض أقصى درجات الترشيد والكفاءة منه ومن عوائده اليوم قبل الغد.
بعد كل هذا الوصف المائل إلى التشاؤم هل هنالك ما يمكن أن يتفاؤل العراقيون به؟ فيما يلي قائمة ببعض المزايا والفرص وغيرها من العوامل الإيجابية التي ستخدم التنمية والإعمار لو أحسنا اسثمارها:
1. تطلعات العراقيين لاستعادة دورهم الريادي والمتميز بين شعوب المنطقة وهو دافع معنوي ونفسي فعال بشرط استقرار الوضع السياسي وانخفاض حدة الانقسامات الطائفية والإثنية.
2. النمو السكاني الذي يعني اكتفاءاً في العمالة، كما سيوفر أحد الشروط الضرورية لنمو الاستثمارات ونشوء سوق محلية واسعة نسبياً للخدمات والمنتجات الوطنية.
3. وفرة الموارد الطبيعية ومن أهمها النفط بشرط ترشيد وتقنين الاستفادة منها والتوجه نحو استغلالها محلياً وتحويلها إلى منتجات صناعية بدلاً من تصديرها كمواد خام مما سيساعد في ايجاد قطاع صناعي نامي.
4. الأراضي المتاحة للزراعة والتي ينبغي تطوير وترشيد الزراعة فيها واعتماد المحاصيل وطرق الزراعة المناسبة في ضوء شح المياه واحتياجات السكان والأسعار العالمية.
5. تحلية مياه الخليج لاستعمالها في سد الاحتياجات المنزلية والصناعية.
6. وجود المراقد الدينية التي يقصدها الزوار وضرورة تنمية ما يسمى بالسياحة الدينية لتكون أحد مصادر الدخل والاستثمار والتوظيف كما هو حال الحج والعمرة في المملكة العربية السعودية.
7. الاستفادة من موقع العراق الجغرافي وانشاء الطرق ووسائط النقل لتسهيل انتقال البضائع والافراد عبر الأراضي العراقية.
لو استمر العراق على ما هو عليه الآن من اضطراب وعنف وانقسام فمن المحتمل أن يتدهور الوضع حتى يصبح مثل الصومال حالياً، أو أسوأ من ذلك فيما لو انقسم العراق وتصارعت الدويلات الناتجة عن ذلك حول الأرض والموارد، ومع الاستقرار النسبي وبقاء النظام السياسي العقيم والفساد فلن يكون وضعه في 2040م أفضل من أقل الدول الخليجية ثراءاً، أي عمان، وسيكون مستقبله بعد ذلك غامضاً ومحفوفاً بالمخاطر خاصة بعد نضوب النفط سهل الاستخراج وشح المياه، لذا فإن البديلين الصومالي والعماني سلبيان ومرفوضان تماماً، ويجب أن يكون نصب أعين المخططين العراقيين النموذج الكوري الجنوبي، أو أي نموذج ناجح آخر، قادر على استدامة التنمية، حتى بعد استنفاذ مورد النفط.
الفترة الزمنية من الآن حتى 2040م مصيرية، بكل المعاني ومن دون مبالغة، ويتحمل العراقيون المعاصرون مسؤولية تاريخية ووطنية ودينية كبرى، ليس تجاه أنفسهم فقط وإنما تجاه الأجيال العراقية القادمة، ولو أرادوا أن يترحم عليهم أبناؤهم وأحفادهم ويرحمهم الله فعليهم من اليوم تحمل هذه المسؤولية والبدأ بعملية التنمية والإعمار وتوفير الظروف المناسبة لذلك، وإلا فإن مصيراً حالك السواد ينتظر العراقيين.
26 تموز 2013م
الرجل الحر
27-07-2013, 08:54 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،
الدكتور العزيز ،، ها أنت من جديد تثري منتدانا الكبير بكبير فكرك و لطيف قولك و سامق علمك و بدائع قلمك ..
موضوعكم في غاية الأهمية في هذا الظرف الحساس و الحرج من تأريخ العراق ،، لعل أحد الساسة يتخلى قليلاً عن أميته السياسية المقيتة و رجعيته المهنية المضطربة و يقع من باب الموافقة على هذا الطرح الرائع لتعلم منه الكثير ..
يستحق موضوعكم الكريم بكل صدق أن يثبت و يطرح للنقاش فلتتفضل الأقلام الكبيرة بطرح رؤاها وفق ضوابط العلم و المعرفة و الخلق النبيل و الواقع بحقائقه و أرقامه ..
سأعود إن شاء الله إلى موضوعكم القيم لأستزيد مما
طرحتموه ثم أبدي ما لدي بقلمي القاصر ..
تقبل كبير شكري و تقديري لشخصكم
ابو تبارك
28-07-2013, 02:33 AM
السلام عليكم
تحياتنا للدكتور حامد فقط احاط بالموضوع تحليلا وتفصيلا ولم يبقى لنا سوى الاجابات المقتضبة
اقول في ظل هذا الواقع الذي اجاد بوصفه جناب الدكتور حامد فلا نستطيع ان نزيغ البصر ابعد من عُمان او البحرين ( هذا الحد الاعلى )
اما الحد الادنى ( فالله هو الساتر ) اني اتوقع نعود الى زمن الحروب الداخلية في زمن الدولة العثمانية .
تحياتي
ابو تبارك
28-07-2013, 03:03 AM
فقط = فقد
--------------------------------------------
المؤرخ
28-07-2013, 07:55 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بدايةً نُحييكم على طرحكم الجميل د حامد المحترم وان دل على شئ فانما يدل على تحليلكم المنطقي الذي انبثقت تجربته من رحم المجتمع المرير الأليم ، ان التجارب الثلاثة التي اشرتم اليها قد لا تنطبق على مجتمعنا وخاصةً اذا أخذنا بنظر الاعتبار اختلاف الثقافات الاجتماعية بين البلدان- بالنظر الى الاصل وهو انعدام الثروة من وجودها -اذ ان الصومال تعاني من أزمات اقتصادية انعكست سلباً على المواطن اما العراق فهذا ما لا يمكن اعتماده وخاصة مع وجود ثروات طائلة ولكن سوء ادارة هذه الثروات ما جعل المواطن يعاني من نقص في موارده ، وبخصوص التجارب الخليجية فهناك اتفاق في مفهوم التعاون فيما بين دول الخليج والولايات المتحدة على سبيل المثال لا الحصر وهذا ما لا ينطبق في العراق وخاصة مع وجود حركات اسلامية متشدّدة ففشل تجربة ما حصل مع دول الخليج هو الاختلاف في المفاهيم وهذا ما جعل تحليل الوزير السعودي خاطئ اذ انه اراد عكس تجربة متجاهلاً الثقافات والاختلاف في الآراء ، واما ما تفضلتم به بخصوص الرأي الاخر فاتمنى ان يكون هو كذلك فالعراق يمتلك خبراء في شتى المجالات فلو اتيحت له الفرص وتوفرت له الامكانيات لفاق كوريا فالإصرار على المضي في طريق الانتخابات بوعي المرشحين، ووعي البرامج، ووعي التجارب، وما أفرزته، وتمكين الإرادة الوطنية من شأنه أن يعالج هذه الظاهرة.
س البغدادي
29-07-2013, 12:09 AM
الاخ الاستاذ الدكتور العطية حياكم الله
طالعت مقالكم وبين ثناياه الكثير مما يخاطب واقعنا الحالي ويترجم لما هو موجود بين خلجات مجتمعاتنا الشرقية منها والاخص العراقية ،وما تحليلكم ونظرتكم للامور ومعالجتها والتي اقراها بين سطوركم الا هي حقيقة المعالجنة المرجوة لتلك
العراق بوضعه الحالي ،كمجتمع مفكك ودولة مترهلة اشبهها كالعجوز التي دائما كل صباح تنظر الى المراة لتزين وجهها وتعبد خدها وتضع ماحلى في عينيها من المكياج والكحل وكل مايزهر الوجه والعين في نظر غيرها ،،وهي قد تعلم او لاتعلم ان قطار العمر لديهارقد فات اوانه بالنسبة لها وتحسب انها الى الان محط انظار المعجبين والشباب ،،ولاتدري انها اصبحت محطة استراحة للكل حتى يستريح الغير فيها ،،،
هذا هو العراق ،،كدولة
اما الشعب ،، الله يكون بعونه ،، فهو شعب مفكك ينتظر من يطلق رصاصة الرحمة عليه مايدعى لوحدته والتي حقيقة اصبحت في خبر كان ،،،هو شعب تعبان قد انهكته الحروب والازمات ،والغريب ان كل مكوناته عاشوا تلك الازمات والويلات وهذا مما تحسب له
اعتقد والذي اريد قوله
قبل ان نفكر بوصفه العراق ككيان ودولة واحدة مستقلة ذو ارادة سياسية في المستقبل المنظور له ،،اتصور ان بقت الحالة مثلما هي الان واستمرت فان العراق سينتهي ويتكون بلدان متهالكة ضعيفة مقسمة بارادات واهنة ،،حتى مايقال لها دولة كردستان العراق فان بمجرد تفكك العراق رسميا سينتهي دور هذه الدويلة ،، لانها ازدهرت وانتهشت في ظل عراق ضعيف مفكك واهن مترهل عجوز ،،لكن بقى العراق وبقيت كردستان ،،لاكن ان انتهى دور العراق فسينتهي دور كردستان تلقائيا ،،
رهان العالم ودول المنطقة على العراق ،،،
فان انتهى دوره رسميا ،،فستبدا رسميا مرحلة جديدة وبعنوان جديد لمنطقة الشرق الاوسط
دكتور استاذ العطية
عذرا ان بالغت في هذه المسالة واسهبت فيها في الكلام ،،
لكن اتصور علينا مناقشة دور العراق المستقبلي في المنطقة قبل مناقشة وضعه الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ،،
ولكم تقديري
د. حامد العطية
29-07-2013, 06:06 AM
أخي العزيز الرجل الحر وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفضل لك ولإدارة المنتدى بعد الله في اعداد هذا المقال وحثي على المساهمة في هذه الحوارات القيمة، وما مقالي سوى فكرة متواضعة بلورتها على عجل، والقصد من ذلك ليس الاحاطة بالموضوع، فما أبعدني من ذلك، وإنما بهدف تشجيع النقاش حوله، وكلي ثقة بأن أفضل رفد للموضوع سيأتي من طروحات الزملاء الكرام وما تشتمل عليه من ملاحظات قيمة وتحليلات عميقة واستنتاجات صائبة
لقد سبق وأن عبرت عن سعادتي الغامرة بالتزود من معارفك ونتاج فكرك النير من خلال الاطلاع على مقالاتك وتعليقاتك الرائعة وسأكرر ذلك اليوم وفي المستقبل
ودمتم بكل خير
د. حامد العطية
29-07-2013, 06:08 AM
أخي العزيز الأستاذ أبو تبارك حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا الاطراء مدعاة لافتخاري وأنت متفضل علي به، وأنا في مقالي المتواضع وقفت على باب حقل استشراف المستقبل، لأن الولوج إلى هذا الحقل العميق والشائك صعب، وعادة ما يتطلب مشروع لاستشراف مستقبل دولة مثل العراق فريقاً كبيراً من المختصين بشتى حقول المعرفة، ومن أصحاب المعارف والخبرات الكبيرة، التي لا أدعي امتلاك النزر اليسير منها، فلا يكتفون بالتحليل الوصفي، ويعدون النماذج الرياضية الخاصة بذلك، ويعمل هذا الفريق سوية ولشهور أو حتى سنين قبل أن يتوصلوا لوضع تقرير أولي، وسيراجع هذا التقرير بعد انضاجه كل عام على الأقل للتأكد من صحة افتراضاته وانطباقها على الواقع
أشكر حسن ثقتك بي التي هي من محاسن أخلاقك وكرمك الفائق
وددمتم بكل خير
د. حامد العطية
29-07-2013, 06:11 AM
أخي العزيز الأستاذ المؤرخ وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل الشكر لك على ملاحظاتك الموفقة، وكما تفضلت فإن من الضروري تحري الجوانب الثقافية في الموضوع، حتى تكون المقارنة موضوعية ونتائجها منطقية وصائبة، واتفق معك تماماً حول وجود تباين بين العراق والنماذج الثلاثة المطروحة في المقال، في الثروة وخصائص السكان والسجل التاريخي القريب، وهي كلها تدعو لتوخي الحذر في المقايسة، وقد اخترت هذه الدول الثلاث على سبيل المثال، ولتقريب الموضوع للأذهان.
يعتبر الكثيرون الصومال دولة فاشلة، وهي بالتأكيد منقسمة ويصطرع فرقاء فيها على السلطة ومناطق النفوذ، واقترن اسمها مؤخراً بالقرصنة، ولكنها ليست آيلة للزوال، وعلى الرغم من كل مشاكلها السياسية والأمنية والمجاعات المتكررة فقد حققت معدلاً متواضعاً من النمو الاقتصادي في الأعوام القليلة الماضية، نتيجة الاستغلال الأفضل لمواردها القليلة من ثروة حيوانية ضخمة وقطاع زراعي نشط وتحويلات مغتربيها، ولكن أن ينتهي العراق وبثرواته الطبيعية الضخمة وقدرات شعبه الكبيرة وتاريخه العريق شبيهاً بالصومال هي الكارثة بعينها، والقصد من ذلك ليس إلا التخويف من العواقب الفادحة لاستمرار النهج الحالي من الشلل السياسي والاضطراب الأمني والفساد والهدر.
أما عمان فهي دولة خليجية، تشترك مع العراق في خلفيتها الثقافية وفي تركيبتها القبلية إلى حد ما، لكن سكانها أكثر تمازجاً من الشعب العراقي، على الرغم من وجود التنوع الإثني والطائفي فيها، لكن هذا التنوع لم يفرخ أزمات كما هو الحال في العراق، وفيما عدا ذلك فالفوارق بين العراق وعمان كثيرة، في الثروة وعدد السكان والكفاءات وغيرها، لذا فالمؤمل تحقيق العراق مستويات أعلى من النمو والرقي مقارنة بدولة عمان بعد ربع قرن من اليوم، عمان هي منتصف الطريق بين الصومال الفاشل والدول الناجحة الأكثر تطوراً ونمواً مثل كوريا الجنوبية، وتوقف العراق عند هذه النقطة الوسط فشل كبير أيضاً، وإن كان أقل قسوة من المصير الصومالي، وهو ما لا نرجوا حدوثه.
أقل ما نصبو إليه ونتمناه أن يكون العراق بعد ربع قرن من الآن وبتعداد سكان يتجاوز ستين مليوناً وموارد طبيعية متناقصة شبيهاً بالنموذج الكوري الجنوبي القادر على التنمية المستدامة وتوفير متطلبات سكانه من فرص العمل ووسائل العيش الكريم، وهذا يتطلب البدأ من اليوم بالإعداد السليم لذلك.
من كان يصدق يا أخي العزيز أن مصر في أيام الخديوي محمد علي كانت متقدمة على اليابان اقتصادياً وصناعياً ولا مقارنة بين الدولتين اليوم إذ اليابان في مقدمة الدول الصناعية ومصر منشغلة بتوفير رغيف الخبز لشعبها، علماً بأن اليابان كانت وما زالت أفقر من مصر في مواردها الطبيعية وكثافتها السكانية أعلى.
مع خالص شكري وعظيم امتناني لتفضلكم بالمشاركة في هذا الحوار
ودمتم بكل خير
د. حامد العطية
29-07-2013, 06:15 AM
أخي العزيز الأستاذ س البغدادي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كلام في الصميم يقنع العقل ويحرك المشاعر وهي الدليل على أن كاتبها إنسان ذو وطنية متيقظة وعقل نير وأحاسيس مرهفة.
يبدو العراق اليوم كما وصفته كياناً عاجزاً، يعاني من شتى العلل والأوجاع، ويخشى عليه من الاندثار، ولكنه ليس مثيلاً للكائن الحي، في قصر عمره، والنظرية الخلدونية في مرور الأمم بمراحل النهوض ثم الضعف والاضمحلال تنطبق على الامبراطوريات لا الدول، والعراق الدولة الوحيدة في العالم على ما أعلم التي كانت موحدة وتحولت إلى الفدرالية باختيارها، وهذا اختيار خاطيء بل خطيئة عظمى في تقديري، وكان يمكن الاكتفاء بمنح الإقليم الكردي وضعاً خاصاً، كما ساهم النظام السياسي التحاصصي في تعميق الانقسامات داخل الكيان العراقي سياسياً واجتماعياً.
في تقديري المتواضع يجب أن يكون العراق موحداً وقوياً سياسياً واقتصادياً قبل أن يكون له أي دور في المنطقة، والطريق إلى ذلك ينبغي أن يكون عبر المحاور السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مجتمعة، فالمطلوب تغيير النظام السياسي من خلال تعديل أو اعادة كتابة الدستور للتخلص من نقاط الضعف فيه مثل الفدرالية والمحاصصة والتوافق وتداخل الصلاحيات، كما أن التقسيم الإداري الحالي للعراق بحاجة إلى إعادة نظر، فهو تقسيم إداري قديم، اعتمد عندما كانت صلاحيات ونشاطات الإدارة المحلية تقليدية ومحدودة، ولا تتعدى الأمن والخدمات البلدية، وقد يكون لتقليل عددها من خلال اندماج بعضها ( ثلاث محافظات جنوبية مثلاً) مزايا مساعدة في التنمية السياسية والاقتصادية والادارية.
المطلوب أن تكون كل القطاعات في العراق قوية ومنيعة، ولكن لو اعترى قطاع بعض الضعف فيمكن تعويض ذلك بفضل قوة قطاع آخر، فلو كان في العراق قائد كارزماتي فذ بقوة الإمام الخميني طيب الله ثراه فسيكون من السهل على العراق وأهله تجاوز مشكلات ونقاط ضعف في مجالات أخرى مثل الاقتصاد، وفي ظل غياب ذلك أرى بأن المدخل الرئيسي للحفاظ على الكيان العراقي والتطوير هو الاقتصاد، فهو الجبيرة الكبرى، التي يمكن الاستفادة منها في معالجة الكسور في القطاعات الأخرى، وهنا قد لاتكفي العلاجات السريعة والمرحلية، مثل زيادة الرواتب كما يفعل حكام السعودية والخليج.
لو كان التنوع الإثني والديني والطائفي واللغوي سبباً كافياً لتفكك الدول لما بقيت دول عديدة موحدة مثل الهند والصين وامريكا وبلجيكا وكندا. والخلاص للعراق من الوهن وخطر التقسيم في ظل القيادة الفذة يكمن في الاقتصاد، فلو انطلق الاقتصاد إلى الأمام لسحب بقية القطاعات وراءه.
دمتم بكل خير ودامت عطاءاتكم الفكرية المميزة.
طيار عراقي
29-07-2013, 07:37 AM
ٱلْسَلآإمّ عليكم وٍرٍحَمُةٌ اللَّـَـَـَـْـْہ ۆبُـرٍگآإتَهّ
موضوع قيم وجميل
لنا عوده ان شاء الله
تحياتي للاستاذ العطيه وباقي الأخوه
جعفر المندلاوي
29-07-2013, 02:37 PM
الاستاذ الفاضل د.حامد السلام عليكم
الموضوع ،، بما أنه إستشراف لوضع مستقبلي
لبلد مثل العراق ،، فهو ينطوي على أهمية قصوى ..
وحريُ بنا ان نساهم بوضع بعض لمساته بقدر المستطاع والفهم ..
أحييك دكتورنا العزيز ولي عودة ان شاء الله ..
بارك الله مسعاك ووفقك للخير
ودمت بود
طيار عراقي
29-07-2013, 05:51 PM
بسم الله الرحمـن الرحيم
اللهم صلِ علـى محمـد والِ محمد
الدكتور العطيه والأخوة الاعضاء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابتدائاً اقدم لك الحيه للطرح القيم
اخي الطيب انا اجد ان العراق فقط بحاجة الى استقرار سياسي ليكون افضل حال من الدول التي ذكرت
حيث الجميع يعلم ان ما يملكه العراق من كم هائل من الثروات الطبيعيه مثل النفط والغاز والزئبق والطاقه الشمسيه والسياحه الدينيه والاثريه والموقع المهم كوسيلة ربط دوليه
ستجعل من العراق مركز للأستثمار ناهيك عن العقول البشريه المهاجره التي تفتقر لها الكثير من الدول وخاصه بعض التي ذكرتها
فنحن بحاجة الى قادة وسياسسن وطنيين لا غير
السؤال هنا كيف نستطيع ايجاد السياسيين الوطنيين والقاده المخلصين البعيدين عن التناحر السياسي والطائفي ؟؟
انا اجد ان ذلك يكمن في انشاء موئسسات مجتمع مدني من الأكاديميين والمفكرين ورجال الدين والمثقفين المخلصين اصحاب التفكير السليم
بعد ذلك انشاء حمله واسعه في جامعات العراق والمؤسسات التعليميه تهدف الى نشر الوعي الوطني بين الشريحه المثقفه
انشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تقوم بنشر الافكار البنائه وتبين ان اعتماد الفكر السليم الى اين سيؤدي بالعراق
يقوم رجال الدين بأعطاء خطب تتثقيفيه تحث المواطن على الوعي وترك العنف وبناء الذات والتخلص من مبدأ ليفعلها غيري
فأن بناء الفرد يكون هو الحل الامثل لرقي المجتمعات وتطورها سياسياً واقتصادياً وعلمياً
واتمنى ان يأخذ العراق التجربه البريطانيا بعد الحرب العالميه الثانيه فحين سأل رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل مستشاريه ماذا بقي في بريطانيا
قالوا له لم يعد لدا بريطانيا سوى القضاء والتعليم فقال ستعود بريطانيا من جديد وتكون دولة عظمى
تحياتي للجميع واسف للأطاله
جمهورية العراق الشقيق
والبلاد الجميلة بالفعل
يدا بيد نصل الى بر الامان والامن والقضاء على الارهاب في عقر داره بمحاصرته في بقعة معينة
الحظر التجوال ليلا وحتى النهار بل محاصرة العدو في المدن بعد اخلاء الاهالي بمساعدة الدولة
واستخبارات القوية من الرجال المخلصين والسىلاح الفعال الؤثر فالسياسة الدولة الامن اولا
ابو تبارك
30-07-2013, 05:26 AM
اذا كان الامر متعلق بالاستقرار السياسي ( واظنه كذلك )
فالاستقرار السياسي لا يتحقق الا في ظل نظام سياسي يؤسس للاستقار , على عكس ما هو موجود الان من نظام كانتونات و دويلات و محاصصة ,, وكلما مر الزمن ترك هذا النظام اثار كبيرة على المجتمع بعموه , وبالتالي تتجذر هذه المشكلة اكثر واكثر وتتعقد وتصبح مشكلة مركبة ( وانا ارها الان معقدة وعويصة )
والاخ الدكتور تحدث عن اصلاح النظام وشخصه بانه الحل وهذا صحيح , المشكلة ان من بيده مفتاح الاصلاح ( لا يحقق له الاصلاح مصلحته - حتى وان تحدث عنه - ) فجميع اركان النظام تتحدث اليوم عن اصلاحه ولكنها تريد الاصلاح الذي يحقق مصالحها وليس الاصلاح الحقيقي ..
تحياتي مجددا ... يمكن اني طرحت المشكلة ولم اطرح حل !!! وهذا صحيح ربما لاني متشآئم في هذه الصدد حتى ان ديني اصبح ( عذرا فيروز ومعذرتاً اجراس العودة لن تقرع فالعودة تحتاج المدفع والمدفع يحتاج الاصبع والاصبع .... )
الفلكي الفاطمي
30-07-2013, 07:38 AM
بارك الله فيك د.عطية على هذا التحليل الجميل، ولكن العراق لن يكون لا هذا ولا ذاك بل سيكون عاصمة العالم عما قريب ان شاء الله تعالى وبدون توقيت.
اللهم عجل لوليك الفرج
د. حامد العطية
30-07-2013, 08:47 PM
الأخ العزيز الفاضل طيار عراقي وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن ما تفضلت به من مقترحات وأفكار قيمة هي الوصفة السحرية أو الذهبية للتنمية، أي القيادة الرشيدة الملهمة والقوى البشرية الواعية ذات الهمم العالية، والملتزمة بالقيم السامية وأخلاق العمل البناءة، أو كما لخصتها أنت بدقة: بناء الإنسان، فالقوى البشرية كما يردد المختصون وغير المختصين هي الغاية والوسيلة، وعندما تتولى القيادة الرشيدة زمام الأمور ويقبل الناس على العمل، ينتج الازدهار والابداع، والبريطاني تشرشل مصيب في كلامه لكن البريطانيين بعد الحرب الثانية لم يكونوا كما توقع تماماً فقد توالت عليهم النكسات الواحدة بعد الأخرى مثل خسارتهم لما تبقى من مستعمراتهم ومشاركتهم في العدوان الثلاثي على مصر وأزمة أيرلندا الشمالية والاضرابات العمالية وتدني أداء المؤسسات الحكومية، وغيرها من الأزمات التي فشلت القيادة في ايجاد الحلول الناجعة لها، وهكذا تدهورت مكانة بريطانيا في أوروبا والعالم، إلى حد ظهور دعوات من إقليمي سكوتلندا وويلز للانفصال عنها.
في حالة العراق لا توجد لدينا قيادة فذة، ولسنا متأكدين من ظهورها، لو صبرنا سنين أخرى، وهنا يأتي دور التكنوقراط والمستثمرين للتعويض عن ذلك، ولا ننسى أن القادة عادة ما يكتفون بالخطب ولكن الذين ينتجون هم المديرون والعاملون في المؤسسات، والمطلوب من القيادة بالحد الأدنى، سواءً كانت ملهمة أم لا، تقديم رؤية للمستقبل، ويمكن الاستعانة بدور الاستشارة المحلية والعالمية من أجل ذلك، وقد تبين لي من الدراسة التي أعددتها لنيل شهادة الماجستير في الجامعة الأمريكية في بيروت عن مجلس الإعمار العراقي أهمية وجود هذه الرؤيا، ففي السنوات القليلة التي عمل فيها المجلس تركزت الجهود على البنى التحتية مثل السدود والطرق والمواصلات، ولم تحصل قطاعات أخرى مهمة مثل الاسكان على نصيبها، مما عرض المجلس لانتقادات مجحفة بعض الشيء بأنه يخدم مصالح الاقطاعيين وأصحاب الأراضي ولا يستجيب لاحتياجات المواطنين ثم حدث انقلاب 1958م، ولو كان للمجلس رؤية واضحة لمستقبل العراق ونجح في ايصالها للعراقيين وحصل على تفهمهم ودعمهم لها لربما كان الوضع مختلفاً تماماً.
أين تبدأ انطلاقة التنمية المستدامة في بلد مثل العراق؟ تبدو الصناعات النفطية هي المرشحة الأقوى لوفرة الاحتياطات النفطية ووجود تراكم لخبرات محلية، كما أن ايجاد نموذج ناجح للتنمية، يكون الحافز لانتشار التنمية مفيد، والمثال على ذلك شركة أرامكو في السعودية، التي أصبحت نواة للتنمية في السعودية، ومصدراً لنقل وتطوير الخبرات والمهارات المحلية، وكان وما زال التوظف فيها والعيش في مجمعها السكني المرفه حلم معظم السعوديين بعد تخرجهم، ويمكن تصور التأثير القوي لوجود مثل هذا النموذج في العراق، ولو نجحت الحكومة في التطوير الشامل لمنطقة أو مدينة مثل البصرة أو الناصرية لنتج عن ذلك مد تطويري يجتاح العراق، وقد يكون ذلك كافياً لاقناع كثير من المؤيدين والمتعاطفين مع الإرهابيين إلى تغيير اتجاهاتهم ومواقفهم رغبة في وصول التنمية إلى مناطقهم ومدنهم.
ودمتم بكل خير
د. حامد العطية
30-07-2013, 09:50 PM
أخي العزيز الفلكي الفاطمي وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرك على تفضلك بقراءة مقالي المطول والثناء عليه من فيض لطفك وكرمك ، وبغض النظر عن الاعتقاد حول منهج الفلكيين فلا أحد ينكر دورهم الهام والخطير في التاريخ وتأثيرهم في قرارات الكثيرين من قادة ونخب المجتمعات، وما تفضلت به من صيرورة العراق عاصمة للعالم أمنية عزيزة، وإن كانت أبعد بكثير من طموحات وتطلعات العراقيين اليوم، التي أطاحت بها ويلات الحكم الطاغوتي والحروب والحصار الاقتصادي والارهاب والفساد، لذا أقصى ما يتمناه أغلبهم اليوم نهاية الارهاب وتوفير مصدر للرزق وتأمين متطلبات الحياة الاساسية.
وتحضرني في هذا الصدد نبوءة سمعت بها في أوائل الثمانينات وقبل مغادرتي العراق هرباً من الاضطهاد البعثي إلى المنفى الاختياري، وقد ذكرتها في مقال قديم لي، ففي أحد الأيام أخبرنا زميل عمل عزيز عن هذه النبوءة، الصادرة عن أحد المتنبئين العراقيين في حينه، وقد تضمنت النبوءة ثلاثة أمور أو أحداث كبرى:
1. سيطول أمد الحرب العراقية على إيران الإسلامية لسنوات عدة
2. ستهبط طائرات عراقية ضخمة في إيران وسيفرح الإيرانيون بذلك
3. عندما تبحر السفن الضخمة إلى خارج الخليج سترتفع الرايات الحسينية فوق كل أرجاء العراق
بصراحة أنا لا أصدق النبوءات وفي حينها سخرت منها في قرارة نفسي، وعندما تحقق الشق الأول منها قلت بأنه حدس أو توقع تطابق مع واقع فرضته مجريات الحرب وتدخلات أطراف خارجية، ولكن لا أخفيك دهشتي عندما تبين صدق الشق الثاني، وهو هبوط القاصفات العراقية التي أرسلها الطاغية صدام في إيران قبل حرب تحرير الكويت، ومن كان يتصور في أوائل الثمانينات أن الطاغية صدام سيبعث طائرات العراق الحربية إلى عدوته اللدود إيران طوعاً؟ وحتى لو جمح الخيال بعقل المرء فلن يصل به إلى تصور إمكانية حدوث ذلك، لكن ذلك حدث بالفعل وتحقق ذلك الشق من النبوءة أو الكشف الغيبي.
بقي الشق الثالث، وهو ما يؤيده العقل والتحليل السليم، فالارهاب ينطلق من الشمال والغرب ليضرب وسط وجنوب العراق، ويبدو أن الإرهاب لن ينتهي إلا بتجفيف منابعه، وهو ما تشير إليه النبوءة برفع الأعلام الحسينية، وهي ليست أعلام اخضاع وهيمنة لطائفة أو مجموعة عرقية على غيرها بل رموزاً لبسط قيم احترام الحياة والعدل والمساواة والحرية، وحدوث ذلك معلق على شرط خروج السفن الضخمة من الخليج، والإشارة هنا كما يبدو للسفن الحربية الأمريكية والغربية، والنتيجة هي أن لا أمن في العراق قبل خروج أمريكا من منطقة الخليج، التي كبلت العراق بظام سياسي فاسد وفاشل، واستبعد أن تفعل ذلك مختارة، لأن لها مصالح حيوية، ولكنها قد تضطر لذلك بسبب نشوء عوامل أو ظروف قاهرة، تقسرها على تقليص وجودها العسكري في الخليج ولجم تدخلاتها التخريبية في الشان العراقي الداخلي، والاحتمال الثاني الأقوى هو أن تجبر على ذلك نتيجة صراع عسكري، بينها وبين إيران على الأغلب، وهو ما يتمناه الكيان الصهيوني المحتل ويدفع بإتجاهه، وسيطول هذا الصراع على الأغلب مما سيرهق أمريكا ويدفعها لسحب اسطولها من المنطقة، وحينئذ تتاح الفرصة لفرض سيطرة الحكومة المركزية على كافة الأراضي العراقية، لتبدأ بعدها نهضة عراقية حقيقية، قد توصلنا كما تفضلت إلى موقع ريادي في العالم.
ودمتم بكل خير
مصحح المسار
31-07-2013, 12:01 AM
د. حامد العطية تحية رمضانية لكم وشهر مبارك فضيل على شخصكم الكريم ...
موضوع شائق وموسع في محاوره السلبيات والايجابيات والتشخيص والحلول ...
اسمح لي أن أعرض وجهة نظري أداخل بها موضوعكم القيم وأشارك أخوتي في النقاش
بما أن حضرتكم افترضت سنة 2040 كمدى لرؤية متكاملة ثلاثة عقود متواصلة تنبثق
عنها جملة من المتغيرات في السياسة والاقتصاد والوعي والثقافة والمعرفة والتقدم
والعمران ...
أما النماذج التي اخترتها فهي الصومال ؛ البحرين ؛ لبنان ؛ كوريا الجنوبية مع ترك نماذج
أخرى كالسعودية أو الإمارات لأنها تتقارب ببعض مستويات تحسن الأوضاع فيها النموذج
الكوري مع الاختلاف في المستويات ...
ونقاش هذه النماذج الأربعة يحتاج نظرة للعالم من حولنا وهو دول عظمى تحرك السياسة
العالمية بشكل مباشر وغير مباشر وهي الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا التي كان لها
الدور المنافس للولايات المتحدة الأمريكية والآن خفت هذا الدور بشكل أو بآخر واصبح
تاليا ً... مع دول اقليمية تحيط ببلدنا العراق وهي دول اقليمية لنا مساس معها في حرب
أو سلام كتركيا وإيران ...
فالدول المختارة كنماذج الصومال والبحرين ولبنان وكوريا الجنوبية والسعودية وتركيا
وايران بالإضافة للعراق كانت ولا زالت متأثرة بالدولتين العظيمتين بمنضار وتقييم القوة
والسلاح وإعلان نفير الحرب والسلام منذ أربعينيات القرن المنصرم وإلى لحظة هذه
الأسطر وبالتالي فهي صاحبة مستوى ونسبة في تقييم الإوضاع سنة 2040 ...
ومع استبعاد الصومال من تلك النماذج لأننا لايمكن بشكل من الأشكال أن نصل إلى
هذا المستوى من التشاؤم ... ولنخوض عدوا ًإلى النماذج الثلاثة البحرين
لبنان كوريا الجنوبية ؛ وإذا ماعدنا إلى الوراء وقارنا بين أحوال العراق قبل 35سنة
وبين أحوال البحرين ولبنان سياسيا ًواقتصاديا ًومعاشيا ًلوجدنا أن العراق بغض
النظر عن القيمة المثالية السامية التي لم تتحقق قبل والآن لوجدنا العراق أفضل
من هاتين الدولتين فالبحرين ماكان لها وجود سياسي واقتصادي ومعاشي لأن
العراق هوالذي ساعد هذه الدول دول الخليج العربي بما كان يملك من خبرة في
اقتصاد والثقافة والعلم والمعرفة ويضخ لها كوادره وكانت عملته تفوق عملة
الكويت التي هي الآن أقوى عملة خليجية ...
أما لبنان فقد كانت تتناعها حرب أهلية يشترك بها الجميع سنة وشيعة ومسيح
ودروز ويشعل لهيبهاالجميع حسب ايدلوجية حكمه وسياسته ومصلحته عراق
سعودية فلسطين اردن سوريا ليبيا مصر... مع دول عظمى تسير تلك الدول من
خلفها ...
وبالانتقال إلى يومنا المعاش نجد أن البحرين حققت تقدم لابأس به في بعض المجالات
لا يقارن بمستوى ما حققناه قبل 35 سنة لأنها لاتزال متأخرة عن السعودية الامارات
وقطر والكويت التي كنا ننافسها في ذلك الوقت ؛ أما لبنان فمازالت هي هي تتنازعها
حرب شبه أهلية واحزاب تمتلك السلاح وتعتمد على دول عربية تسيرها أو عظمى
توجهها وتمولها ...
فقد نكون نموذج بحرينيا ًيحقق بعض التقدم من ثم ينتكس ثم يحقق تقدم ثم ينتكس وهكذا
أو نتحول أكثر فأكثر إلى لبنان آخر إذا ما تنازعتنا حرب شبه أهلية طائفية أوغلنا فيها
برضى وقرار مراهق من سياسات تقودنا تتقوى بدول إقليمية تقدم مصلحتها على مصلحة
بلد كان له قرار في الحرب والسلام قبلا ً...
أما النموذج الكوري فهو مثال راق ٍلسياسة فهمت حجم امكاناتها رغم خضوعها لسياسة
الدول العظمى والتي كما يبدو سياسيا ًأن الجانب الأمريكي فيها هو الاقوى في معادلة
المصالح وتمنية الشعوب ؛ تقدمت وتعاملت مع هذه القوة كند اقتصادي ومعاشي وثقافي
ومعرفي واصبحت تواكبه في سبل الحياة وتفرض كلمتها عليه في هذا السياق ...
فلو امتلكت قيادتنا السياسية القدرة العقلية والاستيعابية وفهمت وتفهمت عصرها الذي
تعيش فيه دون مثاليات هي بعيدة عنها كل البعد وهو مالمسناه لمس اليد لحققت النموذج
الكوري الجنوبي وبعدها ستفرض رؤيتها السياسية والاقتصادية والواقعية ومن بعدها
المثالية بوصفها الفرقة الناجية التي عليها مدار العالم وقطبه ...
فدول من حولنا كتركيا والسعودية من جهة وايران من جهة أخرى تتفهم ذلك وتسير عليه
خطوة بخطوة مع انها ترى في نفسها مثالية مافي سيرها مع اختلاف المستويات فلماذا
ندعي في بلدنا ذلك وهو غير موجود واقعا ً...
الدكتور حامدالعطية وجهة نظري سياقها الواقعية بغض النظر عن التسامي والمثالية المدعاة
مع احترامي لشخصكم الكريم ...
جعفر المندلاوي
31-07-2013, 03:42 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تواصلا مع ما تم تداوله من آراء وتصورات من الاخوة الاكارم ،، عن صورة العراق عام 2040 ،، وتلبية للدعوة الكريمة في إثراء الفكرة ادناه بعض الملاحظات أظنها تقترب من موضوع البحث ،، مع التحية لصاحب الفكرة ولكل من يعمل لنهضة العراق من كبوته :
المقدمة
تمتاز الشخصية العراقية ، بلون من الخصوصية في مزاجيتها وعقليتها وتفكيرها ، تشكلت عبر مراحل تاريخ العراق بكل قسوته وطبيعة الصراعات التي مر بها وآثارها عليها ، حتى ان الاسكندر المقدونى الذي فتح العراق عام 331م شكى لإستاذه ارسطو الشخصية العراقية وانها صعبة المراس ، بقوله : (لقد اعياني اهل العراق، ما اجريت عليهم حيلة الا وجدتهم قد سبقوني الى التخلص منها، فلا استطيع الايقاع بهم، ولا حيلة لي معهم الا ان اقتلهم عن آخرهم). فرد عليه ارسطو ينصحه : (لا خير لك من ان تقتلهم، ولو افنيتهم جميعا، فهل تقدر على الهواء الذي غذى طباعهم وخصهم به).
وحال أمير المؤمنين عليه السلام ليس عنّا ببعيد مع هذا المجتمع وهو بلا شك أعدل حاكم عرفته البشرية حين إضطرته الظروف السياسية الى التمركز في الكوفة أيام خلافته ،، فيصفهم بقوله : (فَيَا عَجَباً ! وَاللهِ يُمِيتُ الْقَلْبَ وَيَجْلِبُ الْهَمَّ مِن اجْتِمَاعِ هؤُلاَءِ الْقَوْمِ عَلَى بَاطِلِهِمْ، وَتَفَرُّقِكُمْ عَن حَقِّكُمْ! فَقُبْحاً لَكُمْ وَتَرَحاً حِينَ صِرْتُمْ غَرَضاً يُرْمى يُغَارُ عَلَيْكُمْ وَلاَ تُغِيرُونَ، وَتُغْزَوْنَ وَلاَ تَغْزُونَ، وَيُعْصَى اللهُ وَتَرْضَوْنَ! فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي أَيَّامِ الْحَرِّ (الصّيف) قُلْتُمْ: هـذِهِ حَمَارَّةُ الْقَيْظِ ، أَمْهِلْنَا يُسَبَّخُ عَنَّا الْحَرُّ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ قُلْتُمْ : هـذِهِ صَبَارَّةُ الْقُرِّ أَمِْهلْنَا يَنْسَلِخْ عَنَّا الْبَرْدُ; كُلُّ هذَا فِرَاراً مِنَ الْحَرِّ وَالْقُرِّ; فَإِذَا كُنْتُمْ مِنَ الْحَرِّ وَالْقُرِّ تَفِرُّونَ ; فَأَنْتُمْ وَاللهِ مِنَ السَّيْفِ أَفَرُّ!يَا أَشْبَاهَ الرِّجَالِ وَلاَ رِجَالَ! حُلُومُ الاَْطْفَالِ، وَعُقُولُ رَبَّاتِ الْحِجَالِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَرَكُمْ وَلَمْ أَعْرِفْكُمْ مَعْرِفَةً، وَاللهِ، جَرَّتْ نَدَماً وَأَعَقَبَتْ سَدَماً (ذمّاً). قَاتَلَكُمُ اللهُ! لَقَدْ مَلأتُمْ قَلْبِي قَيْحاًوَشَحَنْتُمْ صَدْرِي غَيْظاً، وَجَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ التَّهْمَامِ أَنْفَاساً، وَأَفْسَدْتُمْ عَلَيَّ رَأْيِي بِالْعِصْيَانِ وَالْخذْلاَنِ; حَتَّى لَقَدْ قَالَتْ قُرَيْشٌ: إِنَّ ابْنَ أَبِي طَالِب رَجُلٌ شُجَاعٌ، وَلكِنْ لاَ عِلْمَ لَهُ بِالْحَرْب. / نهج البلاغة خطبة 27 ) . بلحاظ إن الحروب القاسية الثلاثة التي خاضها الامام ومقتله فيما بعد وأولاده كان في العراق .
وعلى مر التاريخ كان العراق مسرحا للصراع، إما في قضايا داخلية ، او مع دول أقليمية. وهذا ما أثرّ بشكل أو بآخر في إيجاد هذه الشخصية وتطبعه بتلك الطباع ، فهو سهل لدرجة الإنقياد وصعبٌ لدرجة التمرد .
فنحن الآن نبحث في كيفية تطويع هذا المجتمع بكل الوانه للنهوض بالعراق من كبوته ووضعه الحالي الذي لا يحسد عليه ، وهو منغمس في شجونه وشؤونه بعد أن وضعوه في دوامة من الصراعات وكثرة النكبات مما جعل العراقي لا يفكر سوى في لقمة عيشه وتوفير الآمن له ولعائلته .
وقبل الحديث عن العراق يجدر ان نشير الى بعض معطيات التاثير الدولي والاقليمي اللذان لهما بصمات واضحة شئنا أم أبينا لآسباب ليست غائبة عن الآذهان ، ولآن هذا التاثير سيمتد الى أمدّ غير قصير ، أو على الآقل الى ان تضمن تلك الدول مصالحها التي دعتها الى التدخل في الشأن العراقي .
الرؤية الامريكية لمستقبل العراق
لَم يكُن للتدخل الأمريكي في العراق سنة 2003 سوى فضيلة واحدة هي إسقاط النظام الديكتاتوري وإنهاء حكم البعث البائد ، ويُخطئ من يظن أكثر من ذلك ، بل الوقائع أثبتت أن هذا التدخل القى بالعراق في آتون الصراعات والتجاذبات الداخلية والاقليمية بعيدة المدى ما دامت الولايات المتحدة هي تمسك بخيوط اللعبة في العراق وفي الشرق الاوسط وفي العالم عموما .
وبما أن جماعات الضغط اليهودية لها كلمتها الفصل في القرار الامريكي الخارجي ، فستكون اسرائيل والادارة الامريكية حاضرتان في التأثير على مسار الاحداث في العراق ولزمن ليس بقليل - وخاصة وأنها ترى ان لها الفضل في إزاحة النظام الديكتاتوري من العراق - الاّ إذا شملتنا العناية الآلهية وتجاوزنا عنق الزجاجة الامريكية .
يقول هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة الاسبق وعجوز دبلوماسيتها وعميدها ومنظرها لما يقارب من خمسة عقود ، والمؤثر الفاعل في قراراتها الخارجية بالخصوص تجاه العراق والشرق الاوسط ، ففي مقاله عن العراق المنشور في الواشنطن بوست ؛ يضع كيسنجر مسارات عمل الولايات المتحدة في العراق لمرحلة ما بعد الانسحاب الامريكي ، حيث يؤكد على محورية العراق في الشرق الاوسط وستراتيجيته طوال الالفية الماضية كلها وسيبقى كذلك للالفية الحالية ، بما له من موارد اقتصادية هائلة وضخمة جدا ومؤثرة على صعيده الاقليمي والدولي ايضا .
ويرى كيسنجر أن العراق تاريخيا وسيبقى مستقبليا يمّثل الخط الفاصل بين عالمي الشيعة والسنة في العالم الاسلامي ، بل انه البلد الذي يمر من خلال مركزه وعاصمته خط التوازن بين هذين القطبين ، وإن ما يحدث في العراق من متغيرات سيؤثر بشكل مباشر على التوازن النفسي لحركات الاسلام السياسي الثوري وبامكانه ان يحسم معركة الولايات المتحدة والعالم مع هذا الاسلام السياسي الصاعد ، في اشارة واضحة لتنامي القدرات النووية الايرانية .
وينهي هنري كيسنجر مقاله ببضع تصورات عن مستقبل العراق نوجزها بالآتي :
1 : كان ولم يزل العراق يشكل مرتكز التوازن بين ايران الشيعية وباقي دول الخليج الفارسي السنية ، وحتى عندما كان حكم السنة في العراق ديكتاتوريا على يد صدام حسين الا انه كان يوفر نوعا من التوازن مع ايران.
2 : لا يبدو ان العراق الديمقراطي القائم اليوم بامكانه ان يضمن حالة التوازن ضد ايران ، لاسيما ان استمر حكم الشيعة الاكثرية الذي لا يبشر بانه سيوفر نوعا من التوازن المطلوب أميركيا ضد ايران ، وباستمرار هذا الاكتساح الشيعي للحكم في العراق فلا يمكن الاتكاء على بروز توازن للسنة داخل العراق .
3 : اذا ما سارت الامور في العراق لصالح القوى العراقية الشيعية فسيؤثر على استقرار الشرق الاوسط ، وبالتالي يضع الادارة الامريكة امام خطر مواجهة الأتصال الشيعي العراقي الايراني لأعادة التوازن بين البلدين ، والا ستقع الكارثة.
تعليق:
هذا الكلام ينطوي على خطورة كون العقل الأميركي يلوح لامكانية إقناع سنة العراق في إعادة دورها المسلوب في الحكم مقابل حماية مصالح اسرائيل والولايات الأميركية لتعيد التوازن مع ايران ، ولا نستبعد ان يناط هذا الدور بالاكراد لكبح جماح القوة الشيعية الناهضة في العراق ، وبما ان ضمان المصالح الصهيونية وتفوقها العسكري في المنطقة ، يتوقف على إحداث أي تغيير يضعف القوة الشيعية ، فلا مانع من تهيئة أي بديل آخر يضمن لهم مصالحهم في المنطقة ، وواضح من خلال النقاط التي طرحت والمحاور التي اثيرت ان هناك سعي صهيوني - سعودي لحث الولايات المتحدة على تقبل فكرة (التوازن) في العراق وايجاد عراق يقف بالضد من الغول النووي الايراني الذي يرعب اسرائيل اليوم ، لا معه . فضلا عن اللعبة تتطلب تشويه الصورة الديمقراطية العراقية وربما وأدها خشية تاثيرها على المحيط الاقليمي للعراق .
دول الاقليم والعراق
إستكمالاً لدائرة التدخل الامريكي نشير الى التدخلات الاقليمية ، وأولى تلك المعطيات أن دول الطوق كلها ومعها اسرائيل لا يروق لها أي تقارب حقيقي بين العراق وايران اذا كان الشيعة في سدة الحكم في العراق ، وهذه واحدة من أهم أسباب التوتر والإرباك الذي يشهده العراق منذ 2003 الى الآن ، ومنها إفتعال الازمات وإلقاء اللائمة على الحكومة الشيعية ، والمشهد السياسي العربي الآن يبين ذلك بوضوح ، ليس في العراق فحسب بل وحتى في لبنان وسوريا والبحرين أيضا.
فتركيا وجدت في ضعف العراق (الشيعي ) وبدعم من الخليج ( السني) ، فرصة لإعادة مجدها الآفل وحلم الامبراطورية العثمانية الذي لا زال يراود العقل التركي ، وعادت تمارس دورا محوريا ضد ايران (دولة المذهب الشيعي) المنافس التاريخي العتيد لأخذ زمام المبادرة في المنطقة والخليج تحديدا.
ومن جانبها لعبت إيران تاريخيا أدوارًا مختلفة وفاعلة . ففي عصر الحضارات القديمة وصلت جيوشها إلى مصر الفرعونية واحتلتها مرتين. كذلك صمدت إيران أمام الغزو اليوناني الذي قام به الإسكندر الأكبر، كما أنها كانت دولة الشرق العظمى في مواجهة الروم في العصور الوسطى. وقد دخلت إيران الإسلام فعدلت الكثير وأضافت الكثير في الفقه والفكر الإسلاميين قبل عدة قرون من دخول المذهب الشيعي الاثنا عشري إليها في بداية القرن السابع عشر. ومن الناحية الجيو- سياسية تعتبر إيران دولة خليجية تمتد على طول الساحل الشرقي للخليج .
وقد واجهت إيران موقفًا استثنائيًا في رؤيتها لأمنها القومي عندما دفعت الولايات المتحدة بالعراق ليربك ثورتها الفتية من خلال الهجوم على إيران عام 1980، فكان ذلك في الواقع استفتاءً عالميًّا وإقليميًّا على مدى تقبل المنطقة والعالم لهذه الثورة. ولكن وبعد وقف الحرب مع العراق وانتهاء الحرب الباردة في تسعينات القرن الماضي بدأ نجم إيران الاستراتيجي في السطوع ، خاصة بعد تورط العراق في غزو الكويت وتعرضه لمسلسل العقوبات والانكفاء نحو الذات وكانت أقوى الضربات التي تعرض لها هي الحرب الاخيرة عام 2003التي أنهكت العراق تماماً.
كلّ هذه الاحداث خدمت أيران خدمة تاريخية ، فبعد ان أستبعد العراق من الساحة وظلّ الى الآن يداوي بجراحه ولم تندمل بعد ، أصبحت إيران هي اللاعب الأساسي في الملفات العربية بداية بالعراق ثم في لبنان وسوريا والخليج العربي، وحتى اليمن والمغرب العربي ، وأصبح الفشل الأمريكي في هذه الملفات يترجم إلى مكاسب إيرانية، بل ان النجاح اينما حالف الشيعة فان العالم يعزوه الى التأثير الايراني وقوة نفوذه في المجتمعات العربية.
لذا تطرح ايران نفسها كطرف فاعل في المنطقة بأسرها مقابل محاولات تقويض نظامها من قبل الولايات المتحدة ، فأصبحت القضايا الإقليمية محكومة بشكل أو بآخر بالعامل الإيراني فهو عامل حاسم في مستقبل العراق ، خاصة مع غياب الدور العربي تماما لإحتضان العراق ، بل بالعكس عمد بعض العرب على إقحام العراق بحرب طائفية وصراعات فئوية مرة باسم الدين ومرة باسم العروبة بتحريض من الولايات المتحدة واسرائيل ، حتى غدا العراق جسدا بلا روح .
وفي الجزء الجنوبي هناك حراك خليجي يعمل في الخفاء بقيادة السعودية للحيلولة دون نهوض العراق واستقراره في ظل الحكم الحالي .
المشهد العراقي من الداخل
إن أسوأ الآثار التي خلفتها الحرب الأخيرة على العراق أن عطلت وظائف الدولة العراقية الاقتصادية والسياسية والخدمية بعد حل المؤسسات العسكرية والأمنية مما أدت الى انهيار الوضع الأمني والعسكري والاقتصادي بشكل مخيف ، وظهور المليشيات المسلحة وقُوى تمارس العنف بالخفاء ، فضلا عن تحول العراق الى ساحة صراع دولي لتصفية الحسابات بين أجهزة المخابرات العالمية .
وأخطر تلك الآثار هو تراجع الهوية الوطنية مقابل تنامي الانتماءات الفرعية المذهبية والعرقية، والاعتماد على المحاصصة الطائفية والاثنية في ادارة البلاد، وانتشار الفساد بكل أشكاله السياسي والمالي والإداري، مع تفاقم العجز التام لأطراف العملية السياسية في حسن إدارة الشأن العام، أو إدارة الاختلافات المحلية في ظل غياب رؤية إستراتيجية شاملة للنهوض بالواقع العراقي.
ان التجاذبات السياسية والمصالح الفئوية والنظرة الضيقة لمصلحة العراق وضعف الشعور بالمسؤولية الوطنية للسياسيين العراقيين ، أدى الى ضعف أداء الحكومة المركزية وضعف مساحات التحرك لديها ، بلحاظ الضغوط والمصالح الدولية والاقليمية وإمتداداتها داخل العراق ، هذا الضعف في الادارة قد يؤدي بالقادة الإقليميين إلى فصل مناطقهم المستقلة ذاتياً تاركين العراق دولة بالاسم فقط، وقد لوّح البعض لهذا الخيار على منصات ساحات التظاهر في الانبار وصلاح الدين ، وهذا الاحتمال يمكنه أيضاً ان يؤدي إلى إراقة دماء إذا رفضت بغداد الاعتراف بهذه الحدود، أو إذا بدأت تلك الأقاليم في الاقتتال داخلياً على الأراضي المشتركة.
وإذا الامور خرجت من السيطرة لا سمح الله ، يمكن ان يحدث انقلاب من قبل بعض الشخصيات السياسية والمسؤولين العسكرين وبرعاية امريكية ايضا بزعم ان الحكومة الحالية تعرض البلاد للخطر ويجرى اعلان احكام خاصة والغاء الدستور لفترة طارئه مما يدخلها فى فترات عنف وتستمر دوامة العنف واى من هذه النتائج سيكون كارثيا على العراق وشعبه الذي يئن من ماساوية الوضع الامني المنفلت ، ولا زال منذ عقود يعطي الدماء ولا يوجد في الافق ما يجعله يطمئن لرؤية عراق خال من العنف ، دون الإلتفات الى من يحكمه ، فالقناعة التي وصل لها المواطن أن أمنحموني الآمان والخدمات ولا يهم من يكون في راس السلطة .
فضلا عن تراجع قيم الانتماء للوطن بحيث أصبح لدى معظم المواطنين إحساس بالغربة الداخلية بسبب عدم شعوره بحماية الدولة لأمنه وأمانه إلى جانب إحساسه بعدم حصوله على ثمار التنمية المفقودة وتنامي الكسب غير المشروع ، وغياب المشروع الوطني والاجتماعي الذي يستنفر الطموحات والجهود الوطنية نحو البناء والإنتاج مقابل التهميش والإقصاء السياسي وغير السياسي فسح المجال أمام الانحرافات والجرائم وتحقيق الكسب غير المشروع.
الرؤية الإستراتيجية ومتطلبات النهوض:
إن الرؤية الوطنية للنهوض بالواقع العراقي والاستراتيجية الوطنية يجب ان تتركزعلى :
1- البنية السياسية: من خلال تعديل الدستور وتلافى كافة النواقص والعيوب والثغرات الموجودة فيه حالياً وتنظيم قانون الأحزاب خصوصاً فيما يتعلق بتحديد مصادر التمويل للنشاط الحزبي وعدم السماح بالتسليح لأي قوة حزبية، وأن تكون الأحزاب سياسية غير مذهبية أو دينية أو أثنية.
2- البنية الاقتصادية: باعادة النظر بالاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط من خلال إعادة تأهيل وتنظيم (شركة النفط الوطنية) وتوسيع نطاق نشاطها الاستثماري، إلى جانب حصر استثمار وعوائد استثمار الحقول النفط العراقية بين الحكومة المركزية وإيقاف ومنع كافة أشكال السرقة أو التجاوز على الحقول النفطية والانابيب الرابطة والحقوق السيادية للبلد من قبل أي جهة كانت. وكذلك إعادة وتأهيل وإنتاج المصانع المعطلة وتوفير كافة مستلزمات تحديقها وتطويرها، وتحديد الصناعات التحويلية الجديدة مع الاستفادة من إمكانات وخبرات مؤسسات التصنيع العسكري وتحويلها إلى أنشطة صناعية مدنية. وإصدار القوانين والتشريعات اللازمة لحماية الصناعة الوطنية حتى تتمكن من الوقوف على قدميها ثم توسيع حصتها السوقية الداخلية ومن ثم الخارجية بعد أن تتمتع بالقدرة التنافسية اللازمة مع الصناعة الأجنبية.
ومن جهة اخرى ايلاء الزراعة اهتماما خاصا أفقياً وعمودياً من خلال التوسع في المساحات المزروعة وتشجيع زراعة الحبوب وخصوصاً القمح والشعير وباستخدام التكنولوجيا الحديثة لزيادة الإنتاجية، وتوفير كافة مستلزمات واحتياجات المزارعين للنهوض بهذا القطاع وكذلك قطاع الثروة الحيوانية وبما فيها السمكية.
واخيرا الالتفات الى البنية التحتية وقطاع الخدمات: وتشمل التعليم بكافة مراحله علماً بأنه يمثل مفتاح النهوض المستقبلي ، والنهوض بالقطاع الصحي وقطاع الإسكان والنقل والمواصلات، والصرف الصحي والمياه والكهرباء والقطاع المصرفي وغيرها.
3- البنية القانونية: إذا كان العدل تتضمنه القوانين والتشريعات فإن العدالة تعني تطبيق العدل، وهذا التطبيق يحتاج إلى جملة من الشروط بما فيها توفر الأجهزة القضائية والأمنية اللازمة لتطبيق القانون، لذلك فإن من أهم أولويات إصلاح ونجاح البنية القضائية هو استقلالها ونزاهتها وكفاءة القضاة وجدارتهم القانونية، وتوفر أجهزة أمنية مساندة ومنفذة للأوامر وقرارات السلطة القضائية، ولعل في مقدمة أولويات السلطة القضائية هو مجابهة الفساد بكل اشكاله مجابهة حازمة، والمساهمة في تحقيق الأمن والأمان للمواطنين.
4- البنية الاجتماعية: توفير شبكة الأمان الاجتماعي من خلال حزمة قوانين وتشريعات توفر الضمان الصحي والضمان الاجتماعي، والرواتب التقاعدية والإعانات الاجتماعية (للبطالة) وتحديد الأجور الدنيا والعليا – وتحديد سلم وفئات الرواتب وإلغاء كل أشكال التمييز في الدخول والمكافئات والحوافز والمناصب الإدارية إذا كانت تتعارض مع الاستحقاقات المنصوص عليها قانوناً وبما يضمن نزاهة وخبرة وكفاءة الجهاز الإداري الحكومي.
5- البنية العسكرية والأمنية.
التجربة اليابانية
هذه المرتكزات وما يتصل بها وغيرها،ستمكننا من صنع مستقبل مشرق. وخاصة اذا ما إعتمدنا التجربة اليابانية في النهوضوالتي تعد التجربة اليابانية رائدة في مجال النهوض بعد ان خططت وعملت واخلصت ، لرؤيتها الاستراتيجية : فوضعت شعارين لنهضتها (1- جيش قوي ليابان غنية) (2- تقنية غربية بروح يابانية) ، وذلك خلال الفترة (1868 – 1912) وفي عام 1868 بدأ إمبراطور اليابان بعد الاستعانة بحاشية قدرها (4000) شخصية متميزة من ذوي الاتجاهات المختلفة والمتنورة، بإعلان مبادئ بتاريخ 14/آذار/ 1868 وبنص الإعلان على:
أ) أولوية المصلحة العامة.
ب) المساواة بين اليابانيين.
ج) توحيد السلطتين المدنية والعسكرية.
د) البحث العلمي واكتساب الثقافة والتعليم العصريين من أي مكان في العالم.
هـ) استخدام التكنولوجيا والمعرفة في بناء ركائز الإمبراطورية اليابانية.
عوامل ايجابية :
1. تطلعات العراقيين لاستعادة دورهم الريادي والمتميز بين شعوب المنطقة وهو دافع معنوي ونفسي فعال بشرط استقرار الوضع السياسي وانخفاض حدة الانقسامات الطائفية والإثنية.
2. النمو السكاني الذي يعني اكتفاءاً في العمالة، كما سيوفر أحد الشروط الضرورية لنمو الاستثمارات ونشوء سوق محلية واسعة نسبياً للخدمات والمنتجات الوطنية.
3. وفرة الموارد الطبيعية ومن أهمها النفط بشرط ترشيد وتقنين الاستفادة منها والتوجه نحو استغلالها محلياً وتحويلها إلى منتجات صناعية بدلاً من تصديرها كمواد خام مما سيساعد في ايجاد قطاع صناعي نامي.
4. الأراضي المتاحة للزراعة والتي ينبغي تطوير وترشيد الزراعة فيها واعتماد المحاصيل وطرق الزراعة المناسبة في ضوء شح المياه واحتياجات السكان والأسعار العالمية.
5. تحلية مياه الخليج لاستعمالها في سد الاحتياجات المنزلية والصناعية.
6. وجود المراقد الدينية التي يقصدها الزوار وضرورة تنمية ما يسمى بالسياحة الدينية لتكون أحد مصادر الدخل والاستثمار والتوظيف كما هو حال الحج والعمرة في المملكة العربية السعودية.
7. الاستفادة من موقع العراق الجغرافي وانشاء الطرق ووسائط النقل لتسهيل انتقال البضائع والافراد عبر الأراضي العراقية.
8. المرجعية الدينية (صمام الآمان) والتي وقفت على مسافة من كل العراقيين بلا استثناء ، فوجود المرجعية الواعية في العراق عامل مهم وحاسم في دعم عمليات النهوض لانها ترى أن كل ابناء الشعب العراقي في سفينة واحدة اسمها العراق وعلى الجميع حمايتها من الغرق.
----------------------------
ملاحظة : تم الاستفادة من البحوث التالية بتصرف :
- كيف ترى الولايات المتحدة مستقبل النظام فى العراق خلال المرحلة القادمة / شبكة البصرة تشرين الاول 2012/ فلاح ميرزا .
- رؤية استشرافية لمستقبل العراق / إعداد الأستاذ الدكتور ناظم محمد نوري الشمري.
الرجل الحر
31-07-2013, 04:16 AM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الدكتور العزيز ،، الأخوة الفضلاء
لنقل العراق ما بين التجربة الصومالية و التجربة الكورية الجنوبية و لنضع بينهما ما شئت ،، على فرض أننا نسير وفق خط شروع تكون الصومال فيه إلى يسار الصفر حيث يقف العراق مثلاً ،، بينما باقي الدول إلى يمينه ،، ما هي المؤهلات المطلوبة لكي نبتعد عن الصفر و ما دونه ،، و ما هي العوامل المساعدة في ذلك ،،
بحسب تصوري أننا أولاً بحاجة إلى هوية ،، فالعراقي اليوم يعيش ازمة هوية حقيقية ،، فلا السني يستطيع التأقلم مع حالة التقزيم التي فرضتها عليه أصول اللعبة السياسية الجديدة و أبجديات الواقع الديموغرافي و التي سلبتة نهبه الذي انتهبه منذ ألف و أربعمئة عام عندما أحتل أجدادنا العرب أرضاً تعود ملكيتها التأريخية و الواقعية بصورة عامة إلى السومريين و الكلدانيين و البابليين و الآشوريين و الساسانيين و استولوا عليها و حولوها مع القرون من أرض الحضارات و بلاد السواد لخضرتها إلى صحراء عشعش فيها فرخ الفساد و الجهل و التخلف اليوم و الفقر ،،
و لا الشيعي العراقي اليوم يستطيع أن يتحسس هويته كمالك بحكم الديموغرافيا لبلاد النهرين بحجمها العملاق إقتصادياً و تأريخياً لربما لأنه لا يزال يخضع بحكم العقل الباطن إلى إسطورة القصور الإداري في عقلية التشيع العراقي لإفتقارها إلى الخبرة في فن إدارة الدولة و التي هي نقطة لصالح المتسيد السني ،،
و حتى الكوردي الذي حصل على استقراره السياسي و الإقتصادي و الثقافي منذ بدايات التسعينات لا يتخيل إمكانية العودة إلى حيث يكون خاضعاً لحاكم عربي يسوق النكات التي تتندر على الكوردي بأنه لايعرف أذنه اليمنى من اليسرى علماً أن الواقع التأريخي يشهد بتفوق العنصر الآري حضارياً و مدنياً على شعوبنا العربية البدوية الإصول و الجذور ،،
أزمة الهوية بين مكونات العراق و الخوف على ضياع الثقافة و الحقوق و ضياع المكتسبات التأريخية و إن جاء معظمها بقوة القهر و البطش كمكتسبات الحكم السني على العراق أدى إلى تناحر سياسي يحرم إلى حد بعيد تشكيل منظومة قيمية وطنية تكتنف الهويات تحت ظلال هوية واحدة واعدة هي هوية العراق المتعدد الأطياف شأنها شأن الهوية الهندية و الأميركية و غيرها ..
و عليه فأول خطوة أمام حركة الإصلاح السياسي في العراق هو ترسيخ الهوية العراقية ليس من خلال طمس باقي الهويات كالكوردية و الشيعية و السنية بل على العكس من خلال إبرازها و أعلانها كهويات مختلفة ليس من مجال لتذويبها و صهرها أو مصادرتها لأية غاية كانت ،، و العمل على إعطائها أحجامها الحقيقية ديموغرافياً فلا تزال الأنفاس السنية مثلاً تتجه إلى أن الأغلبية في العراق هي الطائفة السنية العربية و هذا بحد ذاته عامل خطر على استقرار العراق حيث يبقى الشعور بالغبن ملازماً لتلك الطائفة إلى أن يثبت العكس الأمر الذي ينزع من ذهنياتها أي مطالبة لحقوق غير موجودة أساساً و أهمها رئاسة الحكومة العراقية و التحكم بالبلد ،،
و من ثم العودة بحدود العراق الإدارية إلى ما قبل التغييرات البعثية الآثمة و إن كانت الأرقام الجغرافية تشير إلى غلبة الجانب الكوردي في هذا المجال غير أن تلك التضحية قد تكون بمثابة إحدى العمليات القيصرية لعلاج الوباء الدموي في العراق ،، حتى الوصول إلى إعلان الأقاليم بحسب المناطقية ،، و توزيع الثروة بحسب إستحقاقات الأقاليم المنتجة ،، و تغيير المناهج الدراسية بحسب العمق الآيديولوجي و الثقافي لغالبية سكان كل إقليم كما هو حاصل في كوردستان ،، الأمر الذي سوف ينتج هوية فيدرالية يكون التعامل مع مكوناتها الأساسية تعاملاً مصلحياً مصيرياً مرتبطاً بإستحقاقات الثقل الإقتصادي و الممرات المائية الدولية و مصادر المياه و مجاريها ..
قضية الهوية الفيدرالية التي تعترف و تبرز الهويات الرئيسة الأخرى في العراق لابد و أن تكون مادة الثقافة و بالتالي مادة الحل في عقلية السياسة العراقية و إلا فإننا سوف نبقى نعيش حالة من التغطية على الجراحات و الثغرات لا تلبث أن تتحول إلى حلقة مفرغة لا تفضي إلى نهاية أبداً ..
هنالك أمر آخر غاية في الأهمية ،،
هو المبالغة في حجم الشخصية العراقية و قدرتها على الإبداع و التغيير و هذا ما قد يؤدي إلى تأخير و تسويف جميع السبل الرامية إلى التقدم و الإنتقال النوعي في عقلية الإنسان العراقي أولاً و في عقلية السياسة العراقية ثانياً و في واقع العراق ثالثاً ،،
لابد لنا كعراقيين أن نعترف بقصورنا و تقصيرنا و بعدنا الشاسع عن مصاف العلم و التقدم المعرفي و الإبداع و أننا بلد يكاد أن يكون خالياً من العقليات و الكفاءات المحلية التي تنافس نظرائها في العالم بل في محيطنا الإقليمي كما هو الحال في إيران و تركيا و إسرائيل ،، و بعض البلدان العربية المستقرة سياسياً
بل مع شديد الأسف تحولت كفاءاتنا المفترضة إلى آفة تقتل إقتصاد البلد و تقتل روح الأجيال من خلال نقل فيروسات الشوفينية الواهية الذهانية إلى عقول الأجيال الجديدة التي لا يبدو أنها تستجيب كموجات بشرية شبابية إلى القفزات الحضارية و المدنية في جميع مجالات التحضر و التمدن و العلوم في العالم بل على العكس رحنا نشهد ظهور طبقات من الشباب الفاشلين دراسياً من آباء أصحاب تخصصات جامعية ..
و مشكلة النظرة المتورمة تجاه الذات إلى العراقيين الذين لا يزالون ينظرون إلى العراق على أنه بلد عظيم و هو أبعد ما يمكن عن اي مظهر من مظاهر العظمة بكل المقاييس ،، هي أنها تمنع المجتمع من تتبع أخطاءه و بالتالي إصلاحها ،،
فلا يزال الطبيب العراقي يعتبر نفسه و يعتبره العراقيون أفضل طبيب في العالم في حين عندما هاجر الدكتور الكبير و الجراح المبدع في طب العين الدكتور نبيل بنيامين ممو إلى كندا تاركاً بغداد هروباً من الحرب الطائفية بعد سقوط كلب العوجة عمل مجرد فاحص بصر في مستشفى كندي حسبما أخبرني بعض زملائه في المهنة ،، و عندما بدأت قوافل المرضى تسافر إلى الهند و غيرها من الدول لغرض العمليات الجراحية أكتشفوا أن أطباء العراق لا يرتقون إلى مستوى ممرض في مستشفيات فورتيس الهندية على الأقل من الناحية الأخلاقية و الإنسانية و اكتشف الكثيرون أن هنالك أملاً طبياً لم يكن يصدر من على ألسنة أطباء العراق من قبل ،،
كذلك المهندسون العراقيون الذين يعتبرون أنفسهم الأفضل في مجالات الهندسة عجزوا لحد الساعة من بناء جسر وفق المواصفات العالمية للجسور من تحدبات كاملة و منحنيات هندسية رصينة تضمن سلامة البناء لعشرات السنين بل لم نر منهم لحد الساعة طريقاً إسفلتياً بدون تعرجات ،، كذلك يأتي الضباط العراقيون القدامى لينسجوا القصص الخيالية عن قوة العسكر العراقي الذي أسس كيانه على العدوان و الإنهزام و اليوم يفشل كبار العسكريين أمام التحديات الأمنية التي يتقدم فيها يوماً بعد يوم فلول القاعدة الموتورين ..
المشكلة أن الأكاديمية العراقية بدأت بتخريج أصحاب إختصاصات لا يفقهون كثيراً بإختصاصاتهم فكم من مدرس لغة عربية ينصب الفاعل و يرفع المفعول به و كم من متخصص لغة إنكليزية لا يقدر على تكوين جملة من خمس كلمات أو ست بدون أخطاء و كم من فيزيائي منغلق على فيزياء القرن الماضي .
كنت قد سمعت مرة كلاماً أضحكني من بعض الأخوة قالوا أن الغرب يحترم العقلية العراقية و لو مر عراقي في أي بلد في أوروبا فأن الأوروبيين يؤدون له التحية من قيام ،، فعلقت قائلاً : قبل أن يخترع فليمنك البنسلين كان العراقي يتورم من رأسه إلى أخمص قدمه ثم يتعفن جسمه و يموت لربما بسبب جرح بسيط ،، و قبل أن يخترع لويس باستير لقاح داء الكلب كان العراقي إذا عضه الكلب المصاب ينبح كالكلاب لمدة أربعين يوماً و يموت فماذا قد ابتكر العراقي من أجل الإنسانية في عصورنا الحديثة غير الحروب و العدوان و احتلال البلدان و حرق القرى الآمنة على أهلها من نساء و أطفال بالأسلحة الكيمياوية و اليوم راح العراقي يرسل لإخوته في الماء و الهواء و التراب و النفط و الغاز إنتحاريين يكبرون اسم الله العلي العظيم ثم يفجرون أجسادهم النجسة وسط الأطفال و الأبرياء ،،
ما هو موجود من إنعدام لأي خطوة على طريق بناء المشاريع التنموية الإستراتيجية على الأقل في المناطق الآمنة سيكون له الفضل في أن الوضع الإقتصادي لن يكون أفضل من اليوم على مدى العقود القليلة القادمة
و بدون أي تغيير لتلك العقلية التي لا تبصر أخطاءها فإن ثروات العراق النفطية سوف لن تكون كافية في عام 2040 لسد تعويضات الإرهاب و الرواتب التقاعدية للبرلمانيين و القضاة و العسكريين وسط استمرارية عسكرة المجتمع بدون خلق عقليات أمنية متطورة مدعومة بوسائل التكنولوجيا الأمنية الحديثة ..
و بفضل التحالفات المناطقية مع أجندات الخارج سوف يكون العراق أسوأ من الصومال ،، أللهم إلا إذا استطاعت الجماهير العراقية خلق إطروحات أخرى تسبب نقلة نوعية في واقع البلد
د. حامد العطية
31-07-2013, 08:35 PM
الأخ العزيز الفاضل مصحح المسار حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رمضان مبارك وتقبل الله منكم صيامكم، أنت محق يا عزيزي في موقفك الذي يدعو إلى التدرج في النظر من العام إلى الخاص، وكما تفضلت فلا بد من نظرة عامة شاملة كما لوكان الناظر في مركبة فضائية منها يرى العالم كله والمنطقة المحيطة بالعراق وما يدور فيها من أحداث قبل أن يهبط إلى الأرض ليتعرف على الوضع العراقي، ومن تلك المنصة العالية يمكن رؤية الاضطراب العام في المنطقة وما يمكن أن يتولد منه من تأثيرات سلبية على العراق ووضعه الداخلي، كما لن تفوته رؤية الأساطيل الأمريكية والغربية التي تجوب مياهه ويستنتج وجود مصالح وغايات من ورائها وهي كلها عوامل يمكن أن تلقي بظلالها على الوضع العراقي الداخلي، قد تعرقل خطط ومشاريع قادته لإعادة اعماره وتنمية اقتصاده وتطوير مجتمعه.
ومن دون شك فإن أي زائر فضائي يصل إلى الأرض ويذهب بصره تلقاء العراق سيتعجب من وضعه البائس، ومن الخلافات السياسية والانقسامات الاجتماعية التي تعصف بأبناءه، وتدفع البعض منهم إلى استعمال العنف الوحشي، وسيزداد عجبه عندما يطلع على كتابهم المقدس ويقرأ فيه: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، وسيهزأ بهم لأنهم لم يستفيدوا من هذه الموعظة الربانية الخالدة.
لو درسنا تجارب العالم التنموية لتوصلنا إلى نتيجة وهي تعدد مساراتها، فلا توجد طريقة واحدة مثلى، وحتى التجارب المتشابهة مثل اليابانية والكورية الجنوبية ليست متطابقة تماماً، ولكل منها خصوصياتها، وبالتالي لا توجد وصفة جاهزة للتنمية، وفي الوقت نفسه لا نحتاج لدراسات يستغرق اعدادها سنين قبل أن نختار مساراً معيناً، ولنفرض أن الحكومة العراقية أناطت بشركة صينية أو كورية جنوبية او أوروبية تطوير خدمات الكهرباء، وهذا المشروع بحد ذاته يجب أن ينفذ بحيث يكون يؤرة للتنمية، من حيث تطوير القوى العاملة التي ستستلم إدارة وتشغيل المشروع المكتمل وخلق الفرص للمستثمرين المحلين لإنشاء مشاريع تتكفل بتقديم الخدمات اللازمة للمشروع أثناء وبعد تنفيذه، وكذلك نقل التكنولوجيا للعراقيين، وهكذا يكون لكل مشروع نتائج تنموية أبعد من نطاقه المحدد، وهي أشبه بالتموجات التي يحدثها إلقاء حجر في بركة ماء راكد، والاقتصاد العراقي اليوم أشبه بهذه البركة، والمطلوب إلقاء المزيد من أحجار التنمية فيها لتوليد طاقة ذاتية كافية لحركة الاقتصاد إلى أمام، أو ما يعرف بإنطلاقة التنمية.
وما أردت إيصاله من فكرة مقترحة من خلال المقال وتعليقاتي المطولة هو التوصل إلى نتيجة بأن افضل وأنجح حل للوضع العراقي المتأزم والمضطرب قد لا يكون سياسياً بالضرورة وإنما اقتصادياً، وتصور معي يا أخي لو أن الساسة قرروا وتعاهدوا على التوقف عن الجدال والمناكفات السياسية ليتفرغوا تماماً للتنمية وإعادة الإعمار، أي تجميد السياسة وتوجيه كل الاهتمام والطاقات للإقتصاد،عندما يصبح الاقتصاد الشاغل الرئيسي فلن يجد الإرهابيون قاعدة واسعة يحتمون وسطها ويلوذون بحماها.
ومع الأسف لقد أضاع العراقيون فرصة كبيرة ووقتاً ثميناً في تخبطهم وتيههم خلال السنوات الماضية، فلو حقق جنوب العراق نمواً متواضعاً شبيهاً بما حققه الأكراد في إقليمهم وقيل للسنة بأن التنمية في مناطقهم بإنتظار استقرار مناطقهم ونبذهم للإرهاب لانقلبوا على الإرهابيين، لكن ما حصل هو الفشل الذريع للحكومة في تحقيق الحد الأدنى من التنمية في كل المناطق الخاضعة لها بدرجة أو أخرى وبعد مرور سنوات عديدة وصرف مئات المليارات من الدولارات، وبالامس خرج علينا رئيس الوزراء العراقي ليقر بذلك ويتهم وزراءه الأقربين بالغباء وغير ذلك.
وبعد فلا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ودمتم بكل خير
د. حامد العطية
31-07-2013, 08:42 PM
الأخ العزيز الأستاذ جعفر المندلاوي وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد استمتعت واستفدت كثيراً من المعلومات القيمة والتحليل الموضوعي والنتائج الواقعية التي توصلت لها في تعليقك الكريم الذي هو بالفعل نواة لدراسة استشرافية وبودي تسجيل بعض الملاحظات على ما ورد فيها:
اولاً: بخصوص مواصفات الشخصية العراقية فإن ما لدي من معلومات يسيرة حول موقف علماء الاجتماع حول الشخصية المنوالية يدل على أنهم لا يميلون إلى القبول بإمكانية تحديد مواصفات لشخصية مواطني مجتمع معين، ولو توصلنا إلى تحديد بعض خصائص الشخصية العراقية فلن تكون كافية للتعرف على اتجاهات وسلوكيات العراقيين ولكل الأزمنة والظروف، وحتى في زمن خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام كان ولاء العراقيين له كاملاً أو شبه كامل في أول عهده ثم ضعف فيما بعد لأسباب اهتم بدراستها المؤرخون، وقد يحتار المراقب في فهم الاختلاف بين مواقف وسلوكيات شيعة العراق بعد الاحتلالين البريطاني والأمريكي، مع وجود مشتركات عديدة بين الظرفين، فالشيعة في 1920م حاربوا مع العثمانيين الذين اضطهدوهم ثم ثاروا ضد الإنجليز وقاطعوا الحكم الملكي الخاضع في أول عهده للبريطانيين لكن قادتهم وغالبيتهم نظروا بإيجابية للإحتلال الأمريكي في 2003م، وهذا التباين مناقض لفرضية وجود شخصية منوالية أو نمطية للعراقيين الشيعة.
ثانياً: أتفق معك بأن لأمريكا مصالح في العراق والمنطقة وبعد زمن قصير من احتلالها للعراق وما تخلله من قرارات اعتباطية وعشوائية تبين لي سوء نواياها وبأنها جاءت للعراق ليس لتحرير شعبه أو على الأقل للتخلص من تهديدات صدام لعملائها الخليجيين فقط بل لإضعاف وتقسيم العراق وتعميق الخلاف بين مكوناته والتمهيد لضرب المنطقة بأكملها من خلال تشجيع الأكراد على تكوين دويلتهم على أنقاض العراق وإيران وتركيا وسورية خدمة لمصالحهم ومصالح سادتهم الصهاينة.
في الوقت ذاته فإن أمريكا ومهما امتلكت من قوة ومارست من مكر شيطاني في نظري أضعف من بيت العنكبوت بشرط أن يكون العراقيون وشعوب وقادات المنطقة أقوياء وواعين ويكفون عن الاستنجاد والاستقواء بأمريكا ومن يفعل ذلك ينطبق عليه التحذير القرآني لمن يسنتجد بالشياطين: "فزادوهم رهقا"، ولو كان للعراقيين قيادة رشيدة وثقة بالله وأنفسهم لاجتعوا على طرد المحتلين الأمريكيين بعد أقل من سنة من الاحتلال ولاكتسبوا بذلك قوة ومنعة إضافية تمكنهم من مجابهة أي تحديات داخلية او أخطار محدقة فيما بعد، وتلك فرصة ذهبية ضاعت.
ثالثاً: لو أخذنا بالاعتبار التاريخ القريب للعراق لتوصلنا إلى استنتاج بأن دول الجوار تخشى من العراق، لذا لا نلومهم لو تدخلوا في الشأن العراقي لأنهم لدغوا من الجحر الصدامي العراقي، وكانت لدغاته قاسية جداً، ومن حقهم اتخاذ الاحتياطات لمنع تكرار ذلك، وجاء الاحتلال الامريكي وما نتج عنه من اضطراب داخلي ليشكل تهديداً لاستقرار الدول المحيطة بنا، لذا علينا ترتيب أوضاعنا الداخلية قبل أن نطالب الآخرين بالكف عن تدخلاتهم، كما يبدو بأن الكثير من هذه التدخلات هي بدعوات محمومة من أطراف عراقية تريد أن تجعل للخلاف الداخلي ابعاداً إقليمية.
رابعاً: أتفق مع ما تفضلتم به في الرؤية الاستراتيجية مع التأكيد على ضرورة تحديد مسار أو خارطة طريق للتنمية.
ودمتم بكل خير
د. حامد العطية
01-08-2013, 04:43 AM
الأخ العزيز الفاضل الرجل الحر وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أطيب التحيات لك وأجزل الثناء على ما تفضلت به من رأي حصيف حول الموضوع وسأبدأ من حيث انتهيت إلى نتيجة بأن المطلوب كشرط أساسي "تغيير العقلية التي لا تبصر أخطاءها" وإلا فالعراق مرشح لكي يكون صنو الصومال وكل المتبقي من ثرواته النفطية لن يكفي لتغطية مصروفاته الاعتيادية، وهو استناج صائب وواقعي، وتحذير ينبغي أخذه على محمل الجد.
لقد بينت في تعليقك جوانب من الشخصية العراقية غير السوية، الكامنة وراء هذه النزعة الإنكارية للأخطاء والفشل والواقع المر، وهي عادة ما تكون مترافقة مع إلقاء التهم على الغير وتحميلهم المسؤولية عن القصور الذاتي.
إن تضخم الأنا أو صورة الذات ظاهرة لا ينفرد بها العراقيون، بل تجدها في الكثير من المجتمعات العربية، وخاصة تلك قريبة العهد بالقبلية والبداوة، كما أنها تمتد في التاريخ إلى أعماق العصر الجاهلي، حيث تجد جذور الفخر والتفاخر، على غرار إذا بلغ الفطام لنا صبي تخر له الجبابر ساجديناً، والتفاخر بالذات والعائلة والقبيلة كان واحداً من أدوات الفرد والجماعة التنافسية في مجتمع تميز بالصراع المستمر حول وسائل العيش، ولم يتخلى عنها المسلمون فاستمروا في التفاخر على بعضهم البعضهم والسخرية من بعضهم البعض، فالسخرية هي الحط من صفات ومكانة الغير مقابل الأنا، وفي كتابي الموسوم الانحرافات الأربعة تعرضت لنزعة تنزيه الذات والأمة والسلف واعتبرتها واحدة من هذه الانحرافات التي أدت بالمسلمين والعرب إلى ما هم عليه اليوم من تخلف وتناحر، وفيما يلي رابط الكتاب:
http://www.4shared.com/office/UcpFVED8/___online.html
في العام الماضي أدعى أكاديمي وباحث عراقي تحقيق نتائج تدحض أو تعدل جذرياً نظريات أينشتاين، و أشادت به وزارة التعليم العالي وبعض الجامعات العراقية في حينها، ومع أني لست مختصاً بالموضوع لكني ارتبت في الأمر ونشرت مقالاً حول ذلك، أثرت فيه بعض الشكوك حول ادعاء هذا الأكاديمي، واتضح لي نتيجة الاستطلاع الذي أجريته أن عدداً لا يستهان به من الأكاديميين العراقيين مثله ينشرون نتاجهم العلمي، الذي يحصلون بفضله على الترقية العلمية، في دوريات هي تجارية أكثر منها علمية، ولا تخضع البحوث المنشورة فيها لقواعد التقييم والتحكيم العلمية الرصينة، وحذرت من مغبة ذلك على مستقبل جامعاتنا والبحث العلمي في العراق، لكن لا حياة لمن تنادي.
العراقيون مثل كل شعوب العالم، الابداع موجود لديهم، وأغلبه كامن وغير ظاهر في وقتنا الحاضر، ووفقاً لمنحنى التوزيع الطبيعي فإن غالبية العراقيين لديهم مستوى من الذكاء والإبداع حول المعدل أو المتوسط، فيما قلة منهم هم من المبدعين أو القادرين على الإبداع، وفي الطرف الآخر من المنحنى هنالك قلة دون المعدل، وهذا هو حال كل شعوب العالم، ولكن التحدي الذي يواجهنا هو تهيئة الظروف المناسبة لظهور هذا الابداع وتنميته وتشجيعه في مؤسساتنا التربوية ومن خلال سياسات حكومية هادفة وأساليب تربوية عائلية أفضل.
قبل سنوات قرأت في صحيفة كندية مقالاً عن اكتشاف الصينيين للتطعيم ضد الجدري، قبل وصوله إلى الغرب، حيث كانوا يعمدون إلى تجفيف دمامل الجدري لدى المرضى المتماثلين للشفاء، وتحويلها إلى مسحوق، يذر أو ينفخ في أنوف الأصحاء، فيكتسبون بذلك مناعة ضد المرض، ولقد ذكرني المقال بما روته لي جدتي العلوية رحمها الله، التي ولدت في أواخر القرن التاسع عشر عن الطريقة المبتكرة التي كان أهل جنوب العراق يتبعونها في التطعيم ضد الجدري، فقالت بأنهم كانوا يختارون المرضى الذين تغلبوا على المرض وقاربوا الشفاء، ويأتون بشوكة نخل (السلة) يغرسونها في دملة من دمامل هؤلاء المرضى المتعافين، ثم يخزون الشوكة في أجسام الأصحاء منهم لاكسابهم المناعة، والملاحظ أن الطريقة المتبعة في جنوب العراق هي الأقرب للوسيلة العلمية الحديثة في التطعيم ضد الجدري والتي أجريت علينا في الصغر، والمعروف أن سيدة بريطانية زارت الدولة العثمانية (1720م) ونقلت الفكرة إلى الغرب، وسواء كان العراقيون هم من ابتدع هذه الطريقة أم غيرهم فقد كان لهم السبق على الغرب، ويفترض أن العراقيين الجنوبيين هم اليوم أكثر استعداداً للإبداع والقبول به من أجدادهم الأميين.
وللإنصاف لا بد من الإشارة إلى أن الطبيب العراقي المختص بجراحة العيون نبيل ممو قد يكون ضحية لممارسات كندية جائرة، فهم لا يعترفون بشهادات الدنيا في الطب، ويفرضون على الراغب بممارسة المهنة في بلادهم النجاح في امتحانات الكفاءة، التي لا يجتازها سوى قلة قليلة، لأنهم لا يريدون للأطباء المهاجرين منافستهم، وهي سياسة تعرضت لانتقادات من مصادر مختلفة داخل كندا.
وعودة إلى موضوعنا وبالتحديد مطلب تعريف الهوية العراقية مقابل تعدد الهويات، فالمؤسف بأنه وعلى الرغم من مرور حوالي قرن من الزمن على تكوين العراق الحديث فلم تتبلور بعد هوية وطنية للعراق، والمشكلة ليست في اصرار الكردي على ممارسة حقوقه السياسية والثقافية أو حرية الشيعي في تطبيق شعائره المذهبية، فهي أمور بديهية، بل المشكلة في الحكومات العراقية المتعاقبة وسياساتها الاقصائية والمجحفة في التعامل مع هذه المكونات وحقوقها الأساسية، ونلاحظ أن المطالبات الكردية بالحقوق القومية تجمدت طيلة فترة ابتعاد الملا مصطفى البرزاني عن العراق لكن ما أن سمح له عبد الكريم قاسم بالعودة للعراق حتى بدأ حركة مسلحة من جديد، وهي في الواقع طموحات شخصية ذات واجهات إثنية، ولو كانت الحكومات العراقية المتعاقبة ناجحة في تحقيق العدالة والمساواة والتنمية لذابت الفوارق الإثنية والطائفية أو لأصبحت من الأمور الثانوية، لكن ظلم الحكومات وتحيزها الطائفي والإثني غذى الهويات والنزعات الانفصالية.
هل من علاج فوري للمحنة العراقية؟ لو ظهر بين العراقيين صنو الإمام موسى الصدر في كازميته وانفتاح عقله وفكره لقاد الشيعة وقبل به غير الشيعة، وقد نجح الإمام الصدر في انتشال الشيعة في لبنان من هوة النسيان وسيطرة الإقطاع السياسي ليصبحوا طائفة ذات قوة ومكانة واعتبار، وأكمل حزب الله المهمة، ولا يخلو المجتمع العراقي من رجل بمواصفاته أو ببعض منها على الأقل، لكن أين هو ؟ وكيف نتعرف عليه؟ ليس لدي أجوبة حاضرة، ولكن غياب القائد لا يعفى الناس من المسؤولية، ولا ننسى بأن القادة لا يجترحون المعجزات، وكل المطلوب منهم توجيه الناس بالاتجاه الصحيح وبالاعتماد على الكفوئين والمخلصين، لأننا لو رجعنا للإسلام لوجدنا بأننا كلنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته.
في مقال سابق بعنوان "كلنا خلفاء في الإرض: رؤية جديدة في الإسلام" دعوت إلى تجاوز الخلافات بين المسلمين من خلال الالتزام بالثوابت العظمى للخلق، والتي بينها لنا القرآن الكريم في الحوار الدائر بين الخالق عز وجل والملائكة عندما أنبأهم بخلق آدم، وهي الإحياء والإصلاح والتعلم، وهي ثوابت كونية سبقت نزول الرسالة، ويمكن الاتفاق عليها، على الأقل بين المسلمين المعتدلين من كل المذاهب، لتكون منطلقاً لحقبة إسلامية جديدة، توضع الخلافات المذهبية والفقهية فيها جانباً، ويقبل المسلمون على تحقيق غايات الخلق العظمى، وليس من قبيل الصدفة أن نجد بأن أي جهد تنموي شامل ومستدام سواء في بلد مسلم مثل العراق أو غير مسلم يراد له النجاح والديمومة لا بد أن يستند إلى هذه الأركان الكونية الثلاثة (الإحياء- الاصلاح- التعلم).
ولو قيل بأنها دعوة طوباوية، غير قابلة للتحقيق، فهل ينكر أحد بأن في المنطقة نموذجين ناجحين، وحتى مناوئيهم يقرون لهما ببعض النجاحات، وهما إيران وحزب الله، فأين التجربة الشيعية العراقية الناجحة؟ وإذا لم تكن لدينا تجربة ناجحة فلم لا نتعلم من الإيرانيين أو حزب الله؟ وهنا نعود إلى حيث بدأنا عند ما تفضلت به من توصيف للذات العراقية المتورمة، هذه الذات التي تصر على أن للعراقيين خصائص ينفرد بها، ولا بد أن يتميز عن غيره، وغير ذلك من الفقاعات الكلامية، التي تتبخر ويتأكد خوائها مع كل عملية إرهابية ناجحة، يفشلون في منع وقوعها.
معذرة على الاسهاب والاطالة ودمتم بكل خير
صفاء العامري
02-08-2013, 12:44 PM
شكراااااا عالموضوع
نجف الخير
02-08-2013, 10:32 PM
الدكتور العزيز السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع غاية في الروعة ويحمل بين حروفة تطلعات رجل حلم بالأمل وسعى لتحقيقة ثم جاء ليأخذ بأيدي أخوته وأخواته ليعملوا في فريق واحد من اجل مصلحة كُبرى في خدمة عُظمى تصب في بلد هو الأول في كثير من الأشياء والتي حولته بعض السياسات الجاهلة الى الأخير في كثير من الاشياء.
استاذنا العزيز: حينما اود المشاركة في موضوعكم الكريم أجدني أكتب بصيغة السؤال من سائل متعلم على طريق نجاة.
العراق الذي مرّ بظروف قد تكون الوحيدة في العالم وظروف أخرى شابه بها بعض الدول في العالم ولا ينقصه شيء واحد من الامكانيات المادية فهو البلد النفطي والزراعي والصناعي غير أن أطماع الأعراب المحيطة به من كل الجهات والأجندات الغربية التي تُحاك في السر والعلن بالاضافة الى سُفهاء الغفلة والمعبر عنهم أسفا بعض ساسة العراق الجديد جعلوا من هذا البلد الأكثر فسادا والأكثر ايتاما والاكثر اميّة والاكثر عطلا ووووو
وقد لا ينجو هذا البلد من هذه الكارثة المحيطة به مالم يتحد ويتوحد ابناءه من اجل هدف سام ونبيل وهو النهوض بالعراق ارضا وشعبا الى ما يستحق ان يكونه بين بلدان العالم ويكون الاتحاد سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وقبل كل شيء علميا بمعنى ان يهتم المواطن العادي والمواطن المسؤول في البلد بالعلم والتعليم للأجيال الصاعدة وأن يعملوا ضعف ما ينبغي عمله الان وان يعاقبوا كل من يعتدي على البلد بأشد العقوبة وان تكون عقوبة الفساد المالي اشد عقوبة. وهذا لا يأتي في سنة واحدة ولا سنتين ولا ثلاث ولعل في الوقت الذي حددته تتضح ملامح البلد نحو الافضل اذا كان هناك اتحاد ونكران للذات.
اما اذا لم نعمل فاننا سنشهد (عراقات) من الشمال الى الجنوب وكل يدعي انه العراق والعراق لا يقر لهم بذاكا.
أجدد أعجابي بموضوعكم الرائع على أمل ان نلتقي في عراق تتحقق فيه الآمال
دمتم بود
د. حامد العطية
03-08-2013, 08:48 PM
أخي العزيز الفاضل الأستاذ نجف الخير حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رمضان مبارك وعيدكم سعيد مقدماً ويذكرني اقتراب عيد الفطر بالأمنية العزيزة التي كان الفلسطينيون وبعض العرب يتبادلونها أثناء الأعياد إذ يخاطب أحدهم الآخر: العيد القادم في فلسطين، ومن المحزن أن ذلك العيد المنتظر لم يحل بعد، والأسوء من ذلك هو أن الكثيرين فقدوا حتى الأمل بعيد سعيد ولو على مساحة صغيرة من بلادهم خارج ظلال البنادق الصهيونية.
أما نحن في العراق فقد حبانا الله بمثل هذا العيد، وحقق لنا أمنيتنا العزيزة بسقوط النظام البعثي الجائر، وحتى من دون بذل جهد كبير، فماذا فعلنا بالعيد؟ لقد تركناه لرحمة الإرهابيين وبقايا البعثيين الذين لا يرحمون، فأحالوه إلى مأتم متواصل، والأفدح من ذلك أن البعض منا أماتت شهوات التسلط والجاه والمال ضمائرهم، وارتضوا التنعم بمباهج الحياة وترفها في منطقتهم الخضراء، فيما يكابد الناس خارجها القتل والفقر والبطالة والحرمان والبؤس، وهؤلاء النخبة اللامنتجبة لا يشوهون حاضر العراق فقط بل يهدمون مستقبله ويهددون وجوده أيضاً.
يسرني جداً أن يكون مقالي المتواضع موضع رضا جنابكم الكريم واطراؤكم له فضل كبير، وأقل ما ينبغي هو توجيه جزيل الشكر وفائق التقدير لكم على إنشاء هذا الموقع الأغر الذي غدا قبلة لكل المخلصين الحريصين على مستقبل بلادهم وإعادة إعماره ورخاءه.
مع خالص مودتي وأطيب تمنياتي ودمتم بكل خير
د. حامد العطية
03-08-2013, 08:52 PM
الأخ العزيز الفاضل الأستاذ صفاء العامري وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رمضان مبارك وعيدكم سعيد مقدماً والشكر لكم على اهتمامكم الكريم بالمقال واستحسانه
ودمتم بكل خير
علي الخضري
06-08-2013, 10:25 PM
مع بالغ التقدير والاحترام للمجهود
لكني اتوقع ان في عام 2040 لن يكون هناك
بلد اسمه العراق مع تحياتي
nagm_abd
12-08-2013, 01:56 PM
الشكر وجزيل الشكر للدكتور حامد العطية
وشكرا الى نظرتكم ووطنيتكم التي تريد اتصنع من العراق
مفخرة لباقي الدول
نحن بالفعل نحتاج ان ننظر الى المستقبل وما هو موقفنا بعد 40 سنة
هل نحن بالقعر او بمنتصف او بالقمة
نحن بلد لا ينقصة شيء نحن بلد سياحي زراعي نفطي وايضا صناعي
نحن نحتاج الى ثقافة المورد البشري وايضا الثقافة التنظيمية في كل شي وستغلل الموارد الطبيعية من اجل الارتقاء بهذا البلد ويجعه في قمة الهرم نحن نحتاج الى روح التعاون وشباب في شتى المجالات حتى نستطيع توظيف تلك الطاقة الموجودة عند الشاب العراقي لكي نرتقي ببلدنا بعيد عن خلفاتنا السياسية وطائفية , لا نريد شاب يدفع رشوة لكي يلتحق بالجيش او شرطه نحن نريد شباب يكافح من اجل مستقبل ويفكر بمستقبل بلده حتى يستطيع ان يخدم هذا البلد الجريح نحن لسنا اقل من دول الخليج ولكن اذا تكتفنا و تعونا سوف نرتقي بهذا البلد حتى نصبح بلد صناعي و زراعي اول في المنطقة ونستغل مورد الارض واليد العاملة وننوظفهاا في الحقول و المصانع بذلك قد نقضي على الفقر والبطالة وان نكن واقعين ومقتنعين بعملنا ولا ننظر لرزق غيرنا ولنتكل على الله في كل الامور ..
شكرا جزيلاا طرح موفق
vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
Jannat Alhusain Network © 2024