مرتضى علي الحلي
31-07-2013, 06:11 PM
الحَوزةُ العلميَّةُ الشريفة و ضرورة مُواجهةِ المُستَقَبَل
==========================
الوظيفة والمَسؤوليَّة والتكليف
===============
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاةُ والسلامُ على نبينا محمد وآله المعصومين
قال اللهُ تعالى
{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }التوبة122
لا أحد يشك في أنَّ الحوزة العلمية الشريفة هي مؤسسة دينية وعلمية ومعرفية شرعيَّة لها
جذرها التأريخي الأصيل والذي نبتَ منذ عصر النص الشريف ومابعده وإلى يومنا هذا .
توفرت هذه المؤسسة على كم ونوع هائل من العلم بالعقيدة والشريعة الحقة والمعرفة والفكر والفقه
والأخلاق والفلسفة والكلام والأصول وغيرها من الفنون .
وتخرجَ منها الكثيرُ من العلماء والفقهاء والفضلاء والخطباء وأهل الفكر والبحث .
وقد أسهمتْ بقدرٍ كبير وأساس في حفظ الأمة الإسلامية بعد إنتهاء عصر النص والبسط
للأئمة المعصومين :عليهم السلام:
وإستجابتْ لوظيفتها وتكليفها في الديمومة والصيرورة في عصر الغيبة الكبرى
للإمام المهدي :عليه السلام:
من خلال ماقدمه العلماء والفقهاء والمفكرون فيها من مداد علمٍ أو دمٍ غذوا به الشجرة الطيبة
التي
{تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }إبراهيم25
وتمكنتْ من ربط وشد الأمة بعقيدتها وشريعتها ومنهجها المتمثِّل بالإسلام الحق .
إنَّ كلُّ ذلك الخزين الوظيفي والمسؤولية الشرعية التي أُنيطَتْ بها من قبل المعصوم
الإمام المهدي :عليه السلام:
يجعلها في أولى المَهام والإنجازات المتوقعة منها على مستوى هداية المجتمع وحفظه من الضلالة
والعمل على تربيته وتوعيته ليكون مُمهداً أو مُستعداً لقبول مشروع التغيير المهدوي الشريف
والمُرتقبُ لا محالة في المستقبل القريب والمحتوم قطعا.
ولتُسلّمَّ الأمانة إلى صاحبها الحق على أحسن وأكمل وجه وأصلح وأقدر.
وحتى يتمكن الإمام المهدي:روحي فداه: من الظهور في الواقع الموضوعي المُعاصِر له
وليقوم بالحق والعدل بعد ما يقضي على الظلم والجور البشري .
إنَّ من أهم المَهام الرئيسة التي ينبغي بمؤسسة الحوزة العلميَّة الشريفة مواجهتها
هي
(التغيير المُماثل)
كردِ فعلٍ وتحسبٍ وتكييفٍ لما فرضته التطورات التقنية المُعاصرة والسريعة .
وما أفرزته نُظم العولمة والحداثة والرقمنة الجديدة من تغييرات جذرية وشاملة في إسلوب الحياة بشكل كامل.
هذا التغيير الكبير يستدعي بالضرورة العقليَّة تغييراً مُماثلاً في مواجهتنا ونظرتنا لما حلَّ بنا وحكمنا
من أنساق التغيير السريع والمُمنهج على مستوى الفكر أو السلوك أو الثقافة أو التقنيات وغيرها .
والتغيير المُماثل في المواجهة للحاضر والمُتسقبل
يفرض علينا أن نراجع سبل تفكيرنا في الأمور الأساسيَّة في حياتنا المعاصرة
بصورة عامة وعلى رأسها التعليم ومناهجه والفكر والموروث الروائي والتغيير النفسي والسلوكي .
وتحديث أنماط ضخ الوعي الديني والأخلاقي والعلمي وبوسائل وأدوات العصر
لقد حان الوقتُ لوضع تصورٍ جديد ومُعاصر وحيوي ومثمر
لكل ما يجب أن تكون عليه أنماط الحياة الجديدة وبنكهة شرعية وأخلاقية يستلذ بطيبها القريب والبعيد .
حتى نتمكن من مواجهة التغيرات والتطورات الهائلة التي يشهدها العالم بأسره .
نحنُ اليوم بحاجة ضرورية ولازمة إلى إنشاء فكر جديد يعلو بنائه على الأصل
ليقدر على إحتضان المُعاصِر ويألفه ولاينقبض منه .
وذلك بإدخال العلوم الحديثة إلى أروقة الدرس
والإحتكام إلى معايير التقييم والتقويم والفحص والإختبار والوثوقية .
وهذا الفكر الجديد أو سمِّها الآيديولوجية الحوزويَّة المُعاصرة
يجب أن يعمل على إستثمار كل الطاقات والإمكانات من موارد مالية وبشرية وعلميَّة وفقهيَّة في الحشد لمواجهة الطوفان العارم .
ففي وسط الحوزة العلميَّة الشريفة طاقات علميَّة كامنة تنتظر الإنبثاق والظهور على مستوى علوم الدين أو الطبيعة أو العلوم الإنسانية والتقنية الحديثة
ومن غير المعقول تهميش هذه الطاقات الكامنة وتضييعها في جانب واحد.
وإنَّ ما تحتاجه الحوزة العلميَّة الشريفة في آيديولوجيتها الجديدة والمُعاصرة
هو إنشاء مراكز بحثية وعلميَّة تقوم على أساس التفكير العقلاني والموضوعي وبلغة الوقت وبخطاب العصر
وإستشراف المُستقبل والتحسب له كما هو الحال في الدولة المتقدّمة في عصرنا هذا .
من أجل النهوض بالواقع التقليدي والقديم والذي بدأتْ تظهر عليه علامات الشيخوخة .
ولإحداث نقلة نوعيّة مميّزة نقفزُ بها من الأصالة إلى المُعاصرة مع حفظ القيمة والقدر للأصل .
فالتطور والتغيير هو سمة وجودية عانقت الإنسان والطبيعة مذ وجودهما
بل العالم كله يتغيَّر ويتبدل على حد ورأي الفلاسفة .
فعلامَ يشذ الإنسانُ عن أقداره وأحكامه ؟
والإنسانُ نفسه هو موضوع الحدث والتغيير وما وراءه كلها آثار له وإنفعالات عنه .
وينبغي بهذه المراكز البحثية التي يجب أن تتخصص في دراسة المستقبل وتستشرفه
أن تبحث وبجد عن المواهب والكفاءات العلمية والمعرفية
لتفتق طاقاتها المبدعة والمُنتجة على مستوى إفادة المجتمع بجيل خلوق ومهذب وواعي وصالح
أو على مستوى تدبيره وهدايته وتعليمه وتشغيله وتنميته .
والحوزة العلميَّة الشريفة تمتلك بالفعل القدرة على ذلك كونها تحوز على المال الشرعي الكثير
والذي يوزاي بوجه ما (إقتصاد دولة )
وهذا المال الشرعي بأيِّ وصفٍ كان خمساً أو زكاةً أو صدقات أو غيرها
أو ما يُلقى في أضرحة الأئمة المعصومين :عليه السلام:
له من المُكنة الإقتصادية في صياغة الإستثمار المعرفي والمالي والعلمي والإجتماعي والتشغيلي
فالحوزة قادرة على إنشاء المصارف الشرعية وتوظيفها في خدمة كيانها وخدمة المتعاملين معها
وإلاَّ من غير العادل والمعقول أن يحوز المالَ فئةُ خاصة تتصرف به كيف ما تشاء وبحجج شرعية قلَّ تطبيقها واقعاً .
ومعلومٌ في واقعنا المُعاصر أنَّ أي كيان حياتي لايمكن له أن يقوم ويستمر وينتج دون التوفر على عصب الإقتصاد
وبحمد الله هذا العصب نابضٌ وفاعلٌ في بُنيَّة الحوزة العلمية الشريفة
فيجب أن يطلَّ بإحساسه وحياته على المجتمع لينعش فقراءه ومحروميه بعدالة التوزيع
وحق القبض .
وهذا الإقتصاد والمال الشرعي إذا وظّفَّ في موارده الصحيحة توزيعا وإنتاجا وإستثمارا
يكاد يحلَّ كلَّ الإشكاليات الإجتماعية والمعاشية
فضلاً عن قدرتة في تفعيل التغيير المُماثل في مواجهة الحاضر والمستقبل
على مستوى التغييرات الثقافية والسلوكية والفكرية والإجتماعية .
ومن الضروري أيضا وجداً أن يتوفر الإعلام الواعي والهادف في الآيديولوجية الحوزوية الجديدة
فالمؤسسة العلمية والدينية تحتاج إلى إعلام مهني متزن ومستقل وناضج يؤمن بالأسس الكليّة والأصيلة للإسلام العزيز.
ويبتعد عن الشخصنة والعناوين ولاينحصر بها غرضاً وأداءً
فضلاً عن الحاجة إلى النشر الكتابي أو الرقمي الدوري لأفكار ومعارف ونتاج الحوزة العلمية الشريفة.
وعلى أساس ما تقدّم تتضح وظيفة الحوزة العلمية الشريفة ومسؤوليتها الشرعية أمام الله تعالى
في حفظ النظام والأمة وهدايتها إلى الصراط المستقيم
لتكون قادرة وبأنساق جديدة على المواجهة المُماثلة لما تفرضة أنظمة الحياة المعاصرة وتسوقه إلى الناس كافة
من مفاهيم الحريات المُطلقة والإنفتاح وتحوير القيم
وصنع فهومات جديدة عن الواجب والحق والحجاب والشرف .
وفلسفة العلاقة بين الرجل والمرأة والمجتمع والدولة
وتهميش الدين عن دفة الحياة
وجعل العلم والعقل هو الفيصل الأول والرئيس في رسم التصور عن كلِّ شيء في هذه الوجود
وكل هذه المتغيرات في منظومة القيم والإجتماع البشري .
تفرض على أصحاب القرار والإجتهاد أن يضعوا بصماتهم الإجتهادية في كلِّ مورد مورد
ليعطوا لأتباعهم ممن تأثروا بالعصرنة والحداثة رؤية منتجة وجاذبة
في ديمومة التعاطي معهم آيديولوجياً ودينيا .
وإلاَّ فالإنتكاسة متوقعة بالفعل إن لم تكن هي أصلاً قد وقعتْ وتنتظر الشياع ظهوراً .
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
==========================
الوظيفة والمَسؤوليَّة والتكليف
===============
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاةُ والسلامُ على نبينا محمد وآله المعصومين
قال اللهُ تعالى
{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }التوبة122
لا أحد يشك في أنَّ الحوزة العلمية الشريفة هي مؤسسة دينية وعلمية ومعرفية شرعيَّة لها
جذرها التأريخي الأصيل والذي نبتَ منذ عصر النص الشريف ومابعده وإلى يومنا هذا .
توفرت هذه المؤسسة على كم ونوع هائل من العلم بالعقيدة والشريعة الحقة والمعرفة والفكر والفقه
والأخلاق والفلسفة والكلام والأصول وغيرها من الفنون .
وتخرجَ منها الكثيرُ من العلماء والفقهاء والفضلاء والخطباء وأهل الفكر والبحث .
وقد أسهمتْ بقدرٍ كبير وأساس في حفظ الأمة الإسلامية بعد إنتهاء عصر النص والبسط
للأئمة المعصومين :عليهم السلام:
وإستجابتْ لوظيفتها وتكليفها في الديمومة والصيرورة في عصر الغيبة الكبرى
للإمام المهدي :عليه السلام:
من خلال ماقدمه العلماء والفقهاء والمفكرون فيها من مداد علمٍ أو دمٍ غذوا به الشجرة الطيبة
التي
{تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }إبراهيم25
وتمكنتْ من ربط وشد الأمة بعقيدتها وشريعتها ومنهجها المتمثِّل بالإسلام الحق .
إنَّ كلُّ ذلك الخزين الوظيفي والمسؤولية الشرعية التي أُنيطَتْ بها من قبل المعصوم
الإمام المهدي :عليه السلام:
يجعلها في أولى المَهام والإنجازات المتوقعة منها على مستوى هداية المجتمع وحفظه من الضلالة
والعمل على تربيته وتوعيته ليكون مُمهداً أو مُستعداً لقبول مشروع التغيير المهدوي الشريف
والمُرتقبُ لا محالة في المستقبل القريب والمحتوم قطعا.
ولتُسلّمَّ الأمانة إلى صاحبها الحق على أحسن وأكمل وجه وأصلح وأقدر.
وحتى يتمكن الإمام المهدي:روحي فداه: من الظهور في الواقع الموضوعي المُعاصِر له
وليقوم بالحق والعدل بعد ما يقضي على الظلم والجور البشري .
إنَّ من أهم المَهام الرئيسة التي ينبغي بمؤسسة الحوزة العلميَّة الشريفة مواجهتها
هي
(التغيير المُماثل)
كردِ فعلٍ وتحسبٍ وتكييفٍ لما فرضته التطورات التقنية المُعاصرة والسريعة .
وما أفرزته نُظم العولمة والحداثة والرقمنة الجديدة من تغييرات جذرية وشاملة في إسلوب الحياة بشكل كامل.
هذا التغيير الكبير يستدعي بالضرورة العقليَّة تغييراً مُماثلاً في مواجهتنا ونظرتنا لما حلَّ بنا وحكمنا
من أنساق التغيير السريع والمُمنهج على مستوى الفكر أو السلوك أو الثقافة أو التقنيات وغيرها .
والتغيير المُماثل في المواجهة للحاضر والمُتسقبل
يفرض علينا أن نراجع سبل تفكيرنا في الأمور الأساسيَّة في حياتنا المعاصرة
بصورة عامة وعلى رأسها التعليم ومناهجه والفكر والموروث الروائي والتغيير النفسي والسلوكي .
وتحديث أنماط ضخ الوعي الديني والأخلاقي والعلمي وبوسائل وأدوات العصر
لقد حان الوقتُ لوضع تصورٍ جديد ومُعاصر وحيوي ومثمر
لكل ما يجب أن تكون عليه أنماط الحياة الجديدة وبنكهة شرعية وأخلاقية يستلذ بطيبها القريب والبعيد .
حتى نتمكن من مواجهة التغيرات والتطورات الهائلة التي يشهدها العالم بأسره .
نحنُ اليوم بحاجة ضرورية ولازمة إلى إنشاء فكر جديد يعلو بنائه على الأصل
ليقدر على إحتضان المُعاصِر ويألفه ولاينقبض منه .
وذلك بإدخال العلوم الحديثة إلى أروقة الدرس
والإحتكام إلى معايير التقييم والتقويم والفحص والإختبار والوثوقية .
وهذا الفكر الجديد أو سمِّها الآيديولوجية الحوزويَّة المُعاصرة
يجب أن يعمل على إستثمار كل الطاقات والإمكانات من موارد مالية وبشرية وعلميَّة وفقهيَّة في الحشد لمواجهة الطوفان العارم .
ففي وسط الحوزة العلميَّة الشريفة طاقات علميَّة كامنة تنتظر الإنبثاق والظهور على مستوى علوم الدين أو الطبيعة أو العلوم الإنسانية والتقنية الحديثة
ومن غير المعقول تهميش هذه الطاقات الكامنة وتضييعها في جانب واحد.
وإنَّ ما تحتاجه الحوزة العلميَّة الشريفة في آيديولوجيتها الجديدة والمُعاصرة
هو إنشاء مراكز بحثية وعلميَّة تقوم على أساس التفكير العقلاني والموضوعي وبلغة الوقت وبخطاب العصر
وإستشراف المُستقبل والتحسب له كما هو الحال في الدولة المتقدّمة في عصرنا هذا .
من أجل النهوض بالواقع التقليدي والقديم والذي بدأتْ تظهر عليه علامات الشيخوخة .
ولإحداث نقلة نوعيّة مميّزة نقفزُ بها من الأصالة إلى المُعاصرة مع حفظ القيمة والقدر للأصل .
فالتطور والتغيير هو سمة وجودية عانقت الإنسان والطبيعة مذ وجودهما
بل العالم كله يتغيَّر ويتبدل على حد ورأي الفلاسفة .
فعلامَ يشذ الإنسانُ عن أقداره وأحكامه ؟
والإنسانُ نفسه هو موضوع الحدث والتغيير وما وراءه كلها آثار له وإنفعالات عنه .
وينبغي بهذه المراكز البحثية التي يجب أن تتخصص في دراسة المستقبل وتستشرفه
أن تبحث وبجد عن المواهب والكفاءات العلمية والمعرفية
لتفتق طاقاتها المبدعة والمُنتجة على مستوى إفادة المجتمع بجيل خلوق ومهذب وواعي وصالح
أو على مستوى تدبيره وهدايته وتعليمه وتشغيله وتنميته .
والحوزة العلميَّة الشريفة تمتلك بالفعل القدرة على ذلك كونها تحوز على المال الشرعي الكثير
والذي يوزاي بوجه ما (إقتصاد دولة )
وهذا المال الشرعي بأيِّ وصفٍ كان خمساً أو زكاةً أو صدقات أو غيرها
أو ما يُلقى في أضرحة الأئمة المعصومين :عليه السلام:
له من المُكنة الإقتصادية في صياغة الإستثمار المعرفي والمالي والعلمي والإجتماعي والتشغيلي
فالحوزة قادرة على إنشاء المصارف الشرعية وتوظيفها في خدمة كيانها وخدمة المتعاملين معها
وإلاَّ من غير العادل والمعقول أن يحوز المالَ فئةُ خاصة تتصرف به كيف ما تشاء وبحجج شرعية قلَّ تطبيقها واقعاً .
ومعلومٌ في واقعنا المُعاصر أنَّ أي كيان حياتي لايمكن له أن يقوم ويستمر وينتج دون التوفر على عصب الإقتصاد
وبحمد الله هذا العصب نابضٌ وفاعلٌ في بُنيَّة الحوزة العلمية الشريفة
فيجب أن يطلَّ بإحساسه وحياته على المجتمع لينعش فقراءه ومحروميه بعدالة التوزيع
وحق القبض .
وهذا الإقتصاد والمال الشرعي إذا وظّفَّ في موارده الصحيحة توزيعا وإنتاجا وإستثمارا
يكاد يحلَّ كلَّ الإشكاليات الإجتماعية والمعاشية
فضلاً عن قدرتة في تفعيل التغيير المُماثل في مواجهة الحاضر والمستقبل
على مستوى التغييرات الثقافية والسلوكية والفكرية والإجتماعية .
ومن الضروري أيضا وجداً أن يتوفر الإعلام الواعي والهادف في الآيديولوجية الحوزوية الجديدة
فالمؤسسة العلمية والدينية تحتاج إلى إعلام مهني متزن ومستقل وناضج يؤمن بالأسس الكليّة والأصيلة للإسلام العزيز.
ويبتعد عن الشخصنة والعناوين ولاينحصر بها غرضاً وأداءً
فضلاً عن الحاجة إلى النشر الكتابي أو الرقمي الدوري لأفكار ومعارف ونتاج الحوزة العلمية الشريفة.
وعلى أساس ما تقدّم تتضح وظيفة الحوزة العلمية الشريفة ومسؤوليتها الشرعية أمام الله تعالى
في حفظ النظام والأمة وهدايتها إلى الصراط المستقيم
لتكون قادرة وبأنساق جديدة على المواجهة المُماثلة لما تفرضة أنظمة الحياة المعاصرة وتسوقه إلى الناس كافة
من مفاهيم الحريات المُطلقة والإنفتاح وتحوير القيم
وصنع فهومات جديدة عن الواجب والحق والحجاب والشرف .
وفلسفة العلاقة بين الرجل والمرأة والمجتمع والدولة
وتهميش الدين عن دفة الحياة
وجعل العلم والعقل هو الفيصل الأول والرئيس في رسم التصور عن كلِّ شيء في هذه الوجود
وكل هذه المتغيرات في منظومة القيم والإجتماع البشري .
تفرض على أصحاب القرار والإجتهاد أن يضعوا بصماتهم الإجتهادية في كلِّ مورد مورد
ليعطوا لأتباعهم ممن تأثروا بالعصرنة والحداثة رؤية منتجة وجاذبة
في ديمومة التعاطي معهم آيديولوجياً ودينيا .
وإلاَّ فالإنتكاسة متوقعة بالفعل إن لم تكن هي أصلاً قد وقعتْ وتنتظر الشياع ظهوراً .
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :