أحلى بحراني
04-08-2013, 12:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
مراقد أئمة البقيع (ع) أم المسجد الأقصى ؟!!
أصبحت قضية قبور أئمة البقيع ع في الواقع الاسلامي والشيعي على وجه الخصوص قضيةٍ عادية كغيرها من القضايا التي تحدث يومياً في العالم، حتى أضحت في طي النسيان لدى البعض وبدون أي مبالغة.
إننا مقبلون على الذكرى التسعين لتهديم مراقد أئمة البقيع على يد الوهابية والذين قاموا بعملهم الشنيع في الثامن من شهر شوال ١٣٤٤ هـ (١٩٢٥م)، والمتتبع للأحداث يجد أن هذه الذكرى تمر مرور الكرام لدى الكثير غير آبهين بها، ومتناسين أن هذه المراقد للأئمة الأطهار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
تسعون عاماً مرت دون أن يحرك الشارع الشيعي بجميع أطيافه أيَ ساكن حول هذه القضية التي ستبقى جرحاً لن يلتئم إلا بإعادة هذه المراقد للبناء ونرى القباب تعانق السماء.
وهذا لا يعني أن ننسَ أو نتجاهل ما قام به العلماء الأجلاء في سعيهم الحثيث لأعادة بناءهم كالسيد الشهيد آية الله حسن الشيرازي "ره" والذي كان هدفه بناء البقيع. يقول الشيخ علي الحائري -حفظه الله- في لقاء له عن الشهيد الشيرازي "استطاع إقناع المسؤولين هناك بأنّ هذا ليس في صالح الإسلام، ولا في صالح المسلمين، فقد اجتمع في هذا السبيل مع كبار المسؤولين، ومع الملك خالد بن عبد العزيز، ومع المسؤولين المتابعين والمعينين، وحتّى في وقتها استطاع أن يكون أول عمّة تدخل جوف الكعبة، فقد فتحت له الكعبة، ودخل في جوفها، وكان قد قطع أشواطاً كبيرة جداً في سبيل ذلك" (١). وغيره من العلماء الذين سعوا إلى ذلك المطلب الحق.
ومع ذلك، فالأمر يبقى مطروحاً وملف القضية سيبقى مفتوحاً. والسؤال هنا أين هذه القضية من اهتمامنا؟!
للأسف الشديد أن السياسيين المنتسبين للمذهب الشيعي (غالبهم) قد تخلوا عن هذه القضية المقدسة، واهتموا بقضايا أخرى لم تفد الواقع الشيعي بأي شيء يذكر حسب ما أعرفه. فأني لا أجد سياسياً من أولئك الذين بيدهم مقدرات الدول أو الأحزاب قام بالدفاع عن قبور أئمة البقيع، وإن قام أحدهم بذلك فمحاولته خجولة جداً ولا تكاد تذكر.
لقد اتجه البعض لتقديس قضايا أخرى وجعلها القضية الأولى من بين القضايا التي يوليها اهتمامه، وكذلك تخصيص يومٍ لإحياء ذكراها! بينما لا نجد ذلك في قضية قبور أئمة البقيع. كما أننا لا نجد كل تلك الطاقات الجبارة التي يوفرها لإحياء ذكرى ما متوفرةً في ذكرى تهديم قبور البقيع إن سلّمنا بإقامتهم لذلك.
لاشك وريب أن الاهتمام بقضايا الأمة والدفاع عنها أمر مهم ومطلوب، إلا أن القضايا المتعلقة بأهل البيت ع هي التي يجب أن تولى اهتماماً غير عادي، خاصة من أولئك الذين يملكون مقدرات البلاد ممن ينتسبون للمذهب الشيعي، وإلا فكل القضايا المتبناة ليس لها قيمة إذا ما قورنت مع قضايا وظلامات أهل البيت ع.
إن من بين تلك القضايا؛ قضية القدس أو الأقصى والتي مر على احتلالها ٦٥ عاماً، وتحديداً منذ عام ١٩٤٨م. إن المسلمين وخصوصاً الشيعة اهتموا كثيراً بهذه القضية وجعلوها الأولى لديهم، متناسين قضية البقيع التي سبقتها بثلاثٍ وعشرين عاماً!
وقد يقول قائل أننا يجب أن ندافع عن المسجد الأقصى فهو "أولى القبلتين" إلى غير ذلك من العبارات .. إلا أن روايات أهل البيت ع تشير إلى غير ذلك، وأن لا أفضلية للمسجد الأقصى الموجود بفلسطين في الواقع الإسلامي. بل هو كما يقول أحد المفكرين إن هذا التصور خاطئ و"هذا ما روّج له بنو أميّة لعنهم الله والمخالفون لأهل البيت" و "مع الأسف انساق معهم وتبعهم بعض الشيعة وصارت كالعقيدة المسلّم بها".
وفي تفسير الصافي للفيض الكاشاني على سبيل المثال في تفسيره لسورة الإسراء يذكر هاتين الروايتين:
١- القمي عن الباقر عليه السلام إنه كان جالسا في المسجد الحرام فنظر إلى السماء مرة وإلى الكعبة مرة ثم قال سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وكرر ذلك ثلاث مرات ثم التفت إلى إسماعيل الجعفي فقال أي شئ يقول أهل العراق في هذه الآية يا عراقي قال يقولون أسري به من المسجد الحرام إلى بيت المقدس فقال ليس كما يقولون ولكنه اسرى به من هذه إلى هذه وأشار بيده إلى السماء وقال ما بينهما حرم.
٢- والعياشي عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن المساجد التي لها الفضل فقال المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قيل والمسجد الأقصى فقال ذاك في السماء إليه أسرى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقيل إن الناس يقولون إنه بيت المقدس فقال مسجد الكوفة أفضل منه. (٢)
إذن، فالأمر كما يتبين من الروايات الشريفة يفند ذلك الرأي القائل بأنه "أولى القبلتين" وبالتالي جعله القضية الأولى في المذهب الشيعي لا يعدو كونه أمراً خاطئاً انساق معه بعض الشيعة بشكلٍ أو بآخر.
لذلك، من المؤسف جداً تهميش قضية تهديم قبور أئمة البقيع ع وعدم المطالبة بشتى الوسائل لإعادة بناءها. وأنا أجزم أن ثلث الجهود التي وضعت لنصرة "أقصى الأرض" لو وضعت لنصرة "مراقد أئمة البقيع" الطاهرة لتم اعادة بناءهم على إكمل وجه.
فالشهيد الشيرازي استطاع "أن يصل إلى إقناع المسؤولين، وفعلاً باشروا لولا أمر واحد فقط كانت تحكمه الظروف الدّينيّة والسّياسيّة في وقتها هو الذي حال بين إتمام المشروع، وإلاّ كان المشروع قاب قوسين أو أدنى للإنجاز" (٣)
أخيراً، إننا نعتذر لله ولأهل البيت ع عن تقصيرنا لنصرتهم، ونسأله أن يغفر لنا وأن تكحل أن أعيننا ببقيع الغرقد وهو مشيد… إنه سميعٌ مجيبُ الدعوات. وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
كتبه: محمد أبو سلطان
٢٥ رمضان ١٤٣٤ هـ
المصادر:
١،٣:
[SIZE=5]http://www.alshirazi.net/leqaat/leghaat/legha/shahid/012.htm (http://www.alshirazi.net/leqaat/leghaat/legha/shahid/012.htm)
٢:
http://goo.gl/c2tOUu (http://goo.gl/c2tOUu)
ومع السلامة.
مراقد أئمة البقيع (ع) أم المسجد الأقصى ؟!!
أصبحت قضية قبور أئمة البقيع ع في الواقع الاسلامي والشيعي على وجه الخصوص قضيةٍ عادية كغيرها من القضايا التي تحدث يومياً في العالم، حتى أضحت في طي النسيان لدى البعض وبدون أي مبالغة.
إننا مقبلون على الذكرى التسعين لتهديم مراقد أئمة البقيع على يد الوهابية والذين قاموا بعملهم الشنيع في الثامن من شهر شوال ١٣٤٤ هـ (١٩٢٥م)، والمتتبع للأحداث يجد أن هذه الذكرى تمر مرور الكرام لدى الكثير غير آبهين بها، ومتناسين أن هذه المراقد للأئمة الأطهار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
تسعون عاماً مرت دون أن يحرك الشارع الشيعي بجميع أطيافه أيَ ساكن حول هذه القضية التي ستبقى جرحاً لن يلتئم إلا بإعادة هذه المراقد للبناء ونرى القباب تعانق السماء.
وهذا لا يعني أن ننسَ أو نتجاهل ما قام به العلماء الأجلاء في سعيهم الحثيث لأعادة بناءهم كالسيد الشهيد آية الله حسن الشيرازي "ره" والذي كان هدفه بناء البقيع. يقول الشيخ علي الحائري -حفظه الله- في لقاء له عن الشهيد الشيرازي "استطاع إقناع المسؤولين هناك بأنّ هذا ليس في صالح الإسلام، ولا في صالح المسلمين، فقد اجتمع في هذا السبيل مع كبار المسؤولين، ومع الملك خالد بن عبد العزيز، ومع المسؤولين المتابعين والمعينين، وحتّى في وقتها استطاع أن يكون أول عمّة تدخل جوف الكعبة، فقد فتحت له الكعبة، ودخل في جوفها، وكان قد قطع أشواطاً كبيرة جداً في سبيل ذلك" (١). وغيره من العلماء الذين سعوا إلى ذلك المطلب الحق.
ومع ذلك، فالأمر يبقى مطروحاً وملف القضية سيبقى مفتوحاً. والسؤال هنا أين هذه القضية من اهتمامنا؟!
للأسف الشديد أن السياسيين المنتسبين للمذهب الشيعي (غالبهم) قد تخلوا عن هذه القضية المقدسة، واهتموا بقضايا أخرى لم تفد الواقع الشيعي بأي شيء يذكر حسب ما أعرفه. فأني لا أجد سياسياً من أولئك الذين بيدهم مقدرات الدول أو الأحزاب قام بالدفاع عن قبور أئمة البقيع، وإن قام أحدهم بذلك فمحاولته خجولة جداً ولا تكاد تذكر.
لقد اتجه البعض لتقديس قضايا أخرى وجعلها القضية الأولى من بين القضايا التي يوليها اهتمامه، وكذلك تخصيص يومٍ لإحياء ذكراها! بينما لا نجد ذلك في قضية قبور أئمة البقيع. كما أننا لا نجد كل تلك الطاقات الجبارة التي يوفرها لإحياء ذكرى ما متوفرةً في ذكرى تهديم قبور البقيع إن سلّمنا بإقامتهم لذلك.
لاشك وريب أن الاهتمام بقضايا الأمة والدفاع عنها أمر مهم ومطلوب، إلا أن القضايا المتعلقة بأهل البيت ع هي التي يجب أن تولى اهتماماً غير عادي، خاصة من أولئك الذين يملكون مقدرات البلاد ممن ينتسبون للمذهب الشيعي، وإلا فكل القضايا المتبناة ليس لها قيمة إذا ما قورنت مع قضايا وظلامات أهل البيت ع.
إن من بين تلك القضايا؛ قضية القدس أو الأقصى والتي مر على احتلالها ٦٥ عاماً، وتحديداً منذ عام ١٩٤٨م. إن المسلمين وخصوصاً الشيعة اهتموا كثيراً بهذه القضية وجعلوها الأولى لديهم، متناسين قضية البقيع التي سبقتها بثلاثٍ وعشرين عاماً!
وقد يقول قائل أننا يجب أن ندافع عن المسجد الأقصى فهو "أولى القبلتين" إلى غير ذلك من العبارات .. إلا أن روايات أهل البيت ع تشير إلى غير ذلك، وأن لا أفضلية للمسجد الأقصى الموجود بفلسطين في الواقع الإسلامي. بل هو كما يقول أحد المفكرين إن هذا التصور خاطئ و"هذا ما روّج له بنو أميّة لعنهم الله والمخالفون لأهل البيت" و "مع الأسف انساق معهم وتبعهم بعض الشيعة وصارت كالعقيدة المسلّم بها".
وفي تفسير الصافي للفيض الكاشاني على سبيل المثال في تفسيره لسورة الإسراء يذكر هاتين الروايتين:
١- القمي عن الباقر عليه السلام إنه كان جالسا في المسجد الحرام فنظر إلى السماء مرة وإلى الكعبة مرة ثم قال سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وكرر ذلك ثلاث مرات ثم التفت إلى إسماعيل الجعفي فقال أي شئ يقول أهل العراق في هذه الآية يا عراقي قال يقولون أسري به من المسجد الحرام إلى بيت المقدس فقال ليس كما يقولون ولكنه اسرى به من هذه إلى هذه وأشار بيده إلى السماء وقال ما بينهما حرم.
٢- والعياشي عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن المساجد التي لها الفضل فقال المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قيل والمسجد الأقصى فقال ذاك في السماء إليه أسرى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقيل إن الناس يقولون إنه بيت المقدس فقال مسجد الكوفة أفضل منه. (٢)
إذن، فالأمر كما يتبين من الروايات الشريفة يفند ذلك الرأي القائل بأنه "أولى القبلتين" وبالتالي جعله القضية الأولى في المذهب الشيعي لا يعدو كونه أمراً خاطئاً انساق معه بعض الشيعة بشكلٍ أو بآخر.
لذلك، من المؤسف جداً تهميش قضية تهديم قبور أئمة البقيع ع وعدم المطالبة بشتى الوسائل لإعادة بناءها. وأنا أجزم أن ثلث الجهود التي وضعت لنصرة "أقصى الأرض" لو وضعت لنصرة "مراقد أئمة البقيع" الطاهرة لتم اعادة بناءهم على إكمل وجه.
فالشهيد الشيرازي استطاع "أن يصل إلى إقناع المسؤولين، وفعلاً باشروا لولا أمر واحد فقط كانت تحكمه الظروف الدّينيّة والسّياسيّة في وقتها هو الذي حال بين إتمام المشروع، وإلاّ كان المشروع قاب قوسين أو أدنى للإنجاز" (٣)
أخيراً، إننا نعتذر لله ولأهل البيت ع عن تقصيرنا لنصرتهم، ونسأله أن يغفر لنا وأن تكحل أن أعيننا ببقيع الغرقد وهو مشيد… إنه سميعٌ مجيبُ الدعوات. وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
كتبه: محمد أبو سلطان
٢٥ رمضان ١٤٣٤ هـ
المصادر:
١،٣:
[SIZE=5]http://www.alshirazi.net/leqaat/leghaat/legha/shahid/012.htm (http://www.alshirazi.net/leqaat/leghaat/legha/shahid/012.htm)
٢:
http://goo.gl/c2tOUu (http://goo.gl/c2tOUu)
ومع السلامة.