أحلى بحراني
04-08-2013, 07:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
أكذوبة عبد الله بن سبأ ونشأة التشيّع
• توطئة
إلى الآن لم ينتهِ الجدل حوله، أغلب الباحثين ذهبوا إلى أن عبد الله بن سبأ أصل التشيع ومؤسس الشيعة وقسم آخر أنكروا وجوده على خريطة الحياة، بين يديك – قارئي العزيز – إطلالة على هذا الموضوع وبعض الأبحاث التي لها صلة بالموضوع.
• من هو ابن سبأ؟
قال ابن عساكر في تاريخه: (كان أصله من اليمن وكان يهودياً فاظهر الإسلام وطاف بلاد المسلمين ليلفتهم عن طاعة الأئمة ويدخل بينهم الشر ودخل دمشق لذلك)(1).
وقال ابن حجر: (عبد الله بن سبأ من غلاة الزنادقة ضال مضل أحسبُ أن علياً حرقه بالنار وزعم أنّ القرآن جزء من تسعة أجزاء وعلمه عند علي فنفاه علي بعدما هم به)(2).
وقال: (وأخبار عبد الله بن سبأ شهيرة في التواريخ وليست له رواية ولله الحمد وله اتباع يقال لهم السبأية معتقدون إلهية علي بن أبي طالب وقد أحرقهم علي بالنار في خلافته)(3).
بالرغم من الدور الكبير المعروض لابن سبأ في كتب التراث إلاّ أنه لا ينقل أخباره إلا راوٍ واحد ينقل عن سلسلة من الرواة فيهم المجهول والمجروح. وهذا الراوي هو سيف بن عمر التميمي، فصار مصير ابن سبأ في ذمة سيف.
• ترجمة سيف بن عمر
إذا كانت كل طرق الروايات التي تنتهي إلى ابن سبأ يرويها سيف فلابد من النظر في حاله.
نقل ابن حجر أقوال أهل الفن فيه فقال: قال ابن معين: ضعيف الحديث، وقال مرة: فلس خير منه.
وقال حاتم: متروك الحديث يشبه حديثه حديث الواقدي.
وقال أبو داود: ليس بشيء.
وقال النسائي، والدارقطني: ضعيف.
وقال ابن عدي: بعض أحاديثه مشهورة وعامتها منكرة لم يتابع عليها.
وقال ابن حبّان: يروي الموضوعات عن الإثبات، قال: وقالوا: انه كان يضع الحديث، قلت – ابن حجر – بقية كلام ابن حبّان اتهم بالزندقة وقال البرقاني عن الدارقطني متروك.
وقال الحاكم: اتهم بالزندقة وهو في الرواية ساقط)(4).
هذا حال سيف الراوي الوحيد لابن سبأ وحاله هذا يغنينا عن النظر في الرواة الذين يأخذ عنهم.
• مأساتنا التاريخية
يعتبر (تاريخ الأمم والملوك) للطبري أهم كتاب تاريخي اعتمد عليه المسلمون، والكارثة أنّ أحداث السقيفة وما تلاها من فتن حتى مقتل عثمان أغلبها ينقلها الطبري عن سيف بن عمر الزنديق الوضاع عن سلسلته المتهالكة.
وكل من جاء نقل عن الطبري أخبار ابن سبأ دون نظر أو توقف في الأخبار، فطار ذكره في كتب الفرق والمذاهب وعلم الكلام... واتخذه خصوم أهل البيت (عليهم السلام) سلاحاً فتّاكاً في وجه الشيعة.
مغالطة ابن حجر
غريبة أن تصدر من ابن حجر العسقلاني، فبعد أن يتفق مع علماء الرجال في تضعيف سيف في الحديث يتبنى رأياً إذ يقول عنه أنه: (عمدة في التاريخ!).
إذا كان سيف وضّاعاً كذاباً زنديقاً في رواية الحديث، فكيف يصبح عمدة في التاريخ؟! فهل هو ذو وجهين ففي حالةٍ يروي الحديث فلا يقبل منه لأنّه ضعيف، وفي حالة يروي التاريخ فيقبل منه فهو عمدة!!
• عودة على ابن سبأ
تعددت الآراء بين مثبت لشخصية ابن سبأ وبين منكرٍ متحفظ في الموضوع، ولا داعي لاستعراض الآراء ومناقشاتها(5).
لقد أتضح إلى الآن سقوط جميع الأخبار التي تذكر ابن سبأ، فبان الوهم والخطأ الذي وقع فيه الكثيرون حين ربطوا بين ابن سبأ والتشيع.
يقول محمد كرد علي: (وأمّا ما ذهب إليه بعض الكتاب من أنّ مذهب التشيع من بدعة عبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء، فهو وهم وقلة علم بتحقيق مذهبهم، ومن علم منزلة هذا الرجل وبراءتهم منه ومن أقواله وأعماله، وكلام علمائهم في الطعن فيه بلا خلاف بينهم في ذلك، علم مبلغ هذا القول من الصواب)(6).
• مؤسس التشيع الحقيقي
بعد بطلان نظرية ابن سبأ في تأسيس التشيع، ينبغي معرفة أصل التشيع، فالتشيّع معناه: المشايعة والمتابعة لآل البيت(7) والرسول (صلى الله عليه وآله) دعا لمشايعة ومتابعة وحب أهل بيته فهو بلفظ آخر دعا إلى التشيع، وتعاليم الشيعة إنما هي مأخوذة حصراً من أهل البيت (عليهم السلام).
حين نزل قول الله تعالى: (إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية)(8).
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يا علي هم أنت وشيعتك)(9).
قال أبو حاتم الرازي: (إنّ أول اسم ظهر في الإسلام على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الشيعة، وكان هذا لقب أربعة من الصحابة هم: أبو ذر، وسلمان، والمقداد، وعمّار)(10).
وذكر الخطيب البغدادي في (الكفاية) عن أبي عبد الله بن الأخرم الحافظ (أنّه سُئِل: لم ترك البخاري الرواية عن الصحابي أبي الطفيل؟ قال: لأنّه كان متشيعاً لعلي بن أبي طالب).
قال ابن حزم: (وروينا عن نحو عشرين من الصحابة أن أكرم الناس على رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب(11).
وقال الدكتور صبحي الصالح: (كان بين الصحابة حتى في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) شيعة لربيبه علي، منهم:
أبو ذر الغفاري، والمقداد بن الأسود، وجابر بن عبد الله وأبي بن كعب وأبو الطفيل عمر بن وائلة، والعباس بن عبد المطلب وجميع بنيه، وعمّار بن ياسر، وأبو أيوب الأنصاري(12).
إلى هنا تبين لنا أنّ التشيع هو منظومة الإسلام التي نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وليس حدثاً استثنائياً فرضته الأحداث وبهذا اتضح الحق لكل منصف طالب للحقيقة.
والحمد لله رب العالمين.
الهوامش ومصادر البحث:
1- تاريخ ابن عساكر: ترجمة ابن سبأ.
2- لسان الميزان: ج 3 ص 289.
3- نفس المصدر: ج 3 ص 290.
4- تهذيب التهذيب: ج 4 ص 295 – 296.
5- راجع في هذا الموضوع: عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى، السيّد مرتضى العسكري، وآراء وأصداء حول عبد الله بن سبأ وروايات سيف في الصحف السعودية مرتضى العسكري ولنا رأي في الموضوع في (وركبت السفينة) الطبعة المحققة.
6- خطط الشام: ج 1 ص 251.
7- لسان العرب: ج 8 ص 189 مادة (شيع).
8- سورة البينة: الآية 7.
9- راجع: الصواعق المحرقة: ج 2 ص 468، تفسير الطبري: ج 3 ص 146، الدر المنثور، السيوطي: ج 6 ص 379، فتح القدير، الشوكاني: ج 5 ص 477.
10- روضات الجنات: ص 88.
11- الفصل في الملل والأهواء والنحل: ج3 ص 32.
12- النظم الإسلامية: ص 96.
ونسألكم الدعاء...~
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
أكذوبة عبد الله بن سبأ ونشأة التشيّع
• توطئة
إلى الآن لم ينتهِ الجدل حوله، أغلب الباحثين ذهبوا إلى أن عبد الله بن سبأ أصل التشيع ومؤسس الشيعة وقسم آخر أنكروا وجوده على خريطة الحياة، بين يديك – قارئي العزيز – إطلالة على هذا الموضوع وبعض الأبحاث التي لها صلة بالموضوع.
• من هو ابن سبأ؟
قال ابن عساكر في تاريخه: (كان أصله من اليمن وكان يهودياً فاظهر الإسلام وطاف بلاد المسلمين ليلفتهم عن طاعة الأئمة ويدخل بينهم الشر ودخل دمشق لذلك)(1).
وقال ابن حجر: (عبد الله بن سبأ من غلاة الزنادقة ضال مضل أحسبُ أن علياً حرقه بالنار وزعم أنّ القرآن جزء من تسعة أجزاء وعلمه عند علي فنفاه علي بعدما هم به)(2).
وقال: (وأخبار عبد الله بن سبأ شهيرة في التواريخ وليست له رواية ولله الحمد وله اتباع يقال لهم السبأية معتقدون إلهية علي بن أبي طالب وقد أحرقهم علي بالنار في خلافته)(3).
بالرغم من الدور الكبير المعروض لابن سبأ في كتب التراث إلاّ أنه لا ينقل أخباره إلا راوٍ واحد ينقل عن سلسلة من الرواة فيهم المجهول والمجروح. وهذا الراوي هو سيف بن عمر التميمي، فصار مصير ابن سبأ في ذمة سيف.
• ترجمة سيف بن عمر
إذا كانت كل طرق الروايات التي تنتهي إلى ابن سبأ يرويها سيف فلابد من النظر في حاله.
نقل ابن حجر أقوال أهل الفن فيه فقال: قال ابن معين: ضعيف الحديث، وقال مرة: فلس خير منه.
وقال حاتم: متروك الحديث يشبه حديثه حديث الواقدي.
وقال أبو داود: ليس بشيء.
وقال النسائي، والدارقطني: ضعيف.
وقال ابن عدي: بعض أحاديثه مشهورة وعامتها منكرة لم يتابع عليها.
وقال ابن حبّان: يروي الموضوعات عن الإثبات، قال: وقالوا: انه كان يضع الحديث، قلت – ابن حجر – بقية كلام ابن حبّان اتهم بالزندقة وقال البرقاني عن الدارقطني متروك.
وقال الحاكم: اتهم بالزندقة وهو في الرواية ساقط)(4).
هذا حال سيف الراوي الوحيد لابن سبأ وحاله هذا يغنينا عن النظر في الرواة الذين يأخذ عنهم.
• مأساتنا التاريخية
يعتبر (تاريخ الأمم والملوك) للطبري أهم كتاب تاريخي اعتمد عليه المسلمون، والكارثة أنّ أحداث السقيفة وما تلاها من فتن حتى مقتل عثمان أغلبها ينقلها الطبري عن سيف بن عمر الزنديق الوضاع عن سلسلته المتهالكة.
وكل من جاء نقل عن الطبري أخبار ابن سبأ دون نظر أو توقف في الأخبار، فطار ذكره في كتب الفرق والمذاهب وعلم الكلام... واتخذه خصوم أهل البيت (عليهم السلام) سلاحاً فتّاكاً في وجه الشيعة.
مغالطة ابن حجر
غريبة أن تصدر من ابن حجر العسقلاني، فبعد أن يتفق مع علماء الرجال في تضعيف سيف في الحديث يتبنى رأياً إذ يقول عنه أنه: (عمدة في التاريخ!).
إذا كان سيف وضّاعاً كذاباً زنديقاً في رواية الحديث، فكيف يصبح عمدة في التاريخ؟! فهل هو ذو وجهين ففي حالةٍ يروي الحديث فلا يقبل منه لأنّه ضعيف، وفي حالة يروي التاريخ فيقبل منه فهو عمدة!!
• عودة على ابن سبأ
تعددت الآراء بين مثبت لشخصية ابن سبأ وبين منكرٍ متحفظ في الموضوع، ولا داعي لاستعراض الآراء ومناقشاتها(5).
لقد أتضح إلى الآن سقوط جميع الأخبار التي تذكر ابن سبأ، فبان الوهم والخطأ الذي وقع فيه الكثيرون حين ربطوا بين ابن سبأ والتشيع.
يقول محمد كرد علي: (وأمّا ما ذهب إليه بعض الكتاب من أنّ مذهب التشيع من بدعة عبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء، فهو وهم وقلة علم بتحقيق مذهبهم، ومن علم منزلة هذا الرجل وبراءتهم منه ومن أقواله وأعماله، وكلام علمائهم في الطعن فيه بلا خلاف بينهم في ذلك، علم مبلغ هذا القول من الصواب)(6).
• مؤسس التشيع الحقيقي
بعد بطلان نظرية ابن سبأ في تأسيس التشيع، ينبغي معرفة أصل التشيع، فالتشيّع معناه: المشايعة والمتابعة لآل البيت(7) والرسول (صلى الله عليه وآله) دعا لمشايعة ومتابعة وحب أهل بيته فهو بلفظ آخر دعا إلى التشيع، وتعاليم الشيعة إنما هي مأخوذة حصراً من أهل البيت (عليهم السلام).
حين نزل قول الله تعالى: (إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية)(8).
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يا علي هم أنت وشيعتك)(9).
قال أبو حاتم الرازي: (إنّ أول اسم ظهر في الإسلام على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الشيعة، وكان هذا لقب أربعة من الصحابة هم: أبو ذر، وسلمان، والمقداد، وعمّار)(10).
وذكر الخطيب البغدادي في (الكفاية) عن أبي عبد الله بن الأخرم الحافظ (أنّه سُئِل: لم ترك البخاري الرواية عن الصحابي أبي الطفيل؟ قال: لأنّه كان متشيعاً لعلي بن أبي طالب).
قال ابن حزم: (وروينا عن نحو عشرين من الصحابة أن أكرم الناس على رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب(11).
وقال الدكتور صبحي الصالح: (كان بين الصحابة حتى في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) شيعة لربيبه علي، منهم:
أبو ذر الغفاري، والمقداد بن الأسود، وجابر بن عبد الله وأبي بن كعب وأبو الطفيل عمر بن وائلة، والعباس بن عبد المطلب وجميع بنيه، وعمّار بن ياسر، وأبو أيوب الأنصاري(12).
إلى هنا تبين لنا أنّ التشيع هو منظومة الإسلام التي نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وليس حدثاً استثنائياً فرضته الأحداث وبهذا اتضح الحق لكل منصف طالب للحقيقة.
والحمد لله رب العالمين.
الهوامش ومصادر البحث:
1- تاريخ ابن عساكر: ترجمة ابن سبأ.
2- لسان الميزان: ج 3 ص 289.
3- نفس المصدر: ج 3 ص 290.
4- تهذيب التهذيب: ج 4 ص 295 – 296.
5- راجع في هذا الموضوع: عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى، السيّد مرتضى العسكري، وآراء وأصداء حول عبد الله بن سبأ وروايات سيف في الصحف السعودية مرتضى العسكري ولنا رأي في الموضوع في (وركبت السفينة) الطبعة المحققة.
6- خطط الشام: ج 1 ص 251.
7- لسان العرب: ج 8 ص 189 مادة (شيع).
8- سورة البينة: الآية 7.
9- راجع: الصواعق المحرقة: ج 2 ص 468، تفسير الطبري: ج 3 ص 146، الدر المنثور، السيوطي: ج 6 ص 379، فتح القدير، الشوكاني: ج 5 ص 477.
10- روضات الجنات: ص 88.
11- الفصل في الملل والأهواء والنحل: ج3 ص 32.
12- النظم الإسلامية: ص 96.
ونسألكم الدعاء...~