الباحث الطائي
06-08-2013, 11:11 AM
اهداف الحوار ومقاصده وآدابهآداب الحوار وقواعد الاختلافأ- أهداف الحوار ومقاصده
1- إقامة الحجة: الغاية من الحوار إقامة الحجة ودفع الشبهة والفاسد من القول والرأي. والسير بطرق الاستدلال الصحيح للوصول إلى الحق.
2- الدعوة: الحوار الهادئ مفتاح للقلوب وطريق إلى النفوس قال تعالى:*﴿*ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ*﴾*( النحل: 125 . )*.
3- تقريب وجهات النظر: من ثمرات الحوار تضييق هوة الخلاف، وتقريب وجهات النظر، وإيجاد حل وسط يرضي الأطراف في زمن كثر فيه التباغض والتناحر
.4- كشف الشبهات والرد على الأباطيل، لإظهار الحق وإزهاق الباطل، كما قال تعالى:*﴿*وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ*﴾*( الأنعام: 55. )*.*ب- الأصول والقواعد الرئيسة التي تضبط مسار الحوار
1- الوصول إلى الحق: فلا بد من التجرد في طلب الحق، والحذر من التعصب والهوى، وإظهار الغلبة والمجادلة بالباطل. يقول الإمام الغزالي عند ذكره لعلامات طلب الحق: "أن يكون في طلب الحق كناشد ضالة، لا يفرّق بين أن تظهر الضالة على يده، أو على يد من يعاونه، ويرى رفيقه معينًا لا خصمًا، ويشكره إذا عرفه الخطأ وأظهر له الحق".
2- تحديد الهدف والقضية التي يدور حولها الحوار، فإن كثيرًا من الحوارات تتحول إلى جدل عقيم سائب ليس له نقطة محددة ينتهي إليها.
3- الاتفاق على أصل يرجع إليه، والمرجعية العليا عند كل مسلم هي: الكتاب والسنة، والضوابط المنهجية في فهم الكتاب والسنة. وقد أمر الله بالرد إليهما فقال سبحانه:*﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ*﴾*( النساء: 59 . )*. فالاتفاق على منهج النظر والاستدلال قبل البدء في أي نقاش علمي يضبط مسار الحوار ويوجهه نحو النجاح، إذ إن الاختلاف في المنهج سيؤدي إلى الدوران في حلقة مفرغة لا حصر لها ولا ضابط
.4- عدم مناقشة الفرع قبل الاتفاق على الأصل فلا بد من البدء بالأهم من الأصول وضبطها والاتفاق عليها، ومن ثم الانطلاق منها لمناقشة الفروع والحوار حولها.
*ج- آدابُ الحوار النفسيةهناك آداب تتعلق بنفسية المحاور وشخصه، وهناك ظروف نفسية قد تطرأ على الحوار فتؤثر فيه تأثيرًا سلبيًّا، فينبغي مراعاة ذلك حتى يحقق الحوار غاياته ويؤتي ثمراته. وأهم هذه الآداب النفسية:أولًا: تهيئة الجو المناسب للحوارلا بد من الابتعاد عن الأجواء الجماعية والغوغائية، لأن الحق قد يضيع في مثل هذه الأجواء. كما ينبغي اختيار المكان الهادئ وإتاحة الزمن الكافي للحوار. كما ينبغي مراعاة الظرف النفسي والاجتماعي للطرف الآخر، فلا يصلح أبدًا أن يتم الحوار مع شخص يعاني من الإرهاق الجسدي أو النفسي، لأن هذه الأمور ستؤثر في الحوار.ومن الوسائل في تهيئة الجو المناسب للحوار: التعارف بين الطرفين، وطرح أسئلة في غير موضوع الحوار لتهيئة نفسية الطرف الآخر، والتقديم للحوار بكلمات مناسبة ومقدمات لطيفة تلفت انتباه الطرف الآخر.ثانيًا: الإخلاص وصدق النيةلا بد من توفر الإخلاص لله وحسن النية وسلامة القصد في الحوار والمناظرة، وأن يبتعد المناظر عن قصد الرياء والسمعة، والظهور على الخصم والتفوق على الآخرين، والانتصار للنفس، وانتزاع الإعجاب والثناء. ومن دلائل الإخلاص لله والتجرد لطلب الحق أن يفرح المحاور إذا ظهر الصواب على لسان مخالفه، كما قال الشافعي: "ما ناظرت أحدًا إلا تمنيت لو أن الله أظهر الحق على لسانه".ويعينه على ذلك أن يستيقن أن الآراء والأفكار ومسالك الحق ليست ملكًا لواحد أو طائفة، والصواب ليس حكرًا على واحد بعينه.ثالثًا: الإنصاف والعدلمن المبادئ الأساسية في الحوار العدل والإنصاف، ومن تمام الإنصاف قبول الحق من الخصم، والتفريق بين الفكرة وقائلها، وأن يبدي المحاور إعجابه بالأفكار الصحيحة والأدلة الجيدة.رابعًا: التواضع وحسن الخلقإن التزام الأدب وحسن الخلق عمومًا، والتواضع على وجه الخصوص له دور كبير في إقناع الطرف الآخر، وقبوله للحق وإذعانه للصواب، فكل من يرى من محاوره توقيرًا وتواضعًا، ويلمس خلقًا كريمًا، ويسمع كلامًا طيبًا، فإنه لا يملك إلا أن يحترم محاوره، ويفتح قلبه لاستماع رأيه.خامسًا: الحلم والصبريجب على المحاور أن يكون حليمًا صبورًا، لا يغضب لأتفه سبب، ولا ينفر لأدنى أمر، ولا يستفز بأصغر كلمة.سادسًا: الرحمة والشفقةإن المحاور المسلم المخلص الصادق يحرص على ظهور الحق، ويشفق على خصمه الذي يناظره من الضلال، ويخاف عليه من الإعراض والمكابرة والتولي عن الحق.سابعًا: العزة والثبات على الحقإن المحاور المسلم يستمد قوته من قوة الدين، وعظمة الإيمان، فلا يجوز أن يؤدي الحوار بالمسلم إلى الذلة والمهانة. والعزة الإيمانية ليست عنادًا يستكبر على الحق، وليست طغيانًا وبغيًا، وإنما هي خضوع لله وخشوع، وخشية وتقوى، ومراقبة لله سبحانه.ثامنًا: حسن الاستماعلا بد للمحاور الناجح أن يتقن فن الاستماع، فكما أن للكلام فنًّا وأدبًا، فكذلك للاستماع، وليس الحوار من حق طرف واحد يستأثر فيه بالكلام دون محاوره، ففرق بين الحوار الذي فيه تبادل الآراء وبين الاستماع إلى خطبة أو محاضرة.تاسعًا: الاحترام والمحبة على رغم الخلافالخلاف أمرٌ واقع لا محالة، ولكن لا يجوز أن يؤدي الخلاف بين المتناظرين الصادقين في طلب الحق إلى تباغض وتقاطع وتهاجر، أو تشاحن وتدابر.*د- آدابُ الحوار العِلميةأولًا- العلمالعلم شرط أساس لنجاح الحوار وتحقيق غايته، وبدونه لا ينجح حوار، ويهدر الوقت ويضيع الجهد.ثانيًا- البدء بالنقاط المشتركة وتحديد مواضع الاتفاقفالبدء بالنقاط المشتركة يساعد على تحرير محل النزاع، وتحديد نقطة الخلاف، ويفيد في حسن ترتيب القضايا والتدرج في معالجتها.ثالثًا- التدرج والبدء بالأهمإن المحاور الناجح هو الذي يصل إلى هدفه بأقرب طريق، ولا يضيع وقته فيما لا فائدة منه، ولا علاقة له بأصل الموضوع، فمعرفة الأهم والبدء به يختصر الطريق.رابعًا- الدليلإن أهم ما ينجح الحوار الدليل، ولا بد من إثبات صحة الدليل، كما قيل: "إن كنت ناقلًا فالصحة، أو مدعيًا فالدليل". ومتى وجد الدليل وثبتت صحته، فلا بد من صحة دلالته على المطلوب، ولا بد من ترتيب الأدلة حسب قوتها وصراحتها في الدلالة على المقصود.خامسًا- ضرب الأمثلةإن المحاور الناجح هو الذي يحسن ضرب الأمثلة، ويتخذها وسيلة لإقناع محاوره، إذ إن الأمثلة الجيدة تزيد المعنى وضوحًا وبيانًا.سادسًا- العدول عن الإجابةإن الأصل في الحوار الناجح أن يبنى على الإخلاص والتجرد للحق والصدق والوضوح، ولكن قد تتعذر هذه الصفات في الخصوم، فقد يكون الخصم يهوى الجدال والمراء، ويقصد إضاعة الوقت والتهرب من الحوار الجاد، وقد يلقي أسئلة لا قيمة لها ولا تفيد شيئًا بالحوار.ففي مثل هذه الأحوال يعدل المحاور الناجح عن الجواب المباشر للسؤال المطروح، إلى جواب مفيد مهم.سابعًا- الرجوع إلى الحق والتسليم بالخطأإن من أهم الآداب والصفات التي يتميز بها المحاور الصادق أن يكون الحق ضالته، فحيثما وجده أخذه، والعاقل هو الذي يسلم بخطئه، ويعود إلى الصواب إذا تبين له، ويفرح بظهوره، ويشكر لصاحبه إرشاده ودلالته إليه.ثامنًا- التحدي والإفحام وإقامة الحجة على الخصمإن الهدف من الحوار هو الوصول إلى الحق، فعلى المحاور أن يتجنب أسلوب الإفحام والإسكات؛ لأنه يترك في نفس المحاور حقدًا وغيظًا وكراهية. ولكن يلجأ المحاور إلى التحدي والإفحام مع من استطال وتجاوز حدود الأدب، وطغى وظلم وعادى الحق وكابر مكابرة بينة ولجأ إلى الاستهزاء والسخرية، ونحو ذلك
.*هـ - آداب الحوار اللفظيةأولًا- الكلمة الطيبة والقول الحسنومن القول الحسن حسن المناداة للطرف الآخر، واختيار أحب الأسماء إليه.ثانيًا- التعريض والتلميح بدلًا عن التصريحإن لفت النظر إلى الأخطاء من طرف خفي، وتجنب اللوم المباشر، وعدم تخطئة الطرف الآخر بعبارة صريحة- كل ذلك له أثره في تسليم الخصم للحق والرجوع عن الخطأ؛ فالنفوس غالبًا لا تتحمل أن تواجه بقوة وصرامة.ثالثًا- ثناء المحاور على نفسه أو على خصمه بالحققد تكون هناك حالات يحتاج فيها المحاور إلى أن يثني على نفسه بالحق لتحقيق غرض معين، كأن يشعر خصمه بمقدار علمه في موضوع الحوار أو في مسألة من مسائله، أو لينفي عن نفسه تهمة أو طعنًا في صدقه وأمانته أو نحو ذلك، فهنا قد يسوغ ذكر شيء من محاسن النفس بقدر وبحق.وكذا قد يحتاج المحاور إلى أن يثني على الطرف الآخر بالحق لتحقيق غرض معين، كأن يكون القصد إشعاره بالتقدير والاحترام، والاعتراف بفضله أو علمه.رابعًا- محذورات لفظيةهناك أمور قد يقع فيها اللسان فتورد صاحبها الموارد، وقد تهوي بالحوار وتعطل سيره أو تحوله إلى جدل عقيم أو تبادل سباب وشتائم، ولذلك ينبغي للمحاور أن يحذرها. ومنها:
1- اختيار الألفاظ والمعاني التي تقود إلى الجدل، أو تستثير الفتن والمشكلات
.2- إظهار التفاصح والتشدق في الكلام تيهًا على الآخرين واستعلاء.
3 - الغيبة: فإن المناظر لا ينفك عن حكاية كلام خصمه ومذمته، فيحكي عنه ما يدل على قصور كلامه وعجزه ونقصان فضله، وهو الغيبة
.4 - الكذب: ربما لا يقدر المناظر على محاورة خصمه، فيلجأ إلى الكذب عليه، فينسبه إلى الجهل والحماقة وقلة الفهم، تغطية لعجزه فيقع في الكذب.
5- تزكية النفس والثناء عليها بالقوة والغلبة والتقدم على الأقران، كقوله: لست ممن يخفى عليه أمثال هذه الأمور ونحو ذلك مما يتمدح به على سبيل الادعاء
.6- الاستئثار بالكلام دون الطرف الآخر، والإطالة الزائدة عن حدها وعدم مراعاة الوقت في أثناء الكلام
.7- اللوم المباشر عند وضوح خطأ الطرف الآخر، كقوله: "أخطأت"، "سأثبت لك أنك مخطئ جاهل" ونحو ذلك مما يجرح الطرف الآخر.
8- رفع الصوت أكثر مما يحتاج إليه السامع، ففي ذلك رعونة وإيذاء
.9- الهزء والسخرية، وكل ما يشعر باحتقار الطرف الآخر
.10- استعمال الألفاظ الغريبة، والأساليب الغامضة، والعبارات المحتملة تلبيسا على الطرف الآخر، تمويها للحقيقة ... إلى غير ذلك من المحذورات التي يجب على المحاور أن يبتعد عنها
منقول للفائدة العامة
1- إقامة الحجة: الغاية من الحوار إقامة الحجة ودفع الشبهة والفاسد من القول والرأي. والسير بطرق الاستدلال الصحيح للوصول إلى الحق.
2- الدعوة: الحوار الهادئ مفتاح للقلوب وطريق إلى النفوس قال تعالى:*﴿*ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ*﴾*( النحل: 125 . )*.
3- تقريب وجهات النظر: من ثمرات الحوار تضييق هوة الخلاف، وتقريب وجهات النظر، وإيجاد حل وسط يرضي الأطراف في زمن كثر فيه التباغض والتناحر
.4- كشف الشبهات والرد على الأباطيل، لإظهار الحق وإزهاق الباطل، كما قال تعالى:*﴿*وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ*﴾*( الأنعام: 55. )*.*ب- الأصول والقواعد الرئيسة التي تضبط مسار الحوار
1- الوصول إلى الحق: فلا بد من التجرد في طلب الحق، والحذر من التعصب والهوى، وإظهار الغلبة والمجادلة بالباطل. يقول الإمام الغزالي عند ذكره لعلامات طلب الحق: "أن يكون في طلب الحق كناشد ضالة، لا يفرّق بين أن تظهر الضالة على يده، أو على يد من يعاونه، ويرى رفيقه معينًا لا خصمًا، ويشكره إذا عرفه الخطأ وأظهر له الحق".
2- تحديد الهدف والقضية التي يدور حولها الحوار، فإن كثيرًا من الحوارات تتحول إلى جدل عقيم سائب ليس له نقطة محددة ينتهي إليها.
3- الاتفاق على أصل يرجع إليه، والمرجعية العليا عند كل مسلم هي: الكتاب والسنة، والضوابط المنهجية في فهم الكتاب والسنة. وقد أمر الله بالرد إليهما فقال سبحانه:*﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ*﴾*( النساء: 59 . )*. فالاتفاق على منهج النظر والاستدلال قبل البدء في أي نقاش علمي يضبط مسار الحوار ويوجهه نحو النجاح، إذ إن الاختلاف في المنهج سيؤدي إلى الدوران في حلقة مفرغة لا حصر لها ولا ضابط
.4- عدم مناقشة الفرع قبل الاتفاق على الأصل فلا بد من البدء بالأهم من الأصول وضبطها والاتفاق عليها، ومن ثم الانطلاق منها لمناقشة الفروع والحوار حولها.
*ج- آدابُ الحوار النفسيةهناك آداب تتعلق بنفسية المحاور وشخصه، وهناك ظروف نفسية قد تطرأ على الحوار فتؤثر فيه تأثيرًا سلبيًّا، فينبغي مراعاة ذلك حتى يحقق الحوار غاياته ويؤتي ثمراته. وأهم هذه الآداب النفسية:أولًا: تهيئة الجو المناسب للحوارلا بد من الابتعاد عن الأجواء الجماعية والغوغائية، لأن الحق قد يضيع في مثل هذه الأجواء. كما ينبغي اختيار المكان الهادئ وإتاحة الزمن الكافي للحوار. كما ينبغي مراعاة الظرف النفسي والاجتماعي للطرف الآخر، فلا يصلح أبدًا أن يتم الحوار مع شخص يعاني من الإرهاق الجسدي أو النفسي، لأن هذه الأمور ستؤثر في الحوار.ومن الوسائل في تهيئة الجو المناسب للحوار: التعارف بين الطرفين، وطرح أسئلة في غير موضوع الحوار لتهيئة نفسية الطرف الآخر، والتقديم للحوار بكلمات مناسبة ومقدمات لطيفة تلفت انتباه الطرف الآخر.ثانيًا: الإخلاص وصدق النيةلا بد من توفر الإخلاص لله وحسن النية وسلامة القصد في الحوار والمناظرة، وأن يبتعد المناظر عن قصد الرياء والسمعة، والظهور على الخصم والتفوق على الآخرين، والانتصار للنفس، وانتزاع الإعجاب والثناء. ومن دلائل الإخلاص لله والتجرد لطلب الحق أن يفرح المحاور إذا ظهر الصواب على لسان مخالفه، كما قال الشافعي: "ما ناظرت أحدًا إلا تمنيت لو أن الله أظهر الحق على لسانه".ويعينه على ذلك أن يستيقن أن الآراء والأفكار ومسالك الحق ليست ملكًا لواحد أو طائفة، والصواب ليس حكرًا على واحد بعينه.ثالثًا: الإنصاف والعدلمن المبادئ الأساسية في الحوار العدل والإنصاف، ومن تمام الإنصاف قبول الحق من الخصم، والتفريق بين الفكرة وقائلها، وأن يبدي المحاور إعجابه بالأفكار الصحيحة والأدلة الجيدة.رابعًا: التواضع وحسن الخلقإن التزام الأدب وحسن الخلق عمومًا، والتواضع على وجه الخصوص له دور كبير في إقناع الطرف الآخر، وقبوله للحق وإذعانه للصواب، فكل من يرى من محاوره توقيرًا وتواضعًا، ويلمس خلقًا كريمًا، ويسمع كلامًا طيبًا، فإنه لا يملك إلا أن يحترم محاوره، ويفتح قلبه لاستماع رأيه.خامسًا: الحلم والصبريجب على المحاور أن يكون حليمًا صبورًا، لا يغضب لأتفه سبب، ولا ينفر لأدنى أمر، ولا يستفز بأصغر كلمة.سادسًا: الرحمة والشفقةإن المحاور المسلم المخلص الصادق يحرص على ظهور الحق، ويشفق على خصمه الذي يناظره من الضلال، ويخاف عليه من الإعراض والمكابرة والتولي عن الحق.سابعًا: العزة والثبات على الحقإن المحاور المسلم يستمد قوته من قوة الدين، وعظمة الإيمان، فلا يجوز أن يؤدي الحوار بالمسلم إلى الذلة والمهانة. والعزة الإيمانية ليست عنادًا يستكبر على الحق، وليست طغيانًا وبغيًا، وإنما هي خضوع لله وخشوع، وخشية وتقوى، ومراقبة لله سبحانه.ثامنًا: حسن الاستماعلا بد للمحاور الناجح أن يتقن فن الاستماع، فكما أن للكلام فنًّا وأدبًا، فكذلك للاستماع، وليس الحوار من حق طرف واحد يستأثر فيه بالكلام دون محاوره، ففرق بين الحوار الذي فيه تبادل الآراء وبين الاستماع إلى خطبة أو محاضرة.تاسعًا: الاحترام والمحبة على رغم الخلافالخلاف أمرٌ واقع لا محالة، ولكن لا يجوز أن يؤدي الخلاف بين المتناظرين الصادقين في طلب الحق إلى تباغض وتقاطع وتهاجر، أو تشاحن وتدابر.*د- آدابُ الحوار العِلميةأولًا- العلمالعلم شرط أساس لنجاح الحوار وتحقيق غايته، وبدونه لا ينجح حوار، ويهدر الوقت ويضيع الجهد.ثانيًا- البدء بالنقاط المشتركة وتحديد مواضع الاتفاقفالبدء بالنقاط المشتركة يساعد على تحرير محل النزاع، وتحديد نقطة الخلاف، ويفيد في حسن ترتيب القضايا والتدرج في معالجتها.ثالثًا- التدرج والبدء بالأهمإن المحاور الناجح هو الذي يصل إلى هدفه بأقرب طريق، ولا يضيع وقته فيما لا فائدة منه، ولا علاقة له بأصل الموضوع، فمعرفة الأهم والبدء به يختصر الطريق.رابعًا- الدليلإن أهم ما ينجح الحوار الدليل، ولا بد من إثبات صحة الدليل، كما قيل: "إن كنت ناقلًا فالصحة، أو مدعيًا فالدليل". ومتى وجد الدليل وثبتت صحته، فلا بد من صحة دلالته على المطلوب، ولا بد من ترتيب الأدلة حسب قوتها وصراحتها في الدلالة على المقصود.خامسًا- ضرب الأمثلةإن المحاور الناجح هو الذي يحسن ضرب الأمثلة، ويتخذها وسيلة لإقناع محاوره، إذ إن الأمثلة الجيدة تزيد المعنى وضوحًا وبيانًا.سادسًا- العدول عن الإجابةإن الأصل في الحوار الناجح أن يبنى على الإخلاص والتجرد للحق والصدق والوضوح، ولكن قد تتعذر هذه الصفات في الخصوم، فقد يكون الخصم يهوى الجدال والمراء، ويقصد إضاعة الوقت والتهرب من الحوار الجاد، وقد يلقي أسئلة لا قيمة لها ولا تفيد شيئًا بالحوار.ففي مثل هذه الأحوال يعدل المحاور الناجح عن الجواب المباشر للسؤال المطروح، إلى جواب مفيد مهم.سابعًا- الرجوع إلى الحق والتسليم بالخطأإن من أهم الآداب والصفات التي يتميز بها المحاور الصادق أن يكون الحق ضالته، فحيثما وجده أخذه، والعاقل هو الذي يسلم بخطئه، ويعود إلى الصواب إذا تبين له، ويفرح بظهوره، ويشكر لصاحبه إرشاده ودلالته إليه.ثامنًا- التحدي والإفحام وإقامة الحجة على الخصمإن الهدف من الحوار هو الوصول إلى الحق، فعلى المحاور أن يتجنب أسلوب الإفحام والإسكات؛ لأنه يترك في نفس المحاور حقدًا وغيظًا وكراهية. ولكن يلجأ المحاور إلى التحدي والإفحام مع من استطال وتجاوز حدود الأدب، وطغى وظلم وعادى الحق وكابر مكابرة بينة ولجأ إلى الاستهزاء والسخرية، ونحو ذلك
.*هـ - آداب الحوار اللفظيةأولًا- الكلمة الطيبة والقول الحسنومن القول الحسن حسن المناداة للطرف الآخر، واختيار أحب الأسماء إليه.ثانيًا- التعريض والتلميح بدلًا عن التصريحإن لفت النظر إلى الأخطاء من طرف خفي، وتجنب اللوم المباشر، وعدم تخطئة الطرف الآخر بعبارة صريحة- كل ذلك له أثره في تسليم الخصم للحق والرجوع عن الخطأ؛ فالنفوس غالبًا لا تتحمل أن تواجه بقوة وصرامة.ثالثًا- ثناء المحاور على نفسه أو على خصمه بالحققد تكون هناك حالات يحتاج فيها المحاور إلى أن يثني على نفسه بالحق لتحقيق غرض معين، كأن يشعر خصمه بمقدار علمه في موضوع الحوار أو في مسألة من مسائله، أو لينفي عن نفسه تهمة أو طعنًا في صدقه وأمانته أو نحو ذلك، فهنا قد يسوغ ذكر شيء من محاسن النفس بقدر وبحق.وكذا قد يحتاج المحاور إلى أن يثني على الطرف الآخر بالحق لتحقيق غرض معين، كأن يكون القصد إشعاره بالتقدير والاحترام، والاعتراف بفضله أو علمه.رابعًا- محذورات لفظيةهناك أمور قد يقع فيها اللسان فتورد صاحبها الموارد، وقد تهوي بالحوار وتعطل سيره أو تحوله إلى جدل عقيم أو تبادل سباب وشتائم، ولذلك ينبغي للمحاور أن يحذرها. ومنها:
1- اختيار الألفاظ والمعاني التي تقود إلى الجدل، أو تستثير الفتن والمشكلات
.2- إظهار التفاصح والتشدق في الكلام تيهًا على الآخرين واستعلاء.
3 - الغيبة: فإن المناظر لا ينفك عن حكاية كلام خصمه ومذمته، فيحكي عنه ما يدل على قصور كلامه وعجزه ونقصان فضله، وهو الغيبة
.4 - الكذب: ربما لا يقدر المناظر على محاورة خصمه، فيلجأ إلى الكذب عليه، فينسبه إلى الجهل والحماقة وقلة الفهم، تغطية لعجزه فيقع في الكذب.
5- تزكية النفس والثناء عليها بالقوة والغلبة والتقدم على الأقران، كقوله: لست ممن يخفى عليه أمثال هذه الأمور ونحو ذلك مما يتمدح به على سبيل الادعاء
.6- الاستئثار بالكلام دون الطرف الآخر، والإطالة الزائدة عن حدها وعدم مراعاة الوقت في أثناء الكلام
.7- اللوم المباشر عند وضوح خطأ الطرف الآخر، كقوله: "أخطأت"، "سأثبت لك أنك مخطئ جاهل" ونحو ذلك مما يجرح الطرف الآخر.
8- رفع الصوت أكثر مما يحتاج إليه السامع، ففي ذلك رعونة وإيذاء
.9- الهزء والسخرية، وكل ما يشعر باحتقار الطرف الآخر
.10- استعمال الألفاظ الغريبة، والأساليب الغامضة، والعبارات المحتملة تلبيسا على الطرف الآخر، تمويها للحقيقة ... إلى غير ذلك من المحذورات التي يجب على المحاور أن يبتعد عنها
منقول للفائدة العامة