جند المرجعية
26-10-2007, 11:20 PM
السلام عليكم جميعاً
قصة أصحاب الكهف ذكرت في القرآن
ولكنها لم تذكر بشرح وافي . ولكن خازن علم النبوة أبو الحسن - ع - لم
يكن لينسى ماعلمه أخيه وابن عمه رسول الله - ص - من تفاصلها
قصة اصحاب الكهف .
لما ولي عمر بن خطاب الخلافة أتاه قوم من أحبار اليهود فقالوا :
يا عمر أنت ولي الأمر بعد محمد (صلاة الله عليه وآله) وصاحبه وإنا نريد أن نسألك عن خصال إن أخبرتنا بها علمنا أن الإسلام حق وأن محمدا كان نبيا ، وإن لم تخبرنا بها علمنا أن الإسلام باطل وأن محمدا لم يكن نبيا
فقال : سلوا عما بدا لكم
قالوا : أخبرنا عن أقفال السموات ماهي؟
وأخبرنا عن مفاتيح السموات ماهي؟
وأخبرنا عن قبر سار بصاحبه ماهو؟
وأخبرنا عمن أنذر قومه لاهو من الجن ولاهو من الإنس؟
وأخبرنا عن خمسة أشياء مشوا على وجه الأرض ولم يخلقوا في الأرحام؟
وأخبرنا ما يقول الدراج في صياحه؟
وما يقول الديك في صراخه؟
وما يقول الفرس في صهيله؟
وما يقول الضفدع في نقيقه؟
وما يقول الحمار في نهيقه؟
وما يقول القنبر في صفيره؟
فنكس عمر رأسه في الأرض واحتار لانه ليس من اهل العلم ولا يفقه منه شيئاثم قال:
لا عيب بعمر إذا سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم ، وأن يسئل عما لا يعلم
فوثبت اليهود وقالوا :
نشهد أن محمدا لم يكن نبيا وأن الإسلام باطل
فوثب سلمان الفارسي (عليه السلام) وقال لليهود:
قفوا قليلا ، ثم توجه نحو مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام حتى دخل عليه فقال:
يا أبا الحسن أغث الإسلام
فقال : وما ذاك؟
فأخبره الخبر فأقبل يرفل في بردة رسول الله صلاة الله عليه وآله فلما نظر إليه عمر وثب قائما فاعتنقه وقال:
يا أبا الحسن أنت لكل معضلة وشدة تدعى
فدعا عليه السلام اليهود وقال:
سلوا عما بدا لكم فإن النبي (صلاة الله عليه وآله) علمني ألف باب من العلم فتشعب لي من الباب ألف باب
فسألوه عنها فقال عليه السلام:
إن لي عليكم شريطة إذا أخبرتكم كما في توراتكم دخلتم في ديننا وآمنتم
فقالوا : نعم
فقال : سلوا عن خصلة خصلة
قالوا :
أخبرنا عن أقفال السموات ماهي؟
قال :
أقفال السموات الشرك بالله لأن العبد والأمة إذا كانا مشركين لم يرتفع لهما عمل
قالوا :
أخبرنا عن مفاتيح السموات ماهي؟
قال :
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله
فجعل بعضهم ينظر إلى بعض ويقولون صدق الفتى
قالوا :
فأخبرنا عن قبر سار بصاحبه؟
فقال ذلك الحوت الذي إلتقم يونس بن متى (عليه السلام) فسار به في البحار السبع
فقالوا :
أخبرنا عمن أنذر قومه لاهو من الجن ولا هو من الإنس؟
قال :
هي نملة سليمان بن داوود (عليه السلام) قالت: يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون
قالوا :
فأخبرنا عن خمسة مشوا على الأرض ولم يخلقوا في الأرحام؟
قال :
ذلكم آدم وحواء وناقة صالح وكبش إبراهيم وعصى موسى (عليهم السلام)
قالوا :
فأخبرنا مايقول الدراج في صياحه؟
قال :
يقول الرحمن على العرش استوى
قالوا :
فأخبرنا مايقول الديك في صراخه؟
قال :
يقول اذكروا الله يا غافلين
قالوا :
أخبرنا مايقول الفرس في صهيله؟
قال :
يقول إذا مشى المؤمنون إلى الكافرين إلى الجهاد: اللهم انصر عبادك المؤمنين على الكافرين
قالوا :
فأخبرنا مايقول الحمار في نهيقه؟
قال :
يقول لعن الله العشار وينهق في أعين الشياطين
قالوا :
فأخبرنا مايقول الضفدع في نقيقه؟
قال :
يقول سبحان ربي المعبود المسبح في لجج البحار
قالوا :
فأخبرنا مايقول القنبر في صفيره؟
قال :
يقول اللهم إلعن مبغضي محمد ومبغضي آل محمد.
وكان اليهود ثلاثة نفر قال إثنان منهم:
نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
ووثب الحبر الثالث فقال:
يا علي لقد وقع في قلوب أصحابي ما وقع من الإيمان والتصديق وقد بقي خصلة واحدة أسألك عنها
فقال :
سل عما بدا لك
فقال الحبر :
أخبرني عن قوم في أول الزمان ماتوا ثلاثمائة وتسع سنين ثم أحياهم الله فما كان من قصتهم؟
قال عليه السلام :
يا يهودي هؤلاء أصحاب الكهف وقد أنزل الله على نبينا قرآنا فيه قصتهم وإن شئت قرأت عليك قصتهم
فقال اليهودي :
ما أكثر ماقد سمعنا قراءتكم إن كنت عالما فأخبرني بأسماءهم وأسماء آباءهم وأسماء مدينتهم وإسم ملكهم وإسم كلبهم وإسم جبلهم وإسم كهفهم وقصتهم من أولها إلى آخرها
فاحتبى علي ببردة رسول الله (عليهم السلام) وقال:
يا أخا العرب حدثني حبيبي محمد (صلاة الله عليه وآله) أنه كان بأرض رومية مدينة يقال لها "أفسوس" ويقال هي "طرطوس" وكان إسمها في الجاهلية "افسوس" فلما جاء الإسلام سموها "طرطوس" قال:
وكان لهم ملك صالح فمات ملكهم وانتشر أمرهم فسمع به ملك من ملوك فارس يقال له دقيانوس
وكان جبارا كافرا فأقبل في عساكر حتى دخل افسوس فاتخذها دار ملكه وبنى فيها قصرا
فوثب اليهودي وقال :
إن كنت عالما فصف لي ذلك القصر ومجالسه
فقال :
يا أخا اليهود ابتني فيها قصرا من الرخام طوله فرسخ وعرضه فرسخ واتخذ فيه أربعة آلاف إسطوانة من الذهب وألف قنديل من الذهب لها سلاسل من اللجين تسرج في كل ليلة بالأدهان الطيبة واتخذ لشرقي المجلس مائة وثمانين قوة ولغربيه كذلك
وكانت الشمس من حين تطلع إلى حين تغيب تدور في المجلس كيفما دارت
واتخذ فيه سريرا من الذهب طوله ثمانون ذراعا في عرض أربعين ذراعا مرصعا بالجواهر
ونصب على يمين السرير ثمانين كرسيا من الذهب فأجلس عليها بطارقته
واتخذ أيضا ثمانين كرسيا من الذهب على يساره فأجلس عليها هراقلته
ثم جلس هو على السرير ووضع التاج على رأسه
فوثب اليهودي وقال :
ياعلي إن كنت عالما فأخبرني مم كان تاجه؟
قال :
يا أخا اليهود كان تاجه من الذهب السبيك له تسعة أركان على كل ركن لؤلؤة تضيئ كما يضيئ المصباح في الليلة الظلماء
واتخذ خمسين غلاما من أبناء البطارقة فمنطقهم بمناطق الديباج الأحمر وسرولهم بسراويل القز الأخضر وتوجهم ودملجهم وخلخلهم وأعطاهم عمد الذهب وأقامهم على رأسه
واصطنع ستة غلمان من أولاد العلماء وجعلهم وزرائه فما يقطع أمرا دونهم وأقام منهم ثلاثة عن يمينه وثلاثة عن شماله
فوثب اليهودي وقال :
ياعلي إن كنت صادقا فأخبرني ما كانت أسماء الستة؟
فقال علي عليه السلام :
حدثني حبيبي محمد (صلاة الله عليه وآله) أن الذين كانوا عن يمينه أسمائهم:
"تمليخا ، مكسلمينا ، محسلمينا"
وأما الذين كانوا عن يساره:
"مرطليوس ، كشطوس ، سادنيوس"
وكان يستشيرهم في جميع أموره وكان إذا جلس كل يوم في صحن داره واجتمع الناس عنده دخل من باب الدار ثلاثة غلمة في يد أحدهم جام من الذهب مملوء من المسك وفي يد الثاني جام من فضة مملوء من ماء الورد وعلى يد الثالث طائر
فيصيح به فيطير حتى يقع في جام ماء الورد فيتمرغ فيه فينشف مافيه بريشه وجناحيه
ثم يصيح به الثاني فيطير فيقع في جام المسك فيتمرغ فيه فينشف مافيه بريشه وجناحيه
فيصيح به الثالث فيطير فيقع على تاج الملك فينفض ريشه وجناحيه على رأس الملك بما فيه من المسك وماء الورد
فمكث الملك في ملكه ثلاثين سنة من غير أن يصيبه صداع ولا وجع ولا حمى ولا لعاب ولا بصاق ولا مخاط
فلما رأى ذلك من نفسه عتى وطغى وتجبر واستعصى وادعى الربوبية من دون الله تعالى ودعا إليه وجوه قومه فكل من أجابه أعطاه وحباه وكساه وخلع عليه ومن لم يجبه ويتابعه قتله
فأجابوه بأجمعهم فأقاموا في ملكه زمانا يعدونه من دون الله تعالى
فبينما هو ذات يوم جالس في عيد له على سريره والتاج على رأسه إذ أتى بعض بطارقته فأخبره أن عساكر الفرس قد غشيته يريدون قتله
فاغتم لذلك غما شديدا حتى سقط التاج عن رأسه وسقط هو عن سريره
فنظر أحد فتيته الثلاثة الذين كانوا عن يمينه إلى ذلك وكان عاقلا يقال له تمليخا
فتفكر وتذكر في نفسه وقال
لو كان دقيانوس هذا إلها كما يزعم لما حزن ولما كان ينام ولما كان يبول ويتغوط وليست هذه الأفعال من صفات الإله
وكانت الفتية الستة يكونون كل يوم عند واحد منهم وكان ذلك اليوم نوبة تمليخا
فاجتمعوا عنده فأكلوا وشربوا ولم يأكل تمليخا ولم يشرب
فقالوا يا تمليخا مالك لا تأكل ولا تشرب؟
فقال يا إخواني قد وقع في قلبي شئ منعني عن الطعام والشراب والمنام
فقالوا وماهو يا تمليخا؟
فقال أطلت فكري في هذه السماء فقلت من رفعها سقفا محفوظا بلا علاقة من فوقها ولا دعامة من تحتها؟
وما أجرى فيها شمسها وقمرها؟
ومن زينها بالنجوم؟
ثم أطلت فكري في هذه الأرض من سطحها على ظهر اليم الزاخر ومن حبسها وربطها بالجبال الرواسي لئلا تميد؟
ثم أطلت فكري في نفسي فقلت من أخرجني جنينا من بطن أمي؟
ومن غذاني ورباني؟
إن لهذا صانعا ومدبرا سوى دقيانوس الملك
فانكبت الفتية على رجليه يقبلونهما وقالوا:
يا تمليخا لقد وقع في قلوبنا ما وقع في قلبك فأشر علينا
فقال:
يا إخواني ما أجد لي ولكم حيلة إلا الهرب من هذا الجبار إلى ملك السموات والأرض
فقالوا:
الرأي مارأيت
فوثب تمليخا فابتاع تمرا بثلاثة دراهم وسرها في ردائه
وركبوا خيولهم وخرجوا فلما ساروا قدر ثلاثة أميال من المدينة قال لهم تمليخا
يا إخوتاه قد ذهب عنا ملك الدنيا وزال عنا أمره
فانزلوا عن خيولكم وامشوا على أرجلكم لعل الله يجعل من أمركم فرجا ومخرجا
فنزلوا عن خيولهم ومشوا على أرجلهم سبع فراسخ حتى صارت أرجلهم تقطر دما لأنهم لم يعتادوا المشي على أقدامهم
فاستقبلهم رجل راع فقالوا:
أيها الراعي أعندك شربة ماء أو لبن؟
فقال عندي ما تحبون ولكني أرى وجوهكم وجوه الملوك وما أظنكم إلا هرابا فأخبروني بقصتكم
فقالوا ياهذا إنا دخلنا في دين لا يحل لنا الكذب أفينجينا الصدق؟
قال نعم
فأخبروه بقصتهم فانكب الراعي على أرجلهم يقبلهما ويقول:
قد وقع في قلبي ما وقع في قلوبكم فقفوا إلي ههنا حتى أرد الأغنام إلى أربابها وأعود إليكم.
فوقفوا له حتى ردها وأقبل يسعى فتبعه كلب له
فوثب اليهودي قائما وقال:
ياعلي إن كنت عالما فأخبرني ماكان لون الكلب وإسمه؟
فقال:
يا أخا اليهود حدثني حبيبي محمد (صلاة الله عليه وآله) أن الكلب كان أبلق بسواد وكان إسمه "قطمير"
قال:
فلما نظر الفتية إلى الكلب بنبيحه فألحوا عليه طردا بالحجارة فلما نظر إليهم الكلب وقد ألحوا عليه بالحجارة والطرد
أقعى على رجليه وتمطى وقال بلسان طلق ذلق:
يا قوم لم تطردونني وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له
دعوني أحرسكم من عدوكم وأتقرب بذلك إلى الله سبحانه وتعالى
فتركوه ومضوا فصعد بهم الراعي جبلا وانحط بهم أعلى كهف
فوثب اليهودي وقال:
يا علي ما إسم ذلك الجبل؟
وما إسم الكهف؟
قال أمير المؤمنين عليه السلام:
يا أخا اليهود إسم الجبل "ناجلوس" وإسم الكهف "الوصيد"
قال:
وإذا بفناء الكهف أشجار مثمرة وعين غزيرة فأكلوا من الثمار وشربوا من الماء وجنهم الليل فآووا إلى الكهف
وربض الكلب على باب الكهف ومد يديه عليه
وأمر الله ملك الموت يقبض أرواحهم ووكل الله تعالى بكل رجل منهم ملكين يقلبانه من ذات اليمين إلى ذات الشمال
ومن ذات الشمال إلى ذات اليمين
قال:
وأوحى الله تعالى إلى الشمس فكانت تزاور عن كهفهم ذات اليمين إذا طلعت
وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال.
فلما رجع الملك "دقيانوس" من عيده سأل عن الفتية
فقيل له:
إنهم إتخذوا إلها غيرك وخرجوا هاربين منك
فركب في ثمانين ألف فارس وجعلوا يقفوا آثارهم حتى صعد الجبل وشارف الكهف
فنظر إليهم مضطجعين فظن أنهم نيام
فقال لأصحابه:
لو أردت أن أعاقبهم بشئ ما عاقبتهم بأكثر مما عاقبوا به أنفسهم فآتوني بالبنائين
فأتى بهم فردموا عليهم باب الكهف بالجبس والحجارة ثم قال لأصحابه:
قولوا لهم يقولوا لإلههم الذي في السماء إن كانوا صادقين يخرجهم من هذا الموضع
فمكثوا ثلاثمائة وتسع سنين
فنفخ الله فيهم الروح وهم من رقدتهم لما بزغت الشمس
فقال بعضهم لبعض:
لقد غفلنا هذه الليلة عن عبادة الله تعالى قوموا بنا إلى العين
فإذا بالعين قد غارت والأشجار قد جفت
فقال بعضهم لبعض:
إنا من أمرنا هذا لفي عجب مثل هذه العين قد غارت في ليلة واحدة
ومثل هذه الأشجار قد جفت في ليلة واحدة
فألقى الله عليهم الجوع فقالوا:
أيكم يذهب بورقكم هذه إلى المدينة فليأتنا بطعام منها ولينظر أن لا يكون من الطعام الذي يعجن بشحم الخنازير
وذلك قوله تعالى:
"فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما" أي أحل وأجود وأطيب
فقال تمليخا:
يا إخوتي لا يأتيكم أحد بالطعام غيري ولكن أيها الراعي إدفع لي ثيابك وخذ ثيابي
فلبس ثيابي الراعي ومر وكان يمر بمواضع لا يعرفها وطريق ينكرها حتى أتى باب المدينة
فإذا عليه علم مكتوب عليه:
لا إله إلا الله عيسى روح الله صلى الله على نبينا وعليه وسلم
فطفق الفتى ينظر إليه ويمسح عينيه ويقول:
أراني نائما
فلما طال عليه ذلك دخل المدينة فمر بأقوام يقرأون الإنجيل
واستقبله أقوام لا يعرفهم حتى انتهى إلى السوق
فإذا هو بخباز فقال له:
يا خباز ما إسم مدينتكم هذه؟
قال: أفسوس
قال وما إسم
فوثب اليهودي وقال:
يا علي إن كنت عالما فأخبرني كم كان وزن الدرهم منها؟
فقال:
يا أخا اليهود أخبرني حبيبي محمد (صلاة الله عليه وآله) وزن كل درهم عشرة دراهم وثلثا درهم
فقال له الخباز:
يا هذا إنك قد أصبت كنزا فأعطني بعضه وإلا ذهبت بك إلى الملك
فقال تمليخا:
ما أصبت كنزا وإنما هذا من ثمن تمر بعته بثلاثة دراهم منذ ثلاثة أيام وقد خرجت من هذه المدينة وهم يعبدون دقيانوس الملك
فغضب الخباز وقال:
ألا ترضى إن أصبت كنزا أن تعطيني بعضه؟
حتى تذكر رجلا جبارا كان يدعي الربوبية قد مات منذ ثلاثمائة سنة وتسخر بي
ثم أمسكه واجتمع الناس ثم إنهم أتوا به إلى الملك وكان عاقلا عادلا فقال لهم:
ما قصة هذا الفتى؟
قالوا:
أصاب كنزا
فقال له الملك:
لا تخف فإن نبينا عيسى عليه السلام أمرنا أن لا نأخذ من الكنوز إلا خمسها فادفع إلي خمس هذا الكنز وامضي سالما
فقال:
أيها الملك تثبت في أمري ما أصبت كنزا وإنما أنا من أهل هذه المدينة
فقال له:
أنت من أهلها؟
قال:
نعم
قال:
أفتعرف فيها أحدا؟
قال:
نعم
قال:
فسم لنا
فسمى له نحوا من ألف رجل فلم يعرفوا منهم رجلا واحدا
قالوا:
يا هذا ما نعرف هذه الأسماء وليست هي من أهل زماننا
ولكن هل لك في هذه المدينة دارا؟
فقال:
نعم أيها الملك فابعث معي أحدا
فبعث معه الملك جماعة حتى أتى بهم دارا أرفع دار في المدينة وقال:
هذه داري ثم قرع الباب فخرج لهم شيخ كبير قد استرخا حاجباه من الكبر على عينيه وهو فزع مرعوب مذعور فقال:
أيها الناس ما بالكم؟
فقال له رسول الملك:
إن هذا الغلام يزعم أن هذه الدار داره
فغضب الشيخ والتفت إلى تمليخا وتبينه وقال له:
ما إسمك؟
قال:
تمليخا بن فلسين
فقال له الشيخ:
أعد علي
فأعاد عليه
فانكب الشيخ على يديه ورجليه يقبلهما وقال:
هذا جدي ورب الكعبة وهو أحد الفتية الذين هربوا من دقيانوس الملك الجبار إلى جبار السموات والأرض
ولقد كان عيسى عليه السلام أخبرنا بقصتهم وأنهم سيحيون
فأنهى ذلك إلى الملك وأتى إليهم وحضرهم فلما رأى الملك تمليخا نزل عن فرسه وحمل تمليخا على عاتقه فجعل الناس يقبلون يديه ورجليه ويقولون له:
يا تمليخا ما فعل بأصحابك؟
فأخبرهم أنهم في الكهف.
وكانت المدينة قد وليها رجلان ملك مسلم وملك نصراني فركبا في أصحابهما وأخذا تمليخا فلما صاروا قريبا من الكهف قال لهم تمليخا:
يا قوم إني أخاف أن إخوتي يحسون بوقع حوافر الخيل والدواب وصلصلة اللجم والسلاح فيظنون أن دقيانوس قد غشهم فيموتون جميعا
فقفوا قليلا حتى أدخل إليهم فأخبرهم
فوقف الناس ودخل عليهم تمليخا فوثب إليه الفتية واعتنقوه وقالوا:
الحمد لله الذي نجاك من دقيانوس
فقال:
دعوني منكم ومن دقيانوس كم لبثتم؟
قالوا:
لبثنا يوما أو بعض يوم
قال:
بل لبثتم ثلاثمائة وتسع سنين
وقد مات دقيانوس وانقرض قرن بعد قرن وآمن أهل المدينة بالله العظيم وقد جاءكم
فقالوا له:
يا تمليخا تريد أن تصيرنا فتنة للعالمين؟
قال:
فماذا تريدون؟
قالوا:
إرفع يدك ونرفع أيدينا فرفعوا أيديهم وقالوا:
اللهم بحق ما أريتنا من العجائب في أنفسنا إلا قبضت أرواحنا ولم يطلع علينا أحد
فأمر الله ملك الموت فقبض أرواحهم وطمس الله باب الكهف
وأقبل الملكان يطوفان حول الكهف سبعة أيام فلا يجدان له بابا ولا منفذا ولا ملكا
فأيقنا حينئذ بلطيف صنع الله الكريم وأن أحوالهم كانت عبرة أراهم الله إياها
فقال المسلم:
على ديني ماتوا وأنا أبني على باب الكهف مسجدا
وقال النصراني:
بل ماتوا على ديني فأنا أبني على باب الكهف ديرا
فاقتتل الملكان فغلب المسلم النصراني فبنى على باب الكهف مسجدا فذلك قوله تعالى:
¤قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا¤
وذلك يا يهودي ما كان من قصتهم
ثم قال عليه السلام لليهودي:
سألتك بالله يا يهودي أوافق هذا مافي توراتكم؟
فقال اليهودي:
ما زدت حرفا ولا نقصت حرفا يا أبا الحسن
لا تسمني يهوديا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأنك أعلم هذه الأمة.
- من كتاب سلوني قبل أن تفقدوني -
( السيد محمد رضا الحكيمي )
أهدي الموضوع الى سيدي ومولاي الامام علي بن أبي طالب - ع -
ولسان حالي يقول
أهدت سليمان يوم العرض نملتهُ
رجل الجراد الذي قد كان في فيها
ترنمت بفصيح القول واعتذرت
ان الهدايا على مقدار مهديها
_________
قصة أصحاب الكهف ذكرت في القرآن
ولكنها لم تذكر بشرح وافي . ولكن خازن علم النبوة أبو الحسن - ع - لم
يكن لينسى ماعلمه أخيه وابن عمه رسول الله - ص - من تفاصلها
قصة اصحاب الكهف .
لما ولي عمر بن خطاب الخلافة أتاه قوم من أحبار اليهود فقالوا :
يا عمر أنت ولي الأمر بعد محمد (صلاة الله عليه وآله) وصاحبه وإنا نريد أن نسألك عن خصال إن أخبرتنا بها علمنا أن الإسلام حق وأن محمدا كان نبيا ، وإن لم تخبرنا بها علمنا أن الإسلام باطل وأن محمدا لم يكن نبيا
فقال : سلوا عما بدا لكم
قالوا : أخبرنا عن أقفال السموات ماهي؟
وأخبرنا عن مفاتيح السموات ماهي؟
وأخبرنا عن قبر سار بصاحبه ماهو؟
وأخبرنا عمن أنذر قومه لاهو من الجن ولاهو من الإنس؟
وأخبرنا عن خمسة أشياء مشوا على وجه الأرض ولم يخلقوا في الأرحام؟
وأخبرنا ما يقول الدراج في صياحه؟
وما يقول الديك في صراخه؟
وما يقول الفرس في صهيله؟
وما يقول الضفدع في نقيقه؟
وما يقول الحمار في نهيقه؟
وما يقول القنبر في صفيره؟
فنكس عمر رأسه في الأرض واحتار لانه ليس من اهل العلم ولا يفقه منه شيئاثم قال:
لا عيب بعمر إذا سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم ، وأن يسئل عما لا يعلم
فوثبت اليهود وقالوا :
نشهد أن محمدا لم يكن نبيا وأن الإسلام باطل
فوثب سلمان الفارسي (عليه السلام) وقال لليهود:
قفوا قليلا ، ثم توجه نحو مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام حتى دخل عليه فقال:
يا أبا الحسن أغث الإسلام
فقال : وما ذاك؟
فأخبره الخبر فأقبل يرفل في بردة رسول الله صلاة الله عليه وآله فلما نظر إليه عمر وثب قائما فاعتنقه وقال:
يا أبا الحسن أنت لكل معضلة وشدة تدعى
فدعا عليه السلام اليهود وقال:
سلوا عما بدا لكم فإن النبي (صلاة الله عليه وآله) علمني ألف باب من العلم فتشعب لي من الباب ألف باب
فسألوه عنها فقال عليه السلام:
إن لي عليكم شريطة إذا أخبرتكم كما في توراتكم دخلتم في ديننا وآمنتم
فقالوا : نعم
فقال : سلوا عن خصلة خصلة
قالوا :
أخبرنا عن أقفال السموات ماهي؟
قال :
أقفال السموات الشرك بالله لأن العبد والأمة إذا كانا مشركين لم يرتفع لهما عمل
قالوا :
أخبرنا عن مفاتيح السموات ماهي؟
قال :
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله
فجعل بعضهم ينظر إلى بعض ويقولون صدق الفتى
قالوا :
فأخبرنا عن قبر سار بصاحبه؟
فقال ذلك الحوت الذي إلتقم يونس بن متى (عليه السلام) فسار به في البحار السبع
فقالوا :
أخبرنا عمن أنذر قومه لاهو من الجن ولا هو من الإنس؟
قال :
هي نملة سليمان بن داوود (عليه السلام) قالت: يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون
قالوا :
فأخبرنا عن خمسة مشوا على الأرض ولم يخلقوا في الأرحام؟
قال :
ذلكم آدم وحواء وناقة صالح وكبش إبراهيم وعصى موسى (عليهم السلام)
قالوا :
فأخبرنا مايقول الدراج في صياحه؟
قال :
يقول الرحمن على العرش استوى
قالوا :
فأخبرنا مايقول الديك في صراخه؟
قال :
يقول اذكروا الله يا غافلين
قالوا :
أخبرنا مايقول الفرس في صهيله؟
قال :
يقول إذا مشى المؤمنون إلى الكافرين إلى الجهاد: اللهم انصر عبادك المؤمنين على الكافرين
قالوا :
فأخبرنا مايقول الحمار في نهيقه؟
قال :
يقول لعن الله العشار وينهق في أعين الشياطين
قالوا :
فأخبرنا مايقول الضفدع في نقيقه؟
قال :
يقول سبحان ربي المعبود المسبح في لجج البحار
قالوا :
فأخبرنا مايقول القنبر في صفيره؟
قال :
يقول اللهم إلعن مبغضي محمد ومبغضي آل محمد.
وكان اليهود ثلاثة نفر قال إثنان منهم:
نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
ووثب الحبر الثالث فقال:
يا علي لقد وقع في قلوب أصحابي ما وقع من الإيمان والتصديق وقد بقي خصلة واحدة أسألك عنها
فقال :
سل عما بدا لك
فقال الحبر :
أخبرني عن قوم في أول الزمان ماتوا ثلاثمائة وتسع سنين ثم أحياهم الله فما كان من قصتهم؟
قال عليه السلام :
يا يهودي هؤلاء أصحاب الكهف وقد أنزل الله على نبينا قرآنا فيه قصتهم وإن شئت قرأت عليك قصتهم
فقال اليهودي :
ما أكثر ماقد سمعنا قراءتكم إن كنت عالما فأخبرني بأسماءهم وأسماء آباءهم وأسماء مدينتهم وإسم ملكهم وإسم كلبهم وإسم جبلهم وإسم كهفهم وقصتهم من أولها إلى آخرها
فاحتبى علي ببردة رسول الله (عليهم السلام) وقال:
يا أخا العرب حدثني حبيبي محمد (صلاة الله عليه وآله) أنه كان بأرض رومية مدينة يقال لها "أفسوس" ويقال هي "طرطوس" وكان إسمها في الجاهلية "افسوس" فلما جاء الإسلام سموها "طرطوس" قال:
وكان لهم ملك صالح فمات ملكهم وانتشر أمرهم فسمع به ملك من ملوك فارس يقال له دقيانوس
وكان جبارا كافرا فأقبل في عساكر حتى دخل افسوس فاتخذها دار ملكه وبنى فيها قصرا
فوثب اليهودي وقال :
إن كنت عالما فصف لي ذلك القصر ومجالسه
فقال :
يا أخا اليهود ابتني فيها قصرا من الرخام طوله فرسخ وعرضه فرسخ واتخذ فيه أربعة آلاف إسطوانة من الذهب وألف قنديل من الذهب لها سلاسل من اللجين تسرج في كل ليلة بالأدهان الطيبة واتخذ لشرقي المجلس مائة وثمانين قوة ولغربيه كذلك
وكانت الشمس من حين تطلع إلى حين تغيب تدور في المجلس كيفما دارت
واتخذ فيه سريرا من الذهب طوله ثمانون ذراعا في عرض أربعين ذراعا مرصعا بالجواهر
ونصب على يمين السرير ثمانين كرسيا من الذهب فأجلس عليها بطارقته
واتخذ أيضا ثمانين كرسيا من الذهب على يساره فأجلس عليها هراقلته
ثم جلس هو على السرير ووضع التاج على رأسه
فوثب اليهودي وقال :
ياعلي إن كنت عالما فأخبرني مم كان تاجه؟
قال :
يا أخا اليهود كان تاجه من الذهب السبيك له تسعة أركان على كل ركن لؤلؤة تضيئ كما يضيئ المصباح في الليلة الظلماء
واتخذ خمسين غلاما من أبناء البطارقة فمنطقهم بمناطق الديباج الأحمر وسرولهم بسراويل القز الأخضر وتوجهم ودملجهم وخلخلهم وأعطاهم عمد الذهب وأقامهم على رأسه
واصطنع ستة غلمان من أولاد العلماء وجعلهم وزرائه فما يقطع أمرا دونهم وأقام منهم ثلاثة عن يمينه وثلاثة عن شماله
فوثب اليهودي وقال :
ياعلي إن كنت صادقا فأخبرني ما كانت أسماء الستة؟
فقال علي عليه السلام :
حدثني حبيبي محمد (صلاة الله عليه وآله) أن الذين كانوا عن يمينه أسمائهم:
"تمليخا ، مكسلمينا ، محسلمينا"
وأما الذين كانوا عن يساره:
"مرطليوس ، كشطوس ، سادنيوس"
وكان يستشيرهم في جميع أموره وكان إذا جلس كل يوم في صحن داره واجتمع الناس عنده دخل من باب الدار ثلاثة غلمة في يد أحدهم جام من الذهب مملوء من المسك وفي يد الثاني جام من فضة مملوء من ماء الورد وعلى يد الثالث طائر
فيصيح به فيطير حتى يقع في جام ماء الورد فيتمرغ فيه فينشف مافيه بريشه وجناحيه
ثم يصيح به الثاني فيطير فيقع في جام المسك فيتمرغ فيه فينشف مافيه بريشه وجناحيه
فيصيح به الثالث فيطير فيقع على تاج الملك فينفض ريشه وجناحيه على رأس الملك بما فيه من المسك وماء الورد
فمكث الملك في ملكه ثلاثين سنة من غير أن يصيبه صداع ولا وجع ولا حمى ولا لعاب ولا بصاق ولا مخاط
فلما رأى ذلك من نفسه عتى وطغى وتجبر واستعصى وادعى الربوبية من دون الله تعالى ودعا إليه وجوه قومه فكل من أجابه أعطاه وحباه وكساه وخلع عليه ومن لم يجبه ويتابعه قتله
فأجابوه بأجمعهم فأقاموا في ملكه زمانا يعدونه من دون الله تعالى
فبينما هو ذات يوم جالس في عيد له على سريره والتاج على رأسه إذ أتى بعض بطارقته فأخبره أن عساكر الفرس قد غشيته يريدون قتله
فاغتم لذلك غما شديدا حتى سقط التاج عن رأسه وسقط هو عن سريره
فنظر أحد فتيته الثلاثة الذين كانوا عن يمينه إلى ذلك وكان عاقلا يقال له تمليخا
فتفكر وتذكر في نفسه وقال
لو كان دقيانوس هذا إلها كما يزعم لما حزن ولما كان ينام ولما كان يبول ويتغوط وليست هذه الأفعال من صفات الإله
وكانت الفتية الستة يكونون كل يوم عند واحد منهم وكان ذلك اليوم نوبة تمليخا
فاجتمعوا عنده فأكلوا وشربوا ولم يأكل تمليخا ولم يشرب
فقالوا يا تمليخا مالك لا تأكل ولا تشرب؟
فقال يا إخواني قد وقع في قلبي شئ منعني عن الطعام والشراب والمنام
فقالوا وماهو يا تمليخا؟
فقال أطلت فكري في هذه السماء فقلت من رفعها سقفا محفوظا بلا علاقة من فوقها ولا دعامة من تحتها؟
وما أجرى فيها شمسها وقمرها؟
ومن زينها بالنجوم؟
ثم أطلت فكري في هذه الأرض من سطحها على ظهر اليم الزاخر ومن حبسها وربطها بالجبال الرواسي لئلا تميد؟
ثم أطلت فكري في نفسي فقلت من أخرجني جنينا من بطن أمي؟
ومن غذاني ورباني؟
إن لهذا صانعا ومدبرا سوى دقيانوس الملك
فانكبت الفتية على رجليه يقبلونهما وقالوا:
يا تمليخا لقد وقع في قلوبنا ما وقع في قلبك فأشر علينا
فقال:
يا إخواني ما أجد لي ولكم حيلة إلا الهرب من هذا الجبار إلى ملك السموات والأرض
فقالوا:
الرأي مارأيت
فوثب تمليخا فابتاع تمرا بثلاثة دراهم وسرها في ردائه
وركبوا خيولهم وخرجوا فلما ساروا قدر ثلاثة أميال من المدينة قال لهم تمليخا
يا إخوتاه قد ذهب عنا ملك الدنيا وزال عنا أمره
فانزلوا عن خيولكم وامشوا على أرجلكم لعل الله يجعل من أمركم فرجا ومخرجا
فنزلوا عن خيولهم ومشوا على أرجلهم سبع فراسخ حتى صارت أرجلهم تقطر دما لأنهم لم يعتادوا المشي على أقدامهم
فاستقبلهم رجل راع فقالوا:
أيها الراعي أعندك شربة ماء أو لبن؟
فقال عندي ما تحبون ولكني أرى وجوهكم وجوه الملوك وما أظنكم إلا هرابا فأخبروني بقصتكم
فقالوا ياهذا إنا دخلنا في دين لا يحل لنا الكذب أفينجينا الصدق؟
قال نعم
فأخبروه بقصتهم فانكب الراعي على أرجلهم يقبلهما ويقول:
قد وقع في قلبي ما وقع في قلوبكم فقفوا إلي ههنا حتى أرد الأغنام إلى أربابها وأعود إليكم.
فوقفوا له حتى ردها وأقبل يسعى فتبعه كلب له
فوثب اليهودي قائما وقال:
ياعلي إن كنت عالما فأخبرني ماكان لون الكلب وإسمه؟
فقال:
يا أخا اليهود حدثني حبيبي محمد (صلاة الله عليه وآله) أن الكلب كان أبلق بسواد وكان إسمه "قطمير"
قال:
فلما نظر الفتية إلى الكلب بنبيحه فألحوا عليه طردا بالحجارة فلما نظر إليهم الكلب وقد ألحوا عليه بالحجارة والطرد
أقعى على رجليه وتمطى وقال بلسان طلق ذلق:
يا قوم لم تطردونني وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له
دعوني أحرسكم من عدوكم وأتقرب بذلك إلى الله سبحانه وتعالى
فتركوه ومضوا فصعد بهم الراعي جبلا وانحط بهم أعلى كهف
فوثب اليهودي وقال:
يا علي ما إسم ذلك الجبل؟
وما إسم الكهف؟
قال أمير المؤمنين عليه السلام:
يا أخا اليهود إسم الجبل "ناجلوس" وإسم الكهف "الوصيد"
قال:
وإذا بفناء الكهف أشجار مثمرة وعين غزيرة فأكلوا من الثمار وشربوا من الماء وجنهم الليل فآووا إلى الكهف
وربض الكلب على باب الكهف ومد يديه عليه
وأمر الله ملك الموت يقبض أرواحهم ووكل الله تعالى بكل رجل منهم ملكين يقلبانه من ذات اليمين إلى ذات الشمال
ومن ذات الشمال إلى ذات اليمين
قال:
وأوحى الله تعالى إلى الشمس فكانت تزاور عن كهفهم ذات اليمين إذا طلعت
وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال.
فلما رجع الملك "دقيانوس" من عيده سأل عن الفتية
فقيل له:
إنهم إتخذوا إلها غيرك وخرجوا هاربين منك
فركب في ثمانين ألف فارس وجعلوا يقفوا آثارهم حتى صعد الجبل وشارف الكهف
فنظر إليهم مضطجعين فظن أنهم نيام
فقال لأصحابه:
لو أردت أن أعاقبهم بشئ ما عاقبتهم بأكثر مما عاقبوا به أنفسهم فآتوني بالبنائين
فأتى بهم فردموا عليهم باب الكهف بالجبس والحجارة ثم قال لأصحابه:
قولوا لهم يقولوا لإلههم الذي في السماء إن كانوا صادقين يخرجهم من هذا الموضع
فمكثوا ثلاثمائة وتسع سنين
فنفخ الله فيهم الروح وهم من رقدتهم لما بزغت الشمس
فقال بعضهم لبعض:
لقد غفلنا هذه الليلة عن عبادة الله تعالى قوموا بنا إلى العين
فإذا بالعين قد غارت والأشجار قد جفت
فقال بعضهم لبعض:
إنا من أمرنا هذا لفي عجب مثل هذه العين قد غارت في ليلة واحدة
ومثل هذه الأشجار قد جفت في ليلة واحدة
فألقى الله عليهم الجوع فقالوا:
أيكم يذهب بورقكم هذه إلى المدينة فليأتنا بطعام منها ولينظر أن لا يكون من الطعام الذي يعجن بشحم الخنازير
وذلك قوله تعالى:
"فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما" أي أحل وأجود وأطيب
فقال تمليخا:
يا إخوتي لا يأتيكم أحد بالطعام غيري ولكن أيها الراعي إدفع لي ثيابك وخذ ثيابي
فلبس ثيابي الراعي ومر وكان يمر بمواضع لا يعرفها وطريق ينكرها حتى أتى باب المدينة
فإذا عليه علم مكتوب عليه:
لا إله إلا الله عيسى روح الله صلى الله على نبينا وعليه وسلم
فطفق الفتى ينظر إليه ويمسح عينيه ويقول:
أراني نائما
فلما طال عليه ذلك دخل المدينة فمر بأقوام يقرأون الإنجيل
واستقبله أقوام لا يعرفهم حتى انتهى إلى السوق
فإذا هو بخباز فقال له:
يا خباز ما إسم مدينتكم هذه؟
قال: أفسوس
قال وما إسم
فوثب اليهودي وقال:
يا علي إن كنت عالما فأخبرني كم كان وزن الدرهم منها؟
فقال:
يا أخا اليهود أخبرني حبيبي محمد (صلاة الله عليه وآله) وزن كل درهم عشرة دراهم وثلثا درهم
فقال له الخباز:
يا هذا إنك قد أصبت كنزا فأعطني بعضه وإلا ذهبت بك إلى الملك
فقال تمليخا:
ما أصبت كنزا وإنما هذا من ثمن تمر بعته بثلاثة دراهم منذ ثلاثة أيام وقد خرجت من هذه المدينة وهم يعبدون دقيانوس الملك
فغضب الخباز وقال:
ألا ترضى إن أصبت كنزا أن تعطيني بعضه؟
حتى تذكر رجلا جبارا كان يدعي الربوبية قد مات منذ ثلاثمائة سنة وتسخر بي
ثم أمسكه واجتمع الناس ثم إنهم أتوا به إلى الملك وكان عاقلا عادلا فقال لهم:
ما قصة هذا الفتى؟
قالوا:
أصاب كنزا
فقال له الملك:
لا تخف فإن نبينا عيسى عليه السلام أمرنا أن لا نأخذ من الكنوز إلا خمسها فادفع إلي خمس هذا الكنز وامضي سالما
فقال:
أيها الملك تثبت في أمري ما أصبت كنزا وإنما أنا من أهل هذه المدينة
فقال له:
أنت من أهلها؟
قال:
نعم
قال:
أفتعرف فيها أحدا؟
قال:
نعم
قال:
فسم لنا
فسمى له نحوا من ألف رجل فلم يعرفوا منهم رجلا واحدا
قالوا:
يا هذا ما نعرف هذه الأسماء وليست هي من أهل زماننا
ولكن هل لك في هذه المدينة دارا؟
فقال:
نعم أيها الملك فابعث معي أحدا
فبعث معه الملك جماعة حتى أتى بهم دارا أرفع دار في المدينة وقال:
هذه داري ثم قرع الباب فخرج لهم شيخ كبير قد استرخا حاجباه من الكبر على عينيه وهو فزع مرعوب مذعور فقال:
أيها الناس ما بالكم؟
فقال له رسول الملك:
إن هذا الغلام يزعم أن هذه الدار داره
فغضب الشيخ والتفت إلى تمليخا وتبينه وقال له:
ما إسمك؟
قال:
تمليخا بن فلسين
فقال له الشيخ:
أعد علي
فأعاد عليه
فانكب الشيخ على يديه ورجليه يقبلهما وقال:
هذا جدي ورب الكعبة وهو أحد الفتية الذين هربوا من دقيانوس الملك الجبار إلى جبار السموات والأرض
ولقد كان عيسى عليه السلام أخبرنا بقصتهم وأنهم سيحيون
فأنهى ذلك إلى الملك وأتى إليهم وحضرهم فلما رأى الملك تمليخا نزل عن فرسه وحمل تمليخا على عاتقه فجعل الناس يقبلون يديه ورجليه ويقولون له:
يا تمليخا ما فعل بأصحابك؟
فأخبرهم أنهم في الكهف.
وكانت المدينة قد وليها رجلان ملك مسلم وملك نصراني فركبا في أصحابهما وأخذا تمليخا فلما صاروا قريبا من الكهف قال لهم تمليخا:
يا قوم إني أخاف أن إخوتي يحسون بوقع حوافر الخيل والدواب وصلصلة اللجم والسلاح فيظنون أن دقيانوس قد غشهم فيموتون جميعا
فقفوا قليلا حتى أدخل إليهم فأخبرهم
فوقف الناس ودخل عليهم تمليخا فوثب إليه الفتية واعتنقوه وقالوا:
الحمد لله الذي نجاك من دقيانوس
فقال:
دعوني منكم ومن دقيانوس كم لبثتم؟
قالوا:
لبثنا يوما أو بعض يوم
قال:
بل لبثتم ثلاثمائة وتسع سنين
وقد مات دقيانوس وانقرض قرن بعد قرن وآمن أهل المدينة بالله العظيم وقد جاءكم
فقالوا له:
يا تمليخا تريد أن تصيرنا فتنة للعالمين؟
قال:
فماذا تريدون؟
قالوا:
إرفع يدك ونرفع أيدينا فرفعوا أيديهم وقالوا:
اللهم بحق ما أريتنا من العجائب في أنفسنا إلا قبضت أرواحنا ولم يطلع علينا أحد
فأمر الله ملك الموت فقبض أرواحهم وطمس الله باب الكهف
وأقبل الملكان يطوفان حول الكهف سبعة أيام فلا يجدان له بابا ولا منفذا ولا ملكا
فأيقنا حينئذ بلطيف صنع الله الكريم وأن أحوالهم كانت عبرة أراهم الله إياها
فقال المسلم:
على ديني ماتوا وأنا أبني على باب الكهف مسجدا
وقال النصراني:
بل ماتوا على ديني فأنا أبني على باب الكهف ديرا
فاقتتل الملكان فغلب المسلم النصراني فبنى على باب الكهف مسجدا فذلك قوله تعالى:
¤قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا¤
وذلك يا يهودي ما كان من قصتهم
ثم قال عليه السلام لليهودي:
سألتك بالله يا يهودي أوافق هذا مافي توراتكم؟
فقال اليهودي:
ما زدت حرفا ولا نقصت حرفا يا أبا الحسن
لا تسمني يهوديا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأنك أعلم هذه الأمة.
- من كتاب سلوني قبل أن تفقدوني -
( السيد محمد رضا الحكيمي )
أهدي الموضوع الى سيدي ومولاي الامام علي بن أبي طالب - ع -
ولسان حالي يقول
أهدت سليمان يوم العرض نملتهُ
رجل الجراد الذي قد كان في فيها
ترنمت بفصيح القول واعتذرت
ان الهدايا على مقدار مهديها
_________