المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قاعدة الفراغ


مولى أبي تراب
05-09-2013, 12:47 PM
بسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحَمّْدُ للهِ رَبِّ العَاْلَمِيْنَ .. عَلَيْهِ نَتَوَكَّلُ وَبِهِ نَسْتَعِيْن
وَصَلَّى اللهُ عَلَى خَيْرِ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِيْن
-------------------
« قاعدة الفراغ »
من القواعد الفقهية المهمة قاعدة الفراغ ، وهي قاعدة ابتلائية ولها تطبيقات عديدة ترتبط بالممارسات العبادية والمعاملاتية للمكلفين ، نحاول إن شاء الله تعالى الوقوف على مضمون هذه القاعدة وأهم أحكامها في الأسطر التالية
المعنى الإجمالي للقاعدة
إذا عمل المكلف عملاً كالوضوء أو الصلاة ثم بعد الانتهاء والفراغ من العمل شك في صحة ذلك العمل الذي أتى به وأنه هل أتى به على الوجه المطلوب منه أو لا ؟ ذكر الفقهاء بأنه لا يجب عليه الاهتمام بهذا الشك وبنى على صحة عمله ولا تجب عليه الإعادة ، فلو فرغ من الوضوء وشك أنه توضأ بشكل صحيح أولا ؟ بنى على صحة الوضوء ولم يلتفت الى شكه ، وكذا لو فرغ من الصلاة فشك أنه صلى بشكل صحيح أو لا ؟ حكم بصحة الصلاة .
وكذا تجري قاعدة الفراغ - على المعروف خلافاً لبعض الفقهاء - فيما لو شك في صحة أحد الأجزاء بعدما أتى به وفرغ عنه وإن كان في أثناء العمل المركب المشتمل على ذلك الجزء ، كما لو شك في صحة القراءة بعد الفراغ منها وقبل أن يركع أو بعد الركوع فإنه يبني على صحتها ولا يعتني بشكه ، ومثل ما لو غسل وجهه فشك قبل الانتقال الى غسل اليد اليمنى أو بعدها أنه غسله بشكل صحيح أو لا ؟ لم يهتم بالشك وحكم بالصحة ، فلا يقتصر تطبيق القاعدة على الشك في صحة تمام العبادة بعد الفراغ منها تماماً ، بل يشمل أيضاً الشك في صحة جزء العبادة بعد الفراغ من ذلك الجزء ولو قبل الفراغ من تمام العبادة المشتملة على ذلك الجزء .
وعلى أي حال فيدل على أصل القاعدة أي قاعدة الفراغ روايات منها : صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام : ( كل ما شككت فيه بعدما تفرغ من صلاتك فامض ولا تعد ) وسائل الشيعة الباب 27 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة ح2
وعن محمد بن مسلم أيضاً قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ( رجل شك في الوضوء بعدما فرغ من الصلاة قال : يمضي على صلاته ولا يعيد ) . وسائل الشيعة (الإسلامية) - الحر العاملي - ج 1 - ص 331
هذا هو المعنى الإجمالي للقاعدة ولابد من ذكر بعض النقاط لإتمام المراد من القاعدة ، فنقول :
النقطة الاولى / فرق هذه القاعدة عن قاعدة ( لا تعاد الصلاة الا من خمسة : الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود ) أن قاعدة لا تعاد موردها من علم بعد الفراغ من الصلاة أنه أخلّ بالصلاة نسياناً أو جهلاً عن قصور فهو متأكد حصول الخلل وعدم الصحة فيها فإن كان الخلل في أحد الخمسة أعاد الصلاة والا لم يُعد ، أما هنا فالكلام في الشك أي من شك في حصول الخلل وعدم الصحة بعد الفراغ من العمل مع عدم التأكد من ذلك ، هذا مضافاً الى أن قاعدة الفراغ لا تختص بالصلاة كقاعدة لا تعاد بل تشمل غيرها من العبادات والمعاملات ، وعليه فمن فرغ من عمله العبادي كالصلاة أو المعاملي كالبيع وحصل عنده العلم بعدم صحة العمل فلا مجال لتطبيق قاعدة الفراغ حينئذٍ لأن موردها الشك في صحة العمل بعد الفراغ منه وليس العلم بعدم الصحة ، نعم قد يكون الحكم هو البناء على الصحة أيضاً ولكن ليس تطبيقاً لقاعدة الفراغ بل لقاعدة أو حكم آخر .
النقطة الثانية / قلنا القاعدة تجري فيما لو شك المكلف في صحة الجزء في أثناء العمل المركب فما هو فرقها حينئذٍ عن قاعدة التجاوز التي تعني أن من شك في جزء العمل بعدما انتقل الى جزء آخر لم يعتنِ بالشك ؟
الجواب : في قاعدة التجاوز الشك في أصل الفعل فيشك المكلف أنه فعل أو لا ؟ فموردها الشك في أصل الإتيان بالجزء ، كما لو شك بعد أن دخل في الركوع أنه قرأ السورة أو لا ، أو شك بعد الدخول في التشهد أنه سجد السجدة الثانية أو لا ، أما قاعدة الفراغ فموردها ليس الشك في أصل الإتيان بالجزء بل الشك في صحة الجزء مع اليقين بالإتيان به والجزم بفعله ، كما لو شك بعد الدخول في الركوع أنه هل قرأ السورة بشكل صحيح أم لا ؟ مع الجزم بأنه قد قرأها ، فالشك ليس في صدور الجزء منه أو عدم صدوره كما في قاعدة التجاوز ، بل الشك في صحة ما صدر منه أو عدم صحته . فتارة يشك المكلف أنه هل قرأ ؟ هل ركع ؟ هل سجد ؟ هل تشهد ؟ وأخرى يعلم بأنه فعل هذه الأمور ولكن يشك هل قرأ بشكل صحيح ؟ هل ركع بشكل صحيح ؟ هل سجد بشكل صحيح ؟ وهكذا ، ففي النحو الأول نطبق قاعدة التجاوز ، وفي النحو الثاني نطبق قاعدة الفراغ ، واختصاراً يقال : قاعدة التجاوز تجري عند الشك في أصل الوجود ، وقاعدة الفراغ تجري عند الشك في صحة الموجود .
النقطة الثالثة / تجري قاعدة الفراغ في كل أفعال المكلف سواء كانت عبادات أو معاملات فلو شك في صحة الوضوء أو الغسل أو الصلاة أو الصوم أو الحج بعد الفراغ بنى على الصحة وكذا لو عقد للبيع أو الاجارة أو النكاح أو غير ذلك وشك في صحة العقد حكم بالصحة ، وكذا الحال في الإيقاعات .
النقطة الرابعة / تجري القاعدة الفراغ في الوضوء كما تقدم فلو أتى بأحد أجزاء الوضوء وشك في الصحة بنى على الصحة كما يبني على الصحة لو شك في الوضوء بعد الانتهاء منه ، وهذا أحد فوارق هذه القاعدة عن قاعدة التجاوز حيث أنها لاتجري في الوضوء .
النقطة الخامسة / يشترط في قاعدة التجاوز الدخول في الغير أي في فعل آخر لتطبيقها بمعنى أن المكلف إنما يطبّق قاعدة التجاوز عند الشك في الإتيان بأحد الإجزاء بشرط أن يكون الشك بعد الدخول في جزء آخر ، فلو شك في جزء أنه فعله أو لا وكان الشك قبل دخوله في الجزء الذي يليه كما لو شك في قراءة السورة التي بعد الفاتحة قبل أن يدخل في الركوع فهنا لا يصح تطبيق قاعدة التجاوز ووجب الإتيان بالسورة ، أما في قاعدة الفراغ فلا يشترط ذلك أي الدخول في جزء آخر فمتى ما فرغ المكلف من الجزء أو العمل وشك في صحته حكم بالصحة سواء كان شكه قبل الدخول في جزء أو فعل آخر أو بعده ، لعدم توقف صدق الفراغ على الدخول في شيء آخر بل يتحقق الفراغ بمجرد الانتهاء من الجزء وإن لم يدخل في جزء آخر ، بخلاف التجاوز فلا يصدق الا عند الدخول في جزء أو فعل آخر .
النتيجة النهائية /
كل فعل يأتي به المكلف ثم يشك في أنه أتى به على الوجه الصحيح أو لا بنى على الصحة سواء كان الفعل من العبادات أو المعاملات ، وسواء حصل الشك قبل أن يدخل في فعل آخر أو بعده .
هذا ما أردنا بيانه من قاعدة الفراغ وهناك تفاصيل أخرى لا تناسب المقام ، ولنذكر بعض التطبيقات للقاعدة من كلام فقهائنا في رسائلهم العملية .

مولى أبي تراب
05-09-2013, 12:48 PM
تطبيقات على قاعدة الفراغ
1. منهاج الصالحين - السيد الخوئي - ج 1 - ص 39 - 40
( مسألة 147 ) : لو تيقن الاخلال بغسل عضو أو مسحه أتى به وبما بعده ، مراعيا للترتيب والموالاة وغيرهما من الشرائط ، وكذا لو شك في فعل من أفعال الوضوء قبل الفراغ منه ، أما لو شك بعد الفراغ لم يلتفت .
قوله ( وكذا لو شك في فعل من أفعال الوضوء قبل الفراغ منه ) أي لو شك في أصل الفعل كما لو شك مثلاً أنه غسل وجهه أو لا قبل الفراغ من الوضوء وجب عليه الإتيان به وهذا إشارة الى عدم جريان قاعدة التجاوز في الوضوء .
2. منهاج الصالحين - السيد الخوئي - ج 1 - ص 40 - 41
( مسألة 152 ) : إذا تيقن بعد الفراغ من الوضوء أنه ترك جزءا منه ولا يدري أنه الجزء الواجب ، أو المستحب ، فالظاهر الحكم بصحة وضوئه .
أقول / لأن عدم علمه أنه الواجب أو المستحب يجعله يشك في صحة وضوئه بعد الفراغ .
3. المسائل المنتخبة - السيد السيستاني - ص 24
( مسألة 30 ) : من شك في الوضوء بعد الفراغ من الصلاة بنى على صحتها - وتوضأ للصلوات الآتية - .
لأن الشك في الوضوء سيؤول الى الشك في صحة الصلاة أو عدم صحتها وحيث أنه شك بعد الفراغ فلا يعتنى به ، أما الصلوات الآتية فسيكون الشك قبل الفراغ وليس بعده فيجب الوضوء لها .
4.منهج الصالحين - السيد الصدر - ج 1
[مسألة 447] اذا شك في جزء منه -التيمم- بعد الفراغ لم يلتفت
5.المسائل المنتخبة - السيد السيستاني - ص 143
( مسألة 330 ) : من شك في صحة صلاته بعد الفراغ منها لم يعتن بشكه ، وكذا إذا شك في صحة جزء من الصلاة بعد الاتيان به
وهذا يدل على ما قلناه من أن القاعدة تنطبق على الشك في صحة أحد الأجزاء في الأثناء كما تنطبق على الشك في صحة الكل بعد الفراغ
6.منهج الصالحين - السيد الصدر - ج 1
[مسألة 933] اذا شك في جزء أو شرط للصلاة بعد الفراغ منها لم يلتفت. واذا شك في التسليم، فان كان شكه في صحته لم يلتفت
7.المسائل المنتخبة - السيد السيستاني - ص 120
( مسألة 265 ) : إذا شك في تكبيرة الاحرام بعد الدخول في الاستعاذة أو القراءة لم يعتن به ويجب الاعتناء به قبله ، وإذا شك في صحتها بعد الفراغ منها لم يعتن به ، ولو كان الشك قبل الدخول فيما بعدها .
هذا إشارة الى الفرق بين قاعدة التجاوز وقاعدة الفراغ وهو عبارة عن أمرين :
الأول / أن قاعدة التجاوز للشك في أصل الفعل وقاعدة الفراغ للشك في صحته بعد فعله .
الثاني / أن قاعدة التجاوز يشترط فيها الدخول في جزء آخر ولا يشترط ذلك في قاعدة الفراغ .
ويضاف لهما فرق ثالث وهو عدم جريان قاعدة التجاوز في الوضوء وجريان قاعدة الفراغ فيه .
8.منهج الصالحين - السيد الصدر - ج 1
[مسألة 946] اذا شك في صحة الجزء الواقع بعد الفراغ منه، لا يلتفت وان لم يدخل في الجزء الذي بعده. كما اذا شك بعد الفراغ من تكبيرة الاحرام في صحتها، فانه لا يلتفت، وان لم يدخل في القراءة.
وهذا أيضا إشارة الى عدم اشتراط الدخول في شيء آخر في قاعدة الفراغ
9.المسائل المنتخبة - السيد السيستاني - ص 126
( مسألة 290 ) : إذا شك في القراءة فإن كان شكه في صحتها - بعد الفراغ منها - لم يعتن بالشك ، وكذلك إذا شك في نفس القراءة بعدما هوى إلى الركوع أو دخل في القنوت ، وأما إذا شك فيها قبل ذلك لزمت عليه القراءة .
أقول / قوله ( إذا شك في القراءة فإن كان شكه في صحتها - بعد الفراغ منها - لم يعتن بالشك ) وذلك تطبيقاً لقاعدة الفراغ حيث الشك في الصحة بعد الفراغ
وقوله ( وكذلك إذا شك في نفس القراءة بعدما هوى إلى الركوع أو دخل في القنوت ) شك في نفس القراءة أي في أصل فعلها أنه أتى بها أو لا وليس في صحتها وحيث أن الشك حصل بعد الدخول في شيء آخر كالهوي الى الركوع أو الدخول في القنوت فكذلك لا يعتني بالشك وذلك لقاعدة التجاوز حيث الشك في أصل الإتيان بالقراءة مع تحقق شرط قاعدة التجاوز وهو الدخول في شيء آخر .
وقوله ( وأما إذا شك فيها قبل ذلك لزمت عليه القراءة ) لعدم تحقق شرط قاعدة التجاوز وهو حصول الشك بعد الدخول في شيء آخر ، فحيث أنه شك في أنه قرأ أو لا وكان شكه قبل الدخول في شيء آخر كالهوي الى الركوع وجب عليه القراءة لعدم صحة تطبيق قاعدة التجاوز .
10. مناسك الحج - السيد السيستاني - ص 163
مسألة 315 : إذا شك في عدد الأشواط أو في صحتها بعد الفراغ من الطواف ، أو بعد التجاوز من محله ، لم يعتن بالشك ، كما إذا كان شكه بعد فوات الموالاة أو بعد دخوله في صلاة الطواف .
أقول / وذلك تطبيقاً لقاعدة الفراغ ، وقوله ( أو بعد دخوله في صلاة الطواف ) ليس لأجل اشتراط الدخول في عمل آخر في إجراء قاعدة الفراغ بل لأجل تحقق الفراغ ، أي إنما يصدق الفراغ من الطواف بأحد أمرين إما بفوات الموالاة وذلك بأن يمضي وقت معتد به بعد الطواف أو بالدخول في صلاة الطواف ، أما إذا شك في صحة الطواف قبل فوات الموالاة وقبل الدخول في صلاة الطواف فهنا لا يطبق قاعدة الفراغ لأنه لا يصدق عليه أنه فرغ من الطواف حتى يجري قاعدة الفراغ ويحكم بصحة الطواف المشكوك في صحته .
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

الحوزويه الصغيره
08-09-2013, 12:25 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد و عجل فرجهم و فرجنا بهم يا كريم
أحسنتم بارك الله بكم وجزاكم خيراً ..

مولى أبي تراب
13-10-2013, 12:38 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
أحسن الله إليكم وشكر سعيكم ووفقنا وإياكم لما يحب ويرضى

جعفر المندلاوي
05-02-2014, 04:41 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد
وبوركتم على هذه الابحاث القيمة
أدام الله عليكم تسديداته آمين
وحفظكم الباري

مولى أبي تراب
07-02-2014, 08:45 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد والعن أعدائهم
وبارك الله فيكم وزادنا وإياكم علماً وفقهاً في دينه