المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : **انشــــــودة المطــــــر**


romantic
28-09-2013, 02:45 PM
انشودة المطر..! (http://www.dl3irqi.com/vb/showthread.php?t=74547)


مماراق لي نقله أأمل ان يحوز على ذوقكم الرفيع
انشودة المطر للشاعر العراقي "بدر شاكر السيّاب"


انشودة المطر
عَيْنَاكِ غَابَتَا نَخِيلٍ سَاعَةَ السَّحَرْ ،

أو شُرْفَتَانِ رَاحَ يَنْأَى عَنْهُمَا القَمَرْ .


عَيْنَاكِ حِينَ تَبْسُمَانِ تُورِقُ الكُرُومْ


وَتَرْقُصُ الأَضْوَاءُ ...كَالأَقْمَارِ في نَهَرْ


يَرُجُّهُ المِجْدَافُ وَهْنَاً سَاعَةَ السَّحَرْ


كَأَنَّمَا تَنْبُضُ في غَوْرَيْهِمَا ، النُّجُومْ ...




وَتَغْرَقَانِ في ضَبَابٍ مِنْ أَسَىً شَفِيفْ


كَالبَحْرِ سَرَّحَ اليَدَيْنِ فَوْقَـهُ المَسَاء ،


دِفءُ الشِّتَاءِ فِيـهِ وَارْتِعَاشَةُ الخَرِيف ،


وَالمَوْتُ ، وَالميلادُ ، والظلامُ ، وَالضِّيَاء ؛


فَتَسْتَفِيق مِلء رُوحِي ، رَعْشَةُ البُكَاء


كنشوةِ الطفلِ إذا خَافَ مِنَ القَمَر !


كَأَنَّ أَقْوَاسَ السَّحَابِ تَشْرَبُ الغُيُومْ


وَقَطْرَةً فَقَطْرَةً تَذُوبُ في المَطَر ...


وَكَرْكَرَ الأَطْفَالُ في عَرَائِشِ الكُرُوم ،


وَدَغْدَغَتْ صَمْتَ العَصَافِيرِ عَلَى الشَّجَر


أُنْشُودَةُ المَطَر ...


مَطَر ...


مَطَر...


مَطَر...


تَثَاءَبَ الْمَسَاءُ ، وَالغُيُومُ مَا تَزَال


تَسِحُّ مَا تَسِحّ من دُمُوعِهَا الثِّقَالْ .


كَأَنَّ طِفَلاً بَاتَ يَهْذِي قَبْلَ أنْ يَنَام :


بِأنَّ أمَّـهُ - التي أَفَاقَ مُنْذُ عَامْ


فَلَمْ يَجِدْهَا ، ثُمَّ حِينَ لَجَّ في السُّؤَال


قَالوا لَهُ : " بَعْدَ غَدٍ تَعُودْ .. " -


لا بدَّ أنْ تَعُودْ


وَإنْ تَهَامَسَ الرِّفَاقُ أنَّـها هُنَاكْ


في جَانِبِ التَّلِّ تَنَامُ نَوْمَةَ اللُّحُودْ


تَسفُّ مِنْ تُرَابِـهَا وَتَشْرَبُ المَطَر ؛


كَأنَّ صَيَّادَاً حَزِينَاً يَجْمَعُ الشِّبَاك


وَيَنْثُرُ الغِنَاءَ حَيْثُ يَأْفلُ القَمَرْ .


مَطَر ...


مَطَر ...


أتعلمينَ أيَّ حُزْنٍ يبعثُ المَطَر ؟


وَكَيْفَ تَنْشج المزاريبُ إذا انْهَمَر ؟


وكيفَ يَشْعُرُ الوَحِيدُ فِيهِ بِالضّيَاعِ ؟


بِلا انْتِهَاءٍ - كَالدَّمِ الْمُرَاقِ ، كَالْجِياع ،


كَالْحُبِّ ، كَالأطْفَالِ ، كَالْمَوْتَى - هُوَ الْمَطَر !


وَمُقْلَتَاكِ بِي تُطِيفَانِ مَعِ الْمَطَر


وَعَبْرَ أَمْوَاجِ الخَلِيج تَمْسَحُ البُرُوقْ


سَوَاحِلَ العِرَاقِ بِالنُّجُومِ وَالْمَحَار ،


كَأَنَّهَا تَهمُّ بِالشُّرُوق


فَيَسْحَب الليلُ عليها مِنْ دَمٍ دِثَارْ .


أصيح بالخليج : " يا خليجْ


يا واهبَ اللؤلؤ ، والمحار ، والردى ! "


فيرجعُ الصَّدَى


كأنَّـه النشيجْ :


" يَا خَلِيجْ


يَا وَاهِبَ المَحَارِ وَالرَّدَى ... "




أَكَادُ أَسْمَعُ العِرَاقَ يذْخرُ الرعودْ


ويخزن البروق في السهولِ والجبالْ ،


حتى إذا ما فَضَّ عنها ختمَها الرِّجالْ


لم تترك الرياحُ من ثمودْ


في الوادِ من أثرْ .


أكاد أسمع النخيل يشربُ المطر


وأسمع القرى تَئِنُّ ، والمهاجرين


يُصَارِعُون بِالمجاذيف وبالقُلُوع ،


عَوَاصِفَ الخليج ، والرُّعُودَ ، منشدين :


" مَطَر ...


مَطَر ...


مَطَر ...


وفي العِرَاقِ جُوعْ


وينثر الغلالَ فيه مَوْسِمُ الحصادْ


لتشبعَ الغِرْبَان والجراد


وتطحن الشّوان والحَجَر


رِحَىً تَدُورُ في الحقول … حولها بَشَرْ


مَطَر ...


مَطَر ...


مَطَر ...


وَكَمْ ذَرَفْنَا لَيْلَةَ الرَّحِيلِ ، مِنْ دُمُوعْ


ثُمَّ اعْتَلَلْنَا - خَوْفَ أَنْ نُلامَ – بِالمَطَر ...


مَطَر ...


مَطَر ...


وَمُنْذُ أَنْ كُنَّا صِغَارَاً ، كَانَتِ السَّمَاء


تَغِيمُ في الشِّتَاء


وَيَهْطُل المَطَر ،


وَكُلَّ عَامٍ - حِينَ يُعْشُب الثَّرَى- نَجُوعْ


مَا مَرَّ عَامٌ وَالعِرَاقُ لَيْسَ فِيهِ جُوعْ .


مَطَر ...


مَطَر ...


مَطَر ...


في كُلِّ قَطْرَةٍ مِنَ المَطَر


حَمْرَاءُ أَوْ صَفْرَاءُ مِنْ أَجِنَّـةِ الزَّهَـرْ .


وَكُلّ دَمْعَةٍ مِنَ الجيَاعِ وَالعُرَاة


وَكُلّ قَطْرَةٍ تُرَاقُ مِنْ دَمِ العَبِيدْ


فَهيَ ابْتِسَامٌ في انْتِظَارِ مَبْسَمٍ جَدِيد


أوْ حُلْمَةٌ تَوَرَّدَتْ عَلَى فَمِ الوَلِيــدْ


في عَالَمِ الغَدِ الفَتِيِّ ، وَاهِب الحَيَاة !


مَطَر ...


مَطَر ...


مَطَر ...


سيُعْشِبُ العِرَاقُ بِالمَطَر ... "




أصِيحُ بالخليج : " يا خَلِيجْ ...


يا واهبَ اللؤلؤ ، والمحار ، والردى ! "


فيرجعُ الصَّدَى


كأنَّـهُ النشيجْ :


" يا خليجْ


يا واهبَ المحارِ والردى . "


وينثر الخليجُ من هِبَاتِـهِ الكِثَارْ ،


عَلَى الرِّمَالِ ، : رغوه الأُجَاجَ ، والمحار


وما تبقَّى من عظام بائسٍ غريق


من المهاجرين ظلّ يشرب الردى


من لُجَّـة الخليج والقرار ،


وفي العراق ألف أفعى تشرب الرحيقْ


من زهرة يربُّها الرفاتُ بالندى .


وأسمعُ الصَّدَى


يرنُّ في الخليج


" مطر .


مطر ..


مطر ...


في كلِّ قطرةٍ من المطرْ


حمراءُ أو صفراءُ من أَجِنَّـةِ الزَّهَـرْ .


وكلّ دمعة من الجياع والعراة


وكلّ قطرة تراق من دم العبيدْ


فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسمٍ جديد


أو حُلْمَةٌ تورَّدتْ على فمِ الوليدْ


في عالَمِ الغَدِ الفَتِيِّ ، واهب الحياة . "




وَيَهْطُلُ المَطَرْ ..

مماراق لي نقله..
آمل ان يحيز على رضاكم

تحياتي
رومانتك

romantic
05-10-2013, 02:11 PM
لمن يكن ذنبك ايها "السيّاب"

فالجفاف يحفُ بكل الأرواح..!

تحياتي لهطول ومطر "قلمك"

بحب الله نحيا
13-10-2013, 11:11 PM
المطــر رائع بكل ما فيه

و انشودته رائعة أيضــاً

سلمــت يداك

romantic
14-10-2013, 11:15 AM
المطــر رائع بكل ما فيه

و انشودته رائعة أيضــاً


سلمــت يداك


الله يسلمك
شكرا لكم لمشاركتكم

الروح
29-10-2013, 05:16 PM
رومانتك ..
ستبقى قصيدة المطر تتنزلُ من السماء كلما لاح نداها ..؛
إنها من روائع الدهر إنسابت على كف السياب ..
شكراً لذائقتكم العذبة ..
ودّي