المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العراقيون في الاقامة الجبرية


د. حامد العطية
29-09-2013, 09:06 PM
العراقيون في الاقامة الجبرية

د. حامد العطية

أفقت قبل يومين من حلم غريب، اقتصر على خبر، تنازل سلطان عمان عن الحكم، واقرار النظام الجمهوري فيها، أضغاث أحلام، لأن تخلي السلطان قابوس عن الحكم شبه مستحيل، وهو الذي يرفض حتى تسمية ولي عهد له، شطط من عقلي الباطني، شجع عقلي الواعي على التفكير بما هو أقل استحالة.
وثيقة الشرف آخر ما تفتقت به عقول ساسة العراق، تعويذة سحرية هكذا حاولوا اقناعنا، ولكن سرعان ما ثبت بطلانها، ولا يفلح الساحر حيث أتى، لكن ذلك لم يكن كافياً لدفع العراقيين إلى التمرد على فراعنة السياسة، ولو بمظاهرة واحدة، للتعبير عن رفضهم للواقع المرير وسخطهم على الساسة الفاشلين المخادعين وتخوفهم مما يخبئه لهم المستقبل القريب من احتمالات مرعبة.
التغيير الجماهيري، سواء سميته ثورة أم غير ذلك، لم يعد احتمالاً مستبعداً، حدث مرة في تونس ومرتين في مصر، وخلال مدد زمنية قياسية.
وعلى الرغم من انسداد الأفق العراقي بالدماء والأشلاء لا أتوقع خروج مليوني للعراقيين مطالبين بالتغيير ورفضاً للإرهاب، لسببين رئيسيين: التطبع والإقامة الجبرية.
العراقيون متطبعون على الرهبة من السلطة الحاكمة، التي تعاملت معهم وعلى مر الأزمنة بالقهر والتعسف والتنكيل، وتكفي نظرة سريعة على تاريخهم الحديث لتؤكد ذلك، فكل تغيير من فعل أدوات السلطة نفسها، أي القوى الأمنية من جيش ومخابرات، التي تنشق على السلطة الحاكمة وتحل محلها، لذا انتظر العراقيين معجزة لتخليصهم من الطاغية البعثي، وهم اليوم ينتظرون فرجاً من نفس النوع.
كل العراقيين اليوم في إقامة جبرية، يقبع كل واحد منهم ضمن أسوار طائفته أو فئته الإثنية، يرى بمنظار الطائفة أو الفئة، ويدرك كما تدرك، وينعكس ذلك في أفكاره وقراراته وتصرفاته، فهو وإن كان لا يرتبط بالمالكي أو النجيفي أو برزاني بصلة قرابة أو انتماء عشائري أو تنظيم حزبي أو مصلحة مشتركة لكنه سينحاز له عندما ينتقده عراقي آخر من فئة طائفية أو إثنية مختلفة، لذلك ليس مستغرباً بقاء التحالف الوطني الشيعي على الرغم من الصراع المستمر بين أطرافه الرئيسية الذي بلغ حد التقاتل في الأمس القريب والحرب الإعلامية الشعواء في الوقت الحاضر، ولا يختلف الوضع كثيراً ضمن الائتلافات السنية والكوردية.
من دون مشاركة الشيعة لن يحدث التغيير، ولكن الشيعة يتخوفون من أن تكون الدعوة للتغيير خدعة، يخسرون فيها مكاسبهم القليلة، ولو كانت رمزية فقط، وخداع عمر بن العاص لأبي موسى الأشعري ماثل في أذهانهم.
وهذا النمط الفكري والسلوكي موجود حتى لدى المتضررين من هؤلاء الساسة ونظامهم الفاشل، لذلك العراقيون بصورة عامة تحت الإقامة الجبرية وبرضاهم ضمن طوائفهم وإثنياتهم، ولن يتحرروا من ذلك إلا بتغيير النظام الطائفي التحاصصي واكتساب الثقة بالنفس، وحتى ذلك الحين سيبقى الساسة صامدين في منطقتهم الخضراء، يعبثون بحاضر ومستقبل البلاد.
التغيير المطلوب في الوضع العراقي أقل من معجزة بكثير وأكثر من حدث عادي، فهل سيقدم عليه العراقيون أم ينتظرون الظروف القاهرة التي ستفرضه عليهم؟
29 أيلول 2013م
(للإسلام غايتان عظمتان هما الإحياء والاصلاح، ووسيلة كبرى وهي التعلم)

س البغدادي
30-09-2013, 12:33 AM
استاذنا الفاضل د العطية ،،،لقد كشفت اصل المرض والواقع في المجتمع العراقي بافراده ومكوناته ،،
بودي استاذنا الفاضل تعليقة صغيرة بالمناسبة ،،،
هل قدر للعراق ان ينتظر الخلاص والفرج ويبقى يأن ويتجرع المر والموت والفزع ،،
دون خلاص ،،
هل قدر لهذا الشعب خلاصه وفرجه في الامام الحجة المنتظر في ملحمته الخالدة المنتظرة ،،،
ربما ذلك

الباحث الطائي
30-09-2013, 01:49 AM
السلام عليكم استاذنا العزيز د. حامد

احسنتم ، وخاصتاً هذه العبارة : ( كل العراقيين اليوم في إقامة جبرية، يقبع كل واحد منهم ضمن أسوار طائفته أو فئته الإثنية، يرى بمنظار الطائفة أو الفئة، ويدرك كما تدرك، وينعكس ذلك في أفكاره وقراراته وتصرفاته، فهو وإن كان لا يرتبط بالمالكي أو النجيفي أو برزاني بصلة قرابة أو انتماء عشائري أو تنظيم حزبي أو مصلحة مشتركة لكنه سينحاز له عندما ينتقده عراقي آخر من فئة طائفية أو إثنية مختلفة، لذلك ليس مستغرباً بقاء التحالف الوطني الشيعي على الرغم من الصراع المستمر بين أطرافه الرئيسية الذي بلغ حد التقاتل في الأمس القريب والحرب الإعلامية الشعواء في الوقت الحاضر، ولا يختلف الوضع كثيراً ضمن الائتلافات السنية والكوردية )

ولعلك هنا ( في مجمل طرحكم ) - لا زالت لوعة " الحل للكارثة العراقية " والتي بحثناها آنفا ، تجد صداها في تعابيركم ودهاليز همومكم ،

واسمح لي بتعليقة ادخل اليها من اخر سطر تختمون به ردودكم وطروحكم النيرة

وهو : ( للإسلام غايتان عظمتان هما الإحياء والاصلاح، ووسيلة كبرى وهي التعلم )


واقول مختصرا - فهو كما قلت صادقا فبدأت بكلمة الاسلام ، وهذا الاسلام الحقيقي الباقي يتمثل في العراق كقيادة ورموز في مرجعياتنا الكريمة حفضهم الله ،

واما الاحياء والاصلاح حتى يكون ويسير بطريقه الصحيح الذي يحفظه من الانحراف ويوصله للغاية فهو منهم وبهم اولا - وبالتفاف ومعونة القاعدة الشعبية الشيعية لهم

وعليه - ومنه - اعتقد متفائلا ، وانبه قاصدا ، اذا كان هناك حلال للكارثة العراقية التي تبدوا مستعصية الحل احيانا حتى على المستوى النضري ، فان حلها في تصوري هو ان يتصدى احد مراجع الدين في العراق لهذه المسألة وكما حصل في ثورة السيد الخميني رحمه الله ( كنموذج حي واقعي ) في ايران - اما كيف وما يتعلق بها من تسآؤلات اخرى فليس عندي تصور دقيق والاحتمالات والضروف والمتعلقات كثيرة ... وإلا فمصيرنا كلبنان - حيث ما زالوا لآن يناقشون الحلول ويرقعون المشاكل حتى اصبحت وكأنه المشكلة هي الاصل والواقع وان الحل لها هو الدخيل الغريب الذي يستعصى تفعيله - وهذه تستدعي التامل والاعتبار في جانبنا كعراقيين ، ساستا ، وشعبا ، ورموز دينية


ولكن حتى هذا الفرض يحتاج وكما لعله توصلنا في مناقشاتنا مع الفاضل عبداله الجزائري - نحتاج الىخلق ضاغط شيعي شعبي على المؤسسة السياسية الشيعية المتصدية في الوقت الراهن لتحقيق اصلاحات حقيقية ولو في بعض المجالات المهمة وتكوين " لوبي " شعبي مستمر في الضغط ومراقب للتصحيح ، ولعل هذا ان صح وتفعل يساعد في التغيير ايضا ويفتح الباب الذي ذكرناه اولا بسهولة اكبر ، والله الموفق ، والله اعلم ، وشكرا
اخوك الطائي

د. حامد العطية
02-10-2013, 04:02 AM
أخي العزيز الأستاذ الفاضل س البغدادي وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل تعليق تتفضل به سواء بكلمة واحدة أو بكلمات هو في نظري كبير في فائدته ويستحق كل الاهتمام والتأمل من الجميع. وبتقديري المتواضع فإن خلاص العراق أو الفرج في المنظور البشري النسبي هو في متناول العراقيين وكل ما يتطلبه الثقة بالنفس والاخلاص للعقيدة والاقدام والتصميم والعزم وهذه متطلبات ليست بالصعبة على شعب يسبح بأنعام الله لكنه يتجرع وبيدية مع الأسف المر والموت والفزع، وهو أقل بكثير مما سيتحقق بفعل اللطف الرباني المتمثل في قيادة الإمام الحجة المنتظر، والظهور المبارك لا يأتي نتيجة لانتشار الظلم والفساد وسفك الدماء بالضرورة لأن كل البشر مكلفون بالإصلاح والإحياء، وإنما يتحقق استجابة لحركة واعية تدعو وتطالب وتسعى للإصلاح، بين أتباع المذهب على الأقل، فتظهر الحاجة للقيادة المثلى التي ستنشر رسالة الإحياء والإصلاح والتعلم إلى جميع البشر، ولذلك فإن صلاح العراق لا فساده هو ما يقربنا من زمن الظهور المبارك والله أعلم
دمت بكل خير
أخوك
حامد

د. حامد العطية
02-10-2013, 04:05 AM
أخي العزيز الفاضل المفكر الأستاذ الباحث الطائي وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما تفضلت به في تعليقكم الكريم هو عين الصواب وفيه البلسم الشافي للمشكلة العراقية، وأنا أتفق معك في الحاجة إلى زخم قوي ضاغط من الجماهير والمرجعية الدينية لتحقيق التغيير الإصلاحي المنشود، ولكن اخشى من عدم إمكانية حشد التأييد لهذه الغاية المباركة بسبب ما يعانيه الجمهور من احباط واكتئاب وخيبة أمل وعدم ثقة بكل من ينادي بالصالح العام، ويمكن وصف ما يحدث في مجتمعنا بالبلبلة، لكنها ليست بلبلة ألسن كما حدث لأهل بابل القدماء حسب الرواية التوراتية وإنما بلبلة أنفس، لذلك انعدمت الثقة بينهم وانتشر بينهم اعتقاد بأن ما نزل بساحتهم هو غضب رباني فيما حمل البعض منهم الإسلام ظلماً وبهتاناً المسؤولية عن تقصير الأحزاب الإسلامية المشاركة في الحكم وتصرفات بعض أفرادها الخرقاء والمخالفة للقيم الدينية السامية، لذا قد يكون من الصعب تحريك الجماهير وهي في هذه الحالة النفسية المبلبلة والمنكسرة والمكتئبة.
ودمت بكل خير
أخوك
حامد

حسن المكزوني الأزدي
02-10-2013, 04:44 AM
نجاة العراق بعد الإيمان بالله:
1-أن يدرك السنة أن قوة الشيعة تعني زيادة أمن السنة وليس العكس
2-أن يدرك الشيعة أن أكثر ما يسعد منظمة الشر الكبرى المتربصة هو تفرقهم -مهما كان خلافك مع اخيك تذكر ان حب اهل البيت يجمعكم
3-أن يدرك الشيعة أنه ليس أن يكون سني من الاقطار العربية يعني انه كان مؤيد للنظام السابق
4-موضوع الامن الخطير:تطور مفهوم الدولة لا يعني نسف الاسس القديمة يبقى النسيج الاجتماعي هو بنية الدولة عبر التاريخ وعندما يضعف تمااسك النسيج الاجتماعي تضعف الدولة ويضعف الامن-الملحد الأعظم العبقري حسن المكزوني الأزدي-

جعفر المندلاوي
02-10-2013, 07:45 AM
استاذنا الفاضل د. حامد العطية .. السلام عليكم ..
أعتقد ان المشكلة في الشخصية العراقية وطريقة تعاطيها مع الاحداث .. فهي تتفاعل على استحياء حتى مع الاحداث الكبيرة ..
فثورة الحسين لم يتفاعل معها الا اشخاص معدودون برغم ضخامة القضية ..
وانا ارى ان الشخصية ذاتها تتكرر وتتناسخ ..
ربما بسبب تركم الانتكاسات وتعسف السلطات عبر الزمن ، نتج هذا الشعور وترسخت في العقل الجمعي وجعلت المواطن العراقي يفقد الثقة بكل شيء اسمه (سياسة أو سياسي) ،، فكبلته من أن يبادر هو من ذاته .. ورسخت فيه ثقافة (آني شعليه).. وانما ينظر وينتظر دائما الى مسؤوليه ليقول كلمته فان كان معه كان ،، والا صمت وانزوى ..
ولذا فنحن بحاجة الى هزة عنيفة توقظنا من سباتنا .. الى تغير نمط التفكير واسلوب التفاعل مع الاحداث التي تخصنا على الاقل ..
وهذا الفعل يجب ان يصدر من شخص موثوق به ..
ومرضي عنه لدى الناس ..ليستنهض هممهم ..

د. حامد العطية
05-10-2013, 05:17 AM
الأخ العزيز الفاضل الأستاذ حسن المكزوني الأزدي وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتفق معك تماماً في أن قوة العراق هي حاصل جموع قوى مكوناته بشرط أن تكون القوة في المعرفة وصلاح النفوس والتعاون والمواطنة والمشكلة هي في استقواء السنة بالإرهاب على الشيعة والكورد بالضغوط والتهديد بالتمرد والانفصال فيما نجد أن الشيعة يتصرفون كالضعفاء بالرغم من كل مقومات القوة الكامنة لديهم وما تفضلت به من إشارة إلى تفرق الشيعة هو أحد أسباب هذا الوهن الشيعي والجميع يبدو يعملون بقصد أو بدون قصد على اضعاف النسيج الاجتماعي من خلال إعادة الحياة للطائفية والعنصرية والقبلية
ودمت بكل خير
أخوكم
حامد

د. حامد العطية
05-10-2013, 05:18 AM
أخي العزيز الفاضل الأستاذ جعفر المندلاوي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكرك يا أخي العزيز على تعليقك وما تضمنه من تحليل صائب وأفكار مفيدة جداً
كما أن جذور المشكلة متجذرة في الشخصية العراقية كذلك لا بد أن يكون الحل من داخلها وبتقديري المتواضع لا نحتاج إلى قائد ملهم وفذ واحد بل إلى أن نصبح جميعنا قادة نفكر ونعمل على أساس مبدأ مسؤولية الجماعة عن الفرد ومسؤولية الفرد عن الجماعة، والمستمدة من القاعدة الدينية: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وحينئذ يأتي دور القائد الذي كما يقولون يركب موجة التاريخ إذ يجد الناس مهيئين للتحرك بهمة وحماس نحو التغيير وتحقيق الأهداف المشتركة.
ودمت بكل خير
أخوك
حامد

أبو يوسف التميمي ...
05-10-2013, 11:43 PM
د . حامد العطية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
تُرى من وضع العراقيون رهن الإقامة الجبرية ؟؟
وسلب إرداتهم وحولهم كالدُمى يُحركها كيفما يشاء !!!
إنه الفكر الجمعي الذي نعيشه منذُ الأزل !!
إننا نتميز عن غيرنا بصناعه الظالم والدكتاتور !!
ونتسابق بتقديم صنوف الطاعة له !!
حتى صارت ثقافة الإنصياع والطاعه العمياء والرُضوخ للشخصيات السياسية الظالمة عبر العصور والتي توارثناها جيلاً بعد جيل .. ديدننا .. !!
قديماً قالوا بالأمثال " يا فرعون من فرعنك فقال لم أجد من يردعني "
لهذا نحن شعب نستحق العقاب الإلهي لأن سلوكنا يغلب عليه طابع النفاق والشقاق .. الحسد والضغينة .. العنف , التناحر والإقتتال !!
نُشخّص الداء وبأيدينا الدواء ولكن لا نملك الارادة بتناوله لنحصل على الشفاء !!

قد يقول قائل أن سلوكنا هذا هو نتيجة حتمية لسلوك الطُغاة الذين حكموا وأستبدوا بالعراق وأهله منذُ الأزل .. فأصبح قبولنا بالإقامة الجبرية لدُويلاتهم ولفكرهم وإملاءاتهم هو تصريح غير مُباشر منا كشعب بالضعف والرضوخ والإستسلام لمشروعهم المُتكرر عبر العصور .
وهنا أُجيب اما آن لنا أن نستفيق ونرفض تلك السلوكيات الظالمة التي أوردتنا الهلاك في وقتنا الحاضر وأخذت تحصد آلاف الأرواح منا بلا تمييز !! بعد أن تحولنا أداةٌ بأيدي الطُغاة والأحزاب والتكتلات !! مقابل ثمنٍ بخس !! أو من أجل الفتات من خيرات بلادنا التي لا تُعد ولا تُحصى !!

أعود وأختم بأن الفكر الجمعي العراقي الذي لا زال يُقدّس ويُؤلّه الحاكم ويُصفق له بدون وعي ويضع صورته في جميع السيطرات الأمنية والدوائر الحكومية بشكل طوعي رغم حرمانه من أبسط حقوقه !! مما أنتج شعباً مسلوب الارادة لايستحق أن يحصل على الحياة الكريمة .. بعد أن تناسى وأهمل أبسط حقوقه بالعيش الكريم !!!

ولعل في قصة الطبيب الفرعوني سنوحي عبرة لمن يعتبر !!
وملخصها أنّه قد تفاجئ ليلاً أثناء سيره في شارع من شوارع مصر بالوجيه الشريف الثري " إخناتون " ملقى على الأرض مضرجاً بدمائه وهو مقطوع اليدين والأرجل ومجدوع الأنف ، وقد قاب قوسين أو أدنى من الموت !
قام هذا الطبيب بمعالجته في دار العجزة ، وبعد تماثله للشفاء قام فقصّ على الطبيب سنوحي حكايته الأليمة ، وهي أن الفرعون " أمفسيس " قد أمره أن يتنازل له عن جميع أمواله وأملاكه وزوجاته وعبيده وما يكنزه من ذهب وفضة ؛ وقد استجاب إخناتون لكل هذا : بشرط أن يُبقي له داره التي يسكنها وعشر معشار ما يملكه ليقيم به أوده – الأمر الذي أغضب أمفسيس منه ؛ فأمر أن تُفعل به كل هذه الأفاعيل المنكرة بعدما استولى على جميع ممتلكاته ؛ والسبب لكل هذا أنه قد خالف أمر الإله الفرعون " أمفسيس " !عاش إخناتون بعدها معدماً في أوضاع قاسية لا تحتاج لأي شرح أو وصف ، يرنوه الأمل بعد هذا في رؤية اليوم الذي يقتص فيه من هذا الفرعون الظالم المتجبر – إلى أن حدثت المفاجأة الكبرى التي قد جاءت بعد وفاة أمفسيس ( الإله الفرعوني بزعمهم ) وذكرها المؤرخ سنوحي في مذكراته بكل ألم وحزن وأسى !
هنا أترك المجال للطبيب سنوحي ليروي لكم خديعة العقل الجمعي بنفسه ؛ إذ يقول في مذكراته : ومات الفرعون – يعني أمفسيس - وحضرت مراسيم الوفاة بصفتي كبير الأطباء ، فكان الكهنة يلقون خطب الوداع مُطرين الراحل العظيم ، وكانت الكلمات التي يرددونها لازلت أتذكرها جيداً، فقد كانوا يقولون :
" يا شعب مصر ، لقد فقدت الأرض والسماء وما بينها قلباًكبيراًكان يُحب مصر وما فيها من إنسان وحيوان ونبات وجماد . كان للأيتام أباًوللفقراءعوناً وللشعب أخاً ولمصر مجداً . كان أعدل الآلهة وأرحمهم وأكثرهمحباً لشعب مصر . ذهب أمفسيس لكي ينضم إلى الآلهة الكبار وتركَ الشعبَ في ظلام" .
ويضيف سنوحــي:
" وبينما كنت أصغي إلى كلام الكهنة ودجلهم في القول
[ ما أشبههم بالصحافة وفضائيات اليوم ]
وأندب حظ مصر وشعبهاالمسكين الذي يرزح تحت سياط الفراعنة والكهنة معاً ،وبينما كانت الجماهير المحتشدةالتي لقي كل فرد منهم على حدة من بطش فرعون وسياطه أذى وعذاباً تُجهش بالبكاء ، سمعتُ رجلاً يبكي كما تبكي الثكلى وصوت بُكائه علا الأصوات كلها ، ويُردد عبارات غير مفهومة ،فنظرتُ ملياً وإذا صاحب البكاء هذا هو إخناتون المعوق العاجز الذي كان مشدوداً على ظهر حمار وأسرعت إليه لأهدئه بعض الشيء ، فقد ظننت أنه يبكي سروراً وابتهاجاً على وفاة ظالم قد ظلمه إلى حد الموت بالتعذيب ، ولكن إخناتون خيب آمالي عندما وقع نظره عليّ وأخذ يصرخ عالياً بقوله :
" يا سنوحي لم أكن أعلم أن أمفسيس كان عادلاً وعظيماً وباراً بشعبه إلى هذه المرتبة العظيمة
إلا بعد أن سمعت ما قاله كهنتنا فيه .
وها أنا أبكي يا سنوحي لأنني حملت في قلبي حقداً على هذا الإله العظيم بدلاً من الحب والإجلال طوال سنوات عديدة ، حقاً لقد كنت في ضلال كبير ... " .
ويقول سنوحي : وعندما كان إخناتون يكرر هذه الكلمات بإيمان راسخ كنت أنظرإلى أعضائه المقطوعة وصورته المشوهة وأنا حائر فيما أسمع وكأنه قرأ ما يدور في خلدي وإذا به يصرخ فيّ بملء شدقيه ويقول :
" لقد كان أمفسيس على حق فيما فعله بي لأنني لم أستجب إلى أوامر الآلهة وهذاهو جزاء كل من يعصي الإله الذي خلقه وأحبه ، وأي سعادة أعظم للمرء من أن ينال جزاء أعماله الذي يستحق على يد الإله لا على يد غيره " .
علّق بعدها الطبيب سنوحي على هذه القصة قائلاً : مات أمفسيس وترك خراباً شاملاً وشعباً ممزقاً ومع كل هذا بكته الجماهيرالمحتشدة متأثرة برثاء الكهنة وخطبهم ومن بين تلك الجماهير إخناتون المسكين "

لهذا مضت وأنطلت علينا أباطيل السياسيون وأحزابهم ..
رغم ما ندعيه من وعي وثقافة وإدراك !!
وصرنا نُجدد لهم القبول ونُمكنهم من الوصول الى دفة القيادة والحكم في كل جولة إنتخابية رغم فشلهم وثبوت إجرامهم بحقنا !!
ونهبهم لخيرات بلادنا !!
بل وأصبحنا كما " إخناتون " نتلذذ بعذاباتهم !!
ونُبرر لهم إخفاقاتهم وتقصيرهم في كل المجالات !!
ونغض النظر عن إثارتهم للنعرات الطائفية والعرقية بيننا كشعب مُتعدد الأجناس والمُعتقد
وعليه فإن
﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم ﴾

آسف على الإطاله ولكن الموضوع ذو شجون ويستحق منا جميعاً أن نناقشه بروح المسئولية والإهتمام ...
دمتم بخير

د. حامد العطية
07-10-2013, 05:45 PM
أخي العزيز الفاضل الأستاذ أبو يوسف التميمي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصفك لوضعنا المزري صائب وتشخيصك لعللنا المزمنة دقيق. إن تقديس الحكام ورفعهم إلى مصاف الآلهة ظاهرة قديمة في مجتمعاتنا الشرقية، وأتذكر اعتقاد القبليين في مدينتي الريفية الصغيرة بأن شيوخهم (أصحاب بخت) وتسمعهم يرددون (داخلين على بختهم) ويقسمون بالبخت أحياناً، ويفهم من ذلك أن البخت هو توفيق استثنائي، لا يناله إلا أصحاب السلطة والقوة والثروة في المجتمع، ولولا هذا التوفيق الرباني لما امتلكوا هذه القوة والمكانة، وقد يكون هذا الفكر بقية من الاعتقاد القديم بقدسية الملوك والحكام، لذلك يستصعب الناس العاديون، أي الذين لا يمتلكون البخت، مجابهة ومحاسبة أصحاب البخت، حتى لو كان هم من أوصلهم لمناصبهم بالاقتراع. وما تفضلت به من تحليل لنفسية العراقيين الذين يناصرون ويدافعون عن حكامهم حتى لو أذاقهم هؤلاء الحكام أشد القهر والحرمان يتوافق تماماً مع نتائج بحوث نفسية عديدة، أشارت إلى ظاهرة استسلام الضحية للجلاد وحتى مساعدته أحياناً في اضطهاد غيرها من الضحايا، وهو ما فعله بعض اليهود ( الكابو) في معسكرات الاعتقال النازية، والذين ارتضوا العمل كمساعدين للحراس النازيين، وقد حوكم البعض منهم بعد هزيمة ألمانيا الهتلرية، لذلك نحن اليوم بأمس الحاجة لان نغير ما بأنفسنا من إحباط ويأس واستسلام وخنوع وأن نعزز ثقتنا بالله وبقدراتنا وأخيراً وبقدر ما أحزنني وصفك وتحليلك لوضعنا التعس فقد فرحت بوجود أخ عزيز مثلك يمتلك كل هذه المعرفة والوعي والفكر
ودمت بكل خير
أخوك
حامد

الباحث الدقيق
08-01-2014, 02:59 PM
"والمشكلة هي في استقواء السنة بالإرهاب على الشيعة والكورد بالضغوط والتهديد بالتمرد والانفصال"
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الدكتور حامد العطية
عندما يفكر مكون وطني ما بالانفصال لا يكون السبب دوما مؤامرة خارجية -لا أنفيها- انما يجب بالبحث موضوعيا عن الاسباب التي جعلت لديه الانفصال خيارا
فلتشكل لجنة من الحكماء بقرار سياسي وتلتقي فعاليات المناطق المتوترة ويتم توقيع اتفاق "عهد وذمة" يتضمن ضمانات بان يكون الامن مسؤولية الدولة والغاء المظاهر المسلحة ومناقشة مطالب المعتصمين بروح أبوية

حسين ال دخيل
08-01-2014, 05:21 PM
احسنتم بارك الله فيكم لقد قرأتم الوضع العراقي قراءة صحيحة ومتأنية تستحق كل الشكر والاحترام لكم جميعا