سولاري
29-10-2007, 02:05 PM
السلام عليكم
مرض الفصام: Schizophrenia
http://www.annabaa.org/nbanews/66/imeges/040.jpg
الفصام: Schizophrenia
شبكة النبأ: حالة مرضية تتميز بتدمير بنية الشخصية أو (تفككها)، مسؤولة عن فقدان الاتصال بالواقعي وعن فقدان التكيف التدريجي مع الوسط.
استخدم مصطلح الفصام عام 1911، للمرة الأولى، أوجين بلولر (1857 – 1939)، الطبيب السويسري، في مقال عنوانه (الخَبَل المبكّر أو زمرة الفصامات). ويشير بلولر على هذا النحو إلى الأمراض التي كان الطبيب النفسي الألماني إميل كربيلن (1856 – 1926) قد جمعها، عام 1883، في كتابه المطوّل في الطب النفسي، في ظل مصطلح (الخَبَل المبكَر) أي: الكاتاتونيا، وفصام المراهقة، وخبل الذهان الهذائي (البارانويا).
والفصام أكثر الذهانات المزمنة شيوعاً، إنه يصيب النساء بقدر ما يصيب الرجال، ولاسيما بين السابعة عشرة والثالثة والعشرين (وهو نادر قبل الخامسة عشر ة وبعد الخامسة والأربعين) ويصيب على نحو أساسي، في رأي إرنست كرتشمر (1888 – 1964)، أولئك الأفراد من النموذج الناحل (47%) أو النموذج الشاذ (34%) والفصام مرض متواتر لأن الإحصاء في السكان جميعهم يبلغ، وفق دراسات مختلفة، 36 إلى 85 فصاماً في 10.000نفس.
ويبدو أن الوراثة تتدخل في نشوء الفصام، ويقدر عدة مؤلفين احتمال الوراثة، تقديراً إجمالياً، بنحو 10% (ك. بلانانسكي، 1955: 10%؛ فون فيوشوير، 1939: 10.8%) وهذا الاحتمال، بحسب الإحصاءات الإسكندينافية التي نشرتها منظمة الصحة العالمية (1964) يبلغ 7 إلى 16% بالنسبة إلى الأقارب القريبين (أخوة، أخوات، آباء) وأطفال الفصامي، ويبلغ 40الى 60 بالمئة بالنسبة لأطفال أبواهم مصابان بالفصام. ولا يبلغ الاحتمال الأخير، في رأي إلساسر (1952) سوى 20%. ويظهر الموروث الوراثي أيضاً، ظهوراً أبرز، في الدراسات التي تناولت التوائم الحقيقيين، الذين يوجد لديهم تطابق يُقدرّه بـ76.3% إ. سلاتر (1953)، بـ86.2% حسب تقدير ف.ج. كالمان (1950).
ويبدو أيضاً أنه يوجد استعداد مسبق طبعي لهذا المرض، يظهر على وجه الخصوص لدى أفراد ذوي حساسية مفرطة، منطوين، مغلقين، حالمين وعنيدين. وثمة أعمال عديدة جارية تنشد البحث عن وجود، أو عدم وجود، ترابط بين نسبة الأندورفين (ل. تيرينيوس، د. وايد)، والسيروتونين، أو ضروب غدّية من الخلل (أيض الأدرينالين)، ولكن نتائج هذه الأعمال تظل أيضاً غير مؤكدة. أما التقصيات الخاصة بالوجود المحتمل لآفات تشريحية نوعية، فإنها بانت، حتى الوقت الراهن، سلبية، ويلح، على العكس، عدة مؤلفين أجروا دراسات اجتماعية سيكولوجية لـ(الوسط) الذي يعيش فيه الفصامي أو كان قد ترعرع فيه، على أهمية هذا العامل، ولاسيما على العلاقات التي يقيمها المريض مع أعضاء الأسرة الآخرين، ومع أمه بصورة أساسية.
وتشخيص الفصام في بدايته صعب، ذلك أن المظاهر الأولى متعددة الأشكال وغير نوعية، ويمكن أن يكون الدخول في المرض موسوماً بظهور حالة ذهانية حادة: هبة هاذية، أزمة هوس أو سوداوية شاذة، هلوسات بصرية تبدو كالحلم في حالة من الخلط العقلي، الخ. وتكون علامة المرض الأولى، في بعض الأحيان تصرفاً اندفاعياً (ولاسيما لدى المراهقين)، كهروب من المنزل، محاولة انتحار أو جريمة، وإذا كانت البداية ذات أعراض بسيطة تخفي خطورة، فإننا نتكلم على قبل الفصام. وهذه المرحلة من استقرار المرض موسومة على وجه الخصوص بانخفاض الفاعلية لدى الفرد، الذي يشرع في إهمال هندامه، ويفقد اهتمامه بعمله أو دراسته ويخفق في الامتحانات، فلم يعد له فضول فكري ولا مبادرة ويبدو لا مبالياً على المستوى الوجداني. ونلاحظ، بصورة موازية، تغيّراً في طبعه: إنه يصبح قليل الكلام وعدائياً إزاء أسرته، وينطوي على ذاته، وينعزل انعزالاً متصاعداً، ويهرب في أحلام اليقظة، ويغزو الهذيان فكره غزواً تدريجياً.
وتتميز مرحلة الحالة المرضية بتناذر تفكك الشخصية وهذيان الأنطواء على الذات، وكلاهما ينطويان على عناصر متنافرة: ازدواجية المشاعر، غرابات، عدم القابلية لفهم الأشياء، انفصال عن الواقعي. وهذا التنافر موجود أيضاً في الحياة الوجدانية والفاعلية العقلية والإرادية على حد سواء. فتصرف الفصامي موسوم بالتردد والتناقض. إنه يعارض، على وجه العموم، كل ما يأتي من العالم الخارجي، ويرفض على سبيل المثال تلك اليد التي تمتد إليه، أو يبدي سلبيته بواسطة التهكم. إنه يتصرف على نحو عبثي أو مضحك؛ ويكرّر الحركات نفسها على الغالب تكراراً مقولباً، والكلمات أو المواقف، التي يمكنها أن تعبّر عن جزء من هذيانه. سلوكه غير متوقع، إذ يخضع لاندفاعات ويظهر بأفعال لا تفهم، وبأفعال رهيبة أحياناً. ويذكر بعضهم حالة مريض فتح بطنه بسكين وشرع يفرغ أمعاءه على طاولة، بكثير من المثابرة، دون أن يبدو عليه أنه يعاني أوهى الألم.
والفصامي يمكنه أن يبدو موجوداً ذكياً ولكن فاعلية فكره مصابة بالخلل (إنها السمة الأولى الأساسية من تنافره)؛ فكره ضبابي وفوضوي، ذلك أن تسلسل أفكاره يحدث بالترابطات الطارئة. وقوله تقطعه (حواجز): إنه يتوقف فجأة عن الكلام، ويبدو تفكيره معلقاً، ثم يستأنف الكلام كما لو أن أي شيء لم يكن قد حدث، حتى دون أن يكون لديه شعور بهذا الانقطاع. وثمة شكل من هذا الاضطراب اضعف هو (الخبو العقلي)، تتباطأ خلاله كلمات المريض، كما لو أنه كان ينفصل مؤقتاً عما كان في طريقه إلى أن يقوله. وتصبح المحادثة معه صعبة، بل متعذرة، بسبب ضرب من البكم أو شبه البكم وعندما يُسأل يجيب إجابة خارج الموضوع، وصوته يمكنه أن يتغير في تنغيمه وجرسه أو إيقاعه؛ أضف إلى ذلك أنه يبدي اضطرابات في النطق. فالكلمات تطرأ عليها تحولات صوتية ودلالية بفعل تصادم المقاطع، والتشويه، وابتكار كلمات جديدة أو استخدام كلمة بدلاً من كلمة أخرى (استطاع جاك لاكان تحديد لغة الفصامي بالانزلاق المستمر لسلسلة المدلولات) ويحدث لدى المرء انطباع مفاده أن المريض يهرب من العالم الواقعي ويحتمي في عالم خاص، متخيل، حيث لا يكون للكلمات معنى إلا بالنسبة له، وتبين لغة الفصامي ذات الصرير والفوضوية إلى أي حد تكون علاقات الفصامي مع الغير مزورة ومقطوعة، ذلك أنه بنى لنفسه عالماً محكم السد، مغلقاً على كل تواصل، وتفكيره عتيق، سحري، يجانب المنطق، رمزي، وينعدم التلاؤم بين إيمائيته وانفعالاته: مثال ذلك أنه يبتسم وهو يتكلم على أمور محزنة.
الفاعلية الهاذية لدى الفصامي دائمة من الناحية العملية، على الرغم من أنها لا تكون ظاهرة دائماً. فالمريض يمكنه في الواقع أن يتغذي وينمي هذيانه دون أن يخبر به محيطه، أو لا يتكلم عليه إلا بصورة استثنائية (ذلك تطور يسمى الهمس) وهذه الفاعلية المرضية ذات علاقة، في رأي كثير من المؤلفين، بمحاولة يبذلها المريض ليعيد التنظيم إلى عالمه المجزأ، المتصف أنه، لهذا السبب، يثير القلق على وجه الخصوص، ولكن هذيان الفصامي (ذا البنية الذهانية الهذائية "البارانويا") غير منطقي وغير متماسك على الغالب، على خلاف الأشكال الأخرى من الهذيانات المبنية جيداً، كهذيان الذهان الهذائي (البارانوايا) أو حتى الهذيان البارافريني. والذهان الفصامي قد تغذيه، على الأغلب، هلوسات سمعية (ثمة من يتكلم إليّ) وهلوسات انطباعاعات عامة (افعى تعيش في جسمي)، وهلوسات نفسية (ثمة من يحزر أفكاري، يكررها، يسرقها) وكان غاتيان كليرامبو (1872 – 1934) قد حلل هذه الهلوسات الأخيرة، التي يشعر فيها المريض أن فكره يقاد من الخارج، وجمعها في ظل التسمية التالية: (تناذر الفاعلية الآلية العقلية). وموضوعات الهذيانات الذهانية الهذائية متغيرة جداً، غير منظمة متناقضة أحياناً؛ ويمكنها أن تنتظم حول أفكار العظمة، والقوة أو الاضطهاد، ولكنها، على الأغلب، مفاهيم علمية كاذبة، ميتافيزيائية فلسفية أو صوفية.
واضطرابات الجنسية غالبة، يرافقها نكوص إلى مرحلة من مراحل النمو الليبيدي، وسلوك الغُلمة الذاتية والجنسية المثلية شائعان إلى حد كاف؛ وتوجد في بعض الأحيان محاولة خصاء ذاتي.
إن تطور الفصام غير منتظم على وجه العموم، ترافقه (فترات خصب)، أي مراحل يشهد فيها المرء تصاعداً حقيقياً لكل الأعراض (هذيان، هلوسات، اضطرابات السلوك المتفاقمة)، تتناوب مع مراحل هادئة تتراجع خلالها الفاعلية تدريجياً ويشهد المرء فيها تفاقم التصدع النفسي. وفي نهاية تطور الفصام، يمكن أن يكون لدينا لوحات مختلفة تسود فيها العطالة، وعدم التماسك الفكري – اللفظي أو هذيان الانطواء على الذات، والشكل (الذهاني الهذائي) هو الأكثر تواتراً والأكثر نموذجية، ولكن قد توجد أشكال أكثر خطورة كفصام المراهقة أو (خبَل الفتيان المبكر) وفصام المراهقة – الكاتاتونيا، حيث تسود الاضطرابات النفسية الحركية، ونسمي الأشكال الخفيفة من الفصام (فصامات بسيطة) أو (أعصبة فصامية).
يظل مبحث أسباب الفصام دائماً، على الرغم من كمية هائلة من الأعمال في المجالات الأكثر تنوعاً من البيولوجيا، والكيمياء الحيوية، والفيزيولوجيا، والفيزيولوجيا العصبية، والتشريح، وعلم النفس، وعلم الاجتماع، في مرحلة الفروض، وتشكيلة هذه الفروض تمتد من التأثير البيولوجي، الذي دافعت عنه المدرسة الفرنسية الألمانية في بداية القرن، التي كانت ترى في هذا المرض إصابة عضوية في الدماغ الأعلى، إلى قضايا توماس ساس ورولاند لينغ (المولود عام 1927) اللذين يعتبران الفصام مرضاً اجتماعياً سياسياً. والتأثير الضار لأسرة الفصاميين يعتبر السبب الرئيس لهذا المرض. وتعتبر الموجة الجديدة، (عصر برج الدلو) التي أوحت بها أحداث 1968، في فرنسا وبلدان أخرى على حد سواء، أن استئصال الفقر يزيل المرض العقلي أيضاً (إنه قد يكون فرضاً ماركسياً على وجه التقريب). والآراء تصل إلى درجة من الحسم بحيث أن التعريف التالي لا يفوته أبداً أن يثير مجالات حادة: (الفصام مرض عقلي يتميز بفقدان التنظيم في الشخصية، وتفكك تكاملها، وازدواجها، وينفصل الفكر في هذا المرض عن الحالة الوجدانية ويفقد الفرد قدرة على أن يستجيب للواقع استجابة مناسبة، وأنه لم يعد من جهة أخرى قادراً على التقييم بواقعية).
ويمكننا مع ذلك أن نقارب دراسة اسباب الفصام بتحليل بعض من المعاينات العيادية:
1- نلاحظ أول الأمر أن الوراثة النفسية مثقلة أكثر مما تقتضيه المصادفة على الغالب (وذلك أمر مؤكد من الناحية الإحصائية).
2- ومن النادر، إن لم يكن من المتعذر، أن نجد مرضى متحدرين من اسر تخلو من العيوب الوراثية.
3- يظهر المرض، على الأغلب، بين السابعة عشر والثالثة والعشرين، ولكن سوابق المرض تبين الوجود السابق لشخصية غريبة بياناً دائماً على وجه التقريب.
4- يتبع مرض الفصام دورات عوامل إطلاقها تبدو في بعض الأحيان مرتبطة بضرب من كرب البيئة، والأعراض يمكنها مع ذلك أن تحدث دون سبب ظاهر.
5- كانت الأزمة الحادة تدوم في الأغلب ثلاثة أشهر إلى اثني عشر، قبل الاستخدام المعمم لمضادات الذهان. والعلاج الكيميائي يمكنه أحياناً، منذ هذا الاستخدام، أن يحدث هدءات مدهشة، خلال ثمان وأربعين ساعة أو ست وتسعين ساعة، للأعراض الحادة.
6- يوجد تأثير للعوامل النفسية الدينامية والاجتماعية، ويمكن أن يطلق المرض ضرب من الكرب الحاد. ولا يتوصل العلاج النفسي مع ذلك إلى تقليص الأعراض في مهلة قصيرة كمهلة مضادات الذهان.
وتعمل مجموعة هذه الوقائع إذن لمصلحة مرض وراثي، حساس للعلاج الكيميائي، مرض يظهر في سياق اجتماعي سيكولوجي معين، ويجعلنا هذا المرض نفكر في مرض ربما خلوي أو بيولوجي. وكان هـ. ك. ب. دنبر وتيلر قد اقترحا من قبل، عامي 1963 و1966، فرضاً يستند إلى معطيات من البيولوجيا الجزيئية. وكانا يفكران في اختلال أيضي معمم، يمس كل الأعضاء ويظهر بشذوذات كهربائية في الدماغ وبصمات الأصابع على حد سواء. وإذا كانت الوراثة معيبة، فإن من المناسب الرجوع إلى سلسلة الحموض النووية في الخط الحلزوني للحمض الريبي النووي المنزوع الأوكسجين (A.D.N) التي تبرمج الإعلام الوراثي (الشيفرة الوراثية). وإذا كان هذا الحمض (A.D.N) معيباً، إما جراء السيرورة الدينامية (تشوّه القوى بين الجزيئية التي تجذب الأسس إلى موقعها في الخط الحلزوني وتستبقيها فيه)، وإما في السيرورة السكونية (ستاتيكية) (تشوه السلسلة وغياب البورين أو الهرمين، أو تغيير موقع أحدهما)، وإذا كان النتاج أنزيماً، فإن هذا الأنزيم سيكون بدوره شاذاً، والارتكاس الذي يثير يمكنه أن يكون بطيئاً أو لا يحدث، وبما أن الحمض الريبي النووي المنزوع الأوكسجين (A.D.N) ذو علاقة بالوسط الخارجي، بفعل سيرورات داخل نووية أو خلوية أو حتى خارج خلوية، فإن بوسعنا أن نتكلم على تأثير العالم الخارجي في الوسط الداخلي. واستخدمنا نحن حالة الإثارة الهلوسية وفقدان الشخصية، التي يحرضهما المسكالين، نماط لذهان الفصام لدى الإنسان، فتموضعت، لدى الفاأر، هذه المادة التي تنتج أيضاً سلوكاً شاذاً، على مستوى الوصلات العصبية، حيث أحدثت تشوهات مورفولوجية عابرة، والواقع أننا نعاين في المجهر الإلكتروني، بعد تنبيذ فائق لعينة من القشرة الدماغية، هروب حويصلات من الوصلات العصبية يرافقه زيادة كثافتها، وشبهة تشوه بنيوي في أنسجة الوصلات العصبية وتسرب محتواها من النوادرينالين نحو منطقة النخاعين. ويبلغ هذا التأثير درجته القصوى بعد خمس وأربعين دقيقة ويشبه التأثير الدوائي في الحركات لدى الإنسان. فالحقن المسبق لمادة كلوربرومازين يوقف ظهور التغيرات في السلوك لدى الفأر (كذلك لدى الإنسان)، والمفعولات المورفولوجية، ويمكننا أن نشرح هذه المعاينات بتشوّه عارض يقبل التراجع للغشاء قبل الوصلة العصبية، على مستوى القشرة الدماغية، تشوه يحرضه المسكالين تحريضاً تجريبياً لدى الفأر، مفعولاته الأولية كيميائية حيوية ويحدث، بصورة ثانوية، آفات بنيوية مؤقتة تولد تشوهات في الهرمونات العصبية الدماغية (كالنورادينالين على سبيل المثال). والاعتقاد أن تاثير مواد نفسية، تحاكي إثارة بعض الأعصاب، تعزز، على مستوى السطح الخلوي، مفعولات عيب داخلي المنشأ، وراثي، موجود في الأمراض العقلية، غير مخالف للصواب.
ويمكننا القول، إذا كان المد الاستقرائي مشروعاً، إن ثمة لدى الفرد الإنساني، عيباً وراثياً يتيح المجال لسيرورات شاذة، دورية، كيميائية حيوية، أنزيمية على وجه الاحتمال، على مستوى الوصلات العصبية، تشمل البروتيئينات (وهذا أكثر احتمالاً) أو الشحوم، أو مجموع البروتيئينات والشحوم، ومضادات الذهان، بخصائها في تحويل الشحنة وإنتاج الألكترونات، ترسخ الغشاء، تاركة للعضوية الزمن لإصلاح العيب. ويصبح النقل العصبي مجدداً طبيعياً على هذا النحو وتزول الأعراض الذهانية.
العلاج النفسي للفصاميين مشروع حديث نسبياً. إن كتاب السيدة غ. شونيغ، (درب نحو حياة الذهانيين النفسية)، المنشور عام 1938، هو الذي وسم، في أوروبا، فجر هذه المقاربة، وتؤكد فيه المؤلفة أهمية (الأمومة) التي تميزها من حب الأم، وهذا المشروع يستحق التقدير بقدر ما يوجد ميل خارج التحليل النفسي، لاسيما الطب النفسي التقليدي الألماني، إلى إهمال سبر العالم الداخلي للفصاميين. والواقع أن الخبل المبكر معتبر، بدءاً من إ. كريبلن، مرضاً عقلياً متصاعداً وغير قابل للشفاء، مآله الحتمي حالة خبلية بالمعنى الحقيقي للمصطلح. وكان إوجين بلولر هو الأول الذي فتح الباب نحو العالم الأعمق لهذا المرض، عندما تكلم على الانطواء على الذات وتصدع الوظائف النفسية المختلفة في الفصام. وتوصل هذا المؤلف، المتأثر بنظرية س. فرويد، إلى فهم رائع للفصاميين، ولكنه لم يكن معالجاً نفسياً أيضاً. ولم تظهر الشروح العلاجية النفسية إلا مع أعمال إ. كريتشمر، إذ وضع وصف الشخصية قبل المرضية (الشخصية نظير الفصامية) للفصاميين، ويوصي تلميذ من تلاميذ، بلولر، ج. كلازي، بتعزيز نزوع المرضى العفوي إلى الشفاء، ويتظاهر أنه يجهل المظاهر الفصامية ويجعلهم يعيشون في مشفاه حياة شبه طبيعية، بل يجرؤ على اللجوء إلى حيل تمضي، على سبيل المثال، إلى أن يترك مصاباً بالكاتاتونيا يقع في مسبح بغية إثارة التواصل اللفظي.
ومنذ الإصلاح الذي اسهم به في مصير المرضى العقليين فيليب بينل، عام 1793، في فرنسا، فإن تاريخ معالجة إنسانية للمغتربين العقليين هو الآن طويل (على الرغم من الانتقاد الذي صاغه بهذا الصدد ميشيل فوكو) تتمته الطبيعية هي، في وقتنا الراهن، الطب النفسي الاجتماعي لهنري باروك (المولود عام 1897) والعلاج النفسي المؤسسي الذي اقترحه جورج دوميزون، في مشفى هنري روسل (باريس)، وفرانسو تسوكيل وبول سيفادون، فمعالجة الفصاميين يؤمنها، من الآن فصاعداً فريق طبيعي سيكولوجي.
وتخضع الأميرة كيكو التي أصبحت مجنونة، في يابان القرن الحادي عشر، إلى تطهير ديني بالغسل بالماء في معبد إواكورا، بضواحي كيوتو، وولدت مستوطنة علاجية منذ ذلك الزمن في هذه القرية ونمت عبر القرون، بالتعاون مع القرويين، وبنى فيها مشفى للطب النفسي في عصر الإمبراطور ميجي (1867 – 1912) وفي الوقت الراهن تعالج فيه جماعة ذات اتجاه ضد الطب النفسي أولئك المرضى الذي يسمون (فصاميين).
وكان فرويد يتحاشى علاج الفصاميين، بسبب استعدادهم النرجسي المسبق القوي. وبول فيديرن من فيينا، الذي تتبع تعليمه السيدة غ. شوينغ، هو المحلل النفسي الأول الذي طرح مشكل المعالجة النفسية للفصاميين طرحاً صريحاً. ويشدد بول فيديرن على أهمية أن يقوم تحويل إيجابي بين المعالج والمريض وعلى أهمية دعم هذا التحويل، ويلح على ضرورة أن يستمر التحليل الكلاسيكي بعد هدأة المرض. وتصف السيدة م. أ. شيشهه، في جنيف، من جهتها، ما يسمى الإنجاز الرمزي(1947)، بعد أن أقامت اتصالاً وثيقاً لبضع سنين بفصامية شابة. ويثير كتابها مناقشات طويلة تتناول موضوع تقنيتها بقدر ما تتناول موضوع تشخيصها. ويمكننا تلخيص أفكارها على النحو التالي: الفصامي الذي تستولي عليه عاطفة من الإثمية الأصلية لا يمكنه أن يتواصل مع محيطه ويشبع رغباته إلا على نحو غير مباشر. فالمعالج النفسي سيتوجه إذن على هذا النمط إلى مريضه، توجهاً يستخدم فيه الشخص الثالث أحياناً، ويشبع رغبته الأولية بالوسيلة قبل الرمزية – السحرية. وفيما يخص حالة رونه، الفصامية الشابة، تؤكد المؤلفة شدة الإحباط الذي كان عليها أن تصلحها، فالتفاحة سترمز معاً إلى الثدي والحليب والأمن الأمومي. وستكون الدمى، التي أصبحت بديلة إما للمعالج، وإما للمريض، هي الوسائل الرئيسة لتطور رونه. والعلاج المتجه نحو التنشئة الاجتماعية، بعد هدأة المرض، غير منسي، وتمارس جيزيلا بانكو، في باريس، علاج الفصاميين النفسي محاولة توحيد صورة الجسم المجزأة والراق الأعمق من الحياة النفسية، وتستخدم، لذلك، طريقة صنع النماذج على وجه الخصوص.
وألح هاري سوليفان (1892 – 1949) في الولايات المتحدة الأمريكية، على العلاقة بين الإنسانية وأكد التشويه (السييء التوافق وجدانياً) الذي يطرأ في طفولة الفصاميين. ولكن هذا المبدأ إنما استطاع أن ينفذ إلى التطبيق بفضل المزايا الرائعة التي تتحلى بها فريدا فروم – ريخمان. فاتجاهها: (اصغ جيداً إلى المريض)، وهو سيظل المعيار الكلي لكل علاجات الفصاميين النفسية.
وفتح لنا التحليل الوجودي درباً إلى ما يعيشه الفصاميون ويعانونه بصورة واقعية. فلودفيغ بانسونجر (1881 – 1966) في كروزلنجن يرسم الوجود – في العالم لدى الفصاميين ويتكلم على لقاء الأنا الشخصي (je) و(أنت) اللذين يختلطان في ضرب من (النحن) ويُعنى أوجين مانكوفسكي (1885 – 1972)، في باريس، عناية أكبر، بوضع الطبيب ويرى ان الرغبة في العلاج تصبح، على نحو لا شعوري قليلاً أو كثيراً، معيار تصنيف المرضى العقليين، وذلك أمر يوحي بوجود علاقة بين اتجاه الطبيب وتصنيفه الأمراض، ويحظر ميدار بوس، في زوريخ، العنايات المفرطة بالمرضى العقليين، والذهانيين منهم، ويبحث عن التوفيق بين تصور التحليل النفسي والتحليل الوجودي.
وفي اليابان، في ظل حكم الإمبراطور ميجي تنو (كيوتو، 1852 – كيوتو 1912) يحل الطب الألماني محل الطب الصيني، وكان ذلك على وجه الخصوص مفعول مفاده أن الطب النفسي بوصفه علماً متطوراً مستقلاً عن الطب النفسي العيادي، ولاسيما الطب النفسي الذي كان يمارس في مشافي الأمراض العقلية، وأدخل مع ذلك الأستاذ إيمامورا، مؤسس قسم الطب النفسي في كلية كيوتو، الذي كان له اهتمام بالطب النفسي العيادي الفرنسي، نظريات هذا الطب في تعليمه. ولمح خلفه الثاني، الأستاذ م. موراكامي، نحو عام 1942، حين رجع إلى نظرية بيير جانه لتراتب الميول النفسية، إمكان مقاربة علاجية نفسية للفصاميين، مقاربة وضعها تلاميذه موضع التطبيق بدءاً من عام 1955، وتستخدم السيدة هيرانو دميتين رمزين للمعالجة ومريضها؛ ويعترف إي. كازاهارا، حين حلل تحليلاً دقيقاً تحويل أحد الفصاميين، بوجود نزاعات داخل نفسية في بعض المظاهر الفصامية، ويبحث الدكتور أ. فوجيناوا عن دينامية الأزمة الفصامية في الاسرة. ويوضح الدكتور أ. ميوشي، بغية الاقتراب من العالم الفصامي، مع بعض الزملاء، جانبه (المتعالي – المتباين)، في حين أن الدكتور ك. كاتو يحدد ممارسته، حين بيّن جانب هذا العالم الفصامي (النابذ – المتقارب)، في المتخيل، إما في الأحلام، وإما في الرسم الزيتي، وتتابع جماعة جامعة كيوو (طوكيو) خارج مدرسة كيوتو، الطب النفسي لأسر الفصاميين، وبوسعنا أن نقول أن هذه الفاعليات العلاجية النفسية كلها هي جهود لتوضع موضع التطبيق العملي بحوث نظرية وتحدد نقطة التماس بين دائرتين: إحداهما أكاديمية والأخرى عيادية.
الفصام (أشكال)
Schizosis
الاشتقاق: من الإغريقي Skhizein، أي (شق)، و(قسم) واللاحقة ose، التي تدل، في الطب، على داء تنكّسي أو مرض مزمن.
مصطلح ابتكره الطبيب النفسي الفرنسي هنري كلور (باريس، 1869 – باريس، 1945) للدلالة على بعض الأشكال من الفصام.
إنه مصطلح لا ينفصل عن تصور إجمالي لهذا الشكل من الذهان، الذي بسطه كلود وتلامذته في مجموعة من الأعمال، بين عامي 1924و 1928، وفصل هؤلاء المؤلفون في الفصام الذي وصفه بلولر، بغية المقابلة بين الخبل المبكر وزمرة أشكال الفصام، التي تشمل الأشكال العيادية ذات الخطورة المتعاظمة والمتصفة بسمة أساسية مفادها تفكيك الحياة الوجدانية انتقائياً. والشكل الأقل خطراً هو نظير الفصام. وبدءاً من هذه البنية ذات الاستعداد المسبق، ثمة أحداث حادة أو دون حادة، موصوفة أنها (أزمات فصامية هوسية) تتضمن تفاقماً عابراً لكل الاضطرابات يمكنها أن تولد. وأخيراً تصبح ضروب الخلل دائمة بالتدريج، إذ تحقق ضرباً من الفصام يظل فيه مع ذلك، قياساً على الأوصاف الكلاسيكية، النشاز والأنطواء على الذات معتدلين، والهذيان ضعيف الفاعلية، وفقدان الشعور بالواقع جزئياً. ولهذه الحالات مع ذلك سمة مشتركة مفادها المحافظة دائماً على بنية وآليات دفاع من طبيعة عصابية (وصف هوش باسم (فصامي عصابي) لوحات شبيهة). وكان لوصف أشكال الفصام، مع أنه لا يلخص كل أشكاله، الفضل في أنه طرح بإلحاح مشكل العلاقات الصعبة بين الفصام وبعض الأعصبة، ولاسيما العصاب الوسواسي والهستيريا.
فصام المراهقة
Hebephrenia
مصطلح اقترحه عام 1871 الطبيب النفسي الألماني هيكر (1843 – 1900) للدلالة على شكل من الذهان يصيب الفتيان ويتطور بسرعة نحو حالة من التدهور شبه الخبلي.
كان الطبيب النفسي الفرنسي ب. أوغستان موريل (فيينا، النمسا، 1809 – سان إيون، 1873) قد وصف، قبل هيكر، هذا الكيان العيادي (1860) نفسه باسم (الخبل المبكر لدى الفتيان). وعزل الطبيب النفسي الألماني لودفيغ كالبون (1828- 1899) باسم كاتاتونيا (1874) تناذراً نفسياً حركياً يقترن على الغالب بهذا التفكك النفسي. وأرصن إميل كريبلن (1828 – 1899)، من عام 1890 إلى عام 1907 مفهوم الخبل المبكر (dementia praecox) الذي كان يميز فيه شكلي فصام المراهقة والكاتاتونيا، والشكل الهاذي أو شبه البارانوئي. وأناب أوجين بلولر (1857 – 1939) مناب هذا المفهوم مفهوم الفصام، ولكن ب. غيروا احتفظ، في آخر طبعة من كتابه، الطب النفسي العيادي (1956)، بمصطلح (تناذر فصام المراهقة) الذي كان يضمنه معظم أشكال الفصام.
وفصام المراهقة يكوّن، في معناه الحصري المأخوذ بالحسبان عادة، شكلاً خطيراً من الفصام يصيب الفتيان، وإنذاره قاتم بمقدار ما يكون ظهوره مبكراً. ومرحلة البدء يمكنها أن تتخذ أشكالاً شتى أكثرها تواتراً هي: خَوَرَ الفاعلية العامة التدريجي (لاسيما الفاعلية المدرسية، وفقدان الاهتمام، والعزلة، والخمول، ونلاحظ في بعض الأحيان نكوصاً إلى مرحلة طفلية تظهر بصبيانية مفاجئة (مشاغل، لغة، اتجاهات طفالية)؛ وتنضاف في الغالب اهتمامات وسواسية غير متوقعة، وشكاوى غير مألوفة تتناول الحالة الصحية، وارتكاس مغال، هستيري على وجه التقريب، على إخفاق، عاطفي على وجه الخصوص، وأياً كان الشكل الذي نصادفه، فإن ما يسترعي الانتباه دائماً هو ما يوجد من خلل في الانسجام، وغير المناسب والشاذ، في سلوك الفرد، ولكننا لا نلاحظ، إلا متأخراً، بعد بضعة أشهر فقط، كل العناصر التي تكوّن اللوحة النموذجية لـ التفكك الفصامي في مجالات الفاعلية.
والخصائص الأساسية الثلاث لفصام المراهقة هي: (التصدع الفصامي) الذي يذكّر بالخبل؛ الفقر النسبي للإنتاج الهاذي؛ أهمية المظاهر الجسمية، وهذه المظاهر المتجمعة باسم كاتاتونيا متواترة جداً بحيث ينصب الكلام عادة في فرنسا على فصام مراهقة – كاتاتونيا، مع أن للكاتاتونيا أسباباً أخرى أيضاً، سمية خمجية على وجه الخصوص، وتظهر الكاتاتونيا، على المستوى النفسي الحركي، بفقدان المبادرة، مع ميل إلى المحافظة على الوضعيات (تخشب Catalepsie)، وتظهر، بالمقابل، بنوبات اندفاعية أو مقولبات حركية؛ وتظهر، على المستوى العقلي، بسلوك ذي نزعة سلبية، باصطناعية مغالية؛ وعلى المستوى الجسمي، تظهر باضطرابات عصبية نباتية شتى: شبه وذمات، احتقان نهايات الأطراف، تعرّق مفرط، انخفاض حرارة الجسم، تشوه الشعر والأظافر، الخ. ويتطور فصام المراهقة، بصورة عامة، تطوراً سريعاً نحو حالة من شبه الخبل، ومعظم المؤلفين اعترفوا مع ذلك بالسمة غير الأصيلة لهذا المظهر من التلاشي، وأكدت وجهة النظر هذه (انبعاثات) حقيقية، حاصلة على الأغلب بفعل تقنية العلاج المستخدمة (لاسيما مضادات الذهان). ومعالجة فصام المراهقة هي معالجة الذهانات الفصامية، وهكذا استخدمت أول الأمر طرائق الصدمة (الصدمة الكهربائية، وعلاجات ساكل الأنسولينية على وجه الخصوص)، ثم مضادات الذهان، والنتائج الحاصلة بهذه العقاقير هامة جداً، ولكنها أقل أهمية مما هي عليه في الأشكال الأخرى من الفصام، أما العلاج النفسي، فإنه يصادف على الأغلب هنا صعوبات يتعذر تجاوزها. وكان للتطور العلاجي، على أي حال، مفعول مفاده أنه عدل التعبير العيادي لحالات فصام المراهقة على الأقل مع شبه اختفاء للكاتاتونيا على وجه الخصوص، إن لم يكن قد جعل هذه الحالات نادرة.
متعلقات
فصام(1)
يعتبر الفصام من أكثر الأمراض شيوعا, تقريبا 1% من البشر مصابين به
ما هو الفصام
الفصام هو مرض دماغي مزمن يصيب عدداً من وظائف العقل مثل:
التفكير: حيث يفقد المريض القدرة على التفكير بشكل واضح ومنطقي ومترابط. كما يؤدي إلى اقتناعه بأفكار غير صحيحة اقتناعاً تاما (ضلالات),وقد يحمل المريض قبل العلاج معتقدات غريبة متنوعة مثل تحكم كائن من الفضاء بأفعاله وتحركاته أو أن الآخرين يستطيعون قراءة أفكاره وزرع أفكار جديدة في عقله أو تحدث الشيخ في التلفاز عنه شخصياً وغير ذلك.
المشاعر: حيث يقل تفاعله مع الآخرين عاطفياً, ومع الأحداث أيضاً كأن يذكر لك موت والده بكل هدوء ودون أي انفعال.أو تصبح مشاعره غير متناسبة مع الموقف الحالي كأن يضحك عند سماع خبر محزن أو يحزن في مواقف سارة.
الإدراك: حيث يبدأ المريض بسماع أصوات أو رؤية أشياء غير موجودة على أرض الواقع. وهي ليست أفكار في البال وإنما سماع حقيقي, كأن يسمع من يتحدث إليه معلقاً على أفكاره وأفعاله أو متهجماً عليه أو موجهاً له الأوامر أو غير ذلك. وقد يكون المتحدث شخصاً واحداً أو مجموعة من الأشخاص يتحدثون فيما بينهم عن المريض. وهذا ما يفسر ملاحظة الآخرين لحديث المريض وحده إذ هو -في الواقع- يتحدث إلى هذه الأصوات. كما يمكن أن يرى أشياء مختلفة وغير حقيقية.
السلوك: حيث يقوم المريض بسلوكيات غريبة مثل اتخاذ أوضاع غريبة أو تغيير تعابير وجهه بشكل دائم أو القيام بحركة لا معنى لها بشكل متكرر أو السلبية الكاملة وبشكل متواصل (القيام بكل ما يؤمر به وكأنه بلا إرادة
أعراض الفصام هي :
الانعزال عن الناس وحب الوحدة.
عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية والمظهر الخارجي بشكل واضح.
تحدث الفرد مع نفسه منفرداً وكأنه يتحدث إلى شخص بجانبه. والضحك منفرداً. (التحدث مع النفس بصوت عالي! عادة يمارسها الكثير من الناس ولكن نقصد هنا أنه يتحدث إلى صوت لأن المريض في الواقع يسمع صوتاً غير موجود ويمكن أن يحدثك ما الذي يسمعه).
الإيمان بمعتقدات غريبة وخاصة الشكوى من الناس أنهم يتآمرون عليه أو يكرهونه ويكيدون له المكائد.
تصرفات غريبة كأن يخرج في الشارع ويمشي لمسافات طويلة أو يرتدي ملابس غير مناسبة أو يقف لفترة طويلة.
كلامه يصعب فهمه أو تسمع منه كلام غير مترابط وغير منطقي.
برود عاطفي حيث لا يتفاعل مع الأحداث من حوله أو يضحك في مواقف محزنه او يبكي في أوقات مفرحة.
هذه الأعراض في الواقع لا تظهر جميعها على المريض بل اثنين او أكثر منها.
من يمكن أن يصاب بالفصام
الحقيقة أنه لا يوجد أحد محمي من الإصابة بهذا المرض الخطير. فقد يصيب أي شخص, ولكن هناك مجموعة من الناس يعتبرون أكثر عرضة للإصابة من غيرهم:
من له قريب من الدرجة الأولى مصاب بالمرض.مثل أب أو أخ. مع أن الفصام ليس مرضاً وراثياً بالكامل إلا أن الوراثة تلعب دوراً مهماً فيه.
من يتعاطى المخدرات وخاصةً الحشيش. خاصةً إذا كان التعاطي في وقت مبكر من العمر .
من يعيش في أسرة مضطربة حيث يفرض أحد الأبوين رأيه على البقية أو تكثر فيها النزاعات بين أفراد الأسرة. (
مواليد فصل الشتاء أو من حدث لهم مضاعفات أثناء ولادتهم يبدون استعداداً أكثر للإصابة بالمرض. على الرغم أن هذا العامل مازال يدور حوله جدل كثير.
أسباب الفصام
لا يعرف العلماء سبباً واضحاً للإصابة بالفصام. لكن هناك دلائل قوية تشير إلى اضطراب بعض النواقل العصبية وخاصة مادة (الدوبامين) في الفواصل بين الخلايا العصبية في مناطق معينة في الدماغ المسؤولة عن تشكيل المعتقدات والعواطف وإدراكنا لما حولنا. كما رصد العلماء تغيرات في تركيب الدماغ في هذه المناطق.
يتبع
مرض الفصام: Schizophrenia
http://www.annabaa.org/nbanews/66/imeges/040.jpg
الفصام: Schizophrenia
شبكة النبأ: حالة مرضية تتميز بتدمير بنية الشخصية أو (تفككها)، مسؤولة عن فقدان الاتصال بالواقعي وعن فقدان التكيف التدريجي مع الوسط.
استخدم مصطلح الفصام عام 1911، للمرة الأولى، أوجين بلولر (1857 – 1939)، الطبيب السويسري، في مقال عنوانه (الخَبَل المبكّر أو زمرة الفصامات). ويشير بلولر على هذا النحو إلى الأمراض التي كان الطبيب النفسي الألماني إميل كربيلن (1856 – 1926) قد جمعها، عام 1883، في كتابه المطوّل في الطب النفسي، في ظل مصطلح (الخَبَل المبكَر) أي: الكاتاتونيا، وفصام المراهقة، وخبل الذهان الهذائي (البارانويا).
والفصام أكثر الذهانات المزمنة شيوعاً، إنه يصيب النساء بقدر ما يصيب الرجال، ولاسيما بين السابعة عشرة والثالثة والعشرين (وهو نادر قبل الخامسة عشر ة وبعد الخامسة والأربعين) ويصيب على نحو أساسي، في رأي إرنست كرتشمر (1888 – 1964)، أولئك الأفراد من النموذج الناحل (47%) أو النموذج الشاذ (34%) والفصام مرض متواتر لأن الإحصاء في السكان جميعهم يبلغ، وفق دراسات مختلفة، 36 إلى 85 فصاماً في 10.000نفس.
ويبدو أن الوراثة تتدخل في نشوء الفصام، ويقدر عدة مؤلفين احتمال الوراثة، تقديراً إجمالياً، بنحو 10% (ك. بلانانسكي، 1955: 10%؛ فون فيوشوير، 1939: 10.8%) وهذا الاحتمال، بحسب الإحصاءات الإسكندينافية التي نشرتها منظمة الصحة العالمية (1964) يبلغ 7 إلى 16% بالنسبة إلى الأقارب القريبين (أخوة، أخوات، آباء) وأطفال الفصامي، ويبلغ 40الى 60 بالمئة بالنسبة لأطفال أبواهم مصابان بالفصام. ولا يبلغ الاحتمال الأخير، في رأي إلساسر (1952) سوى 20%. ويظهر الموروث الوراثي أيضاً، ظهوراً أبرز، في الدراسات التي تناولت التوائم الحقيقيين، الذين يوجد لديهم تطابق يُقدرّه بـ76.3% إ. سلاتر (1953)، بـ86.2% حسب تقدير ف.ج. كالمان (1950).
ويبدو أيضاً أنه يوجد استعداد مسبق طبعي لهذا المرض، يظهر على وجه الخصوص لدى أفراد ذوي حساسية مفرطة، منطوين، مغلقين، حالمين وعنيدين. وثمة أعمال عديدة جارية تنشد البحث عن وجود، أو عدم وجود، ترابط بين نسبة الأندورفين (ل. تيرينيوس، د. وايد)، والسيروتونين، أو ضروب غدّية من الخلل (أيض الأدرينالين)، ولكن نتائج هذه الأعمال تظل أيضاً غير مؤكدة. أما التقصيات الخاصة بالوجود المحتمل لآفات تشريحية نوعية، فإنها بانت، حتى الوقت الراهن، سلبية، ويلح، على العكس، عدة مؤلفين أجروا دراسات اجتماعية سيكولوجية لـ(الوسط) الذي يعيش فيه الفصامي أو كان قد ترعرع فيه، على أهمية هذا العامل، ولاسيما على العلاقات التي يقيمها المريض مع أعضاء الأسرة الآخرين، ومع أمه بصورة أساسية.
وتشخيص الفصام في بدايته صعب، ذلك أن المظاهر الأولى متعددة الأشكال وغير نوعية، ويمكن أن يكون الدخول في المرض موسوماً بظهور حالة ذهانية حادة: هبة هاذية، أزمة هوس أو سوداوية شاذة، هلوسات بصرية تبدو كالحلم في حالة من الخلط العقلي، الخ. وتكون علامة المرض الأولى، في بعض الأحيان تصرفاً اندفاعياً (ولاسيما لدى المراهقين)، كهروب من المنزل، محاولة انتحار أو جريمة، وإذا كانت البداية ذات أعراض بسيطة تخفي خطورة، فإننا نتكلم على قبل الفصام. وهذه المرحلة من استقرار المرض موسومة على وجه الخصوص بانخفاض الفاعلية لدى الفرد، الذي يشرع في إهمال هندامه، ويفقد اهتمامه بعمله أو دراسته ويخفق في الامتحانات، فلم يعد له فضول فكري ولا مبادرة ويبدو لا مبالياً على المستوى الوجداني. ونلاحظ، بصورة موازية، تغيّراً في طبعه: إنه يصبح قليل الكلام وعدائياً إزاء أسرته، وينطوي على ذاته، وينعزل انعزالاً متصاعداً، ويهرب في أحلام اليقظة، ويغزو الهذيان فكره غزواً تدريجياً.
وتتميز مرحلة الحالة المرضية بتناذر تفكك الشخصية وهذيان الأنطواء على الذات، وكلاهما ينطويان على عناصر متنافرة: ازدواجية المشاعر، غرابات، عدم القابلية لفهم الأشياء، انفصال عن الواقعي. وهذا التنافر موجود أيضاً في الحياة الوجدانية والفاعلية العقلية والإرادية على حد سواء. فتصرف الفصامي موسوم بالتردد والتناقض. إنه يعارض، على وجه العموم، كل ما يأتي من العالم الخارجي، ويرفض على سبيل المثال تلك اليد التي تمتد إليه، أو يبدي سلبيته بواسطة التهكم. إنه يتصرف على نحو عبثي أو مضحك؛ ويكرّر الحركات نفسها على الغالب تكراراً مقولباً، والكلمات أو المواقف، التي يمكنها أن تعبّر عن جزء من هذيانه. سلوكه غير متوقع، إذ يخضع لاندفاعات ويظهر بأفعال لا تفهم، وبأفعال رهيبة أحياناً. ويذكر بعضهم حالة مريض فتح بطنه بسكين وشرع يفرغ أمعاءه على طاولة، بكثير من المثابرة، دون أن يبدو عليه أنه يعاني أوهى الألم.
والفصامي يمكنه أن يبدو موجوداً ذكياً ولكن فاعلية فكره مصابة بالخلل (إنها السمة الأولى الأساسية من تنافره)؛ فكره ضبابي وفوضوي، ذلك أن تسلسل أفكاره يحدث بالترابطات الطارئة. وقوله تقطعه (حواجز): إنه يتوقف فجأة عن الكلام، ويبدو تفكيره معلقاً، ثم يستأنف الكلام كما لو أن أي شيء لم يكن قد حدث، حتى دون أن يكون لديه شعور بهذا الانقطاع. وثمة شكل من هذا الاضطراب اضعف هو (الخبو العقلي)، تتباطأ خلاله كلمات المريض، كما لو أنه كان ينفصل مؤقتاً عما كان في طريقه إلى أن يقوله. وتصبح المحادثة معه صعبة، بل متعذرة، بسبب ضرب من البكم أو شبه البكم وعندما يُسأل يجيب إجابة خارج الموضوع، وصوته يمكنه أن يتغير في تنغيمه وجرسه أو إيقاعه؛ أضف إلى ذلك أنه يبدي اضطرابات في النطق. فالكلمات تطرأ عليها تحولات صوتية ودلالية بفعل تصادم المقاطع، والتشويه، وابتكار كلمات جديدة أو استخدام كلمة بدلاً من كلمة أخرى (استطاع جاك لاكان تحديد لغة الفصامي بالانزلاق المستمر لسلسلة المدلولات) ويحدث لدى المرء انطباع مفاده أن المريض يهرب من العالم الواقعي ويحتمي في عالم خاص، متخيل، حيث لا يكون للكلمات معنى إلا بالنسبة له، وتبين لغة الفصامي ذات الصرير والفوضوية إلى أي حد تكون علاقات الفصامي مع الغير مزورة ومقطوعة، ذلك أنه بنى لنفسه عالماً محكم السد، مغلقاً على كل تواصل، وتفكيره عتيق، سحري، يجانب المنطق، رمزي، وينعدم التلاؤم بين إيمائيته وانفعالاته: مثال ذلك أنه يبتسم وهو يتكلم على أمور محزنة.
الفاعلية الهاذية لدى الفصامي دائمة من الناحية العملية، على الرغم من أنها لا تكون ظاهرة دائماً. فالمريض يمكنه في الواقع أن يتغذي وينمي هذيانه دون أن يخبر به محيطه، أو لا يتكلم عليه إلا بصورة استثنائية (ذلك تطور يسمى الهمس) وهذه الفاعلية المرضية ذات علاقة، في رأي كثير من المؤلفين، بمحاولة يبذلها المريض ليعيد التنظيم إلى عالمه المجزأ، المتصف أنه، لهذا السبب، يثير القلق على وجه الخصوص، ولكن هذيان الفصامي (ذا البنية الذهانية الهذائية "البارانويا") غير منطقي وغير متماسك على الغالب، على خلاف الأشكال الأخرى من الهذيانات المبنية جيداً، كهذيان الذهان الهذائي (البارانوايا) أو حتى الهذيان البارافريني. والذهان الفصامي قد تغذيه، على الأغلب، هلوسات سمعية (ثمة من يتكلم إليّ) وهلوسات انطباعاعات عامة (افعى تعيش في جسمي)، وهلوسات نفسية (ثمة من يحزر أفكاري، يكررها، يسرقها) وكان غاتيان كليرامبو (1872 – 1934) قد حلل هذه الهلوسات الأخيرة، التي يشعر فيها المريض أن فكره يقاد من الخارج، وجمعها في ظل التسمية التالية: (تناذر الفاعلية الآلية العقلية). وموضوعات الهذيانات الذهانية الهذائية متغيرة جداً، غير منظمة متناقضة أحياناً؛ ويمكنها أن تنتظم حول أفكار العظمة، والقوة أو الاضطهاد، ولكنها، على الأغلب، مفاهيم علمية كاذبة، ميتافيزيائية فلسفية أو صوفية.
واضطرابات الجنسية غالبة، يرافقها نكوص إلى مرحلة من مراحل النمو الليبيدي، وسلوك الغُلمة الذاتية والجنسية المثلية شائعان إلى حد كاف؛ وتوجد في بعض الأحيان محاولة خصاء ذاتي.
إن تطور الفصام غير منتظم على وجه العموم، ترافقه (فترات خصب)، أي مراحل يشهد فيها المرء تصاعداً حقيقياً لكل الأعراض (هذيان، هلوسات، اضطرابات السلوك المتفاقمة)، تتناوب مع مراحل هادئة تتراجع خلالها الفاعلية تدريجياً ويشهد المرء فيها تفاقم التصدع النفسي. وفي نهاية تطور الفصام، يمكن أن يكون لدينا لوحات مختلفة تسود فيها العطالة، وعدم التماسك الفكري – اللفظي أو هذيان الانطواء على الذات، والشكل (الذهاني الهذائي) هو الأكثر تواتراً والأكثر نموذجية، ولكن قد توجد أشكال أكثر خطورة كفصام المراهقة أو (خبَل الفتيان المبكر) وفصام المراهقة – الكاتاتونيا، حيث تسود الاضطرابات النفسية الحركية، ونسمي الأشكال الخفيفة من الفصام (فصامات بسيطة) أو (أعصبة فصامية).
يظل مبحث أسباب الفصام دائماً، على الرغم من كمية هائلة من الأعمال في المجالات الأكثر تنوعاً من البيولوجيا، والكيمياء الحيوية، والفيزيولوجيا، والفيزيولوجيا العصبية، والتشريح، وعلم النفس، وعلم الاجتماع، في مرحلة الفروض، وتشكيلة هذه الفروض تمتد من التأثير البيولوجي، الذي دافعت عنه المدرسة الفرنسية الألمانية في بداية القرن، التي كانت ترى في هذا المرض إصابة عضوية في الدماغ الأعلى، إلى قضايا توماس ساس ورولاند لينغ (المولود عام 1927) اللذين يعتبران الفصام مرضاً اجتماعياً سياسياً. والتأثير الضار لأسرة الفصاميين يعتبر السبب الرئيس لهذا المرض. وتعتبر الموجة الجديدة، (عصر برج الدلو) التي أوحت بها أحداث 1968، في فرنسا وبلدان أخرى على حد سواء، أن استئصال الفقر يزيل المرض العقلي أيضاً (إنه قد يكون فرضاً ماركسياً على وجه التقريب). والآراء تصل إلى درجة من الحسم بحيث أن التعريف التالي لا يفوته أبداً أن يثير مجالات حادة: (الفصام مرض عقلي يتميز بفقدان التنظيم في الشخصية، وتفكك تكاملها، وازدواجها، وينفصل الفكر في هذا المرض عن الحالة الوجدانية ويفقد الفرد قدرة على أن يستجيب للواقع استجابة مناسبة، وأنه لم يعد من جهة أخرى قادراً على التقييم بواقعية).
ويمكننا مع ذلك أن نقارب دراسة اسباب الفصام بتحليل بعض من المعاينات العيادية:
1- نلاحظ أول الأمر أن الوراثة النفسية مثقلة أكثر مما تقتضيه المصادفة على الغالب (وذلك أمر مؤكد من الناحية الإحصائية).
2- ومن النادر، إن لم يكن من المتعذر، أن نجد مرضى متحدرين من اسر تخلو من العيوب الوراثية.
3- يظهر المرض، على الأغلب، بين السابعة عشر والثالثة والعشرين، ولكن سوابق المرض تبين الوجود السابق لشخصية غريبة بياناً دائماً على وجه التقريب.
4- يتبع مرض الفصام دورات عوامل إطلاقها تبدو في بعض الأحيان مرتبطة بضرب من كرب البيئة، والأعراض يمكنها مع ذلك أن تحدث دون سبب ظاهر.
5- كانت الأزمة الحادة تدوم في الأغلب ثلاثة أشهر إلى اثني عشر، قبل الاستخدام المعمم لمضادات الذهان. والعلاج الكيميائي يمكنه أحياناً، منذ هذا الاستخدام، أن يحدث هدءات مدهشة، خلال ثمان وأربعين ساعة أو ست وتسعين ساعة، للأعراض الحادة.
6- يوجد تأثير للعوامل النفسية الدينامية والاجتماعية، ويمكن أن يطلق المرض ضرب من الكرب الحاد. ولا يتوصل العلاج النفسي مع ذلك إلى تقليص الأعراض في مهلة قصيرة كمهلة مضادات الذهان.
وتعمل مجموعة هذه الوقائع إذن لمصلحة مرض وراثي، حساس للعلاج الكيميائي، مرض يظهر في سياق اجتماعي سيكولوجي معين، ويجعلنا هذا المرض نفكر في مرض ربما خلوي أو بيولوجي. وكان هـ. ك. ب. دنبر وتيلر قد اقترحا من قبل، عامي 1963 و1966، فرضاً يستند إلى معطيات من البيولوجيا الجزيئية. وكانا يفكران في اختلال أيضي معمم، يمس كل الأعضاء ويظهر بشذوذات كهربائية في الدماغ وبصمات الأصابع على حد سواء. وإذا كانت الوراثة معيبة، فإن من المناسب الرجوع إلى سلسلة الحموض النووية في الخط الحلزوني للحمض الريبي النووي المنزوع الأوكسجين (A.D.N) التي تبرمج الإعلام الوراثي (الشيفرة الوراثية). وإذا كان هذا الحمض (A.D.N) معيباً، إما جراء السيرورة الدينامية (تشوّه القوى بين الجزيئية التي تجذب الأسس إلى موقعها في الخط الحلزوني وتستبقيها فيه)، وإما في السيرورة السكونية (ستاتيكية) (تشوه السلسلة وغياب البورين أو الهرمين، أو تغيير موقع أحدهما)، وإذا كان النتاج أنزيماً، فإن هذا الأنزيم سيكون بدوره شاذاً، والارتكاس الذي يثير يمكنه أن يكون بطيئاً أو لا يحدث، وبما أن الحمض الريبي النووي المنزوع الأوكسجين (A.D.N) ذو علاقة بالوسط الخارجي، بفعل سيرورات داخل نووية أو خلوية أو حتى خارج خلوية، فإن بوسعنا أن نتكلم على تأثير العالم الخارجي في الوسط الداخلي. واستخدمنا نحن حالة الإثارة الهلوسية وفقدان الشخصية، التي يحرضهما المسكالين، نماط لذهان الفصام لدى الإنسان، فتموضعت، لدى الفاأر، هذه المادة التي تنتج أيضاً سلوكاً شاذاً، على مستوى الوصلات العصبية، حيث أحدثت تشوهات مورفولوجية عابرة، والواقع أننا نعاين في المجهر الإلكتروني، بعد تنبيذ فائق لعينة من القشرة الدماغية، هروب حويصلات من الوصلات العصبية يرافقه زيادة كثافتها، وشبهة تشوه بنيوي في أنسجة الوصلات العصبية وتسرب محتواها من النوادرينالين نحو منطقة النخاعين. ويبلغ هذا التأثير درجته القصوى بعد خمس وأربعين دقيقة ويشبه التأثير الدوائي في الحركات لدى الإنسان. فالحقن المسبق لمادة كلوربرومازين يوقف ظهور التغيرات في السلوك لدى الفأر (كذلك لدى الإنسان)، والمفعولات المورفولوجية، ويمكننا أن نشرح هذه المعاينات بتشوّه عارض يقبل التراجع للغشاء قبل الوصلة العصبية، على مستوى القشرة الدماغية، تشوه يحرضه المسكالين تحريضاً تجريبياً لدى الفأر، مفعولاته الأولية كيميائية حيوية ويحدث، بصورة ثانوية، آفات بنيوية مؤقتة تولد تشوهات في الهرمونات العصبية الدماغية (كالنورادينالين على سبيل المثال). والاعتقاد أن تاثير مواد نفسية، تحاكي إثارة بعض الأعصاب، تعزز، على مستوى السطح الخلوي، مفعولات عيب داخلي المنشأ، وراثي، موجود في الأمراض العقلية، غير مخالف للصواب.
ويمكننا القول، إذا كان المد الاستقرائي مشروعاً، إن ثمة لدى الفرد الإنساني، عيباً وراثياً يتيح المجال لسيرورات شاذة، دورية، كيميائية حيوية، أنزيمية على وجه الاحتمال، على مستوى الوصلات العصبية، تشمل البروتيئينات (وهذا أكثر احتمالاً) أو الشحوم، أو مجموع البروتيئينات والشحوم، ومضادات الذهان، بخصائها في تحويل الشحنة وإنتاج الألكترونات، ترسخ الغشاء، تاركة للعضوية الزمن لإصلاح العيب. ويصبح النقل العصبي مجدداً طبيعياً على هذا النحو وتزول الأعراض الذهانية.
العلاج النفسي للفصاميين مشروع حديث نسبياً. إن كتاب السيدة غ. شونيغ، (درب نحو حياة الذهانيين النفسية)، المنشور عام 1938، هو الذي وسم، في أوروبا، فجر هذه المقاربة، وتؤكد فيه المؤلفة أهمية (الأمومة) التي تميزها من حب الأم، وهذا المشروع يستحق التقدير بقدر ما يوجد ميل خارج التحليل النفسي، لاسيما الطب النفسي التقليدي الألماني، إلى إهمال سبر العالم الداخلي للفصاميين. والواقع أن الخبل المبكر معتبر، بدءاً من إ. كريبلن، مرضاً عقلياً متصاعداً وغير قابل للشفاء، مآله الحتمي حالة خبلية بالمعنى الحقيقي للمصطلح. وكان إوجين بلولر هو الأول الذي فتح الباب نحو العالم الأعمق لهذا المرض، عندما تكلم على الانطواء على الذات وتصدع الوظائف النفسية المختلفة في الفصام. وتوصل هذا المؤلف، المتأثر بنظرية س. فرويد، إلى فهم رائع للفصاميين، ولكنه لم يكن معالجاً نفسياً أيضاً. ولم تظهر الشروح العلاجية النفسية إلا مع أعمال إ. كريتشمر، إذ وضع وصف الشخصية قبل المرضية (الشخصية نظير الفصامية) للفصاميين، ويوصي تلميذ من تلاميذ، بلولر، ج. كلازي، بتعزيز نزوع المرضى العفوي إلى الشفاء، ويتظاهر أنه يجهل المظاهر الفصامية ويجعلهم يعيشون في مشفاه حياة شبه طبيعية، بل يجرؤ على اللجوء إلى حيل تمضي، على سبيل المثال، إلى أن يترك مصاباً بالكاتاتونيا يقع في مسبح بغية إثارة التواصل اللفظي.
ومنذ الإصلاح الذي اسهم به في مصير المرضى العقليين فيليب بينل، عام 1793، في فرنسا، فإن تاريخ معالجة إنسانية للمغتربين العقليين هو الآن طويل (على الرغم من الانتقاد الذي صاغه بهذا الصدد ميشيل فوكو) تتمته الطبيعية هي، في وقتنا الراهن، الطب النفسي الاجتماعي لهنري باروك (المولود عام 1897) والعلاج النفسي المؤسسي الذي اقترحه جورج دوميزون، في مشفى هنري روسل (باريس)، وفرانسو تسوكيل وبول سيفادون، فمعالجة الفصاميين يؤمنها، من الآن فصاعداً فريق طبيعي سيكولوجي.
وتخضع الأميرة كيكو التي أصبحت مجنونة، في يابان القرن الحادي عشر، إلى تطهير ديني بالغسل بالماء في معبد إواكورا، بضواحي كيوتو، وولدت مستوطنة علاجية منذ ذلك الزمن في هذه القرية ونمت عبر القرون، بالتعاون مع القرويين، وبنى فيها مشفى للطب النفسي في عصر الإمبراطور ميجي (1867 – 1912) وفي الوقت الراهن تعالج فيه جماعة ذات اتجاه ضد الطب النفسي أولئك المرضى الذي يسمون (فصاميين).
وكان فرويد يتحاشى علاج الفصاميين، بسبب استعدادهم النرجسي المسبق القوي. وبول فيديرن من فيينا، الذي تتبع تعليمه السيدة غ. شوينغ، هو المحلل النفسي الأول الذي طرح مشكل المعالجة النفسية للفصاميين طرحاً صريحاً. ويشدد بول فيديرن على أهمية أن يقوم تحويل إيجابي بين المعالج والمريض وعلى أهمية دعم هذا التحويل، ويلح على ضرورة أن يستمر التحليل الكلاسيكي بعد هدأة المرض. وتصف السيدة م. أ. شيشهه، في جنيف، من جهتها، ما يسمى الإنجاز الرمزي(1947)، بعد أن أقامت اتصالاً وثيقاً لبضع سنين بفصامية شابة. ويثير كتابها مناقشات طويلة تتناول موضوع تقنيتها بقدر ما تتناول موضوع تشخيصها. ويمكننا تلخيص أفكارها على النحو التالي: الفصامي الذي تستولي عليه عاطفة من الإثمية الأصلية لا يمكنه أن يتواصل مع محيطه ويشبع رغباته إلا على نحو غير مباشر. فالمعالج النفسي سيتوجه إذن على هذا النمط إلى مريضه، توجهاً يستخدم فيه الشخص الثالث أحياناً، ويشبع رغبته الأولية بالوسيلة قبل الرمزية – السحرية. وفيما يخص حالة رونه، الفصامية الشابة، تؤكد المؤلفة شدة الإحباط الذي كان عليها أن تصلحها، فالتفاحة سترمز معاً إلى الثدي والحليب والأمن الأمومي. وستكون الدمى، التي أصبحت بديلة إما للمعالج، وإما للمريض، هي الوسائل الرئيسة لتطور رونه. والعلاج المتجه نحو التنشئة الاجتماعية، بعد هدأة المرض، غير منسي، وتمارس جيزيلا بانكو، في باريس، علاج الفصاميين النفسي محاولة توحيد صورة الجسم المجزأة والراق الأعمق من الحياة النفسية، وتستخدم، لذلك، طريقة صنع النماذج على وجه الخصوص.
وألح هاري سوليفان (1892 – 1949) في الولايات المتحدة الأمريكية، على العلاقة بين الإنسانية وأكد التشويه (السييء التوافق وجدانياً) الذي يطرأ في طفولة الفصاميين. ولكن هذا المبدأ إنما استطاع أن ينفذ إلى التطبيق بفضل المزايا الرائعة التي تتحلى بها فريدا فروم – ريخمان. فاتجاهها: (اصغ جيداً إلى المريض)، وهو سيظل المعيار الكلي لكل علاجات الفصاميين النفسية.
وفتح لنا التحليل الوجودي درباً إلى ما يعيشه الفصاميون ويعانونه بصورة واقعية. فلودفيغ بانسونجر (1881 – 1966) في كروزلنجن يرسم الوجود – في العالم لدى الفصاميين ويتكلم على لقاء الأنا الشخصي (je) و(أنت) اللذين يختلطان في ضرب من (النحن) ويُعنى أوجين مانكوفسكي (1885 – 1972)، في باريس، عناية أكبر، بوضع الطبيب ويرى ان الرغبة في العلاج تصبح، على نحو لا شعوري قليلاً أو كثيراً، معيار تصنيف المرضى العقليين، وذلك أمر يوحي بوجود علاقة بين اتجاه الطبيب وتصنيفه الأمراض، ويحظر ميدار بوس، في زوريخ، العنايات المفرطة بالمرضى العقليين، والذهانيين منهم، ويبحث عن التوفيق بين تصور التحليل النفسي والتحليل الوجودي.
وفي اليابان، في ظل حكم الإمبراطور ميجي تنو (كيوتو، 1852 – كيوتو 1912) يحل الطب الألماني محل الطب الصيني، وكان ذلك على وجه الخصوص مفعول مفاده أن الطب النفسي بوصفه علماً متطوراً مستقلاً عن الطب النفسي العيادي، ولاسيما الطب النفسي الذي كان يمارس في مشافي الأمراض العقلية، وأدخل مع ذلك الأستاذ إيمامورا، مؤسس قسم الطب النفسي في كلية كيوتو، الذي كان له اهتمام بالطب النفسي العيادي الفرنسي، نظريات هذا الطب في تعليمه. ولمح خلفه الثاني، الأستاذ م. موراكامي، نحو عام 1942، حين رجع إلى نظرية بيير جانه لتراتب الميول النفسية، إمكان مقاربة علاجية نفسية للفصاميين، مقاربة وضعها تلاميذه موضع التطبيق بدءاً من عام 1955، وتستخدم السيدة هيرانو دميتين رمزين للمعالجة ومريضها؛ ويعترف إي. كازاهارا، حين حلل تحليلاً دقيقاً تحويل أحد الفصاميين، بوجود نزاعات داخل نفسية في بعض المظاهر الفصامية، ويبحث الدكتور أ. فوجيناوا عن دينامية الأزمة الفصامية في الاسرة. ويوضح الدكتور أ. ميوشي، بغية الاقتراب من العالم الفصامي، مع بعض الزملاء، جانبه (المتعالي – المتباين)، في حين أن الدكتور ك. كاتو يحدد ممارسته، حين بيّن جانب هذا العالم الفصامي (النابذ – المتقارب)، في المتخيل، إما في الأحلام، وإما في الرسم الزيتي، وتتابع جماعة جامعة كيوو (طوكيو) خارج مدرسة كيوتو، الطب النفسي لأسر الفصاميين، وبوسعنا أن نقول أن هذه الفاعليات العلاجية النفسية كلها هي جهود لتوضع موضع التطبيق العملي بحوث نظرية وتحدد نقطة التماس بين دائرتين: إحداهما أكاديمية والأخرى عيادية.
الفصام (أشكال)
Schizosis
الاشتقاق: من الإغريقي Skhizein، أي (شق)، و(قسم) واللاحقة ose، التي تدل، في الطب، على داء تنكّسي أو مرض مزمن.
مصطلح ابتكره الطبيب النفسي الفرنسي هنري كلور (باريس، 1869 – باريس، 1945) للدلالة على بعض الأشكال من الفصام.
إنه مصطلح لا ينفصل عن تصور إجمالي لهذا الشكل من الذهان، الذي بسطه كلود وتلامذته في مجموعة من الأعمال، بين عامي 1924و 1928، وفصل هؤلاء المؤلفون في الفصام الذي وصفه بلولر، بغية المقابلة بين الخبل المبكر وزمرة أشكال الفصام، التي تشمل الأشكال العيادية ذات الخطورة المتعاظمة والمتصفة بسمة أساسية مفادها تفكيك الحياة الوجدانية انتقائياً. والشكل الأقل خطراً هو نظير الفصام. وبدءاً من هذه البنية ذات الاستعداد المسبق، ثمة أحداث حادة أو دون حادة، موصوفة أنها (أزمات فصامية هوسية) تتضمن تفاقماً عابراً لكل الاضطرابات يمكنها أن تولد. وأخيراً تصبح ضروب الخلل دائمة بالتدريج، إذ تحقق ضرباً من الفصام يظل فيه مع ذلك، قياساً على الأوصاف الكلاسيكية، النشاز والأنطواء على الذات معتدلين، والهذيان ضعيف الفاعلية، وفقدان الشعور بالواقع جزئياً. ولهذه الحالات مع ذلك سمة مشتركة مفادها المحافظة دائماً على بنية وآليات دفاع من طبيعة عصابية (وصف هوش باسم (فصامي عصابي) لوحات شبيهة). وكان لوصف أشكال الفصام، مع أنه لا يلخص كل أشكاله، الفضل في أنه طرح بإلحاح مشكل العلاقات الصعبة بين الفصام وبعض الأعصبة، ولاسيما العصاب الوسواسي والهستيريا.
فصام المراهقة
Hebephrenia
مصطلح اقترحه عام 1871 الطبيب النفسي الألماني هيكر (1843 – 1900) للدلالة على شكل من الذهان يصيب الفتيان ويتطور بسرعة نحو حالة من التدهور شبه الخبلي.
كان الطبيب النفسي الفرنسي ب. أوغستان موريل (فيينا، النمسا، 1809 – سان إيون، 1873) قد وصف، قبل هيكر، هذا الكيان العيادي (1860) نفسه باسم (الخبل المبكر لدى الفتيان). وعزل الطبيب النفسي الألماني لودفيغ كالبون (1828- 1899) باسم كاتاتونيا (1874) تناذراً نفسياً حركياً يقترن على الغالب بهذا التفكك النفسي. وأرصن إميل كريبلن (1828 – 1899)، من عام 1890 إلى عام 1907 مفهوم الخبل المبكر (dementia praecox) الذي كان يميز فيه شكلي فصام المراهقة والكاتاتونيا، والشكل الهاذي أو شبه البارانوئي. وأناب أوجين بلولر (1857 – 1939) مناب هذا المفهوم مفهوم الفصام، ولكن ب. غيروا احتفظ، في آخر طبعة من كتابه، الطب النفسي العيادي (1956)، بمصطلح (تناذر فصام المراهقة) الذي كان يضمنه معظم أشكال الفصام.
وفصام المراهقة يكوّن، في معناه الحصري المأخوذ بالحسبان عادة، شكلاً خطيراً من الفصام يصيب الفتيان، وإنذاره قاتم بمقدار ما يكون ظهوره مبكراً. ومرحلة البدء يمكنها أن تتخذ أشكالاً شتى أكثرها تواتراً هي: خَوَرَ الفاعلية العامة التدريجي (لاسيما الفاعلية المدرسية، وفقدان الاهتمام، والعزلة، والخمول، ونلاحظ في بعض الأحيان نكوصاً إلى مرحلة طفلية تظهر بصبيانية مفاجئة (مشاغل، لغة، اتجاهات طفالية)؛ وتنضاف في الغالب اهتمامات وسواسية غير متوقعة، وشكاوى غير مألوفة تتناول الحالة الصحية، وارتكاس مغال، هستيري على وجه التقريب، على إخفاق، عاطفي على وجه الخصوص، وأياً كان الشكل الذي نصادفه، فإن ما يسترعي الانتباه دائماً هو ما يوجد من خلل في الانسجام، وغير المناسب والشاذ، في سلوك الفرد، ولكننا لا نلاحظ، إلا متأخراً، بعد بضعة أشهر فقط، كل العناصر التي تكوّن اللوحة النموذجية لـ التفكك الفصامي في مجالات الفاعلية.
والخصائص الأساسية الثلاث لفصام المراهقة هي: (التصدع الفصامي) الذي يذكّر بالخبل؛ الفقر النسبي للإنتاج الهاذي؛ أهمية المظاهر الجسمية، وهذه المظاهر المتجمعة باسم كاتاتونيا متواترة جداً بحيث ينصب الكلام عادة في فرنسا على فصام مراهقة – كاتاتونيا، مع أن للكاتاتونيا أسباباً أخرى أيضاً، سمية خمجية على وجه الخصوص، وتظهر الكاتاتونيا، على المستوى النفسي الحركي، بفقدان المبادرة، مع ميل إلى المحافظة على الوضعيات (تخشب Catalepsie)، وتظهر، بالمقابل، بنوبات اندفاعية أو مقولبات حركية؛ وتظهر، على المستوى العقلي، بسلوك ذي نزعة سلبية، باصطناعية مغالية؛ وعلى المستوى الجسمي، تظهر باضطرابات عصبية نباتية شتى: شبه وذمات، احتقان نهايات الأطراف، تعرّق مفرط، انخفاض حرارة الجسم، تشوه الشعر والأظافر، الخ. ويتطور فصام المراهقة، بصورة عامة، تطوراً سريعاً نحو حالة من شبه الخبل، ومعظم المؤلفين اعترفوا مع ذلك بالسمة غير الأصيلة لهذا المظهر من التلاشي، وأكدت وجهة النظر هذه (انبعاثات) حقيقية، حاصلة على الأغلب بفعل تقنية العلاج المستخدمة (لاسيما مضادات الذهان). ومعالجة فصام المراهقة هي معالجة الذهانات الفصامية، وهكذا استخدمت أول الأمر طرائق الصدمة (الصدمة الكهربائية، وعلاجات ساكل الأنسولينية على وجه الخصوص)، ثم مضادات الذهان، والنتائج الحاصلة بهذه العقاقير هامة جداً، ولكنها أقل أهمية مما هي عليه في الأشكال الأخرى من الفصام، أما العلاج النفسي، فإنه يصادف على الأغلب هنا صعوبات يتعذر تجاوزها. وكان للتطور العلاجي، على أي حال، مفعول مفاده أنه عدل التعبير العيادي لحالات فصام المراهقة على الأقل مع شبه اختفاء للكاتاتونيا على وجه الخصوص، إن لم يكن قد جعل هذه الحالات نادرة.
متعلقات
فصام(1)
يعتبر الفصام من أكثر الأمراض شيوعا, تقريبا 1% من البشر مصابين به
ما هو الفصام
الفصام هو مرض دماغي مزمن يصيب عدداً من وظائف العقل مثل:
التفكير: حيث يفقد المريض القدرة على التفكير بشكل واضح ومنطقي ومترابط. كما يؤدي إلى اقتناعه بأفكار غير صحيحة اقتناعاً تاما (ضلالات),وقد يحمل المريض قبل العلاج معتقدات غريبة متنوعة مثل تحكم كائن من الفضاء بأفعاله وتحركاته أو أن الآخرين يستطيعون قراءة أفكاره وزرع أفكار جديدة في عقله أو تحدث الشيخ في التلفاز عنه شخصياً وغير ذلك.
المشاعر: حيث يقل تفاعله مع الآخرين عاطفياً, ومع الأحداث أيضاً كأن يذكر لك موت والده بكل هدوء ودون أي انفعال.أو تصبح مشاعره غير متناسبة مع الموقف الحالي كأن يضحك عند سماع خبر محزن أو يحزن في مواقف سارة.
الإدراك: حيث يبدأ المريض بسماع أصوات أو رؤية أشياء غير موجودة على أرض الواقع. وهي ليست أفكار في البال وإنما سماع حقيقي, كأن يسمع من يتحدث إليه معلقاً على أفكاره وأفعاله أو متهجماً عليه أو موجهاً له الأوامر أو غير ذلك. وقد يكون المتحدث شخصاً واحداً أو مجموعة من الأشخاص يتحدثون فيما بينهم عن المريض. وهذا ما يفسر ملاحظة الآخرين لحديث المريض وحده إذ هو -في الواقع- يتحدث إلى هذه الأصوات. كما يمكن أن يرى أشياء مختلفة وغير حقيقية.
السلوك: حيث يقوم المريض بسلوكيات غريبة مثل اتخاذ أوضاع غريبة أو تغيير تعابير وجهه بشكل دائم أو القيام بحركة لا معنى لها بشكل متكرر أو السلبية الكاملة وبشكل متواصل (القيام بكل ما يؤمر به وكأنه بلا إرادة
أعراض الفصام هي :
الانعزال عن الناس وحب الوحدة.
عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية والمظهر الخارجي بشكل واضح.
تحدث الفرد مع نفسه منفرداً وكأنه يتحدث إلى شخص بجانبه. والضحك منفرداً. (التحدث مع النفس بصوت عالي! عادة يمارسها الكثير من الناس ولكن نقصد هنا أنه يتحدث إلى صوت لأن المريض في الواقع يسمع صوتاً غير موجود ويمكن أن يحدثك ما الذي يسمعه).
الإيمان بمعتقدات غريبة وخاصة الشكوى من الناس أنهم يتآمرون عليه أو يكرهونه ويكيدون له المكائد.
تصرفات غريبة كأن يخرج في الشارع ويمشي لمسافات طويلة أو يرتدي ملابس غير مناسبة أو يقف لفترة طويلة.
كلامه يصعب فهمه أو تسمع منه كلام غير مترابط وغير منطقي.
برود عاطفي حيث لا يتفاعل مع الأحداث من حوله أو يضحك في مواقف محزنه او يبكي في أوقات مفرحة.
هذه الأعراض في الواقع لا تظهر جميعها على المريض بل اثنين او أكثر منها.
من يمكن أن يصاب بالفصام
الحقيقة أنه لا يوجد أحد محمي من الإصابة بهذا المرض الخطير. فقد يصيب أي شخص, ولكن هناك مجموعة من الناس يعتبرون أكثر عرضة للإصابة من غيرهم:
من له قريب من الدرجة الأولى مصاب بالمرض.مثل أب أو أخ. مع أن الفصام ليس مرضاً وراثياً بالكامل إلا أن الوراثة تلعب دوراً مهماً فيه.
من يتعاطى المخدرات وخاصةً الحشيش. خاصةً إذا كان التعاطي في وقت مبكر من العمر .
من يعيش في أسرة مضطربة حيث يفرض أحد الأبوين رأيه على البقية أو تكثر فيها النزاعات بين أفراد الأسرة. (
مواليد فصل الشتاء أو من حدث لهم مضاعفات أثناء ولادتهم يبدون استعداداً أكثر للإصابة بالمرض. على الرغم أن هذا العامل مازال يدور حوله جدل كثير.
أسباب الفصام
لا يعرف العلماء سبباً واضحاً للإصابة بالفصام. لكن هناك دلائل قوية تشير إلى اضطراب بعض النواقل العصبية وخاصة مادة (الدوبامين) في الفواصل بين الخلايا العصبية في مناطق معينة في الدماغ المسؤولة عن تشكيل المعتقدات والعواطف وإدراكنا لما حولنا. كما رصد العلماء تغيرات في تركيب الدماغ في هذه المناطق.
يتبع