هامة التطبير
20-10-2013, 11:38 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
http://c.shia4up.net/uploads/13341340751.jpg (http://c.shia4up.net/)
أهل البيت (عليهم السلام) وعيد الغدير
كان الأئمة من أهل بيت رسول الله (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) يوصون شيعتهم بالاحتفال بهذا العيد العظيم واظهاره باجلى المظاهر، فهم (عليهم السلام) كانوا يجعلونه يوما فريدا ومشهودا بين اهليهم وذويهم، فقد روي عن أحوالهم (عليهم السلام) من قال: أنه شهد أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) في يوم الغدير وبحضرته جماعة من خاصته، قد احتبسهم للإفطار وقد قدم إلى منازلهم الطعام والبر والصلات والكسوة حتى الخواتيم والنعال، وقد غير أحوالهم وأحوال حاشيته، وجددت له الآلة غير الآلة التي جرى الرسم بابتذالها قبل يومه، وهو يذكر فضل اليوم وقدمه.
فكان من قوله (عليه السلام): «حدثني الهادي أبي قال: حدثني جدي الصادق قال: حدثني الباقر قال: حدثني سيد العابدين قال: حدثني أبي الحسين قال: اتفق في بعض سني أمير المؤمنين (عليه السلام) الجمعة والغدير، فصعد المنبر على خمس ساعات من نهار ذلك اليوم، فحمد الله حمدا لا نسمع (لم يسمع) بمثله، وأثنى عليه بما لا يتوجه إلى غيره، فكان ما [1] حفظ من ذلك:
الحمد لله الذي جعل الحمد من غير حاجة منه إلى حامديه، طريقا من طرق الاعتراف بلاهوتيته وصمدانيته وفردانيته [2]، وسببا إلى المزيد من رحمته، ومحجة للطالب من فضله، وكمن في إبطان [3] حقيقة الاعتراف له: بأنه المنعم على كل حمد باللفظ وإن عظم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة نزعت عن إخلاص الطوى [4]، ونطق اللسان بها عبارة عن صدق خفي أنه الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى، ليس كمثله شيء، إذ كان (إذا كان) الشيء من مشيته، وكان لا يشبهه مكونه.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، استخلصه في القدم على سائر الأمم، على علم منه بأنه انفرد عن التشاكل والتماثل من أبناء الجنس، وانتجبه آمرا وناهيا عنه، أقامه في سائر عالمه في الأداء مقامه، إذ كان لا تدركه الأبصار، ولا تحويه خواطر الأفكار، ولا تمثله غوامض الظنون في الأسرار. لا إله إلا هو الملك الجبار، قرن الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلاهوتيته، واختصه من تكرمته بما لم يلحقه فيه أحد من بريته، فهو أهل ذلك بخاصته وخلته، إذ لا يختص من يشوبه التغيير ولا يخالل من يلحقه التظنين. وأمر بالصلاة عليه مزيدا في تكرمته، وطريقا للداعي إلى إجابته، فصلى الله عليه وكرم وشرف وعظم مزيدا لا تلحقه التفنية، ولا ينقطع على التأبيد.
وأن الله تعالى اختص لنفسه بعد نبيه (صلى الله عليه وآله) بريته خاصة، علاهم بتعليته، وسمى (سار) بهم إلى رتبته، وجعلهم الدعاة بالحق إليه، والأداء بالإرشاد عليه، لقرن قرن، وزمن زمن، أنشأهم في القدم على (قبل) كل مذرو ومبرو، أنوارا أنطقها بتحميده، وألهمها على شكره وتمجيده، وجعلها الحجج على كل معترف له بملكوت الربوبية، وسلطان العبودية، واستنطق بها الخرسات بأنواع اللغات، بخوعا له بأنه فاطر الأرضين والسماوات، واستشهدهم خلقه، وولاهم ما شاء من أمره، جعلهم تراجم مشيته، وألسن إرادته، عبيدا لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، وهم من خشيته مشفقون، يحكمون بأحكامه، ويستنون بسنته، ويعتمدون حدوده، ويؤدون فرضه.
ولم يدع الخلق في بهم صما، ولا في عمى بكما، بل جعل لهم عقولا مازجت شواهدهم، وتفرقت في هياكلهم، حققها في نفوسهم، واستعد لها حواسهم. فقرر بها على أسماع ونواظر، وأفكار وخواطر، ألزمهم بها حجته، وأراهم بها محجته، وأنطقهم عما شهدته بألسن ذربة، بما قام فيها من قدرته وحكمته، وبين [5] عندهم بها، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيي من حي عن بينة، وإن الله لسميع عليم بصير، شاهد خبير.
وإن الله تعالى جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين، لا يقوم أحدهما إلا بصاحبه؛ ليكمل لكم عندكم جميل صنعه، ويقفكم على طريق رشده، ويقفوا بكم آثار المستضيئين بنور هدايته، ويسلك بكم منهاج قصده، ويوفر عليكم هنيء رفده، فجعل الجمعة مجمعا ندب إليه لتطهير ما كان قبله، وغسل ما أوقعته مكاسب السوء من مثله إلى مثله، وذكرى للمؤمنين وتبيان خشية المتقين، ووهب لأهل طاعته في الأيام قبله، وجعله لا يتم إلا بالايتمار لما أمر به، والانتهاء عما نهى عنه، والبخوع بطاعته فيما حث عليه وندب إليه.
ولا يقبل توحيده إلا بالاعتراف لنبيه (صلى الله عليه وآله) بنبوته، ولا يقبل دينا إلا بولاية من أمر بولايته، ولا ينتظم أسباب طاعته إلا بالتمسك بعصمه وعصم أهل ولايته. فأنزل على نبيه (صلى الله عليه وآله) في يوم الدوح ما بيّن فيه عن إرادته في خلصائه وذوي اجتبائه، وأمره بالبلاغ، وترك الحفل بأهل الزيغ والنفاق، وضمن له عصمته منهم، وكشف عن (من) خبايا أهل الريب وضمائر أهل الارتداد ما رمز فيه، فعقله المؤمن والمنافق، فأعن معن [6]، وثبت على الحق ثابت، وازدادت جهالة المنافق، وحمية المارق، ووقع العض على النواجذ، والغمز على السواعد، ونطق ناطق ونعق ناعق ونشق [7] ناشق، واستمر على مارقته مارق. ووقع الإذعان من طائفة باللسان دون حقائق الإيمان، ومن طائفة باللسان وصدق الإيمان، وأكمل الله دينه، وأقر عين نبيه، والمؤمنين والمتابعين.
وكان ما قد شهده بعضكم وبلغ بعضكم، وتمت كلمة الله الحسنى على الصابرين، ودمر الله ما صنع فرعون وهامان وقارون وجنوده وما كانوا يعرشون.
وتفتت (بقيت) حثالة من الضلال لا يألون الناس خبالا، فيقصدهم الله في ديارهم، ويمحو آثارهم، ويبيد معالمهم، ويعقبهم عن قرب الحسرات، ويلحفهم عن بسط أكفهم، ومد أعناقهم، ومكنهم من دين الله حتى بدّلوه، ومن حكمه حتى غيروه، وسيأتي نصر الله على عدوه لحينه، والله لطيف خبير.
وفي دون ما سمعتم كفاية وبلاغ، فتأملوا رحمكم الله ما ندبكم الله إليه وحثكم عليه، واقصدوا شرعه، واسلكوا نهجه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله.
هذا يوم عظيم الشأن، فيه وقع الفرج، ورفعت الدرج، وضحت الحجج، وهو يوم الإيضاح والإفصاح عن المقام الصراح، ويوم كمال الدين، ويوم العهد المعهود، ويوم الشاهد والمشهود، ويوم تبيان العقود عن النفاق والجحود، ويوم البيان عن حقائق الإيمان، ويوم دحر الشيطان، ويوم البرهان.
هذا يوم الفصل الذي كنتم به توعدون، هذا يوم الملإ الأعلى الذي أنتم عنه معرضون، هذا يوم الإرشاد ويوم محنة على العباد، ويوم الدليل على الرواد، هذا يوم إبداء خفايا الصدور، ومضمرات الأمور، هذا يوم النصوص على أهل الخصوص.
هذا يوم شيث، هذا يوم إدريس، هذا يوم يوشع، هذا يوم شمعون. هذا يوم الأمن المأمون، هذا يوم إظهار المصون من المكنون، هذا يوم إبلاء السرائر.
فلم يزل (عليه السلام) يقول هذا يوم هذا يوم، فراقبوا الله واتقوه، واسمعوا له وأطيعوه، واحذروا المكر ولا تخادعوه، فتّشوا ضمائركم ولا تواربوه، وتقربوا إلى الله بتوحيده وطاعة من أمركم أن تطيعوه، ولا تمسكوا بعصم الكوافر، ولا يجنح بكم الغي فتظلوا عن سبيل الرشاد باتباع أولئك الذين ضلوا وأضلوا، قال الله تعالى عز من قائل، في طائفة ذكرهم بالذم في كتابه: ((إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ، رَبَّنَا إتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً)) [8].
وقال الله تعالى: ((وإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّار فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً)) [9].
وقال سبحانه: ((فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذاب اللَّهِ مِنْ شَيءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُم)) [10].
أفتدرون استكبار ما هو ترك الطاعة لمن أمر الله بطاعته والترفع عمن ندبوا إلى متابعته؟ والقرآن ينطق من هذا عن كثير إن تدبره متدبر زجره ووعظه، واعلموا أيها المؤمنون إن الله عز وجل قال: ((إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ)) [11].
أتدرون ما سبيل الله؟ ومن سبيله؟ ومن صراط الله؟ ومن طريقه؟
أنا صراط الله الذي من لم (لا) يسلكه بطاعة الله فيه هوى به إلى النار، أنا سبيله الذي نصبني للاتباع بعد نبيه (صلى الله عليه وآله)، أنا قسيم النار، أنا حجة الله على الفجار، أنا نور الأنوار.
فانتبهوا من رقدة الغفلة، وبادروا بالعمل قبل حلول الأجل، وسابقوا إلى مغفرة من ربكم قبل أن يضرب بالسور بباطن الرحمة وظاهر العذاب، فتنادون فلا يسمع نداؤكم، وتضجون فلا يحفل بضجيجكم، وقبل أن تستغيثوا فلا تغاثوا.
سارعوا إلى الطاعات قبل فوات الأوقات، فكان قد جاء هادم اللذات، فلا مناص نجاة ولا محيص تخليص.
عودوا رحمكم الله بعد انقضاء مجمعكم بالتوسعة على عيالكم، والبر بإخوانكم، والشكر لله عز وجل على ما منحكم، وأجمعوا يجمع الله شملكم، وتباروا يصل الله ألفتكم، وتهانوا نعمة الله كما هنأكم، بالصواب فيه على أضعاف الأعياد قبله وبعده إلا في مثله، والبر فيه يثمر المال، ويزيد في العمر، والتعاطف فيه يقتضي رحمة الله وعطفه، وهبوا لإخوانكم وعيالكم عن فضله بالجهد من جودكم، وبما تناله القدرة من استطاعتكم، وأظهروا البشرى فيما بينكم، والسرور في ملاقاتكم، والحمد لله (واحمدوا الله) على ما منحكم، وعودوا بالمزيد على أهل التأميل لكم، وساووا بكم ضعفاءكم ومن ملككم، وما تناله القدرة من استطاعتكم، وعلى حسب إمكانكم، فالدرهم فيه بمائتي ألف درهم، والمزيد من الله عز وجل.
وصوم هذا اليوم مما ندب الله إليه، وجعل العظيم كفالة عنه، حتى لو تعبد له عبد من العبيد في التشبيه من ابتداء الدنيا إلى تقضيها صائما نهارها قائما ليلها، إذ أخلص المخلص في صومه، لقصرت أيام الدنيا من (عن) كفاية (كفايته)، ومن أضعف فيه أخاه مبتدئا وبره راغبا، فله كأجر من صام هذا اليوم وقام ليله، ومن فطر مؤمنا في ليلته، فكأنما فطر فئاما وفئاما، ـ يعدها بيده عشرة ـ.
فنهض ناهض فقال: يا أمير المؤمنين، وما الفئام؟
قال: مأتي ألف نبي وصديق وشهيد، فكيف بمن يكفل عددا من المؤمنين والمؤمنات، فأنا ضمينه على الله تعالى الأمان من الكفر والفقر، وإن مات في ليلته أو يومه أو بعده إلى مثله من غير ارتكاب كبيرة فأجره على الله، ومن استدان لإخوانه وأعانهم فأنا الضامن على الله إن أبقاه، وإن قبضه حمله عنه.
وإذا تلاقيتم فتصافحوا بألسنتكم وتهانوا بالنعمة في هذا اليوم، وليبلغ الحاضر الغائب، والشاهد البائن، وليعد الغني على الفقير، والقوي على الضعيف.
أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك.
ثم أخذ (صلوات الله عليه) في خطبته الجمعة، وجعل صلاته جمعة صلاة عيد. وانصرف بولده وشيعته إلى منزل أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) بما أعد له من طعامه، وانصرف غنيهم وفقيرهم برفده إلى عياله» [12].
نعم، فأمير المؤمنين (عليه السلام) الذي تشرفت الدنيا به يوم ولد في جوف الكعبة [13]، ويوم عاش في هذه الحياة، ومن خلال حياته الزاخرة بالجهاد والتضحية في سبيل الله، سطّر للعالم النموذج الفريد بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المكارم، والقدوة الحسنة في جميع الأعمال الحميدة، قد بكته السماء والأرض يوم وفاته (عليه السلام)، فمات شهيداً في سبيل الله تعالى، وختم حياته بأحسن ما يختم به الإنسان حياته.
فقد روي عن أبي حمزة الثمالي عن حبيب بن عمرو قال: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) في مرضه الذي قبض فيه فحل عن جراحته، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما جرحك هذا بشيء، وما بك من بأس! فقال لي: « يا حبيب، أنا والله مفارقكم الساعة».
قال: فبكيت عند ذلك، وبكت أم كلثوم وكانت قاعدة عنده، فقال لها: «ما يبكيك يا بنية؟ ».
فقالت: «ذكرت يا أبة أنك تفارقنا الساعة فبكيت».
فقال لها: «يا بنية لا تبكين، فو الله لو ترين ما يرى أبوك ما بكيت». قال حبيب: فقلت له: و ما الذي ترى يا أمير المؤمنين؟
فقال: «يا حبيب، أرى ملائكة السماء والنبيين (والأرضين) بعضهم في أثر بعض وقوفا إلى أن يتلقوني، وهذا أخي محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس عندي، يقول: أقدم، فإن أمامك خير لك مما أنت فيه».
قال: فما خرجت من عنده حتى توفي (عليه السلام).
فلما كان من الغد وأصبح الحسن (عليه السلام) قام خطيبا على المنبر، فحمد الله و أثنى عليه ثم قال: «أيها الناس، في هذه الليلة نزل القرآن، وفي هذه الليلة رفع عيسى ابن مريم (عليه السلام)، وفي هذه الليلة قتل يوشع بن نون، وفي هذه الليلة مات أبي أمير المؤمنين (عليه السلام)، والله لا يسبق أبي أحد كان قبله من الأوصياء إلى الجنة، ولا من يكون بعده، وإن كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليبعثه في السرية فيقاتل جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وما ترك صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه كان يجمعها ليشتري بها خادما لأهله» [14].
====
المصادر والأدلة:
[1] في بحار الأنوار وردت «مما»، أنظر: ج94 ص112 ب60 ح8.
[2] في بحار الأنوار ورد «وصمدانيته وربانيته وفردانيته»، أنظر: ج94 ص112 ب60 ح8.
[3] في بحار الأنوار وردت «كمن في إبطال اللفظ حقيقة»، أنظر: ج94 ص113 ب60 ح8.
[4] في بحار الأنوار وردت «المطوي»، أنظر: ج94 ص113 ب60 ح8.
[5] في بحار الأنوار وردت «وبين بها عندهم بها»، أنظر: ج94 ص114 ب60 ح8.
[6] أمعن الرجل: هرب وتباعد، أنظر لسان العرب: ج13 ص409 مادة «معن».
[7] نشق: النشق صب سعوط في الأنف، أنظر لسان العرب: ج10 ص353 مادة «نشق».
[8] سورة الاحزاب: 67ـ 68.
[9] سورة غافر: 47.
[10] سورة إبراهيم: 21.
[11] سورة الصف: 4.
[12] إقبال الأعمال: ص461 فصل فيما نذكره من فضل عيد الغدير عند اهل العقول من طريق المنقول.
[13] فقد روي عن يزيد بن قعنب أنه قال: كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب وفريق من عبد العزى بإزاء بيت الله الحرام، إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (عليه السلام) وكانت حاملة به لتسعة أشهر وقد أخذها الطلق، فقالت: «رب إني مؤمنة بك، وبما جاء من عندك من رسل وكتب، وإني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل وأنه بنى البيت العتيق، فبحق الذي بنى هذا البيت، وبحق المولود الذي في بطني، لما يسرت علي ولادتي».
قال يزيد بن قعنب: فرأينا البيت وقد انفتح عن ظهره، ودخلت فاطمة فيه، وغابت عن أبصارنا والتزق الحائط، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح، فعلمنا أن ذلك أمر من أمر الله عزوجل، ثم خرجت بعد الرابع، وبيدها أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم قالت: «إني فضلت على من تقدمني من النساء؛ لأن آسية بنت مزاحم عبدت الله عز وجل سرا في موضع لا يحب أن يعبد الله فيه إلا اضطرارا، وأن مريم بنت عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتى أكلت منها رطبا جنيا، وأني دخلت بيت الله الحرام فأكلت من ثمار الجنة وأوراقها، فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف: يا فاطمة، سميه عليا فهو علي، والله العلي الأعلى يقول: إني شققت اسمه من اسمي وأدبته بأدبي ووقفته على غامض علمي، وهو الذي يكسر الأصنام في بيتي، وهو الذي يؤذن فوق ظهر بيتي ويقدسني ويمجدني، فطوبى لمن أحبه وأطاعه، وويل لمن أبغضه وعصاه» أنظر أمالي الشيخ الصدوق: ص132 المجلس 27 ح9.
[14] أمالي الشيخ الصدوق: ص318 المجلس 52 ح4.
ومع السلامة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
http://c.shia4up.net/uploads/13341340751.jpg (http://c.shia4up.net/)
أهل البيت (عليهم السلام) وعيد الغدير
كان الأئمة من أهل بيت رسول الله (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) يوصون شيعتهم بالاحتفال بهذا العيد العظيم واظهاره باجلى المظاهر، فهم (عليهم السلام) كانوا يجعلونه يوما فريدا ومشهودا بين اهليهم وذويهم، فقد روي عن أحوالهم (عليهم السلام) من قال: أنه شهد أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) في يوم الغدير وبحضرته جماعة من خاصته، قد احتبسهم للإفطار وقد قدم إلى منازلهم الطعام والبر والصلات والكسوة حتى الخواتيم والنعال، وقد غير أحوالهم وأحوال حاشيته، وجددت له الآلة غير الآلة التي جرى الرسم بابتذالها قبل يومه، وهو يذكر فضل اليوم وقدمه.
فكان من قوله (عليه السلام): «حدثني الهادي أبي قال: حدثني جدي الصادق قال: حدثني الباقر قال: حدثني سيد العابدين قال: حدثني أبي الحسين قال: اتفق في بعض سني أمير المؤمنين (عليه السلام) الجمعة والغدير، فصعد المنبر على خمس ساعات من نهار ذلك اليوم، فحمد الله حمدا لا نسمع (لم يسمع) بمثله، وأثنى عليه بما لا يتوجه إلى غيره، فكان ما [1] حفظ من ذلك:
الحمد لله الذي جعل الحمد من غير حاجة منه إلى حامديه، طريقا من طرق الاعتراف بلاهوتيته وصمدانيته وفردانيته [2]، وسببا إلى المزيد من رحمته، ومحجة للطالب من فضله، وكمن في إبطان [3] حقيقة الاعتراف له: بأنه المنعم على كل حمد باللفظ وإن عظم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة نزعت عن إخلاص الطوى [4]، ونطق اللسان بها عبارة عن صدق خفي أنه الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى، ليس كمثله شيء، إذ كان (إذا كان) الشيء من مشيته، وكان لا يشبهه مكونه.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، استخلصه في القدم على سائر الأمم، على علم منه بأنه انفرد عن التشاكل والتماثل من أبناء الجنس، وانتجبه آمرا وناهيا عنه، أقامه في سائر عالمه في الأداء مقامه، إذ كان لا تدركه الأبصار، ولا تحويه خواطر الأفكار، ولا تمثله غوامض الظنون في الأسرار. لا إله إلا هو الملك الجبار، قرن الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلاهوتيته، واختصه من تكرمته بما لم يلحقه فيه أحد من بريته، فهو أهل ذلك بخاصته وخلته، إذ لا يختص من يشوبه التغيير ولا يخالل من يلحقه التظنين. وأمر بالصلاة عليه مزيدا في تكرمته، وطريقا للداعي إلى إجابته، فصلى الله عليه وكرم وشرف وعظم مزيدا لا تلحقه التفنية، ولا ينقطع على التأبيد.
وأن الله تعالى اختص لنفسه بعد نبيه (صلى الله عليه وآله) بريته خاصة، علاهم بتعليته، وسمى (سار) بهم إلى رتبته، وجعلهم الدعاة بالحق إليه، والأداء بالإرشاد عليه، لقرن قرن، وزمن زمن، أنشأهم في القدم على (قبل) كل مذرو ومبرو، أنوارا أنطقها بتحميده، وألهمها على شكره وتمجيده، وجعلها الحجج على كل معترف له بملكوت الربوبية، وسلطان العبودية، واستنطق بها الخرسات بأنواع اللغات، بخوعا له بأنه فاطر الأرضين والسماوات، واستشهدهم خلقه، وولاهم ما شاء من أمره، جعلهم تراجم مشيته، وألسن إرادته، عبيدا لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، وهم من خشيته مشفقون، يحكمون بأحكامه، ويستنون بسنته، ويعتمدون حدوده، ويؤدون فرضه.
ولم يدع الخلق في بهم صما، ولا في عمى بكما، بل جعل لهم عقولا مازجت شواهدهم، وتفرقت في هياكلهم، حققها في نفوسهم، واستعد لها حواسهم. فقرر بها على أسماع ونواظر، وأفكار وخواطر، ألزمهم بها حجته، وأراهم بها محجته، وأنطقهم عما شهدته بألسن ذربة، بما قام فيها من قدرته وحكمته، وبين [5] عندهم بها، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيي من حي عن بينة، وإن الله لسميع عليم بصير، شاهد خبير.
وإن الله تعالى جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين، لا يقوم أحدهما إلا بصاحبه؛ ليكمل لكم عندكم جميل صنعه، ويقفكم على طريق رشده، ويقفوا بكم آثار المستضيئين بنور هدايته، ويسلك بكم منهاج قصده، ويوفر عليكم هنيء رفده، فجعل الجمعة مجمعا ندب إليه لتطهير ما كان قبله، وغسل ما أوقعته مكاسب السوء من مثله إلى مثله، وذكرى للمؤمنين وتبيان خشية المتقين، ووهب لأهل طاعته في الأيام قبله، وجعله لا يتم إلا بالايتمار لما أمر به، والانتهاء عما نهى عنه، والبخوع بطاعته فيما حث عليه وندب إليه.
ولا يقبل توحيده إلا بالاعتراف لنبيه (صلى الله عليه وآله) بنبوته، ولا يقبل دينا إلا بولاية من أمر بولايته، ولا ينتظم أسباب طاعته إلا بالتمسك بعصمه وعصم أهل ولايته. فأنزل على نبيه (صلى الله عليه وآله) في يوم الدوح ما بيّن فيه عن إرادته في خلصائه وذوي اجتبائه، وأمره بالبلاغ، وترك الحفل بأهل الزيغ والنفاق، وضمن له عصمته منهم، وكشف عن (من) خبايا أهل الريب وضمائر أهل الارتداد ما رمز فيه، فعقله المؤمن والمنافق، فأعن معن [6]، وثبت على الحق ثابت، وازدادت جهالة المنافق، وحمية المارق، ووقع العض على النواجذ، والغمز على السواعد، ونطق ناطق ونعق ناعق ونشق [7] ناشق، واستمر على مارقته مارق. ووقع الإذعان من طائفة باللسان دون حقائق الإيمان، ومن طائفة باللسان وصدق الإيمان، وأكمل الله دينه، وأقر عين نبيه، والمؤمنين والمتابعين.
وكان ما قد شهده بعضكم وبلغ بعضكم، وتمت كلمة الله الحسنى على الصابرين، ودمر الله ما صنع فرعون وهامان وقارون وجنوده وما كانوا يعرشون.
وتفتت (بقيت) حثالة من الضلال لا يألون الناس خبالا، فيقصدهم الله في ديارهم، ويمحو آثارهم، ويبيد معالمهم، ويعقبهم عن قرب الحسرات، ويلحفهم عن بسط أكفهم، ومد أعناقهم، ومكنهم من دين الله حتى بدّلوه، ومن حكمه حتى غيروه، وسيأتي نصر الله على عدوه لحينه، والله لطيف خبير.
وفي دون ما سمعتم كفاية وبلاغ، فتأملوا رحمكم الله ما ندبكم الله إليه وحثكم عليه، واقصدوا شرعه، واسلكوا نهجه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله.
هذا يوم عظيم الشأن، فيه وقع الفرج، ورفعت الدرج، وضحت الحجج، وهو يوم الإيضاح والإفصاح عن المقام الصراح، ويوم كمال الدين، ويوم العهد المعهود، ويوم الشاهد والمشهود، ويوم تبيان العقود عن النفاق والجحود، ويوم البيان عن حقائق الإيمان، ويوم دحر الشيطان، ويوم البرهان.
هذا يوم الفصل الذي كنتم به توعدون، هذا يوم الملإ الأعلى الذي أنتم عنه معرضون، هذا يوم الإرشاد ويوم محنة على العباد، ويوم الدليل على الرواد، هذا يوم إبداء خفايا الصدور، ومضمرات الأمور، هذا يوم النصوص على أهل الخصوص.
هذا يوم شيث، هذا يوم إدريس، هذا يوم يوشع، هذا يوم شمعون. هذا يوم الأمن المأمون، هذا يوم إظهار المصون من المكنون، هذا يوم إبلاء السرائر.
فلم يزل (عليه السلام) يقول هذا يوم هذا يوم، فراقبوا الله واتقوه، واسمعوا له وأطيعوه، واحذروا المكر ولا تخادعوه، فتّشوا ضمائركم ولا تواربوه، وتقربوا إلى الله بتوحيده وطاعة من أمركم أن تطيعوه، ولا تمسكوا بعصم الكوافر، ولا يجنح بكم الغي فتظلوا عن سبيل الرشاد باتباع أولئك الذين ضلوا وأضلوا، قال الله تعالى عز من قائل، في طائفة ذكرهم بالذم في كتابه: ((إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ، رَبَّنَا إتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً)) [8].
وقال الله تعالى: ((وإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّار فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً)) [9].
وقال سبحانه: ((فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذاب اللَّهِ مِنْ شَيءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُم)) [10].
أفتدرون استكبار ما هو ترك الطاعة لمن أمر الله بطاعته والترفع عمن ندبوا إلى متابعته؟ والقرآن ينطق من هذا عن كثير إن تدبره متدبر زجره ووعظه، واعلموا أيها المؤمنون إن الله عز وجل قال: ((إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ)) [11].
أتدرون ما سبيل الله؟ ومن سبيله؟ ومن صراط الله؟ ومن طريقه؟
أنا صراط الله الذي من لم (لا) يسلكه بطاعة الله فيه هوى به إلى النار، أنا سبيله الذي نصبني للاتباع بعد نبيه (صلى الله عليه وآله)، أنا قسيم النار، أنا حجة الله على الفجار، أنا نور الأنوار.
فانتبهوا من رقدة الغفلة، وبادروا بالعمل قبل حلول الأجل، وسابقوا إلى مغفرة من ربكم قبل أن يضرب بالسور بباطن الرحمة وظاهر العذاب، فتنادون فلا يسمع نداؤكم، وتضجون فلا يحفل بضجيجكم، وقبل أن تستغيثوا فلا تغاثوا.
سارعوا إلى الطاعات قبل فوات الأوقات، فكان قد جاء هادم اللذات، فلا مناص نجاة ولا محيص تخليص.
عودوا رحمكم الله بعد انقضاء مجمعكم بالتوسعة على عيالكم، والبر بإخوانكم، والشكر لله عز وجل على ما منحكم، وأجمعوا يجمع الله شملكم، وتباروا يصل الله ألفتكم، وتهانوا نعمة الله كما هنأكم، بالصواب فيه على أضعاف الأعياد قبله وبعده إلا في مثله، والبر فيه يثمر المال، ويزيد في العمر، والتعاطف فيه يقتضي رحمة الله وعطفه، وهبوا لإخوانكم وعيالكم عن فضله بالجهد من جودكم، وبما تناله القدرة من استطاعتكم، وأظهروا البشرى فيما بينكم، والسرور في ملاقاتكم، والحمد لله (واحمدوا الله) على ما منحكم، وعودوا بالمزيد على أهل التأميل لكم، وساووا بكم ضعفاءكم ومن ملككم، وما تناله القدرة من استطاعتكم، وعلى حسب إمكانكم، فالدرهم فيه بمائتي ألف درهم، والمزيد من الله عز وجل.
وصوم هذا اليوم مما ندب الله إليه، وجعل العظيم كفالة عنه، حتى لو تعبد له عبد من العبيد في التشبيه من ابتداء الدنيا إلى تقضيها صائما نهارها قائما ليلها، إذ أخلص المخلص في صومه، لقصرت أيام الدنيا من (عن) كفاية (كفايته)، ومن أضعف فيه أخاه مبتدئا وبره راغبا، فله كأجر من صام هذا اليوم وقام ليله، ومن فطر مؤمنا في ليلته، فكأنما فطر فئاما وفئاما، ـ يعدها بيده عشرة ـ.
فنهض ناهض فقال: يا أمير المؤمنين، وما الفئام؟
قال: مأتي ألف نبي وصديق وشهيد، فكيف بمن يكفل عددا من المؤمنين والمؤمنات، فأنا ضمينه على الله تعالى الأمان من الكفر والفقر، وإن مات في ليلته أو يومه أو بعده إلى مثله من غير ارتكاب كبيرة فأجره على الله، ومن استدان لإخوانه وأعانهم فأنا الضامن على الله إن أبقاه، وإن قبضه حمله عنه.
وإذا تلاقيتم فتصافحوا بألسنتكم وتهانوا بالنعمة في هذا اليوم، وليبلغ الحاضر الغائب، والشاهد البائن، وليعد الغني على الفقير، والقوي على الضعيف.
أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك.
ثم أخذ (صلوات الله عليه) في خطبته الجمعة، وجعل صلاته جمعة صلاة عيد. وانصرف بولده وشيعته إلى منزل أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) بما أعد له من طعامه، وانصرف غنيهم وفقيرهم برفده إلى عياله» [12].
نعم، فأمير المؤمنين (عليه السلام) الذي تشرفت الدنيا به يوم ولد في جوف الكعبة [13]، ويوم عاش في هذه الحياة، ومن خلال حياته الزاخرة بالجهاد والتضحية في سبيل الله، سطّر للعالم النموذج الفريد بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المكارم، والقدوة الحسنة في جميع الأعمال الحميدة، قد بكته السماء والأرض يوم وفاته (عليه السلام)، فمات شهيداً في سبيل الله تعالى، وختم حياته بأحسن ما يختم به الإنسان حياته.
فقد روي عن أبي حمزة الثمالي عن حبيب بن عمرو قال: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) في مرضه الذي قبض فيه فحل عن جراحته، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما جرحك هذا بشيء، وما بك من بأس! فقال لي: « يا حبيب، أنا والله مفارقكم الساعة».
قال: فبكيت عند ذلك، وبكت أم كلثوم وكانت قاعدة عنده، فقال لها: «ما يبكيك يا بنية؟ ».
فقالت: «ذكرت يا أبة أنك تفارقنا الساعة فبكيت».
فقال لها: «يا بنية لا تبكين، فو الله لو ترين ما يرى أبوك ما بكيت». قال حبيب: فقلت له: و ما الذي ترى يا أمير المؤمنين؟
فقال: «يا حبيب، أرى ملائكة السماء والنبيين (والأرضين) بعضهم في أثر بعض وقوفا إلى أن يتلقوني، وهذا أخي محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس عندي، يقول: أقدم، فإن أمامك خير لك مما أنت فيه».
قال: فما خرجت من عنده حتى توفي (عليه السلام).
فلما كان من الغد وأصبح الحسن (عليه السلام) قام خطيبا على المنبر، فحمد الله و أثنى عليه ثم قال: «أيها الناس، في هذه الليلة نزل القرآن، وفي هذه الليلة رفع عيسى ابن مريم (عليه السلام)، وفي هذه الليلة قتل يوشع بن نون، وفي هذه الليلة مات أبي أمير المؤمنين (عليه السلام)، والله لا يسبق أبي أحد كان قبله من الأوصياء إلى الجنة، ولا من يكون بعده، وإن كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليبعثه في السرية فيقاتل جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وما ترك صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه كان يجمعها ليشتري بها خادما لأهله» [14].
====
المصادر والأدلة:
[1] في بحار الأنوار وردت «مما»، أنظر: ج94 ص112 ب60 ح8.
[2] في بحار الأنوار ورد «وصمدانيته وربانيته وفردانيته»، أنظر: ج94 ص112 ب60 ح8.
[3] في بحار الأنوار وردت «كمن في إبطال اللفظ حقيقة»، أنظر: ج94 ص113 ب60 ح8.
[4] في بحار الأنوار وردت «المطوي»، أنظر: ج94 ص113 ب60 ح8.
[5] في بحار الأنوار وردت «وبين بها عندهم بها»، أنظر: ج94 ص114 ب60 ح8.
[6] أمعن الرجل: هرب وتباعد، أنظر لسان العرب: ج13 ص409 مادة «معن».
[7] نشق: النشق صب سعوط في الأنف، أنظر لسان العرب: ج10 ص353 مادة «نشق».
[8] سورة الاحزاب: 67ـ 68.
[9] سورة غافر: 47.
[10] سورة إبراهيم: 21.
[11] سورة الصف: 4.
[12] إقبال الأعمال: ص461 فصل فيما نذكره من فضل عيد الغدير عند اهل العقول من طريق المنقول.
[13] فقد روي عن يزيد بن قعنب أنه قال: كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب وفريق من عبد العزى بإزاء بيت الله الحرام، إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (عليه السلام) وكانت حاملة به لتسعة أشهر وقد أخذها الطلق، فقالت: «رب إني مؤمنة بك، وبما جاء من عندك من رسل وكتب، وإني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل وأنه بنى البيت العتيق، فبحق الذي بنى هذا البيت، وبحق المولود الذي في بطني، لما يسرت علي ولادتي».
قال يزيد بن قعنب: فرأينا البيت وقد انفتح عن ظهره، ودخلت فاطمة فيه، وغابت عن أبصارنا والتزق الحائط، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح، فعلمنا أن ذلك أمر من أمر الله عزوجل، ثم خرجت بعد الرابع، وبيدها أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم قالت: «إني فضلت على من تقدمني من النساء؛ لأن آسية بنت مزاحم عبدت الله عز وجل سرا في موضع لا يحب أن يعبد الله فيه إلا اضطرارا، وأن مريم بنت عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتى أكلت منها رطبا جنيا، وأني دخلت بيت الله الحرام فأكلت من ثمار الجنة وأوراقها، فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف: يا فاطمة، سميه عليا فهو علي، والله العلي الأعلى يقول: إني شققت اسمه من اسمي وأدبته بأدبي ووقفته على غامض علمي، وهو الذي يكسر الأصنام في بيتي، وهو الذي يؤذن فوق ظهر بيتي ويقدسني ويمجدني، فطوبى لمن أحبه وأطاعه، وويل لمن أبغضه وعصاه» أنظر أمالي الشيخ الصدوق: ص132 المجلس 27 ح9.
[14] أمالي الشيخ الصدوق: ص318 المجلس 52 ح4.
ومع السلامة.