المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأســــد يحــــارب طواحيــــن الهـــــواء


عابر سبيل سني
28-12-2013, 06:14 PM
بانوراما الشرق الاوسط
الاربعاء , 25 كانون اول / ديسمبر 2013

http://panorama.almadina.netdna-cdn.com/wp-content/uploads/2013/12/mepanorama251521.jpg

أحمد الشرقاوي

كيـف ستواجـه المقاومــة الخديعــة..؟

كلام سماحة السيد عن “الخديعة” في إطلالته الأخيرة وترداد الكلمة أكثر من مرة عند حديثه عن حكومة “أمر واقع” التي يتوقع أن يؤسسها رئيس الجمهورية بمعية الرئيس المكلف بعد فشل مؤتمر “جنيف 2″ الشهر المقبل، إيذانا ببدأ مرحلة إدارة التفجير المرتقب، لا تتعلق بالوضع السياسي والأمني اللبناني فحسب، بل بمجمل الأوضاع في المنطقة نظرا لإرتباط الملفات وتشابكها.

وحيث أن سماحة السيد لا ينطق عن الهوى، بل عن نور يقذفه الله في روع المجتبين من عباده فيرون الأشياء على حقيقتها لا كما تبدو ويقدمها الإعلام، فالأمر يتطلب منا بالضرورة إعادة قراءة المشهد الإقليمي ككل من منطلقات مغايرة، خصوصا الوضع في سورية الذي ينعكس سلبا أو إيجابا على الوضع اللبناني بالضرورة، واستطرادا الملف الإيراني باعتباره “الحقنة” المخدرة التي تْقيّد اليوم حركة محور المقاومة، وتمنعه من المبادرة للخروج من عنق الجزاجة التي وضع فيها بسبب الخديعة الأمريكية والمكر الصهيوني والخبث السعودي.

خديعـــة جنيـــف الســـوري

قبول سورية حضور مؤتمر “جنيف 2″، يعني ضمنيا الموافقة على مبادىء مؤتمر “جنيف 1″ وأهمها “تشكيل حكومة جامعة بصلاحيات كاملة” يعقبها وقف لإطلاق النار من قبل الحكومة وقوى ما يسمى بـ”المعارضة” للبدأ في مرحلة إعداد دستور جديد للبلاد وقانون انتخاب تجرى على أساسه انتخابات نزيهة وشفافة بإشراف دولي يختار من خلالها الشعب السوري “ديمقراطيا” ممثليه وحكامه.. وهنا يختبأ الذئب.

صحيح أن مثل هذا السيناريو برغم علاّته، لا يمكن أن يُطبّق على أرض الواقع من دون توفير بيئة من الأمن والأمان والإستقرار لعودة اللاجئين إلى ديارهم وإجراء عملية إحصاء للسكان ووضع خرائط جديدة قبل الحديث عن إستفتاء وإنتخابات وما إلى ذلك.. وهو ما جعل الإدارة الروسية تصر على أن يتم التوافق في مرحلة أولى من إجتماع “جنيف 2″ على بند “الحرب على الإرهاب” قبل الحديث عن أي مقتضيات لحل سياسي.

لكن يبدو أن روسيا تفكر بطوباوية حتى لا نقول بسداجة، لأن أمريكا وإن كانت لا تعارض المقترح الروسي، إلا أنها ترى أن التوافق السياسي على أساس مقتضيات “جنيف 1″ سيفتح حتما على مرحلة إنتقالية من سنتين تكون فيها ما يسمى بـ”الحرب على الإرهاب” في صلب مهام الحكومة الجامعة بصلاحيات كاملة.. وهنا تكمن عقدة المنشار أو “الخديعـــة”.

ذلك أن أمريكا وإن كانت لا تعارض شعار “محاربة الإرهاب”، إلا أنها لا تبدو مستعدة للموافقة على المقترح الروسي لسبب بسيط، وهو أنها تعتبر أن ما يجري في سورية هو “إرهاب ضد إرهاب”، أي “إرهاب” حزب الله ومليشيات العراق وإيران “الشيعية” و إرهاب القاعدة وجبهة النصرة وأخواتهما “الوهابية”، بالإضافة للحركات الإسلامية “السنية” المتطرفة التي تعتبرها “معتدلة” كـ”الجبهة الإسلامية” ومكوناتها، وتريدها أن تشارك كطرف في صياغة الحل النهائي للمشكلة السورية، لأنها تمثل اليوم، بفضل دهاء إسرائيل و خبث السعودية، قوة لا يستهان بها على الأرض قادرة في حال تعاونها مع الجيش السوري على إجتثات إرهاب “القاعدة” و “جبهة النصرة” من الجغرافية السورية من دون حاجة لتدخل المجتمع الدولي أو قوات حفظ السلام، شريطة أن تنسحب الفصائل “الإرهابية” الشيعية” من الميادين، وفق التصور الأمريكي – الصهيو – وهابي.

من هنا يفهم تصريح البيت الأسود الأخير الذي طالب من خلاله الدول الداعمة للإرهاب بوقف تمويل وتسليح ودعم المقاتلين على الأرض، في إشارة ضمنية واضحة للسعودية وإيران معا.. لأنه في التقييم الأمريكي، يعتبر الإرهاب “الشيعي” أخطر من الإرهاب “السني”، لإعتبارات لا علاقة لها بالإديولوجيا بقدر ما تتحكم فيها المصالح السياسية ولعبة الأمم في المنطقة.

هذا يعني، أنه في حال قررت إيران سحب المقاتلين “الشيعة” من سورية فلن يكون هناك إرهاب “وهابي” لأن السعودية ستتكفل بشقها المقابل من الإلتزام بوقف الدعم عن أفاعيها الملتحية وعقاربها السوداء فينتهي الإشكال. وهذا ما وعد به ‘بندر بن سلطان’ الطرف الروسي الذي تحفّظ على مقترح تعويم “الجبهة الإسلامية” لحضور مؤتمر “جنيف 2″، برغم الضمانات التي قدمها عراب الإرهاب الدولي لجهة تأمين المصالح الروسية في سورية، لأن ذلك يعني بالنسبة للروسي إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل إندلاع الأحداث في سورية، وإعلان السعودية منتصرة في حرب لم تخسر فيها سوى بضع مليارات من الدولارات، وبالتالي، وضع مصالح موسكو في المنطقة تحت رحمة القرار السعودي والصهيوني بالوكالة عن أمريكا.

حقيقــة الحــرب وطبيعــة العـــدو

الحرب وفق هذا المشهد المعقد، هي بين الروسي والأمريكي في المستوى الجيوستراتيجي، لكن الإدارة السياسية والعملانية للحرب على الأرض هي بين إيران من جهة والسعودية وإسرائيل من جهة ثانية، وفي هذا المستوى الثاني، تصر السعودية كما إسرائيل على إنتزاع سورية من الحضن الإيراني لضمّها إلى الحضن “العبري” الذي تتزعمه السعودية في أفق عزل إيران عن محيطها الجغرافي في المنطقة، وفي نفس الوقت عزل “حزب الله” عن حلفائه الطبيعيين لإضعافه وإسقاطه بهدف ضم لبنان إلى خريطة النفوذ السعودي الإسرائيلي “العربي” وفق توصيف الرياض. والمستفيد الأكبر من هكذا سيناريو هي إسرائيل والولايات المتحدة بالضرورة، أما السعودية فتكفيها نخوة الزعامة الوهمية.

هذه الصورة هي التي عبر عنها سماحة السيد بالقول، أن الأمر لا يتعلق بتدخل حزب الله في سورية، بل بموضوع أكبر من لبنان وسورية والعراق وغيره، لأنه مشروع يستهدف وجود المقاومة ومصير الأمة جمعاء، وهذا سياق استراتيجي كبير لا علاقة له بلبنان فقط، إنما بمقدسات الأمة التي توجد اليوم في خطر عظيم.

وبالتالي، فما يمكن فهمه من هذا المشهد بكل مفاصله وتفاصيله، هو أن العدو الأكبر لمحور المقاومة وشرفاء الأمة كان ولا يزال هو أمريكا بالدرجة الأولى، يليه بعد ذلك في المرتبة الثانية السعودية ثم إسرائيل المتوارية عن الأنظار خلف المشهد، والتي شكلت مع السعودية برعاية أمريكية حلفا استراتيجيا أمنيا قويا لإدارة اللعبة في المنطقة، كلّ بأدواته وإمكانياته وحسب الدور المنوط به.

وبهذا المعنى، فإصرار الرئيس الأسد وحلفائه على مقاتلة الإرهابيين هو رهان خاسر لأنه بمثابة حرب “دون كيشوت” على طواحين الهواء، في حين يقبع العدو وراء المشهد يمول ويجيش ويحرض ويدعم ويدرب ويسلح ويبعث في كل مرة المزيد ثم المزيد من التكفيريين، كحطب لنار أريد لها أن لا تخمد حتى تحرق اليابس والأخضر فلا يبقى حجر على حجر أو مواطن يرفع الصوت دعما للرئيس ‘بشار الأسد’.. هذه هي قواعد اللعبة التي تدركها إيران وسورية وحزب الله.. لكنها محور المقاومة يجد نفسه اليوم مقيدا وعاجزا عن التحرك في إنتظار معرفة مآل الإتفاق النهائي بالنسبة لجنيف الإيراني بعد 6 أشهر، حتى لا يُحمّل مسؤولية أي فشل محتمل في مرحلة إختبار النوايا التي تحوّلت إلى مصيدة حقيقية.

حسابــات روسيــا و إيــران الطيّبــة

وإذا كانت هذه هي الصورة، وهذه هي خلفياتها وأهدافها لفهم حقيقة ما يجري ويدور اليوم سواء في سورية أو لبنان أو العراق والمنطقة عموما، فالسؤال الذي يفرض نفسه اليوم على حلف المقاومة، هو هل من إستراتيجية بديلة للحرب العبثية على الإرهاب؟.

الجواب معروف لدى محور المقاومة، والعدو كذلك معروف، والبديل جاهز دون شك، لكن ساعة تنفيذه لم تحن بعد لإعتبارات لها علاقة بتشابك الملفات في المنطقة ورهان إيران زعيمة أركسترا المقاومة، على حاجة الأمريكي إليها من جهة، واللعب من تحت الحزام بالدبلوماسية لتحييد مشيخات الخليج وتركيا ومصر عن المحور السعودي من جهة أخرى. وهو ما نجحت فيه نسبيا حتى الآن في إنتظار نتائج الإتصالات السرية الجارية مع مصر من خلال ‘حسنين هيكل’ و ‘حزب الله’، وإن كانت أمريكيا قد تفطّنت مؤخرا لحسابات البازار السياسي الإيراني، فقلبت الطاولة على أردوغان في تركية من خلال تفجير فضيحة الفساد الكبرى التي ستعصف برئاسته وحكومته انتقاما منه على تسهيله لخرق الحصار الإقتصادي على إيران مقابل عمولات بمليارات الدولارات طوال السنوات العشر الماضية، كما سارعت في نفس الوقت بضغط من إسرائيل لتعديل سياستها تجاه عسكر مصر حتى لا ينزلقوا تجاه الروسي والإيراني، وهذه هي قواعد لعبة “الشطرنج” بامتياز.

خطأ في الحساب قلب المعادلات

بمعنى، أن روسيا التي حرصت على أن لا يتم ربط الملف الكيماوي السوري بأي ملف آخر باستثناء عقد مؤتمر “جنيف 2″ والتوافق على مرحلة إنتقالية بوجود الأسد، وإيران التي أصرت على أن لا يتم التفاوض بشأن ملفات المنطقة إلا بعد الإنتهاء من الملف النووي وعقد إتفاق نهائي بشأنه، ربما، وأقول ربما، قد أخطؤوا التقدير. ولعل السبب الرئيس يكمن في محاولتهم تجنب الملف الفلسطيني حتى لا تفرض أمريكا رؤيتها للحل في فلسطين المحتلة كشرط لتقديم تنازلات مهمة في ملفات أخرى، كالنووي وسورية من دون رحيل الأسد والقبول بإيران كقوة إقليمية.. هذا مفهوم، ومن هنا كذلك، يفهم إصرار أمريكا على بدأ مفاوضات السلام الفلسطينية الإيرانية بالتزامن مع الصراع الدائر في المنطقة.. وهذه أيضا “خديعـــة” معلومة.

ولعل السجال الأخير الذي دار بين روسيا وسورية حول إصرار الأسد على ترشيح نفسه للإنتخابات السورية المقبلة ورفض روسيا مثل هذا الإعلان التصعيدي في هذه المرحلة، يفسر عزم سورية قلب الطاولة حتى على روسيا في حال لم تقف بصرامة في وجه الرغبة الأمريكية بإستبعاد الأسد من السلطة بعد المرحلة الإنتقالية التي قد تكون لعامين تنتهي بإنتخابات سنة 2016. وهو ما أحرج روسيا التي ترغب في عدم التصعيد مع الأمريكي والرهان على عقد مؤتمر “جنيف 2″ من دون أن تحمل سورية مسؤولية فشله لما يمكن أن يترتب عن ذلك من تداعيات على الإتفاق الروسي الأمريكي الذي لا يعلم إلا الله خباياه.

أهـداف أمريكـا الإستراتيجيـة والخاصـة

ما كانت تسعى إليه أمريكا من الإتفاق الروسي والإيراني هدفان: الأول له علاقة بالأمن القومي الإسرائيلي المرتبط بالأمن القومي الأمريكي بشكل عضوي، وقد نجحت أيما نجاح في تحقيقه، بحيث ضمنت أمن إسرائيل بنزع الكيماوي السوري ووضع النووي الإيراني تحت الرقابة الدولية، وهذا إنجاز تاريخي كبير جدا لم تكن تحلم به إسرائيل، خصوصا وأنه جاء من دون مقابل يذكر، حيث حافظ الكيان الصهيوني على ترسانة أسلحته الكيميائية والنووية التي تمثل تهديدا جديا لكل دول المنطقة.

أما الثاني، فيتمثل في نجاح أمريكا في تلافي الحرب ضد سورية وضد إيران وحزب الله لخطورتها على مصالحها وأمن إسرائيل واستقرار أدواتها في المنطقة، وفي نفس الوقت، ضمان تدفق النفط من مضيق ‘هرمز’ بسلاسة وأمان من دون أن تدفع مقابل يذكر لذلك، اللهم إلا تصريحات معسولة تعد دون أن تعطي، وحتى إن هي أعطت فعطائها لا يكفي ولا يسمن ولا يغني.

هذا على المستوى الرسمي، لكن على المستوى الشخصي هناك أهداف فرعية تصر الإدارة الأمريكية على تحقيقها. فـ’أوباما’ مثلا، يطمح أن يدخل التاريخ من خلال توقيع إتفاق نهائي مع إيران وزيارة طهران على شاكلة ما فعل الرئيس ‘ريغان’ مع الصين، لكن من دون أثمان سوى رفع عقوبات أحادية الجانب من خارج إطار شرعة الأمم المتحدة. ولو كان لـ’أوباما’ أدنى أمل في إمكانية تحقيق سلام بين الفلسطينيين والصهاينة، لما تردد في وضع كل ثقله في المفاوضات، لعلمه أن دخول التاريخ من البوابة الفلسطينية كما حدث مع ‘كارتر’ زمن ‘كامب ديفيد’ هو أجدى وأعظم من أن يذكره التاريخ مجرد لاعب من الدرجة الثانية في السياسة الدولية من البوابة الإيرانية.

وبالمناسبة، هناك وهم آخر يتشبث به الوزير ‘كيري’ الذي يطمح لخوض الرئاسيات الأمريكية المقبلة من بوابة الإتفاق الفلسطيني الإسرائيلي ولو من خلال إتفاق مرحلي مؤقت لعشر سنوات ينهار بعد ذلك، لا يهم، المهم هو أن ينجح في الإنتخابات الأمريكية من البوابة الفلسطينية، وهو ما تقف له بالمرصاد مستشارة الأمن القومي ‘سوزان رايس’ التي لها رؤية مختلفة للحل تعتمد الأمن كمقاربة على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. الأمر الذي يستغله الجمهوريون الجدد واللوبي الصهيوني والسعودية للعمل على تجيير وجه ‘هيلاري كلينتون’ الصهيونية حتى العظم، لتكون الرئيسة المقبلة لأمريكا، لأن من شأن وصولها إلى البيت الأبيض أن ينهي الإتفاق النووي الإيراني والنظام السوري وحزب الله، لتبقى المنطقة حرة خالصة لأمريكا تدير شؤونها “السعودية و إسرائيل” بالوكالة، فيسقط وهم التمدد الروسي والصيني في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.

هذه حسابات سياسية استراتيجية وإنتهازية شخصية تجثم بثقلها اليوم لإفشال أي حل في سورية أو إيران أو لبنان أو العراق أو اليمن أو البحرين، لأن السعودية وإسرائيل قادرتان على إدارة حرب مفتوحة في سورية والمنطقة ضد إيران إلى غاية 2016 تاريخ الإستحقاقات التشريعية والرئاسية الأمريكية.

‘الأسد’ أمــام خيــاران أحلاهمــا مـــرّ

هذا هو السيناريو “الخدعة” الذي تروج له الإدارة الأمريكية وحلفائها، وعلى أساسه تجري الإستعدادات لتوجيه الدعوة من قبل الأمم المتحدة لـ 30 دولة تم إختيارها لحضور المؤتمر بإستثناء إيران، التي رفضت السعودية وإسرائيل حضورها، فاشترطت أمريكا إعترافها بما ورد في مؤتمر “جنيف 1″ وسحب مقاتليها (حزب الله وبقية الفصائل العراقية والإيرانية) من ميادين القتال للسماح لها بحضور المؤتمر، في حين تم القبول بحضور السعودية دون شروط مسبّقة.. فما معنى هذا؟..

هذا معناه أن الرئيس الأسد أمام خياران لا ثاث لهما، إما أن يقبل بحضور “المؤتمر” وفق الشروط والسيناريو المعد سلفا من قبل الأمريكي حتى لا يقال أن “الأسد” هو من لا يريد حلا سياسيا في سورية فيفقد مصداقيته ويعطي للقوى المناوئة له الذريعة للتهجم عليه والتصعيد السياسي في المحافل الدولية ضده، أو أن يرفض الحضور بدعوى أنه لن يذهب إلى جنيف لتسليم السلطة إلى المعارضة، وهذا تنصل من تعهداته السابقة التي قبل من خلالها مقتضيات “جنيف 1″، وهذا قرار سيىء بكل المقاييس.

وبالتالي، فتأخر الرئيس الأسد في تغيير موازين القوى على الأرض قبل “جنيف 2″ لا يصب في مصلحته، ما دامت السعودية نجحت بفضل تكتل “الجبهة الإسلامية” في إلغاء “الجيش الحر” وعزل “القاعدة” و “جبهة النصرة” من المعادلة، وأصبحت هذه الجبهة هي القوة “الموحدة” الأكثر فاعلية اليوم في الميدان، فسارعت أمريكا للإعتراف بها كقوة إسلامية “معتدلة” تمثل المعارضة السورية.

بل الأسوء، أن هناك تركيز كبير في الإعلام السعودي بدأ الغرب بدوره يُسوّق له، ومفاده، أن النظام السوري تحايل على ثورة شعبه بإدخال الإرهابيين إلى سورية لخداع العالم وتصوير الأمر كما لو أن ما يجري في سورية اليوم ليس “ثورة” شعب من أجل الحرية والإنعتاق من الإستبداد، بل حرب يقودها النظام وحلفائه ضد إرهاب “القاعدة”. وتستند هذه الحملة الدعائية الجديدة إلى سابقة محاربة القاعدة لأمريكا أثناء تواجدها في العراق بدعم من الرئيس “بشار الأسد”. فأين يذهب من هنا..؟

قواعـــد اللعبـــة تغيّـــرت

والخطورة في تغيير قواعد اللعبة تكمن في أن المخابرات الأمريكية هي من طالبت من اللواء ‘سالم إدريس’ تسليم مخازن سلاح الجيش الحر لـ”الجبهة الإسلامية” كما سبق وأوضحنا في مقالة سابقة، ما يعني أن الطبخة هي أمريكية سعودية بالمحصلة، وأن جبهة النصرة باستلامها لمعبر ‘باب الهوى’ التركي، أصبحت تتلقى الدعم من السعودية والمخابرات الأمريكية لفرض واقع جديد على الأرض يعيق تقدم الأسد وتسجيل إنتصارات تحرم خصومه من الجلوس على طاولة المفاوضات في “جنيف 2″، ولا يهم إن كان 70% من مقاتلي “الجبهة الإسلامية” هم من غير السوريين، هذا كلام يصعب إثباته والتسليم به من قبل المجتمع الدولي، لأن المحاورين في جنيف سيكونون من المعارضة السورية مع بعض قيادات الميدان (سوريين أيضا) ليكتمل الديكور.

وبهذا المشهد الجديد، نحن اليوم أما نجاح الحلف الأمريكي والسعودي الصهيوني في فرض واقع مختلف عما كان عليه الأمر قبل أسابيع قليلة، ما جعل الأمور تتجه في غير مصلحة محور المقاومة.

وفي الوقت الذي كنا ننتظر فيه أن تعلن إيران وقف المفاوضات مع السداسية في ملفها النووي بسبب خرق أمريكا لروح الإتفاق من خلال فرض عقوبات جديدة على شركات وأفراد تعاونوا مع إيران في برنامجها النووي، فاجأتنا طهران بقرار استمرار المفاوضات بدعوى أن الرئيس الأمريكي تعرض لضغوط قوية من قبل الكونجرس واللوبيات الصهيونية اليهودية والمسيحية جعلته يتخذ مثل هكذا قرار لا يمس مباشرة الدولة الإيرانية، وهذه “خديعـــة” أيضا، حيث سقطت إيران في الفخ بحسن نية.

لأن أمريكا هي من تحتاج إيران لا العكس، ولأن رفض إيران الذهاب إلى المفاوضات كان من شأنه أن يجبر ‘أوباما’ على التراجع خوفا من أن لا يدخل التاريخ مثل ‘ريغان’. هذا الموقف الإيراني رأت فيه الإدارة الأمريكية ضعفا، وفهمت منه أن إيران قبلت بالمفاوضات لأن الحصار الإقتصادي وصل حدا لا يطاق فأجبرها على تلقف المبادرة الأمريكية، وبالتالي، من حق أمريكا ممارسة المزيد من الضغوط غير المباشرة عليها، كرفض حضورها مؤتمر “جنيف 2″ إذا لم تعترف بـ “جنيف 1″ وتسحب قواتها وقوات حلفائها من سورية.

وهذا ما دفع روسيا، ليس لرفض عقد مؤتمر “جنيف 2″ من دون حضور إيران التي لا يمكن تصور حل في سورية من دونها، أو الإعتراض مثلا على حضور السعودية، بل للقول أن “شركائنا الأمريكيين سيضطرون للجوء إلينا عندما يصطدمون بمشكلة الإرهاب في سورية”.

مثل هذا القول من “لافروف” يتجاهل تماما أن الإرهاب الذي يتحدث عنه هو لعبة أمريكية سعودية صهيونية بامتياز، ففي ماذا ستحتاج أمريكا روسيا أو إيران في سورية، وهي تعلم أن مجرد قطع الإمداد عن العناصر الخارجة عن السيطرة من شأنه أن ينهي المشكل من أساسه؟.

فــي إنتظـــار العاصفـــة

ما من شك، أن الرهان اليوم، سواء من قبل روسيا أو إيران أو سورية هو على فشل مؤتمر “جنيف 2″ حتى لا تتحمل سورية وزر هذا الفشل الذي قد يستغل ضدها، والتركيز هو على تشتت قوى المعارضة وعدم توافقها على أجندة موحدة.

وحيث أن محور المقاومة يعلم علم اليقين أن قرار تنحية الأسد هو قرار نهائي حاسم وقاطع لا رجعة فيه حتى لو أدى الأمر للقبول به في المرحلة الإنتقالية فقط، فلماذا لا يرفض الرئيس “الأسد” الذهاب إلى المؤتمر من دون حضور إيران كشرط غير قابل للنقاش، بإعتبارها معنية بالسلام في سورية والمنطقة بدل السعودية المتورطة حتى النخاع في سفك الدم السوري وخراب البلد؟.

مهما تكن حسابات الرئيس “بشار الأسد” ورهانات محور المقاومة، فإن فشل مؤتمر “جنيف 2″ في حال عُقد، سيعني حتما بداية “الفتنة الكبرى” في لبنان والمنطقة بما يفوق حجم الإنفجار، وإن لم يُعقد، فستستمر حرب الإستنزاف السعودية التي تراهن على النصر بأي ثمن، حتى لو تطلب الأمر إستنزاف آخر قطرة نفط وإنفاق آخر ورقة دولار في الرصيد السعودي، ما دام الذي يجري في المقابل هو الدم السوري واللبناني والعراقي واليمني وليس الدم السعودي النجس أو الصهيوني القذر.

فماذا سيفعل الرئيس “بشار الأسد” أمام هذه الخديعة..؟ وماذا سيفعل محور المقاومة في مواجهة السعودية..؟ وهل سنرى قريبا نهاية لعهد الأمن والأمان والإستحمام والإستجمام في مملكة الرمل والدم والزيت الوهابية كما لمح سماحة السيد من دون أن يفص عن القصد من إشاراته..؟

لا أحد يعلم، لكن العراق تحرك اليوم وأغلق حدوده مع الأردن وبدأ حربا شعواء لا هوادة فيها ضد القاعدة في منطقة الأنبار وصولا إلى الحدود السورية.. غير ان ما يثير الإستغراب حقا، هو لماذا لم توقع سورية حتى الآن إتفاقا لمحاربة الإرهاب مع الحليف العراقي الذي هو مكون من مكونات حلف المقاومة، لأن من شأن مثل هذا الإتفاق أن يسمح للقوات العراقية بملاحقة الإرهابيين داخل التراب السوري في الشمال، فتخفف عن الجيش العربي السوري عناء ما هو فيه من كر وفر مع أشباح المرتزقة الذين حولوا المعارك معهم إلى حرب بلا نهاية ضد طواحين الهواء.

ابو سجأد
29-12-2013, 01:28 AM
احسنت باركك الله

عابر سبيل سني
01-01-2014, 07:37 PM
شكرا على المرور اح ابا سجاد




2014 عـــام الحســـم و الإنتصـــارات

بانوراما الشرق الاوسط
الثلاثاء , 31 كانون اول / ديسمبر 2013

http://panorama.almadina.netdna-cdn.com/wp-content/uploads/2013/12/mepanorama311632.jpg

أحمد الشرقاوي

انتهــت سنــة 2013 وبقــى ‘الأســد’

قبل أسبوع كتبت مقالة بعنوان “الأسد يحارب طواحين الهواء”، انتقدت فيها بشكل غير مسبوق إيران وسورية والعراق ومحور المقاومة عموما، وتسائلت عن جدوى محور يقول أنه ينسق فيما بينه في حين لا نلمس مثل هذا التنسيق يترجم عمليا على الأرض، لأن ما نستنتجه من مجمل تطورات الأحداث في الميادين يوحي بأن كل حلقة من هذا المحور تدير الحرب المفروضة عليها وفق مخطط للدفاع عن النفس ينحصر في مساحة جغرافيتها فلا يتعداها لدول الجوار المتآمرة عليها.

إيـــران تتحـــدّى أمريكـــا

بالنسبة لإيران، قلت أن الإتفاق النووي المبدئي بالطريقة التي تم بها وعدم تعليق إيران للمفاوضات مع السداسية بسبب العقوبات الأمريكية الأحادية التي نقضت روح الإتفاق، كبّل إيران وانعكس سلبا على هامش حرية الحركة لدى محور المقاومة، ومنعه من المبادرة للخروج من عنق الجزاجة التي وُضع فيها بسبب الخديعة الأمريكية والمكر الصهيوني والخبث السعودي.

بعد ذلك بقليل، جاء قرار البرلمان الإيراني ليلزم الحكومة برفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 60% في سابقة هي الأولى من نوعها، اعتبرت ردا صاعقا على الإجراء الأمريكي الذي كانت تحاول واشنطن من خلاله التحايل على الإتفاق لمعرفة مدى صلابة الموقف الإيراني وإن كانت العقوبات فعلا هي ما دفع طهران للقبول بالدخول في مفاوضات مع الغرب من موقع ضعف كما روجت لذك دوائر المحافظين الجدد في واشنطن والصهاينة في تل أبيب وآل سعود في الرياض.. فخاب ظنهم وأصبح إقناع إيران بالرجوع عن مثل هذا القرار يتطلب دفع ثمن يرضي الشعب الإيراني، لأن القرار صدر عن ممثلي الأمة.. وهذه خطوة في غاية الذكاء.

وبموازات هذا الإجراء كشفت طهران عن مجموعة من المنجزات العسكرية الجديدة وصعدت من لغة التحدي تجاه أمريكا، وذهبت حد اتهامها بالضعف وعدم القدرة على المواجهة العسكرية، وكشف مسؤولوها مؤخرا أن إيران كانت قاب قوسين أو أدنى من تدمير إسرائيل وكل القواعد العسكرية والبوارج الحربية الأمريكية في المنطقة، وأن نيران قواتها كانت ستحرق آبار ومصافي نفط السعودية والخليج.. هذا السيناريو المرعب لم يكن تهويلا، بل حقيقة أرغمت الإدارة الأمريكية على التراجع عن ضرب سورية.

سوريــة تتقــدم وتركيـــا تنهـــار

وبالنسبة لسورية، طرحت سؤالين: الأول يقول: لماذا لا يرفض الرئيس “الأسد” الذهاب إلى مؤتمر “جنيف 2″ من دون حضور إيران كشرط غير قابل للنقاش، بإعتبارها معنية بالسلام في سورية والمنطقة بدل السعودية المتورطة حتى النخاع في سفك الدم السوري وخراب البلد؟.

أول أمس خرج الوزير ‘وليد المعلم’ يقول: “سورية متمسّكة بمشاركة إيران في مؤتمر ‘جنيف 2′ وأنه من غير المنطقي والمعقول استبعاد إيران من المشاركة لأسباب سياسية من الولايات المتحدة وممن يسمون أنفسهم معارضة”. وأضاف أنه: “في حال لم يعقد مؤتمر ‘جنيف 2′ في موعده في كانون الثاني/يناير المقبل، فيجب سؤال الولايات المتحدة الأميركية عن عدم تشكيلها وفداً من المعارضة وفشلها في ذلك”.

هذا الكلام معناه أن محور المقاومة بدأ يتحرك ككتلة موحدة، وأن مؤتمر “جنيف 2″ لم يعد حاجة سورية بقدر ما هو حاجة أمريكية، نظرا للتقدم الذي حققه الجيش العربي السوري على الأرض، ومحاصرته لمناطق تواجد الإرهابيين في إنتظار تصديرهم للدول التي جندتهم، وهو الأمر الذي أثار الذعر في الغرب، فبدأت تتقاطر التقارير الإستخباراتية محذرة من خطورة عودة التكفيريين إلى أوروبا ودول المنطقة وأولها السعودية، وأجمعت هذه التقارير على أن النظام السعودي هو من يمول ويجند ويسلح هذه الجماعات التكفيرية من مختلف مناطق العالم، وأن هذه اللعبة الخطرة وصلت حدها ومنتهاها ولم تنجح في إسقاط سورية.

بل وصل الحد بالإدارة الأمريكية أنها اعترفت بالقول: “لو كنا نعرف أن النظام السوري قوي بهذا الشكل لما خُضنا حربا ضده”، لأن المتوقع الآن هو أن تنعكس نتائج فشل إسقاط الأسد على المنطقة وأوروبا. هذا يعني أن سورية ليست دولة فاشلة كما يصورها المُدّعي ‘عبد الباري عطوان’ في مقالاته، ولو كانت كذلك لما وقفت صامدة بنظامها وجيشها وشعبها في وجه مخابرات أعتى القوى العالمية، وحاربت لثلاث سنوات عدوا كالشبح في الداخل لا يشبه الأعداء.. هذه حرب لم تكسبها لا أمريكا في العراق وأفغانستان ولا الإتحاد السوفياتي قبلها.

القرار السوري الذي أعلن عنه الوزير ‘وليد المعلم’ قرار شجاع وذكي في نفس الوقت، يضع الإدارة الأمريكية في ورطة، لأنها في حال رفضت القبول بحضور إيران المؤتمر، فمعنى ذلك أنها لا ترغب في وضع حد نهائي للإرهاب، وستفتح الباب على مصراعيه لإنتقال هذا الشر من سورية إلى دول المنطقة وإوروبا، وربما أمريكا أيضا كما هددت منظمات جهادية مؤخرا. خصوصا وأن إستراتيجية الحرب تغيرت وقررت سورية والعراق محاصرة الإرهابيين في مناطقهم وإجبارهم على الهروب في إتجاه حدود الدول التي قدموا منها.

هذا الأمر أرعب الأردن، فسلم العراق قائمة بأسماء عناصر القاعدة الأردنيين الذي دخلوا منطقة الأنبار، وفعل نفس الشيىء مع سورية، في حين طلبت المخابرات التركية التعاون مع المخابرات السورية مخافة دخول “داعش” الأراضي التركية وتحويلها إلى ساحات تفجير كما هدد “البغدادي” مؤخرا، بعد أن أغلقت تركية حدودها مع سورية، غير أن دمشق أوصدت الباب ورفضت الجواب، ليتحمل أردوغان وعصابة مخابراته نتائج ما زرعوه من شر في سورية. إنها النهاية الحتمية بالنسبة للسلطان أردوغان الذي راهن على رحيل الأسد فبقى الأسد وها هو أردوغان يستعد للرحيل بعض بضعة أشهر وهو موصوم بعار الفساد وعار الإرهاب والتآمر على العرب والمسلمين في سورية ومصر، بعد أن أذل الله إخوانه المجرمين في قاهرة المعز وتحولوا إلى منظمة إرهابية لا مكان لها إلا في غياهب السجون.

العراق يعلــن الحــرب علـى الإرهــاب

أما السؤال الثاني فكان على الشكل التالي: العراق تحرك اليوم، فأغلق حدوده مع الأردن وبدأ حربا شعواء لا هوادة فيها ضد القاعدة في منطقة الأنبار وصولا إلى الحدود السورية.. غير ان ما يثير الإستغراب حقا، هو لماذا لم توقع سورية حتى الآن إتفاقا لمحاربة الإرهاب مع الحليف العراقي الذي هو مكون من مكونات حلف المقاومة، لأن من شأن مثل هذا الإتفاق أن يسمح للقوات العراقية بملاحقة الإرهابيين داخل التراب السوري في الشمال، فتخفف عن الجيش العربي السوري عناء ما هو فيه من كر وفر مع أشباح المرتزقة الذين حولوا المعارك معهم إلى حرب بلا نهاية ضد طواحين الهواء؟.

وجاء الجواب نهاية الأسبوع المنصرم يقول، أن وفدا أمنيا عراقيا رفيع المستوى زار دمشق مؤخرا وبحث آفاق التعاون الأمني العراقي السوري، فيما أعربت دمشق عن استعدادها التام التعاون مع بغداد للوقوف بوجه الحرب السلفية والإرهابية المفتوحة عليها منذ ثلاث سنوات. وذكرت مصادر سياسية وعسكرية رفيعة المستوى أن “اتفاقا وقع بالأحرف الأولى بين دمشق وبغداد يقوم بموجبه الجيشان العراقي والسوري بمطاردة تنظيم ‘داعش’ داخل حدود البلدين، وبهذا سيكون من حق الجانب العراقي الدخول إلى عمق الأراضي السورية والسوري بالمثل مع الجانب العراقي لمطاردة الإرهابيين”.

وفجأة ثارت ثائرة نظام الشر في الرياض فأوعز لعملائه عرقلة المبادرة العراقية، فتقدم عميل السعودية الوزير ‘رافع العيساوي’ و 40 من النواب العملاء الآخرين بتقديم إستقالاتهم من مجلس النواب بعد أن أمروا من قبل مملكة الظلام السعودية بذلك، بهدف إرباك الوضع السياسي في العراق وإفشال حملة الجيش العراقي على التكفيريين في الأنبار وغيرها، خصوصا بعد أن اكتشف الجيش أن أماكن ما يسمى بـ”الإعتصامات السلمية” كانت عبارة عن أوكار للإرهابيين ينطلقون منها لذبح الشعب العراقي، وخصوصا من الطائفة الشيعية الكريمة.

وتفجرت الفضيحة عندما طالب النائب ‘العيساوي’ بإطلاق سراح النائب المعتقل ‘أحمد العلواني’ الذي ضبط وبحوزته تسجيلات كان ينوي نشرها على اليوتوب تطالب من أسماهم بـ”السنة” في العراق بذبح “الشيعة” المجوس. واكتملت اليوم الفضيحة بعد أن تم العثور على رسالة نصية في هاتف ‘العلواني’ موجهة الى مدير الاستخبارات السعودية ‘بندر بن سلطان’، وكشف كذلك عن علاقة بين ‘العيساوي’ و ‘بندر بوش’ السعودي وفق ما أفادت وسائل إعلام عراقية.

ما من شك أن قضية تعاون محور المقاومة مجتمعا في الحرب على الإرهاب أصبح أكثر من ضرورة ملحة، نظرا لخطورة المؤامرة وطبيعة العدو الذي يقتل ويدمر ويستبيح الأوطان من الداخل، وهو لعمري ما دفع بالحكومة السورية والعراقية للإسراع بتوقيع إتفاقية تعاون لمحاربة الإرهاب وقعت على عجل بالأحرف الأولى، كما جعل سورية تدرك أن إستبعاد الأمريكي للإيراني من المشاركة في مؤتمر “جنيف 2″ هو لإضعاف موقفها ومحاولة ترجيح كفة الدول المتآمرة عليها لإفشال المسعى الروسي بإعتماد قرار أممي لمحاربة الإرهاب، لأن حضور إيران المؤتمر سيجعل منها شريكا أساسيا في هذه الحرب الكونية التي ستطال حتما السعودية الداعم الرئيس للإرهاب في المنطقة والعالم.

والحقيقة أنه لولا سورية وحزب الله لما كان لروسيا موقع في المنطقة والعالم اليوم، ولولا سورية لما تحولت إيران إلى قوة إقليمية عظمى.. فمن رحم سورية تولد اليوم الأمة من جديد، وبفضل حزب الله صمدت سورية، وبفضل سورية أصبح حزب الله قوة إقليمية ورقما صعبا في المعادلات الدولية، وغدا سيتحول لبنان إلى عاصمة عربية وإسلامية للمقاومة والتحرير.. هذا وعد الله، وهذا نصر الله الآتي الذي وعد به إمام المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله في غضون ستة أشهر على أبعد تقدير بإذن الله، وفق ما فهمناه من إشارته حين قال: “نحن في الربع ساعة الأخيرة قبل إعلان الإنتصار”.

السعودية تعلن الحرب على روسيا

ونحن نودع عام 2013، ضرب الإرهاب أكثر من مرة الأراضي الروسية في تحد سافر للدب الروسي. كل المؤشرات تدل على أن ‘بندر بن سلطان’ بدأ مرحلة تهديد روسيا قبل الألعاب الشتوية المجمع تنظيمها في 23 من شهر شباط/فبراير القادم، وهو التهديد الذي سبق وأن لمّح له ‘بندر خلال لقائه الأول مع ‘بوتين’.

ومن المؤكد أن السعودية ما كانت لتقدم على هكذا مغامرة خطيرة من دون ضوء أخضر أمريكي. الإدارة الأمريكية حاولت إستغلال الفاجعة فبعثت برسالة إلى موسكو تعرض من خلالها المساعدة في محاربة الإرهاب لتأمين الزوار الذين سيحجون إلى روسيا بعد شهر. روسيا اعتبرتها إهانة تحاول من خلالها أمريكا القول: “أنتم ضعفاء لا يمكنكم أن تحموا زواركم، وأننا جاهزون لنتعاون معكم في ذلك”.

بالنسبة للرئيس ‘بوتين’ الأمر واضح، من أمر بالتفجير في روسيا هو ذاته الذي يفجر في العراق وسورية ولبنان واليمن، وبالتالي، الأمر يتطلب معالجة من نوع خاص لن تتأخر في الظهور قريبا. لا أحد يجرح الدب وينجو من قبضته، الدب إن لم تقتله قتلك.. قبل سنة، هدد ‘بوتين’ بقصف السعودية، وقبله هدد ‘لافروف’ بمحو قطر من جغرافية الخليج. اليوم يتأهب الروسي لإستصدار قرار حاسم من مجلس الأمن بمحاربة الإرهاب وتجفيف منابعه وملاحقة داعميه ومموليه وحاضنيه.

وفي هذا لن يتراجع الروسي لأن الأمر أصبح يهدد بشكل خطير أمنه القومي، وسواء عقد مؤتمر “جنيف 2″ أم عطّلته أمريكا لعدم رغبتها في الحرب على الإرهاب وحاجتها للسعودية لتغيير المعادلات الإقليمية والدولية في آسيا وليس في الشرق الأوسط فقط. وعليه، فالأمر تجاوز اليوم سورية والعراق ولبنان واليمن ليمس روسيا والصين ويهدد بفتنة عالمية كبرى.. لذلك، يتوقع أن تنخرط روسيا مع حلفائها في الحرب على الإرهاب بكل ما تملك من قوة، وهو ما يعني أن سنة 2014 ستعرف بداية العد العكسي للإنفجار الكبير في السعودية. لذلك قلنا في مقالة سابقة أن العد العكسي قد بدأ لتُحضّر السعودية الأكفان لدفن أمرائها في الرمال والزيت.. هذا آخر مسمار في نعش النظام السعودي العجوز المتهالك.

وها هو الرئيس ‘بوتين’ يقول اليوم في رسالة تهنئة بحلول عام 2014 وجهها إلى الشعب الروسي: “إن روسيا عازمة على محاربة الإرهاب والقضاء عليه”. الرئيس ‘بوتين’ لا يقول ما لا يفعل ويفعل الكثير مما لا يقوله.. فترقبوه، لأنه قريبا ستبدأ حفلة التفجيرات في كل مكان وستكون السعودية هي العنوان.

السعودية تعلن الحرب على حزب الله

لبنان مقبل في عضون الأيام القليلة المقبلة على انقلاب كبير سيُغيّر المشهد بالكامل. اليوم نسطيع تأكيد ما سبق وقلناه في مقالة سابقة “انتهى زمن الكلام السياسي المباح وأتى زمن قرقعة السلاح”. وبالتالي، لا ضرورة لإعادة أسطوانة ما يقال ويتحدث عنه الإعلام بالتفصيل الممل كل صباح.

لأن خلاصة الوضع اليوم أن السعودية أصدرت أمرا بتفجير لبنان وخصصت لذلك رشوة قيمتها 3 مليار دولار كي تدخل الفرنسي شريكا في المؤامرة بموافقة ضمنية من الإدارة الأمريكية التي تلعب من وراء الستار.

أما الرئيس ‘سليمان’ فلا مجال لتوقع تراجعه عن تأليف حكومة ‘أمر واقع’ حتى لو خرب البلد، لأنه وضع رهانه على السعودية وفرنسا ووتيار 14 سمسار، وقبض الثمن من تحت الطاولة مكرمة ووعدا بالتجديد فلا سبيل للتراجع، وكل من يتحدث عن مسؤوليته وضميره وحرصه على لبنان يجهل ما تفعله المكرمات السعودية في النفس من تأثير.. إنها تُنسي الإنسان مقامه فيهتف بحياة السعودية من دون أن يشعر.

لكن ما يمكن قوله في شأن الحكومة المقبلة، وبغض النظر عن ما يقال حول دستوريتها من حيث الشكل، إلا أنها تلغي ميثاق العيش المشترك الذي جاء على أساسه الرئيس ‘سليمان’، لأنها تقصي الشيعة (حزب الله وحركة أمل) وتقصي المسيحيين (التيار العوني وحزب المردة) برغم أنهم يمثلون أكثر من نصف سكان لبنان، وأن ‘عون’ لوحده يمثل غالبية المسيحيين، هذا بالإضافة للطائفة الدرزية التي يمثلها ‘جنبلاط’ وأحزاب قومية أخرى.

وكون حكومة ‘الأمر الواقع’ لن تنال ثقة البرلمان، فهذا تفصيل غير مهم، لأن الخطة السعودية تقتضي إنهاء عهد حكومة تصريف الأعمال الحالية واستبدالها بحكومة كراكيز لتصريف الوقت تتحكم فيها قوى 14 الشهر مع تطيير جلسة إنتخاب رئيس الجمهورية لتتمكن حكومة ‘الحريري’ الجديدة غير الميثاقية وغير الشرعية استلام صلاحيات الرئيس بحكم أنها دستورية من الناحية الشكلية، فيكتمل المشهد.

وبحكم أن الدولة لا تقبل الفراغ، وحرصا على عدم تعطيل عمل المؤسسات ومصالح المواطنين المفترى عليها، يمكن أن تتخذ الحكومة الجديدة كل القرارات التي ترغب السعودية في إستعمالها لمحاربة حزب الله وقلب الطاولة على حلفائه، وتحويل البلد إلى قاعدة خلفية لتسعير الشر والقتل والخراب في سورية، انظلاقا من تعطيل مؤتمر “جنيف 2″ كبداية.

وتعتقد السعودية أن 3 مليار دولار بالإضافة إلى مكرمة أخرى تعهدت الإمارات بتقديمها للجيش، وبفضل المال الحرام من تحت الطاولة، سيكون بإمكانها شراء ولاء قيادة الجيش اللبناني وتغيير عقيدته وتحويله إلى مليشيا تابعة لتيار المستقبل كما فعلت الإدارة الأمريكية مع قوى الأمن الداخلي في عهد العميلين اللواء ‘الحسن’ و اللواء ‘أشرف ريفي’.

وحيث أن السعودية تتحكم في فلول الإرهابيين بلبنان وتمولهم وتدعمهم بالسلاح وفق ما أكدت تقارير غربية، وبحكم تحالفها المتين مع الكيان الصهيوني الذي تنسق معه كل كبيرة وصغيرة وبعلم الإدارة الأمريكية، فإن لبنان الدولة والمؤسسات والأمن والجيش والقاعدة جميعها ستصبلح في يد السعودية تتحكم فيها كيف تشاء، حينها بإستطاعتها بمعية إسرائيل إعلان ساعة الصفر لحرب تحرير لبنان من الإحتلال الإيراني.

وها هي الإدارة الأمريكية تشكر اليوم الرئيس ‘ميقاتي’ الذي سارع كالعادة لصرف مستحقات لبنان للمحكمة الدولية خلافا لكل القوانين ومن دون إجتماع للحكومة، وتقول أنه آن الأوان لينال المجرمون قتلة الحريري وغيره بمن فيهم ‘شطح’ عقابهم، لينتهي عهد القتل في لبنان. هذا يعني أن توقيع الرئيس ‘سليمان’ والرئيس ‘ميقاتي’ لقرار إحالة جريمة ‘شطح’ للمجلس العدلي دون موافقة من مجلس الوزراء، هي خطوة لتحويلها إلى المحكمة الدولية من قبل حكومة ‘الأمر الواقع’ المقبلة.. وبذلك يتأكد اليوم أن الإدارة الأمريكية ليست بعيدة عن الطبخة التي حضرت للبنان، وأن السعودية لا تتصرف من خارج الغطاء الأمريكي الضمني، وأن فرنسا تلعب دور الوكيل في الواجهة، وأن ‘ميقاتي’ لا يختلف عن ‘السنيورة’ في الطبيعة والدور، بدليل أن إستقالته هي من تسببت للبنان في كل هذه المآسي، بل وحتى سماحة المفتي فضحه مؤخرا حين أكد لإعلام أن ‘ميقاتي’ يتآمر مع ‘السنيورة’ لسرقة دار الفتوى.

هذا المخطط ليس وليد اليوم بل بدأ مع إنطلاق مؤتمر طرابلس الذي ضم ممثلين عن كل الطوائف والمذاهب اللبنانية قبل أسبوعين، وكان بمثابة مؤتمر تأسيسي لدولة لبنانية جديدة خاصة بـ 14 سمسار، وخلاله وضعت قائمة بأسماء 16 شخصية لتتولى الحكومة المقبلة وسلمت للرئيس سليمان ليوقعها بمعية الرئيس المكلف ‘سلام تمام’ بعد عودته من عطلة رأس السنة. لهذا قال سماحة السيد في إطلالته الأخيرة “لا تلعبوا معنا.. وأن حكومة أمر واقع خدعة.. نقطة أول السطر”. فاعتبرها تيار 14 زمار حربا عليه وتهديدا صريحا باستعمال السلاح.

مع مقتل العميل الأمريكي “شطح”، والذي كان مخططا له لتبرير الإنقلاب وسرقة الدولة على غرار ما حدث بعد مقتل “الحريري” سنة 2005، خرج المراهق ‘سعد’ ليتهم مباشرة حزب الله وسورية، ثم أعلن بعده عميل إسرائيل المدعو ‘السنيورة’ والتي تعني بالإسبانية “السيدة”، فقال بصريح العبارة: “ما بعد إغتيال شطح ليس كما قبله، وأن معركة تحرير لبنان من السلاح بدأت”. ويقصد بذلك طبعا سلاح حزب الله. وهو ما يؤكد أن إغتيال “شطح” من قبل السعودية هو حلقة في مسلسل سرقة لبنان، تماما كما حدث مع إعتيال الحريري، ويزيد من تأكيد هذا الأمر سرعة قفز سماسرة الدم على جثة “شطح” قبل أن توارى الثرى للمطالبة بحكومة خاصة بهم دون مشاركة حزب الله وحلفائه، ليتمكنوا من إتمام كافة حلقات المؤامرة التي يجب أن تنتهي بالقضاء على حزب الله.
هذا أمر واضح بالنسبة لحزب الله، لذلك قال سماحة السيد في إطلالته الأخيرة: “إن الأمر يتجاوز تأليف الحكومة، ويتعلق بمعركة الوجود والمصير”.. إلى هنا تبدو الأمور واضحة، لكن السؤال الذي يطرحه اللبنانيون وأنصار محور المقاومة اليوم هو: ماذا سيفعل حزب الله وحلفائه لإنقاد لبنان مما هو مقبل عليه؟.

سيناريوهــات المرحلـــة المقبلـــة

والجواب وفق ما تفرضه معطيات الصراع، وأمام استحالة أي إمكانية للحوار بين الأفرقاء لتشبت قوى 14 سمسار برفض إشراك حزب الله وحلفائه في الحكومة المقبلة، وأمام تعنت الرئيس ‘ميشال سليمان’ وإعلان عزمه الذهاب في تنفيذ المخطط السعودي حتى النهاية، لا أرى من حل للوضع اللبناني، وأتمنى أن لا أكون مخطئا، إلا من خلال سيناريوهين لا ثالث لهما:

الأول، وهو السيناريو الأكثر رجحانا، ويتمثل في موقف المؤسسة العسكرية اللبنانية، باعتبارها حارسة للحدود وساهرة على أمن المواطنين وضامنة لتطبيق الدستور والعيش المشترك وحليفة لحزب الله في حرب الوجود والمصير، تشترك مع الحزب في العقيدة الوطنية الراسخة كالصخر، وبعلاقة أخوة في السلاح عمدها دم الشهداء، ما يجعلها الجهة المؤهلة لقلب الطاولة على المتآمرين والإمساك بزمام الأمور من القصر الجمهوري إلى كل مؤسسات الدولة، وإعلان تعليق الدستور والدعوة لمؤتمر تأسيسي من الحكماء والعقلاء، لوضع دستور جيديد للبلاد يلغي الطائفية ويضع قانونا جديدا عادلا وشفافا للإنتخابات يقطع الطريق أمام سماسرة السياسة وتجار الدم والعملاء، ويؤسس لإنتخابات تشريعية ورئاسية جديدة. وهذه هي بداية التحرير الحقيقي للبنان من الطائفية والتدخل الخارجي وإعادة الشرعية للشعب الذي يقرر بإرادته طبيعة الدولة التي يريدها والنظام الذي يحكمه والممثلين الذين ينوبون عنه في تسيير شؤونه وتحقيق آماله وطموحه.

الثاني، وهو مستبعد إلى حد ما، ويمثل في رفض الجيش القيام بواجبه كضامن للدستور، فيقلب حزب الله وحلفائه مدعومين من كل الشرفاء اللبنانيين الطاولة على حلف السعودية فتسقط المؤامرة، ويتم التأسيس لميلاد دولة لبنان الجديد على نفس الأسس المدنية التي تحدثنا عنها أعلاه. وهو السيناريو الذي يتطلب ضرب الإرهاب بيد من حديد وإجتثاته حتى لا يفسد على اللبنانيين عرسهم الديمقراطي الجديد ويجهض آمالهم وحلمهم في إقامة دولة لبنان القوية المستقلة والعادلة من دون طوائف.

وكل حديث عن حرب مذهبية أو طائفية بين اللبنانيين هو من قبيل التهويل ولا حظ لمثل هذا السيناريو على أرض الواقع بسبب إرتفاع منسوب الوعي لدى الشعب اللبناني وفهمه لخلفيات اللعبة وابعادها المدمرة لوطنه ومستقبله ومصير عياله..

لكن هذا لا يستبعد إحتمال تصاعد التفجيرات والإغتيالات والعمليات الإنتحارية، لكنها معارك عبثية لا تغير من المعادلات على الأرض ولا تحقق هزيمة ولا تكسب إنتصارات، وحزب الله قادر على التعامل معها بما يلزم لمعرفته كيف يفكر التكفيرييون ومن يحضنهم ويمولهم ويدعمهم في لبنان، وكيف يشتغلون وأين يتوارون عن الأنظار كالجرذان.