المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصلاة خلف علي والأكل مع معاوية!!


sofiane222dz
30-12-2013, 10:59 PM
من هول ما سمعت وشاهدت في بضعة أيام أثناء زيارتي للجزائر الأسبوع الماضي من شقاق ونفاق وتردد وتخوف وتملق وتودد، خاصة في أوساط الساسة والنخبة الذين يفترض أن يقودوا الأمة ويصنعوا الرأي، ولشدة الصدمة من مستوى النقاش السائد فقد كدت أفقد صوابي وكل أملي في رؤية جزائر جديدة بنفس جديد مطلع السنة يحلم بها جيل الاستقلال الذي دفعنا به إلى الاستقالة من الحياة العامة، ودفعنا بعضه إلى امتهان نفس الممارسات لينخرط في منظومة "الخضوع والولاء أو الإقصاء والتخوين" السائدة في جزائر القرن الواحد والعشرين قبيل انتخابات رئاسية يترقبها العالم باعتبارها منعرجا حاسما في حياة أمة أنهكها الحقد والإقصاء والنهب والتراجع..

وجدت تلك الفئة من النخبة وأشباه الساسة منقسمة بين مؤيد للعهدة الرابعة ومؤيد للعهدة الرابعة!! يتنافسون تارة على التملق والتفنن في إعلان الولاء لبوتفليقة، ويستعدون تارة أخرى للالتفاف حول سلال كمن كانوا في عهد الصحابة "يصلون خلف علي ويأكلون مع معاوية".. وجدت فئة أخرى تتوارى خلف القوم عندما تصل مسامعهما أنباء عن عدم ترشح بوتفليقة ليلتفوا حول من سيخلفه ويستحوذوا على ما تبقى من هذا الوطن.. ووجدت الكثير منهم يضع رجلا مع بوتفليقة وأخرى مع سلال، وبعضهم يمد يده نحو أويحيى، أو ينتظر أن تمتد لها يد بن فليس.. وجدت العيون معلقة والأذان مصغية والعقول شاردة والقلوب ميتة تائهة لا تعرف اتجاه القبلة لتصلي ولا تعرف معنى الوفاء والإخلاص للوطن، ولا تعرف حتى الفرق بين الولاء للرجال والولاء للوطن والمؤسسات!! أما أصحاب المال والنفوذ فقد وجدت بعضهم يستعدون للمزيد من الإنفاق يمينا وشمالا، صعودا ونزولا من أجل الاستثمار في المرشح الذي يرشحه من رشحناهم لتولي شؤون الأمة والحفاظ على الأمانة..

لا أحد يرفع صوته عاليا هذه الأيام ليعلن موقفه عن قناعة في رئاسيات لا تفصلنا عنها سوى أربعة أشهر بما في ذلك من كانوا إلى وقت قريب يرشحون ويؤيدون بوتفليقة لعهدة رابعة بعد ما وصلت أسماعهم أنباء تتحدث عن عبد المالك سلال مرشح الإجماع المقبل الذي أتمنى أن ينحاز إلى الشعب والوطن ضد هؤلاء المتربصين في حالة ترشحه، ويفعل نفس الأمر أحمد أويحيى وعلى بن فليس وغيرهم من الذين يملكون مواصفات الرجال الذين تحتاجهم الجزائر في المرحلة القادمة، والذين سيجدون دون شك كل السند دون الحاجة إلى الكثير من الأحزاب والجمعيات والتنظيمات وأصحاب المال من الذين لا يملكون الشجاعة الأخلاقية والسياسية ولم يتجرأوا على إعلان مواقفهم الصريحة بعيدا عن الإيعاز الذي يترقبونه في مثل هذه المواقف..

لقد وجدتهم "يصلون خلف علي ويأكلون عند معاوية"، ويؤيدون بوتفليقة، لكنهم سيخونونه قبل أن "يصيح الديك" ألف مرة، ووجدتهم لا يختلفون حول سلال أو أويحيى أو بن فليس أو أي مرشح اجماع آخر، لأنهم يمتهنون الخداع والنفاق وهم مستعدون للتحالف مع الشيطان ضد الوطن والشعب ومن أجل الحفاظ على مكاسبهم وليس على استقرار البلد كما يدعون..

أما الشعب فلا أحد يضعه في الحسبان، لأن لا أحد من المتملقين والمنافقين يحترم هذا الشعب أو يحسب له حسابا اعتقادا منهم بأن مصير الجزائر مرتبط باسم الرئيس فقط مثلما اعتقدوا بأن استمرار بوتفليقة هو ضمان لاستقرار الوطن، وهي أكبر خدعة وإهانة للرئيس في حد ذاته، ولذكاء الجزائريين الذين يريدون الصلاة والأكل والعيش مع بعضهم البعض وعدم الانخراط في لعبة "الصلاة خلف علي والأكل مع معاوية".. لأن الجزائر أكبر من أن يقرر مصيرها فئة أو حزب أو جماعة، وأكبر من أن يتوقف مصيرها على اسم الرئيس مهما كان...