عابر سبيل سني
18-01-2014, 02:52 PM
روسيـا و إيـران .. تُحضّران لهـزّة كبـرى فـي لبنـان
http://panorama.almadina.netdna-cdn.com/wp-content/uploads/2014/01/mepanorama161655.jpg
بانوراما الشرق الاوسط - الخميس , 16 كانون ثاني / يناير 2014
أحمد الشرقاوي
إنفجـار الهرمـل.. إجـرام سعـودي بغطـاء أمريكـي
هزّ انفجار ضخم صبيحة الخميس “الهرمل” مدينة الشهداء، ليؤكد من يقفون ورائه أن لبنان أصبح ساحة من ساحات العنف الذي يعصف بالمنطقة ويستهدف بشكل خاص محور المقاومة، من خلال حصد أرواح الأبرياء دون أن يستثني أحدا، إرهاب أعمى يخبط خبط عشواء من يصبه يمزقه ومن يفلته يخلف في جسده نذوبا وفي روحه جروحا عميقة لا يمحوها النسيان، إرهاب لا يفرق بين مسلم ومسيحي ولا شيعي وسني، إرهاب همجي تُحرّمه قوانين الأرض وتُدينه شرائع السماء.
الإدانة لا تكفي، والإستنكار لا يشفي، وكل حديث عن إنسداد سياسي، وإنكشاف أمني، والإسراع بتشكيل حكومة جامعة لبسط الأمن والتعاون بين اللبنانيين من أجل المصلحة الوطنية العليا، هو من قبيل الكلام السياسي الذي يقول ما لا يعني، لأن القرار السياسي اللبناني في مكان آخر غير بيروت.
قبل الهرمل ضرب الإرهاب الضاحية الجنوبية ثلاث مرات، وضرب طرابلس مرتين، ثم السفارة الايرانية، فاغتيال العميل ‘شطح’، واليوم ها هو يضرب من جديد ‘الهرمل’ في البقاع الشمالي، وقطعا لن يكون التفجير الأخير.
طفــح الكيــل بعـد أن فقـد الإنسـان قيمتـه و معنـاه
لا جدوى من إنتظار نتائج التحقيق الجنائي لمعرفة العصابة التي تقف وراء التفجير، فالأدوات أكثر من أن تُحصى، وهي تولد كل يوم كالفطر بأسماء عديدة وعناوين كثيرة، لكن جهة واحدة فقط تقف وراء هذا الإجرام البشع بالتحشيد والتمويل والدعم والتخطيط والتنسيق على مستوى التنفيذ، هذه الجهة هي السعودية التي تحصد الأرواح البريئة بالوكالة لحساب أمريكا وإسرائيل.
في العراق أكثر من 4 ألف عملية إرهابية استهدفت المواطنين الشيعة خلال العام الماضي وقتلت منهم الآلاف.. في سورية أصبح من العبث الحديث عن عدد ضحايا الإرهاب الوهابي الذي يحصد كل يوم العشرات، في اليمن، في ليبيا، في مصر، بل وحتى في روسيا… لم يعد إحصاء عدد القتلى والشهداء يعني شيئا بعد أن فقد الإنسان قيمته ومعناه.
هو نفسه الإرهاب السعودي الذي يضرب في كل مكان، وإلى اليوم لم نسمع عن عمليات إرهابية قامت بها جماعة شيعية لقتل السنة، لأن الفكر الوهابي التكفيري الظلامي وحده دون سواه هو من يلجأ إلى أسلوب الغدر الجبان لتفتيت الأمة وخلق صدامات طائفية ومذهبية بين مختلف مكوناتها حتى لا تقوم لها قائمة، إنتقاما لهزيمة أمريكا في العراق وإسرائيل في لبنان، وانتقاما من إيران وسورية اللتان احتضنتا المقاومة في العراق ولبنان.
أمريكــا تحــارب مـن يحــارب الإرهــاب
وها هي الإدارة الأمريكية تؤكد هذه الحقيقة بوضوح لا لبس فيه، حيث شددت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ‘دينا بدوي’ الخميس على انه “استنادا إلى سجل الرئيس السوري ‘بشار الأسد’ في الماضي والحاضر، فمن السخافة أن ينظر إليه كشريك محتمل في مواجهة الإرهاب”. وأضافت: “خلال أصعب الأيام في العراق سعى بشار الأسد إلى تدفق مئات المقاتلين الأجانب إلى العراق، ونفذوا عمليات ضد المصالح الأميركية والغربية هناك، والتعاون النشط الحالي بين الأسد وحزب الله والحرس الثوري الإيراني يتعارض مع مصالح الولايات المتحدة ويعمل على تأجيج نيران الصراع الطائفي”.
فهل يحتاج الأمر إلى توضيح أكثر من هذا ليقتنع كل من لا يزال لديه شك بالنوايا الأمريكية أن إدارة ‘أوباما’ تخوض اليوم حرب إنتقام ضد محور المقاومة بالوكالة عبر حلف السعودية وإسرائيل؟ ذلك أن “المقاومة” تُعدُّ في عرف أمريكا “إرهابا” في حين أن “الإرهاب” تعتبره أسلوبا مشروعا للإنتقام من الذين يرفضون الهيمنة الأمريكية ويحاربون الإرهاب الوهابي، وبالتالي، كيف يمكن التعويل على إنخراط إدارة ‘أوباما’ في محاربة الإرهاب و ‘دينا بدوي’ تؤكد في ذات التصريح: أن “الإدارة الأميركية تؤمن أن وحشية النظام والفظائع التي ترتكب ضد الشعب السوري هي التي تدفع إلى تدفق الإرهابيين وخلق تلك القضية، و وحشية النظام الذي لا يزال مستمرا هو من يغذي التطرف العنيف”.
هذا صك براءة للنظام السعودي والصهيوني، بل وغطاء سياسي فاضح يشجعهما على الإستمرار في الإرهاب إلى حين تحقيق الأهداف الأمريكية والصهيو – وهابية كاملة غير منقوصة حتى لو تطلب الأمر سنوات من القتل والخراب.
خلاصة ما تقوله أمريكا أيها السادة، هو أن النظام السوري هو المسؤول عن الإرهاب في سورية والعراق وليس السعودية وإسرائيل، وحزب الله حزب إرهابي كذلك، وإيران هي رأس جوقة الإرهاب الدموي في المنطقة، فعن أي قرار دولي بمحاربة الإرهاب في مؤتمر “جنيف 2″ يتحدث الطيبون؟..
اليوم نستطيع التأكيد أن مؤتمر “جنيف 2″ قد فشل قبل أن يبدأ.. لأن الرسالة واضحة لا تحتاج لمن يفك شفرتها، لأنها تكتب كالعادة بدم الأبرياء واشلائهم، وتغطيها سياسيا الإدارة الأمريكية ضدا في العقل والمنطق والوقائع والشواهد والدلائل والحجج وكل المؤشرات والقرائن، ومفادها، لن تنعم المنطقة بالأمن والسلام حتى تنتصر أمريكا وتحقق السعودية هيمنتها على العالم العربي والإسلامي، وتضمن إسرائيل دولتها اليهودية وتقيم أمنها في محيط الدول العربية المعادية بعد تفكيكها، وأن لا مكان لإيران في المنطقة، ولا وجود لإتفاق أمريكي روسي بشأن الحل في سورية، وأن لا فرصة لنجاح مؤتمر “جنيف 2″ إذا لم يناقش بندا وحيدا مؤداه، رحيل ‘الأسد’ الذي “يغذي التطرف العنيف” في سورية والمنطقة كما تؤكد أمريكا.
هذا معناه أن المنطقة ستشتعل بالتأكيد ما دام من المستحيل أن يسلم محور المقاومة بالأهداف الأمريكية المتمثلة في هزيمة “المالكي” في العراق، ورحيل ‘الأسد’ عن سورية، وتسليم حزب الله لسلاحه في لبنان، ما يعني إنهار حلف المقاومة وتفكك كافة حلقاته كي لا يبقى لإيران من موطأ قدم في العالم العربي، وبالنتيجة، قطع الطريق على التمدد الروسي والصيني في الشرق الأوسط وإفريقيا.
الغضـب المُقـدّس آت.. لا مفـــرُّ
بعد تفجيرات روسيا، وجه الرئيس ‘بوتين’ رسالة إلى من يهمهم الأمر في واشنطن والسعودية وإسرائيل حين قال مخاطبا شعبه: إن “روسيا ستنتقم لدماء مواطنيها الذين سقطوا في تفجيرات ‘فينوغراد’، وأنها ستغيّر خارطة الشرق الأوسط، هذا وعد لمواطني روسيا العظمى”.
ويبدو أن لا أحد أعار لكلام ‘بوتين’ أدنى إهتمام، فكرّر التحذير عبر سفير روسيا في الاتحاد الأوروبي ‘فلاديمير تشيغوف’ خلال حفل عقد قبل أيام في بروكسل قال فيه: “فيما يتعلّق بصبر بوتين، لا أدعو أحداً لاختباره”. والصبر الذي يتحدّث عنه ‘تشيغوف’، يتعلق بالنزاع بين الاتحاد الأوروبي وروسيا حول سوريا تحديدا، وأوكرانيا وقضايا أخرى تتعّلق بشؤون الاقتصاد والتجارة استطرادا.
نصيحة ‘تشيغوف’ إعتبرها الغرب مجرد مزايدة سياسية لا تعني ما تقول، فبعث الرئيس الروسي بداية هذا الأسبوع بموفده الخاص إلى عاهل مملكة الرمال والزيت حيث أبلغه رسالة مباشرة تقول: أن “التفجيرات التي حصلت داخل الاراضي الروسية تجاوزت الخط الأحمر، وأن ما تقومون به في سورية من قتل وخراب لم يعد مقبولا، وعليه، يجب أن تعلموا أنه إذا لم تقفوا عند حدودكم، فسوف نُغرقُ مملكتكم في الدم والزيت، ولن يكون عندكم مجال لأي سفينة إنقاذٍ، لقد طفح الكيل وتغيّرت المعادلة، وأصبح اليوم تنحي الرئيس ‘بشار الأسد’ من الحكم في دمشق ملازماً لإنهاء حكمكم في الرياض”.
المخابرات الروسية ستكشف عن فضائح سعودية
ما من شك أن المخابرات الروسية قادرة على الرد على المخابرات السعودية متى تشاء، ولكنها، مثلها مثل محور المقاومة، لا تقدم على أفعال إرهابية من خلال ازهاق ارواح المدنيين لأسباب أخلاقية وإنسانية.
وتشير مصادر دبلوماسية إلى أنه ليست المرة الأولى التي تهدد فيها روسيا دولة خليجية، وتعزو تراجع تراجع الدور القطري في المنطقة واضمحلاله إلى الحراك الروسي – الإيراني على خلفية المشادة الكلامية التي حصلت بين أمير قطر تميم بن حمد بن جاسم وممثل روسيا في الأمم المتحدة والتي جاءت في أثرها تهديدات روسيا بمحو قطر من خارطة الشرق الأوسط، وأن التعهيد الروسي غيّر اللعبة السياسية في الشرق الأوسط من خلال إزاحة أمريكا للحمدين مخافة إقدام روسيا على أية مغامرة قد تهز المنطقة برمتها.
وأضافت المصادر الدبلوماسية وفق ما نقلت عنها صحيفة ‘الخبر برس’ يوم 12 من الجاري من دون أن تسميها، أن “الحرب السياسية والمخابراتية التي تعتزم القيام بها روسيا ضد السعودية، ستكون شرارتها الأولى كشف ملفات كبيرة ضد حكومة الرياض وفضائح لا أخلاقية تتحدث عن قصص نكاح وقعت بين يهود وأميرات سعوديات من العائلة الحاكمة”.
اليوم يبدو أن الدور ذاته جاء على السعودية من أجل الإطاحة بنظامها الذي تمادى كثيراً في ممارساته الإرهابية الخطيرة وتآمره على محور المقاومة – روسيا.
إيــران تنضــم لروسيــا و تحـــذر
إيران بدورها بعثت بتحذير مبطن لمن يهمهم الأمر، حيث جاء على لسان وزير خارجيتها ‘محمد جواد ظريف’ الذي قال في مؤتمر صحافي هذا الأسبوع في لبنان: “اذا حالت بعض الضغوط السياسية التي مورست من هذا الطرف او ذاك دون مشاركة ايران في أعمال مؤتمر ‘جنيف 2′، فان هذه الاطراف ستندم على المساعي التي بذلتها للحيلولة دون مشاركة ايران في ايجاد حل ومخرج للازمة السورية”.. هذا معناه، أنه في حال لم يخرج مؤتمر “جنيف 2″ بتسوية سياسية مشرفة لمحور المقاومة وحلفائه، فإيران ستنخرط قلبا وقالبا في مشروع ‘بوتين’ لتغيير خارطة الشرق الأوسط إلى الأبد، مهما كلف الأمر من تضحيات.
محور المؤامرة فهم أن التهديد الذي حمله العنف الدبلوماسي اللفظي من قبل وزير خارجية إيران، ومباشرة بعد التهديد الروسي بتغيير خارطة المنطقة، لا يمكن أن يعني إلا أن إيران وبتنسيق وتغطية روسية، ستقوم من خلال ‘حزب الله’ بهزّة كبيرة للوضع السياسي في لبنان. وتربط أوساط سياسية خليجية بين زيارة ‘محمد ظريف’ للعراق وسوريا ولبنان والأردن وما يحضر للمنطقة بعد التهديد الروسي الإيراني.
الهرمل رسالة أمريكية سعودية للروسي والإيراني
فهمت أمريكا الرسالة الروسية والإيرانية، وقررت رفع سقف التحدي، فأوعزا للسعودية بتحريك أدواتها في جبهة النصرة، فجاء تفجير ‘الهرمل’ البقاعي اليوم ليقول: “ها نحن نضرب من جديد، وفي لبنان، لنرى ما أنتم قادرون على فعله لتغيير خارطة المنطقة كما تهددون”.
وليس صدفة أن يتزامن تصريح المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ‘دينا بدوي’ الذي جاء مباشرة صبيحة التفجير الإرهابي في ‘الهرمل’ بما يعنيه من صراحة ووضوح، ليرفع من سقف التحدي بلغة سياسية خارجة عن العرف الدبلوماسي المعتاد، ليقول للروسي والإيراني: أن لا “جنيف 2″ من دون رحيل الأسد، وأن حزب الله إرهابي، وأن لا مكان لإيران في الشرق الأوسط الصهيو – وهابي الجديد حتى يلج الجمل من سُمّ الخياط، وها نحن نتحداكم، فماذا أنتم فاعلون؟…
لكن ما تعيه أمريكا بالتأكيد، هو أن روسيا لا تمزح، وأن القيصر ‘بوتين’ ليس ‘غورباتشوف’ أو ‘يلتسين’، وأن موسكو ذاهبة الى ابعد الحدود في تنفيذ وعدها لشعبها ووعيدها للسعودي وخلفه الأمريكي، وأنها لن تسمح بسقوط النظام السوري بالقوة، وأن لا خيار لديها الا الوقوف مع حليفها السوري وصديقها الإيراني، وأن المنطقة مقبلة لا محالة على تغيير كبير سيبدأ من لبنان قريبان وأن تحذير الأمريكي لأدوات السعودية في 14 الشهر بإشغال حزب الله بحكومة “جامعة” لن تقوم لها قائمة هو مجرد شراء للوقت في إنتظار الإنقلاب الكبير الذي تحضر له السعودية وإسرائيل ضد حزب الله تحديدا.
لذلك، فأم المعارك ستكون في لبنان، وهذه المرة لن تنتظر روسيا وحلف المقاومة العدوان الصهيو – وهابي لسرقة لبنان، لأن محور المقاومة هو من يمتلك المبادرة، وسفاجأ الأعداء من حيث لا يحتسبون، خصوصا بعد أن وصلت رسالة تفجير ‘الهرمل’ واضحة لا لبس فيها.
فانتظروا إعلان فشل “جنيف 2″ ليبدأ عصر جديد في المنطقة…
http://panorama.almadina.netdna-cdn.com/wp-content/uploads/2014/01/mepanorama161655.jpg
بانوراما الشرق الاوسط - الخميس , 16 كانون ثاني / يناير 2014
أحمد الشرقاوي
إنفجـار الهرمـل.. إجـرام سعـودي بغطـاء أمريكـي
هزّ انفجار ضخم صبيحة الخميس “الهرمل” مدينة الشهداء، ليؤكد من يقفون ورائه أن لبنان أصبح ساحة من ساحات العنف الذي يعصف بالمنطقة ويستهدف بشكل خاص محور المقاومة، من خلال حصد أرواح الأبرياء دون أن يستثني أحدا، إرهاب أعمى يخبط خبط عشواء من يصبه يمزقه ومن يفلته يخلف في جسده نذوبا وفي روحه جروحا عميقة لا يمحوها النسيان، إرهاب لا يفرق بين مسلم ومسيحي ولا شيعي وسني، إرهاب همجي تُحرّمه قوانين الأرض وتُدينه شرائع السماء.
الإدانة لا تكفي، والإستنكار لا يشفي، وكل حديث عن إنسداد سياسي، وإنكشاف أمني، والإسراع بتشكيل حكومة جامعة لبسط الأمن والتعاون بين اللبنانيين من أجل المصلحة الوطنية العليا، هو من قبيل الكلام السياسي الذي يقول ما لا يعني، لأن القرار السياسي اللبناني في مكان آخر غير بيروت.
قبل الهرمل ضرب الإرهاب الضاحية الجنوبية ثلاث مرات، وضرب طرابلس مرتين، ثم السفارة الايرانية، فاغتيال العميل ‘شطح’، واليوم ها هو يضرب من جديد ‘الهرمل’ في البقاع الشمالي، وقطعا لن يكون التفجير الأخير.
طفــح الكيــل بعـد أن فقـد الإنسـان قيمتـه و معنـاه
لا جدوى من إنتظار نتائج التحقيق الجنائي لمعرفة العصابة التي تقف وراء التفجير، فالأدوات أكثر من أن تُحصى، وهي تولد كل يوم كالفطر بأسماء عديدة وعناوين كثيرة، لكن جهة واحدة فقط تقف وراء هذا الإجرام البشع بالتحشيد والتمويل والدعم والتخطيط والتنسيق على مستوى التنفيذ، هذه الجهة هي السعودية التي تحصد الأرواح البريئة بالوكالة لحساب أمريكا وإسرائيل.
في العراق أكثر من 4 ألف عملية إرهابية استهدفت المواطنين الشيعة خلال العام الماضي وقتلت منهم الآلاف.. في سورية أصبح من العبث الحديث عن عدد ضحايا الإرهاب الوهابي الذي يحصد كل يوم العشرات، في اليمن، في ليبيا، في مصر، بل وحتى في روسيا… لم يعد إحصاء عدد القتلى والشهداء يعني شيئا بعد أن فقد الإنسان قيمته ومعناه.
هو نفسه الإرهاب السعودي الذي يضرب في كل مكان، وإلى اليوم لم نسمع عن عمليات إرهابية قامت بها جماعة شيعية لقتل السنة، لأن الفكر الوهابي التكفيري الظلامي وحده دون سواه هو من يلجأ إلى أسلوب الغدر الجبان لتفتيت الأمة وخلق صدامات طائفية ومذهبية بين مختلف مكوناتها حتى لا تقوم لها قائمة، إنتقاما لهزيمة أمريكا في العراق وإسرائيل في لبنان، وانتقاما من إيران وسورية اللتان احتضنتا المقاومة في العراق ولبنان.
أمريكــا تحــارب مـن يحــارب الإرهــاب
وها هي الإدارة الأمريكية تؤكد هذه الحقيقة بوضوح لا لبس فيه، حيث شددت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ‘دينا بدوي’ الخميس على انه “استنادا إلى سجل الرئيس السوري ‘بشار الأسد’ في الماضي والحاضر، فمن السخافة أن ينظر إليه كشريك محتمل في مواجهة الإرهاب”. وأضافت: “خلال أصعب الأيام في العراق سعى بشار الأسد إلى تدفق مئات المقاتلين الأجانب إلى العراق، ونفذوا عمليات ضد المصالح الأميركية والغربية هناك، والتعاون النشط الحالي بين الأسد وحزب الله والحرس الثوري الإيراني يتعارض مع مصالح الولايات المتحدة ويعمل على تأجيج نيران الصراع الطائفي”.
فهل يحتاج الأمر إلى توضيح أكثر من هذا ليقتنع كل من لا يزال لديه شك بالنوايا الأمريكية أن إدارة ‘أوباما’ تخوض اليوم حرب إنتقام ضد محور المقاومة بالوكالة عبر حلف السعودية وإسرائيل؟ ذلك أن “المقاومة” تُعدُّ في عرف أمريكا “إرهابا” في حين أن “الإرهاب” تعتبره أسلوبا مشروعا للإنتقام من الذين يرفضون الهيمنة الأمريكية ويحاربون الإرهاب الوهابي، وبالتالي، كيف يمكن التعويل على إنخراط إدارة ‘أوباما’ في محاربة الإرهاب و ‘دينا بدوي’ تؤكد في ذات التصريح: أن “الإدارة الأميركية تؤمن أن وحشية النظام والفظائع التي ترتكب ضد الشعب السوري هي التي تدفع إلى تدفق الإرهابيين وخلق تلك القضية، و وحشية النظام الذي لا يزال مستمرا هو من يغذي التطرف العنيف”.
هذا صك براءة للنظام السعودي والصهيوني، بل وغطاء سياسي فاضح يشجعهما على الإستمرار في الإرهاب إلى حين تحقيق الأهداف الأمريكية والصهيو – وهابية كاملة غير منقوصة حتى لو تطلب الأمر سنوات من القتل والخراب.
خلاصة ما تقوله أمريكا أيها السادة، هو أن النظام السوري هو المسؤول عن الإرهاب في سورية والعراق وليس السعودية وإسرائيل، وحزب الله حزب إرهابي كذلك، وإيران هي رأس جوقة الإرهاب الدموي في المنطقة، فعن أي قرار دولي بمحاربة الإرهاب في مؤتمر “جنيف 2″ يتحدث الطيبون؟..
اليوم نستطيع التأكيد أن مؤتمر “جنيف 2″ قد فشل قبل أن يبدأ.. لأن الرسالة واضحة لا تحتاج لمن يفك شفرتها، لأنها تكتب كالعادة بدم الأبرياء واشلائهم، وتغطيها سياسيا الإدارة الأمريكية ضدا في العقل والمنطق والوقائع والشواهد والدلائل والحجج وكل المؤشرات والقرائن، ومفادها، لن تنعم المنطقة بالأمن والسلام حتى تنتصر أمريكا وتحقق السعودية هيمنتها على العالم العربي والإسلامي، وتضمن إسرائيل دولتها اليهودية وتقيم أمنها في محيط الدول العربية المعادية بعد تفكيكها، وأن لا مكان لإيران في المنطقة، ولا وجود لإتفاق أمريكي روسي بشأن الحل في سورية، وأن لا فرصة لنجاح مؤتمر “جنيف 2″ إذا لم يناقش بندا وحيدا مؤداه، رحيل ‘الأسد’ الذي “يغذي التطرف العنيف” في سورية والمنطقة كما تؤكد أمريكا.
هذا معناه أن المنطقة ستشتعل بالتأكيد ما دام من المستحيل أن يسلم محور المقاومة بالأهداف الأمريكية المتمثلة في هزيمة “المالكي” في العراق، ورحيل ‘الأسد’ عن سورية، وتسليم حزب الله لسلاحه في لبنان، ما يعني إنهار حلف المقاومة وتفكك كافة حلقاته كي لا يبقى لإيران من موطأ قدم في العالم العربي، وبالنتيجة، قطع الطريق على التمدد الروسي والصيني في الشرق الأوسط وإفريقيا.
الغضـب المُقـدّس آت.. لا مفـــرُّ
بعد تفجيرات روسيا، وجه الرئيس ‘بوتين’ رسالة إلى من يهمهم الأمر في واشنطن والسعودية وإسرائيل حين قال مخاطبا شعبه: إن “روسيا ستنتقم لدماء مواطنيها الذين سقطوا في تفجيرات ‘فينوغراد’، وأنها ستغيّر خارطة الشرق الأوسط، هذا وعد لمواطني روسيا العظمى”.
ويبدو أن لا أحد أعار لكلام ‘بوتين’ أدنى إهتمام، فكرّر التحذير عبر سفير روسيا في الاتحاد الأوروبي ‘فلاديمير تشيغوف’ خلال حفل عقد قبل أيام في بروكسل قال فيه: “فيما يتعلّق بصبر بوتين، لا أدعو أحداً لاختباره”. والصبر الذي يتحدّث عنه ‘تشيغوف’، يتعلق بالنزاع بين الاتحاد الأوروبي وروسيا حول سوريا تحديدا، وأوكرانيا وقضايا أخرى تتعّلق بشؤون الاقتصاد والتجارة استطرادا.
نصيحة ‘تشيغوف’ إعتبرها الغرب مجرد مزايدة سياسية لا تعني ما تقول، فبعث الرئيس الروسي بداية هذا الأسبوع بموفده الخاص إلى عاهل مملكة الرمال والزيت حيث أبلغه رسالة مباشرة تقول: أن “التفجيرات التي حصلت داخل الاراضي الروسية تجاوزت الخط الأحمر، وأن ما تقومون به في سورية من قتل وخراب لم يعد مقبولا، وعليه، يجب أن تعلموا أنه إذا لم تقفوا عند حدودكم، فسوف نُغرقُ مملكتكم في الدم والزيت، ولن يكون عندكم مجال لأي سفينة إنقاذٍ، لقد طفح الكيل وتغيّرت المعادلة، وأصبح اليوم تنحي الرئيس ‘بشار الأسد’ من الحكم في دمشق ملازماً لإنهاء حكمكم في الرياض”.
المخابرات الروسية ستكشف عن فضائح سعودية
ما من شك أن المخابرات الروسية قادرة على الرد على المخابرات السعودية متى تشاء، ولكنها، مثلها مثل محور المقاومة، لا تقدم على أفعال إرهابية من خلال ازهاق ارواح المدنيين لأسباب أخلاقية وإنسانية.
وتشير مصادر دبلوماسية إلى أنه ليست المرة الأولى التي تهدد فيها روسيا دولة خليجية، وتعزو تراجع تراجع الدور القطري في المنطقة واضمحلاله إلى الحراك الروسي – الإيراني على خلفية المشادة الكلامية التي حصلت بين أمير قطر تميم بن حمد بن جاسم وممثل روسيا في الأمم المتحدة والتي جاءت في أثرها تهديدات روسيا بمحو قطر من خارطة الشرق الأوسط، وأن التعهيد الروسي غيّر اللعبة السياسية في الشرق الأوسط من خلال إزاحة أمريكا للحمدين مخافة إقدام روسيا على أية مغامرة قد تهز المنطقة برمتها.
وأضافت المصادر الدبلوماسية وفق ما نقلت عنها صحيفة ‘الخبر برس’ يوم 12 من الجاري من دون أن تسميها، أن “الحرب السياسية والمخابراتية التي تعتزم القيام بها روسيا ضد السعودية، ستكون شرارتها الأولى كشف ملفات كبيرة ضد حكومة الرياض وفضائح لا أخلاقية تتحدث عن قصص نكاح وقعت بين يهود وأميرات سعوديات من العائلة الحاكمة”.
اليوم يبدو أن الدور ذاته جاء على السعودية من أجل الإطاحة بنظامها الذي تمادى كثيراً في ممارساته الإرهابية الخطيرة وتآمره على محور المقاومة – روسيا.
إيــران تنضــم لروسيــا و تحـــذر
إيران بدورها بعثت بتحذير مبطن لمن يهمهم الأمر، حيث جاء على لسان وزير خارجيتها ‘محمد جواد ظريف’ الذي قال في مؤتمر صحافي هذا الأسبوع في لبنان: “اذا حالت بعض الضغوط السياسية التي مورست من هذا الطرف او ذاك دون مشاركة ايران في أعمال مؤتمر ‘جنيف 2′، فان هذه الاطراف ستندم على المساعي التي بذلتها للحيلولة دون مشاركة ايران في ايجاد حل ومخرج للازمة السورية”.. هذا معناه، أنه في حال لم يخرج مؤتمر “جنيف 2″ بتسوية سياسية مشرفة لمحور المقاومة وحلفائه، فإيران ستنخرط قلبا وقالبا في مشروع ‘بوتين’ لتغيير خارطة الشرق الأوسط إلى الأبد، مهما كلف الأمر من تضحيات.
محور المؤامرة فهم أن التهديد الذي حمله العنف الدبلوماسي اللفظي من قبل وزير خارجية إيران، ومباشرة بعد التهديد الروسي بتغيير خارطة المنطقة، لا يمكن أن يعني إلا أن إيران وبتنسيق وتغطية روسية، ستقوم من خلال ‘حزب الله’ بهزّة كبيرة للوضع السياسي في لبنان. وتربط أوساط سياسية خليجية بين زيارة ‘محمد ظريف’ للعراق وسوريا ولبنان والأردن وما يحضر للمنطقة بعد التهديد الروسي الإيراني.
الهرمل رسالة أمريكية سعودية للروسي والإيراني
فهمت أمريكا الرسالة الروسية والإيرانية، وقررت رفع سقف التحدي، فأوعزا للسعودية بتحريك أدواتها في جبهة النصرة، فجاء تفجير ‘الهرمل’ البقاعي اليوم ليقول: “ها نحن نضرب من جديد، وفي لبنان، لنرى ما أنتم قادرون على فعله لتغيير خارطة المنطقة كما تهددون”.
وليس صدفة أن يتزامن تصريح المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ‘دينا بدوي’ الذي جاء مباشرة صبيحة التفجير الإرهابي في ‘الهرمل’ بما يعنيه من صراحة ووضوح، ليرفع من سقف التحدي بلغة سياسية خارجة عن العرف الدبلوماسي المعتاد، ليقول للروسي والإيراني: أن لا “جنيف 2″ من دون رحيل الأسد، وأن حزب الله إرهابي، وأن لا مكان لإيران في الشرق الأوسط الصهيو – وهابي الجديد حتى يلج الجمل من سُمّ الخياط، وها نحن نتحداكم، فماذا أنتم فاعلون؟…
لكن ما تعيه أمريكا بالتأكيد، هو أن روسيا لا تمزح، وأن القيصر ‘بوتين’ ليس ‘غورباتشوف’ أو ‘يلتسين’، وأن موسكو ذاهبة الى ابعد الحدود في تنفيذ وعدها لشعبها ووعيدها للسعودي وخلفه الأمريكي، وأنها لن تسمح بسقوط النظام السوري بالقوة، وأن لا خيار لديها الا الوقوف مع حليفها السوري وصديقها الإيراني، وأن المنطقة مقبلة لا محالة على تغيير كبير سيبدأ من لبنان قريبان وأن تحذير الأمريكي لأدوات السعودية في 14 الشهر بإشغال حزب الله بحكومة “جامعة” لن تقوم لها قائمة هو مجرد شراء للوقت في إنتظار الإنقلاب الكبير الذي تحضر له السعودية وإسرائيل ضد حزب الله تحديدا.
لذلك، فأم المعارك ستكون في لبنان، وهذه المرة لن تنتظر روسيا وحلف المقاومة العدوان الصهيو – وهابي لسرقة لبنان، لأن محور المقاومة هو من يمتلك المبادرة، وسفاجأ الأعداء من حيث لا يحتسبون، خصوصا بعد أن وصلت رسالة تفجير ‘الهرمل’ واضحة لا لبس فيها.
فانتظروا إعلان فشل “جنيف 2″ ليبدأ عصر جديد في المنطقة…