مصطفى الهادي
08-02-2014, 10:53 PM
هل يمتلك ابو بكر الصديق واحدة من مزايا الصديقة مريم العذراء حتى يُقال له صديق؟
الحلقة الثامنة
بيّنا فيما سبق من الحلقات أن الإعداد الإلهي للصدّيق لا يختلف عن إعداد النبي أو الامام وذلك من حيث طهارة المولد وتعهد الرعاية ...الإلهية له منذ أن كان نطفة وحتى موته . فلا يكون آباء الأنبياء والصديقين زناة أو خطاة أو شاربي خمور ومتعاطي فجور ، بل ينتقلون من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام المطهرة .
ففي قصة إعداد الصديقة مريم نرى مظاهر العناية الإلهية بأجلى صورها وهو ما ذكرناه آنفا ، ومنذ أن ابتدأت النطفة تتشكل في رحم الأم : (( ربي أن نذرت لك ما في بطني محررا )) وشاءت العناية الإلهية أن تجعلها أنثى تملك من الفضائل ما لم يملكهُ معاصروها حتى الأنبياء حيث أن زكريا كان يتعجب من ذلك ويسألها دائما : (( من أين لك هذا مع أنه نبي )) .
وأما في العبادة فقد أذهلت مريم حتى أمها وأبوها ، والعناية الإلهية تتعهدها بالطعام ليطهر ما في بطنها ويجري على لسانها غريب الكلام . وكبار القوم وعليتهم يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم.
فلو سحبنا كل هذه المراحل على شخص (أبي بكر) الذي تسمى صديقا فهل حاز من ذلك على معشار أو تعلق منها بثوبه ذرة غبار ؟ إن الصديقية سمة لا تُمنح لشارب خمور (1) وعابد وثن ولاعب قمار تدنست روحه بكل أرجاس الجاهلية وفجورها فتسمى باصنامها وقدح بازلامها.
ولكن الصديقية تُمنح لمن كرم الله وجهة من السجود لوثن ، وأذهب عنه الرجس وطهره تطهيرا فكان نفس النبي ص (( وأنفسنا )) وأولاده الحسن والحسين أبناء النبي ص : (( وأبناءنا)) وزوجته سيدة نساء العالمين : (( ونساءنا )) .
لم يمنح الله تعالى سمة الصديقية لعوام الناس وهذه كتب الحديث والسيرة تشير إلى أن (عليا) هو فقط من حاز على تلك المرتبة السامية الشامخة لأن القرآن يخبرنا بأن كل من حازوا على مرتبة الصديقية كانوا أنبياء وأئمة مثل إبراهيم و داود وغيرهم ولذلك فمن المستحيل أن يُقال لأبي بكر صديقا لابتعاده كليا عن شروط المراتب الرفيعة وإنما هو ابن أبي قحافة او عبد الكعبة اوعتيق وليس صديق .
ويدلنا على ذلك الاختلاف المريع في روايات تسمية أبي بكر بالصديق وهذا الاختلاف يقودنا إلى أمرين .
الأول : أن كلمة صدّيق مسروقة وعَمد من عَمد إلى إضفائها على أبي بكر بغير وجه حق كما في الفاروقية لعمر (2) ، على القاعدة الأموية في مسح فضائل علي عليه السلام وابدالها ونسبها إلى آخرين : (وانظروا كل فضيلة لأبي تراب إلا وتأتوني بمناقض لها أو مشابه) .
الثاني : هذا الاضطراب والاختلاف في سبب تسمية أبي بكر بالصديق واختلاف رواتها وتضارب واضعيها يدلنا على وجود صديق واحد لهذه الأمة ، والبحث والاستسقاء يدلنا على أن هذا الشخص هو علي ابن أبي طالب عليه السلام الذي وردت بحقه روايات كثيرة متينة تشير إلى انه الصديق الأكبر .
وعلى ضوء ما تقدم يطرح السؤال التالي نفسه : هل حاز ابو بكر الصديق ولو مزية واحدة من مزايا الصديقة مريم العذراء؟ حتى يُطلق عليه لقب الصدّيق ؟؟
سؤال ليس إلا .
المراجع .
1- نلاحظ هنا أن الإمام سلام الله عليه كان كثيرا ما يُقسم بقوله : والله ما خالطت لحمي ولا دمي . ويقصد بذلك الخمر .
2- المشهور بأن الذي أطلق لقب (الفاروق) على عمر بن الخطاب هم أهل الكتاب ـ اليهود والنصارى ـ كما ينقل لنا ، فعن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن صالح بن كيسان، قال: قال بن شهاب: (بلغنا أنّ أهل الكتاب كانوا أوّل مَن قال لعمر (الفاروق) ، وكان المسلمون يؤثرون ذلك مِن قولهم، ولم يبلغنا أنّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكر من ذلك شيئاً، ولم يبلغنا أنّ بن عمر قال ذلك إلاّ لعمر، كان فيما يذكر من مناقب عمر الصالحة ويثني عليه) انتهى
وعن ابنُ شبّة (ت 262 هـ) في تاريخ المدينة، ج1 ، ص350 ، دار الكتب العلمية ـ بيروت.
ومن طريقه أيضاً الطبري في تاريخه، ج3 ، ص267 ، مؤسسة الأعلمي ـ بيروت. وأرسله الحافظ ابن الأثير مُسلّماً بعبارة: (وقال ابن شهاب بلغنا أنّ أهل الكتاب كانوا أول من قال لعمر الفاروق) ، انظر: أسد الغابة، ج4 ، ص57 . كلام الحافظ الزهري بسند صحيح: قال الحافظ محمد بن سعد (ت 230 هـ) في كتاب (الطبقات الكبرى) ، ج3 ، ص270 ، دار صادر ـ بيروت :أقول: وإسناد ابن سعد صحيح على شرط الشيخين.
نلاحظ أن أبا بكر كان حتى ذلك الوقت يُعرف بأنه عتيق أو ابن أبي قحافة ، ولم يكن له اسما آخر أو كنية آخرى ، وفي مناشدة المهاجرين والأنصار عندما وقفت ـ أصدق الخلق بعد ابيها ـ فاطمة الزهراء سلام الله عليها وقفت بين حفدتها من نسوة المهاجرين والأنصار قالت الصديقة سيدة نساء العالمين مخاطبة أبا بكر ((يابن أبي قحافة أفي كتاب الله ترث أباك ولا أرث أبي ؟ لقد جئت شيئاً فريا، أفعلى عَمْدٍ تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهورِكم))
الزهراء سلام الله عليها لم تكن تنبز أبا بكر لانها أكمل من ذلك ومن شهد لها الرسول ص بأنها بضعة منه تحمل كافة مزاياه وسجاياه ولكنها نادت أبا بكر بما كان يُعرف به في الجاهلية والاسلام ، فلم يكن أحد يناديه بغير ذلك . وعلي ابن أبي طالب عليه السلام أيضا ممن كان يناديه بابن أبي قحافة حيث ورد في خطبته الشقشقية : (ولقد تقمصها ابن أبي قحافة وهو يعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى) ، فتمعن .مشاهدة المزيد
الحلقة الثامنة
بيّنا فيما سبق من الحلقات أن الإعداد الإلهي للصدّيق لا يختلف عن إعداد النبي أو الامام وذلك من حيث طهارة المولد وتعهد الرعاية ...الإلهية له منذ أن كان نطفة وحتى موته . فلا يكون آباء الأنبياء والصديقين زناة أو خطاة أو شاربي خمور ومتعاطي فجور ، بل ينتقلون من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام المطهرة .
ففي قصة إعداد الصديقة مريم نرى مظاهر العناية الإلهية بأجلى صورها وهو ما ذكرناه آنفا ، ومنذ أن ابتدأت النطفة تتشكل في رحم الأم : (( ربي أن نذرت لك ما في بطني محررا )) وشاءت العناية الإلهية أن تجعلها أنثى تملك من الفضائل ما لم يملكهُ معاصروها حتى الأنبياء حيث أن زكريا كان يتعجب من ذلك ويسألها دائما : (( من أين لك هذا مع أنه نبي )) .
وأما في العبادة فقد أذهلت مريم حتى أمها وأبوها ، والعناية الإلهية تتعهدها بالطعام ليطهر ما في بطنها ويجري على لسانها غريب الكلام . وكبار القوم وعليتهم يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم.
فلو سحبنا كل هذه المراحل على شخص (أبي بكر) الذي تسمى صديقا فهل حاز من ذلك على معشار أو تعلق منها بثوبه ذرة غبار ؟ إن الصديقية سمة لا تُمنح لشارب خمور (1) وعابد وثن ولاعب قمار تدنست روحه بكل أرجاس الجاهلية وفجورها فتسمى باصنامها وقدح بازلامها.
ولكن الصديقية تُمنح لمن كرم الله وجهة من السجود لوثن ، وأذهب عنه الرجس وطهره تطهيرا فكان نفس النبي ص (( وأنفسنا )) وأولاده الحسن والحسين أبناء النبي ص : (( وأبناءنا)) وزوجته سيدة نساء العالمين : (( ونساءنا )) .
لم يمنح الله تعالى سمة الصديقية لعوام الناس وهذه كتب الحديث والسيرة تشير إلى أن (عليا) هو فقط من حاز على تلك المرتبة السامية الشامخة لأن القرآن يخبرنا بأن كل من حازوا على مرتبة الصديقية كانوا أنبياء وأئمة مثل إبراهيم و داود وغيرهم ولذلك فمن المستحيل أن يُقال لأبي بكر صديقا لابتعاده كليا عن شروط المراتب الرفيعة وإنما هو ابن أبي قحافة او عبد الكعبة اوعتيق وليس صديق .
ويدلنا على ذلك الاختلاف المريع في روايات تسمية أبي بكر بالصديق وهذا الاختلاف يقودنا إلى أمرين .
الأول : أن كلمة صدّيق مسروقة وعَمد من عَمد إلى إضفائها على أبي بكر بغير وجه حق كما في الفاروقية لعمر (2) ، على القاعدة الأموية في مسح فضائل علي عليه السلام وابدالها ونسبها إلى آخرين : (وانظروا كل فضيلة لأبي تراب إلا وتأتوني بمناقض لها أو مشابه) .
الثاني : هذا الاضطراب والاختلاف في سبب تسمية أبي بكر بالصديق واختلاف رواتها وتضارب واضعيها يدلنا على وجود صديق واحد لهذه الأمة ، والبحث والاستسقاء يدلنا على أن هذا الشخص هو علي ابن أبي طالب عليه السلام الذي وردت بحقه روايات كثيرة متينة تشير إلى انه الصديق الأكبر .
وعلى ضوء ما تقدم يطرح السؤال التالي نفسه : هل حاز ابو بكر الصديق ولو مزية واحدة من مزايا الصديقة مريم العذراء؟ حتى يُطلق عليه لقب الصدّيق ؟؟
سؤال ليس إلا .
المراجع .
1- نلاحظ هنا أن الإمام سلام الله عليه كان كثيرا ما يُقسم بقوله : والله ما خالطت لحمي ولا دمي . ويقصد بذلك الخمر .
2- المشهور بأن الذي أطلق لقب (الفاروق) على عمر بن الخطاب هم أهل الكتاب ـ اليهود والنصارى ـ كما ينقل لنا ، فعن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن صالح بن كيسان، قال: قال بن شهاب: (بلغنا أنّ أهل الكتاب كانوا أوّل مَن قال لعمر (الفاروق) ، وكان المسلمون يؤثرون ذلك مِن قولهم، ولم يبلغنا أنّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكر من ذلك شيئاً، ولم يبلغنا أنّ بن عمر قال ذلك إلاّ لعمر، كان فيما يذكر من مناقب عمر الصالحة ويثني عليه) انتهى
وعن ابنُ شبّة (ت 262 هـ) في تاريخ المدينة، ج1 ، ص350 ، دار الكتب العلمية ـ بيروت.
ومن طريقه أيضاً الطبري في تاريخه، ج3 ، ص267 ، مؤسسة الأعلمي ـ بيروت. وأرسله الحافظ ابن الأثير مُسلّماً بعبارة: (وقال ابن شهاب بلغنا أنّ أهل الكتاب كانوا أول من قال لعمر الفاروق) ، انظر: أسد الغابة، ج4 ، ص57 . كلام الحافظ الزهري بسند صحيح: قال الحافظ محمد بن سعد (ت 230 هـ) في كتاب (الطبقات الكبرى) ، ج3 ، ص270 ، دار صادر ـ بيروت :أقول: وإسناد ابن سعد صحيح على شرط الشيخين.
نلاحظ أن أبا بكر كان حتى ذلك الوقت يُعرف بأنه عتيق أو ابن أبي قحافة ، ولم يكن له اسما آخر أو كنية آخرى ، وفي مناشدة المهاجرين والأنصار عندما وقفت ـ أصدق الخلق بعد ابيها ـ فاطمة الزهراء سلام الله عليها وقفت بين حفدتها من نسوة المهاجرين والأنصار قالت الصديقة سيدة نساء العالمين مخاطبة أبا بكر ((يابن أبي قحافة أفي كتاب الله ترث أباك ولا أرث أبي ؟ لقد جئت شيئاً فريا، أفعلى عَمْدٍ تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهورِكم))
الزهراء سلام الله عليها لم تكن تنبز أبا بكر لانها أكمل من ذلك ومن شهد لها الرسول ص بأنها بضعة منه تحمل كافة مزاياه وسجاياه ولكنها نادت أبا بكر بما كان يُعرف به في الجاهلية والاسلام ، فلم يكن أحد يناديه بغير ذلك . وعلي ابن أبي طالب عليه السلام أيضا ممن كان يناديه بابن أبي قحافة حيث ورد في خطبته الشقشقية : (ولقد تقمصها ابن أبي قحافة وهو يعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى) ، فتمعن .مشاهدة المزيد