حسين ال دخيل
12-02-2014, 05:08 PM
أعلم الصحابة
قال ابن تيمية اتفق علماء السنة على أن أعلم الناس بعد رسول الله (ص) أبو بكر ثم عمر .
أنكر أفضلية الإمام علي (ع) وتقدمه على الصحابة في العلم وقال : " قال ابن تيمية اتفق علماء السنة على أن أعلم الناس بعد رسول الله (ص) أبو بكر ثم عمر ، وقد ذكر غير واحد الإجماع على أن أبا بكر أعلم الصحابة كلهم " .
نقول :
ذكر الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) باب إسلامه (رض) - أي إسلام علي (ع) : " عن معقل بن يسار قال : وضأت النبي (ص) … قال عبد الله : وجدت في كتاب أبي بخط يده في هذا الحديث قال : أما ترضين أن زوجتك أقدم أمتي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما ، قال الهيثمي : رواه أحمد والطبراني برجال وثقوا ، ورواية أحمد في مسند معقل بن يسار
وعن أبي إسحاق أن عليا لما تزوج … قال النبي (ص) : لقد زوجتكه وإنه لأول أصحابي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما ، قال الهيثمي : رواه الطبراني وهو مرسل صحيح الإسناد " (1) .
وروى ابن الأثير نحوه في ( أسد الغابة ) في ترجمة فاطمة (ع) بسنده عن علي (ع) : " … فزوجه رسول الله (ص) فاطمة فلما بلغ ذلك فاطمة بكت ، قال : فدخل عليها رسول الله (ص) فقال : مالك تبكين يا فاطمة ! فوالله لقد أنكحتك أكثرهم علما ، وأفضلهم حلما وأولهم سلما " (2) ، وذكره المتقي الهندي في ( كنز العمال ) ، وقال بعدها : أخرجه ابن جرير وصححه والدولابي في ( الذرية الطاهرة ) (3) .
وذكر عن بريدة قال : قال رسول الله (ص) لفاطمة : زوجتك خير أهلي ، أعلمهم علما وأفضلهم حلما وأولهم سلما ، وقال : أخرجه الخطيب في ( المتفق والمفترق ) (4) .
وذكر عنه (ص) : أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب قال : أخرجه الديلمي عن سلمان (5) .
وروى الطبراني في ( المعجم الكبير ) عن سلمان قال : قلت : يا رسول الله لكل نبي وصي فمن وصيك ؟ فسكت عني فلما كان بعد رآني ، فقال : يا سلمان فأسرعت إليه ، قلت : لبيك ، قال " تعلم من وصي موسى ؟ قلت : نعم يوشع بن نون ، قال : لم ؟ قلت : لأنه كان أعلمهم ، قال فإن وصي وموضع سري وخير من أترك بعدي ينجز عدتي ويقضي ديني علي بن أبي طالب " (6) .
فهذه أحاديث مرفوعة إلى رسول الله (ص) فيها تصريح بأعلمية علي (ع) وتقدمه في العلم على جميع الصحابة في عصره .
وأما الأحاديث الموقوفة على الصحابة فأولها ما رواه الحاكم في ( المستدرك ) عن قيس بن أبي حازم قال : " كنت بالمدينة فبينا أنا أطوف في السوق إذ بلغت أحجار الزيت ، فرأيت قوما مجتمعين على فارس قد ركب دابة وهو يشتم علي بن أبي طالب والناس وقوف حواليه ، إذ أقبل سعد ابن أبي وقاص فوقف عليهم ، فقال : ما هذا ؟ فقالوا : رجل يشتم علي بن أبي طالب ، فتقدم سعد فأفرجوا له حتى وقف عليه ، فقال : يا هذا على ما تشتم علي بن أبي طالب ألم يكن أول من أسلم ألم يكن أول من صلى مع رسول الله (ص) ألم يكن أزهد الناس ألم يكن أعلم الناس ، وذكر حتى قال : ألم يكن ختن رسول الله (ص) على ابنته ألم يكن صاحب راية رسول الله (ص) في غزواته ثم استقبل القبلة ورفع يديه ، وقال : اللهم إن هذا يشتم وليا من أوليائك فلا تفرق هذا الجمع حتى تريهم قدرتك ، قال قيس : فوالله ما تفرقنا حتى ساخت به دابته فرمته على هامته في تلك الأحجار فانفلق دماغه ومات .
قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
وقال الذهبي في التلخيص : على شرط البخاري ومسلم " (7) .
وروى أحمد في مسنده عن عمرو بن حبشي قال : " خطبنا الحسن بن علي بعد قتل علي (رض) فقال : لقد فارقكم رجل بالأمس ما سبقه الأولون بعلم ولا أدركه الآخرون ، إن كان رسول الله (ص) ليبعثه ويعطيه الراية ، فلا ينصرف حتى يفتح له ، وما ترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبع مئة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم أهله " ، قال محقق الكتاب : حسن ، عمرو بن حبشي روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في ( الثقات ) ج5 ص173 وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين " (8) .
ورواه أحمد في ( فضائل الصحابة ) عن عمرو بن حبشي ، وقال محقق الكتاب : إسناده صحيح …
وأخرجه ابن سعد ج3 ص38 من طريقين صحيحين عن هبيرة ، وأخرجه ابن حبان كما في ( الموارد ) ص545 من طريق أبي بكر بن أبي شيبة حدثنا
عبد الله بن نمير عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق وإسناده صحيح ، وأخرجه الطبراني في ( الكبير ) 793-81 من طرق عن هبيرة ، وذكره الهيثمي ج9 ص146 ونسبه لأحمد والطبراني وحسن طرقه " (9) .
وفي هذا المعنى يروي الحاكم في ( المستدرك ) : عن ابن عباس (رض) قال : كان علي يقول في حياة رسول الله (ص) إن الله يقول : ( أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ) ، والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت والله أني لأخوه ووليه وابن عمه ووارث علمه فمن أحق به مني " (10) .
فهنا يصرح الإمام علي (ع) أيضا بأنه وارث علم النبي (ص) .
قال المناوي في ( فيض القدير ) : " وأخرج عن ابن مسعود قال :كنت عند النبي (ص) فسئل عن علي كرم الله وجهه فقال : قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطى علي تسعة أجزاء والناس جزءا واحدا ، وعنه أيضا أنزل القرآن على سبعة أحرف ما منها حرف إلا وله بطن وظهر ، وأما علي فعنده منه علم الظاهر والباطن … ، وأخرج ابن عباس كنا نتحدث أن رسول الله (ص) عهد إلى علي كرم الله وجهه سبعين عهدا لم يعهده إلى غيره ، والأخبار في هذا الباب لا تكاد تحصى … وقد شهد له بالأعلمية الموافق والمخالف والمعادي والمحالف ، خرج الكلاباذي أن رجلا سأل معاوية عن مسألة فقال : سل عليا هو أعلم مني ، فقال : أريد جوابك ، قال : ويحك كرهت رجلا كان رسول الله (ص) يعزه بالعلم عزا ، وقد كان أكابر الصحابة يعترفون له بذلك وكان عمر يسأله عما أشكل عليه ، جاءه رجل فسأله مسألة فقال : ههنا علي فاسأله … وصح عنه من طرق انه كان يتعوذ من قوم ليس هو فيهم حتى أمسكه عنده ولم يوله شيئا من البعوث لمشاورته في المشكل ، وأخرج الحافظ عبد الملك بن سليمان قال : ذكر لعطاء أكان أحد من الصحب أفقه من علي قال : لا والله ، قال الحرالي : قد علم الأولون والآخرون أن فهم كتاب الله منحصر إلى علم علي " (11) .
وروى الحاكم في ( المستدرك ) : عن أبي إسحاق سألت قثم ابن العباس : كيف ورث علي رسول الله (ص) دونكم ؟ قال : لأنه كان أولنا به لحوقا وأشدنا به لزوقا ، قال الذهبي : صحيح (12) .
ثم في الحديث التالي روى عن إسماعيل بن إسحاق القاضي حينما ذكر له قول قثم هذا فقال : إنما يرث الوارث بالنسب أو بالولاء ولا خلاف بين أهل العلم أن ابن العم لا يرث مع العم ، فقد ظهر بهذا الإجماع أن عليا ورث العلم من النبي دونهم (13)
وقد روي عن علي (ع) أنه كانت له كل ليلة ساعة من السحر يدخل فيها على رسول الله (ص) كما يروي النسائي في ( السنن الكبرى ) بسند صحيح : " كانت لي ساعة من السحر أدخل فيها على رسول الله (ص) فإن كان في صلاته سبح فكان ذلك إذنه لي وإن لم يكن في صلاته أذن لي " (14) .
وفي رواية أخرى يخبر الإمام علي (ع) أن تلك الساعة من رسول الله (ص) لم تكن لأحد من الناس : " كانت لي منزلة من رسول الله (ص) لم تكن لأحد من الخلائق فكنت آتيه كل سحر …" قال المحقق : إسناده ثقات إلا أن فيه عبد الله بن نجي صدوق (15) .
وروى النسائي وقال المحقق : إسناده صحيح (16) ، والحاكم في المستدرك عن علي (ع) : " كنت والله إذا سألت أعطيت ، وإذا سكت ابتديت " ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وقال الذهبي : على شرط البخاري ومسلم (17) .
ويروي ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) في ترجمة علي (ع) عن عبد الملك بن أبي سليمان يسأل عطاء : أكان في أصحاب محمد (ص) أعلم من علي ؟ قال : لا والله ما أعلمه " (18) .
وأما بالنسبة لأعلميته في القضاء فلا شك في ذلك لما ورد في صحيح البخاري كتاب التفسير في تفسير سورة البقرة عن ابن عباس قال : قال عمر : " أقرؤنا أبي ، وأقضانا علي " (19) .
وقال ابن حجر في ( فتح الباري ) : " … وأما قوله وأقضانا علي فورد في حديث مرفوع أيضا عن أنس رفعه ( أقضى أمتي علي بن أبي طالب ) أخرجه البغوي … وروى البزار من حديث ابن مسعود قال : كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب (رض) " (20) .
وروى الحاكم في ( المستدرك ) : " قال علي (رض) : بعثني رسول الله (ص) إلى اليمن قال : فقلت : يا رسول الله أني رجل شاب وأنه يرد علي من القضاء ما لا علم لي به ، قال : فوضع يده على صدري وقال : اللهم ثبت لسانه واهد قلبه ، فما
شككت في القضاء أو في قضاء بعد هذا " ، قال الذهبي : على شرط البخاري ومسلم (21) .
وأما حديث البخاري (22) ومسلم (23) والذي روياه عن أبي سعيد : " كان أبا بكر أعلمنا بالنبي (ص) " ، ففضلا عن كونه موقوف على صحابي فإن المقصود به العلم بأحوال النبي (ص) كما يظهر من سياق الحديث لا العلم بالدين ، حيث قال رسول الله (ص) كلمة على المنبر كنى بها عن نفسه فلم يعرف ذلك غير أبي بكر ، والدليل على ذلك أيضا أن ابن حجر حينما فسر العبارة في ( الفتح ) حيث الرواية في باب فضائل الصحابة بلفظ ( وكان أبو بكر أعلمنا ) قال : " في رواية مالك ( وكان أبو بكر هو أعلمنا به ) أي بالنبي (ص) أو بالمراد من الكلام المذكور " (24) ، فليس الحديث عن الأعلمية بما عند النبي (ص) من علم ، ولا يقاس مثل السند الموقوف على صحابي بسند مرفوع إلى النبي (ص) بأن علي (ع) " أكثرهم علما " كما جاء ذكره في عدة روايات ذكرنا بعضها .
وأمام النص الشرعي وقول رسول الله (ص) الصريح لا محل للرجوع إلى مخالفات مثل ابن تيمية وابن حزم وأرائهم الشخصية .
ثم إن صحاح أهل السنة حافلة بأخبار واضحة في جهل الخليفتين بكثير من الأحكام والوقائع الأساسية التي لا ينبغي أن تجهل من قبل إمام المسلمين ورجوعهم إلى علي (ع) في المعضلات ، منها :
أ - أبو بكر يجهل تفسير آية من القرآن .
قال ابن حجر في ( فتح الباري ) : " أخرج عبد بن حميد … عن إبراهيم النخعي قال : قرأ أبو بكر الصديق " وفاكهة وأبا " فقيل : ما الأب ؟ فقيل : كذا وكذا ، وقال أبو بكر : إن هذا لهو التكلف أي أرض تقلني أو أي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم ، وهذا منقطع بين النخعي والصديق ، وأخرج أيضا من طريق إبراهيم التيمي أن أبا بكر سئل عن " الأب " ما هو ؟ فقال : أي سماء تظلني فذكر مثله ، وهو منقطع أيضا لكن أحدهما يقوي الآخر " (25) .
ب - أصغر الناس يعرف من رسول الله (ص) ما يجهله عمر الذي يعترف بأنه ألهاه عن ذلك الصفق بالأسواق .
روى مسلم في كتاب الآداب باب الاستئذان عن عبيد بن عمير قال : " استأذن أبو موسى على عمر فكأنه وجده مشغولا فرجع ، فقال عمر : ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس ائذنوا له ، فدعي له ، فقال : ما حملك على ما صنعت ؟ فقال : إنا كنا نؤمر بهذا ، قال : فأتني على هذا ببينة أو لأفعلن بك ، فانطلق إلى مجلس من الأنصار ، فقالوا : لا يشهد إلا أصاغرنا فقام أبو سعيد الخدري ، فقال : قد كنا نؤمر بهذا ، فقال عمر : خفي علي هذا من أمر النبي (ص) ألهاني الصفق بالأسواق " (26) .
ج - الإمام علي (ع) ينبه عمر إلى حكم أساسي .
روى البخاري معلقا في كتاب المحاربين باب لا يرجم المجنون والمجنونة : " وقال علي لعمر : أما علمت أن القلم رفع عن المجنون حتى يفيق وعن الصبي حتى يدرك وعن النائم حتى يستيقظ " (27) .
قال ابن حجر في ( الفتح ) : " وفي أول الأثر قصة تناسب هذه الترجمة وهو عن ابن عباس أتى عمر أي بمجنونة قد زنت وهي حبلى فأراد أن يرجمها فقال له علي : أما بلغك أن القلم قد رفع عن ثلاثة فذكره " ، ثم ذكر ابن حجر عدة أسانيد للخبر ، إلى أن قال : " وهذه طرق تقوي بعضها ببعض " (28) .
د - عمر يجهل ماذا كان رسول الله (ص) يقرأ في صلاة العيد .
فقد روى مسلم في كتاب صلاة العيدين باب ما يقرأ به في صلاة العيد : عن عبيد الله بن عبد الله أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي ما كان يقرأ به رسول الله (ص) في الأضحى والفطر ، فقال : كان يقرأ فيهما بـ ( ق والقرآن المجيد ) و ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) (29) .
هـ - عمر يسمي معرفة تفسير القرآن تكلف منهي عنه .
روى البخاري في كتاب الاعتصام باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه عن أنس قال : كنا عند عمر فقال : نهينا عن التكلف (30) .
ويوضح ذلك ابن حجر في ( فتح الباري ) : " قوله عن أنس كنا عند عمر فقال : ( نهينا عن التكلف ) ، هكذا أورده مختصرا وذكر الحميدي أنه جاء في رواية أخرى عن ثابت عن أنس أن عمر قرأ ( فاكهة وأبا ) فقال : ما الأب ، ثم قال : ما كلفنا أو قال : ما أمرنا بهذا قلت : هو عند الإسماعيلي من رواية هشام عن ثابت .
وأخرجه من طريق يونس بن عبيد عن ثابت بلفظ أن رجلا سأل عمر بن الخطاب عن قوله " وفاكهة وأبا " ما الأب فقال عمر : نهينا عن التعمق والتكلف وهذا أولى أن يكمل به الحديث الذي أخرجه البخاري .
وأولى منه ما أخرجه أبو نعيم في ( المستخرج ) من طريق أبي مسلم الكجي عن سليمان بن حرب شيخ البخاري فيه ولفظه عن أنس كنا عند عمر وعليه قميص في ظهره أربع رقاع فقرأ وفاكهة وأبا ، فقال : هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأب ؟ ثم قال : مه نهينا عن التكلف ، وقد أخرجه عبد بن حميد في تفسيره عن سليمان بن حرب بهذا السند مثله سواء ، وأخرجه أيضا عن سليمان بن حرب عن حماد بن سلمة بدل حماد بن زيد وقال : بعد قوله فما الأب ؟ ثم قال : يا ابن أم عمر أن هذا له التكلف وما عليك أن لا تدري ما الأب " .
ونقل ابن حجر لفظ آخر للحديث : " الزهري عن أنس أنه أخبره أنه سمع عمر يقول : ( فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا ..) الآية إلى قوله " وأبا " ، قال : كل هذا قد عرفناه فما الأب ؟ ثم رمى عصى كانت في يده ، ثم قال : هذا لعمر الله التكلف اتبعوا ما بين لكم من هذا الكتاب … وأخرج عبد بن حميد أيضا من طريق إبراهيم النخعي عن عبد الرحمن بن زيد أن رجلا سأل عمر عن فاكهة وأبا ، فلما رآهم عمر يقولون أقبل عليهم بالدرة " .
وفي الختام قال ابن حجر : " تنبيه : في إخراج البخاري هذا الحديث في آخر الباب مصير منه إلى قول الصحابي " أمرنا ونهينا " في حكم المرفوع ولو لم يضفه إلى النبي (ص) ، ومن ثم اقتصر على قوله ( نهينا عن التكلف ) وحذف القصة " (31) .
و - عمر يجهل حكم التيمم عند فقد الماء في فترة خلافته .
روى مسلم كتاب الحيض باب التيمم : " عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه أن رجلا أتى عمر فقال : إني أجنبت فلم أجد ماء فقال : لا تصل فقال : عمار أما تذكر يا أمير المؤمنين إذا أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت في التراب وصليت ، فقال النبي (ص) : إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ثم تنفخ ثم تمسح بهما وجهك وكفيك فقال عمر : اتق الله يا عمار! قال : إن شئت لم أحدث به " (32) .
أما البخاري فقد نقل الحديث باب التيمم باب المتيمم هل ينفخ فيهما ولم يذكر رد عمر ( لا تصل ) ولا قوله لعمار ( اتق الله ) (33) .
والعجيب أن حكم التيمم نزل فيه قرآن قرأه المسلمون وهي قوله تعالى ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) (34) .
ز - عمر لا يرى آية الكلالة بينة وواضحة حتى مع تنبيه رسول الله (ص) له بذلك ، ولذلك نوى أن يقضي فيها بقضية … وهل هو اجتهاد في مقابل النص القرآني ؟
روى مسلم كتاب الفرائض باب ميراث الكلالة عن معدان بن أبي طلحة أن عمر بن الخطاب خطب يوم جمعة فذكر نبي الله (ص) وذكر أبا بكر ثم قال : " إني لا أدع بعدي شيئا أهم عندي من الكلالة ما راجعت رسول الله (ص) في شيء ما راجعته في الكلالة وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيه حتى طعن بإصبعه في صدري وقال : يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء ، وإني إن أعش أقض فيها بقضية يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن " (35) .
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم : " وأما قوله وإني إن أعش إلى آخره ، هذا من كلام عمر لا من كلام النبي (ص) وإنما أخر القضاء فيها لأنه لم يظهر له في ذلك الوقت ظهورا يحكم به فأخره حتى يتم اجتهاده فيه ويستوفي نظره " (36) ، رسول الله (ص) يقول : " ألا تكفيك آية الصيف ، والنووي يبرر تأخير عمر الحكم حتى في زمن خلافته أن الآية لا تكفي لتوضيح الرأي في المسألة !!
ح - عمر يخالف حكم كتاب الله بتصريح ابنه عبد الله بن عمر .
قال ابن حزم في كتابه ( الإحكام ) : " وقيل لابن عمر في اختياره متعة الحج على الإفراد : إنك تخالف أباك ، فقال : أكتاب الله أحق أن يتبع أم عمر ؟ روينا ذلك عنه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر " (37) .
والحديث رواه الترمذي في ( السنن ) عن سالم بن عبد الله حدثه " أنه سمع رجلا من أهل الشام وهو يسأل عبد الله بن عمر عن التمتع بالعمرة إلى الحج ؟ فقال عبد الله بن عمر : هي حلال ، فقال الشامي : إن أباك قد نهى عنها فقال عبد الله بن عمر : أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله (ص) أأمر أبي نتبع أم أمر رسول الله (ص) ، فقال الرجل : بل أمر رسول الله (ص) فقال : لقد صنعها رسول الله (ص) " (38) ، وقد صحح الألباني الحديث .
بل قال ابن كثير في تاريخه : " وكان ابنه عبد الله يخالفه ، فيقال له إن أباك كان ينهى عنها ، فيقول : خشيت أن يقع عليكم حجارة من السماء ، قد فعلها رسول الله (ص) ، أفسنة رسول الله نتبع أم سـنة عمر ؟ " (39) .
وقال ابن حزم كذلك في كتاب ( الإحكام ) : " وهذا أبو بكر ( رض ) لم يعرف فرض ميراث الجدة وعرفه محمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة وقد سأل أبو بكر ( رض ) عائشة في كم كفن رسول الله (ص) .
وهذا عمر ( رض ) يقول في حديث الاستئذان : أخفي علي هذا من أمر رسول الله (ص) ألهاني الصفق في الأسواق ، وقد جهل أيضا أمر إملاص المرأة وعرفه غيره ، وغضب على عيينة بن حصن حتى ذكره الحر بن قيس بن حصن بقوله تعالى : ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) ، وخفي عليه أمر رسول الله (ص) بإجلاء اليهود والنصارى من جزيرة العرب إلى آخر خلافته وخفي على أبي بكر ( رض ) قبله أيضا طول مدة خلافته فلما بلغ ذلك عمر أمر بإجلائهم فلم يترك بها منهم أحدا ، وخفي على عمر أيضا أمره (ع) بترك الإقدام على الوباء وعرف ذلك عبد الرحمن بن عوف .
وسأل عمر أبا واقد الليثي عما كان يقرأ به رسول الله (ص) في صلاتي الفطر والأضحى ، هذا وقد صلاهما رسول الله (ص) أعواما كثيرة ، ولم يدر ما يصنع بالمجوس حتى ذكره عبد الرحمن بأمر رسول الله (ص) فيهم ونسي قبوله عليه السلام الجزية من مجوس البحرين وهو أمر مشهور ولعله (رض) قد أخذ من ذلك المال حظا كما أخذ غيره منه .
ونسي أمره (ع) بأن يتيمم الجنب فقال : لا يتيمم أبدا ولا يصلي مالم يجد الماء ، وذكره بذلك عمار وأراد قسمة مال الكعبة حتى احتج عليه أبي بن كعب بأن النبي (ص) لم يفعل ذلك فأمسك ، وكان يرد النساء اللواتي حضن ونفرن قبل أن يودعن البيت حتى أخبر بأن رسول الله (ص) أذن في ذلك فأمسك عن ردهن ، وكان يفاضل بين ديات الأصابع حتى بلغه عن النبي (ص) أمره بالمساواة بينها فترك قوله وأخذ بالمساواة ، وكان يرى الدية للعصبة فقط حتى أخبره الضحاك بن سفيان بأن النبي (ص) ورث المرأة من الدية فانصرف عمر إلى ذلك ، ونهى عن المغالاة في مهور النساء استدلالا بمهور النبي (ص) حتى ذكرته امرأة فرجع عن نهيه ، وأراد رجم مجنونة حتى أعلم بقول رسول الله (ص) رفع القلم عن ثلاثة فأمر ألا ترجم ، وأمر برجم مولاة حاطب حتى ذكره عثمان بأن الجاهل لا حد عليه فأمسك عن رجمها ، وأنكر على حسان الإنشاد في المسجد فأخبره هو وأبو هريرة أنه قد أنشد فيه بحضرة رسول الله (ص) فسكت عمر " (40) . انتهى كلام ابن حزم .
فبعد هذا يتبين أي الصحابة أعلم وألصق برسول الله (ص) وأيهم شغله الصفق في الأسواق .
==========================
(1) مجمع الزوائد - ج9 ص101
(2) أسد الغابة - ج6 ص224
(3) كنز العمال - ج13 ص114 ح36370
(4) نفس المصدر السابق - ج11 ص605 ح32926
(5) نفس المصدر السابق - ص614
(6) المعجم الكبير - ج ص221
(7) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص571 (6121)
(8) مسند أحمد بن حنبل - ج3 ص247
(9) فضائل الصحابة - ج1 ص674 رقم 922
(10) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص126
(11) فيض القدير - ج3 ص46
(12) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص136
(13) نفس المصدر السابق - حديث (4634 )
(14) السنن الكبرى - ج5 ص140
(15) نفس المصدر السابق - ص141
(16) السنن الكبرى - ج5 ص142
(17) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص135 (4630)
(18) الاستيعاب - ج3 ص206
(19) صحيح البخاري - ج6 ص23
(20) فتح الباري - ج8 ص167
(21) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص145
(22) صحيح البخاري - ج5 ص73
(23) صحيح مسلم - ج4 ص1854
(24) فتح الباري - ج7 ص12
(25) فتح الباري - ج13 ص272
(26) صحيح مسلم - ج3 ص1695
(27) صحيح البخاري - ج8 ص204
(28) فتح الباري - ج12 ص121
(29) صحيح مسلم - ج2 ص607
(30) صحيح البخاري - ج9 ص118
(31) فتح الباري - ج13 ص272
(32) صحيح مسلم - ج1 ص280
(33) صحيح البخاري - ج1 ص92
(34) المائدة : 6
(35) صحيح مسلم - ج3 ص1236
(36) شرح النووي على صحيح مسلم - ج11 ص57
(37) الإحكام - ج1 ص157
(38) سنن الترمذي - ج3 ص185
(39) البداية والنهاية - ج5 ص141
(40) الإحكام - ج1 ص153
قال ابن تيمية اتفق علماء السنة على أن أعلم الناس بعد رسول الله (ص) أبو بكر ثم عمر .
أنكر أفضلية الإمام علي (ع) وتقدمه على الصحابة في العلم وقال : " قال ابن تيمية اتفق علماء السنة على أن أعلم الناس بعد رسول الله (ص) أبو بكر ثم عمر ، وقد ذكر غير واحد الإجماع على أن أبا بكر أعلم الصحابة كلهم " .
نقول :
ذكر الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) باب إسلامه (رض) - أي إسلام علي (ع) : " عن معقل بن يسار قال : وضأت النبي (ص) … قال عبد الله : وجدت في كتاب أبي بخط يده في هذا الحديث قال : أما ترضين أن زوجتك أقدم أمتي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما ، قال الهيثمي : رواه أحمد والطبراني برجال وثقوا ، ورواية أحمد في مسند معقل بن يسار
وعن أبي إسحاق أن عليا لما تزوج … قال النبي (ص) : لقد زوجتكه وإنه لأول أصحابي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما ، قال الهيثمي : رواه الطبراني وهو مرسل صحيح الإسناد " (1) .
وروى ابن الأثير نحوه في ( أسد الغابة ) في ترجمة فاطمة (ع) بسنده عن علي (ع) : " … فزوجه رسول الله (ص) فاطمة فلما بلغ ذلك فاطمة بكت ، قال : فدخل عليها رسول الله (ص) فقال : مالك تبكين يا فاطمة ! فوالله لقد أنكحتك أكثرهم علما ، وأفضلهم حلما وأولهم سلما " (2) ، وذكره المتقي الهندي في ( كنز العمال ) ، وقال بعدها : أخرجه ابن جرير وصححه والدولابي في ( الذرية الطاهرة ) (3) .
وذكر عن بريدة قال : قال رسول الله (ص) لفاطمة : زوجتك خير أهلي ، أعلمهم علما وأفضلهم حلما وأولهم سلما ، وقال : أخرجه الخطيب في ( المتفق والمفترق ) (4) .
وذكر عنه (ص) : أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب قال : أخرجه الديلمي عن سلمان (5) .
وروى الطبراني في ( المعجم الكبير ) عن سلمان قال : قلت : يا رسول الله لكل نبي وصي فمن وصيك ؟ فسكت عني فلما كان بعد رآني ، فقال : يا سلمان فأسرعت إليه ، قلت : لبيك ، قال " تعلم من وصي موسى ؟ قلت : نعم يوشع بن نون ، قال : لم ؟ قلت : لأنه كان أعلمهم ، قال فإن وصي وموضع سري وخير من أترك بعدي ينجز عدتي ويقضي ديني علي بن أبي طالب " (6) .
فهذه أحاديث مرفوعة إلى رسول الله (ص) فيها تصريح بأعلمية علي (ع) وتقدمه في العلم على جميع الصحابة في عصره .
وأما الأحاديث الموقوفة على الصحابة فأولها ما رواه الحاكم في ( المستدرك ) عن قيس بن أبي حازم قال : " كنت بالمدينة فبينا أنا أطوف في السوق إذ بلغت أحجار الزيت ، فرأيت قوما مجتمعين على فارس قد ركب دابة وهو يشتم علي بن أبي طالب والناس وقوف حواليه ، إذ أقبل سعد ابن أبي وقاص فوقف عليهم ، فقال : ما هذا ؟ فقالوا : رجل يشتم علي بن أبي طالب ، فتقدم سعد فأفرجوا له حتى وقف عليه ، فقال : يا هذا على ما تشتم علي بن أبي طالب ألم يكن أول من أسلم ألم يكن أول من صلى مع رسول الله (ص) ألم يكن أزهد الناس ألم يكن أعلم الناس ، وذكر حتى قال : ألم يكن ختن رسول الله (ص) على ابنته ألم يكن صاحب راية رسول الله (ص) في غزواته ثم استقبل القبلة ورفع يديه ، وقال : اللهم إن هذا يشتم وليا من أوليائك فلا تفرق هذا الجمع حتى تريهم قدرتك ، قال قيس : فوالله ما تفرقنا حتى ساخت به دابته فرمته على هامته في تلك الأحجار فانفلق دماغه ومات .
قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
وقال الذهبي في التلخيص : على شرط البخاري ومسلم " (7) .
وروى أحمد في مسنده عن عمرو بن حبشي قال : " خطبنا الحسن بن علي بعد قتل علي (رض) فقال : لقد فارقكم رجل بالأمس ما سبقه الأولون بعلم ولا أدركه الآخرون ، إن كان رسول الله (ص) ليبعثه ويعطيه الراية ، فلا ينصرف حتى يفتح له ، وما ترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبع مئة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم أهله " ، قال محقق الكتاب : حسن ، عمرو بن حبشي روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في ( الثقات ) ج5 ص173 وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين " (8) .
ورواه أحمد في ( فضائل الصحابة ) عن عمرو بن حبشي ، وقال محقق الكتاب : إسناده صحيح …
وأخرجه ابن سعد ج3 ص38 من طريقين صحيحين عن هبيرة ، وأخرجه ابن حبان كما في ( الموارد ) ص545 من طريق أبي بكر بن أبي شيبة حدثنا
عبد الله بن نمير عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق وإسناده صحيح ، وأخرجه الطبراني في ( الكبير ) 793-81 من طرق عن هبيرة ، وذكره الهيثمي ج9 ص146 ونسبه لأحمد والطبراني وحسن طرقه " (9) .
وفي هذا المعنى يروي الحاكم في ( المستدرك ) : عن ابن عباس (رض) قال : كان علي يقول في حياة رسول الله (ص) إن الله يقول : ( أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ) ، والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت والله أني لأخوه ووليه وابن عمه ووارث علمه فمن أحق به مني " (10) .
فهنا يصرح الإمام علي (ع) أيضا بأنه وارث علم النبي (ص) .
قال المناوي في ( فيض القدير ) : " وأخرج عن ابن مسعود قال :كنت عند النبي (ص) فسئل عن علي كرم الله وجهه فقال : قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطى علي تسعة أجزاء والناس جزءا واحدا ، وعنه أيضا أنزل القرآن على سبعة أحرف ما منها حرف إلا وله بطن وظهر ، وأما علي فعنده منه علم الظاهر والباطن … ، وأخرج ابن عباس كنا نتحدث أن رسول الله (ص) عهد إلى علي كرم الله وجهه سبعين عهدا لم يعهده إلى غيره ، والأخبار في هذا الباب لا تكاد تحصى … وقد شهد له بالأعلمية الموافق والمخالف والمعادي والمحالف ، خرج الكلاباذي أن رجلا سأل معاوية عن مسألة فقال : سل عليا هو أعلم مني ، فقال : أريد جوابك ، قال : ويحك كرهت رجلا كان رسول الله (ص) يعزه بالعلم عزا ، وقد كان أكابر الصحابة يعترفون له بذلك وكان عمر يسأله عما أشكل عليه ، جاءه رجل فسأله مسألة فقال : ههنا علي فاسأله … وصح عنه من طرق انه كان يتعوذ من قوم ليس هو فيهم حتى أمسكه عنده ولم يوله شيئا من البعوث لمشاورته في المشكل ، وأخرج الحافظ عبد الملك بن سليمان قال : ذكر لعطاء أكان أحد من الصحب أفقه من علي قال : لا والله ، قال الحرالي : قد علم الأولون والآخرون أن فهم كتاب الله منحصر إلى علم علي " (11) .
وروى الحاكم في ( المستدرك ) : عن أبي إسحاق سألت قثم ابن العباس : كيف ورث علي رسول الله (ص) دونكم ؟ قال : لأنه كان أولنا به لحوقا وأشدنا به لزوقا ، قال الذهبي : صحيح (12) .
ثم في الحديث التالي روى عن إسماعيل بن إسحاق القاضي حينما ذكر له قول قثم هذا فقال : إنما يرث الوارث بالنسب أو بالولاء ولا خلاف بين أهل العلم أن ابن العم لا يرث مع العم ، فقد ظهر بهذا الإجماع أن عليا ورث العلم من النبي دونهم (13)
وقد روي عن علي (ع) أنه كانت له كل ليلة ساعة من السحر يدخل فيها على رسول الله (ص) كما يروي النسائي في ( السنن الكبرى ) بسند صحيح : " كانت لي ساعة من السحر أدخل فيها على رسول الله (ص) فإن كان في صلاته سبح فكان ذلك إذنه لي وإن لم يكن في صلاته أذن لي " (14) .
وفي رواية أخرى يخبر الإمام علي (ع) أن تلك الساعة من رسول الله (ص) لم تكن لأحد من الناس : " كانت لي منزلة من رسول الله (ص) لم تكن لأحد من الخلائق فكنت آتيه كل سحر …" قال المحقق : إسناده ثقات إلا أن فيه عبد الله بن نجي صدوق (15) .
وروى النسائي وقال المحقق : إسناده صحيح (16) ، والحاكم في المستدرك عن علي (ع) : " كنت والله إذا سألت أعطيت ، وإذا سكت ابتديت " ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وقال الذهبي : على شرط البخاري ومسلم (17) .
ويروي ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) في ترجمة علي (ع) عن عبد الملك بن أبي سليمان يسأل عطاء : أكان في أصحاب محمد (ص) أعلم من علي ؟ قال : لا والله ما أعلمه " (18) .
وأما بالنسبة لأعلميته في القضاء فلا شك في ذلك لما ورد في صحيح البخاري كتاب التفسير في تفسير سورة البقرة عن ابن عباس قال : قال عمر : " أقرؤنا أبي ، وأقضانا علي " (19) .
وقال ابن حجر في ( فتح الباري ) : " … وأما قوله وأقضانا علي فورد في حديث مرفوع أيضا عن أنس رفعه ( أقضى أمتي علي بن أبي طالب ) أخرجه البغوي … وروى البزار من حديث ابن مسعود قال : كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب (رض) " (20) .
وروى الحاكم في ( المستدرك ) : " قال علي (رض) : بعثني رسول الله (ص) إلى اليمن قال : فقلت : يا رسول الله أني رجل شاب وأنه يرد علي من القضاء ما لا علم لي به ، قال : فوضع يده على صدري وقال : اللهم ثبت لسانه واهد قلبه ، فما
شككت في القضاء أو في قضاء بعد هذا " ، قال الذهبي : على شرط البخاري ومسلم (21) .
وأما حديث البخاري (22) ومسلم (23) والذي روياه عن أبي سعيد : " كان أبا بكر أعلمنا بالنبي (ص) " ، ففضلا عن كونه موقوف على صحابي فإن المقصود به العلم بأحوال النبي (ص) كما يظهر من سياق الحديث لا العلم بالدين ، حيث قال رسول الله (ص) كلمة على المنبر كنى بها عن نفسه فلم يعرف ذلك غير أبي بكر ، والدليل على ذلك أيضا أن ابن حجر حينما فسر العبارة في ( الفتح ) حيث الرواية في باب فضائل الصحابة بلفظ ( وكان أبو بكر أعلمنا ) قال : " في رواية مالك ( وكان أبو بكر هو أعلمنا به ) أي بالنبي (ص) أو بالمراد من الكلام المذكور " (24) ، فليس الحديث عن الأعلمية بما عند النبي (ص) من علم ، ولا يقاس مثل السند الموقوف على صحابي بسند مرفوع إلى النبي (ص) بأن علي (ع) " أكثرهم علما " كما جاء ذكره في عدة روايات ذكرنا بعضها .
وأمام النص الشرعي وقول رسول الله (ص) الصريح لا محل للرجوع إلى مخالفات مثل ابن تيمية وابن حزم وأرائهم الشخصية .
ثم إن صحاح أهل السنة حافلة بأخبار واضحة في جهل الخليفتين بكثير من الأحكام والوقائع الأساسية التي لا ينبغي أن تجهل من قبل إمام المسلمين ورجوعهم إلى علي (ع) في المعضلات ، منها :
أ - أبو بكر يجهل تفسير آية من القرآن .
قال ابن حجر في ( فتح الباري ) : " أخرج عبد بن حميد … عن إبراهيم النخعي قال : قرأ أبو بكر الصديق " وفاكهة وأبا " فقيل : ما الأب ؟ فقيل : كذا وكذا ، وقال أبو بكر : إن هذا لهو التكلف أي أرض تقلني أو أي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم ، وهذا منقطع بين النخعي والصديق ، وأخرج أيضا من طريق إبراهيم التيمي أن أبا بكر سئل عن " الأب " ما هو ؟ فقال : أي سماء تظلني فذكر مثله ، وهو منقطع أيضا لكن أحدهما يقوي الآخر " (25) .
ب - أصغر الناس يعرف من رسول الله (ص) ما يجهله عمر الذي يعترف بأنه ألهاه عن ذلك الصفق بالأسواق .
روى مسلم في كتاب الآداب باب الاستئذان عن عبيد بن عمير قال : " استأذن أبو موسى على عمر فكأنه وجده مشغولا فرجع ، فقال عمر : ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس ائذنوا له ، فدعي له ، فقال : ما حملك على ما صنعت ؟ فقال : إنا كنا نؤمر بهذا ، قال : فأتني على هذا ببينة أو لأفعلن بك ، فانطلق إلى مجلس من الأنصار ، فقالوا : لا يشهد إلا أصاغرنا فقام أبو سعيد الخدري ، فقال : قد كنا نؤمر بهذا ، فقال عمر : خفي علي هذا من أمر النبي (ص) ألهاني الصفق بالأسواق " (26) .
ج - الإمام علي (ع) ينبه عمر إلى حكم أساسي .
روى البخاري معلقا في كتاب المحاربين باب لا يرجم المجنون والمجنونة : " وقال علي لعمر : أما علمت أن القلم رفع عن المجنون حتى يفيق وعن الصبي حتى يدرك وعن النائم حتى يستيقظ " (27) .
قال ابن حجر في ( الفتح ) : " وفي أول الأثر قصة تناسب هذه الترجمة وهو عن ابن عباس أتى عمر أي بمجنونة قد زنت وهي حبلى فأراد أن يرجمها فقال له علي : أما بلغك أن القلم قد رفع عن ثلاثة فذكره " ، ثم ذكر ابن حجر عدة أسانيد للخبر ، إلى أن قال : " وهذه طرق تقوي بعضها ببعض " (28) .
د - عمر يجهل ماذا كان رسول الله (ص) يقرأ في صلاة العيد .
فقد روى مسلم في كتاب صلاة العيدين باب ما يقرأ به في صلاة العيد : عن عبيد الله بن عبد الله أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي ما كان يقرأ به رسول الله (ص) في الأضحى والفطر ، فقال : كان يقرأ فيهما بـ ( ق والقرآن المجيد ) و ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) (29) .
هـ - عمر يسمي معرفة تفسير القرآن تكلف منهي عنه .
روى البخاري في كتاب الاعتصام باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه عن أنس قال : كنا عند عمر فقال : نهينا عن التكلف (30) .
ويوضح ذلك ابن حجر في ( فتح الباري ) : " قوله عن أنس كنا عند عمر فقال : ( نهينا عن التكلف ) ، هكذا أورده مختصرا وذكر الحميدي أنه جاء في رواية أخرى عن ثابت عن أنس أن عمر قرأ ( فاكهة وأبا ) فقال : ما الأب ، ثم قال : ما كلفنا أو قال : ما أمرنا بهذا قلت : هو عند الإسماعيلي من رواية هشام عن ثابت .
وأخرجه من طريق يونس بن عبيد عن ثابت بلفظ أن رجلا سأل عمر بن الخطاب عن قوله " وفاكهة وأبا " ما الأب فقال عمر : نهينا عن التعمق والتكلف وهذا أولى أن يكمل به الحديث الذي أخرجه البخاري .
وأولى منه ما أخرجه أبو نعيم في ( المستخرج ) من طريق أبي مسلم الكجي عن سليمان بن حرب شيخ البخاري فيه ولفظه عن أنس كنا عند عمر وعليه قميص في ظهره أربع رقاع فقرأ وفاكهة وأبا ، فقال : هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأب ؟ ثم قال : مه نهينا عن التكلف ، وقد أخرجه عبد بن حميد في تفسيره عن سليمان بن حرب بهذا السند مثله سواء ، وأخرجه أيضا عن سليمان بن حرب عن حماد بن سلمة بدل حماد بن زيد وقال : بعد قوله فما الأب ؟ ثم قال : يا ابن أم عمر أن هذا له التكلف وما عليك أن لا تدري ما الأب " .
ونقل ابن حجر لفظ آخر للحديث : " الزهري عن أنس أنه أخبره أنه سمع عمر يقول : ( فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا ..) الآية إلى قوله " وأبا " ، قال : كل هذا قد عرفناه فما الأب ؟ ثم رمى عصى كانت في يده ، ثم قال : هذا لعمر الله التكلف اتبعوا ما بين لكم من هذا الكتاب … وأخرج عبد بن حميد أيضا من طريق إبراهيم النخعي عن عبد الرحمن بن زيد أن رجلا سأل عمر عن فاكهة وأبا ، فلما رآهم عمر يقولون أقبل عليهم بالدرة " .
وفي الختام قال ابن حجر : " تنبيه : في إخراج البخاري هذا الحديث في آخر الباب مصير منه إلى قول الصحابي " أمرنا ونهينا " في حكم المرفوع ولو لم يضفه إلى النبي (ص) ، ومن ثم اقتصر على قوله ( نهينا عن التكلف ) وحذف القصة " (31) .
و - عمر يجهل حكم التيمم عند فقد الماء في فترة خلافته .
روى مسلم كتاب الحيض باب التيمم : " عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه أن رجلا أتى عمر فقال : إني أجنبت فلم أجد ماء فقال : لا تصل فقال : عمار أما تذكر يا أمير المؤمنين إذا أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت في التراب وصليت ، فقال النبي (ص) : إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ثم تنفخ ثم تمسح بهما وجهك وكفيك فقال عمر : اتق الله يا عمار! قال : إن شئت لم أحدث به " (32) .
أما البخاري فقد نقل الحديث باب التيمم باب المتيمم هل ينفخ فيهما ولم يذكر رد عمر ( لا تصل ) ولا قوله لعمار ( اتق الله ) (33) .
والعجيب أن حكم التيمم نزل فيه قرآن قرأه المسلمون وهي قوله تعالى ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) (34) .
ز - عمر لا يرى آية الكلالة بينة وواضحة حتى مع تنبيه رسول الله (ص) له بذلك ، ولذلك نوى أن يقضي فيها بقضية … وهل هو اجتهاد في مقابل النص القرآني ؟
روى مسلم كتاب الفرائض باب ميراث الكلالة عن معدان بن أبي طلحة أن عمر بن الخطاب خطب يوم جمعة فذكر نبي الله (ص) وذكر أبا بكر ثم قال : " إني لا أدع بعدي شيئا أهم عندي من الكلالة ما راجعت رسول الله (ص) في شيء ما راجعته في الكلالة وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيه حتى طعن بإصبعه في صدري وقال : يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء ، وإني إن أعش أقض فيها بقضية يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن " (35) .
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم : " وأما قوله وإني إن أعش إلى آخره ، هذا من كلام عمر لا من كلام النبي (ص) وإنما أخر القضاء فيها لأنه لم يظهر له في ذلك الوقت ظهورا يحكم به فأخره حتى يتم اجتهاده فيه ويستوفي نظره " (36) ، رسول الله (ص) يقول : " ألا تكفيك آية الصيف ، والنووي يبرر تأخير عمر الحكم حتى في زمن خلافته أن الآية لا تكفي لتوضيح الرأي في المسألة !!
ح - عمر يخالف حكم كتاب الله بتصريح ابنه عبد الله بن عمر .
قال ابن حزم في كتابه ( الإحكام ) : " وقيل لابن عمر في اختياره متعة الحج على الإفراد : إنك تخالف أباك ، فقال : أكتاب الله أحق أن يتبع أم عمر ؟ روينا ذلك عنه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر " (37) .
والحديث رواه الترمذي في ( السنن ) عن سالم بن عبد الله حدثه " أنه سمع رجلا من أهل الشام وهو يسأل عبد الله بن عمر عن التمتع بالعمرة إلى الحج ؟ فقال عبد الله بن عمر : هي حلال ، فقال الشامي : إن أباك قد نهى عنها فقال عبد الله بن عمر : أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله (ص) أأمر أبي نتبع أم أمر رسول الله (ص) ، فقال الرجل : بل أمر رسول الله (ص) فقال : لقد صنعها رسول الله (ص) " (38) ، وقد صحح الألباني الحديث .
بل قال ابن كثير في تاريخه : " وكان ابنه عبد الله يخالفه ، فيقال له إن أباك كان ينهى عنها ، فيقول : خشيت أن يقع عليكم حجارة من السماء ، قد فعلها رسول الله (ص) ، أفسنة رسول الله نتبع أم سـنة عمر ؟ " (39) .
وقال ابن حزم كذلك في كتاب ( الإحكام ) : " وهذا أبو بكر ( رض ) لم يعرف فرض ميراث الجدة وعرفه محمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة وقد سأل أبو بكر ( رض ) عائشة في كم كفن رسول الله (ص) .
وهذا عمر ( رض ) يقول في حديث الاستئذان : أخفي علي هذا من أمر رسول الله (ص) ألهاني الصفق في الأسواق ، وقد جهل أيضا أمر إملاص المرأة وعرفه غيره ، وغضب على عيينة بن حصن حتى ذكره الحر بن قيس بن حصن بقوله تعالى : ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) ، وخفي عليه أمر رسول الله (ص) بإجلاء اليهود والنصارى من جزيرة العرب إلى آخر خلافته وخفي على أبي بكر ( رض ) قبله أيضا طول مدة خلافته فلما بلغ ذلك عمر أمر بإجلائهم فلم يترك بها منهم أحدا ، وخفي على عمر أيضا أمره (ع) بترك الإقدام على الوباء وعرف ذلك عبد الرحمن بن عوف .
وسأل عمر أبا واقد الليثي عما كان يقرأ به رسول الله (ص) في صلاتي الفطر والأضحى ، هذا وقد صلاهما رسول الله (ص) أعواما كثيرة ، ولم يدر ما يصنع بالمجوس حتى ذكره عبد الرحمن بأمر رسول الله (ص) فيهم ونسي قبوله عليه السلام الجزية من مجوس البحرين وهو أمر مشهور ولعله (رض) قد أخذ من ذلك المال حظا كما أخذ غيره منه .
ونسي أمره (ع) بأن يتيمم الجنب فقال : لا يتيمم أبدا ولا يصلي مالم يجد الماء ، وذكره بذلك عمار وأراد قسمة مال الكعبة حتى احتج عليه أبي بن كعب بأن النبي (ص) لم يفعل ذلك فأمسك ، وكان يرد النساء اللواتي حضن ونفرن قبل أن يودعن البيت حتى أخبر بأن رسول الله (ص) أذن في ذلك فأمسك عن ردهن ، وكان يفاضل بين ديات الأصابع حتى بلغه عن النبي (ص) أمره بالمساواة بينها فترك قوله وأخذ بالمساواة ، وكان يرى الدية للعصبة فقط حتى أخبره الضحاك بن سفيان بأن النبي (ص) ورث المرأة من الدية فانصرف عمر إلى ذلك ، ونهى عن المغالاة في مهور النساء استدلالا بمهور النبي (ص) حتى ذكرته امرأة فرجع عن نهيه ، وأراد رجم مجنونة حتى أعلم بقول رسول الله (ص) رفع القلم عن ثلاثة فأمر ألا ترجم ، وأمر برجم مولاة حاطب حتى ذكره عثمان بأن الجاهل لا حد عليه فأمسك عن رجمها ، وأنكر على حسان الإنشاد في المسجد فأخبره هو وأبو هريرة أنه قد أنشد فيه بحضرة رسول الله (ص) فسكت عمر " (40) . انتهى كلام ابن حزم .
فبعد هذا يتبين أي الصحابة أعلم وألصق برسول الله (ص) وأيهم شغله الصفق في الأسواق .
==========================
(1) مجمع الزوائد - ج9 ص101
(2) أسد الغابة - ج6 ص224
(3) كنز العمال - ج13 ص114 ح36370
(4) نفس المصدر السابق - ج11 ص605 ح32926
(5) نفس المصدر السابق - ص614
(6) المعجم الكبير - ج ص221
(7) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص571 (6121)
(8) مسند أحمد بن حنبل - ج3 ص247
(9) فضائل الصحابة - ج1 ص674 رقم 922
(10) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص126
(11) فيض القدير - ج3 ص46
(12) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص136
(13) نفس المصدر السابق - حديث (4634 )
(14) السنن الكبرى - ج5 ص140
(15) نفس المصدر السابق - ص141
(16) السنن الكبرى - ج5 ص142
(17) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص135 (4630)
(18) الاستيعاب - ج3 ص206
(19) صحيح البخاري - ج6 ص23
(20) فتح الباري - ج8 ص167
(21) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص145
(22) صحيح البخاري - ج5 ص73
(23) صحيح مسلم - ج4 ص1854
(24) فتح الباري - ج7 ص12
(25) فتح الباري - ج13 ص272
(26) صحيح مسلم - ج3 ص1695
(27) صحيح البخاري - ج8 ص204
(28) فتح الباري - ج12 ص121
(29) صحيح مسلم - ج2 ص607
(30) صحيح البخاري - ج9 ص118
(31) فتح الباري - ج13 ص272
(32) صحيح مسلم - ج1 ص280
(33) صحيح البخاري - ج1 ص92
(34) المائدة : 6
(35) صحيح مسلم - ج3 ص1236
(36) شرح النووي على صحيح مسلم - ج11 ص57
(37) الإحكام - ج1 ص157
(38) سنن الترمذي - ج3 ص185
(39) البداية والنهاية - ج5 ص141
(40) الإحكام - ج1 ص153