كربلائية حسينية
16-02-2014, 04:57 AM
بسمه تعالى
http://annabaa.org/nbanews/2014/02/Images/069.jpg
شبكة النبأ: من أصعب الامور التي يواجهها الانسان في حياته، قضية تحجيم النزعة الأنانية في تركيبته النفسية، وتنمية منظومة الاخلاق التي يتعامل من خلالها مع الآخر باحترام، فالسعي لإقامة علاقات متوازنة مع المجتمع، يستدعي الركون الى هدفين أساسين، الاول يتمثل بالسيطرة على النفس، وكبح رغباتها واهوائها بما يجعلها ضمن الحيز الأخلاقي المتعارف عليه في التعامل مع الاخر، وبعد هذا التحجيم او السيطرة على الجانب الاناني في الانسان، لابد أن يتنبّه الى قضية أساسية اخرى تتمثل باحترام حرمة الانسان وقيمته ومكانته، انطلاقا من رؤية المبادئ الاسلامية لهذا الهدف الأساسي في صناعة المجتمع المتوازن.
إن الصراع يبدأ أولاً مع (الأنا)، التي تستميت من اجل أن تدفع بصاحبها الى جانب حب الذات وتمجيدها وتضخيمها، بغض النظر عن المساوئ التي تتولد عن ذلك، لذا لابد من محاربة النفس، والحد من طلباتها المخالفة للشرع والاخلاق والاعراف السليمة المتفق عليها بين مكونات المجتمع، لذا يتطلب الامر صراعا حادا وارادة متميزة لمقارعة النفس ومحاربتها.
يقول سماحة المرجع الديني، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) في الكتاب الموسوم بـ (من عبق المرجعية) في هذا المجال: (لا تصبح الاخلاق ملكة عند الشخص الا بعد ان يحارب نفسه ويخالفها، ثم يخالفها ويخالفها حتى تنمو عنده ملكة حب الخير في كل ابعاده). إذاً ينبغي علينا مخالفة النفس بإصرار كبير، وعلينا أن نكرر هذه الخلاف مع النفس ونعمّقه اذا كان خارجا عن النسق الاخلاقي السائد والمقبول، من اجل كبح جماح الانانية المفرطة. وتهذيب النفس وجعلها تحت سيطرة ارادة الانسان، وليس العكس، لأن تحكم النفس بحاملها يقوده الى الانحراف، ومن ثم الانقياد الاعمى للانا التي ستنظر بتعالٍ للآخر، وهو أمر لا يمت للاخلاق الاسلامية الانسانية بصلة.
التواضع والوقار والعفو
من الامور المتعارف والمتفق عليها، أن احترام الآخر يخفف كثيرا من غلواء الأنانية، ويساعد الانسان على اقامة علاقة طيبة مع المحيط البشري الاجتماعي والعملي الذي يتحرك فيه، ولكن تعميق هذا الاحترام يتطلب أن يُفرض على الأنا، حتى تقبل باحترام الاخر، وقضية القبول هذه، تستدعي ارادة تقمع اندفاع النفس نحو المسار الاناني في التعامل مع الآخرين، لذلك لابد من اعتماد التواضع والعفو وقيم أخرى تهذّب النفس وتجعلها أكثر قدرة على احترام الآخرين.
لهذا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي، في الكتاب المذكور نفسه، حول هذا الجانب، على أن: (المطلوب من كل واحد منا تنمية العلاقة مع المجتمع، وذلك عن طريق الالتزام بالاخلاق الاسلامية، كالتواضع والوقار والبشر والكرم والعفو والرحمة وصلة الرحم). هكذا يتطلب الامر التزاما تاما من لدن الانسان المؤمن، والقادر على ردع نفسه وترويض (أناه)، وعدم السماح لها بالتضخّم على حساب الآخرين، مطلوب منا جميعا أن نعي القيمة الكبيرة للانسان، وأن نضع حرمته ومكانته في مرتبة عالية، لأننا عندما نحترم الآخر، سوف نضمن احترامه لنا، أو على الاقل سنضمن انه سيقوم بخطوات مماثلة، وبهذه الطريقة الانسانية المتميزة التي يحثنا عليها الاسلام ومبادئه وتعاليمه السمحاء، نسهم جميعا في بناء مجتمع يسوده الاحترام المتبادل، وهذه غاية تطمح الى تحقيقها كل المجتمعات الراقية.
لذلك يتطلب الامر إجبار النفس على نبذ السلوك الاناني، والابتعاد عن التفكير بالمصلحة الذاتية حصرا، لهذا يوجّه سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، دائما على أهمية وحتمية مخالفة النفس، وتكرار هذه المخالفة في كل حين، حتى يضمن الانسان سيطرته الكلية على نفسه وليس العكس.
الاخلاق والمثابرة و الاحترام
ثمة قاسم مشترك، ورابط قوي جدا، بين الاخلاق والاحترام، فأينما يوجد الانسان الخلوق، سنعثر على الاحترام حاضرا في كلامه وسلوكه وتفكيره، بمعنى هناك علاقة طردية تصاعدية بين الاخلاق والاحترام، ولكن الاخلاق الفاضلة تحتاج الى تربية مثل البذرة التي تغرسها في التربة، وتراعيها حتى تنمو وتكبر وتبلغ أشدّها، بمعنى المثابرة وبذل الجهد العالي في تطوير النفس وقدراتها على هضم واتقان القضايا والمبادئ الاخلاقية التي تعلّم النفس على احترام الناس، على أن يبدأ ذلك في البيت، أي في المحيط العائلي، حيث يتعلم الطفل احترام الاخرين من ابويه، فضلا عن المحيط المدرسي، وعندما يصبح الانسان واعيا، عليه أن يخالف أهواءه.
فمرحلة مخالفة الاهواء هي الخطوة الاولى التي تقودنا الى السيطرة على الانا، وتشذيبها من أدران التمجيد الذاتي، وحب المصلحة الشخصية، حتى لو جاءت على حساب الاخرين، فعندما تخالف هواك وما ترغب به، إنما تقوم بتربية جيدة للنفس، تردعها وتسيطر عليها من خلال مخالفة ما ترغب به، وتربيها على احترام الآخر. وقد ينعكس الامر، فيقوم الانسان بإجبار نفسه على القيام بشيء لا ترغب به، بمعنى أن الانسان يعمل في هذا المجال باتجاهين متعاكسين، فهو يرفض ما تطلبه النفس من جهة، ويجبرها على القبول بأمر ترفضه من جهة اخرى، وبهذه الطريقة تكون هناك سيطرة كبيرة، إن لم تكن تامة للانسان على نفسه.
من هنا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال على مخالفة هوى الذات، إذ يذكر في الكتاب نفسه قائلا: (حاول ان تخالف هواك في كل الامور، فإن كنت لا ترغب في امر على الرغم من اعتقادك بصوابه، حاول ان تخضع له بكل رحابة صدر).
على أن لا ننسى بأن الاحترام الذي يكنه الانسان للاخر، يأتي من ضمن منظومته الاخلاقية التي تربّى عليها، لذلك يحتاج الانسان الى مثابرة وتفرغ وجد حتى يطوّر أخلاقه، ويجعلها قادرة على دفع النفس وترويضها، للتنازل عن حب الذات الخاطئ، واحترام الاخر، ضمن القيمة المتفق عليها، على مكانة الانسان وحرمته التي لا يجوز أن تُهمل أو يتم التعامل معها خارج اطار الاحترام الانساني المتعارف عليه.
لذلك يؤكد سماحة المرجع الشيرازي على أن: (الاخلاق تحتاج الى التفرغ والجد والمثابرة، من اجل بلوغ المراتب العالية فيها).
http://annabaa.org/nbanews/2014/02/Images/069.jpg
شبكة النبأ: من أصعب الامور التي يواجهها الانسان في حياته، قضية تحجيم النزعة الأنانية في تركيبته النفسية، وتنمية منظومة الاخلاق التي يتعامل من خلالها مع الآخر باحترام، فالسعي لإقامة علاقات متوازنة مع المجتمع، يستدعي الركون الى هدفين أساسين، الاول يتمثل بالسيطرة على النفس، وكبح رغباتها واهوائها بما يجعلها ضمن الحيز الأخلاقي المتعارف عليه في التعامل مع الاخر، وبعد هذا التحجيم او السيطرة على الجانب الاناني في الانسان، لابد أن يتنبّه الى قضية أساسية اخرى تتمثل باحترام حرمة الانسان وقيمته ومكانته، انطلاقا من رؤية المبادئ الاسلامية لهذا الهدف الأساسي في صناعة المجتمع المتوازن.
إن الصراع يبدأ أولاً مع (الأنا)، التي تستميت من اجل أن تدفع بصاحبها الى جانب حب الذات وتمجيدها وتضخيمها، بغض النظر عن المساوئ التي تتولد عن ذلك، لذا لابد من محاربة النفس، والحد من طلباتها المخالفة للشرع والاخلاق والاعراف السليمة المتفق عليها بين مكونات المجتمع، لذا يتطلب الامر صراعا حادا وارادة متميزة لمقارعة النفس ومحاربتها.
يقول سماحة المرجع الديني، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) في الكتاب الموسوم بـ (من عبق المرجعية) في هذا المجال: (لا تصبح الاخلاق ملكة عند الشخص الا بعد ان يحارب نفسه ويخالفها، ثم يخالفها ويخالفها حتى تنمو عنده ملكة حب الخير في كل ابعاده). إذاً ينبغي علينا مخالفة النفس بإصرار كبير، وعلينا أن نكرر هذه الخلاف مع النفس ونعمّقه اذا كان خارجا عن النسق الاخلاقي السائد والمقبول، من اجل كبح جماح الانانية المفرطة. وتهذيب النفس وجعلها تحت سيطرة ارادة الانسان، وليس العكس، لأن تحكم النفس بحاملها يقوده الى الانحراف، ومن ثم الانقياد الاعمى للانا التي ستنظر بتعالٍ للآخر، وهو أمر لا يمت للاخلاق الاسلامية الانسانية بصلة.
التواضع والوقار والعفو
من الامور المتعارف والمتفق عليها، أن احترام الآخر يخفف كثيرا من غلواء الأنانية، ويساعد الانسان على اقامة علاقة طيبة مع المحيط البشري الاجتماعي والعملي الذي يتحرك فيه، ولكن تعميق هذا الاحترام يتطلب أن يُفرض على الأنا، حتى تقبل باحترام الاخر، وقضية القبول هذه، تستدعي ارادة تقمع اندفاع النفس نحو المسار الاناني في التعامل مع الآخرين، لذلك لابد من اعتماد التواضع والعفو وقيم أخرى تهذّب النفس وتجعلها أكثر قدرة على احترام الآخرين.
لهذا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي، في الكتاب المذكور نفسه، حول هذا الجانب، على أن: (المطلوب من كل واحد منا تنمية العلاقة مع المجتمع، وذلك عن طريق الالتزام بالاخلاق الاسلامية، كالتواضع والوقار والبشر والكرم والعفو والرحمة وصلة الرحم). هكذا يتطلب الامر التزاما تاما من لدن الانسان المؤمن، والقادر على ردع نفسه وترويض (أناه)، وعدم السماح لها بالتضخّم على حساب الآخرين، مطلوب منا جميعا أن نعي القيمة الكبيرة للانسان، وأن نضع حرمته ومكانته في مرتبة عالية، لأننا عندما نحترم الآخر، سوف نضمن احترامه لنا، أو على الاقل سنضمن انه سيقوم بخطوات مماثلة، وبهذه الطريقة الانسانية المتميزة التي يحثنا عليها الاسلام ومبادئه وتعاليمه السمحاء، نسهم جميعا في بناء مجتمع يسوده الاحترام المتبادل، وهذه غاية تطمح الى تحقيقها كل المجتمعات الراقية.
لذلك يتطلب الامر إجبار النفس على نبذ السلوك الاناني، والابتعاد عن التفكير بالمصلحة الذاتية حصرا، لهذا يوجّه سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، دائما على أهمية وحتمية مخالفة النفس، وتكرار هذه المخالفة في كل حين، حتى يضمن الانسان سيطرته الكلية على نفسه وليس العكس.
الاخلاق والمثابرة و الاحترام
ثمة قاسم مشترك، ورابط قوي جدا، بين الاخلاق والاحترام، فأينما يوجد الانسان الخلوق، سنعثر على الاحترام حاضرا في كلامه وسلوكه وتفكيره، بمعنى هناك علاقة طردية تصاعدية بين الاخلاق والاحترام، ولكن الاخلاق الفاضلة تحتاج الى تربية مثل البذرة التي تغرسها في التربة، وتراعيها حتى تنمو وتكبر وتبلغ أشدّها، بمعنى المثابرة وبذل الجهد العالي في تطوير النفس وقدراتها على هضم واتقان القضايا والمبادئ الاخلاقية التي تعلّم النفس على احترام الناس، على أن يبدأ ذلك في البيت، أي في المحيط العائلي، حيث يتعلم الطفل احترام الاخرين من ابويه، فضلا عن المحيط المدرسي، وعندما يصبح الانسان واعيا، عليه أن يخالف أهواءه.
فمرحلة مخالفة الاهواء هي الخطوة الاولى التي تقودنا الى السيطرة على الانا، وتشذيبها من أدران التمجيد الذاتي، وحب المصلحة الشخصية، حتى لو جاءت على حساب الاخرين، فعندما تخالف هواك وما ترغب به، إنما تقوم بتربية جيدة للنفس، تردعها وتسيطر عليها من خلال مخالفة ما ترغب به، وتربيها على احترام الآخر. وقد ينعكس الامر، فيقوم الانسان بإجبار نفسه على القيام بشيء لا ترغب به، بمعنى أن الانسان يعمل في هذا المجال باتجاهين متعاكسين، فهو يرفض ما تطلبه النفس من جهة، ويجبرها على القبول بأمر ترفضه من جهة اخرى، وبهذه الطريقة تكون هناك سيطرة كبيرة، إن لم تكن تامة للانسان على نفسه.
من هنا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال على مخالفة هوى الذات، إذ يذكر في الكتاب نفسه قائلا: (حاول ان تخالف هواك في كل الامور، فإن كنت لا ترغب في امر على الرغم من اعتقادك بصوابه، حاول ان تخضع له بكل رحابة صدر).
على أن لا ننسى بأن الاحترام الذي يكنه الانسان للاخر، يأتي من ضمن منظومته الاخلاقية التي تربّى عليها، لذلك يحتاج الانسان الى مثابرة وتفرغ وجد حتى يطوّر أخلاقه، ويجعلها قادرة على دفع النفس وترويضها، للتنازل عن حب الذات الخاطئ، واحترام الاخر، ضمن القيمة المتفق عليها، على مكانة الانسان وحرمته التي لا يجوز أن تُهمل أو يتم التعامل معها خارج اطار الاحترام الانساني المتعارف عليه.
لذلك يؤكد سماحة المرجع الشيرازي على أن: (الاخلاق تحتاج الى التفرغ والجد والمثابرة، من اجل بلوغ المراتب العالية فيها).