حسين ال دخيل
05-03-2014, 12:27 AM
قصيدة في مدح الإمام علي(ع) لشاعر مسيحي
قصيدة للشاعر المسيحي ، والوزير اللبناني سابقاً ( جوزيف الهاشم) في حق الإمام علي عليه السلام.
نِـعْمَ الـعليُّ، ونـعمَ الاسـمُ والـلقبُ
يـا مـنْ بـهِ يـشرئبُّ الأصلُ والنسَبُ
الـباذخانِ: جَـناحُ الـشمس ظِـلُّهما
والـهـاشـمـيّان: أُمُّ حــــرّةٌ وأَبُ
لا قـبلُ، لا بعدُ، في "بيت الحرام"، شَدَ
طِـفـلٌ، ولا اعـتزَّ إلاَّ بـاسْمِهِ رجَـبُ
يـومَ الـفسادُ طـغى، والـكُفْرُ منتشرٌ
وغـطْرسَ الـشِرْكُ، والأوثـانُ تنتصبُ
أَلـلـهُ كـرَّمـهُ، لا "لـلـسجود" لـها
ولا بـمـكّـة أصـنـامٌ ولا نُـصُـبُ
مـنـذورةٌ نـفسُهُ لـلهِ، مـا سـجَدَتْ
إلاّ لـربّـكَ هــامٌ، وانـطَوْتْ رُكَـب
***
هــو الإمـامُ، فـتى الإسـلام تـوأَمُهُ
مـنذُ الـولادة، أيـنَ الـشكُّ والـرِّيَبُ؟
تـلـقَّفَ الـديـنَ سـبّـاقاً يـؤرّجُهُ
صـدرُ الـنبي، وبَـوْحَ الـوحيِ يكتسِبُ
عـشيرُه، ورفـيقُ الـدربِ، "كـاتِبُه"
في الحرب والسلم، فهو الساطعُ الشُهُبُ
بـديلُهُ، فـي "فـراش الـدرب"، فارسُه
ولـيـثُ غـزوتِه، والـجحْفلُ الـلَّجِبُ
سـيفُ الـجهاد، فتىً، لولاه ما خفقَتْ
لــدعـوةِ اللهِ، رايــاتٌ ولا قُـطُـبُ
إنْ بـرَّدَتْ هُـدْنةُ "الـتنزيلِ" سـاعدَهُ
كـان الـقتالُ عـلى "التأويل"، والغَلَبُ
أيـامَ "بـدرٍ" "حُـنينٍ" "خـنَدقٍ" "أُحُـدٍ"
والـليلُ تـحتَ صـليلِ الزحْفِ ينسحبُ
والـخيلُ تـنهلُ فـي حـربِ اليهودِ دماً
ويـومَ "خـيبرَ" كـاد الـموتُ يـرتعِبُ
لـوْ كـان عـاصَرَ عيسى في مسيرتهِ
ومـريـمٌ فــي خـطى الآلامِ تـنتحبُ
لـثارَ كـالرعد يـهوي ذو الفقار على
أعـناقِ "بيلاطُس البُنْطي"، ومَنْ صلَبوا
مــا كـان دربٌ، ولا جَـلْدٌ وجُـلْجُلةٌ
ولا صـلـيبٌ، ولا صَـلْبٌ ولا خـشبُ.
تـجسّدَتْ كـلُ أوصـافِ الـكمال بـهِ
فـي ومْـضِ سـاعدهِ الإعصارُ والعطَبُ
الـصفحُ والـعفوُ بـعضٌ مـن شمائِله
وبـعضُه الـبِرُّ، أمْ مـن بـعضِه الأدبُ
مّـحجةُ الـناس، أقـضاهُمْ وأعـدلُهمْ
أدقُّ، أنـصفُ، أدعـى، فـوقَ ما يجبُ
يـصومُ، يـطوي، وزُهْدُ الأرضِ مطْمَحُهُ
والـخَـلُّ مـأكَلُه، والـجوعُ والـعُشُبُ
يـخْتَالُ فـي ثـوبهِ الـمرقوعِ، مرتدياً
عـبـاءَةَ الله، فـهْـيَ الـغـايةُ الأرَبُ
مَـنْ رضَّـع الـهامَ بالتقوى، فإِنَّ علي
أقـدامِهِ، يُـسفَحُ الإبـريزُ والـذهَبُ..
***
عـلـى مـنـابرهِ، أشـذَاءُ خـاطرِه
ومــن جـواهرِه، الـصدَّاحةُ الـخُطَبُ
ومِــنْ مـآثـره، أحْـجـى أوامـرِه
ومــن مـنـائرِه، تَـستمْطِرُ الـكتُبُ
إنْ غـرَّدَ الـصوتُ هـدّاراً "بـقاصعةٍ"
كـالبحرِ هـاج، وهـلَّتْ ماءَها السُحُبُ
أوِ اسـتغاثَتْ بـه الآيـاتُ كـان لـها
روحـاً على الراح، يا أسخاهُ ما يهبُ...
يَـذُودُ عـن هـادياتِ الشرعِ، يَعْضُدُها
والـحقُّ كـالصبحِ، لا تـلهو بهِ الحجُبُ
هـو الـوصيُّ عـلى الميثاق، مؤتَمنٌ
عـلـى تــراثِ نـبـيَّ الله، مـنتَدبُ
هـو الـخليفةُ، مـا شأْنُ "السقيفة" إنْ
طـغَتْ عـلى أهـلها الأهـواء والرُّتَبُ
"أْنــذِرْ عـشيرَتَك الـقُرَبى" فـأنذَرَها
وقـالَ ربُّـك قـولاً فـوقَ مـا طـلَبُوا
مـا غـرَّهُ الـغُنْمُ، فـاغتابوا تـفجُّعَهُ
عـلى الـرسول، ودمـعُ القلبِ ينسكبُ
شّـتانَ بـين لـظى الـمفجوع، يُرهُبه
هـولُ الـفراغ، وذاك الـمشهدُ العجَبُ
وبـين مَـنْ هَـامَ فـي أحـلامهِ شغفاً
فـراحَ يـلعبُ فـيه العرضُ والطلبُ...
مـا هـمَّ أن يستحقَّ الغَبْنَ، ما سلِمَتْ
لـلـمسلمين أُمـورٌ، وانـجلتْ نُـوَبُ
فـكـان لـلـخلفاءِ، الــدرعَ واقـيةً
ولـلـخلافةِ ظــلاً، لـيـس يـحْتجبُ
لـولا عـليُّ، لـما اسـتقوى بها عمَرٌ
يـوم "الـنفير" ولـولا الـمرشِدُ النَجِبُ
وكـان مـن خطر "الإقطاع"، أنْ هُتِكَتْ
أركــانُ أُمَّـتـهِ، والـشعبُ مـنشَعِبُ
***
قفْ... هل تساءلتَ كيف المسلمون غدَوْا
مِـنْ بعدِ بُعْدِكَ...؟ فاسأَلْ ما هو السببُ
مـا سـرُّ عـثمان..؟ كيف الغدرُ حوَّلهُ
إلـى قـميصٍ، بـهدر الـدم يـختَضِبُ
وكـيف زلَّـتْ خطى الإسلام، وانحرَفَتْ
عـمّا وقَـتْهُ رمـوشُ الـعينِ والـهُدُبُ
أيــن الـتعاليم..؟ والـقرآنُ مـندثرٌ
والـشرعُ يـحكمُ فـيه الـطيشُ واللَّعِبُ
والـدينُ تـاهتْ أحـاديثُ الـنبيَّ بـهِ
فـحـرَّفوها خِـداعـاً، كـيفما رغـبوا
والـجور سـادَ، وضـلَّتْ أُمـةٌ، وبَغَتْ
عـلى بـنيها، وطَـيْفَ الله مـا رَهِبوا
ومُـزَّقَـتْ فِــرَقٌ، إنْ خـفَّ رَكْـبُهمُ
تـلـقَّفتْهُمْ جــذوعُ الـنخْلِ والـكُثُبُ
سـيفُ الإمـامِ حَـبَا الإسـلامَ عِـزَّتهُ
بـأيَّ سـيفٍ هـمُ أشياعَه ضربوا...!
***
لــم يـسْـتَسِغْ بَـيْـعةً إلاّ لـيكْلأَها
نـهـجُ الـرسول، وبـالآياتِ تـعتَصِبُ
فـقـاوموه.. لأنَّ الـشرَّ مـا خـمدَتْ
أدرانُـهُ، وجـنودُ الـشرّ ما احْتَجَبُوا...
بـــأيَّ روحٍ إلـهـيَّ يـمـدُّ يــداً
"لإِبْـنِ مُـلجَمَ"، وهـو الـنازفُ التَّعِبُ
فـسـطّرَ الـنُّـبلَ دسـتوراً وعـمَّمَهُ
كـالنور في الأرض، تستهدي به النُجُبُ
وكـبَّلَ الـزمنَ الـمرصودَ فـي يـدِه
كـأنَّـهُ، مَـلِـكَ الإيـحـاءِ يـصْطَحِبُ
هـو الـخلودُ، ومـصباحُ الـسماءِ فلا
يـغيبُ... مـا غـابَ، إلاّ وهـو يقتربُ
إنَّ الإمـامَ هـنا، سـيفُ الإمـام هنا
صـوتُ الـصهيل هـنا، والوقْعُ والخبَبُ
كـالـنجم تـلـتقطُ الأفـلاكَ جـبهتُهُ
إنْ غـرَّبَ الضوء، ليس النجم يغتَربُ..
***
قــمْ يـا إمـامُ، فـإنَّ الـليل مـعتكرٌ
"والـحِصنُ" مـرتفعٌ والأُفـقُ مضطَرِبُ
هـمُ الـيهودُ، ومـا نَفْعُ "المسارِ" إذا
سـالَـمْتَهمْ غـدروا، هـادَنْتَهُمْ وَثَـبوا
يـدورُ فـي عـصرنا الـتاريخُ دورتَهُ
كـمِثْل عـهدِكَ، أيـنَ الـعهدُ يا عرَبُ؟
تَـبَدَّدَت ريـحُهُمْ فـي كـلَّ عـاصفةٍ
وفـي الـوقيعةِ، عـذرُ الـهاربِ الهربُ
مـا بـين مـنكفيءٍ فـي زهْوِ نَشْوتِهِ
وهـائـمٍ، دأْبُــهُ الـعُـنقودُ والـعِنَبُ
وآفَــةُ الـشرْقِ، سـفّاحٌ بـمِقْبَضِها
ولـيـس يـردَعُـها شـرَعٌ ولا رَهَـبُ
راحَــتْ تُـصَهْيِنُ اسـمَ الله فـاسقةً
يـا.. إنـها شـعبُهُ الـمختارُ والعَصَبُ
تُـدَنِّسُ الـطُهْرَ، والإيـمانَ فـي دَجَلٍ
حـتى عـلى الله، كَـمْ يحلو لها الكَذِبُ
فَـجْلَجَلْ الـمسجِدُ الأقصى، يثورُ على
كُـفْرٍ، وكـبَّرتِ الأجـراسُ والـصُلُبُ.
***
داَنـتْ لـها جَـبَهاتُ الـسّاحِ صاغرةً
وانـشَلَّتِ الـخيلُ، حتى استَسْلَمَ الغَضَبُ
وَرُوَّعــتْ هِـمَمٌ، واسـتَكْبَرَتْ أُمَـمٌ
واسـتُقْطِبَتْ قِـمَمٌ، واسـتُهْبِطَتْ قُـبَبُ
حـتى دَوَتْ وَثْـبَةٌ ضـجَّ الـزمانُ بها
كـأنها الـسيفُ فـوقَ "الطُوْرِ" مُنْتَصِبُ
لـجَّتْ بـزأْرَةِ لـيثِ الـشامِ زمْـجَرَةٌ
كــأنَّ "قـانـا" عـلى راحـاتِهِ حـلَبُ
يَـشِـدُّ أَزْرَ جـنوبٍ، لـمْ يـمرَّ بـهِ
رَكْـبُ الـفتوحاتِ، حـتى قُـطّعتْ رُقَبُ
فـخاضَ عـنْ أُمَّـةٍ حربَ الجهادِ فدىً
عـنْ كـلِ مَنْ غُلِبوا غدراً، ومَنْ نُكِبُوا.
هِــيَ الـمقاومةُ الـسمراءُ هـازجةٌ
رَجَّ الـوطيسُ بِـها، واهـتزَّتِ الهُضُبُ
فـكـانَتِ الـكربلائياتُ، صـوتَ ردىً
"لـلـخَيَبْريّين"، لا رِفْــقٌ ولا حَــدَبُ
هــذي فـلولُهُمُ، هـذي جـماجِمُهُمْ
كـالرِجْسِ، تـلفِظُها مِـنْ أرضِنا التُرُبُ
إذا قـضىَ منْ قضَى منهُمْ، قضَوْا أَلَماً
يـا بـئْسَهُمْ مَنْ بكَوْا حُزْناً، ومَنْ نَدَبُوا
وإِنْ شـهيدٌ هـوى مِـنْ عندِنا صدَحَتْ
بـلابـلٌ، وتـعالى الـزهْوُ والـطرَبُ.
هـذا الـجنوب دمٌ، والـماءُ فـيه دمٌ
ونَـهْرنُا الـنهرُ سُـمُّ إنْ هُـمُ شَـرِبوا
مِـنَ الـجنوبِ رَذَاذَاتُ الـدماءِ سَرَتْ
إلـى فـلسطينَ، فـاهتاجَ الـدَمُ السَرِبُ
واسـتَـبْسَلَتْ انـتـفاضاتٌ مُـخضَّبةٌ
مَـنْ قـال: قَـدْ ضاعَ حقٌ وهو مغتَصَبُ
مَـنْ أوقـدوها لـظىً كـانوا لها حطباً
والـنارُ إنْ أُجّـجَتْ، فَـلْيُحْرَقِ الحَطَبُ
***
قـمْ يـا إمـامُ وسُـنَّ العدلَ في زمَنٍ
خـرَّتْ رؤوسٌ بـهِ، حـتى عـلا الذَنَبُ
وسُـنَّهُ الـسيفَ، يأبى ذو الفقارِ ونىً
إنْ حَـمْحَمَ السيفُ عضَّتْ غِمْدَها القُضُبُ
ســادَتْ جـبابرةُ الإرهـابِ ظـالمةً
فـهـي الـعدالةُ، والـمظلومُ مُـرتَكِبُ
الأقـوياءُ عـلى خـير الضعيفِ سَطَوْا
مَـنْ يـسْلُبِ الخيرَ، غيرَ الشرَّ لا يَهَبُ
فــارْدَعْ بـزَنْدِكَ والـيهِمْ وعـامِلَهُمْ
فـأْنتَ مـثلُكَ مَـنْ يُـخْشىَ ويُـرْتَقَبُ
وازْجُــرْ بـأمْـرِك والـينا وعـامِلَنا
مـالُ الـيتامى حـرامٌ، كَـيفَ يُـسْتَلَبُ
مـا جـاعَ مـنّا فـقيرٌ طـوْعَ ساعدِه
إلاَّ بـما مُـتِّعَتْ أشـداقُ مـن نَـهَبُوا
رجـوتكَ اغْضَبْ، على الأخلاقِ حُضَّهُم
"لأنَّ مَــنْ ذهـبَتْ أخـلاُقُهمْ ذهـبَوا"
قصيدة للشاعر المسيحي ، والوزير اللبناني سابقاً ( جوزيف الهاشم) في حق الإمام علي عليه السلام.
نِـعْمَ الـعليُّ، ونـعمَ الاسـمُ والـلقبُ
يـا مـنْ بـهِ يـشرئبُّ الأصلُ والنسَبُ
الـباذخانِ: جَـناحُ الـشمس ظِـلُّهما
والـهـاشـمـيّان: أُمُّ حــــرّةٌ وأَبُ
لا قـبلُ، لا بعدُ، في "بيت الحرام"، شَدَ
طِـفـلٌ، ولا اعـتزَّ إلاَّ بـاسْمِهِ رجَـبُ
يـومَ الـفسادُ طـغى، والـكُفْرُ منتشرٌ
وغـطْرسَ الـشِرْكُ، والأوثـانُ تنتصبُ
أَلـلـهُ كـرَّمـهُ، لا "لـلـسجود" لـها
ولا بـمـكّـة أصـنـامٌ ولا نُـصُـبُ
مـنـذورةٌ نـفسُهُ لـلهِ، مـا سـجَدَتْ
إلاّ لـربّـكَ هــامٌ، وانـطَوْتْ رُكَـب
***
هــو الإمـامُ، فـتى الإسـلام تـوأَمُهُ
مـنذُ الـولادة، أيـنَ الـشكُّ والـرِّيَبُ؟
تـلـقَّفَ الـديـنَ سـبّـاقاً يـؤرّجُهُ
صـدرُ الـنبي، وبَـوْحَ الـوحيِ يكتسِبُ
عـشيرُه، ورفـيقُ الـدربِ، "كـاتِبُه"
في الحرب والسلم، فهو الساطعُ الشُهُبُ
بـديلُهُ، فـي "فـراش الـدرب"، فارسُه
ولـيـثُ غـزوتِه، والـجحْفلُ الـلَّجِبُ
سـيفُ الـجهاد، فتىً، لولاه ما خفقَتْ
لــدعـوةِ اللهِ، رايــاتٌ ولا قُـطُـبُ
إنْ بـرَّدَتْ هُـدْنةُ "الـتنزيلِ" سـاعدَهُ
كـان الـقتالُ عـلى "التأويل"، والغَلَبُ
أيـامَ "بـدرٍ" "حُـنينٍ" "خـنَدقٍ" "أُحُـدٍ"
والـليلُ تـحتَ صـليلِ الزحْفِ ينسحبُ
والـخيلُ تـنهلُ فـي حـربِ اليهودِ دماً
ويـومَ "خـيبرَ" كـاد الـموتُ يـرتعِبُ
لـوْ كـان عـاصَرَ عيسى في مسيرتهِ
ومـريـمٌ فــي خـطى الآلامِ تـنتحبُ
لـثارَ كـالرعد يـهوي ذو الفقار على
أعـناقِ "بيلاطُس البُنْطي"، ومَنْ صلَبوا
مــا كـان دربٌ، ولا جَـلْدٌ وجُـلْجُلةٌ
ولا صـلـيبٌ، ولا صَـلْبٌ ولا خـشبُ.
تـجسّدَتْ كـلُ أوصـافِ الـكمال بـهِ
فـي ومْـضِ سـاعدهِ الإعصارُ والعطَبُ
الـصفحُ والـعفوُ بـعضٌ مـن شمائِله
وبـعضُه الـبِرُّ، أمْ مـن بـعضِه الأدبُ
مّـحجةُ الـناس، أقـضاهُمْ وأعـدلُهمْ
أدقُّ، أنـصفُ، أدعـى، فـوقَ ما يجبُ
يـصومُ، يـطوي، وزُهْدُ الأرضِ مطْمَحُهُ
والـخَـلُّ مـأكَلُه، والـجوعُ والـعُشُبُ
يـخْتَالُ فـي ثـوبهِ الـمرقوعِ، مرتدياً
عـبـاءَةَ الله، فـهْـيَ الـغـايةُ الأرَبُ
مَـنْ رضَّـع الـهامَ بالتقوى، فإِنَّ علي
أقـدامِهِ، يُـسفَحُ الإبـريزُ والـذهَبُ..
***
عـلـى مـنـابرهِ، أشـذَاءُ خـاطرِه
ومــن جـواهرِه، الـصدَّاحةُ الـخُطَبُ
ومِــنْ مـآثـره، أحْـجـى أوامـرِه
ومــن مـنـائرِه، تَـستمْطِرُ الـكتُبُ
إنْ غـرَّدَ الـصوتُ هـدّاراً "بـقاصعةٍ"
كـالبحرِ هـاج، وهـلَّتْ ماءَها السُحُبُ
أوِ اسـتغاثَتْ بـه الآيـاتُ كـان لـها
روحـاً على الراح، يا أسخاهُ ما يهبُ...
يَـذُودُ عـن هـادياتِ الشرعِ، يَعْضُدُها
والـحقُّ كـالصبحِ، لا تـلهو بهِ الحجُبُ
هـو الـوصيُّ عـلى الميثاق، مؤتَمنٌ
عـلـى تــراثِ نـبـيَّ الله، مـنتَدبُ
هـو الـخليفةُ، مـا شأْنُ "السقيفة" إنْ
طـغَتْ عـلى أهـلها الأهـواء والرُّتَبُ
"أْنــذِرْ عـشيرَتَك الـقُرَبى" فـأنذَرَها
وقـالَ ربُّـك قـولاً فـوقَ مـا طـلَبُوا
مـا غـرَّهُ الـغُنْمُ، فـاغتابوا تـفجُّعَهُ
عـلى الـرسول، ودمـعُ القلبِ ينسكبُ
شّـتانَ بـين لـظى الـمفجوع، يُرهُبه
هـولُ الـفراغ، وذاك الـمشهدُ العجَبُ
وبـين مَـنْ هَـامَ فـي أحـلامهِ شغفاً
فـراحَ يـلعبُ فـيه العرضُ والطلبُ...
مـا هـمَّ أن يستحقَّ الغَبْنَ، ما سلِمَتْ
لـلـمسلمين أُمـورٌ، وانـجلتْ نُـوَبُ
فـكـان لـلـخلفاءِ، الــدرعَ واقـيةً
ولـلـخلافةِ ظــلاً، لـيـس يـحْتجبُ
لـولا عـليُّ، لـما اسـتقوى بها عمَرٌ
يـوم "الـنفير" ولـولا الـمرشِدُ النَجِبُ
وكـان مـن خطر "الإقطاع"، أنْ هُتِكَتْ
أركــانُ أُمَّـتـهِ، والـشعبُ مـنشَعِبُ
***
قفْ... هل تساءلتَ كيف المسلمون غدَوْا
مِـنْ بعدِ بُعْدِكَ...؟ فاسأَلْ ما هو السببُ
مـا سـرُّ عـثمان..؟ كيف الغدرُ حوَّلهُ
إلـى قـميصٍ، بـهدر الـدم يـختَضِبُ
وكـيف زلَّـتْ خطى الإسلام، وانحرَفَتْ
عـمّا وقَـتْهُ رمـوشُ الـعينِ والـهُدُبُ
أيــن الـتعاليم..؟ والـقرآنُ مـندثرٌ
والـشرعُ يـحكمُ فـيه الـطيشُ واللَّعِبُ
والـدينُ تـاهتْ أحـاديثُ الـنبيَّ بـهِ
فـحـرَّفوها خِـداعـاً، كـيفما رغـبوا
والـجور سـادَ، وضـلَّتْ أُمـةٌ، وبَغَتْ
عـلى بـنيها، وطَـيْفَ الله مـا رَهِبوا
ومُـزَّقَـتْ فِــرَقٌ، إنْ خـفَّ رَكْـبُهمُ
تـلـقَّفتْهُمْ جــذوعُ الـنخْلِ والـكُثُبُ
سـيفُ الإمـامِ حَـبَا الإسـلامَ عِـزَّتهُ
بـأيَّ سـيفٍ هـمُ أشياعَه ضربوا...!
***
لــم يـسْـتَسِغْ بَـيْـعةً إلاّ لـيكْلأَها
نـهـجُ الـرسول، وبـالآياتِ تـعتَصِبُ
فـقـاوموه.. لأنَّ الـشرَّ مـا خـمدَتْ
أدرانُـهُ، وجـنودُ الـشرّ ما احْتَجَبُوا...
بـــأيَّ روحٍ إلـهـيَّ يـمـدُّ يــداً
"لإِبْـنِ مُـلجَمَ"، وهـو الـنازفُ التَّعِبُ
فـسـطّرَ الـنُّـبلَ دسـتوراً وعـمَّمَهُ
كـالنور في الأرض، تستهدي به النُجُبُ
وكـبَّلَ الـزمنَ الـمرصودَ فـي يـدِه
كـأنَّـهُ، مَـلِـكَ الإيـحـاءِ يـصْطَحِبُ
هـو الـخلودُ، ومـصباحُ الـسماءِ فلا
يـغيبُ... مـا غـابَ، إلاّ وهـو يقتربُ
إنَّ الإمـامَ هـنا، سـيفُ الإمـام هنا
صـوتُ الـصهيل هـنا، والوقْعُ والخبَبُ
كـالـنجم تـلـتقطُ الأفـلاكَ جـبهتُهُ
إنْ غـرَّبَ الضوء، ليس النجم يغتَربُ..
***
قــمْ يـا إمـامُ، فـإنَّ الـليل مـعتكرٌ
"والـحِصنُ" مـرتفعٌ والأُفـقُ مضطَرِبُ
هـمُ الـيهودُ، ومـا نَفْعُ "المسارِ" إذا
سـالَـمْتَهمْ غـدروا، هـادَنْتَهُمْ وَثَـبوا
يـدورُ فـي عـصرنا الـتاريخُ دورتَهُ
كـمِثْل عـهدِكَ، أيـنَ الـعهدُ يا عرَبُ؟
تَـبَدَّدَت ريـحُهُمْ فـي كـلَّ عـاصفةٍ
وفـي الـوقيعةِ، عـذرُ الـهاربِ الهربُ
مـا بـين مـنكفيءٍ فـي زهْوِ نَشْوتِهِ
وهـائـمٍ، دأْبُــهُ الـعُـنقودُ والـعِنَبُ
وآفَــةُ الـشرْقِ، سـفّاحٌ بـمِقْبَضِها
ولـيـس يـردَعُـها شـرَعٌ ولا رَهَـبُ
راحَــتْ تُـصَهْيِنُ اسـمَ الله فـاسقةً
يـا.. إنـها شـعبُهُ الـمختارُ والعَصَبُ
تُـدَنِّسُ الـطُهْرَ، والإيـمانَ فـي دَجَلٍ
حـتى عـلى الله، كَـمْ يحلو لها الكَذِبُ
فَـجْلَجَلْ الـمسجِدُ الأقصى، يثورُ على
كُـفْرٍ، وكـبَّرتِ الأجـراسُ والـصُلُبُ.
***
داَنـتْ لـها جَـبَهاتُ الـسّاحِ صاغرةً
وانـشَلَّتِ الـخيلُ، حتى استَسْلَمَ الغَضَبُ
وَرُوَّعــتْ هِـمَمٌ، واسـتَكْبَرَتْ أُمَـمٌ
واسـتُقْطِبَتْ قِـمَمٌ، واسـتُهْبِطَتْ قُـبَبُ
حـتى دَوَتْ وَثْـبَةٌ ضـجَّ الـزمانُ بها
كـأنها الـسيفُ فـوقَ "الطُوْرِ" مُنْتَصِبُ
لـجَّتْ بـزأْرَةِ لـيثِ الـشامِ زمْـجَرَةٌ
كــأنَّ "قـانـا" عـلى راحـاتِهِ حـلَبُ
يَـشِـدُّ أَزْرَ جـنوبٍ، لـمْ يـمرَّ بـهِ
رَكْـبُ الـفتوحاتِ، حـتى قُـطّعتْ رُقَبُ
فـخاضَ عـنْ أُمَّـةٍ حربَ الجهادِ فدىً
عـنْ كـلِ مَنْ غُلِبوا غدراً، ومَنْ نُكِبُوا.
هِــيَ الـمقاومةُ الـسمراءُ هـازجةٌ
رَجَّ الـوطيسُ بِـها، واهـتزَّتِ الهُضُبُ
فـكـانَتِ الـكربلائياتُ، صـوتَ ردىً
"لـلـخَيَبْريّين"، لا رِفْــقٌ ولا حَــدَبُ
هــذي فـلولُهُمُ، هـذي جـماجِمُهُمْ
كـالرِجْسِ، تـلفِظُها مِـنْ أرضِنا التُرُبُ
إذا قـضىَ منْ قضَى منهُمْ، قضَوْا أَلَماً
يـا بـئْسَهُمْ مَنْ بكَوْا حُزْناً، ومَنْ نَدَبُوا
وإِنْ شـهيدٌ هـوى مِـنْ عندِنا صدَحَتْ
بـلابـلٌ، وتـعالى الـزهْوُ والـطرَبُ.
هـذا الـجنوب دمٌ، والـماءُ فـيه دمٌ
ونَـهْرنُا الـنهرُ سُـمُّ إنْ هُـمُ شَـرِبوا
مِـنَ الـجنوبِ رَذَاذَاتُ الـدماءِ سَرَتْ
إلـى فـلسطينَ، فـاهتاجَ الـدَمُ السَرِبُ
واسـتَـبْسَلَتْ انـتـفاضاتٌ مُـخضَّبةٌ
مَـنْ قـال: قَـدْ ضاعَ حقٌ وهو مغتَصَبُ
مَـنْ أوقـدوها لـظىً كـانوا لها حطباً
والـنارُ إنْ أُجّـجَتْ، فَـلْيُحْرَقِ الحَطَبُ
***
قـمْ يـا إمـامُ وسُـنَّ العدلَ في زمَنٍ
خـرَّتْ رؤوسٌ بـهِ، حـتى عـلا الذَنَبُ
وسُـنَّهُ الـسيفَ، يأبى ذو الفقارِ ونىً
إنْ حَـمْحَمَ السيفُ عضَّتْ غِمْدَها القُضُبُ
ســادَتْ جـبابرةُ الإرهـابِ ظـالمةً
فـهـي الـعدالةُ، والـمظلومُ مُـرتَكِبُ
الأقـوياءُ عـلى خـير الضعيفِ سَطَوْا
مَـنْ يـسْلُبِ الخيرَ، غيرَ الشرَّ لا يَهَبُ
فــارْدَعْ بـزَنْدِكَ والـيهِمْ وعـامِلَهُمْ
فـأْنتَ مـثلُكَ مَـنْ يُـخْشىَ ويُـرْتَقَبُ
وازْجُــرْ بـأمْـرِك والـينا وعـامِلَنا
مـالُ الـيتامى حـرامٌ، كَـيفَ يُـسْتَلَبُ
مـا جـاعَ مـنّا فـقيرٌ طـوْعَ ساعدِه
إلاَّ بـما مُـتِّعَتْ أشـداقُ مـن نَـهَبُوا
رجـوتكَ اغْضَبْ، على الأخلاقِ حُضَّهُم
"لأنَّ مَــنْ ذهـبَتْ أخـلاُقُهمْ ذهـبَوا"