حسين ال دخيل
07-03-2014, 08:54 PM
أما ابن تيميه فقد صرح بأنه لم يكفر المسلمين بالذنوب و الاجتهادات إلا الخوارج .
إذن ليس للوهابية سلف يقتدون به في بدعتهم هذه سوى الخوارج !!
***
7 ـ بين الوهابية و الخوارج
مما يثير الدهشة كثرة أوجه الشبه بين الوهابية و الخوارج في ما شذوا به عن جماعة المسلمين ، حتى انه ليخيل للدارس أن هولاء من اولئك و إن تباعد بينهم الزمن !
و من أوجه الشبه و التوافق بين الطائفتين :
ا ـ شذ الخوارج عن جميع المسلمين فقالوا : إن مرتكب الكبيرة كافر .
و شذ الوهابية فكفروا المسلمين على ما عدوه من الذنوب .
ب ـ حكم الخوارج على دار الإسلام إذا ظهرت فيها الكبائر انها دار حرب ، و حل منها ما كان يحل لرسول اللّه ( صلى الله عليه و آله ) من دار الحرب ، أي تهدر دماؤهم و أموالهم .
و هكذا حكم الوهابية على دار الإسلام و ان كان اهلها من اعبد الناس للّه تعالى و أكثرهم صلاحا ، إذا كانوا يعتقدون جواز السفر لزيارة قبر النبي و مشاهد الصالحين و يطلبون منهم الشفاعة .
و يلاحظ في النقطتين معا ان الوهابية شر من الخوارج فالخوارج نظروا إلى أمور اجمع المسلمون على أنها كبائر بينما ركز الوهابية على أعمال ليست هي من الذنوب أصلا بل هي من المستحبات التي عمل بها السلف الصالح من الصحابة و التابعين و من بعدهم بلا خلاف ، كما تقدم بينه .
ج ـ تشابه الوهابية و الخوارج في التشدد في الدين و الجمود في فهمه .
فالخوارج لما قرأوا قوله تعالى ﴿ ... إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ ... ﴾ 4 قالوا من أجاز التحكيم فقد أشرك باللّه تعالى ، و اتخذوا شعارهم ( لا حكم الا للّه ) كلمه حق يراد بها باطل ، فقولهم هذا جمود و جهل كبير ، فالتحكيم في الخصومات ثابت في القرآن الكريم و في بداهة العقول و في السنة النبوية و سيرة الرسول و الصحابة و التابعين .
و كذلك الوهابية لما قرأوا قوله تعالى : ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ 5 و قوله تعالى : ﴿ ... مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ... ﴾ 6 و ﴿ ... وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى ... ﴾ 7 ، قالوا : ان من قال بجواز طلب الشفاعة من النبي و الصالحين فقد أشرك باللّه ، و من قصد زيارة النبي و سأله الشفاعة فقد عبده و اتخذه إلها من دون اللّه ، فكان شعارهم ( لا معبود إلا اللّه ) و ( لا شفاعة إلا للّه ) ، و هي كلمه حق يراد بها باطل ، و هي جمود أيضا و جهل كبير ، و جواز هذه الأمور ثابت في سيرة الصحابة و التابعين كما تقدم .
د ـ قال ابن تيميه : ( الخوارج أول بدعة ظهرت في الإسلام فكفر أهلها المسلمين و استحلوا دماءهم ) و هكذا كانت بدعه الوهابية و هي آخر بدعة ظهرت في الإسلام .
ه ـ الأحاديث الشريفة التي صحت في الخوارج و مروقهم من الدين ، انطبق بعضها على الوهابية أيضا . . ففي الصحيح عنه ( صلى الله عليه و آله ) قال : ( يخرج أناس من قبل المشرق يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، سيماهم التحليق ) .
قال القسطلاني في شرح هذا الحديث : ( من قبل المشرق : اي من جهة شرق المدينة كنجد و ما بعدها ) .
و نجد هي مهد الوهابية و موطنها الأول الذي منه ظهرت و انتشرت . . و أيضا فان حلق الرؤوس كان شعارا للوهابية يأمرون به من اتبعهم و حتى النساء . ولم يكن هذا الشعار لأحد من أهل البدع قبلهم ، لذا كان بعض العلماء المعاصرين لظهور الوهابية يقولون : ( لا حاجة إلى التأليف في الرد على الوهابية ، بل يكفى في الرد عليهم قوله ( صلى الله عليه و آله ) : ( سيماهم التحليق ) فانه لم يفعله احد من المبتدعة غيرهم ) . .
و ـ جاء في الحديث النبوي الشريف في وصف الخوارج : ( يقتلون أهل الإسلام و يدعون أهل الأوثان ) . و هذا هو حال الوهابية تماما ، فلم يشننوا حربا إلا على أهل القبلة ، ولم يعرف في تاريخهم أنهم قصدوا أهل الأوثان بحرب أو عزموا على ذلك ، بل لم يدخل ذلك في مبادئهم و كتبهم التي امتلأت بوجوب قتال أهل القبلة !!
ز ـ روى البخاري عن ابن عمر انه قال في وصف الخوارج : ( إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار ، فجعلوها على المؤمنين ) .
و ورد عن ابن عباس انه قال : ( لا تكونوا كالخوارج ، تأولوا آيات القرآن في أهل القبلة ، و إنما أنزلت في أهل الكتاب و المشركين ، فجهلوا علمها فسفكوا الدماء و انتهبوا الأموال ) .
و هذا هو شان الوهابية ، انطلقوا إلى الآيات النازلة في عبدة الأوثان فجعلوها على المؤمنين ، بهذا امتلأت كتبهم ، و عليه قام مذهبهم .
ح ـ حوار بين سني و وهابي .
قال الوهابي : إن كتب الحنابلة هي كتب الوهابية ، فما تنكر منها ؟ و ليس لك أن تواخذهم إلا بما تجده صريحا في كتبهم ، و لا عبرة بنقل الخصم .
قال السني : ما تقول في القرامطة ؟
قال الوهابي : كفار ملاحدة .
قال السني : إنهم يزعمون أن مذهبهم مذهب أهل البيت ، و إن كتب أهل البيت هي كتبهم ، فهل تجد في كتب أهل البيت إلا الحق و النور ؟
قال الوهابي : إن القرامطة كذبوا ، و هولاء نقلة التاريخ يثبتون كفر القرامطة و زورهم .قال السني : هل ترى قيام الحجة بنقل أهل التاريخ ؟
قال الوهابي : نعم ، فان الشافعي صرح بان نقلهم جماعة عن جماعة أحب إليه من نقل أهل الحديث واحدا عن واحد .
قال السني : إذن يجب أن تقبل منى من نقل المورخين المشاهدين للوهابية ما هو صريح في كفرهم!
و أضاف : إن فعل المرء حجة و دليل عليه و ان كذبه لسانه ، فالقرامطة لما استحلوا دماء المسلمين و أموالهم لم تبق شبهه في كفرهم ، و كذلك سادتك .
فغضب الوهابي ولم يدر ما يقول . .
قال السني : ما تقول في ما ورد في الخوارج و مروقهم و أنهم كلاب النار ، و شر قتلى تحت أديم السماء ؟
قال الوهابي : إن المجموع يفيد العلم القطعي بمروق الخوارج و استحقاقهم غضب اللّه ، و لكنهم هم الذين قتلهم علي بالنهروان ، و ليس الوهابية منهم .
قال السني : بم استحق اولئك غضب اللّه ، أبكونهم يحقر الصحابة صلاتهم في جنب صلاتهم ، و صيامهم في جنب صيامهم ؟ قال الوهابي : لا .
قال السني : أبسبب زهدهم و تقشفهم و قراءتهم القرآن يقومونه كالقدح ، و قولهم من قول خير البرية ؟
قال الوهابي : لا .
قال السني : فبماذا إذن ؟ . . فتلعثم الوهابي . .
فقال السني : ما ذاك إلا باستحلالهم دماء المسلمين و أموالهم ، و تكفيرهم لهم ، مع ادعائهم أنهم هم المسلمون وحدهم ، و لا شك ان من اتصف بما اتصفوا به يستحق ما استحقوا بتلك الصفة .
***
8 ـ الوهابية و الغلاة
( نافذة على الحقيقة )
الغلاة هم الذين بالغوا في تعظيم بعض الرجال فرفعوهم فوق منازل البشر .
و في الوقت الذي كان فيه محمد بن عبد الوهاب يبشر بدعوته الجديدة في نجد ، كان رجل آخر يبشر بدعوة أخرى جدد فيها كثيرا مما كان قد إندرس من عقائد الغلاة الأوائل الذين غلوا في الإمام على و أهل البيت عليهمالسلام ، و قد شابهت دعوته دعوة محمد بن عبد الوهاب في تكفير من خالفه من المسلمين و في الطعن على الصحابة ، و زادت هذه الأخيرة على الوهابية فصرحت بتكفير اغلب الصحابة . .
ذلك الرجل هو ( الشيخ احمد الاحسائي المتوفى سنه 1241 هـ ) ، و سمى أتباعه ( الشيخية ) . و لما مات احمد الاحسائي كان خليفته كاظم الرشتي و مقره مدينه كربلاء .
فما هو موقف الوهابية من هذه الدعوة المعاصرة لها ؟
لقد غزت الوهابية مدينه كربلاء في الوقت الذي كان يتمركز فيها الشيخية و زعيمهم كاظم الرشتي ، و على عادتهم في سائر حروبهم قتلوا آلاف الرجال و الأطفال و النساء و نهبوا الأموال و خربوا البيوت ، و لكن في أثناء ذلك منحوا كاظم الرشتي الأمان ، و جعلوا بيته آمنا ، و من لجا إليه فهو آمن !!
انه موقف يكشف عن حقيقة الوهابية ، و يفضح زيف ادعائهم في إخلاص التوحيد و محاربة الشرك !
و هنا التفاته إلى الوراء . . مع ابن تيميه الذي يزعم الوهابية انه قدوتهم و إمامهم ، و موقفه من إحدى الفرق الغالية . . و هي الفرقة اليزيدية التي غلت بيزيد بن معاوية ، و منهم ( العدوية ) نسبه إلى عدى بن مسافر الذي كان قدوتهم أولا ثم غلوا فيه و في يزيد ، و قد عاصر ابن تيميه فترة نمو هذه الفرقة و كان له معهم موقف يثير الكثير من الشكوك و علامات الاستفهام .
فابن تيميه مشهور بحدته و هجومه على سائر الفرق الإسلامية و وصفها بالضلال و الزيغ و الانحراف ، فكيف خاطب هولاء الغلاة المشركين ؟
لقد كتب إليهم كتابا استهله بكلام عجيب يصفهم فيه بالإسلام و الإيمان ، و يسدى لهم النصح بأسلوب اخوي هادئ لا تجد منه حرفا واحدا في كلامه عن الفرق الإسلامية الأخرى كالاشعرية و الشيعة الامامية و الزيدية و المعتزلة و المرجئة و غيرهم . فقال :
( من احمد بن تيميه إلى من يصل إليه هذا الكتاب من المسلمين المنتسبين إلى السنة و الجماعة ، المنتمين إلى جماعة الشيخ العارف القدوة أبى البركات عدى ابن مسافر الأموي رحمه اللّه ، و من نحى نحوهم ، وفقهم اللّه لسلوك سبيله و اعانهم على طاعته و طاعة رسوله . . . سلام عليكم و رحمه اللّه و بركاته ، و بعد . . . ) .
هكذا جعلهم من المسلمين المنتسبين إلى السنة و الجماعة مع انهم من الغلاة بلا خلاف ، و الغلاة مشركون خارجون عن الإسلام بإجماع الفرق الإسلامية ، و بمقتضى الكتاب و السنة ، لأنهم اخلوا بالتوحيد فخرجوا منه إلى الشرك !
فهل سيكون في هذه المواقف عبرة ؟
***
إذن ليس للوهابية سلف يقتدون به في بدعتهم هذه سوى الخوارج !!
***
7 ـ بين الوهابية و الخوارج
مما يثير الدهشة كثرة أوجه الشبه بين الوهابية و الخوارج في ما شذوا به عن جماعة المسلمين ، حتى انه ليخيل للدارس أن هولاء من اولئك و إن تباعد بينهم الزمن !
و من أوجه الشبه و التوافق بين الطائفتين :
ا ـ شذ الخوارج عن جميع المسلمين فقالوا : إن مرتكب الكبيرة كافر .
و شذ الوهابية فكفروا المسلمين على ما عدوه من الذنوب .
ب ـ حكم الخوارج على دار الإسلام إذا ظهرت فيها الكبائر انها دار حرب ، و حل منها ما كان يحل لرسول اللّه ( صلى الله عليه و آله ) من دار الحرب ، أي تهدر دماؤهم و أموالهم .
و هكذا حكم الوهابية على دار الإسلام و ان كان اهلها من اعبد الناس للّه تعالى و أكثرهم صلاحا ، إذا كانوا يعتقدون جواز السفر لزيارة قبر النبي و مشاهد الصالحين و يطلبون منهم الشفاعة .
و يلاحظ في النقطتين معا ان الوهابية شر من الخوارج فالخوارج نظروا إلى أمور اجمع المسلمون على أنها كبائر بينما ركز الوهابية على أعمال ليست هي من الذنوب أصلا بل هي من المستحبات التي عمل بها السلف الصالح من الصحابة و التابعين و من بعدهم بلا خلاف ، كما تقدم بينه .
ج ـ تشابه الوهابية و الخوارج في التشدد في الدين و الجمود في فهمه .
فالخوارج لما قرأوا قوله تعالى ﴿ ... إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ ... ﴾ 4 قالوا من أجاز التحكيم فقد أشرك باللّه تعالى ، و اتخذوا شعارهم ( لا حكم الا للّه ) كلمه حق يراد بها باطل ، فقولهم هذا جمود و جهل كبير ، فالتحكيم في الخصومات ثابت في القرآن الكريم و في بداهة العقول و في السنة النبوية و سيرة الرسول و الصحابة و التابعين .
و كذلك الوهابية لما قرأوا قوله تعالى : ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ 5 و قوله تعالى : ﴿ ... مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ... ﴾ 6 و ﴿ ... وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى ... ﴾ 7 ، قالوا : ان من قال بجواز طلب الشفاعة من النبي و الصالحين فقد أشرك باللّه ، و من قصد زيارة النبي و سأله الشفاعة فقد عبده و اتخذه إلها من دون اللّه ، فكان شعارهم ( لا معبود إلا اللّه ) و ( لا شفاعة إلا للّه ) ، و هي كلمه حق يراد بها باطل ، و هي جمود أيضا و جهل كبير ، و جواز هذه الأمور ثابت في سيرة الصحابة و التابعين كما تقدم .
د ـ قال ابن تيميه : ( الخوارج أول بدعة ظهرت في الإسلام فكفر أهلها المسلمين و استحلوا دماءهم ) و هكذا كانت بدعه الوهابية و هي آخر بدعة ظهرت في الإسلام .
ه ـ الأحاديث الشريفة التي صحت في الخوارج و مروقهم من الدين ، انطبق بعضها على الوهابية أيضا . . ففي الصحيح عنه ( صلى الله عليه و آله ) قال : ( يخرج أناس من قبل المشرق يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، سيماهم التحليق ) .
قال القسطلاني في شرح هذا الحديث : ( من قبل المشرق : اي من جهة شرق المدينة كنجد و ما بعدها ) .
و نجد هي مهد الوهابية و موطنها الأول الذي منه ظهرت و انتشرت . . و أيضا فان حلق الرؤوس كان شعارا للوهابية يأمرون به من اتبعهم و حتى النساء . ولم يكن هذا الشعار لأحد من أهل البدع قبلهم ، لذا كان بعض العلماء المعاصرين لظهور الوهابية يقولون : ( لا حاجة إلى التأليف في الرد على الوهابية ، بل يكفى في الرد عليهم قوله ( صلى الله عليه و آله ) : ( سيماهم التحليق ) فانه لم يفعله احد من المبتدعة غيرهم ) . .
و ـ جاء في الحديث النبوي الشريف في وصف الخوارج : ( يقتلون أهل الإسلام و يدعون أهل الأوثان ) . و هذا هو حال الوهابية تماما ، فلم يشننوا حربا إلا على أهل القبلة ، ولم يعرف في تاريخهم أنهم قصدوا أهل الأوثان بحرب أو عزموا على ذلك ، بل لم يدخل ذلك في مبادئهم و كتبهم التي امتلأت بوجوب قتال أهل القبلة !!
ز ـ روى البخاري عن ابن عمر انه قال في وصف الخوارج : ( إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار ، فجعلوها على المؤمنين ) .
و ورد عن ابن عباس انه قال : ( لا تكونوا كالخوارج ، تأولوا آيات القرآن في أهل القبلة ، و إنما أنزلت في أهل الكتاب و المشركين ، فجهلوا علمها فسفكوا الدماء و انتهبوا الأموال ) .
و هذا هو شان الوهابية ، انطلقوا إلى الآيات النازلة في عبدة الأوثان فجعلوها على المؤمنين ، بهذا امتلأت كتبهم ، و عليه قام مذهبهم .
ح ـ حوار بين سني و وهابي .
قال الوهابي : إن كتب الحنابلة هي كتب الوهابية ، فما تنكر منها ؟ و ليس لك أن تواخذهم إلا بما تجده صريحا في كتبهم ، و لا عبرة بنقل الخصم .
قال السني : ما تقول في القرامطة ؟
قال الوهابي : كفار ملاحدة .
قال السني : إنهم يزعمون أن مذهبهم مذهب أهل البيت ، و إن كتب أهل البيت هي كتبهم ، فهل تجد في كتب أهل البيت إلا الحق و النور ؟
قال الوهابي : إن القرامطة كذبوا ، و هولاء نقلة التاريخ يثبتون كفر القرامطة و زورهم .قال السني : هل ترى قيام الحجة بنقل أهل التاريخ ؟
قال الوهابي : نعم ، فان الشافعي صرح بان نقلهم جماعة عن جماعة أحب إليه من نقل أهل الحديث واحدا عن واحد .
قال السني : إذن يجب أن تقبل منى من نقل المورخين المشاهدين للوهابية ما هو صريح في كفرهم!
و أضاف : إن فعل المرء حجة و دليل عليه و ان كذبه لسانه ، فالقرامطة لما استحلوا دماء المسلمين و أموالهم لم تبق شبهه في كفرهم ، و كذلك سادتك .
فغضب الوهابي ولم يدر ما يقول . .
قال السني : ما تقول في ما ورد في الخوارج و مروقهم و أنهم كلاب النار ، و شر قتلى تحت أديم السماء ؟
قال الوهابي : إن المجموع يفيد العلم القطعي بمروق الخوارج و استحقاقهم غضب اللّه ، و لكنهم هم الذين قتلهم علي بالنهروان ، و ليس الوهابية منهم .
قال السني : بم استحق اولئك غضب اللّه ، أبكونهم يحقر الصحابة صلاتهم في جنب صلاتهم ، و صيامهم في جنب صيامهم ؟ قال الوهابي : لا .
قال السني : أبسبب زهدهم و تقشفهم و قراءتهم القرآن يقومونه كالقدح ، و قولهم من قول خير البرية ؟
قال الوهابي : لا .
قال السني : فبماذا إذن ؟ . . فتلعثم الوهابي . .
فقال السني : ما ذاك إلا باستحلالهم دماء المسلمين و أموالهم ، و تكفيرهم لهم ، مع ادعائهم أنهم هم المسلمون وحدهم ، و لا شك ان من اتصف بما اتصفوا به يستحق ما استحقوا بتلك الصفة .
***
8 ـ الوهابية و الغلاة
( نافذة على الحقيقة )
الغلاة هم الذين بالغوا في تعظيم بعض الرجال فرفعوهم فوق منازل البشر .
و في الوقت الذي كان فيه محمد بن عبد الوهاب يبشر بدعوته الجديدة في نجد ، كان رجل آخر يبشر بدعوة أخرى جدد فيها كثيرا مما كان قد إندرس من عقائد الغلاة الأوائل الذين غلوا في الإمام على و أهل البيت عليهمالسلام ، و قد شابهت دعوته دعوة محمد بن عبد الوهاب في تكفير من خالفه من المسلمين و في الطعن على الصحابة ، و زادت هذه الأخيرة على الوهابية فصرحت بتكفير اغلب الصحابة . .
ذلك الرجل هو ( الشيخ احمد الاحسائي المتوفى سنه 1241 هـ ) ، و سمى أتباعه ( الشيخية ) . و لما مات احمد الاحسائي كان خليفته كاظم الرشتي و مقره مدينه كربلاء .
فما هو موقف الوهابية من هذه الدعوة المعاصرة لها ؟
لقد غزت الوهابية مدينه كربلاء في الوقت الذي كان يتمركز فيها الشيخية و زعيمهم كاظم الرشتي ، و على عادتهم في سائر حروبهم قتلوا آلاف الرجال و الأطفال و النساء و نهبوا الأموال و خربوا البيوت ، و لكن في أثناء ذلك منحوا كاظم الرشتي الأمان ، و جعلوا بيته آمنا ، و من لجا إليه فهو آمن !!
انه موقف يكشف عن حقيقة الوهابية ، و يفضح زيف ادعائهم في إخلاص التوحيد و محاربة الشرك !
و هنا التفاته إلى الوراء . . مع ابن تيميه الذي يزعم الوهابية انه قدوتهم و إمامهم ، و موقفه من إحدى الفرق الغالية . . و هي الفرقة اليزيدية التي غلت بيزيد بن معاوية ، و منهم ( العدوية ) نسبه إلى عدى بن مسافر الذي كان قدوتهم أولا ثم غلوا فيه و في يزيد ، و قد عاصر ابن تيميه فترة نمو هذه الفرقة و كان له معهم موقف يثير الكثير من الشكوك و علامات الاستفهام .
فابن تيميه مشهور بحدته و هجومه على سائر الفرق الإسلامية و وصفها بالضلال و الزيغ و الانحراف ، فكيف خاطب هولاء الغلاة المشركين ؟
لقد كتب إليهم كتابا استهله بكلام عجيب يصفهم فيه بالإسلام و الإيمان ، و يسدى لهم النصح بأسلوب اخوي هادئ لا تجد منه حرفا واحدا في كلامه عن الفرق الإسلامية الأخرى كالاشعرية و الشيعة الامامية و الزيدية و المعتزلة و المرجئة و غيرهم . فقال :
( من احمد بن تيميه إلى من يصل إليه هذا الكتاب من المسلمين المنتسبين إلى السنة و الجماعة ، المنتمين إلى جماعة الشيخ العارف القدوة أبى البركات عدى ابن مسافر الأموي رحمه اللّه ، و من نحى نحوهم ، وفقهم اللّه لسلوك سبيله و اعانهم على طاعته و طاعة رسوله . . . سلام عليكم و رحمه اللّه و بركاته ، و بعد . . . ) .
هكذا جعلهم من المسلمين المنتسبين إلى السنة و الجماعة مع انهم من الغلاة بلا خلاف ، و الغلاة مشركون خارجون عن الإسلام بإجماع الفرق الإسلامية ، و بمقتضى الكتاب و السنة ، لأنهم اخلوا بالتوحيد فخرجوا منه إلى الشرك !
فهل سيكون في هذه المواقف عبرة ؟
***