المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف إمام الرحمة


شجون الزهراء
09-03-2014, 11:37 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الَلهّمّ صَلّ عَلَىَ محمد وآل مُحَّمدْ الَطَيبيِن الطَاهرين الأشْرَافْ وَعجَّل فَرَجَهُم ياَكَرِيمَ...

الإمام المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية، ونعرض هذا الفصل في مقامين:
المقام الأول: الإمام المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية العامّة.
المقام الثاني: الإمام المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية الخاصّة
الفصل الثاني: بعض مظاهر الرحمة الإلهية الخاصة التي تجري على يد الإمام المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف).
الفصل الأول
الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)
مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية
المقام الأوّل: الإمام المهدي عجّل الله فرجه مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية العامة
وهذا ما سنوضحه من خلال النقاط التالية:
· النقطة الأولى: إن لله سبحانه وتعالى رحمة عامّة تسع جميع الموجودات بلا استثناء، وهي الرحمة التي أشار إليها القرآن الكريم بقوله: ﴿ورحمتي وسعت كل شيء([1]، والشيئية تساوق الوجود - كما يقول العلماء - ويتفرّع على هذه المساوقة أربع قواعد كالتالي:
- القاعدة الأولى: كلّ موجود فهو شيء.
- القاعدة الثانية: كلّ شيء فهو موجود.
- القاعدة الثالثة: كلّ ما ليس بموجود فليس بشيء.
- القاعدة الرابعة: كلّ ما ليس بشيء فليس بموجود.
فلو وضعت إصبعك على أيّ موجود من موجودات عالم الإمكان سواء كان هذا الموجود ذهنياً أو خارجياً وسواء كان جوهراً أم عرضاً، وسواء كان موجوداً حقيقياً أم موجوداً انتزاعياً، وفي أية نشأة من نشآته كان، فهو شيء، ومن ثم لا يوجد عندنا مفهوم في العالم أوسع من مفهوم الشيء، فعندما يقول الله تعالى: ﴿ورحمتي وسعت كل شيء( فهذا يعني أنه لا يشذّ عن هذه الرحمة أيّ موجود من الموجودات، فما من موجود إلا وهو مشمول للرحمة الإلهية العامة.
· النقطة الثانية: لقد جرت عادة الله على أن تجري الأشياء بأسبابها، فهذه الرحمة الإلهية العامة لا تجري - عادة - إلا عبر أسباب، فلو أردت الدفء مثلاً فإن الله لا يمنحك الدفء - عادة - مباشرة بل انه تعالى جعل منابع للدفء في هذا العالم كالشمس، فيجب عليك أن تأخذه منها، وهكذا لو أردت الارتواء من العطش فإن الله لم تجر عادته على إرواء الإنسان مباشرة، بل يجب عليك اللجوء إلى الماء فهو الذي يزيل العطش بإذن الله ومشيّته.
· النقطة الثالثة: إن جميع روافد الرحمة الإلهية العامة تنتهي إلى منبع واحد هو وجود خاتم الأوصياء الإمام المهدي المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) وكلّ رافد يمثّل جانباً من جوانب الرحمة الإلهية العامة، فالشمس تمثّل جانباً والماء جانباً والهواء الذي نستنشقه يمثّل جانباً من جوانب الرحمة الإلهية العامة، ولكن هناك منبع واحد يمثّل الرحمة الإلهية العامّة الشاملة بتمام أبعادها ومظاهرها، ذلكم هو الإمام المهدي المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، وقد روي أنه (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) قال عن نفسه: «إن رحمة ربكم وسعت كل شيء وأنا تلك الرحمة».[2]
وفي زيارة آل ياسين نخاطب الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف): السلام عليك أيها الرحمة الواسعة.[3] وفي الدعاء: «وأكمِل ذلك بابنه القائم رحمة للعالمين»[4].
وكلمة "العالمين": جمع "عالم" فهي تشمل عالم الإنس، والجن، والملائكة، وعالم الأجنة والنبات والحيوان...، لأن كلّ مجال يضمّ صنفاً من المخلوقات فهو عالَم.
استناداً إلى ما تقدم وإلى بعض الروايات المعتبرة الأخرى، يمثّل الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) الرحمة التي تشمل كلّ العوالم، فما من شيء إلا وهو مشمول بها، وهو (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) يمثّل المنبع الذي يمدّ جميع الروافد الخاصّة للرحمة الإلهية،[5] ولذلك لا تجد موجوداً في هذا العالم - إنساناً كان أم نباتاً أم جماداً أو ملكاً - إلا وهو مشمول لهذه الرحمة التي تسع المؤمن والكافر والمنافق وجميع الكائنات، فكلّ الكائنات إنما يجلسون على مائدة الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ويكتسبون الفيض منه - بإذن الله تعالى ومشيئته.
المقام الثاني: الإمام المهدي عجّل الله فرجه مظهر الرحمة الإلهية الخاصة
وهذا البحث نعرض له أيضاً ضمن نقاط هي:
· النقطة الأولى: إن القرآن الكريم يثبت أن وراء الرحمة الإلهية العامّة رحمة إلهية خاصّة، والرحمة الإلهية العامّة غير مقيّدة بشرط، أما الرحمة الإلهية الخاصّة فهي مقيدة ومشروطة، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: )فسأكتبها للذين يتقون([6] ولاشك أن هذا نمط آخر من الرحمة لأن الله تعالى كتبها لطائفة خاصة، خلافاً للرحمة الإلهية العامّة التي ليست مقيّدة بشيء فشملت كلّ شيء. ويقول سبحانه: )والذين اهتدوا زادهم هدى([7] فهذه الزيادة مشروطة، وهي هداية خاصة، تختلف عن الهداية العامة التي يقول الله تعالى عنها: )ربّنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى([8].
· النقطة الثانية: كما أن للرحمة الإلهية العامة روافد، فكذلك الرحمة الإلهية الخاصة لها روافد، تبعاً للقانون الإلهي العام «إن الله تعالى أجرى عادته بأن يخلق الأشياء بأسبابها»[9].
ومن روافد الرحمة الإلهية الخاصّة المتّقون الأخيار، ومن روافدها العلماء الأبرار، ومن روافدها الملائكة المقرّبون.
]من المعضلات الفكرية التي كانت تواجه العلماء هو من أين تأتي للإنسان التصورات التي كان يفقدها مع أن «فاقد الشيء لا يعطيه»؟ وقد تكفّلت الأحاديث الشريفة المرويّة عن المعصومين (عليهم السلام) حلّ هذه المعضلة إذ قالت: إن الملائكة هي التي تقوم بهذا الدور حيث تلقي الأفكار والتصورات الطيبة في روع الإنسان، وكثيراً ما يتّفق أن يكون الشخص جالساً خالي البال وإذا به يلقى في روعه أن يقوم بعبادة ما أو عمل صالح لم يكن قد نبّهه إليه أحد[.
· النقطة الثالثة: إن المنبع الذي تنتهي إليه وتستمد منه جميع الروافد هو الوجود المبارك للإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف).[10]
وهكذا يكون الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) هو المنبع الذي تنتهي إليه روافد الرحمة الإلهية العامة والخاصة، فكل ما عندنا من رحمة خاصة وعامة فإنما هو ببركة وجوده الشريف.
الفصل الثاني
بعض مظاهر الرحمة الإلهية الخاصة الجارية
على يد الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)
ويتجلّى ذلك في مظاهر، منها:
المظهر الأول: حلّ المعضلات العلمية
لقد كان العلماء في عصر الأئمة (عليهم السلام) إذا واجهتهم معضلة علمية أو فكرية يلجأون إلى الأئمة (عليهم السلام) لحل تلك المعضلة، أما نحن الذين نعيش في عصر الغيبة فينبغي أن نوثّق علاقتنا بالإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ليعيننا في حلّ ما يواجهنا من معضلات، ولا فرق من هذه الجهة بين عصر الغيبة وعصر الحضور، لأن الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) لم يغب عنا بل نحن الذين غبنا عنه، والإمام موجود يحضر عند الناس فهم يعرفونه بشخصه ولكنهم لايعرفون شخصيته، ولذلك تراهم إذا رأوه في عصر الظهور قالوا: لقد رأيناه من قبل دون أن نعرف أنه الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف).
فلماذا لا نفكر في اللجوء إليه لحلّ معضلاتنا الفكرية ولماذا لا نستغيث به كلّما وقفنا على مفترق الطرق حائرين؟!
وهناك قصص كثيرة عن لجوء المؤمنين إلى الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) وحلّه لمشكلاتهم الفكرية، ومنها:
· ينقل عن السيد الفشاركي (رحمه الله) وهو أحد العلماء المحققين أنه طلب يوماً من أستاذه «المجدد الشيرازي الكبير» (رحمه الله) موعداً خاصّاً، وفي اللقاء طلب السيد الفشاركي من أستاذه أن يسمح له بأن يتكلّم معه في هذا اللقاء بعيداً عن الضوابط التي تحكم - عادة - علاقة التلميذ والأستاذ، واستجاب الأستاذ. فقال السيد الفشاركي: سيدنا لماذا أنت ساكت على هؤلاء الكفار المحتلّين الذين دخلوا إيران؟ وماذا تنتظر؟ هل تخاف على حياتك؟ وهل دمك أغلى من دم الإمام الحسين (عليه السلام) وقد ضحّى بنفسه الشريفة وأهل بيته وأصحابه من أجل دين جدّه؟ فأجابه المجدد الشيرازي (رحمة الله عليه): إني لم أكن خائفاً على نفسي من الموت ولكني كنت حائراً لا أدري ما أفعل، حتى ذهبت اليوم إلى سرداب الغيبة واستمددت من وليّ الأمر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، فأذن لي، ثم أصدر فتواه الشهيرة التي تقول: «استعمال التبغ في هذا اليوم بمثابة محاربة الإمام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف».
· يوم كان العالم المشهور الميرزا مهدي الإصفهاني (رحمة الله عليه) طالباً يدرس في النجف الأشرف تجاذبته بعض التيارات الفكرية وبقي في حيرة من أمره لا يدري ما هو الطريق؟ وظلّ مدة قلقاً متحيّراً ولم يبق أمامه إلاّ الملاذ الأخير - بل الملاذ الأول - وهو الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف). ]ولقد أبدلنا كلمة «الملاذ الأخير» إلى «الملاذ الأول» لأنه الملاذ الأول حقاً ولكننا نغفل عن ذلك عادة، وبعد أن نطرق كل الأبواب ونعجز لا يبقى أمامنا إلا بابه فنلجأ إليه ليحلّ معضلاتنا. إننا عندما نعبّر عن الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) أنه الملاذ الأخير فنعني أنه الأمل الأخير لكلّ الذين وصلوا إلى طريق مسدود وأعيتهم الحيل إذ أخطأوا الطريق ولم يلجأوا إليه أولاً[.
يقول الميرزا الإصفهاني: فذهبت إلى وادي السلام وجعلت أتوسل وأبكي لكي يهديني الله إلى الطريق الصحيح، وبينا أنا كذلك وإذا بنور ولي ّ الله الأعظم يشرق عليّ ورأيت عبارة كتبت بنور أخضر وهي: طلب المعارف من غير طريقنا أهل البيت مساوق لإنكارنا وقد أقامني الله وأنا الحجة بن الحسن. وهذه العبارة هي التي أنقذته من الضياع الفكري ورسمت له الخط الذي يجب أن يسلكه.
وعاد الشيخ الإصفهاني من النجف الأشرف إلى مشهد المقدسة ورفع الراية المهدوية وكثير من الذين يرفعون راية المهدوية في إيران والعالم اليوم هم من تلاميذ الشيخ الإصفهاني ومدرسته. ولولا هذا الالتجاء والتوسل بالإمام لربما بقي الشيخ على ضياعه حتى نهاية عمره.
· كان السيد بحر العلوم (رحمة الله عليه) في طريقه من النجف الأشرف إلى سامراء المقدسة يمشي وحده وكانت تراود ذهنه شبهة، إذ حضر الإمام (عليه السلام) وحلّها له.
· وهكذا كان العلامة الحلّي في طريقه إلى كربلاء المقدسة في ليلة من ليالي الجمع إذ أتاه الإمام الحجة (عليه السلام) وحلّ له مشكلة فكرية كان يعاني منها.
المظهر الثاني: حلّ المشكلات العملية على يديه عجّل الله تعالى فرجه الشريف
وهو (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في هذا يسير على خطى جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وآبائه الطاهرين (عليهم السلام)، فمما يروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) في مجال حلّ المشكلات العملية للناس:
· إن شاباً في إحدى المعارك سالت عينه على خدّه، وكان جديد عهد بالزواج، فأتى النبي (صلى الله عليه وآله) وشكا له حالته، فأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) عينه التي سالت على خدّه وأعادها في مكانها فعادت كما كانت.
· عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كنا جلوساً عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ ورد علينا أعرابي أشعث الحال عليه أثواب رثّة والفقر بين عينيه، فلما دخل وسلم قال شعراً:
أتـيتك والعـذراء تبكي برنة وقد ذهـلت أم الصبي عن الطـفل
وأخـت وبنـتان وأم كبـيرة وقد كدت من فقري أخالط في عقلي
وقد مسـّني فقـر وذلّ وفـاقة ولـيس لنـا شـي ء يمـرّ ولا يحلي
ومـا المنتـهى إلا إليـك مفرّنا وأيـن مفـرّ الخـلق إلا إلى الرسل
فلما سمع النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك بكى بكاءً شديداً ثم قال لأصحابه: معاشر المسلمين إن الله تعالى سبق إليكم جزاء والجزاء من الله غرف في الجنة تضاهي غرف إبراهيم الخليل (عليه السلام) فمن كان منكم يواسي هذا الفقير؟ فلم يجبه أحد، وكان في ناحية المسجد علي بن أبي طالب يصلّي ركعات التطوع كانت له دائماً، فأومأ إلى الأعرابي بيده، فدنا منه، فرفع إليه الخاتم من يده وهو في صلاته، فأخذه الأعرابي وانصرف
ثم إن النبي أتاه جبرئيل ونادى: السلام عليك يا رسول الله، ربّك يقرئك السلام ويقول لك: اقرأ: (إنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وهُمْ راكِعُونَ. ومَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ ورَسُولَهُ والَّذِينَ آمَنُوا فَإنَّ حزْبَ اللَّه هُمُ الْغالبُونَ). فعند ذلك قام النبي (صلى الله عليه وآله) قائماً على قدميه وقال: معاشر المسلمين أيّكم اليوم عمل خيراً حتى جعله الله وليّ كل من آمن؟ قالوا: يا رسول الله ما فينا من عمل خيراً سوى ابن عمك علي بن أبي طالب (عليه السلام) فإنه تصدّق على الأعرابي بخاتمه وهو يصلي. قال النبي (صلى الله عليه وآله): وجبت الغرف لابن عمي علي بن أبي طالب. وقرأ عليهم الآية.[11]
· إن امرأة جاءت إلى الإمام الصادق عليه السلام وطلبت منه أن يسأل الله تعالى أن يشفي ولدها، فقد كان على وشك الموت، فعلّمها الإمام عليه السلام دعاءً تقرأه في مكان مرتفع، وهو الدعاء الذي فيه: «اللهم إنك وهبتنيه ..» وعاد الولد سالماً إلى أمه.
وإذا لم يكن النبي (صلى الله عليه وآله) موجوداً بيننا، وكذا الأئمة من آله (سلام الله عليهم أجمعين)، فإن حفيده الإمام الحجة المنتظر موجود وهو حي يرزق في هذه الحياة، فلماذا لا نفكر في اللجوء إليه لحلّ مشكلاتنا العملية؟
ولكن:كيف نلجأ إليه وهو غائب عن أنظارنا؟
والجواب: إنه (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) قال - كما في حكاية إحدى التشرّفات - : لو بحثتم عني كما كنتم تبحثون عن ضالّتكم لوجدتموني.
حقاً هل نحن نبحث عن الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) كبحثنا عن ضالّتنا؟ وهل نفكّر فيه كما نفكّر في شؤوننا الشخصية؟ لو اتّفق لإنسان أنه كان مع الموت وجهاً لوجه كما لو كان في سفينة تحطّمت به وهي في عرض البحر، أليس في مثل هذه الحالة ينقطع الإنسان عادة إلى الله تعالى ويتوسّل به حقيقة؟ هكذا أيضاً ينبغي أن يكون تفكيرنا في الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ودعاؤنا لفرجه الشريف.
أما حالات قيام الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) بحلّ المشكلات العملية للناس فكثيرة جداً ومنها قضية نقلها المدرس الأفغاني (رحمه الله) في هذا المجال ومجملها أن شاباً ينتمي إلى إحدى الفرق الأخرى أضاع الطريق إلى مكة فتوسّل بالإمام عليه السلام فحضر الإمام (عليه السلام) ودلّه على الطريق ثم غاب عنه، وكان ذلك سبباً لتشيّعه.
المظهر الثالث: التوجيه والعناية
إن الإنسان بحاجة إلى موجّه في أي مجال أراد أن يتقدّم فيه، فطالب الفقه إن لم يكن له موجّه ومدرّس واكتفى بالمطالعة فإنه لا يتوقع أن يصبح فقيهاً ناجحاً، وهكذا الأصولي بل هكذا الأمر في كل مجالات الحياة، فإذا كان الأمر كذلك فهل هناك موجّه وراعٍ خير من الإمام المهدي صلوات الله عليه؟! لاشك أنه خير من يرعانا ويوجّهنا لانتخاب الطريق الصحيح، ولكن الأمر بحاجة إلى مقدّمات ومقوّمات.
· من الذين حظوا برعاية الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) هو الشيخ الصدوق (رحمة الله عليه)، الذي وُلد بدعاء الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) فإن والد الشيخ الصدوق (المدفون في مدينة قم المقدسة) طلب من الإمام (عليه السلام) - عبر الحسين بن روح (رضوان الله عليه) - أن يدعو له لكي يرزقه الله ولداً، فكتب إليه الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف): قد دعونا لك وسترزق ولدين ذكرين خيّرين،[12] وكان أحدهما الشيخ الصدوق (رحمه الله).
وقد رأى الشيخ الصدوق الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في عالم الرؤيا فأمره بتأليف كتاب في الغيبة. يقول الشيخ نفسه: «فبينا أنا ذات ليلة أفكر..، إذ غلبني النوم فرأيت كأني بمكة أطوف حول بيت الله الحرام وأنا في الشوط السابع عند الحجر الأسود أستلمه وأقبّله وأقول: أمانتي أدّيتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة، فأرى مولانا القائم صاحب الزمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) واقفاً بباب الكعبة فأدنو منه على شغل قلب وتقسّم فكر، فعلم (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ما في نفسي بتفرّسه في وجهي، فسلّمت عليه، فردّ علي السلام ثم قال لي: لم لا تصنّف كتاباً في الغيبة حتى تكفى ما قد همّك؟ فقلت له: يا ابن رسول الله قد صنّفت في الغيبة أشياء. فقال (عجّل الله تعالى فرجه الشريف): ليس على ذلك السبيل آمرك أن تصنّف ولكن صنّف الآن كتاباً في الغيبة واذكر فيه غيبات الأنبياء (عليهم السلام)، ثم مضى (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، فانتبهت فزعاً إلى الدعاء والبكاء والبثّ والشكوى إلى وقت طلوع الفجر، فلما أصبحت ابتدأت في تأليف هذا الكتاب ممتثلاً لأمر وليّ الله وحجّته مستعيناً بالله ومتوكّلاً عليه ومستغفراً من التقصير، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب.
وأسمى كتابه: كمال الدين وتمام النعمة.[13]
السيد محمد تقي الإصفهاني رأى في عالم الرؤيا الإمام المهدي (صلوات الله عليه) يقول له: اكتب عني كتاباً باللغة العربية وسمّه «مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم».[14]
· نقل أحد العلماء الكبار عن السيد الوالد (رضوان الله تعالى عليه) أنه تشرّف بلقاء الإمام الحجة (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في (مسجد السهلة) فقال له (اكتب) وعندما عاد الوالد تفرّغ للتأليف وترك كلّ البحوث التي كان يلقيها على طلاّبه، رغم الضغوط الشديدة عليه للعودة إلى التدريس.
هذه أمثلة على التوجيه والرعاية الأبوية من لدن الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) تجاه شيعته. فحريّ بنا أن نعمل ما من شأنه أن يجعلنا مشمولين بها وبالرحمة الإلهية الخاصة الجارية على يديه وأن ندعو الله تعالى قائلين: (... وهب لنا رأفته ورحمته ودعاءه وخيره)، نسأل الله سبحانه أن لا يحرمنا ذلك.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
· ألقيت هذه المحاضرة على جمع من طلاّب العلوم الدينية بمدينة قم المقدّسة، في 29 ربيع الأول عام 1425 هـ.
[1] الأعراف: 156.
[2] بحار الأنوار: ج 53، ص 11.
[3] مفاتيح الجنان للشيخ عباس القمي.
[4] أصول الكافي: ج 1، ص 528.
[5] لاحظ ما ورد في زيارة الإمام الحسين عليه السلام: «إرادة الرب في مقادير أموره تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم، والصادر عما فصل من أحكام العباد»، وقد روى هذه الزيارة «المحمدون الثلاثة» رضوان الله عليهم .

----------------
[6] الأعراف: 156.
[7] محمد: 17.
[8] طه: 50.
[9] بحار الأنوار: ج 3، ص 67.
[10] لاحظ كلمات الزيارة المعتبرة التي أشرنا إليها آنفاً.
[11] بحار الأنوار ج : 35 ص 193.
[19] بحار الأنوار: ج 5 ص 306.
[20] كمال الدين وتمام النعمة، المقدمة.

حسين ال دخيل
09-03-2014, 07:26 PM
اللهم عجل لوليك الفرج
السلام علي (http://www.imshiaa.com/vb)كم ورحمة الله (http://www.imshiaa.com/vb) وبركاته
بارك الله (http://www.imshiaa.com/vb) فيك وجزيت خيــــــــرافي ميزان حسن (http://www.imshiaa.com/vb)اتك

الجزائرية
20-03-2014, 02:01 PM
احسنتِ اختي الفاضلة بارك الله فيكِ ...

اٌلقيت هذه المحاضرة من سماحة السيد محمد رضا الشيرازي (قدس الله سره الشريف ) , على مجموعة من طلاب الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة ..