شجون الزهراء
10-03-2014, 02:33 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الَلهّمّ صَلّ عَلَىَ محمد وآل مُحَّمدْ الَطَيبيِن الطَاهرين الأشْرَافْ وَعجَّل فَرَجَهُم ياكريم.
لأطرح ما قراته ذات مره في موقع السيد سامي خضرة عن العباءة ..
اسم كتابه .. العباءة النسائية
الإهداء
إلى كل ملتزمة بالعباءة...
في زمن النسيان والغربة
إلى كل مَنْ تُفكِّر بها...
في زمن الإغراء والتثبيط
إلى كل مَنْ تحترمها...
في زمن الرِّدة والتقهقر
إلى كل مَنْ تُفَلْسِف لتركها...
في زمن الضحالة والضآلة
إلى كل مَنْ تنهى عنها...
في زمن مضلات الفتن
إلى كل مَنْ تحاربها...
في زمن التبدُّل والمحق
إلى مَنْ تُعاني بسببها...
فيُكتب لها بها عملٌ صالح، حيث لا يغيب عن علمه شيء، تبارك وتعالى.
إلى مَنْ تتأفَّف من انتشارها تشكو وتتذمَّر من انتشارها، فترفضها. ...
فلا تُؤجر ولا تُشكر
إلى كل شاب غيور مقدام يريد العباءة لمحارمه كما كانت في حياة أهل الصلاح والورع.
إضاءة
ببساطة:
ليس هذا الكتاب دعوة للبس العباءة، بقدر ما هو دعوة لاحترامها واحترام مَنْ اختارتها، واتَّخذتها سبيلاً لتحصين دينها وصيانة إيمانها، بعيداً عن شبهات الزينة والتعرُّض للأذية {فَلاَ يُؤْذَيْنَ} سورة الأحزاب، الآية:59. .
وليس هو دفاعاً عن لابساتها... لأنهنَّ اختَرْنها، ومضَيْن بها... وقوَّة شخصيَّتهن تجاوزت الراغب في الدفاع عنهن.
فثباتهن وعدم تراجعهن يُغني عن كل دفاع ونُصرة.
وهل هُنَّ بحاجة لناصر أو امتحان؟!
لا...!
كفى بمظهرهن في مجتمعاتنا، نصراً وامتحاناً السطران الأخيران مستفادان من قول رسول عندما سُئل عن الشهيد كيف لا يُفتن في قبره؟. قال: كفى بالبارقة فوق رأسه فتنة. .
عباءة النِّساء... إلى أين؟!
هذا الكلام ليس عن حلال أو عن حرام...
ولا عن ما يجوز وعن ما لا يجوز...
فالنقاش في لبس «العباءة» لأخواتنا وما يتعلَّق بها بات عقيماً... لا تُرجى ثماره!
بل، ربَّما أصبح موضوع «العباءة»، والله أعلم، فتنة للذين آمنوا، في هذا الزمن .
فتنة؟!!
وكيف لا يكون كذلك، وبات مَنْ يُفترض انتصارُهُ... ينهزم؟!
ومَنْ يُرجى عونُه... يتراجع.
واللاتي يُنتظر تأييدهن... بتْن يُنظِّرن للتخلي عنها!
زمن: تحوَّل فيه اليقين شكّاً
عباءة نسائنا...
لكِ الله.
سيل من الأسئلة
بسوء سريرة المستهزىء... تُطرح أفواج الأسئلة:
مَنْ أوجب لبس العباءة للنِّساء... وما هو الدليل... ومن أين جاءتنا؟
وهل هكذا كُنَّ نساء آل بيت رسول الله (ص) ؟
ومَنْ يُثبت ذلك؟
أليست هي عادة مستوردة...؟
«جرأة» لم نألفها من قبل!
وتحدٍّ مُشَرْعَن!
في زمن بات الشرع مجرَّد رأي، والحكم وجهة نظر، والفتوى تنقصها العقلانيَّة والمنطق!
جرَّتنا «الواقعيَّة»... أو جَرْجرتنا تلك الواقعية البائسة للنقاش بما فيه نصوص صريحة... فكيف بما فيه نصوص تقبل التأويل؟!
أغرانا «التنوير» إلى أن جعلناه عنواناً لكلّ ما نهواه، ونسَبْنا «الظلامية» إلى كلّ ما نأباه!
انقلاب المفاهيم
باتت المفاهيم معكوسة أو منكوسة ... في لبس العباءة وغيرها.
وأصبح الحوم حول الحمى... بطولة.
واجتناب الأحوط... شجاعة.
ومناقشة الدليل... ثقافة.
وخرق الإجماع... تنوُّر.
والدقَّة الشرعية... تزمُّت.
والأصالة... «طالبان»!!!
ومن أهون الأُمور تصنيف العلماء:
فصاحب الرأي الغريب أو النادر أو الشاذ أو الفريد أو المتساهل «أو المجوِّز»... متنوِّر وحضاري يُنسب لذلك فوراً، دون النظر إلى مستنده وحُجَّته.
وصاحب الرأي الَّذي عَرَفَتْهُ الأُمَّة، ومضت عليه القرونُ، وآلافُ العلماء... ظَلاَمي متخلف ورجعي متعصّب، حتَّى ولو أتى بآية، (فالتأويل ينقصها)، أو برواية، (فالدلالة تحرفها)!!!
وأصبح «الكل» متخصصاً في الشريعة، رافضاً أو موافقاً... بغير حساب!
موضة... واندثرت!
مواكَبةً وتالياً لانتصار الثورة الإسلامية المظفرة في إيران، ببركة العبد الصالح مجدِّد العزَّة لهذا الدِّين انتشر بين نسائنا التدثر بالعباءة التي كانت معروفة في سائر الحواضر الإسلامية، قبل نزول الغزوات (الاستعمار الغربي) وشيوع النزوات في القرن الأخير.
انتشرت العباءة في لبنان، بعد أن كانت مقتصرة على أفراد محدودين تحت عناوين علمائية وعائلية حيث لا ترى في قرية أو حي مديني إلاَّ نماذج نادرة قد لا تتعدَّى أصابع اليد.
إلاَّ أنَّ زخم الثورة في إيران وجوَّ الثقة الَّذي أشاعته، وكما كل منتصر... انتشرت مظاهر عديدة، ومنها لبس العباءة لأخواتنا.
وللحقّ أذكر، أنَّ هذا كان شائعاً في بلاد الشام قبل الغزو الغربي له في عهد المتصرفية إلى انهيار الدولة العثمانية إلى الحرب العالمية... كان شائعاً بين جداتنا اللواتي ما زال البعض منهن أحياء، أو أُمَّهاتهن... بما فيه اللباس المتضمِّن تغطية الوجه، المُسمَّى اليوم «بالبرقع» والَّذي يقول به كثير من علماء الشيعة... قبل أن يُصبح اليوم «هجنة» ومظهراً من مظاهر «الإرهاب» وقبل أن يُنسب «تقبيحاً» له، إلى «السلفية»... وكأنَّ تاريخ الإسلام يُختصر بالسلفية أو طالبان أو ببضع سنوات، وبما تُشيعه بعضُ الفضائيات والإذاعات!
العباءة ليست طارئة... حتَّى في لبنان
ودفعاً لِما قد يظنُّ الظَّان أنَّ العباءة لنسائنا أمرٌ طارىءٌ أو مستورد أو «بدعة»، نشير إلى شياعها في أكثر البلدان الإسلامية :
إمَّا للجميع (إلاَّ ما ندر) كالعراق والكويت والإمارات واليمن والسعودية وأفغانستان وباكستان والجزائر ومصر وشرق إفريقيا وسوريا وتركيا...
وإمَّا لفئة كبيرة معروفة بتديُّنها والتزامها في مجتمعاتها كلبنان وأواسط إفريقيا وماليزيا وأندونيسيا...
مع العلم أنَّ الفئة الثانية وهي الأقل، تأثرت بظروف قاهرة أو موضوعية كالعادات والتقاليد المحلية وما فيها من ممارسات أو لقمع وحرب للإسلام لا يُطاق (وسط آسيا في فترة الحكم الشيوعي) حيث اعتُدي حتَّى على المساجد والمصاحف، فكيف بحجاب النِّساء... وإمَّا لهجمة غربية مركَّزة خائضة في التفاصيل، ومخترعة لتاريخ جديد «يسلخ» عن تاريخ الأُمَّة (لبنان نموذجاً).
فنساءُ لبنان ارتبطن مؤخراً في أذهان كثير من النَّاس باللهو والطرب والغناء والرقص والبعد عن الدِّين والأخلاق، وذلك لأسباب معروفة... ومنها، قلَّة قليلة شوَّهت صورهن من خلال ممارسات شاذَّة في الخمسينيات، حتَّى بات لبنان مرتعاً للفاسدين، إلى الضغوط الكبيرة للدول الغربية على هذا البلد المسلم، منذ سلخه عن تاريخه واختراع تاريخ آخر له، إلى نشاط الفضائيات المعروف والمستمر والفاعل....
فقد تعجب إذا أخبرتك بأنَّ المسلمة في لبنان، وإلى وقت قريب قبل أن يغزوها التغريب، كانت تستر وجهها بالنقاب ، وكذلك المرأة اللبنانية النصرانية، كانت مثلها تستر وجهها بالنقاب أيضاً!
يقول الدكتور فيليب حِتِّي في كتابه «تاريخ لبنان» (ص516 متحدِّثاً عن أحوال بيروت): ..... تغلغل النفوذ الغربي إلى داخل البلاد، وأصبحت بيروت الميناء الرئيس..... ولم يكن مألوفاً أن يُرى الرجل متأبطاً ساعد امرأة خارج البيت، وقلّ أن يرى المرء في شوارع بيروت رجالاً أوروبيين يرتدون ملابس غربية..... وفي جميع هذه المدن كانت المرأة النصرانية تغطي وجهها بحجاب كما تفعل المرأة المسلمة.
فهل يعود لبنان كما كان بلداً إسلامياً محافظاً؟
ويقول الشيخ محمد رشيد رضا (اللبناني الأصل) متحدِّثاً عن زيارته للبنان وأحواله في زمنه القريب: كانت المسلمات في بيروت أشد محافظة على التقاليد القومية من أمثالهن في سائر المدن السورية، فلم تؤثر فيهن عوامل التفرنج الَّذي غلب على نساء النصارى..... ثمَّ رغبوا في تعليم البنات فأنشأوا لهن مدارس ابتدائية، وأنشأت الحكومة العثمانية مدرسة للبنات في بيروت كان جميع تلميذاتها من المسلمات؛ لأنَّ النصارى لا يرغبون إلاَّ في مدارس الإفرنج.
(إلى أن يشكو ويقول):
ثمَّ وجد في بعض شبان المسلمين الَّذين تعلموا في المدارس الأوروبية والأمريكية وأثّر فيهم التفرنج ميل إلى فرنجة النِّساء، كان الرأي الإسلامي العام يقاومهم فيه، وما زال صديقنا الأستاذ الشيخ مصطفى نجا مفتي بيروت زعيم هؤلاء المقاومين على عنايته بتعليم البنات وإشرافه عليه في عدَّة مدارس.
إلى أن يتحدَّث عن تجربة «عزمي بك» والي بيروت، و«أحمد مختار بك بيهم» في إنشاء الجمعيات النِّسائيَّة الإسلاميَّة فقال: أنشأ الزعيمان نادياً للنِّساء في سنة 1335 هجرية وألّفا جمعية من كرائم المتعلِّمات منهن باسم «جمعية الأُمور الخيرية للفتيات المسلمات» ثمَّ أسس هؤلاء الكرائم مدرسة لتعليم البنات، وكان النادي يعقد اجتماعات نسائية يحضرها النِّساء والمستحسنون لهذا العمل من الأدباء والأطباء ويلقون فيها الخطب والدروس الَّتي اصطلح كتَّاب العصر على تسميتها بالمحاضرات ويسمعون من أعضاء النادي الكرائم ما يلقينه فيه ويتحدَّثون معهن في المسائل الأدبية والاقتصادية والصحية وتدبير المنزل والتربية، وإنَّما يكنّ مع الرِّجال سادلات على وجوههن النقاب الإسلامبولي الأسود، لا سافراتٍ أنظر: رحلات محمَّد رشيد رضا؛ للدكتور يوسف ايبش، ص244 ـ 247. .
وذكر نجم الدِّين الغزي في كتابه «الكواكب السائرة» حادثة إنكار أهل دمشق على مَن سمح لزوجته بالخروج كاشفة وجهها أنظر: المختار المصون، للأستاذ محمَّد موسى شريف. .
كما ذكر الأستاذ أنور الجندي في كتابه «الفكر العربي المعاصر في معركة التغريب..» (ص625) نقلاً مهماً عن الكاتبة الأمريكية «روث فرانستس» نُشر في جريدة الأهرام، بتاريخ (27/2/1938) بيَّنت فيه أنَّه رغم الجهود المبذولة لتغريب المرأة السورية زمن الاستعمار الفرنسي إلاَّ أنَّ النتائج دون المأمول!
إلى أن تقول:
«الحركة النسوية في سوريا أضعف منها في العراق، مع أنَّ عدد المتعلِّمات السوريات أكثر بكثير من المتعلِّمات العراقيات.
والمرأة السورية تطورت في العشر سنوات الأخيرة، ولكن تطورها كان مقصوراً على تنويع شكل النقاب لا القضاء عليه » .
أمَّا المرأة العراقية فهي كغيرها من نساء العالم الإسلامي كانت تلتزم الحجاب الشرعي الَّذي أمرها الله به ورسوله ، فتغطي وجهها عن الرِّجال الأجانب، واستمرت على هذا الحال الطيب إلى أن سقطت البلاد العراقية بيد المحتل الإنجليزي (عام 1917م في قصة يطول ذكرها) حيث أخذ أعداء الإسلام كعادتهم، أينما حلوا، يبعثون قضية السفور ويُشجعون دعاتها من المنهزمين، وكذلك أتباع دينهم من أهل البلد المحتل ؛ لتيقّنهم أنَّها الخطوة الأُولى لإفساد أبناء المسلمين، وإشغالهم عن مقاومتهم.
يقول الأستاذ عبَّاس بغدادي في كتابه «بغداد في العشرينيات» (ص143) واصفاً حال المرأة العراقية ذاك الحين:
أمَّا العبي النِّسائيَّة، فكانت من النوع الحريري الأسود... وإنَّ العباءة كلّها منسوجة مثل إيزارات اليهوديات والمسيحيات .....
والمرأة المحتشمة تلبس عباءتين: داخلية تُلبس على الكتف، وخارجية على الرأس مع (البوشية) الَّتي تغطي الوجه ولا تمنع الرؤية، وهي سوداء عدا بوشيات اليهوديات والمسيحيات، فهي مصنوعة من الحرير والكلبدون، ويمكن رفعها إلى الأعلى....
حقدٌ قديم
لبس العباءة، أو ما شابهها كان سائداً لقرون عديدة في سائر بلاد المسلمين وإن اختلفت أحياناً في التفاصيل لخصوصية المكان أو البيئة أو العادة لذا نشير إلى «ما شابهها». دون ملاحظةٍ فضلاً عن ممانعةٍ من أحد.
لكنَّ «بداية التجرؤ» عليها تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر الميلادي مع طلائع الغزو الغربي العلماني، وحركات التنصير والاستشراق والَّتي كان من نتائج نشاطها التعليمي والفكري، نشوء ما عُرف لاحقاً بمنظمات وجمعيات «تحرير المرأة»، والَّتي عملت وما زالت منبهرة بالغرب، وكل ما فيه، بما في ذلك شعارات لسنا بحاجة إليها، لأنّها لم تكن تُشكِّل أزمة عندنا، كعلم المرأة وعملها.... وإن كان ذلك أزمة حقيقية ومطلباً «متقدِّماً» للمرأة في الغرب.
فالإسلام لم يواجه يوماً أزمة تعليم أو عمل، ما دامت ضمن الضوابط الشرعية راجع «أختاه» ص37 وص46. .
في ظلّ هذه الموجة العاتية الغريبة طرح موضوع «التخلي عن الحجاب لتحرير المرأة».... والأَوْلى بالطبع، أن تُنتقد العباءة ويُستهزأ بها، لتُصبح فيما بعد جريمة يُعاقب عليها القانون حسب قوانين لاحقة في الثلاثينيات من القرن العشرين في أفغانستان وإيران وتركيا... وغيرها. !
ولا غرابة في استهداف الغرب الغازي لحجاب نسائنا، سابقاً ولاحقاً، حيث نرى اليوم عشرات الأمثلة المُدينة والمانعة للحجاب في العديد من الدول الأوروبية ، والمشرِّعة للقوانين المانعة حتَّى من التعلُّم والوظيفة كما في بعض مقاطعات ألمانيا وفرنسا وسويسرا وهولندا... فضلاً عن تركيا.
والأخبار حول هذا الموضوع في السنوات الأخيرة بالعشرات.
وأثناء كتابتي لهذه الكلمات في بدايات شهر 6/2006. ، وفي برنامج «الحدث» على «المؤسسة اللبنانية للإرسال» المعروفة باسم L.B.C. ، أجرت «شذا عمر» مقابلة مع عدَّة نساء حول الحجاب، ومنهن المؤيِّد أو المعارض، وكان البرنامج على الهواء... وشاهِدُنا فيما قالته مذيعة قناة الجزيرة السيِّدة «خديجة بن قنة» أنَّها وجدت ممانعة صريحة من وزير الخارجية الفرنسي في إجراء مقابلة معه، وصرَّح لها أنَّ تمنّعه فقط بسبب أنَّها ترتدي حجاباً فلا يريد أن يظهر معها وهي على هذا الشكل!
ولا غرابة فيما جرى لنسائنا وحجابهن ما دام المنصِّر «جب» يُصرِّح:
«إنَّ مدرسة البنات في بيروت هي بؤبؤ عيني، لقد شعرت دائماً أنَّ مستقبل سوريا إنَّما هو بتعليم بناتها ونسائها» فكانت باكورة نشاطاتهم في بيروت عام 1830 ومنها انطلقوا إلى مصر والعراق والهند وغيرها المرأة المسلمة بين الغزو والتغريب للرماني، ص56. .
وحاول أعداء الإسلام والمتأثرون بهم ربط الحجاب بظروف معينة أو تقاليد أو أحداث عابرة... ومنهم حسين أحمد أمين الَّذي ألَّف كتاباً أسماه «دليل المسلم الحزين» مطبوع في مطبعة مدبولي في مصر سنة 1983م وقد ملأه بالشُّبهات ضد الإسلام، ومن بينها الحجاب... والجدير ذكره أنَّ هذا الكتاب حصل على جائزة أحسن كتاب في معرض القاهرة الدولي للكتاب سنة 1984م، وأهدت له حكومة ألمانيا الاتحادية وسام الاستحقاق الأكبر سنة 1983م أي في سنة الصدور نفسها!!!
وما هذا الدعم من قبل الحكومات العلمانية العربية والغربية إلاَّ عداءً منها للإسلام ومحاولة تشكيك المسلمين بعقيدتهم لاسيَّما بعد الشعور الإسلامي المتنامي في العالم كله في الثمانينيات بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران سنة 1979م والَّتي أعطت زخماً جديداً للحركات الإسلامية في العالم كله.
فالصراع الحقيقي الحديث بين الإسلام والغرب له جذور بعيدة جداً سبقت أحداث 11 أيلول 2002 بعشرات السنين ، علماً أنَّ الكتاب المذكور قد طبع بعد ذلك طبعات عديدة!
أطمُّ الطامات
وإذا كان «الفضل» في المبادرة لحرب الحجاب للمنصّرين والمستشرقين، فالأعظم منها عندما بدأ المسلمون المتربون عندهم، أو المتأثرون بهم... ينطقون باسمهم!
فوقف هؤلاء خلف الكواليس، ونزل أولئك إلى ميدان المنازلة وهم أكثر تحدياً:
من جهة ليُظهروا تمايزاً واستعلاء على قومهم... ومن جهة أُخرى ليرضى عنهم أساتذتهم.
وهنا بدأت تتشكل طبقة اجتماعية جديدة «ببغائية» في وقوفها أمام مرآة الغرب والتنصير... إلى أن سُميت في زماننا اليوم «بالمثقفين».
وما زال هذ المصطلح رائجاً في وسائل إعلامنا، فيُبَعَّد المسلم الملتزم مهما حمل من شهادات وخبرات، ولا يُطلق عليه هذا اللقب «المثقف»، ويُقرَّب مَنْ يمضي معهم ولو كان مدَّعياً دخيلاً، ما دام يُجاريهم في حركاتهم ومصطلحاتهم وأفكارهم ومشاريعهم!
بدأوا بخجل لينتهوا إلى ما نحن فيه... فعندما عاد «رفاعة الطهطاوي» من فرنسا عام 1873 وضع كتابه: «المرشد الأمين لتربية البنات والبنين» وهو نموذج عن المتأثر بطبيعة الحياة الفرنسية، بل «المنبهر» بها، فأخذ يدعو علناً إلى السفور والحفلات المختلطة والراقصة، لعلَّنا نلتحق بركب الحضارة قبل أن يفوتنا القطار!
ولا يفوتنا هنا، وفي خصوص الحملة على الحجاب (وأصدق مصاديقه «العباءة») دور النصارى ومنهم: «جرجي زيدان وماري عبده وسلامة موسى، حيث كانت دعواتهم صريحة... لنصل إلى «مرقص فهمي» وكتابه «المرأة في الشرق» الصادر في 1894 الَّذي دعا لرفض الحجاب ونشر السفور والاختلاط.... إلى العديد من الآراء المتعرِّضة للأحكام الشرعية كمنع تعدد الزوجات...
ومن بعد ذلك تجرأ مسلمون، فأصدر «قاسم أمين» «تحرير المرأة» ثمَّ «المرأة الجديدة» فكانت الفتوحات في محاكاة المرأة الغربية في كل تفاصيل حياتها.
وأطمُّ الطَّامَّات، وأنكى النكايات عندما خرج بعض المسلمين الملتزمين ليتحدَّثوا عن تعديل الحجاب ، والحجاب «الموضة» و«الحضاري» و«غير المتعصِّب»... ودعوا إلى ترك العباءة وشبيهاتها بكلّ خفَّة!
وهؤلاء أحياء يرزقون، بيننا يتحركون، وبالنيابة يُبشِّرون!
ولا أنسى إحدى «المنظِّرات» التي قالت لي في معرض «التصدي والتحدي»:
ومَنْ قال لك أنَّ السيدة الزهراء _ب كانت تلبس العباءة؟
يومها صعقتني!
صعقتني لجرأتها على تبرير عدم لبسها للعباءة... بأن نطقت بتلك الكلمات.
يا ترى: إن كانت غير مطَّلعة على طبيعة اللباس آنذاك... فماذا تظنُّ أنَّ مولاتنا الزهراء _ب كانت تلبس؟
قصة إحراق العباءات!
عندما تأخذ الانهزامية مداها ولا يقف أصحابها عند حدود يُصبح همُّهم استرضاء معلّميهم ، وهم هنا الغرب المستعمر... فيقوم الانهزاميون بأعمال، غاية في الذلّ ، بظنِّهم أنَّهم يتبوَّأون موقعاً عند هؤلاء، على قاعدة «إشهدوا لي عند الأمير بأنِّي أوَّل مَنْ فعل»!
ففي عام 1921 وعندما نزعت صفية زغلول زوجة سعد زغلول حجابها، وتبعتها عدَّة نساء... قُمْنَ بوطئه بالأقدام ، وذلك في أكبر ميادين القاهرة الَّذي عُرف فيما بعد «بميدان التحرير».
حصل ذلك بعد عودتهن من روما من مؤتمر دولي «لتحرير المرأة»!
علينا أن نتخيَّل هؤلاء ومقدار شحنهن ومقدار دورهن الطامحات له... عندما قمن بفعلهن هذا.
وهذه الأفعال «الاقتحامية» الهجومية وغيرها، المشحونة بكل مفردات التحدي والعصبية، لا تأتي من فعل أفراد أو مبادرة شخصية ، بل من ضمن توجيه وتخطيط «ومايسترو» يقود ويُوجِّه.
ففي تركيا صدر سنة 1925 قانون حظر الحجاب.
وفي العام نفسه أصدر «رضا خان» شاه إيران قانوناً يمنع المحجبات من دخول المدارس والمؤسسات الحكومية.
وآنذاك كان ثقل العالم الإسلامي في مصر وتركيا وإيران... الَّتي جرت فيها هذه الأحداث.
ثمَّ كرَّت السُّبْحة لتشمل كلَّ البلدان الإسلامية تقريباً، وبدرجات متفاوتة تحت عنوان «الحركات النِّسائيَّة التحرريَّة» والَّتي من أهم أهدافها العلنية ضرب بديهيات في الإسلام، كالتخلي عن الحجاب والإمساك بقرار الطلاق ومنع تعدد الزوجات وإسقاط حقوق الزوج والاختلاط...
إلى أن «أثمرت» هذه الجهود في بلد إسلامي أصيل كأفغانستان وبعد صدور قرارات مشابهة لِما ذُكر أعلاه سنة 1959، إلى «إحراق العباءات» كجرأة غير مسبوقة تُماثل ما جرى في «ميدان التحرير» في القاهرة الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية في الأقطار الإسلامية لأبي الحسن الندوي، ص20 ـ 26. !
وفي تلك الفترة تأسست أكثر الجمعيات النِّسائيَّة «التحرريَّة»، فهل كل ذلك صدفة؟!
ومن المفارقات الغريبة أن تُؤسس «هدى شعراوي» رفيقة نضال «صفية زغلول» لوحدها 25 جمعية نسائية!!!
وفي ظلّ هذه النشوة، قامت نساء جزائريات بالحركة المشهورة الَّتي سمّوا على أثرها «بنساء 13 مايو»:
لقد قُمْنَ بإحراق أحجبتهن أمام الجميع تعبيراً عن رفضهن للمجتمع الجزائري المسلم، واندماجهن في المجتمع الفرنسي الغربي ، وروجت الصحافة الفرنسية الخبر، ونشرت صور النِّساء وهن يحرقن جلابيبهن، وعلَّقت إحدى هذه الصحف: derniere heure ) على صورتين نشرتهما على نصف صفحتها الأُولى يوم الاثنين 19 مايو 1958: «أمامكم وثيقتان نادرتان تنفرد derniere heure ) بنشرهما، لقد نزعت أمس في المهرجان مجموعة من الشابات الجزائريات المسلمات أحجبتهن وأحرقنها، إنَّه عمل يؤكد رغبة المرأة المسلمة في التفتح على فرنسا ، وبعد هذا العمل العظيم، هل يبقى في فرنسا من يرفض سياسة الإدماج؟ ستتجمع النِّساء الجزائريات اليوم، وستكون هذه التظاهرة الفريدة من نوعها حدثاً بارزاً في هذه الأيَّام التاريخية الَّتي تعرفها الجزائر، إنَّ وجوه النِّساء الشابات الَّتي يمكن لقرائنا رؤيتها هي عنوان مستقبل الجزائر!».
نقول هذا الكلام لنفهم ما يجري حولنا اليوم ونحن في بدايات القرن الحادي والعشرين، حيث عشرات الآلاف من الجمعيات النِّسائيَّة المؤيَّدة علناً من هيئات دولية، تعمل في كل المدن والقرى، بل أصبح العمل في هذه الأُطُر «موضة» وعلامة للتمدن!
ومنذ سنوات قليلة من الآن، أي بعد عام 2000 تقوم منظمات وهيئات أوروبية، وخاصة أميركية، بدورات خاصَّة للنِّساء (وللشباب أيضاً) لتعليم أُسُس الديمقراطية والتحرر في العديد من المدن الإسلامية!
وكاتب هذه الأسطر كان مراقباً يومياً بدقة لأخبار المؤتمر الأوروبي النِّسائي الَّذي عُقد في العاصمة البلجيكية «بروكسل» بعد غزو أفغانستان عام 2001 بهدف معلن هو تحرير وتعليم وتدريب المرأة الأفغانية......
وبعد اجتماعات ولقاءات مطوَّلة تعدَّت ما هو مقرر، وبعد أخذ ورد، فشل المؤتمر، وخابت كل الآمال المعلَّقة عليه... بسبب:
إنَّ المرأة الأفغانية رفضت التخلي عن لباسها التقليدي بما فيه غطاء رأسها (المقصود العباءة الأفغانية المعروفة)!
وفُهم فيما بعد أنَّ هذا المطلب سابق للمساعدات التعليمية وإنشاء المدارس.... بل هو شرط لها فإذا لم يحصل هذا (التخلي عن الحجاب) لن يحصل ذاك!
الحجاب الصحيح يُدْرَكُ بالفطرة
ولم يكن هذا الشياع والانتشار إلاَّ نتيجة فهم واضح وأصيل للإسلام فيما يتعلَّق بالحجاب وشروطه وأسراره وبركاته... حيث هضم المسلمون هذه المفاهيم «بفطرتهم» السليمة، وبساطة المؤمن «المسلِّم تسليماً»... لا كما هو شائع اليوم من لبس:
الأجمل والأحلى والملفت و«الأنيق» و«الموضة» و«الأحدث» و«أناقتك سيِّدتي» و«آخر موديل» و«الحجاب اللندني» و«الحجاب من أفضل الدور الأوروبية»...
فالحجاب الإسلامي الشرعي، وبكلِّ بساطة، تُدركه أكثر أخواتنا بفطرتهن ، ويظهر ذلك عند أي حديث منهن «مجرَّد» عن أيّ تأثيرات «إعلامية» أو نفسية... يُدركن أنَّه:
ـ الفضفاض.
ـ الَّذي لا يجذب الأنظار بلونه أو شكله.
فضلاً عن أن لا يكون شفافاً يُظهر ما تحته... إلاَّ إذا أُتحفنا غداً بنقض هذه البديهيَّة!
فالواسع الفضفاض يُخرق اليوم على نطاق واسع، بل لعلَّه بات فرعاً، ولبس الضيِّق «المجسِّم» المكسِّم هو الأصل!
أمَّا الألوان والأشكال فحدِّث ولا حرج، حيث لم يعد هناك حظرٌ على شيء...
العباءة هي الأكمل
لا نقول إنَّ الحجاب الإسلامي لا يتم إلاَّ بالعباءة حصراً، لكنَّنا نقول ما نكاد نسمع الإجماع عليه، أنَّها هي الأقرب لتوفر تمام الاعتبارات الشرعية للحجاب، أو هي الَّتي تتوفر فيها أكيداً... وفي غيرها نقاش، وإمكانيةٌ أكبر للتفلت و«التجاوز».
فطبيعة العباءة، ونعني بها المعروفة في العالم الإسلامي، أنَّها واسعة فضفاضة، لا تُظهر تضاريس ما تحتها، إضافة إلى لونها الشائع وهو تماماً ما كان على زمن رسول الله (ص) ، كما نصَّت الروايات صراحة.
وهي الَّتي تُوفِّر سائر أسباب الصون لصاحبتها، بحسب المظهر على الأقل، عند خروجها وترحالها وتجوالها... أمَّا بواطن الأُمور فأمرها إلى الله تعالى، تماماً كالمصلِّي في ظاهره وسرِّه، والصائم، والمتصدِّق، والمجاهد...
وليس علينا إلاَّ الظاهر.
اللَّهمَّ اجعل سريرتنا أفضل من علانيتنا واجعل علانيتنا صالحة.
إن لم تكن هي... عليك بشبهها
بناءً على ما تقدَّم، تكون العباءة النِّسائيَّة هي الأكمل، والمنتظر من أخواتنا الاقتراب منها لا البعد عنها .
لذا نرى ما يُشابهها شائعاً في بلاد المسلمين، وهو يُؤدِّي المطلوب وإن اختلفت التفاصيل مطابَقَة، كلباس المتديِّنة في تركيا أو تونس أو الجزائر أو سورية.
والأساس كما نرى ونعايش هو «التدين والالتزام» الَّذي يجعل الصادقات من أخواتنا يخترن المناسب، والَّذي هو عملياً أشبه بالعباءة المعروفة وإن اختلفت التسميات وبعض الجزئيات.
ومن هنا نقول بثقة:
إنَّ «الملتزمات» الغيورات على الإسلام والمتحمِّسات لنصرة دين الله وتطبيق شريعته، إمَّا يرتدين العباءة أو «أولاد عمِّها» .
أمَّا غير الواثقات، أو المتأثرات بما يدور حولهنَّ، فيتبنَّيْن دائماً سياسة «التبرير» للتفلت من القواعد الشرعية، فيشيع في زماننا «حجابٌ»... نقطع أنَّ جزءاً منه ليس حجاباً!
«محجَّبة» تريد أن تتحجَّب!
ومن عجيب هذا الزمن، أن تسمع من «محجَّبة» تنطق بلسانها عمَّا في عقلها الباطني، من صورة$ٍ عن الحجاب الصحيح، المخالف لحجابها المرتَدى... فتقول مثلاً:
الله يهديني... أُريد أن ألبس شرعي (إقرار بأنَّها لا تلبسه)...
تحجَّبْتُ... لكنَّه ليس حجاباً شرعياً!
حجابي على الموضة!
أُحبُّ الحجاب... لكن أن لا يكون متعصِّباً!
وهذا يدلُّ بطريقة أو بأُخرى على إقرارها بأنَّ حجابها لا تتوفَّر فيه الشروط الصحيحة كما أرادتها شريعة الله عزَّ وجلَّ.
فكثير من الفتيات والنسوة تظن أنَّ الحجاب ليس سوى تغطية شعر الرأس... وكفى!
لكنَّها في قرارة نفسها تعلم أنَّ هذا لا يُبرِّىء الذِّمَّة ما دامت تلبس الضيِّق من الثياب (بنطلون، قميص، تنورة...)، أو أنَّها تصبغ وجهها... أو تتفنَّن في ألوان وأشكال ثيابها وغطاء رأسها!
فلتسأل فطرتها:
هل هذا حجابٌ شرعي يُبرِّىء الذِّمَّة؟
وهل هذا هو الحجاب الَّذي أمر به الإسلام؟
فهذه «المحجَّبة» غير المحجَّبة هي السبب فيما تتعرَّض له وما نراه اليوم من أذية بسبب إغراء لباسها الَّذي انحرف عمَّا أراده الإسلام من ستر وعدم لفت نظر.
ونرى بوضوح في قوله تعالى {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ} سورة الأحزاب، الآية:59. نرى كل يوم أذية للنِّساء من خلال تعرُّض أهل المعاصي والفساق للنِّساء المبتذلات واللاتي لا يرتدين الحجاب الشرعي وكما للنِّساء السافرات، في حين أنَّهم يمتنعون عن ذلك للنِّساء المحجَّبات حجاباً شرعياً منضبطاً (كالعباءة وما شابهها).
أمَّا صاحبة الحجاب «المغري والملفت» فتتحمَّل مسؤولية ما يجري لها.
وهذا هو ديدن المجتمعات، قديمها وحديثها، حيث تجد فيها أُناساً صالحين وآخرين طالحين.
وما ارتفاع نسب الانحراف والتفلت والتهاون في مجتمعات المسلمين في السنوات الأخيرة إلاَّ نتيجة التهاون في أمر الحجاب الشرعي والاختلاط (إضافة لأسباب أُخر)، تماماً كما انتشر الاغتصاب والانحلال الأخلاقي والزنى وانعدام التماسك العائلي في المجتمعات الغربية.
وهذه ثمرة من ثمار ابتعاد النِّساء الغربيات عن الحجاب والملابس المحتشمة والتزامهن بارتداء الملابس غير المحتشمة والتعري... فلماذا نتَّبعهن ونُقلِّدهن؟ ويمكن ملاحظة هذا الأمر بوضوح من خلال مقارنة حال المجتمعات الغربية اليوم مع حالها قبل 100 سنة حين كانت النِّساء الأوروبيات يرتدين ملابس أكثر احتشاماً وأقل تعرياً من الآن بشكل كبير وملحوظ.
وقد رأيت بنفسي صوراً فوتوغرافية لنساء أوروبيات تتوفّر فيها شروط الحجاب بتمامها، وهي موجودة في المعارض الوطنية والأرشيف.
العباءة النِّسائيَّة
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَِزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ} سورة الأحزاب، الآية:59. وعلل ذلك بقوله: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} سورة الأحزاب، الآية:59. والجلباب: ثوب واسع، تلبسه المرأة وتغطي به ثيابها من فوق.
وأطلق اسم الجلباب على الملحفة والإزار لم يرد به إزار الحقو عند وسط الجسم، ولكنَّه أراد إزاراً يشتمل به، فيجلل جميع الجسد، وكذلك إزار اللَّيل، وهو الثوب السابغ الَّذي يشتمل به النائم، فيغطي جسده كله. (لسان العرب لابن منظور: ج1، ص273). والرداء والملاءة والعباءة وهي مسميات لشيء واحد ولكن تعددت أسماؤه تبعاً لاختلاف اللهجات العربية الَّتي تستعملها.
و«الشوذر»، وهو معرب، وأصله بالفارسية «چاذر»، (الصحاح للجوهري: ج2، ص695)، وقال الزبيدي في تاج العروس: ج3، ص294: (فارسيته جادر).
«فالجادر» هو الملحفة، والملحفة هي الملاءة والجلباب، والجلباب هو الإزار الَّذي يشتمل به، فيجلل جميع الجسد، كما ذكرنا آنفاً.
و«الجادر» هو الغطاء الَّذي ترتديه المسلمات في إيران فوق ملابسهن كحجاب لهن، وهو الحجاب نفسه الَّذي ترتديه المسلمات العربيات ونسميه: (العباءة النِّسائيَّة) فيتضح أنَّ الجلباب المذكور في قوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ} سورة الأحزاب، الآية:59. هو العباءة النِّسائيَّة نفسها الَّتي ترتديها المسلمات في أغلب الدول العربية.
ويؤيد ما نحن بصدده (من أنَّ الجلباب هو رداء يغطي جميع الجسد كما هي حال العباءة النِّسائيَّة في أكثر الدول الإسلامية) ما رواه ابن الأثير في كتابه (النهاية في غريب الحديث: ج1، ص273) حيث قال: وفي حديث علي (ع) : «مَنْ أحبنا أهل البيت فليعد للفقر جلباباً» أي ليزهد في الدُّنيا، وليصبر على الفقر والقلَّة، إلى أن يقول (ع): «وجمعه جلابيب، كنى به عن الصَّبر، لأنَّه يستر الفقر كما يستر الجلباب البدن»، ففيه إشارة لتغطية الجلباب لكلّ البدن.
وينبغي أن يُعلم أنَّ مسألة حجاب الوجه هي فقط، من المسائل الخلافية بين الفقهاء (فبعضهم يوجبها وبعضهم لا).
أمَّا الحجاب لجميع جسد المرأة عدا الوجه والكفين، فهو من ضرورات الإسلام في كل زمان ومكان الَّتي لا ينبغي الوقوف عندها.
قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} سورة الأحزاب، الآية:53. .
وقال سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} سورة الأحزاب، الآية:33. .
فالحجاب يشمل الامتناع عن التبرج أمام الأجانب، وإدناء الجلابيب.
معيب!
لا نستطيع أن نوجب، أو أن يوجب أحدٌ لبس العباءة للمرأة.
وليس صحيحاً القول عنها أنَّها اللباس الشرعي حصراً، وما دونه ليس شرعياً!
جُلُّ ما في الأمر قولنا ونصيحتنا أنَّها الأنسب والأكمل والأقرب لتحقيق براءة الذِّمَّة.
ولكل مسلمة اختيار ما هو أقرب للعباءة ... أيا تكن تسمياته.
وإلى هنا تبدو الأُمور طبيعية، ولا تستثير أحداً.
إنَّما غير الطبيعي، والمستفِز، أن تقوم اللواتي لا يُرِدْن العباءة، أو لَبِسْنَها ويُرِدْن التخلي عنها... أن يقمن بحملة على الملتزمات بها أو مَنْ ترغب في ذلك، لإقناعهن بصرف النظر عنها، وبأساليب غير لائقة!
معيب القول إنَّ لبس العباءة يُسبِّب وجعاً في الرأس!
ومعيب القول إنَّ لبسها يُؤدِّي إلى ضعف في النظر!
ومعيب جداً إدِّعاء أنَّها تُسبِّب «الديسك» ووجعاً في الظهر!!!
إلى ما هنالك من تُرَّهات وسخافات، كان الأجدر أن لا تُذكر... وإظهار الرأي مباشرة دون مواربة.
ومعيب إطلاق الشائعات على لابسات العباءات.
فالافتراءات والأكاذيب والإدِّعاءات لا تُثمر.
ومَنْ ترفض عليها أن تقول ذلك صراحة.
ومعيب القول إنَّ لابسات العباءة لا يأتين بعريس... مع أنَّ لهؤلاء طالب، وللأُخريات طُلابٌ آخرون...
وهل «جذب» العرسان، في هذا الزمان، لم يعدْ ممكناً إلاَّ بعروضات وإغراءات؟
تاريخ الإسلام كلُّه يشهد، وفي كافة الأمصار، أنَّ العباءة لنسائنا الملتزمات الورعات، هي السائدة، وخلاف ذلك لم يكن إلاَّ استثناءً أو لظروف محلية خاصَّة... وذلك ببساطة:
لوفرة الاعتبارات الشرعية المنصوصة، في العباءة النِّسائيَّة الإسلامية، أكثر من أي لباس محلي أو قومي أو «فولوكلوري»... أو غربي!
أيّتها المسلمة العزيزة،
لكِ أن لا تختاري لبس العباءة النِّسائيَّة، لكن ليس لك أبداً ولا يجوز شنُّ حملة على مَنْ اختَرْنَها، لإرضاء نفسك... خاصَّة إذا شفَّعتِ هجومك هذا بنظريات علمية لإثبات ضررها الصحي!!!!!
أنصحُكِ أن تستغفري ربّكِ، وتقولي:
ربَّنا لا تجعلنا فتنة للذين آمنوا،
اللَّهمَّ استر علينا، وعلى أخواتنا، وسائر المسلمين...
ربَّنا أَرِنا الحقَّ حقاً وارزقنا اتّباعه، وأَرِنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه،
نعوذ بك من النهي عن المعروف.
مرضى القلوب
إنَّ مرضى القلوب من دعاة ترك لبس العباءة وما شابهها من لباس الاحتياط والتقوى، عندما يريدون إقناع النَّاس بفكرتهم، يلجأون إلى أمر عجيب، وهو:
زعمهم أنَّ لبس العباءة أو ستر الوجه عادة طارئة على بلادهم!
فإن كانوا في بلاد العرب قالوا هي عادة غريبة عنهم جاءتنا من الأعاجم، وإن كانوا في بلاد الشام، قالوا هي عادة خليجية، وإن كانوا في الخليج قالوا هي عادة «سعودية»، وإن كانوا في السعودية قالوا: هي عادة «نجدية» أو وهَّابية أو طالبانية وهكذا...
المهم أنَّها عادة يتيمة فحسب، وليس لها أصل شرعي!!!
ثمَّ تتغير هوية وخلفية هذه العادة بحسب المكان المراد إقناع نسائه بهجر لبس العباءة وتوهينها!!!
فلا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله العلي العظيم.
جلَّت المصيبة وعظمت الرزيَّة.
أين أصبحنا؟
بعد كل هذا، وبعد هذا الموجز وبعد الإعلام الفضائي المعولم، وبعد النظام العالمي الجديد، وبعد نشاطات الأُمم المتحدة «الاجتماعية»... أين أصبحنا اليوم؟
حصلت جملة تطورات هامَّة، نستعرض بعضها لفهم ما يجري حولنا، وأين أصبحنا، وماذا ينتظرنا:
ابتداءً من لقاء نيروبي عام 1985 في كينيا.
ومروراً بقمة الأرض في ريو دي جانيرو في البرازيل عام 1992.
ثمَّ المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في فيينا في النمسا عام 1993،
ثمَّ مؤتمر السكان والتنمية في القاهرة بمصر عام 1994،
ثمَّ المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين بالصين عام 1995،
ثمَّ مؤتمر الأُمم المتحدة للمستوطنات البشرية في استانبول بتركيا عام 1997،
ومؤتمر المرأة في نيويورك عام 2000 الَّذي عقد على شكل جلسة استثنائية للجمعية العامَّة للأُمم المتحدة ومعها منتدى للمنظمات غير الحكومية،
حيث عُرضت على المؤتمر توصيات ونتائج المؤتمرات السابقة بهدف الخروج بوثيقة دولية موحدة، لتكون وثيقة ملزمة لدول العالم، وقد حفل مشروع الوثيقة المقدم للمؤتمر بما حفلت به وثائق المؤتمرات السابقة... ومنها:
دعوة صريحة إلى التخلي عن الأسرة كنواة للمجتمع.
إطلاق الحرية الجنسية للشباب والشابات.
دعوة صريحة كذلك للشذوذ بكلِّ أنواعه... وعلى أثر ذلك جرت التشريعات الكثيرة في جملة دول أوروبية عامي 2004 ـ 2005 المجيزة للعلاقة الجنسية «رسمياً» بين الرجل والرجل (بريطانيا هولندا إسبانيا...).
المطالبة بإسقاط سلطة الأبوين عن الأبناء،
حرية الإجهاض،
إلغاء نظام الميراث في الإسلام... وغيرها من البنود الَّتي تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية
فانظر أين أصبحت بيوتنا ومجتمعاتنا بسبب هذه الهجمة التغريبية المعولمة وانظر إلى بعض الكتابات في الصحف والمجلات العربية، وما تبثه القنوات الفضائية، فضلاً عن شبكات الإنترنت من دعوات صريحة للسفور والاختلاط والتعري والإباحية والاختلاط والطرب والغناء والرقص ...
ثمَّ تخيَّل أين أصبحت نساؤنا وحجابها وعباءتها!
نسألكم الدعاء
الَلهّمّ صَلّ عَلَىَ محمد وآل مُحَّمدْ الَطَيبيِن الطَاهرين الأشْرَافْ وَعجَّل فَرَجَهُم ياكريم.
لأطرح ما قراته ذات مره في موقع السيد سامي خضرة عن العباءة ..
اسم كتابه .. العباءة النسائية
الإهداء
إلى كل ملتزمة بالعباءة...
في زمن النسيان والغربة
إلى كل مَنْ تُفكِّر بها...
في زمن الإغراء والتثبيط
إلى كل مَنْ تحترمها...
في زمن الرِّدة والتقهقر
إلى كل مَنْ تُفَلْسِف لتركها...
في زمن الضحالة والضآلة
إلى كل مَنْ تنهى عنها...
في زمن مضلات الفتن
إلى كل مَنْ تحاربها...
في زمن التبدُّل والمحق
إلى مَنْ تُعاني بسببها...
فيُكتب لها بها عملٌ صالح، حيث لا يغيب عن علمه شيء، تبارك وتعالى.
إلى مَنْ تتأفَّف من انتشارها تشكو وتتذمَّر من انتشارها، فترفضها. ...
فلا تُؤجر ولا تُشكر
إلى كل شاب غيور مقدام يريد العباءة لمحارمه كما كانت في حياة أهل الصلاح والورع.
إضاءة
ببساطة:
ليس هذا الكتاب دعوة للبس العباءة، بقدر ما هو دعوة لاحترامها واحترام مَنْ اختارتها، واتَّخذتها سبيلاً لتحصين دينها وصيانة إيمانها، بعيداً عن شبهات الزينة والتعرُّض للأذية {فَلاَ يُؤْذَيْنَ} سورة الأحزاب، الآية:59. .
وليس هو دفاعاً عن لابساتها... لأنهنَّ اختَرْنها، ومضَيْن بها... وقوَّة شخصيَّتهن تجاوزت الراغب في الدفاع عنهن.
فثباتهن وعدم تراجعهن يُغني عن كل دفاع ونُصرة.
وهل هُنَّ بحاجة لناصر أو امتحان؟!
لا...!
كفى بمظهرهن في مجتمعاتنا، نصراً وامتحاناً السطران الأخيران مستفادان من قول رسول عندما سُئل عن الشهيد كيف لا يُفتن في قبره؟. قال: كفى بالبارقة فوق رأسه فتنة. .
عباءة النِّساء... إلى أين؟!
هذا الكلام ليس عن حلال أو عن حرام...
ولا عن ما يجوز وعن ما لا يجوز...
فالنقاش في لبس «العباءة» لأخواتنا وما يتعلَّق بها بات عقيماً... لا تُرجى ثماره!
بل، ربَّما أصبح موضوع «العباءة»، والله أعلم، فتنة للذين آمنوا، في هذا الزمن .
فتنة؟!!
وكيف لا يكون كذلك، وبات مَنْ يُفترض انتصارُهُ... ينهزم؟!
ومَنْ يُرجى عونُه... يتراجع.
واللاتي يُنتظر تأييدهن... بتْن يُنظِّرن للتخلي عنها!
زمن: تحوَّل فيه اليقين شكّاً
عباءة نسائنا...
لكِ الله.
سيل من الأسئلة
بسوء سريرة المستهزىء... تُطرح أفواج الأسئلة:
مَنْ أوجب لبس العباءة للنِّساء... وما هو الدليل... ومن أين جاءتنا؟
وهل هكذا كُنَّ نساء آل بيت رسول الله (ص) ؟
ومَنْ يُثبت ذلك؟
أليست هي عادة مستوردة...؟
«جرأة» لم نألفها من قبل!
وتحدٍّ مُشَرْعَن!
في زمن بات الشرع مجرَّد رأي، والحكم وجهة نظر، والفتوى تنقصها العقلانيَّة والمنطق!
جرَّتنا «الواقعيَّة»... أو جَرْجرتنا تلك الواقعية البائسة للنقاش بما فيه نصوص صريحة... فكيف بما فيه نصوص تقبل التأويل؟!
أغرانا «التنوير» إلى أن جعلناه عنواناً لكلّ ما نهواه، ونسَبْنا «الظلامية» إلى كلّ ما نأباه!
انقلاب المفاهيم
باتت المفاهيم معكوسة أو منكوسة ... في لبس العباءة وغيرها.
وأصبح الحوم حول الحمى... بطولة.
واجتناب الأحوط... شجاعة.
ومناقشة الدليل... ثقافة.
وخرق الإجماع... تنوُّر.
والدقَّة الشرعية... تزمُّت.
والأصالة... «طالبان»!!!
ومن أهون الأُمور تصنيف العلماء:
فصاحب الرأي الغريب أو النادر أو الشاذ أو الفريد أو المتساهل «أو المجوِّز»... متنوِّر وحضاري يُنسب لذلك فوراً، دون النظر إلى مستنده وحُجَّته.
وصاحب الرأي الَّذي عَرَفَتْهُ الأُمَّة، ومضت عليه القرونُ، وآلافُ العلماء... ظَلاَمي متخلف ورجعي متعصّب، حتَّى ولو أتى بآية، (فالتأويل ينقصها)، أو برواية، (فالدلالة تحرفها)!!!
وأصبح «الكل» متخصصاً في الشريعة، رافضاً أو موافقاً... بغير حساب!
موضة... واندثرت!
مواكَبةً وتالياً لانتصار الثورة الإسلامية المظفرة في إيران، ببركة العبد الصالح مجدِّد العزَّة لهذا الدِّين انتشر بين نسائنا التدثر بالعباءة التي كانت معروفة في سائر الحواضر الإسلامية، قبل نزول الغزوات (الاستعمار الغربي) وشيوع النزوات في القرن الأخير.
انتشرت العباءة في لبنان، بعد أن كانت مقتصرة على أفراد محدودين تحت عناوين علمائية وعائلية حيث لا ترى في قرية أو حي مديني إلاَّ نماذج نادرة قد لا تتعدَّى أصابع اليد.
إلاَّ أنَّ زخم الثورة في إيران وجوَّ الثقة الَّذي أشاعته، وكما كل منتصر... انتشرت مظاهر عديدة، ومنها لبس العباءة لأخواتنا.
وللحقّ أذكر، أنَّ هذا كان شائعاً في بلاد الشام قبل الغزو الغربي له في عهد المتصرفية إلى انهيار الدولة العثمانية إلى الحرب العالمية... كان شائعاً بين جداتنا اللواتي ما زال البعض منهن أحياء، أو أُمَّهاتهن... بما فيه اللباس المتضمِّن تغطية الوجه، المُسمَّى اليوم «بالبرقع» والَّذي يقول به كثير من علماء الشيعة... قبل أن يُصبح اليوم «هجنة» ومظهراً من مظاهر «الإرهاب» وقبل أن يُنسب «تقبيحاً» له، إلى «السلفية»... وكأنَّ تاريخ الإسلام يُختصر بالسلفية أو طالبان أو ببضع سنوات، وبما تُشيعه بعضُ الفضائيات والإذاعات!
العباءة ليست طارئة... حتَّى في لبنان
ودفعاً لِما قد يظنُّ الظَّان أنَّ العباءة لنسائنا أمرٌ طارىءٌ أو مستورد أو «بدعة»، نشير إلى شياعها في أكثر البلدان الإسلامية :
إمَّا للجميع (إلاَّ ما ندر) كالعراق والكويت والإمارات واليمن والسعودية وأفغانستان وباكستان والجزائر ومصر وشرق إفريقيا وسوريا وتركيا...
وإمَّا لفئة كبيرة معروفة بتديُّنها والتزامها في مجتمعاتها كلبنان وأواسط إفريقيا وماليزيا وأندونيسيا...
مع العلم أنَّ الفئة الثانية وهي الأقل، تأثرت بظروف قاهرة أو موضوعية كالعادات والتقاليد المحلية وما فيها من ممارسات أو لقمع وحرب للإسلام لا يُطاق (وسط آسيا في فترة الحكم الشيوعي) حيث اعتُدي حتَّى على المساجد والمصاحف، فكيف بحجاب النِّساء... وإمَّا لهجمة غربية مركَّزة خائضة في التفاصيل، ومخترعة لتاريخ جديد «يسلخ» عن تاريخ الأُمَّة (لبنان نموذجاً).
فنساءُ لبنان ارتبطن مؤخراً في أذهان كثير من النَّاس باللهو والطرب والغناء والرقص والبعد عن الدِّين والأخلاق، وذلك لأسباب معروفة... ومنها، قلَّة قليلة شوَّهت صورهن من خلال ممارسات شاذَّة في الخمسينيات، حتَّى بات لبنان مرتعاً للفاسدين، إلى الضغوط الكبيرة للدول الغربية على هذا البلد المسلم، منذ سلخه عن تاريخه واختراع تاريخ آخر له، إلى نشاط الفضائيات المعروف والمستمر والفاعل....
فقد تعجب إذا أخبرتك بأنَّ المسلمة في لبنان، وإلى وقت قريب قبل أن يغزوها التغريب، كانت تستر وجهها بالنقاب ، وكذلك المرأة اللبنانية النصرانية، كانت مثلها تستر وجهها بالنقاب أيضاً!
يقول الدكتور فيليب حِتِّي في كتابه «تاريخ لبنان» (ص516 متحدِّثاً عن أحوال بيروت): ..... تغلغل النفوذ الغربي إلى داخل البلاد، وأصبحت بيروت الميناء الرئيس..... ولم يكن مألوفاً أن يُرى الرجل متأبطاً ساعد امرأة خارج البيت، وقلّ أن يرى المرء في شوارع بيروت رجالاً أوروبيين يرتدون ملابس غربية..... وفي جميع هذه المدن كانت المرأة النصرانية تغطي وجهها بحجاب كما تفعل المرأة المسلمة.
فهل يعود لبنان كما كان بلداً إسلامياً محافظاً؟
ويقول الشيخ محمد رشيد رضا (اللبناني الأصل) متحدِّثاً عن زيارته للبنان وأحواله في زمنه القريب: كانت المسلمات في بيروت أشد محافظة على التقاليد القومية من أمثالهن في سائر المدن السورية، فلم تؤثر فيهن عوامل التفرنج الَّذي غلب على نساء النصارى..... ثمَّ رغبوا في تعليم البنات فأنشأوا لهن مدارس ابتدائية، وأنشأت الحكومة العثمانية مدرسة للبنات في بيروت كان جميع تلميذاتها من المسلمات؛ لأنَّ النصارى لا يرغبون إلاَّ في مدارس الإفرنج.
(إلى أن يشكو ويقول):
ثمَّ وجد في بعض شبان المسلمين الَّذين تعلموا في المدارس الأوروبية والأمريكية وأثّر فيهم التفرنج ميل إلى فرنجة النِّساء، كان الرأي الإسلامي العام يقاومهم فيه، وما زال صديقنا الأستاذ الشيخ مصطفى نجا مفتي بيروت زعيم هؤلاء المقاومين على عنايته بتعليم البنات وإشرافه عليه في عدَّة مدارس.
إلى أن يتحدَّث عن تجربة «عزمي بك» والي بيروت، و«أحمد مختار بك بيهم» في إنشاء الجمعيات النِّسائيَّة الإسلاميَّة فقال: أنشأ الزعيمان نادياً للنِّساء في سنة 1335 هجرية وألّفا جمعية من كرائم المتعلِّمات منهن باسم «جمعية الأُمور الخيرية للفتيات المسلمات» ثمَّ أسس هؤلاء الكرائم مدرسة لتعليم البنات، وكان النادي يعقد اجتماعات نسائية يحضرها النِّساء والمستحسنون لهذا العمل من الأدباء والأطباء ويلقون فيها الخطب والدروس الَّتي اصطلح كتَّاب العصر على تسميتها بالمحاضرات ويسمعون من أعضاء النادي الكرائم ما يلقينه فيه ويتحدَّثون معهن في المسائل الأدبية والاقتصادية والصحية وتدبير المنزل والتربية، وإنَّما يكنّ مع الرِّجال سادلات على وجوههن النقاب الإسلامبولي الأسود، لا سافراتٍ أنظر: رحلات محمَّد رشيد رضا؛ للدكتور يوسف ايبش، ص244 ـ 247. .
وذكر نجم الدِّين الغزي في كتابه «الكواكب السائرة» حادثة إنكار أهل دمشق على مَن سمح لزوجته بالخروج كاشفة وجهها أنظر: المختار المصون، للأستاذ محمَّد موسى شريف. .
كما ذكر الأستاذ أنور الجندي في كتابه «الفكر العربي المعاصر في معركة التغريب..» (ص625) نقلاً مهماً عن الكاتبة الأمريكية «روث فرانستس» نُشر في جريدة الأهرام، بتاريخ (27/2/1938) بيَّنت فيه أنَّه رغم الجهود المبذولة لتغريب المرأة السورية زمن الاستعمار الفرنسي إلاَّ أنَّ النتائج دون المأمول!
إلى أن تقول:
«الحركة النسوية في سوريا أضعف منها في العراق، مع أنَّ عدد المتعلِّمات السوريات أكثر بكثير من المتعلِّمات العراقيات.
والمرأة السورية تطورت في العشر سنوات الأخيرة، ولكن تطورها كان مقصوراً على تنويع شكل النقاب لا القضاء عليه » .
أمَّا المرأة العراقية فهي كغيرها من نساء العالم الإسلامي كانت تلتزم الحجاب الشرعي الَّذي أمرها الله به ورسوله ، فتغطي وجهها عن الرِّجال الأجانب، واستمرت على هذا الحال الطيب إلى أن سقطت البلاد العراقية بيد المحتل الإنجليزي (عام 1917م في قصة يطول ذكرها) حيث أخذ أعداء الإسلام كعادتهم، أينما حلوا، يبعثون قضية السفور ويُشجعون دعاتها من المنهزمين، وكذلك أتباع دينهم من أهل البلد المحتل ؛ لتيقّنهم أنَّها الخطوة الأُولى لإفساد أبناء المسلمين، وإشغالهم عن مقاومتهم.
يقول الأستاذ عبَّاس بغدادي في كتابه «بغداد في العشرينيات» (ص143) واصفاً حال المرأة العراقية ذاك الحين:
أمَّا العبي النِّسائيَّة، فكانت من النوع الحريري الأسود... وإنَّ العباءة كلّها منسوجة مثل إيزارات اليهوديات والمسيحيات .....
والمرأة المحتشمة تلبس عباءتين: داخلية تُلبس على الكتف، وخارجية على الرأس مع (البوشية) الَّتي تغطي الوجه ولا تمنع الرؤية، وهي سوداء عدا بوشيات اليهوديات والمسيحيات، فهي مصنوعة من الحرير والكلبدون، ويمكن رفعها إلى الأعلى....
حقدٌ قديم
لبس العباءة، أو ما شابهها كان سائداً لقرون عديدة في سائر بلاد المسلمين وإن اختلفت أحياناً في التفاصيل لخصوصية المكان أو البيئة أو العادة لذا نشير إلى «ما شابهها». دون ملاحظةٍ فضلاً عن ممانعةٍ من أحد.
لكنَّ «بداية التجرؤ» عليها تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر الميلادي مع طلائع الغزو الغربي العلماني، وحركات التنصير والاستشراق والَّتي كان من نتائج نشاطها التعليمي والفكري، نشوء ما عُرف لاحقاً بمنظمات وجمعيات «تحرير المرأة»، والَّتي عملت وما زالت منبهرة بالغرب، وكل ما فيه، بما في ذلك شعارات لسنا بحاجة إليها، لأنّها لم تكن تُشكِّل أزمة عندنا، كعلم المرأة وعملها.... وإن كان ذلك أزمة حقيقية ومطلباً «متقدِّماً» للمرأة في الغرب.
فالإسلام لم يواجه يوماً أزمة تعليم أو عمل، ما دامت ضمن الضوابط الشرعية راجع «أختاه» ص37 وص46. .
في ظلّ هذه الموجة العاتية الغريبة طرح موضوع «التخلي عن الحجاب لتحرير المرأة».... والأَوْلى بالطبع، أن تُنتقد العباءة ويُستهزأ بها، لتُصبح فيما بعد جريمة يُعاقب عليها القانون حسب قوانين لاحقة في الثلاثينيات من القرن العشرين في أفغانستان وإيران وتركيا... وغيرها. !
ولا غرابة في استهداف الغرب الغازي لحجاب نسائنا، سابقاً ولاحقاً، حيث نرى اليوم عشرات الأمثلة المُدينة والمانعة للحجاب في العديد من الدول الأوروبية ، والمشرِّعة للقوانين المانعة حتَّى من التعلُّم والوظيفة كما في بعض مقاطعات ألمانيا وفرنسا وسويسرا وهولندا... فضلاً عن تركيا.
والأخبار حول هذا الموضوع في السنوات الأخيرة بالعشرات.
وأثناء كتابتي لهذه الكلمات في بدايات شهر 6/2006. ، وفي برنامج «الحدث» على «المؤسسة اللبنانية للإرسال» المعروفة باسم L.B.C. ، أجرت «شذا عمر» مقابلة مع عدَّة نساء حول الحجاب، ومنهن المؤيِّد أو المعارض، وكان البرنامج على الهواء... وشاهِدُنا فيما قالته مذيعة قناة الجزيرة السيِّدة «خديجة بن قنة» أنَّها وجدت ممانعة صريحة من وزير الخارجية الفرنسي في إجراء مقابلة معه، وصرَّح لها أنَّ تمنّعه فقط بسبب أنَّها ترتدي حجاباً فلا يريد أن يظهر معها وهي على هذا الشكل!
ولا غرابة فيما جرى لنسائنا وحجابهن ما دام المنصِّر «جب» يُصرِّح:
«إنَّ مدرسة البنات في بيروت هي بؤبؤ عيني، لقد شعرت دائماً أنَّ مستقبل سوريا إنَّما هو بتعليم بناتها ونسائها» فكانت باكورة نشاطاتهم في بيروت عام 1830 ومنها انطلقوا إلى مصر والعراق والهند وغيرها المرأة المسلمة بين الغزو والتغريب للرماني، ص56. .
وحاول أعداء الإسلام والمتأثرون بهم ربط الحجاب بظروف معينة أو تقاليد أو أحداث عابرة... ومنهم حسين أحمد أمين الَّذي ألَّف كتاباً أسماه «دليل المسلم الحزين» مطبوع في مطبعة مدبولي في مصر سنة 1983م وقد ملأه بالشُّبهات ضد الإسلام، ومن بينها الحجاب... والجدير ذكره أنَّ هذا الكتاب حصل على جائزة أحسن كتاب في معرض القاهرة الدولي للكتاب سنة 1984م، وأهدت له حكومة ألمانيا الاتحادية وسام الاستحقاق الأكبر سنة 1983م أي في سنة الصدور نفسها!!!
وما هذا الدعم من قبل الحكومات العلمانية العربية والغربية إلاَّ عداءً منها للإسلام ومحاولة تشكيك المسلمين بعقيدتهم لاسيَّما بعد الشعور الإسلامي المتنامي في العالم كله في الثمانينيات بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران سنة 1979م والَّتي أعطت زخماً جديداً للحركات الإسلامية في العالم كله.
فالصراع الحقيقي الحديث بين الإسلام والغرب له جذور بعيدة جداً سبقت أحداث 11 أيلول 2002 بعشرات السنين ، علماً أنَّ الكتاب المذكور قد طبع بعد ذلك طبعات عديدة!
أطمُّ الطامات
وإذا كان «الفضل» في المبادرة لحرب الحجاب للمنصّرين والمستشرقين، فالأعظم منها عندما بدأ المسلمون المتربون عندهم، أو المتأثرون بهم... ينطقون باسمهم!
فوقف هؤلاء خلف الكواليس، ونزل أولئك إلى ميدان المنازلة وهم أكثر تحدياً:
من جهة ليُظهروا تمايزاً واستعلاء على قومهم... ومن جهة أُخرى ليرضى عنهم أساتذتهم.
وهنا بدأت تتشكل طبقة اجتماعية جديدة «ببغائية» في وقوفها أمام مرآة الغرب والتنصير... إلى أن سُميت في زماننا اليوم «بالمثقفين».
وما زال هذ المصطلح رائجاً في وسائل إعلامنا، فيُبَعَّد المسلم الملتزم مهما حمل من شهادات وخبرات، ولا يُطلق عليه هذا اللقب «المثقف»، ويُقرَّب مَنْ يمضي معهم ولو كان مدَّعياً دخيلاً، ما دام يُجاريهم في حركاتهم ومصطلحاتهم وأفكارهم ومشاريعهم!
بدأوا بخجل لينتهوا إلى ما نحن فيه... فعندما عاد «رفاعة الطهطاوي» من فرنسا عام 1873 وضع كتابه: «المرشد الأمين لتربية البنات والبنين» وهو نموذج عن المتأثر بطبيعة الحياة الفرنسية، بل «المنبهر» بها، فأخذ يدعو علناً إلى السفور والحفلات المختلطة والراقصة، لعلَّنا نلتحق بركب الحضارة قبل أن يفوتنا القطار!
ولا يفوتنا هنا، وفي خصوص الحملة على الحجاب (وأصدق مصاديقه «العباءة») دور النصارى ومنهم: «جرجي زيدان وماري عبده وسلامة موسى، حيث كانت دعواتهم صريحة... لنصل إلى «مرقص فهمي» وكتابه «المرأة في الشرق» الصادر في 1894 الَّذي دعا لرفض الحجاب ونشر السفور والاختلاط.... إلى العديد من الآراء المتعرِّضة للأحكام الشرعية كمنع تعدد الزوجات...
ومن بعد ذلك تجرأ مسلمون، فأصدر «قاسم أمين» «تحرير المرأة» ثمَّ «المرأة الجديدة» فكانت الفتوحات في محاكاة المرأة الغربية في كل تفاصيل حياتها.
وأطمُّ الطَّامَّات، وأنكى النكايات عندما خرج بعض المسلمين الملتزمين ليتحدَّثوا عن تعديل الحجاب ، والحجاب «الموضة» و«الحضاري» و«غير المتعصِّب»... ودعوا إلى ترك العباءة وشبيهاتها بكلّ خفَّة!
وهؤلاء أحياء يرزقون، بيننا يتحركون، وبالنيابة يُبشِّرون!
ولا أنسى إحدى «المنظِّرات» التي قالت لي في معرض «التصدي والتحدي»:
ومَنْ قال لك أنَّ السيدة الزهراء _ب كانت تلبس العباءة؟
يومها صعقتني!
صعقتني لجرأتها على تبرير عدم لبسها للعباءة... بأن نطقت بتلك الكلمات.
يا ترى: إن كانت غير مطَّلعة على طبيعة اللباس آنذاك... فماذا تظنُّ أنَّ مولاتنا الزهراء _ب كانت تلبس؟
قصة إحراق العباءات!
عندما تأخذ الانهزامية مداها ولا يقف أصحابها عند حدود يُصبح همُّهم استرضاء معلّميهم ، وهم هنا الغرب المستعمر... فيقوم الانهزاميون بأعمال، غاية في الذلّ ، بظنِّهم أنَّهم يتبوَّأون موقعاً عند هؤلاء، على قاعدة «إشهدوا لي عند الأمير بأنِّي أوَّل مَنْ فعل»!
ففي عام 1921 وعندما نزعت صفية زغلول زوجة سعد زغلول حجابها، وتبعتها عدَّة نساء... قُمْنَ بوطئه بالأقدام ، وذلك في أكبر ميادين القاهرة الَّذي عُرف فيما بعد «بميدان التحرير».
حصل ذلك بعد عودتهن من روما من مؤتمر دولي «لتحرير المرأة»!
علينا أن نتخيَّل هؤلاء ومقدار شحنهن ومقدار دورهن الطامحات له... عندما قمن بفعلهن هذا.
وهذه الأفعال «الاقتحامية» الهجومية وغيرها، المشحونة بكل مفردات التحدي والعصبية، لا تأتي من فعل أفراد أو مبادرة شخصية ، بل من ضمن توجيه وتخطيط «ومايسترو» يقود ويُوجِّه.
ففي تركيا صدر سنة 1925 قانون حظر الحجاب.
وفي العام نفسه أصدر «رضا خان» شاه إيران قانوناً يمنع المحجبات من دخول المدارس والمؤسسات الحكومية.
وآنذاك كان ثقل العالم الإسلامي في مصر وتركيا وإيران... الَّتي جرت فيها هذه الأحداث.
ثمَّ كرَّت السُّبْحة لتشمل كلَّ البلدان الإسلامية تقريباً، وبدرجات متفاوتة تحت عنوان «الحركات النِّسائيَّة التحرريَّة» والَّتي من أهم أهدافها العلنية ضرب بديهيات في الإسلام، كالتخلي عن الحجاب والإمساك بقرار الطلاق ومنع تعدد الزوجات وإسقاط حقوق الزوج والاختلاط...
إلى أن «أثمرت» هذه الجهود في بلد إسلامي أصيل كأفغانستان وبعد صدور قرارات مشابهة لِما ذُكر أعلاه سنة 1959، إلى «إحراق العباءات» كجرأة غير مسبوقة تُماثل ما جرى في «ميدان التحرير» في القاهرة الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية في الأقطار الإسلامية لأبي الحسن الندوي، ص20 ـ 26. !
وفي تلك الفترة تأسست أكثر الجمعيات النِّسائيَّة «التحرريَّة»، فهل كل ذلك صدفة؟!
ومن المفارقات الغريبة أن تُؤسس «هدى شعراوي» رفيقة نضال «صفية زغلول» لوحدها 25 جمعية نسائية!!!
وفي ظلّ هذه النشوة، قامت نساء جزائريات بالحركة المشهورة الَّتي سمّوا على أثرها «بنساء 13 مايو»:
لقد قُمْنَ بإحراق أحجبتهن أمام الجميع تعبيراً عن رفضهن للمجتمع الجزائري المسلم، واندماجهن في المجتمع الفرنسي الغربي ، وروجت الصحافة الفرنسية الخبر، ونشرت صور النِّساء وهن يحرقن جلابيبهن، وعلَّقت إحدى هذه الصحف: derniere heure ) على صورتين نشرتهما على نصف صفحتها الأُولى يوم الاثنين 19 مايو 1958: «أمامكم وثيقتان نادرتان تنفرد derniere heure ) بنشرهما، لقد نزعت أمس في المهرجان مجموعة من الشابات الجزائريات المسلمات أحجبتهن وأحرقنها، إنَّه عمل يؤكد رغبة المرأة المسلمة في التفتح على فرنسا ، وبعد هذا العمل العظيم، هل يبقى في فرنسا من يرفض سياسة الإدماج؟ ستتجمع النِّساء الجزائريات اليوم، وستكون هذه التظاهرة الفريدة من نوعها حدثاً بارزاً في هذه الأيَّام التاريخية الَّتي تعرفها الجزائر، إنَّ وجوه النِّساء الشابات الَّتي يمكن لقرائنا رؤيتها هي عنوان مستقبل الجزائر!».
نقول هذا الكلام لنفهم ما يجري حولنا اليوم ونحن في بدايات القرن الحادي والعشرين، حيث عشرات الآلاف من الجمعيات النِّسائيَّة المؤيَّدة علناً من هيئات دولية، تعمل في كل المدن والقرى، بل أصبح العمل في هذه الأُطُر «موضة» وعلامة للتمدن!
ومنذ سنوات قليلة من الآن، أي بعد عام 2000 تقوم منظمات وهيئات أوروبية، وخاصة أميركية، بدورات خاصَّة للنِّساء (وللشباب أيضاً) لتعليم أُسُس الديمقراطية والتحرر في العديد من المدن الإسلامية!
وكاتب هذه الأسطر كان مراقباً يومياً بدقة لأخبار المؤتمر الأوروبي النِّسائي الَّذي عُقد في العاصمة البلجيكية «بروكسل» بعد غزو أفغانستان عام 2001 بهدف معلن هو تحرير وتعليم وتدريب المرأة الأفغانية......
وبعد اجتماعات ولقاءات مطوَّلة تعدَّت ما هو مقرر، وبعد أخذ ورد، فشل المؤتمر، وخابت كل الآمال المعلَّقة عليه... بسبب:
إنَّ المرأة الأفغانية رفضت التخلي عن لباسها التقليدي بما فيه غطاء رأسها (المقصود العباءة الأفغانية المعروفة)!
وفُهم فيما بعد أنَّ هذا المطلب سابق للمساعدات التعليمية وإنشاء المدارس.... بل هو شرط لها فإذا لم يحصل هذا (التخلي عن الحجاب) لن يحصل ذاك!
الحجاب الصحيح يُدْرَكُ بالفطرة
ولم يكن هذا الشياع والانتشار إلاَّ نتيجة فهم واضح وأصيل للإسلام فيما يتعلَّق بالحجاب وشروطه وأسراره وبركاته... حيث هضم المسلمون هذه المفاهيم «بفطرتهم» السليمة، وبساطة المؤمن «المسلِّم تسليماً»... لا كما هو شائع اليوم من لبس:
الأجمل والأحلى والملفت و«الأنيق» و«الموضة» و«الأحدث» و«أناقتك سيِّدتي» و«آخر موديل» و«الحجاب اللندني» و«الحجاب من أفضل الدور الأوروبية»...
فالحجاب الإسلامي الشرعي، وبكلِّ بساطة، تُدركه أكثر أخواتنا بفطرتهن ، ويظهر ذلك عند أي حديث منهن «مجرَّد» عن أيّ تأثيرات «إعلامية» أو نفسية... يُدركن أنَّه:
ـ الفضفاض.
ـ الَّذي لا يجذب الأنظار بلونه أو شكله.
فضلاً عن أن لا يكون شفافاً يُظهر ما تحته... إلاَّ إذا أُتحفنا غداً بنقض هذه البديهيَّة!
فالواسع الفضفاض يُخرق اليوم على نطاق واسع، بل لعلَّه بات فرعاً، ولبس الضيِّق «المجسِّم» المكسِّم هو الأصل!
أمَّا الألوان والأشكال فحدِّث ولا حرج، حيث لم يعد هناك حظرٌ على شيء...
العباءة هي الأكمل
لا نقول إنَّ الحجاب الإسلامي لا يتم إلاَّ بالعباءة حصراً، لكنَّنا نقول ما نكاد نسمع الإجماع عليه، أنَّها هي الأقرب لتوفر تمام الاعتبارات الشرعية للحجاب، أو هي الَّتي تتوفر فيها أكيداً... وفي غيرها نقاش، وإمكانيةٌ أكبر للتفلت و«التجاوز».
فطبيعة العباءة، ونعني بها المعروفة في العالم الإسلامي، أنَّها واسعة فضفاضة، لا تُظهر تضاريس ما تحتها، إضافة إلى لونها الشائع وهو تماماً ما كان على زمن رسول الله (ص) ، كما نصَّت الروايات صراحة.
وهي الَّتي تُوفِّر سائر أسباب الصون لصاحبتها، بحسب المظهر على الأقل، عند خروجها وترحالها وتجوالها... أمَّا بواطن الأُمور فأمرها إلى الله تعالى، تماماً كالمصلِّي في ظاهره وسرِّه، والصائم، والمتصدِّق، والمجاهد...
وليس علينا إلاَّ الظاهر.
اللَّهمَّ اجعل سريرتنا أفضل من علانيتنا واجعل علانيتنا صالحة.
إن لم تكن هي... عليك بشبهها
بناءً على ما تقدَّم، تكون العباءة النِّسائيَّة هي الأكمل، والمنتظر من أخواتنا الاقتراب منها لا البعد عنها .
لذا نرى ما يُشابهها شائعاً في بلاد المسلمين، وهو يُؤدِّي المطلوب وإن اختلفت التفاصيل مطابَقَة، كلباس المتديِّنة في تركيا أو تونس أو الجزائر أو سورية.
والأساس كما نرى ونعايش هو «التدين والالتزام» الَّذي يجعل الصادقات من أخواتنا يخترن المناسب، والَّذي هو عملياً أشبه بالعباءة المعروفة وإن اختلفت التسميات وبعض الجزئيات.
ومن هنا نقول بثقة:
إنَّ «الملتزمات» الغيورات على الإسلام والمتحمِّسات لنصرة دين الله وتطبيق شريعته، إمَّا يرتدين العباءة أو «أولاد عمِّها» .
أمَّا غير الواثقات، أو المتأثرات بما يدور حولهنَّ، فيتبنَّيْن دائماً سياسة «التبرير» للتفلت من القواعد الشرعية، فيشيع في زماننا «حجابٌ»... نقطع أنَّ جزءاً منه ليس حجاباً!
«محجَّبة» تريد أن تتحجَّب!
ومن عجيب هذا الزمن، أن تسمع من «محجَّبة» تنطق بلسانها عمَّا في عقلها الباطني، من صورة$ٍ عن الحجاب الصحيح، المخالف لحجابها المرتَدى... فتقول مثلاً:
الله يهديني... أُريد أن ألبس شرعي (إقرار بأنَّها لا تلبسه)...
تحجَّبْتُ... لكنَّه ليس حجاباً شرعياً!
حجابي على الموضة!
أُحبُّ الحجاب... لكن أن لا يكون متعصِّباً!
وهذا يدلُّ بطريقة أو بأُخرى على إقرارها بأنَّ حجابها لا تتوفَّر فيه الشروط الصحيحة كما أرادتها شريعة الله عزَّ وجلَّ.
فكثير من الفتيات والنسوة تظن أنَّ الحجاب ليس سوى تغطية شعر الرأس... وكفى!
لكنَّها في قرارة نفسها تعلم أنَّ هذا لا يُبرِّىء الذِّمَّة ما دامت تلبس الضيِّق من الثياب (بنطلون، قميص، تنورة...)، أو أنَّها تصبغ وجهها... أو تتفنَّن في ألوان وأشكال ثيابها وغطاء رأسها!
فلتسأل فطرتها:
هل هذا حجابٌ شرعي يُبرِّىء الذِّمَّة؟
وهل هذا هو الحجاب الَّذي أمر به الإسلام؟
فهذه «المحجَّبة» غير المحجَّبة هي السبب فيما تتعرَّض له وما نراه اليوم من أذية بسبب إغراء لباسها الَّذي انحرف عمَّا أراده الإسلام من ستر وعدم لفت نظر.
ونرى بوضوح في قوله تعالى {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ} سورة الأحزاب، الآية:59. نرى كل يوم أذية للنِّساء من خلال تعرُّض أهل المعاصي والفساق للنِّساء المبتذلات واللاتي لا يرتدين الحجاب الشرعي وكما للنِّساء السافرات، في حين أنَّهم يمتنعون عن ذلك للنِّساء المحجَّبات حجاباً شرعياً منضبطاً (كالعباءة وما شابهها).
أمَّا صاحبة الحجاب «المغري والملفت» فتتحمَّل مسؤولية ما يجري لها.
وهذا هو ديدن المجتمعات، قديمها وحديثها، حيث تجد فيها أُناساً صالحين وآخرين طالحين.
وما ارتفاع نسب الانحراف والتفلت والتهاون في مجتمعات المسلمين في السنوات الأخيرة إلاَّ نتيجة التهاون في أمر الحجاب الشرعي والاختلاط (إضافة لأسباب أُخر)، تماماً كما انتشر الاغتصاب والانحلال الأخلاقي والزنى وانعدام التماسك العائلي في المجتمعات الغربية.
وهذه ثمرة من ثمار ابتعاد النِّساء الغربيات عن الحجاب والملابس المحتشمة والتزامهن بارتداء الملابس غير المحتشمة والتعري... فلماذا نتَّبعهن ونُقلِّدهن؟ ويمكن ملاحظة هذا الأمر بوضوح من خلال مقارنة حال المجتمعات الغربية اليوم مع حالها قبل 100 سنة حين كانت النِّساء الأوروبيات يرتدين ملابس أكثر احتشاماً وأقل تعرياً من الآن بشكل كبير وملحوظ.
وقد رأيت بنفسي صوراً فوتوغرافية لنساء أوروبيات تتوفّر فيها شروط الحجاب بتمامها، وهي موجودة في المعارض الوطنية والأرشيف.
العباءة النِّسائيَّة
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَِزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ} سورة الأحزاب، الآية:59. وعلل ذلك بقوله: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} سورة الأحزاب، الآية:59. والجلباب: ثوب واسع، تلبسه المرأة وتغطي به ثيابها من فوق.
وأطلق اسم الجلباب على الملحفة والإزار لم يرد به إزار الحقو عند وسط الجسم، ولكنَّه أراد إزاراً يشتمل به، فيجلل جميع الجسد، وكذلك إزار اللَّيل، وهو الثوب السابغ الَّذي يشتمل به النائم، فيغطي جسده كله. (لسان العرب لابن منظور: ج1، ص273). والرداء والملاءة والعباءة وهي مسميات لشيء واحد ولكن تعددت أسماؤه تبعاً لاختلاف اللهجات العربية الَّتي تستعملها.
و«الشوذر»، وهو معرب، وأصله بالفارسية «چاذر»، (الصحاح للجوهري: ج2، ص695)، وقال الزبيدي في تاج العروس: ج3، ص294: (فارسيته جادر).
«فالجادر» هو الملحفة، والملحفة هي الملاءة والجلباب، والجلباب هو الإزار الَّذي يشتمل به، فيجلل جميع الجسد، كما ذكرنا آنفاً.
و«الجادر» هو الغطاء الَّذي ترتديه المسلمات في إيران فوق ملابسهن كحجاب لهن، وهو الحجاب نفسه الَّذي ترتديه المسلمات العربيات ونسميه: (العباءة النِّسائيَّة) فيتضح أنَّ الجلباب المذكور في قوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ} سورة الأحزاب، الآية:59. هو العباءة النِّسائيَّة نفسها الَّتي ترتديها المسلمات في أغلب الدول العربية.
ويؤيد ما نحن بصدده (من أنَّ الجلباب هو رداء يغطي جميع الجسد كما هي حال العباءة النِّسائيَّة في أكثر الدول الإسلامية) ما رواه ابن الأثير في كتابه (النهاية في غريب الحديث: ج1، ص273) حيث قال: وفي حديث علي (ع) : «مَنْ أحبنا أهل البيت فليعد للفقر جلباباً» أي ليزهد في الدُّنيا، وليصبر على الفقر والقلَّة، إلى أن يقول (ع): «وجمعه جلابيب، كنى به عن الصَّبر، لأنَّه يستر الفقر كما يستر الجلباب البدن»، ففيه إشارة لتغطية الجلباب لكلّ البدن.
وينبغي أن يُعلم أنَّ مسألة حجاب الوجه هي فقط، من المسائل الخلافية بين الفقهاء (فبعضهم يوجبها وبعضهم لا).
أمَّا الحجاب لجميع جسد المرأة عدا الوجه والكفين، فهو من ضرورات الإسلام في كل زمان ومكان الَّتي لا ينبغي الوقوف عندها.
قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} سورة الأحزاب، الآية:53. .
وقال سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} سورة الأحزاب، الآية:33. .
فالحجاب يشمل الامتناع عن التبرج أمام الأجانب، وإدناء الجلابيب.
معيب!
لا نستطيع أن نوجب، أو أن يوجب أحدٌ لبس العباءة للمرأة.
وليس صحيحاً القول عنها أنَّها اللباس الشرعي حصراً، وما دونه ليس شرعياً!
جُلُّ ما في الأمر قولنا ونصيحتنا أنَّها الأنسب والأكمل والأقرب لتحقيق براءة الذِّمَّة.
ولكل مسلمة اختيار ما هو أقرب للعباءة ... أيا تكن تسمياته.
وإلى هنا تبدو الأُمور طبيعية، ولا تستثير أحداً.
إنَّما غير الطبيعي، والمستفِز، أن تقوم اللواتي لا يُرِدْن العباءة، أو لَبِسْنَها ويُرِدْن التخلي عنها... أن يقمن بحملة على الملتزمات بها أو مَنْ ترغب في ذلك، لإقناعهن بصرف النظر عنها، وبأساليب غير لائقة!
معيب القول إنَّ لبس العباءة يُسبِّب وجعاً في الرأس!
ومعيب القول إنَّ لبسها يُؤدِّي إلى ضعف في النظر!
ومعيب جداً إدِّعاء أنَّها تُسبِّب «الديسك» ووجعاً في الظهر!!!
إلى ما هنالك من تُرَّهات وسخافات، كان الأجدر أن لا تُذكر... وإظهار الرأي مباشرة دون مواربة.
ومعيب إطلاق الشائعات على لابسات العباءات.
فالافتراءات والأكاذيب والإدِّعاءات لا تُثمر.
ومَنْ ترفض عليها أن تقول ذلك صراحة.
ومعيب القول إنَّ لابسات العباءة لا يأتين بعريس... مع أنَّ لهؤلاء طالب، وللأُخريات طُلابٌ آخرون...
وهل «جذب» العرسان، في هذا الزمان، لم يعدْ ممكناً إلاَّ بعروضات وإغراءات؟
تاريخ الإسلام كلُّه يشهد، وفي كافة الأمصار، أنَّ العباءة لنسائنا الملتزمات الورعات، هي السائدة، وخلاف ذلك لم يكن إلاَّ استثناءً أو لظروف محلية خاصَّة... وذلك ببساطة:
لوفرة الاعتبارات الشرعية المنصوصة، في العباءة النِّسائيَّة الإسلامية، أكثر من أي لباس محلي أو قومي أو «فولوكلوري»... أو غربي!
أيّتها المسلمة العزيزة،
لكِ أن لا تختاري لبس العباءة النِّسائيَّة، لكن ليس لك أبداً ولا يجوز شنُّ حملة على مَنْ اختَرْنَها، لإرضاء نفسك... خاصَّة إذا شفَّعتِ هجومك هذا بنظريات علمية لإثبات ضررها الصحي!!!!!
أنصحُكِ أن تستغفري ربّكِ، وتقولي:
ربَّنا لا تجعلنا فتنة للذين آمنوا،
اللَّهمَّ استر علينا، وعلى أخواتنا، وسائر المسلمين...
ربَّنا أَرِنا الحقَّ حقاً وارزقنا اتّباعه، وأَرِنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه،
نعوذ بك من النهي عن المعروف.
مرضى القلوب
إنَّ مرضى القلوب من دعاة ترك لبس العباءة وما شابهها من لباس الاحتياط والتقوى، عندما يريدون إقناع النَّاس بفكرتهم، يلجأون إلى أمر عجيب، وهو:
زعمهم أنَّ لبس العباءة أو ستر الوجه عادة طارئة على بلادهم!
فإن كانوا في بلاد العرب قالوا هي عادة غريبة عنهم جاءتنا من الأعاجم، وإن كانوا في بلاد الشام، قالوا هي عادة خليجية، وإن كانوا في الخليج قالوا هي عادة «سعودية»، وإن كانوا في السعودية قالوا: هي عادة «نجدية» أو وهَّابية أو طالبانية وهكذا...
المهم أنَّها عادة يتيمة فحسب، وليس لها أصل شرعي!!!
ثمَّ تتغير هوية وخلفية هذه العادة بحسب المكان المراد إقناع نسائه بهجر لبس العباءة وتوهينها!!!
فلا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله العلي العظيم.
جلَّت المصيبة وعظمت الرزيَّة.
أين أصبحنا؟
بعد كل هذا، وبعد هذا الموجز وبعد الإعلام الفضائي المعولم، وبعد النظام العالمي الجديد، وبعد نشاطات الأُمم المتحدة «الاجتماعية»... أين أصبحنا اليوم؟
حصلت جملة تطورات هامَّة، نستعرض بعضها لفهم ما يجري حولنا، وأين أصبحنا، وماذا ينتظرنا:
ابتداءً من لقاء نيروبي عام 1985 في كينيا.
ومروراً بقمة الأرض في ريو دي جانيرو في البرازيل عام 1992.
ثمَّ المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في فيينا في النمسا عام 1993،
ثمَّ مؤتمر السكان والتنمية في القاهرة بمصر عام 1994،
ثمَّ المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين بالصين عام 1995،
ثمَّ مؤتمر الأُمم المتحدة للمستوطنات البشرية في استانبول بتركيا عام 1997،
ومؤتمر المرأة في نيويورك عام 2000 الَّذي عقد على شكل جلسة استثنائية للجمعية العامَّة للأُمم المتحدة ومعها منتدى للمنظمات غير الحكومية،
حيث عُرضت على المؤتمر توصيات ونتائج المؤتمرات السابقة بهدف الخروج بوثيقة دولية موحدة، لتكون وثيقة ملزمة لدول العالم، وقد حفل مشروع الوثيقة المقدم للمؤتمر بما حفلت به وثائق المؤتمرات السابقة... ومنها:
دعوة صريحة إلى التخلي عن الأسرة كنواة للمجتمع.
إطلاق الحرية الجنسية للشباب والشابات.
دعوة صريحة كذلك للشذوذ بكلِّ أنواعه... وعلى أثر ذلك جرت التشريعات الكثيرة في جملة دول أوروبية عامي 2004 ـ 2005 المجيزة للعلاقة الجنسية «رسمياً» بين الرجل والرجل (بريطانيا هولندا إسبانيا...).
المطالبة بإسقاط سلطة الأبوين عن الأبناء،
حرية الإجهاض،
إلغاء نظام الميراث في الإسلام... وغيرها من البنود الَّتي تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية
فانظر أين أصبحت بيوتنا ومجتمعاتنا بسبب هذه الهجمة التغريبية المعولمة وانظر إلى بعض الكتابات في الصحف والمجلات العربية، وما تبثه القنوات الفضائية، فضلاً عن شبكات الإنترنت من دعوات صريحة للسفور والاختلاط والتعري والإباحية والاختلاط والطرب والغناء والرقص ...
ثمَّ تخيَّل أين أصبحت نساؤنا وحجابها وعباءتها!
نسألكم الدعاء