حسين ال دخيل
11-03-2014, 01:09 AM
الإمام الرضا (عليه السلام) والقرآن الكريم
بقلم بشير البحراني
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24]
الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) كغيره من أئمة أهل البيت (عليه السلام) يمثلون الثقل المكمل للقرآن الكريم، حسبما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قوله: "يا أيها الناس إني فرطكم، وأنتم واردون عليَّ الحوض، ألا وأني سائلكم عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يلقياني، وسألت ربي ذلك فأعطانيه، ألا وأني قد تركتهما فيكم: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فلا تسبقوهم فتفرقوا، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا، ولا تعّلموهم فإنهم أعلم منكم". فالواجب أن نتعلم منهم، وأن نتمسك بهم كتمسكنا بالقرآن الكريم، ففيهم (عليه السلام) كرائم القرآن وهم النجوم التي تشع لأهل الأرض ليهتدوا بها في دامس الظلام.
من يطلع على تراث الإمام الرضا (عليه السلام) يجد فيه دفعاً قوياً باتجاه القرآن الكريم، وحثاً عجيباً للالتفاف حوله، فهو حبل الله المتين، والعروة الوثقى، والطريقة المثلى التي تؤدي إلى الجنة وتنجي من النار.
شغف الإمام الرضا (عليه السلام) بالقرآن شغفاً كبيراً، وكان يختمه كل ثلاثة أيام مرة، وله في ذلك فلسفة رائعة لعلنا نلتفت إليها، حين يقول: "لو أردت أن أختمه في أقرب من ثلاثة أيام لفعلت، ولكني ما مررت بآية قط إلا فكرت فيها وفي أي شيء نزلت، وفي أي وقت؟ فلذلك صرت أختم في كل ثلاثة أيام".
هنا التفاتة مهمة، فليس المهم هو كثرة تلاوة القرآن والمسارعة في ختم سوره، وإنما المهم هو التأمل والتدبر في كل آية يتلوها الإنسان، لأن الغاية الحقيقية من وراء التلاوة هو الاستفادة منها عملياً لا مجرد النطق دون وعي، قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}.
حين تكتشف معاني الآيات، وتحاول أن تعي دروسها، سيكون للتلاوة عندك طعم آخر، ولن يكون مرورك بالآيات الكريمات مرور الكرام. فقد ورد في سيرة الإمام الرضا العبادية أنه في آناء الليل يكثر من تلاوة القرآن، فإذا مرَّ بآية فيها ذكر الجنة أو النار؛ بكى. فمن أين يحصل كل هذا التأثر دون التركيز في محتوى الآيات؟
وقد كان من شدة تفاعله (عليه السلام) مع القرآن الكريم، أنه يندمج فيه ويذوب فيه، وكأنه يتحدث إليه أو إلى الله سبحانه وتعالى، فتراه يعقب بكلمة أو بعبارة بعد آية أو سورة، فإذا فرغ من تلاوة سورة الفاتحة قال: "الحمد لله رب العالمين"، وإذا تلا سورة الإخلاص سمعته يقول ثلاثاً: "كذلك الله ربنا"، وإذا فرغ من سورة التين قال: "بلى وأنا على ذلك من الشاهدين"، وغير ذلك.
كان القرآن الكريم عند الإمام الرضا (عليه السلام) هو كلام الله الذي لا يمكن تجاوزه، ولا يُطلب الهدى في غيره. يقول الشيخ الصدوق في كتابه (عيون أخبار الرضا): "كان كلامه كله وجوابه وتمثله انتزاعات من القرآن".
بقلم بشير البحراني
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24]
الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) كغيره من أئمة أهل البيت (عليه السلام) يمثلون الثقل المكمل للقرآن الكريم، حسبما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قوله: "يا أيها الناس إني فرطكم، وأنتم واردون عليَّ الحوض، ألا وأني سائلكم عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يلقياني، وسألت ربي ذلك فأعطانيه، ألا وأني قد تركتهما فيكم: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فلا تسبقوهم فتفرقوا، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا، ولا تعّلموهم فإنهم أعلم منكم". فالواجب أن نتعلم منهم، وأن نتمسك بهم كتمسكنا بالقرآن الكريم، ففيهم (عليه السلام) كرائم القرآن وهم النجوم التي تشع لأهل الأرض ليهتدوا بها في دامس الظلام.
من يطلع على تراث الإمام الرضا (عليه السلام) يجد فيه دفعاً قوياً باتجاه القرآن الكريم، وحثاً عجيباً للالتفاف حوله، فهو حبل الله المتين، والعروة الوثقى، والطريقة المثلى التي تؤدي إلى الجنة وتنجي من النار.
شغف الإمام الرضا (عليه السلام) بالقرآن شغفاً كبيراً، وكان يختمه كل ثلاثة أيام مرة، وله في ذلك فلسفة رائعة لعلنا نلتفت إليها، حين يقول: "لو أردت أن أختمه في أقرب من ثلاثة أيام لفعلت، ولكني ما مررت بآية قط إلا فكرت فيها وفي أي شيء نزلت، وفي أي وقت؟ فلذلك صرت أختم في كل ثلاثة أيام".
هنا التفاتة مهمة، فليس المهم هو كثرة تلاوة القرآن والمسارعة في ختم سوره، وإنما المهم هو التأمل والتدبر في كل آية يتلوها الإنسان، لأن الغاية الحقيقية من وراء التلاوة هو الاستفادة منها عملياً لا مجرد النطق دون وعي، قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}.
حين تكتشف معاني الآيات، وتحاول أن تعي دروسها، سيكون للتلاوة عندك طعم آخر، ولن يكون مرورك بالآيات الكريمات مرور الكرام. فقد ورد في سيرة الإمام الرضا العبادية أنه في آناء الليل يكثر من تلاوة القرآن، فإذا مرَّ بآية فيها ذكر الجنة أو النار؛ بكى. فمن أين يحصل كل هذا التأثر دون التركيز في محتوى الآيات؟
وقد كان من شدة تفاعله (عليه السلام) مع القرآن الكريم، أنه يندمج فيه ويذوب فيه، وكأنه يتحدث إليه أو إلى الله سبحانه وتعالى، فتراه يعقب بكلمة أو بعبارة بعد آية أو سورة، فإذا فرغ من تلاوة سورة الفاتحة قال: "الحمد لله رب العالمين"، وإذا تلا سورة الإخلاص سمعته يقول ثلاثاً: "كذلك الله ربنا"، وإذا فرغ من سورة التين قال: "بلى وأنا على ذلك من الشاهدين"، وغير ذلك.
كان القرآن الكريم عند الإمام الرضا (عليه السلام) هو كلام الله الذي لا يمكن تجاوزه، ولا يُطلب الهدى في غيره. يقول الشيخ الصدوق في كتابه (عيون أخبار الرضا): "كان كلامه كله وجوابه وتمثله انتزاعات من القرآن".