احمد البرائي
13-05-2014, 11:54 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
مرة اخرى يثبت الوهابيون انهم الخطالاول في الدفاع عن بني امية لعنهم الله وهذا الدفاع يتجلى تارة بتبرير اعمال بني امية واخرى باخفاء فضائل اهل البيت عليهم السلام فهذا شيخهم عثمان الخميس خرج علينا بانكاره لمسألة قد كتب فيها وثبتها كبار علماء اهل الحديث والتاريخ والسير فقال في كتابٍ له عنونه بــ (حقبة من التأريخ: 114) ما نصّه: ”وأمّا ما رُوي من أنّ السماء صارت تمطر دماً، أو أنّ الجدر كان يكون عليها الدم، أو ما يُرفَع حجرٌ إلّا ويوجد تحته دم، أو ما يذبحون جزوراً إلّا صار كلّه دماً، فهذه كلّها من أكاذيب وترّهات الشيعة! وليس لها سند صحيح ولا حتّى ضعيف! وإنّما هي أكاذيب تُذكر لإثارة العواطف ... “ إلى آخره.
وخلاصة ما تقدّم من كلامه يجتمع في محورين أساسيين: الأول: إنّ روايات مطر السماء دماءً وحصول الخوارق في يوم مقتل الحسين (عليه السلام) هي من ترّهات الشيعة وغلوّهم، وهذه الروايات كلّها من أكاذيب الشيعة تُذكر لإثارة العواطف، والثاني: لا وجود لسندٍ صحيحٍ لروايات مطر السماء دماً وخرق العادات في يوم مقتل الحسين (عليه السلام)، ولا حتّى ضعيف!
وقبل الخوض في الردّ على مفتريات هذا المتشيّخ، إنّي لأنصح في مقامي هذا أشباهه من المرتزقة أن يعلموا أن الاصطياد بالماء العَكِر لا يجني إلّا التعب وتلف الوقت، ثم إنّه قد قيل قديماً وحديثاً: حبل الكذب قصير. فتوقفوا عن الكذب أوّلاً، ولا تكذبوا على أبناء جلدتكم فيرتدّوا عنكم.
أما قوله: ”وأما ما روي من أن السماء صارت تمطر دماً أو أن الجدر كان يكون عليها الدم ...“.
أقول:
روى البيهقيّ في (دلائل النبوّة: رقم 2810) خبراً يقول فيه: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثتنا أُمّ شوق العبديّة، قالت: حدثتني نضرة الأزديّة، قالت: لمّا قُتل الحسين بن عليّ مطرت السماء دماً، فأصبحتُ وكلَّ شيء ملآن دماً.
وروى البيهقيّ أيضاً في المصدر المذكور وتحت رقم 2811 خبراً آخراً يقول فيه: وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حمّاد بن زيد، عن معمر قال: أول ما عُرف الزهري تكلّم في مجلس الوليد بن عبد الملك، فقال الوليد: أيّكم يعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي؟ فقال الزهري: بلغني أنه لم يُقلَب حجرٌ إلّا وجد تحته دم عبيط.
وروى ابن عساكر الشافعي في (تاريخ مدينة دمشق: 14 / 228، ط دار الفكر، تحقيق: شيري) خبراً يقول فيه: أخبرنا جعفر بن سليمان، قال: حدثتني خالتي أُمّ سالم، قالت: لمّا قُتل الحسين بن علي مُطرنا مطراً كالدم على البيوت والجُدُر. قال: وبلغني ذلك أنّه كان بخراسان والشام والكوفة!
وروى ابن عساكر كذلك في كتاب (ترجمة الحسين (عليه السلام): رقم 299)، قال: أخبرنا أبو يعقوب الهمداني، أنبأنا أبو الحسين بن المهتدي حيلولة، وأنبأنا أبو غالب بن البنّاء، أنبأنا أبو الغنائم بن المأمون، قالا: أنبأنا أبو القاسم بن حبابة، أنبأنا أبو القاسم البغوي، أنبأنا قطن بن نسير أبو عباد، أنبأنا جعفر بن سليمان، قال: حدثتني خالتي أُمّ سالم، قالت: لمّا قُتل الحسين بن علي مُطرنا مطراً كالدم على البيوت والجدر. قال: وبلغني أنّه كان بخراسان والشام والكوفة.
وروى المزّي في (تهذيب الكمال: 6 / 433، ط مؤسسة الرسالة، تحقيق: بشار عواد) ما نصُّه: حدثنا جعفر بن سليمان، قال: حدثتني خالتي أُمّ سالم، قالت: لمّا قُتل الحسين بن عليّ مُطرنا مطراً كالدم على البيوت والجدر. قال: وبلغني أنّه كان بخراسان والشام والكوفة.
وذكر بعده: وقال مسلم بن إبراهيم: حدثتنا أُم شوق العبدية، قالت: حدثتني نضرة الأزدية، قالت: لمّا أن قُتل الحسين بن علي مطرت السماء دماً، فأصبحتُ وكلَّ شيءٍ لنا ملآن دماً.
وذكر بعده: وقال أبو القاسم البغوي: حدثنا قطن بن نسير أبو عباد، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، قال: حدثتني خالتي أُم سالم، قالت: لمّا قُتل الحسين بن علي مُطرنا مطراً كالدم على البيوت والجدر. قال: وبلغني أنّه كان بخراسان والشام والكوفة.
وفي الصفحة الّتي تليها من نفس المصدر قال: وقال عليّ بن مسهر، عن جدّته: لمّا قُتل الحسين كنتُ جاريةً شابّة، فمكثَت السماء بضعةَ أيّامٍ بلياليهنّ كأنها علقة.
وذكر بعده: وقال عليّ بن محمّد المدائني، عن عليّ بن مدرك، عن جدّه الأسود بن قيس: إحمرّت آفاق السماء بعد قتل الحسين بستّة أشهر، نرى ذلك في آفاق السماء كأنّها الدم.
كما وروى الحافظ الذهبيّ في (سير أعلام النبلاء: 3 / 312، ط مؤسسة الرسالة) خبراً يقول فيه: المدائني، عن عليّ بن مدرك، عن جدّه الأسود بن قيس، قال: إحمرّت آفاق السماء بعد قتل الحسين ستّة أشهر تُرى كالدم.
وذكر بعده: قال هشام بن حسّان، عن محمّدٍ قال: تعلم هذه الحمرة في الأُفق ممَّ؟ هو من يوم قتل الحسين!
وذكر بعده: الفسوي، حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثتنا أُم سوق العبدية، قالت: حدثتني نضرة الأزدية، قالت: لما أن قتل الحسين مطرت السماء دماءً، فأصبحت وكلَّ شيء لنا ملآن دماً.
وذكر بعده: جعفر بن سليمان الضبعي، حدثتني خالتي قالت: لمّا قُتل الحسين مُطرنا مطراً كالدم.
وروى الطبرانيّ في (الكبير: 3 / 111، ط دار إحياء التراث العربي، نشر مكتبة ابن تيمية) قال: حدثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا منجاب بن الحارث، حدثنا عليّ بن مسهر، حدثتني جدّتي أُم حكيم، قالت: ثمّ قُتل الحسين بن عليّ وأنا يومئذٍ جويرية، فمكثَت السماءُ أياماً مثل العلقة.
قلت: هذا الحديث بتمامه يرويه الهيثميّ في (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: 9 / 196 ــ 197، ط دار الريان للتراث القاهرة)، ثم قال في ذيله: رواه الطبراني، ورجاله إلى أُمّ حكيم رجال الصحيح.
وذكر بعده: حدثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا عبد الله بن يحيى بن الربيع بن أبي راشد الكاهلي، حدثنا منصور بن أبي نويرة، عن أبي بكر بن عياش، عن جميل بن زيد، قال: ثمّ لمّا قُتل الحسين احمرّت السماء.
ورواه بموضع آخر (3 / 111) بلفظٍ آخر: حدثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا يحيى الحماني، حدثنا حمّاد بن زيد، عن هشام بن حسّان، عن محمّد بن سيرين، قال: ثمّ لم يكن في السماء حمرةٌ حتّى قتل الحسين.
وروى الطبري في (تاريخ الأُمم والملوك: 3 / 300 ط دار الكتب العلمية، و4 / 296 المحقّقة ط مؤسّسة الأعلمي بيروت) ما نصُّه: قال حُصَين: فلمّا قُتل الحسين لبثوا شهرين أو ثلاثة كأنّما تلطّخ الحوائط بالدماء ساعة تطلع الشمس حتّى ترتفع.
كما وروى ابنُ الأثير في كتاب (الكامل في التاريخ: 3 / 442) حديثاً، ورواه الدمشقي الباعوني الشافعي في (جواهر المطالب: 2 / 296)، ونصُّه: قال حصين: فلمّا قُتل الحسين لبثوا شهرين أو ثلاثة كأنّما تلطّخ الحوائط بالدماء ساعة تطلع الشمس حتّى ترتفع.
وروى أبو نعيم الأصبهاني في (معرفة الصحابة) في باب الحاء خبراً، قال فيه: حدثنا عمر بن محمّد بن حاتم، حدثنا جدّي محمّد بن عبد الله بن مرزوق، حدثنا عفّان، وحدثنا جعفر بن محمّد بن عمرو، حدثنا أبو حصين، حدثنا يحيى الحماني، قالا: حدثنا حمّاد بن زيد، حدثنا هشام، عن محمّدٍ قال: لم تُرَ هذه الحمرة في آفاق السماء حتّى قتل الحسين (رضي الله عنه).
قلت: ورواه في (حلية الأولياء: رقم 2429) بتمام ما تقدّم.
وروى الصالحي الشاميّ في (سبل الهدى والرشاد: 11 / 80) خبراً، جاء فيه: عن نضرة الأزديّة أنها قالت: لمّا قُتل الحسين (رضي الله تعالى عنه) أمطرت السماء دماً، فأصبحنا وجباهنا وجوارحنا مملوءة دماً.
وروى أيضاً: عن جعفر بن سليمان قال: حدثتني خالتي أُم سلمة، قالت: لمّا قُتل الحسين (رضي الله تعالى عنه) أُمطرنا مطراً كالدم على البيوت والجدار. قال: وبلغني أنّه كان بخراسان والشام والكوفة.
وروى السدي، عن أُمّ سلمة قالت: لمّا قُتل الحسين (رضي الله عنه) مطرنا دماً.
قلت: وروى حديث أُمّ سلمة بتمامه أحمدُ بن عبد الله الطبري في (ذخائر العقبى: 145 نسخة دار الكتب المصرية)، كما وراجع (الدرّ المنثور للسيوطي: 6 / 31 ط الفتح ــ جدّة).
هذا بالنسبة لما أنكره الخميس من مطر السماء دماً وتلطّخ الجدران بالدم، وأما قوله: ”أو ما يُرفَع حجرٌ إلّا ويوجد تحته دم ...“.
قلت:
روى إمامُ أهل الحديث ــ عند أهل العامّة ــ أبو القاسم سليمان الطبرانيّ في (المعجم الكبير: 3 / 111، ط دار إحياء التراث العربي، تحت رقم 2834) ما نصُّه: حدثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا يزيد بن مهران أبو خالد، حدثنا أسباط بن محمّد، عن أبي بكر الهذلي، عن الزهريّ قال: ثم لمّا قُتل الحسين بن عليّ (رضي الله عنه)، لم يُرفع حجرٌ ببيت المقدس إلّا وُجد دمٌ عبيط.
قلت: والدم العبيط هو الخالص الطري، كما ذكره الجوهري في (الصحاح).
وروى أيضاً في المصدر المذكور (3 / 119، تحت رقم 2856) ما نصّه: حدثنا عليّ بن عبد العزيز، حدثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي، أخبرنا هشيم، حدثنا أبو معشر، عن محمّد بن عبد الله بن سعيد بن العاص، عن الزهريّ قال: قال لي عبد الملك بن مروان: ثمّ أيّ واحدٍ أنت إن أخبرتني أيّ علامة كانت يوم قتل الحسين بن علي؟ قال: قلت: لم تُرفَع حصاةٌ ببيت المقدس إلّا وُجد تحتها دم عبيط. فقال عبد الملك: إنّي وإيّاك في هذا الحديث لَقَرينان.
قلت: ويرويه الهيثميّ في (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: 9 / 196، ط دار الريّان للتراث في القاهرة)، ويقول في ذيله: رواه الطبراني، ورجاله ثقات.
كما وروى مثيله الذهبيّ في (السير: 3 / 314، ط مؤسّسة الرسالة) ما نصّه: حمّاد بن زيد، عن معمر قال: أوّل ما عُرف الزهريّ أنه تكلّم في مجلس الوليد، فقال الوليد: أيّكم يعلم ما فعلَت أحجارُ بيت المقدس يوم قتل الحسين؟ فقال الزهري: بلغني أنّه لم يُقلَب حجرٌ إلّا وُجد تحته دمٌ عبيط.
وروى ابن حجر نصّاً في (تهذيب التهذيب: 2 / 305، ط دار الفكر)، وفيه: وقال يعقوب بن سفيان: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن معمر قال: أوّل ما عُرف الزهريّ تكلّم في مجلس الوليد بن عبد الملك، فقال الوليد: أيّكم يعلم ما فعلَت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي؟ فقال الزهري: بلغني أنّه لم يُقلب حجرٌ إلّا وجد تحته دم عبيط.
وروى المزي في (تهذيب الكمال: 6 / 434، ط مؤسسة الرسالة، تحقيق: بشار عواد) خبراً، قال فيه: أُمّ حيّان قالت: يوم قتل الحسين اظلمّت علينا ثلاثاً، ولم يمسّ أحدٌ من زعفرانهم شيئاً فجعله على وجهه إلّا احترق، ولم يُقلَب حجرٌ ببيت المقدس إلّا أُصيب تحته دمٌ عبيط.
وروى المزّي بعد ذاك الحديث حديثاً آخرَ في المصدر المذكور (434 ــ 435)، قال فيه: وقال يعقوب بن سفيان الفارسي: حدثني أيّوب بن محمّد الرقّي، قال: حدثنا سلام بن سليمان الثقفي، عن زيد بن عمرو الكندي، قال: حدثتني أُمّ حيان، قالت: يوم قتل الحسين اظلمّت علينا ثلاثاً، ولم يمسّ أحدٌ من زعفرانهم شيئاً فجعله على وجهه إلّا احترق، ولم يُقلَب حجرٌ ببيت المقدس إلّا أُصيب تحته دمٌ عبيط.
وروى ابن عساكر في (تاريخ مدينة دمشق: 14 / 229، ط دار الفكر، تحقيق: علي شيري) حديثَ أم حيان، حيث يقول: وقال أيضاً: حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا حمّاد بن زيد، عن معمر قال: أول ما عرف الزهري تكلّم في مجلس الوليد بن عبد الملك، فقال الوليد: أيكم يعلم ما فعلَت أحجارُ بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي؟ فقال الزهري: بلغني أنّه لم يُقلَب حجرٌ إلّا وُجد تحته دمٌ عبيط.
ورواه ابن سعد في (الطبقات الكبرى ــ في القسم المتمّم ــ: 1 / 163، ط مكتبة العلوم والحكم، تحقيق: زياد محمّد منصور)، ونصّه: أخبرنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا حمّاد بن زيد، عن معمر قال: أول ما عرف الزهريّ أنه كان في مجلس عبد الملك بن مروان، فسألهم عبد الملك، فقال: مَن منكم يعلم ما صنعَت أحجارُ بيت المقدس يوم قتل الحسين؟ قال: فلم يكن لأحدٍ منهم من ذلك علم، فقال الزهري: بلغني أنّه لم يُقلَب منها يومئذٍ حجرٌ إلّا وُجد تحته دمٌ عبيط. قال: فعُرف من يومئذ.
وروى ابن عساكر في (تاريخ مدينة دمشق: 14 / 130، ط دار الفكر، تحقيق: علي شيري)، حيث قال: أرسل عبد الملك إلى ابن رأس الجالوت، فقال: هل كان في قتل الحسين علامة؟ قال ابن رأس الجالوت: ما كُشف يومئذٍ حجرٌ إلّا وُجد تحته دمٌ عبيط.
وروى الطبرانيّ في (المعجم الكبير: 3 / 111، ط دار إحياء التراث العربي بيروت، نشر مكتبة ابن تيميّة، تحت رقم 2835) ما نصه: حدثنا زكريا بن يحيى الساجي، حدثنا محمّد بن المثنّى، حدثنا الضحّاك بن مخلد، عن ابن جريج، عن ابن شهاب، ثم قال: ما رُفع بالشام حجرٌ يوم قتل الحسين بن علي إلّا عن دم (رضي الله عنه).
قلت: وهذا الأثر بتمامه يرويه الهيثمي في (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: 9 / 196، ط دار الريان للتراث في القاهرة)، ثم علّق عليه وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.
ورواه الحافظ محمّد بن يوسف الصالحي الشامي، محتجّاً به في (سبل الهدى والرشاد: 11 / 80، ط دار الكتب العلميّة ببيروت، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود).
ورواه ابن عساكر في كتابه (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام): 363، ط مجمع إحياء الثقافة الإسلامية).
ورواه أبو نعيم في (معرفة الصحابة: في حرف الحاء، تحت رقم 1683)، حيث قال: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا زكريا الساجي، حدثنا محمّد بن المثنّى، حدثنا الضحّاك بن مخلد، عن ابن جريج، عن ابن شهاب قال: ما رُفع بالشام حجرٌ يوم قتل الحسين إلّا عن دم.
روى المزّي في (تهذيب الكمال: 6 / 434، ط مؤسّسة الرسالة، تحقيق: بشار عواد)، قال: حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن معمر قال: أول ما عُرف الزهريّ تكلّم في مجلس الوليد بن عبد الملك، فقال الوليد: أيّكم يعلم ما فعلَت أحجارُ بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي؟ فقال الزهري: بلغني أنه لم يُقلب حجرٌ إلّا وُجد تحته دمٌ عبيط.
وذكر أيضاً: وقال عثمان بن محمّد بن أبي شيبة: حدثني أبي، عن جدّي، عن عيسى بن الحارث الكندي، قال: لمّا قُتل الحسين مكثنا سبعة أيامٍ إذا صلّينا فنظرنا إلى الشمس على أطراف الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة، ونظرنا إلى الكواكب يضرب بعضُها بعضاً.
وروى الطبراني في (المعجم الكبير: 3 / 111، ط دار احياء التراث العربي ببيروت، نشر مكتبة ابن تيميّة) خبراً، قال فيه: حدثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثني أبي، عن جدّي، عن عيسى بن الحارث سنان، قال: ثمّ لمّا قتل الحسين (رضي الله عنه) مكثنا سبعة أيامٍ إذا صلّينا العصر نظرنا إلى الشمس على أطراف الحيطان كأنّها الملاحف المعصفرة، ونظرنا إلى الكواكب يضرب بعضُها بعضاً.
وروى ابن عساكر في (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام): 362) قال: أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل، أنبأنا أحمد بن الحسين حيلولة، وأخبرنا أبو محمّد السلمي، أنبأنا أبو بكر الخطيب حيلولة، وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا محمّد بن هبة الله، قالوا: أنبأنا محمّد بن الحسين، أنبأنا عبد الله بن جعفر، أنبأنا يعقوب، حدثني أيّوب بن محمّد الرقّي، أنبأنا سلام بن سليمان الثقفي، عن زيد بن عمرو الكندي، قال: حدثتني أُمّ حيان، قالت: يوم قتل الحسين اظلمّت علينا ثلاثاً، ولم يمسّ أحدٌ من زعفرانهم شيئاً فجعله على وجهه إلّا احترق، ولم يُقلَب حجرٌ ببيت المقدس إلّا أصبح تحته دمٌ عبيط.
ثم قال: أخبرنا أبو بكر الشاهد، أنبأنا الحسن بن عليّ الجوهري، أنبأنا أبو عمر الخزاز، أنبأنا أبو الحسن الخشّاب، أنبأنا الحسين بن الفهم، أنبأنا محمّد بن سعد، أنبأنا محمّد بن عمر، [قال:] حدّثني عمر بن محمّد بن عمر بن علي، عن أبيه قال: أرسل عبدُ الملك إلى ابن رأس الجالوت، فقال: هل كان في قتل الحسين علامة؟ قال ابن رأس الجالوت: ما كُشف يومئذٍ حجرٌ إلّا وُجد تحته دمٌ عبيط.
هذا يكفي في إثبات ما أنكره المتشيّخ الخميس من رفع الأحجار ووجود الدم تحتها.
وأما قوله: ”أو ما يذبحون جزوراً إلّا صار كلّه دماً ...“.
أقول:
روى الطبرانيّ في (المعجم الكبير: 3 / 121، الطبعة السالفة الذكر) خبراً، قال فيه: حدثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي، حدثنا أبو غسان، حدثنا أبو نمير عمّ الحسن بن شعيب، عن أبي حميد الطحّان، قال: ثمّ كنتُ في خزاعة، فجاؤوا بشيءٍ من تركة الحسين، فقيل لهم: ننحر أو نبيع فنقسّم؟ قال: انحروا. قال: والحاصل على جفنة، فلمّا وُضعت فارت ناراً.
وروى في الخبر الذي يليه نصاً فيه: حدثنا زكريا بن يحيى الساجي، حدثنا إسماعيل بن موسى السدي، حدثنا ذويد الجعفي، عن أبيه قال: ثمّ لمّا قُتل الحسين (رضي الله عنه) انتُهب جزورٌ مِن عسكره، فلمّا طُبخت إذا هي دم، فأكفؤوها.
قلت: رواه الهيثمي في (مجمع الزوائد: 9 / 196، في الطبعة المذكورة)، ثم علّق عليه: رواه الطبراني، ورجاله ثقات.
وفي الصفحة الّتي تليها عند الطبراني في المصدر المذكور، قال: وقال محمّد بن عبد الله الحضرمي: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي، قال: حدثنا أبو غسان، قال: حدثنا أبو نمير عمّ الحسن بن شعيب، عن أبي حميد الطحان، قال: كنتُ في خزاعة، فجاؤوا بشيءٍ مِن تَرِكة الحسين، فقيل لهم: ننحر أو نبيع فنقسّم؟ قالوا: انحروا. قال: فجُعل على جفنة، فلمّا وُضعت فارت ناراً.
وذكر بعده: وقال حمّاد بن زيد، عن جميل بن مرّة: أصابوا إبلاً في عسكر الحسين يوم قُتل، فنحروها وطبخوها. قال: فصارت مثل العلقم، فما استطاعوا أن يسيغوا منها شيئاً.
وروى المزي في (تهذيب الكمال: 6 / 434، في الطبعة المذكورة) ما نصُّه: وقال عباس بن محمّد الدوري، عن يحيى بن معين: حدثنا جرير، عن يزيد بن أبي زياد، قال: قُتل الحسين ولي أربع عشرة سنة، وصار الورس الذي كان في عسكرهم رماداً، واحمرّت آفاق السماء، ونحروا ناقةً في عسكرهم، فكانوا يرَون في لحمها النيران.
وروى بعده قائلاً: وقال أبو بكر الحميدي، عن سفيان بن عُيَينة، عن جدّته أُمّ أبيه: لقد رأيتُ الورس عاد رماداً، ولقد رأيتُ اللّحم كأنّ فيه النار حين قُتل الحسين.
وروى أبو نعيم الأصبهاني في كتاب (معرفة الصحابة: في باب الحاء، تحت رقم 1682)، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا زكريا الساجي، حدثنا إسماعيل السدي، حدثنا زويد الجعفي، عن أبيه قال: لمّا قُتل الحسين انتُهب من عسكره جَزور, فلمّا طُبخت إذا هي دم، فأكفؤوها.
وراجع كتاب (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) لابن عساكر الشافعي)، حيث يقول: عن يزيد بن أبي زياد، قال: قُتل الحسين ولي أربعة عشر سنة، [وقال:] وصار الورس الّذي كان في عسكرهم رماداً، واحمرّت آفاق السماء، ونحروا ناقةً [له] في عسكرهم، فكانوا يرون في لحمها النيران.
وعن سفيان، حدّثتني جدّتي قالت: لقد رأيتُ الورس عاد رماداً، ولقد رأيتُ اللّحم كأنّ فيه النار حين قُتل الحسين.
وعن عقبة بن أبي حفصة السلولي، عن أبيه قال: إنّه كان الورس من ورس الحسين، يقال به هكذا فيصير رماداً.
وعن أبي حميد الطحّان قال: كنت في خزاعة، فجاؤوا بشيءٍ من تركة الحسين، فقيل لهم ننحر أو نبيع فنقسّم؟ قالوا: انحروا. قال: [فنحر] فجعل على جفنة، فلمّا وُضعت فارت ناراً.
وعن جميل بن مرّة قال: أصابوا إبلاً في عسكر الحسين يوم قُتل، فنحروها وطبخوها. قال: فصارت مثل العلقم، فما استطاعوا أن يسيغوا منها شيئاً.
قلت: والورس هو فحل الإبل (راجع: لسان العرب: 14 / 321).
وأخيراً أقول: أبَعد كلّ ما تقدم، ماذا يمكنك أيّها القارئ الكريم أن تقول في عثمان الخميس عندما تقرأ عبارته هذه: ”فهذه كلّها من أكاذيب وترّهات الشيعة، وليس لها سندٌ صحيحٌ ولا حتّى ضعيف، وإنّما هي أكاذيب تُذكر لإثارة العواطف“؟!
مرة اخرى يثبت الوهابيون انهم الخطالاول في الدفاع عن بني امية لعنهم الله وهذا الدفاع يتجلى تارة بتبرير اعمال بني امية واخرى باخفاء فضائل اهل البيت عليهم السلام فهذا شيخهم عثمان الخميس خرج علينا بانكاره لمسألة قد كتب فيها وثبتها كبار علماء اهل الحديث والتاريخ والسير فقال في كتابٍ له عنونه بــ (حقبة من التأريخ: 114) ما نصّه: ”وأمّا ما رُوي من أنّ السماء صارت تمطر دماً، أو أنّ الجدر كان يكون عليها الدم، أو ما يُرفَع حجرٌ إلّا ويوجد تحته دم، أو ما يذبحون جزوراً إلّا صار كلّه دماً، فهذه كلّها من أكاذيب وترّهات الشيعة! وليس لها سند صحيح ولا حتّى ضعيف! وإنّما هي أكاذيب تُذكر لإثارة العواطف ... “ إلى آخره.
وخلاصة ما تقدّم من كلامه يجتمع في محورين أساسيين: الأول: إنّ روايات مطر السماء دماءً وحصول الخوارق في يوم مقتل الحسين (عليه السلام) هي من ترّهات الشيعة وغلوّهم، وهذه الروايات كلّها من أكاذيب الشيعة تُذكر لإثارة العواطف، والثاني: لا وجود لسندٍ صحيحٍ لروايات مطر السماء دماً وخرق العادات في يوم مقتل الحسين (عليه السلام)، ولا حتّى ضعيف!
وقبل الخوض في الردّ على مفتريات هذا المتشيّخ، إنّي لأنصح في مقامي هذا أشباهه من المرتزقة أن يعلموا أن الاصطياد بالماء العَكِر لا يجني إلّا التعب وتلف الوقت، ثم إنّه قد قيل قديماً وحديثاً: حبل الكذب قصير. فتوقفوا عن الكذب أوّلاً، ولا تكذبوا على أبناء جلدتكم فيرتدّوا عنكم.
أما قوله: ”وأما ما روي من أن السماء صارت تمطر دماً أو أن الجدر كان يكون عليها الدم ...“.
أقول:
روى البيهقيّ في (دلائل النبوّة: رقم 2810) خبراً يقول فيه: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثتنا أُمّ شوق العبديّة، قالت: حدثتني نضرة الأزديّة، قالت: لمّا قُتل الحسين بن عليّ مطرت السماء دماً، فأصبحتُ وكلَّ شيء ملآن دماً.
وروى البيهقيّ أيضاً في المصدر المذكور وتحت رقم 2811 خبراً آخراً يقول فيه: وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حمّاد بن زيد، عن معمر قال: أول ما عُرف الزهري تكلّم في مجلس الوليد بن عبد الملك، فقال الوليد: أيّكم يعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي؟ فقال الزهري: بلغني أنه لم يُقلَب حجرٌ إلّا وجد تحته دم عبيط.
وروى ابن عساكر الشافعي في (تاريخ مدينة دمشق: 14 / 228، ط دار الفكر، تحقيق: شيري) خبراً يقول فيه: أخبرنا جعفر بن سليمان، قال: حدثتني خالتي أُمّ سالم، قالت: لمّا قُتل الحسين بن علي مُطرنا مطراً كالدم على البيوت والجُدُر. قال: وبلغني ذلك أنّه كان بخراسان والشام والكوفة!
وروى ابن عساكر كذلك في كتاب (ترجمة الحسين (عليه السلام): رقم 299)، قال: أخبرنا أبو يعقوب الهمداني، أنبأنا أبو الحسين بن المهتدي حيلولة، وأنبأنا أبو غالب بن البنّاء، أنبأنا أبو الغنائم بن المأمون، قالا: أنبأنا أبو القاسم بن حبابة، أنبأنا أبو القاسم البغوي، أنبأنا قطن بن نسير أبو عباد، أنبأنا جعفر بن سليمان، قال: حدثتني خالتي أُمّ سالم، قالت: لمّا قُتل الحسين بن علي مُطرنا مطراً كالدم على البيوت والجدر. قال: وبلغني أنّه كان بخراسان والشام والكوفة.
وروى المزّي في (تهذيب الكمال: 6 / 433، ط مؤسسة الرسالة، تحقيق: بشار عواد) ما نصُّه: حدثنا جعفر بن سليمان، قال: حدثتني خالتي أُمّ سالم، قالت: لمّا قُتل الحسين بن عليّ مُطرنا مطراً كالدم على البيوت والجدر. قال: وبلغني أنّه كان بخراسان والشام والكوفة.
وذكر بعده: وقال مسلم بن إبراهيم: حدثتنا أُم شوق العبدية، قالت: حدثتني نضرة الأزدية، قالت: لمّا أن قُتل الحسين بن علي مطرت السماء دماً، فأصبحتُ وكلَّ شيءٍ لنا ملآن دماً.
وذكر بعده: وقال أبو القاسم البغوي: حدثنا قطن بن نسير أبو عباد، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، قال: حدثتني خالتي أُم سالم، قالت: لمّا قُتل الحسين بن علي مُطرنا مطراً كالدم على البيوت والجدر. قال: وبلغني أنّه كان بخراسان والشام والكوفة.
وفي الصفحة الّتي تليها من نفس المصدر قال: وقال عليّ بن مسهر، عن جدّته: لمّا قُتل الحسين كنتُ جاريةً شابّة، فمكثَت السماء بضعةَ أيّامٍ بلياليهنّ كأنها علقة.
وذكر بعده: وقال عليّ بن محمّد المدائني، عن عليّ بن مدرك، عن جدّه الأسود بن قيس: إحمرّت آفاق السماء بعد قتل الحسين بستّة أشهر، نرى ذلك في آفاق السماء كأنّها الدم.
كما وروى الحافظ الذهبيّ في (سير أعلام النبلاء: 3 / 312، ط مؤسسة الرسالة) خبراً يقول فيه: المدائني، عن عليّ بن مدرك، عن جدّه الأسود بن قيس، قال: إحمرّت آفاق السماء بعد قتل الحسين ستّة أشهر تُرى كالدم.
وذكر بعده: قال هشام بن حسّان، عن محمّدٍ قال: تعلم هذه الحمرة في الأُفق ممَّ؟ هو من يوم قتل الحسين!
وذكر بعده: الفسوي، حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثتنا أُم سوق العبدية، قالت: حدثتني نضرة الأزدية، قالت: لما أن قتل الحسين مطرت السماء دماءً، فأصبحت وكلَّ شيء لنا ملآن دماً.
وذكر بعده: جعفر بن سليمان الضبعي، حدثتني خالتي قالت: لمّا قُتل الحسين مُطرنا مطراً كالدم.
وروى الطبرانيّ في (الكبير: 3 / 111، ط دار إحياء التراث العربي، نشر مكتبة ابن تيمية) قال: حدثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا منجاب بن الحارث، حدثنا عليّ بن مسهر، حدثتني جدّتي أُم حكيم، قالت: ثمّ قُتل الحسين بن عليّ وأنا يومئذٍ جويرية، فمكثَت السماءُ أياماً مثل العلقة.
قلت: هذا الحديث بتمامه يرويه الهيثميّ في (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: 9 / 196 ــ 197، ط دار الريان للتراث القاهرة)، ثم قال في ذيله: رواه الطبراني، ورجاله إلى أُمّ حكيم رجال الصحيح.
وذكر بعده: حدثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا عبد الله بن يحيى بن الربيع بن أبي راشد الكاهلي، حدثنا منصور بن أبي نويرة، عن أبي بكر بن عياش، عن جميل بن زيد، قال: ثمّ لمّا قُتل الحسين احمرّت السماء.
ورواه بموضع آخر (3 / 111) بلفظٍ آخر: حدثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا يحيى الحماني، حدثنا حمّاد بن زيد، عن هشام بن حسّان، عن محمّد بن سيرين، قال: ثمّ لم يكن في السماء حمرةٌ حتّى قتل الحسين.
وروى الطبري في (تاريخ الأُمم والملوك: 3 / 300 ط دار الكتب العلمية، و4 / 296 المحقّقة ط مؤسّسة الأعلمي بيروت) ما نصُّه: قال حُصَين: فلمّا قُتل الحسين لبثوا شهرين أو ثلاثة كأنّما تلطّخ الحوائط بالدماء ساعة تطلع الشمس حتّى ترتفع.
كما وروى ابنُ الأثير في كتاب (الكامل في التاريخ: 3 / 442) حديثاً، ورواه الدمشقي الباعوني الشافعي في (جواهر المطالب: 2 / 296)، ونصُّه: قال حصين: فلمّا قُتل الحسين لبثوا شهرين أو ثلاثة كأنّما تلطّخ الحوائط بالدماء ساعة تطلع الشمس حتّى ترتفع.
وروى أبو نعيم الأصبهاني في (معرفة الصحابة) في باب الحاء خبراً، قال فيه: حدثنا عمر بن محمّد بن حاتم، حدثنا جدّي محمّد بن عبد الله بن مرزوق، حدثنا عفّان، وحدثنا جعفر بن محمّد بن عمرو، حدثنا أبو حصين، حدثنا يحيى الحماني، قالا: حدثنا حمّاد بن زيد، حدثنا هشام، عن محمّدٍ قال: لم تُرَ هذه الحمرة في آفاق السماء حتّى قتل الحسين (رضي الله عنه).
قلت: ورواه في (حلية الأولياء: رقم 2429) بتمام ما تقدّم.
وروى الصالحي الشاميّ في (سبل الهدى والرشاد: 11 / 80) خبراً، جاء فيه: عن نضرة الأزديّة أنها قالت: لمّا قُتل الحسين (رضي الله تعالى عنه) أمطرت السماء دماً، فأصبحنا وجباهنا وجوارحنا مملوءة دماً.
وروى أيضاً: عن جعفر بن سليمان قال: حدثتني خالتي أُم سلمة، قالت: لمّا قُتل الحسين (رضي الله تعالى عنه) أُمطرنا مطراً كالدم على البيوت والجدار. قال: وبلغني أنّه كان بخراسان والشام والكوفة.
وروى السدي، عن أُمّ سلمة قالت: لمّا قُتل الحسين (رضي الله عنه) مطرنا دماً.
قلت: وروى حديث أُمّ سلمة بتمامه أحمدُ بن عبد الله الطبري في (ذخائر العقبى: 145 نسخة دار الكتب المصرية)، كما وراجع (الدرّ المنثور للسيوطي: 6 / 31 ط الفتح ــ جدّة).
هذا بالنسبة لما أنكره الخميس من مطر السماء دماً وتلطّخ الجدران بالدم، وأما قوله: ”أو ما يُرفَع حجرٌ إلّا ويوجد تحته دم ...“.
قلت:
روى إمامُ أهل الحديث ــ عند أهل العامّة ــ أبو القاسم سليمان الطبرانيّ في (المعجم الكبير: 3 / 111، ط دار إحياء التراث العربي، تحت رقم 2834) ما نصُّه: حدثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا يزيد بن مهران أبو خالد، حدثنا أسباط بن محمّد، عن أبي بكر الهذلي، عن الزهريّ قال: ثم لمّا قُتل الحسين بن عليّ (رضي الله عنه)، لم يُرفع حجرٌ ببيت المقدس إلّا وُجد دمٌ عبيط.
قلت: والدم العبيط هو الخالص الطري، كما ذكره الجوهري في (الصحاح).
وروى أيضاً في المصدر المذكور (3 / 119، تحت رقم 2856) ما نصّه: حدثنا عليّ بن عبد العزيز، حدثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي، أخبرنا هشيم، حدثنا أبو معشر، عن محمّد بن عبد الله بن سعيد بن العاص، عن الزهريّ قال: قال لي عبد الملك بن مروان: ثمّ أيّ واحدٍ أنت إن أخبرتني أيّ علامة كانت يوم قتل الحسين بن علي؟ قال: قلت: لم تُرفَع حصاةٌ ببيت المقدس إلّا وُجد تحتها دم عبيط. فقال عبد الملك: إنّي وإيّاك في هذا الحديث لَقَرينان.
قلت: ويرويه الهيثميّ في (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: 9 / 196، ط دار الريّان للتراث في القاهرة)، ويقول في ذيله: رواه الطبراني، ورجاله ثقات.
كما وروى مثيله الذهبيّ في (السير: 3 / 314، ط مؤسّسة الرسالة) ما نصّه: حمّاد بن زيد، عن معمر قال: أوّل ما عُرف الزهريّ أنه تكلّم في مجلس الوليد، فقال الوليد: أيّكم يعلم ما فعلَت أحجارُ بيت المقدس يوم قتل الحسين؟ فقال الزهري: بلغني أنّه لم يُقلَب حجرٌ إلّا وُجد تحته دمٌ عبيط.
وروى ابن حجر نصّاً في (تهذيب التهذيب: 2 / 305، ط دار الفكر)، وفيه: وقال يعقوب بن سفيان: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن معمر قال: أوّل ما عُرف الزهريّ تكلّم في مجلس الوليد بن عبد الملك، فقال الوليد: أيّكم يعلم ما فعلَت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي؟ فقال الزهري: بلغني أنّه لم يُقلب حجرٌ إلّا وجد تحته دم عبيط.
وروى المزي في (تهذيب الكمال: 6 / 434، ط مؤسسة الرسالة، تحقيق: بشار عواد) خبراً، قال فيه: أُمّ حيّان قالت: يوم قتل الحسين اظلمّت علينا ثلاثاً، ولم يمسّ أحدٌ من زعفرانهم شيئاً فجعله على وجهه إلّا احترق، ولم يُقلَب حجرٌ ببيت المقدس إلّا أُصيب تحته دمٌ عبيط.
وروى المزّي بعد ذاك الحديث حديثاً آخرَ في المصدر المذكور (434 ــ 435)، قال فيه: وقال يعقوب بن سفيان الفارسي: حدثني أيّوب بن محمّد الرقّي، قال: حدثنا سلام بن سليمان الثقفي، عن زيد بن عمرو الكندي، قال: حدثتني أُمّ حيان، قالت: يوم قتل الحسين اظلمّت علينا ثلاثاً، ولم يمسّ أحدٌ من زعفرانهم شيئاً فجعله على وجهه إلّا احترق، ولم يُقلَب حجرٌ ببيت المقدس إلّا أُصيب تحته دمٌ عبيط.
وروى ابن عساكر في (تاريخ مدينة دمشق: 14 / 229، ط دار الفكر، تحقيق: علي شيري) حديثَ أم حيان، حيث يقول: وقال أيضاً: حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا حمّاد بن زيد، عن معمر قال: أول ما عرف الزهري تكلّم في مجلس الوليد بن عبد الملك، فقال الوليد: أيكم يعلم ما فعلَت أحجارُ بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي؟ فقال الزهري: بلغني أنّه لم يُقلَب حجرٌ إلّا وُجد تحته دمٌ عبيط.
ورواه ابن سعد في (الطبقات الكبرى ــ في القسم المتمّم ــ: 1 / 163، ط مكتبة العلوم والحكم، تحقيق: زياد محمّد منصور)، ونصّه: أخبرنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا حمّاد بن زيد، عن معمر قال: أول ما عرف الزهريّ أنه كان في مجلس عبد الملك بن مروان، فسألهم عبد الملك، فقال: مَن منكم يعلم ما صنعَت أحجارُ بيت المقدس يوم قتل الحسين؟ قال: فلم يكن لأحدٍ منهم من ذلك علم، فقال الزهري: بلغني أنّه لم يُقلَب منها يومئذٍ حجرٌ إلّا وُجد تحته دمٌ عبيط. قال: فعُرف من يومئذ.
وروى ابن عساكر في (تاريخ مدينة دمشق: 14 / 130، ط دار الفكر، تحقيق: علي شيري)، حيث قال: أرسل عبد الملك إلى ابن رأس الجالوت، فقال: هل كان في قتل الحسين علامة؟ قال ابن رأس الجالوت: ما كُشف يومئذٍ حجرٌ إلّا وُجد تحته دمٌ عبيط.
وروى الطبرانيّ في (المعجم الكبير: 3 / 111، ط دار إحياء التراث العربي بيروت، نشر مكتبة ابن تيميّة، تحت رقم 2835) ما نصه: حدثنا زكريا بن يحيى الساجي، حدثنا محمّد بن المثنّى، حدثنا الضحّاك بن مخلد، عن ابن جريج، عن ابن شهاب، ثم قال: ما رُفع بالشام حجرٌ يوم قتل الحسين بن علي إلّا عن دم (رضي الله عنه).
قلت: وهذا الأثر بتمامه يرويه الهيثمي في (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: 9 / 196، ط دار الريان للتراث في القاهرة)، ثم علّق عليه وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.
ورواه الحافظ محمّد بن يوسف الصالحي الشامي، محتجّاً به في (سبل الهدى والرشاد: 11 / 80، ط دار الكتب العلميّة ببيروت، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود).
ورواه ابن عساكر في كتابه (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام): 363، ط مجمع إحياء الثقافة الإسلامية).
ورواه أبو نعيم في (معرفة الصحابة: في حرف الحاء، تحت رقم 1683)، حيث قال: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا زكريا الساجي، حدثنا محمّد بن المثنّى، حدثنا الضحّاك بن مخلد، عن ابن جريج، عن ابن شهاب قال: ما رُفع بالشام حجرٌ يوم قتل الحسين إلّا عن دم.
روى المزّي في (تهذيب الكمال: 6 / 434، ط مؤسّسة الرسالة، تحقيق: بشار عواد)، قال: حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن معمر قال: أول ما عُرف الزهريّ تكلّم في مجلس الوليد بن عبد الملك، فقال الوليد: أيّكم يعلم ما فعلَت أحجارُ بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي؟ فقال الزهري: بلغني أنه لم يُقلب حجرٌ إلّا وُجد تحته دمٌ عبيط.
وذكر أيضاً: وقال عثمان بن محمّد بن أبي شيبة: حدثني أبي، عن جدّي، عن عيسى بن الحارث الكندي، قال: لمّا قُتل الحسين مكثنا سبعة أيامٍ إذا صلّينا فنظرنا إلى الشمس على أطراف الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة، ونظرنا إلى الكواكب يضرب بعضُها بعضاً.
وروى الطبراني في (المعجم الكبير: 3 / 111، ط دار احياء التراث العربي ببيروت، نشر مكتبة ابن تيميّة) خبراً، قال فيه: حدثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثني أبي، عن جدّي، عن عيسى بن الحارث سنان، قال: ثمّ لمّا قتل الحسين (رضي الله عنه) مكثنا سبعة أيامٍ إذا صلّينا العصر نظرنا إلى الشمس على أطراف الحيطان كأنّها الملاحف المعصفرة، ونظرنا إلى الكواكب يضرب بعضُها بعضاً.
وروى ابن عساكر في (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام): 362) قال: أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل، أنبأنا أحمد بن الحسين حيلولة، وأخبرنا أبو محمّد السلمي، أنبأنا أبو بكر الخطيب حيلولة، وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا محمّد بن هبة الله، قالوا: أنبأنا محمّد بن الحسين، أنبأنا عبد الله بن جعفر، أنبأنا يعقوب، حدثني أيّوب بن محمّد الرقّي، أنبأنا سلام بن سليمان الثقفي، عن زيد بن عمرو الكندي، قال: حدثتني أُمّ حيان، قالت: يوم قتل الحسين اظلمّت علينا ثلاثاً، ولم يمسّ أحدٌ من زعفرانهم شيئاً فجعله على وجهه إلّا احترق، ولم يُقلَب حجرٌ ببيت المقدس إلّا أصبح تحته دمٌ عبيط.
ثم قال: أخبرنا أبو بكر الشاهد، أنبأنا الحسن بن عليّ الجوهري، أنبأنا أبو عمر الخزاز، أنبأنا أبو الحسن الخشّاب، أنبأنا الحسين بن الفهم، أنبأنا محمّد بن سعد، أنبأنا محمّد بن عمر، [قال:] حدّثني عمر بن محمّد بن عمر بن علي، عن أبيه قال: أرسل عبدُ الملك إلى ابن رأس الجالوت، فقال: هل كان في قتل الحسين علامة؟ قال ابن رأس الجالوت: ما كُشف يومئذٍ حجرٌ إلّا وُجد تحته دمٌ عبيط.
هذا يكفي في إثبات ما أنكره المتشيّخ الخميس من رفع الأحجار ووجود الدم تحتها.
وأما قوله: ”أو ما يذبحون جزوراً إلّا صار كلّه دماً ...“.
أقول:
روى الطبرانيّ في (المعجم الكبير: 3 / 121، الطبعة السالفة الذكر) خبراً، قال فيه: حدثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي، حدثنا أبو غسان، حدثنا أبو نمير عمّ الحسن بن شعيب، عن أبي حميد الطحّان، قال: ثمّ كنتُ في خزاعة، فجاؤوا بشيءٍ من تركة الحسين، فقيل لهم: ننحر أو نبيع فنقسّم؟ قال: انحروا. قال: والحاصل على جفنة، فلمّا وُضعت فارت ناراً.
وروى في الخبر الذي يليه نصاً فيه: حدثنا زكريا بن يحيى الساجي، حدثنا إسماعيل بن موسى السدي، حدثنا ذويد الجعفي، عن أبيه قال: ثمّ لمّا قُتل الحسين (رضي الله عنه) انتُهب جزورٌ مِن عسكره، فلمّا طُبخت إذا هي دم، فأكفؤوها.
قلت: رواه الهيثمي في (مجمع الزوائد: 9 / 196، في الطبعة المذكورة)، ثم علّق عليه: رواه الطبراني، ورجاله ثقات.
وفي الصفحة الّتي تليها عند الطبراني في المصدر المذكور، قال: وقال محمّد بن عبد الله الحضرمي: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي، قال: حدثنا أبو غسان، قال: حدثنا أبو نمير عمّ الحسن بن شعيب، عن أبي حميد الطحان، قال: كنتُ في خزاعة، فجاؤوا بشيءٍ مِن تَرِكة الحسين، فقيل لهم: ننحر أو نبيع فنقسّم؟ قالوا: انحروا. قال: فجُعل على جفنة، فلمّا وُضعت فارت ناراً.
وذكر بعده: وقال حمّاد بن زيد، عن جميل بن مرّة: أصابوا إبلاً في عسكر الحسين يوم قُتل، فنحروها وطبخوها. قال: فصارت مثل العلقم، فما استطاعوا أن يسيغوا منها شيئاً.
وروى المزي في (تهذيب الكمال: 6 / 434، في الطبعة المذكورة) ما نصُّه: وقال عباس بن محمّد الدوري، عن يحيى بن معين: حدثنا جرير، عن يزيد بن أبي زياد، قال: قُتل الحسين ولي أربع عشرة سنة، وصار الورس الذي كان في عسكرهم رماداً، واحمرّت آفاق السماء، ونحروا ناقةً في عسكرهم، فكانوا يرَون في لحمها النيران.
وروى بعده قائلاً: وقال أبو بكر الحميدي، عن سفيان بن عُيَينة، عن جدّته أُمّ أبيه: لقد رأيتُ الورس عاد رماداً، ولقد رأيتُ اللّحم كأنّ فيه النار حين قُتل الحسين.
وروى أبو نعيم الأصبهاني في كتاب (معرفة الصحابة: في باب الحاء، تحت رقم 1682)، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا زكريا الساجي، حدثنا إسماعيل السدي، حدثنا زويد الجعفي، عن أبيه قال: لمّا قُتل الحسين انتُهب من عسكره جَزور, فلمّا طُبخت إذا هي دم، فأكفؤوها.
وراجع كتاب (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) لابن عساكر الشافعي)، حيث يقول: عن يزيد بن أبي زياد، قال: قُتل الحسين ولي أربعة عشر سنة، [وقال:] وصار الورس الّذي كان في عسكرهم رماداً، واحمرّت آفاق السماء، ونحروا ناقةً [له] في عسكرهم، فكانوا يرون في لحمها النيران.
وعن سفيان، حدّثتني جدّتي قالت: لقد رأيتُ الورس عاد رماداً، ولقد رأيتُ اللّحم كأنّ فيه النار حين قُتل الحسين.
وعن عقبة بن أبي حفصة السلولي، عن أبيه قال: إنّه كان الورس من ورس الحسين، يقال به هكذا فيصير رماداً.
وعن أبي حميد الطحّان قال: كنت في خزاعة، فجاؤوا بشيءٍ من تركة الحسين، فقيل لهم ننحر أو نبيع فنقسّم؟ قالوا: انحروا. قال: [فنحر] فجعل على جفنة، فلمّا وُضعت فارت ناراً.
وعن جميل بن مرّة قال: أصابوا إبلاً في عسكر الحسين يوم قُتل، فنحروها وطبخوها. قال: فصارت مثل العلقم، فما استطاعوا أن يسيغوا منها شيئاً.
قلت: والورس هو فحل الإبل (راجع: لسان العرب: 14 / 321).
وأخيراً أقول: أبَعد كلّ ما تقدم، ماذا يمكنك أيّها القارئ الكريم أن تقول في عثمان الخميس عندما تقرأ عبارته هذه: ”فهذه كلّها من أكاذيب وترّهات الشيعة، وليس لها سندٌ صحيحٌ ولا حتّى ضعيف، وإنّما هي أكاذيب تُذكر لإثارة العواطف“؟!