great-boy2007
12-11-2007, 06:25 AM
يُعتبر شيخنا العلامة الجليل الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، أحد علماء العصر الكبار، ومن الورعين الزاهدين، ويتميز فضيلته -حفظه الله- باحتكاكه الكبير بالشباب، ومتابعته لأهم أحداث الساعة، وممن كانت له وقفات مشرفة في نصرة الأمة الإسلامية عموما، وخدمة قضايا الوطن خصوصا. وأنا ممن أنست واستفدت من حضور عدد من دروسه ودوراته، والجلوس معه بشكل خاص، وقد طرحت على فضيلته عددا من القضايا الساخنة التي أستلهم فيها من رأيه ما يفيد وينفع بتوفيق الله.
ومع علمه الواسع، وصلاحه الظاهر-ولا نزكيه على الله- إلا أنه بشر يُصيب ويُخطئ، وقد يتصور المسألة أو الحدث من خلال سماعه لأقوال تلاميذه ومحبيه، ومن خلال تأمله وحكمه على ما يشاهد ويتابع من أخبار، ومن ثمَّ يُسقط الحكم الشرعي بناء على ذلك.
وعن حقيقة فتواه الأخيرة -حفظه الله- في شأن عدم الدعاء لحزب الله، وعدم مناصرتهم، فقد أخبرني ابنه د/عبد الرحمن أن هذه الفتوى الصادرة عن الشيخ كانت قديمة لسؤال قديم عُرض عليه بتاريخ 7/2/1423هـ، وأنها من نشر طلبته، دون علم الشيخ، وأنه بصدد كتابة فتوى أخرى.
وعلى العموم فإن ما كان في الفتوى القديمة وما يجري حاليا يستدعي الإيضاح لحقيقة ما يجري، ومراجعة الاستنباط الذي قد تُبنى عليه الفتاوى والأحكام.
وفيما يلي بيان لحقيقة حزب الله، وحقيقة المعركة الدامية في لبنان، وبيان آراء علماء ودعاة السنة في لبنان العارفين بحقيقة حزب الله أكثر من غيرهم، والعلاقات القائمة بينهم، والدور الذي يقوم به حزب الله في المنطقة.
حقيقة حزب الله
يعتبر حزب الله أحد الأحزاب الشيعية المتمكنة في لبنان، ويمثل مع أهل السنة ثلثي الشعب، والثلث الآخر من طوائف مختلفة، وينقسم حزب الله إلى ثلاثة أقسام:
1- القسم الأول: وهو قسم ينتمي لإيران سياسيا واعتقاديا لا تخطيطيا (100%)، وهذا القسم يؤمن ببعض معتقدات الشيعة ويخالف في بعضها، ويتبع لهم من ناحية الأصل، ولا ينفذ سياسة إيران في المنقطة جملة وتفصيلا، بل له مراجعة حول بعض الأفكار العقدية للشيعة، ومن هؤلاء المرجع المفكر السيد: محمد حسين فضل الله.
وهذا القسم مؤمن تمام الإيمان بالفكر الشيعي، ويدافع عنه لآخر لحظة، ويوالي (إيران) في المبدأ العام للشيعة من طرف، وكسياسة لبقائه من طرف آخر.
ولهذا القسم تمكنه في المجلس التنفيذي ومجلس الشورى ومجلس الأمناء الشيعي اللبناني.
2- القسم الثاني: وهو قسم مطيع لإيران وخادم لأفكارها، ومندوب تسويقي لكل أهدافها العقدية والاستيلائية في المنطقة، وله نفوذه القوي في المجالس الثلاثة لحزب الله اللبناني، ولكنه غير منفصل عن قرارات قيادات حزب الله في لبنان، والتي تتخذ أجندة عملية مختلفة نوعا ما عن غيرها.
3- القسم الثالث: وهو قسم التجار اللبنانيين الكبار، ويعتبر الممول الأول للحزب، حيث يقوم هذا القسم باستيراد السجاد الفاخر من إيران (بالدرجة الأولى) وبيعه في السوق العالمي، وهؤلاء التجار الكبار، همهم الحفاظ على الفكر الشيعي، وكذلك النفوذ في السلطة، ولذلك يشترطون حاليا دخول أبنائهم في المجالس الشيعة اللبنانية لضمان بقائهم، ومشاركتهم السياسية في السلطة، وهذا من أهم أهدافهم.
وهذه التركيبة الشيعة اللبنانية توضِّح أنهم ليسوا على منهج وهدف واحد، فمنهم المغالي جدا، ومنهم المحافظ، ومنهم المستنفع!.
كما أن هذه التركيبة تؤيد المشروع الشيعي في المنطقة العربية على وجه الخصوص، وإن كان بعض هذه التركيبة كما أسلفنا قد يُخالف فيها المرجع.
نظرة علماء ودعاة السنة في لبنان عن شيعة حزب الله
لا بد من ذكر أن علماء ودعاة السنة في لبنان هم السباقون في المقاومة ضد الأعداء منذ عام 1982م، ثم تلاهم الشيعة من بعد.
وأهل السنة في لبنان في صميم المعركة اليوم ضد اليهود وحلفائهم، ولكن الإعلام السني لم يخدمهم!، وعلماء ودعاة السنة يفرقون بين المعركة الموجهة من العدو لخلخلة الصف اللبناني، وتقويض بنيانه، وتحويله لمستعمرة غربية علمانية، وبين الحذر من المشروع الشيعي الذي يتخذ خطوات مختلفة على الأصعدة الخاصة ثم العامة بعدئذ.
وقد بدأ التنسيق بين علماء السنة ومراجع الشيعة بشكل فعَّال ومستمر منذ عام 1992م وحتى هذه اللحظة.
وهذا التنسيق المهم يهدف إلى الوحدة أمام العدو اليهودي وحلفائه، وأمام نشر العلمنة في لبنان، وتخفيف الهوة بين الطرفين في بعض الجوانب.
وهذا التنسيق لا يُسقط الخلاف الجوهري بين أهل السنة والشيعة من ناحية المعتقد، ومن ناحية بسط الفكر الشيعي.
وعلى العموم فإن كلا من السنة والشيعة في لبنان يتنافسون في كل الأصعدة، كما ينسقون في مجالات مختلفة كمجالس النقابات وغيرها. والأمر منذ نشأة الحزب لم يصل إلى نقاط مواجهة أبدا.
وخلاصة ما يراه أهل السنة في لبنان من العلماء والدعاة في الموقف الحالي هو:
وجوب التلاحم والتناصر والتعاضد أمام العدوان اليهودي والأمريكي في لبنان، وأن المعركة حقيقية، وهي معركة صراع وتصفية للشيعة ولأهل السنة سواء، لأنهم الآن في خندق واحد، ومقاومة واحدة، بل إن أهل السنة هم في مقدمة حركة المقاومة منذ 1982م إلى اليوم.
بل إن حقائق التاريخ تثبت أن حزب الله كان مع السُنة عام 1985م عندما تواطأت (حركة أمل) مع سوريا ضد المخيمات الفلسطينية السنية، وقتل عدد منهم على بوابات المخيمات. وهذه حقيقة تاريخية تُرصد في معرفة واقع حزب الله في لبنان. (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا)
وبالنسبة لواقع اليوم فإن هناك أكثر من (70.000) سبعين ألف سني في الجنوب منهم من يقاتل في المعركة ضد اليهود، ويدافعون عن أراضيهم وأهليهم، وقد هُجّر منهم (1000) أسرة، وهم في صف واحد مع المقاومة الشيعية ضد اليهود وحلفائهم.
ومع هذا فإن علماء ودعاة السنة في لبنان يطالبون بدخول علماء المسلمين الفعلي في تحريك الشعوب للمناصرة المالية، ودعم المقاومة الجهادية السنية، حتى يتحقق توازن المعركة، ويكون لأهل السنة دور في مساعدة إخوانهم السنة هناك.
ولذلك يرى علماء ودعاة السنة في لبنان عدم جواز التفريق بين مسلم ومسلم في هذه المعركة لوضوح غاياتها، ولاشتراك الجميع في الهدف.
تعقيب على رأي علماء ودعاة السنة في لبنان
بعد تتبع آراء وفتاوى وبيانات علماء ودعاة السنة في لبنان، وبعد الاتصال والالتقاء بجملة منهم، ظهر لي أنهم يقررون وجوب نصر ودعم وتأييد المقاومة المتفق عليها في هذه المعركة بين السنة والشيعة، وعدم التفريق الحالي بينهم، لأن الرأي والفتوى اليوم هي من علماء ودعاة البلد هناك، العالمين بالحكم الشرعي، العارفين بحقيقة الواقعة، المدركين لأبعاد المقاومة.
وبالتالي، فإنه من الواجب مناقشة علماء ودعاة السنة المشهود لهم في لبنان، والذين كان يتخذهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- كمندوبين له هناك، من المعروفين بصحة المعتقد، وسلامة المنهج، والحرص على نفع الإسلام والمسلمين، والأخذ بآرائهم وتوجيهاتهم، فمنهم العلماء المعرفون، والدعاة الموثوقون، والمقاومون المجاهدون. مع فتح الأعين والحذر مما يمكن أن يفعله حزب الله من أعمال بعدئذ، وهم أوعى وأعلم وهذه هي قناعاتهم في المنطقة.
مناصرة لبنان أمر شرعي أم موقف سياسي؟!
إنَّ من المهم توضيحه أن الشيعة ليسوا كلهم كفرة!، بل إن جملتهم من المسلمين الذين هم من أهل القبلة، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع فتاواه، وينصُّ على الزواج منهم، واعتبر -رحمه الله- أن من سب منهم الصحابة في عداد المبتدعة الضُّلال، ولم يُجز -رحمه الله- الحكم على كل الطائفة.
والكفار من الشيعة هم من سبّ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها متهما إياها بالزنا، فكذَّب بذلك صريح القرآن، أو نفى ما نفاه الله عن أصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم في كتابه، أو من انطبقت عليه شروط التكفير فكفِّر بعينه.
وقد قال ابن تيمية -رحمه الله- في شأن الدعاء للمؤمنين وأنه يشمل الثنتين والسبعين فرقة:-
".. وإذا قال المؤمن: ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، يقصد كل من سبقه من قرون الأمة بالإيمان، وإن كان قد أخطأ في تأويل تأوله فخالف السنة، أو أذنب ذنبا، فإنه من إخوانه الذين سبقوه بالإيمان، فيدخل في العموم، وإن كان من الاثنتين والسبعين فرقة، فإنه ما من فرقة إلا وفيها خلق كثير ليسوا كفارا، بل مؤمنون فيهم ضلال وذنب يستحقون به الوعيد كما يستحقه عصاة المؤمنين" (منهاج السنة 5/240).
وقال رحمه الله: " وكذلك سائر الاثنتين والسبعين فرقة. من كان منهم منافقا فهو كافر في الباطن، ومن لم يكن منافقا بل كان مؤمنا بالله ورسوله في الباطن، لم يكن كافرا في الباطن، وإن أخطأ في التأويل كائنا ما كان خطؤه.. ومن قال: إن الاثنتين والسبعين فرقة كل واحد منهم يكفر كفرا ينقل من الملة فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. بل وإجماع الأئمة الأربعة وغير الأربعة، فليس فيهم من كفَّر كل واحد من الاثنتين والسبعين فرقة" (الفتاوى 7/218).
وبالتالي فإطلاق الحكم على الشيعة وحزب الله بأنهم كفار لا يصح، وتعميم إسلامهم بدون استثناء لا يصح، وإنما الكفر يلحق بمن ذكرنا آنفا فقط. بل يؤكد عدد من علماء ودعاة السنة في لبنان أن بعض المراجع والأتباع الشيعة يخالفون المرجع الشيعي في إيران في مسألة سبّ الصحابة كاعتقاد لا مسألة تقية، مع بقاء ولائهم لهم كشيء طبيعي.
وعليه، فإن أهل السنة والجماعة في لبنان يرون وجوب مناصرة المقاومة والدعاء للمجاهدين جميعا لأن منهم الشيعة من أهل القبلة، ومنهم السنة من أهل الجنوب، الذين يقاتلون في خندق واحد، وإن مناصرتهم من أهم حقوق المسلمين بعضهم لبعض.
وبالتالي، لا يجوز خذلانهم، أو القفز على واقعهم الحالي، وإغفال فتوى ورأي علماء ودعاة أهل السنة والجماعة في لبنان.
كما يقررون التعامل بحذر مع عموم الشيعة كشيء طبيعي، وأنهم أعلم وأوعى بالقضية من غيرهم في لبنان.
الموقف من المد الشيعي
لا شك أن للشيعة أطماعهم المعروفة في المنطقة، ومشروعهم الخبيث لتشييع بلاد الخليج خصوصا، وبقية الأمة العربية عموما، أصبح واضح المعالم. ويعتبر شيعة (إيران) في الخط الأول لدفع هذا المشروع خطوات وخطوات.
وقد قابلت الشيخ حارث الضاري رئيس هيئة علماء المسلمين في تركيا أثناء اجتماع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في أول شهر جمادى الآخر لهذا العام، لمعرفة حقيقة الخطة الإجرامية الشيعية الحوزية الإيرانية، فذكر ما يدمي القلب، ويدمع العين، من تهجير لآلاف الأسر، وقتل متعمد لأكثر من مئة ألف سني، منهم علماء ودعاة وأئمة مساجد، وعوائل سنية كثيرة، إضافة إلى هدم أكثر من ألف مسجد للسنة!، وهذا المخطط الشيعي لإبادة أهل السنة هو مخطط إيراني، بدعم وتأييد ومواطأة أمريكية صهيوصليبية.
وهناك في لبنان من شيعة حزب الله من يؤيد هذه الأعمال جملة وتفصيلا، ومنهم من يرفض هذه الأعمال جملة وتفصيلا، وعلماء لبنان أدرى بشعاب السياسة!، فإذا كان من أهل السنة من يقتل مسالمي الشيعة في العراق، فهناك من الشيعة من يقاتل مسالمي السنة.
ونحن ننكر على الطائفتين أصل هذا العمل، وإن كنا ندرك أن الشيعة هم حملة هذا الإجرام بشكل أوسع وأكثر تنظيما.
ومع قلة العلماء العقلاء في الشيعة إلا أنه يمكن استثمار مواقفهم للذب عن السنة، والوقوف لحقن الدماء.
والنتيجة هي: إن على أهل السنة جميعا حكاما ومحكومين علماء ودعاة وعامة، الحذر من المشروع الشيعي والوقوف ضده، والتحذير منه، ورسم الخطط وتمويل المشاريع لنصرة السنة، مع إحكام العقل، وإدراك الواقع، واستشارة علماء ودعاة وعامة المسلمين تجاه نصرة قضيتهم في زمن الأحداث.
وفيما يلي خلاصة لما يطالبون به، من خلال السماع منهم مباشرة، وتتبع لآرائهم وفتاواهم وبياناتهم، والتي تتلخص في التالي:
دور الحكّام المسلمين
أولا: يجب عليهم أن يدركوا أن المعركتين الحاليتين في العراق ولبنان، هي معركة مخطط لها من قبل أمريكا وحلفائها. أما عن العراق فالأمر معلوم لدى الحكام دون أي تلبيس، وكانت هناك نداءات عاقلة قبل بداية المعركة لعدم الحرب في العراق ولكن دون جدوى!.
وأما عن لبنان فيكفي أن نقول إن السيد (لحود) رئيس الحكومة اللبنانية نفسه، قد أظهر بوضوح أن هذه المعركة مُخطط لها مسبقا، ومُعدّ لأوراقها وأجندتها من قبل، وأن التنفيذ ليس بانتظار إشارة حزب الله!، كما أنهم لم يفكروا يوما في الرأي العام!
وهو نفس رأي عدد من الحكام ممن صرّح بهذا علنا، وهو رأي علماء ودعاة وقادة المسلمين المقاومين في لبنان وفلسطين، وعلى رأسهم الأستاذ: خالد مشعل.
ثانيا: وجوب مناصرة المسلمين عموما، والوقوف ضد عدوهم المشترك، وتأييد المقاومة السنية الواضحة، كما فعلوا أيام الغزو الشيعي على أفغانستان. فهم أعلم بوجود أهل السنة، وهم على دراية تامة بحقيقة مقاصدهم لنفع الأمة، لا للاستنفاع.
ثالثا: دعم علماء ودعاة السنة بالمال والتأييد، ونشر المنهج السني، ودعم المشاريع المختلفة لاستقرار وبسط هذا المنهج الصالح والمصلح للعباد.
وآن الأوان للالتقاء بالعلماء والدعاة، وسماع ورؤية واقع المشاريع الشيعية المخطط لها في المنطقة.
ولو تم ترشيح عدد من العلماء من قبل رابطة العالم الإسلامي، أو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، واختيار ثلاث دول على سبيل المثال لا الحصر، كالعراق ولبنان واليمن. لأدركوا الفجيعة. ولو سمح المجال لتم نشر مخططاتهم المدروسة ومشاريعهم الممولة لتشييع المنطقة وبأموال ضخمة!
والأمل كبير جدا جدا في دول الخليج -وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية المساندة لقضايا المسلمين، والراعية للعلماء والدعاة المضطهدين في بلادهم- أن تدعم مشاريع أهل السنة ضد المخطط الشيعي.
رابعا: الضغط على الحكومات المساندة للإجرام والصلف اليهودي، الذي ثبت عواره عند أدنى من له مسحة عقل في حق الفيتو الأمريكي الذي أجهض مشروع وقف النار في غزة في مجلس الأمن، وحليفتها بريطانيا التي اعترضت على الضغط لإيقاف الحرب في لبنان، فبالله بمن يثقون؟ وإلى من سيوجهون قضايا أمتهم لتحل بعدما عاينوا الحقيقة؟ وصدق من قال:في كلِّ محكمةٍ قضيةُ مسلمٍ يشكو بليَّته لغيرِ المسلمِ
واخيراا اطلب ارئكم في هذا الموضوع بكل صراحة
علمااا بان اختلاف اري لا يفسد القضية
ومع علمه الواسع، وصلاحه الظاهر-ولا نزكيه على الله- إلا أنه بشر يُصيب ويُخطئ، وقد يتصور المسألة أو الحدث من خلال سماعه لأقوال تلاميذه ومحبيه، ومن خلال تأمله وحكمه على ما يشاهد ويتابع من أخبار، ومن ثمَّ يُسقط الحكم الشرعي بناء على ذلك.
وعن حقيقة فتواه الأخيرة -حفظه الله- في شأن عدم الدعاء لحزب الله، وعدم مناصرتهم، فقد أخبرني ابنه د/عبد الرحمن أن هذه الفتوى الصادرة عن الشيخ كانت قديمة لسؤال قديم عُرض عليه بتاريخ 7/2/1423هـ، وأنها من نشر طلبته، دون علم الشيخ، وأنه بصدد كتابة فتوى أخرى.
وعلى العموم فإن ما كان في الفتوى القديمة وما يجري حاليا يستدعي الإيضاح لحقيقة ما يجري، ومراجعة الاستنباط الذي قد تُبنى عليه الفتاوى والأحكام.
وفيما يلي بيان لحقيقة حزب الله، وحقيقة المعركة الدامية في لبنان، وبيان آراء علماء ودعاة السنة في لبنان العارفين بحقيقة حزب الله أكثر من غيرهم، والعلاقات القائمة بينهم، والدور الذي يقوم به حزب الله في المنطقة.
حقيقة حزب الله
يعتبر حزب الله أحد الأحزاب الشيعية المتمكنة في لبنان، ويمثل مع أهل السنة ثلثي الشعب، والثلث الآخر من طوائف مختلفة، وينقسم حزب الله إلى ثلاثة أقسام:
1- القسم الأول: وهو قسم ينتمي لإيران سياسيا واعتقاديا لا تخطيطيا (100%)، وهذا القسم يؤمن ببعض معتقدات الشيعة ويخالف في بعضها، ويتبع لهم من ناحية الأصل، ولا ينفذ سياسة إيران في المنقطة جملة وتفصيلا، بل له مراجعة حول بعض الأفكار العقدية للشيعة، ومن هؤلاء المرجع المفكر السيد: محمد حسين فضل الله.
وهذا القسم مؤمن تمام الإيمان بالفكر الشيعي، ويدافع عنه لآخر لحظة، ويوالي (إيران) في المبدأ العام للشيعة من طرف، وكسياسة لبقائه من طرف آخر.
ولهذا القسم تمكنه في المجلس التنفيذي ومجلس الشورى ومجلس الأمناء الشيعي اللبناني.
2- القسم الثاني: وهو قسم مطيع لإيران وخادم لأفكارها، ومندوب تسويقي لكل أهدافها العقدية والاستيلائية في المنطقة، وله نفوذه القوي في المجالس الثلاثة لحزب الله اللبناني، ولكنه غير منفصل عن قرارات قيادات حزب الله في لبنان، والتي تتخذ أجندة عملية مختلفة نوعا ما عن غيرها.
3- القسم الثالث: وهو قسم التجار اللبنانيين الكبار، ويعتبر الممول الأول للحزب، حيث يقوم هذا القسم باستيراد السجاد الفاخر من إيران (بالدرجة الأولى) وبيعه في السوق العالمي، وهؤلاء التجار الكبار، همهم الحفاظ على الفكر الشيعي، وكذلك النفوذ في السلطة، ولذلك يشترطون حاليا دخول أبنائهم في المجالس الشيعة اللبنانية لضمان بقائهم، ومشاركتهم السياسية في السلطة، وهذا من أهم أهدافهم.
وهذه التركيبة الشيعة اللبنانية توضِّح أنهم ليسوا على منهج وهدف واحد، فمنهم المغالي جدا، ومنهم المحافظ، ومنهم المستنفع!.
كما أن هذه التركيبة تؤيد المشروع الشيعي في المنطقة العربية على وجه الخصوص، وإن كان بعض هذه التركيبة كما أسلفنا قد يُخالف فيها المرجع.
نظرة علماء ودعاة السنة في لبنان عن شيعة حزب الله
لا بد من ذكر أن علماء ودعاة السنة في لبنان هم السباقون في المقاومة ضد الأعداء منذ عام 1982م، ثم تلاهم الشيعة من بعد.
وأهل السنة في لبنان في صميم المعركة اليوم ضد اليهود وحلفائهم، ولكن الإعلام السني لم يخدمهم!، وعلماء ودعاة السنة يفرقون بين المعركة الموجهة من العدو لخلخلة الصف اللبناني، وتقويض بنيانه، وتحويله لمستعمرة غربية علمانية، وبين الحذر من المشروع الشيعي الذي يتخذ خطوات مختلفة على الأصعدة الخاصة ثم العامة بعدئذ.
وقد بدأ التنسيق بين علماء السنة ومراجع الشيعة بشكل فعَّال ومستمر منذ عام 1992م وحتى هذه اللحظة.
وهذا التنسيق المهم يهدف إلى الوحدة أمام العدو اليهودي وحلفائه، وأمام نشر العلمنة في لبنان، وتخفيف الهوة بين الطرفين في بعض الجوانب.
وهذا التنسيق لا يُسقط الخلاف الجوهري بين أهل السنة والشيعة من ناحية المعتقد، ومن ناحية بسط الفكر الشيعي.
وعلى العموم فإن كلا من السنة والشيعة في لبنان يتنافسون في كل الأصعدة، كما ينسقون في مجالات مختلفة كمجالس النقابات وغيرها. والأمر منذ نشأة الحزب لم يصل إلى نقاط مواجهة أبدا.
وخلاصة ما يراه أهل السنة في لبنان من العلماء والدعاة في الموقف الحالي هو:
وجوب التلاحم والتناصر والتعاضد أمام العدوان اليهودي والأمريكي في لبنان، وأن المعركة حقيقية، وهي معركة صراع وتصفية للشيعة ولأهل السنة سواء، لأنهم الآن في خندق واحد، ومقاومة واحدة، بل إن أهل السنة هم في مقدمة حركة المقاومة منذ 1982م إلى اليوم.
بل إن حقائق التاريخ تثبت أن حزب الله كان مع السُنة عام 1985م عندما تواطأت (حركة أمل) مع سوريا ضد المخيمات الفلسطينية السنية، وقتل عدد منهم على بوابات المخيمات. وهذه حقيقة تاريخية تُرصد في معرفة واقع حزب الله في لبنان. (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا)
وبالنسبة لواقع اليوم فإن هناك أكثر من (70.000) سبعين ألف سني في الجنوب منهم من يقاتل في المعركة ضد اليهود، ويدافعون عن أراضيهم وأهليهم، وقد هُجّر منهم (1000) أسرة، وهم في صف واحد مع المقاومة الشيعية ضد اليهود وحلفائهم.
ومع هذا فإن علماء ودعاة السنة في لبنان يطالبون بدخول علماء المسلمين الفعلي في تحريك الشعوب للمناصرة المالية، ودعم المقاومة الجهادية السنية، حتى يتحقق توازن المعركة، ويكون لأهل السنة دور في مساعدة إخوانهم السنة هناك.
ولذلك يرى علماء ودعاة السنة في لبنان عدم جواز التفريق بين مسلم ومسلم في هذه المعركة لوضوح غاياتها، ولاشتراك الجميع في الهدف.
تعقيب على رأي علماء ودعاة السنة في لبنان
بعد تتبع آراء وفتاوى وبيانات علماء ودعاة السنة في لبنان، وبعد الاتصال والالتقاء بجملة منهم، ظهر لي أنهم يقررون وجوب نصر ودعم وتأييد المقاومة المتفق عليها في هذه المعركة بين السنة والشيعة، وعدم التفريق الحالي بينهم، لأن الرأي والفتوى اليوم هي من علماء ودعاة البلد هناك، العالمين بالحكم الشرعي، العارفين بحقيقة الواقعة، المدركين لأبعاد المقاومة.
وبالتالي، فإنه من الواجب مناقشة علماء ودعاة السنة المشهود لهم في لبنان، والذين كان يتخذهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- كمندوبين له هناك، من المعروفين بصحة المعتقد، وسلامة المنهج، والحرص على نفع الإسلام والمسلمين، والأخذ بآرائهم وتوجيهاتهم، فمنهم العلماء المعرفون، والدعاة الموثوقون، والمقاومون المجاهدون. مع فتح الأعين والحذر مما يمكن أن يفعله حزب الله من أعمال بعدئذ، وهم أوعى وأعلم وهذه هي قناعاتهم في المنطقة.
مناصرة لبنان أمر شرعي أم موقف سياسي؟!
إنَّ من المهم توضيحه أن الشيعة ليسوا كلهم كفرة!، بل إن جملتهم من المسلمين الذين هم من أهل القبلة، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع فتاواه، وينصُّ على الزواج منهم، واعتبر -رحمه الله- أن من سب منهم الصحابة في عداد المبتدعة الضُّلال، ولم يُجز -رحمه الله- الحكم على كل الطائفة.
والكفار من الشيعة هم من سبّ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها متهما إياها بالزنا، فكذَّب بذلك صريح القرآن، أو نفى ما نفاه الله عن أصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم في كتابه، أو من انطبقت عليه شروط التكفير فكفِّر بعينه.
وقد قال ابن تيمية -رحمه الله- في شأن الدعاء للمؤمنين وأنه يشمل الثنتين والسبعين فرقة:-
".. وإذا قال المؤمن: ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، يقصد كل من سبقه من قرون الأمة بالإيمان، وإن كان قد أخطأ في تأويل تأوله فخالف السنة، أو أذنب ذنبا، فإنه من إخوانه الذين سبقوه بالإيمان، فيدخل في العموم، وإن كان من الاثنتين والسبعين فرقة، فإنه ما من فرقة إلا وفيها خلق كثير ليسوا كفارا، بل مؤمنون فيهم ضلال وذنب يستحقون به الوعيد كما يستحقه عصاة المؤمنين" (منهاج السنة 5/240).
وقال رحمه الله: " وكذلك سائر الاثنتين والسبعين فرقة. من كان منهم منافقا فهو كافر في الباطن، ومن لم يكن منافقا بل كان مؤمنا بالله ورسوله في الباطن، لم يكن كافرا في الباطن، وإن أخطأ في التأويل كائنا ما كان خطؤه.. ومن قال: إن الاثنتين والسبعين فرقة كل واحد منهم يكفر كفرا ينقل من الملة فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. بل وإجماع الأئمة الأربعة وغير الأربعة، فليس فيهم من كفَّر كل واحد من الاثنتين والسبعين فرقة" (الفتاوى 7/218).
وبالتالي فإطلاق الحكم على الشيعة وحزب الله بأنهم كفار لا يصح، وتعميم إسلامهم بدون استثناء لا يصح، وإنما الكفر يلحق بمن ذكرنا آنفا فقط. بل يؤكد عدد من علماء ودعاة السنة في لبنان أن بعض المراجع والأتباع الشيعة يخالفون المرجع الشيعي في إيران في مسألة سبّ الصحابة كاعتقاد لا مسألة تقية، مع بقاء ولائهم لهم كشيء طبيعي.
وعليه، فإن أهل السنة والجماعة في لبنان يرون وجوب مناصرة المقاومة والدعاء للمجاهدين جميعا لأن منهم الشيعة من أهل القبلة، ومنهم السنة من أهل الجنوب، الذين يقاتلون في خندق واحد، وإن مناصرتهم من أهم حقوق المسلمين بعضهم لبعض.
وبالتالي، لا يجوز خذلانهم، أو القفز على واقعهم الحالي، وإغفال فتوى ورأي علماء ودعاة أهل السنة والجماعة في لبنان.
كما يقررون التعامل بحذر مع عموم الشيعة كشيء طبيعي، وأنهم أعلم وأوعى بالقضية من غيرهم في لبنان.
الموقف من المد الشيعي
لا شك أن للشيعة أطماعهم المعروفة في المنطقة، ومشروعهم الخبيث لتشييع بلاد الخليج خصوصا، وبقية الأمة العربية عموما، أصبح واضح المعالم. ويعتبر شيعة (إيران) في الخط الأول لدفع هذا المشروع خطوات وخطوات.
وقد قابلت الشيخ حارث الضاري رئيس هيئة علماء المسلمين في تركيا أثناء اجتماع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في أول شهر جمادى الآخر لهذا العام، لمعرفة حقيقة الخطة الإجرامية الشيعية الحوزية الإيرانية، فذكر ما يدمي القلب، ويدمع العين، من تهجير لآلاف الأسر، وقتل متعمد لأكثر من مئة ألف سني، منهم علماء ودعاة وأئمة مساجد، وعوائل سنية كثيرة، إضافة إلى هدم أكثر من ألف مسجد للسنة!، وهذا المخطط الشيعي لإبادة أهل السنة هو مخطط إيراني، بدعم وتأييد ومواطأة أمريكية صهيوصليبية.
وهناك في لبنان من شيعة حزب الله من يؤيد هذه الأعمال جملة وتفصيلا، ومنهم من يرفض هذه الأعمال جملة وتفصيلا، وعلماء لبنان أدرى بشعاب السياسة!، فإذا كان من أهل السنة من يقتل مسالمي الشيعة في العراق، فهناك من الشيعة من يقاتل مسالمي السنة.
ونحن ننكر على الطائفتين أصل هذا العمل، وإن كنا ندرك أن الشيعة هم حملة هذا الإجرام بشكل أوسع وأكثر تنظيما.
ومع قلة العلماء العقلاء في الشيعة إلا أنه يمكن استثمار مواقفهم للذب عن السنة، والوقوف لحقن الدماء.
والنتيجة هي: إن على أهل السنة جميعا حكاما ومحكومين علماء ودعاة وعامة، الحذر من المشروع الشيعي والوقوف ضده، والتحذير منه، ورسم الخطط وتمويل المشاريع لنصرة السنة، مع إحكام العقل، وإدراك الواقع، واستشارة علماء ودعاة وعامة المسلمين تجاه نصرة قضيتهم في زمن الأحداث.
وفيما يلي خلاصة لما يطالبون به، من خلال السماع منهم مباشرة، وتتبع لآرائهم وفتاواهم وبياناتهم، والتي تتلخص في التالي:
دور الحكّام المسلمين
أولا: يجب عليهم أن يدركوا أن المعركتين الحاليتين في العراق ولبنان، هي معركة مخطط لها من قبل أمريكا وحلفائها. أما عن العراق فالأمر معلوم لدى الحكام دون أي تلبيس، وكانت هناك نداءات عاقلة قبل بداية المعركة لعدم الحرب في العراق ولكن دون جدوى!.
وأما عن لبنان فيكفي أن نقول إن السيد (لحود) رئيس الحكومة اللبنانية نفسه، قد أظهر بوضوح أن هذه المعركة مُخطط لها مسبقا، ومُعدّ لأوراقها وأجندتها من قبل، وأن التنفيذ ليس بانتظار إشارة حزب الله!، كما أنهم لم يفكروا يوما في الرأي العام!
وهو نفس رأي عدد من الحكام ممن صرّح بهذا علنا، وهو رأي علماء ودعاة وقادة المسلمين المقاومين في لبنان وفلسطين، وعلى رأسهم الأستاذ: خالد مشعل.
ثانيا: وجوب مناصرة المسلمين عموما، والوقوف ضد عدوهم المشترك، وتأييد المقاومة السنية الواضحة، كما فعلوا أيام الغزو الشيعي على أفغانستان. فهم أعلم بوجود أهل السنة، وهم على دراية تامة بحقيقة مقاصدهم لنفع الأمة، لا للاستنفاع.
ثالثا: دعم علماء ودعاة السنة بالمال والتأييد، ونشر المنهج السني، ودعم المشاريع المختلفة لاستقرار وبسط هذا المنهج الصالح والمصلح للعباد.
وآن الأوان للالتقاء بالعلماء والدعاة، وسماع ورؤية واقع المشاريع الشيعية المخطط لها في المنطقة.
ولو تم ترشيح عدد من العلماء من قبل رابطة العالم الإسلامي، أو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، واختيار ثلاث دول على سبيل المثال لا الحصر، كالعراق ولبنان واليمن. لأدركوا الفجيعة. ولو سمح المجال لتم نشر مخططاتهم المدروسة ومشاريعهم الممولة لتشييع المنطقة وبأموال ضخمة!
والأمل كبير جدا جدا في دول الخليج -وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية المساندة لقضايا المسلمين، والراعية للعلماء والدعاة المضطهدين في بلادهم- أن تدعم مشاريع أهل السنة ضد المخطط الشيعي.
رابعا: الضغط على الحكومات المساندة للإجرام والصلف اليهودي، الذي ثبت عواره عند أدنى من له مسحة عقل في حق الفيتو الأمريكي الذي أجهض مشروع وقف النار في غزة في مجلس الأمن، وحليفتها بريطانيا التي اعترضت على الضغط لإيقاف الحرب في لبنان، فبالله بمن يثقون؟ وإلى من سيوجهون قضايا أمتهم لتحل بعدما عاينوا الحقيقة؟ وصدق من قال:في كلِّ محكمةٍ قضيةُ مسلمٍ يشكو بليَّته لغيرِ المسلمِ
واخيراا اطلب ارئكم في هذا الموضوع بكل صراحة
علمااا بان اختلاف اري لا يفسد القضية