المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحاديث الغربة والتغرب:


السيد مهدي الحسيني
24-05-2014, 08:28 PM
أحاديث الغربة والتغرب:

هذي مجموعة أحاديث أكتبها من وحي الذاكرة، ولخبرة حياتية تمتد لعشرات السنين قضيتهافي الغربة، بعيداعن مسقط رأسي وبلدي الذي حرمني منه الحكام الطغاة، لانالتهم رحمة الرحمن، ولاأعادتهم الأقدار، ليحكمواالعراق، بلد الخيرات والمقدسات إنه سميع مجيب.

عسى أن تجدوا فيها من العبرة والخبرة ماينفع الشاب في غربته والغريب في محنته.

ليسامحني من لايتفاعل مع الوقائع، ولكن هكذاهي الحياة فيهاالحلوالمسر، كمافيهاالعلقم المر، والصامد المثابرمن تجرع مرها، كما إستذوق حلوها، وإلى أول حديث منها.

(الحديث الأول):

إستمالة شيوعي عراقي في بريطانيا

في الستينات من القرن الماضي، وفي فترة شبابي، كنت طالب بعثة في بريطانيا.

وبسبب نشأتي الدينية وإلتزامي الديني، كنت قريبا من بقية الجنسيات الإسلامية، سنية وشيعية والمتواجدة في الكليات والجامعات وبقية المعاهد البريطانية.

ولكون الحياة في بريطانية منظمة ومتطورة، وأجواء الحرية متاحة للجميع، في تأسيس الجمعيات والتجمعات الثقافية، كنت تجد في كل جامعة وكلية، جمعية إسلامية أوعربية أوشيوعية وغيرها.

فالطلبة أصحاب الميول الدينية، كانوا منخرطين في الجمعيات الإسلامية، وأصحاب الميول القومية في الجمعيات العربية وهكذا.

ولكن كان هناك تمييز معين بخصوص الجمعيات الإسلامية، وهو دمغها بالأخوانجية أو محسوبة على الإخوان المسلمين، حتى وإن كانت غيرعربية، أو شيعية.

فالدعاية الناصرية كانت تصور كل نشاط إسلامي شبابي هو نشاط إخوانجي!!

ولم يكن للنشاط الوهابي أي وجود ظاهرلكنه نمى لاحقا.

المهم كنا في الجمعية الإسلامية، خليط من الباكستانيين وكان عددهم كبيرا ونشيطا، والعرب من جنسيات مختلفة، عراقيين (الشيعة من المراكز الدينية النجف وكربلاء والسنة من الموصل ) وسودانيين ويمنيين ومصريين وإيرانيين وكانو ثوريين شئ ما، وصوماليين وأريتريين وقبارصة أتراك ومن غرب أفريقيا وشرق أفريقيا........الخ.

كنا إخوة متحابين في الله، فلا مذهبية مميزة ولا طائفية، وكنا متعاونين مع بعضنا، والقيادة كانت للطلبة القدامى.

وكانت النشاطات تقتصرعلى إقامة الصلاة، وصلاة الجمعة، وصيام رمضان، وإحياء المناسبات الدينية من أعياد وموالد وغيرها.

وأهمها كان مساعدة الطلبة الجدد، للتكيف مع ظروف الحياة الجديدة في بريطانيا.

الشيوعيون العراقيين، كانوا منظويين تحت إسم جمعية الطلبة العراقيين، وكان أحدهم شرس جدا، وكثير التحرش بأعضاء الجمعية الأسلامية، ونعتهم بالعمالة لإسرائيل وأمريكا، وأنهم عملاء إستعمار اخوان المسلمين.

وكنا نتحاشاه لشراسته وسوء أخلاقه.

كان يعمل على تمزيق إعلانات الجميعة الإسلامية، أوتلطيخها بالحبر الأسود، وكان يحضر إجتماعات الجمعية لخلق المشاكل والشوشرة.

إختفى لفترة هذا الشيوعي العراقي، وعرفنا بأنه مريض في المشفى.

فعقدنا العزم على زيارته، مع صديق مؤمن سوداني، وأحضرنا له بعض الفاكهة والمجلات ، وخطط الأخ السوداني، بأن يشتري له كتاب نكات، وغلفه بغلاف يوحي للرائي بأنه مصحف.!!!!

زرناه في المشفى فوجدناه لوحده، فأستغرب من زيارتنا له، وأنبهر بما أحضرنا له من فاكهة، ولاطفناه وطيبنا خاطره، وبدى عليه الخجل، فكان يقول:

لا أكاد أصدق بأن يزورني أخوان المسلمين في المشفى بعد كل المشاكل التي عملتها لهم.

قلنا له:

لا عليك نحن إخوتك، وإن ظرفك يستدعي الجميع، أن يزورك.

فقال وأنتم أول من زارني، وبدأ يعتذر،عن أفعاله، وينصحنا بأن نكون وطنيين، وإن نترك العمالة لأمريكا.

كنا نشفق عليه وعلى كلامه، وهنا بدأ الأخ السوداني في ذكر بعض النكات له! فأنبسط وأنشرح للنكات وضحك كثيرا.

وقبل مغادرتنا، ناوله الأخ السوداني الكتاب. فغضب، وقال:

عرفتم كيف تأثرون علي بإستغلال ظروف مرضي، فجلبتم لي هذا المصحف، وأوعدكم بأنني سوف أقرأه، ولكن لن يغير من مبدأي شئ.

قلنا له أفتحه وسوف يشفيك مما أنت فيه!

فحنق أكثر، وعندما فتحه وجده كتاب نكات فأنكسر، وبان عليه الخجل، وظل مطرقا. فأعدناتطييب خاطره، وقلنا له:

لا يهم، نحن لانزال أخوتك وودعناه تاركين المشفى.

وبعد خروجه من المشفى، كان أول عمل قام به! هوزيارتنا.

ليقول لنا بأنه لم يسعد بزيارة مثل زيارتنا، وتغير الرجل تماما.

وبدأ يحضرمعنا في نشاطاتنا، وفي فترة لاحقة بدأ يحضر حتى للصلاة معنا.

وحتى زملاؤه تعجبوا من تغييره!!

فكان يقول لهم لقد هداني الله وأضلكم، وأنهى دراسته بنجاح.

في حين تخلف بعض زملائه في الدراسة.

وكان دائما يقول كل ذلك، بفضل الله والأخوان المسلمين.

وإلى حديث آخر

am-jana
25-05-2014, 02:34 PM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم

حديث ممتع ومفيد وصلت الرساله واستفادنا العبره

بانتظار حديث جديد ياعمنا السيد -- بارك الله بجهودكم

السيد مهدي الحسيني
25-05-2014, 10:17 PM
شكرا لمرورك الكريم المكرمة أم جنى، وحياك الله.

نتابع حديث الغربة والتغرب:

نظافة البيت المسلم كماتصورها وسائل الدعاية الغربية


في أواخرالسبعينات من القرن الماضي، كنت إشتغل مع شركة إنكليزية في بريطانيا، متخصصة بصناعة الإجهزةالإلكترونية.

وكان لعملي مهمة تدريب وفود من ضباط جيوش بعض الدول العربية على تلك الإجهزة.

لذلك كان مسؤولي بحاجة لي، ويحترمني كثيرا، ونظرا لطيبته معي، وبدون وعي مني كعادة الشرقي العربي، دعوته لتناول الطعام في بيتي، ولأكثر من مرة، دون وعي بتكرارالدعوة (هذا ماعرفته لاحقا).

الظاهرالرجل إراد مجاملتي بقبول الدعوة!!! وكان مترددا في قبولها لسبب عرفته فيما بعد!!

فوافق على تلبية الطلب،وهوالذي نبهني بإنني قد كررت دعوته للغداء عندي في البيت!!!

مشترطا قبولها!! على أن تتعلم زوجته من زوجتي، طريقة طهي الطعام الشرقي، وفي نفس يوم قبول الدعوة!!!!

وألح على شرطه!!! ولم إستغرب من طلبه، ولكن أستغربت من ألحاحه على أن يتم تعليمها في نفس يوم الدعوة!!!

وفي اليوم المحدد، وحالماوصلت العائلة إلى بيتنا، دخلت زوجته إلى المطبخ مع زوجتي، ولم تخرجاحتى تم طهي الطعام بالكامل.

وأنشغلت معه كالعادة، في حديث عن مشكلة دعم بريطانيا للصهاينة في فلسطين، وقضايا العرب ومشاكل العنصرية في بريطانياو.........و..........الخ.

تغدينا سوية فأستطابواالطعام الشرقي كثيرا، وكان يردد كان الواجب أن يلبوا الدعوة من زمان، ليلتذوا بهذاالطعام الشهي.

وأستمرت ضيافتنا لهم لساعة متأخرة من الليل، وكنت أشاهد زوجته بين الفينة والفينة، تهمس في إذنه شيئا!!!

ولكن لم نلق لهم بالا.

وقبل تركهم للبيت، قال:

أنتم العرب أناس كرام طيبون، فهل ننعم منكم بكوب قهوة، قبل الرحيل.

وعندي لكم إعتذارا شديدا، ممابدرمنا تجاهكم.

فدهشنا لقوله!!!

ولم نعلم ماذا كان يدورفي خلد هذا المثقف الإنكليزي، وعلام إعتذاره؟؟؟ حيث لم يصدرمنهما ما يوجب الإعتذار.

سألني الرجل كم مرة دعوتني للغداء عندكم، وتحججت بعدم تمكني من تلبية الدعوة؟؟

أجبته نعم. دعوتك ولكن لاأتذكركم مرة، أو حتى أكون قد كررتدعوتي لكم.

قال نعم أنا أتذكر عدة مرات!

ولكن هل تعرف لماذا كنت أرفض الدعوة؟

أجبته بسبب مشاغلك الكثيرة!

هنا بدأ يعتذر أشد الإعتذار وأضاف بأن ضميره كان سيؤنبه كثيرا لولم يشرح لي السبب!!!

فأندهشت لقوله ولم أعرف بماذا كان يفكرهذا الرجل!!

بدأ يشرح وشاركته زوجته مبديا أسفا وإعتذارا شديداقائلا:

رفضنا دعوتكم!! لإننا لم نكن متأكدين من نظافتكم وشروطكم الصحية في طهي الطعام!!!

ولكن وكما بينت له زوجته!!! بإننا أنظف عائلة ألتقوا بها في حياتهم!!!

وهنا تدخلت زوجته لتشرح:

بأن زوجتي وبعد غسل الإناء أو الخضرة تصلي عليها تحت الماء ثلاثة مرات.

وتقصد بذلك الصلاة على محمد وآل محمد، حين شطف الإناء تحت الماء.

ثم عقبوا على سبيل النكتة باننا نعدم وبإفراط كثيرا من الماء النقي بسبب تقيدنا بالنظافة.

أصغينا لهما متعجبين مندهشين من كلامهما!! وكيف يفكرهؤلاء الناس عنا!!

سألته عن سبب أعتقادهم هذا عنا فأجاب:

نحن محكومين للدعاية التلفيزيونية.

فكلما شاهدنا مناظر التلفيزيون القادمة من منطقة الشرق الأوسط، شاهدنا الذباب المتهافت على وجوه الصبية الصغار الشعث الشعر، والمتسخي الأثواب والقذرين في كل شئ.

أجبته وأيضا محكومين للدعاية الصهيونية!!

فهزرأسه موافقا!!

وعقبت لو درست مبادئ ديننا، وأطلعت على تاريخنا، دون ما يكتبه عناعملاء الصهيونية والصليبية.

لوجدت بأن الحمامات العامة، كانت تغطي عاصمة الخلافة بغداد.

في حين كانت أوربا تسبح في دياجير الظلام والأوساخ.

من هذه القصة التي صادفتني في حياتي.

لو راعينا شروط ديننا من ناحية النظافة والثقافة والتوجه الصحيح، لما وصلنا لما نحن فيه.

وإنا لله وإنا اليه راجعون.

وإلى حديث آخر

السيد مهدي الحسيني
28-05-2014, 04:59 AM
نواصل حديث الغربة والتغرب

محاورة مع لامنتمي (هناك شئ ما،لكن لانعرفه!!!!)

كان لنا جار فرنسي، شديدالحذرمن التعامل معنا!! وينظر لنانظرة ريبة وترقب!!! مع إننا جاورناه لفترة ليست بالقصيرة.

ومع إنه لم يحصل أي إحتكاك غيرمرضي بيننا وبينه، لكنه كان متحفظا من التقرب منا.

وعادة الغربيين لايتواصلون مع الجارإلا نادرا، حيث الكل محتفظ بإستقلاليته ومحيطه.

لكن علاقة الجوار، تظل علاقة إحترام. يعني بدون أي تجاوز، ولوحصل تجاوزفالناس مؤدبة هادئة تعتذرللتجاوز الغيرمقصود.

المهم كنت أجلس في حديقة الدار، مستمتعا بدفء شمس الربيع، وزهور التولب التي تزين الحديقة، ولم أكن منتبهالدارالجيران ومايجري فيها.

وفجأة سمعت صوتا هادئا يحييني،ومستبشرا بقدوم فصل الربيع الجميل، وطقسه الخلاب الذي ينتظره الجميع، للخلاص من جوالشتاء بثلوجه وزمهريرية برودة طقسه(نعيشه هذه الأيام ههههه)

رددت له التحية بشكل طبيعي وبدون إندهاش، لأبارك له كذلك مجئ الفصل الربيعي، وجوه الهادئ المفعم بالراحة من تجاوزهراشة فصل الشتاء.

وكعادة العربي المضياف دعوته لتناول كوب قهوة معي. إكراما له بفتح باب التعارف والحديث.

فوافق شاكرا دعوتي، لننعم بالحوارالتالي، وعنوانه الذي تصدرحديث الغربة الحالي.

دارحديث طويل بيننا، معتذرابعدم معرفته بتقاليدنا، ليفتح باب التزاور.

طمأنته بإن لايبالي لذلك.

حيث سبق لي العيش في أوربا، وأعرف طبيعة الغربيين. فأرتاح كثيرا لمعرفة بعض من ماضي معيشتي وتفهمي.

بدى متفهما بعض عادات المسلمين، وخاصة حجاب النساء. لكنه لم يفهم حجاب بناتي الشابات وحتى الصغيرة.

فضحكت من تفهمه المقلوب لمسألة الحجاب، لأنبه لفهمه الخاطئ.

قلت له بالعكس، الشابة هي المفروض بها تتحجب محتشمة.

لكونها في قمة رونقها ونظارتها، وليس الكبيرة التي يسقط عنها الحجاب، كلما تقدم بها العمر، وأصبحت غيرمثيرة لفضولية نظرالرجل وشبق الجنس عنده.

وأكملت شرحي له، بإن لاوجوب لحجاب الصغيرة، لكن نحجبها مبكرا لتتعود عليه عندما تكبر.

فأبدى الرجل كثيرمن التفهم، وأيدني في فكرة الحجاب الصحيحة.

ومن هذه النقطة جرنا الحديث،لأكتشف بإن صاحبي لامنتمي.

بمعنى لايؤمن بفكرة الدين، ولايلتزم بها.

بل يعيش ليومه ملتزما بالقانون العلماني الذي يحكمه، ويحاول الإستمتاع بمتع الحياة مادامت مشروعة، لاتتجاوز على حريات ومعتقدات الآخرين.

وهنا حالة واقعية، فيها بعضامن المثالية والتفرد.

حيث يلتقي منتمي(وهو أنا المسلم المتلزم)- وصاحبي اللامنتمي(الذي لايؤمن بأي إلتزام غير إنصياعه للقانون العلماني الذي يحكمه).

نعم نلتقي في التفاهم والحديث المثمرالمتفهم،رغم إختلاف نظرتنا لمجمل أمورالكون والحياة والمجتمع.

ومماداربيننا من حديث، حول الإيمان والأعتقاد وغيروغير.

أتفقت معه بإنه غيرملحد، رغم عدم إيمانه بآله المسلمين أوإله المسيحين، أوأي إله ديني.

أتفقت معه على عدم وصفه ملحدا،لشكه بإن هناك شيئا ما.

لكننا نجهله.

قلت له: أنت قريب منا، رغم إنك لست بمسلم.

تساءل متعجبا!!!! وكيف ذلك؟؟؟؟؟؟؟

قلت له: من قولك:

هناك شئ ما. لكننا نجهله.

فنحن المسلمين، أيضا نقول بنفس قولك.

هناك شئ كبيرأكبرمن كل كبير، وعظيم أعظم من كل عظيم، يدبرهذاالكون

لكننا نجهل كنهه وكينونته.

قال: يعني أنتم تؤمنون بإن للكون مدبر.

قلت له: نعم وهذاالمدبرهومانسميه الله.

في حين أنت تحس بوجوده مثلنا، لكنك تجهل كنهه،لتعطيه إسمامعينا.

ونحن ايضا نجهل كنهه، لكننانسميه إسما معينا.

فقال: يعني أخيرا، أنا وأنتم نؤمن بنفس الإيمان المتحسس لمدبرالكون.

لكننا نختلف فقط بتسمية بالنسبة لك. ولاتسمية بالنسبة لي.

قلت له: نعم لذلك لاأستطيع أن أعتبرك ملحدا، بل أراك مؤمنا، لكن بطريقتك الخاصة.

هنا توقف صاحبي، ليطرق برأسه متفكرامليا.

ثم عقب، صدقت يعني مالذي ينقصني لوجاريتك وأعتقدت بآله المسيحيين؟؟ بل إلهكم الجامع لكل ألآلهة.

توقف الحديث مع صاحبنا وجارنا،لشغل شغله.

فودعنا شاكرا وفاتحا باب التعارف بين جاريين من خلفيتين مختلفتين، ولكن جمعتهم صدفة التجاور،والتأمل بالبحث عن الحق بتحرر.

ليفتحوا باباللتحاور.

وإلى حديث آخر.

am-jana
28-05-2014, 03:48 PM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم

احسنت كثيرا سيدنا -- متابعين انشاء الله