عابر سبيل سني
24-05-2014, 11:21 PM
حــزب الله تحــوّل إلـى تهديــد للمنطقــة
السبت , 24 ايار / مايو 2014
بانواما الشرق الاوسط - أحمد الشرقاوي
إنه لمن دواعي الحمد والشكر أن يردد جمهور المقاومة على إمتداد الوطن العربي الكلمة السحرية التي طال انتظارها، لكن بيقين، لأنها وعد الله الذي أعلنه نصر الله حين قرر دخول الحرب ضد التكفيريين أدوات السعودية و”إسرائيل” وأمريكا في سورية.. فجاء النصر طبقا للوعد: “كما كنت أعدكم دائما بالنصر، أعدكم هذه المرة بالنصر في سورية”.. فانتصرت سورية.
لكن.. ولقطع الطريق على حزب الله حتى لا يستثمر هذا النصر الإلهي العظيم في اللعبة السياسية في لبنان واللعبة الجيوسياسية في المنطقة، أعلنت الولايات المتحدة أن حزب الله تحوّل إلى تهديد خطير لأمن أمريكا وإسرائيل ودول الإعتدال في المنطقة وعلى رأسها مملكة القهر والصمت والمؤامرات ضد الأمة، وبدأت الإعداد لحرب أمنية دولية لعزله ومحاصرته.
آخر تقرير صادر عن مركز ‘أميركان إنتربرايز’ الذي يعد العقل المدبر لليمين الأمريكي، أكد أن الإعتقاد الذي كان سائدا بأن دخول حزب الله الحرب ضد التكفيريين في سورية سيضعفه وسيسهّل القضاء عليه بعد إسقاط ‘الأسد’، لم يكن في محله. لأن ما حصل هو العكس تماما، حيث تحوّل الحزب بفضل الإنتصارات الميدانية التي حققها في سورية، من منظمة محلية إلى قوة إقليمية مؤثرة في التوازنات الجيوسياسية.
والأخطر، أن قوات الحزب أصبحت تمتلك خبرة قتالية كبيرة لا تقدر بثمن، لأن سورية أتاحت لها فرصة التدريب الحي والمباشر في حرب عصابات معقدة ضد التكفيريين في مختلف البيئات وفوق الأرض كما تحتها، بالإضافة لحرب المدن والشوارع التي أثارت قلق إسرائيل الشديد، مخافة أن تساعد الخبرة التي إكتسبها حزب الله في سورية على إحتلال الجليل الأعلى في الحرب المقبلة. ناهيك عن ما أصبح اليوم بحوزة الحزب من ترسانة صواريخ هائلة بعضها كاسر للتوازن كصواريخ “ياخنوت” الروسية وأسلحة أخرى نوعية يعتقد أنها ستكون مفاجأة سماحة السيد في الحرب المقبلة، بالإضافة إلى تكنولوجيا إتصالات يستحيل خرقها، وطائرات تجسس بدون طيار قادرة على حمل صواريخ دقيقة وضرب أهداف في العمق “الإسرائيلي”. فتحول الحزب بذلك إلى قوة إقليمية ضاربة، تشكل تهديدا خطير على “إسرائيل” ودول المنطقة.
وللتوضيح فقط، فعبارة “حزب الله أصبح يمثل تهديدا خطيرا لإسرائيل” وفق المفهوم الصهيوأمريكي، لا يعني أن الحزب سيبادر إلى الهجوم على الكيان الصهيوني، بل يكمن التهديد في نجاح حزب الله في الحد من عربدة “إسرائيل” في لبنان وسورية والإعتداء على من تشاء متى تشاء، ووضع معادلات لتوازن الردع في وجهها من خلال رسائل ميدانية استلمتها تل أبيب مؤخرا في لبنان وسورية، وحللتها وفهمت فحواها، فزادتها رعبا على رعب من قدرة حزب الله على كسر طغيانها والتربص بجنونها ليتصيّدها كالطريدة المذعورة عند أول خطأ ترتكبه، ليكون رد الحزب من باب الدفاع عن النفس، لكسب تعاطف الشارع في العالم العربي والإسلامي والدولي لجهته.
لكن الأخطر، كما يفيد التقرير، أن حزب الله استنسخ نفسه وأسس حزب الله السوري من مقاتلين دربوا ليكونوا على شاكلة جنوده، تحسبا لفتح حبهة الجولان مع “إسرائيل” عند أول إحتكاك خطير يرتكب. وكان سماحة السيد سبق وأن تحدث عن أن حدود المواجهة مع الكيان الصهيوني تمتد من حدود لبنان الجنوبية مع البحر إلى الحدود مع الأردن مرورا بالجولان المحتل. وهو بهذه الإستراتيجية الرادعة، يكون قد أسقط مشروع “إسرائيل” بإقامة منطقة ‘طيبة’ العازلة.
السعودية بدورها تعتبر حزب الله يمثل تهديدا لأمنها وأمن حلفائها، لأنه دراع إيران في المنطقة ينفذ سياساتها الطائفية والتوسعية، كما تقول، وتسعى إلى القضاء عليه بكل السبل ومهما بلغت الأكلاف، خصوصا بعد فقدانها للعراق وهزيمتها في سورية فلم يبقى لها سوى التمسك بلبنان بالأظافر والأسنان. وما تمويل صفقة السلاح بـ 3 مليار دولار للجيش اللبناني إلا وسيلة خبيثة لخلق شرخ بين المقاومة والجيش الذي أثبت أنه جيش وطني صاحب عقيدة راسخة، ويعتبر إسرائيل لا حزب الله هي العدو، ولا ينساق وراء أهواء الساسة وتقلبات السياسة.
وموضوع الرئاسة اللبنانية يتعلق بهذا الأمر تحديدا، لأن ما كانت تريده السعودية وأمريكا وفرنسا و”إسرائيل” أيضا، هو أن يتم التمديد سنتين لناطور بعبدا الذي سيرحل الأحد غير مأسوف عليه، وذلك بهدف تنفيذ مخطط “فرق تسد” الذي وضعته السعودية بمساعدة “إسرائيل” لضرب ثلاثية “الشعب والجيش والمقاومة” وتجريد حزب الله من هويته اللبنانية وإعتباره منظمة إرهابية محتلة للبنان في أفق نزع سلاحه أو ضربه.
اليوم جائت الأخبار من السعودية لتؤكد أن الأمير ‘سعود الفيصل’ عراب المؤامرة على سورية ولبنان، يرفض تزكية ترشيح العماد ‘ميشال عون’، لأنه لا يستطيع أن ينسى تاريخ هذا الرجل، وكأن الجنرال هو من تحالف مع المخابرات الأمريكية لقتل الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله، حين قرر التمرد على أمريكا واستعمل سلاح النفط في حرب 73، فكاد يسبب في كارثة إقتصادية تعصف بأمريكا وأوروبا والنظام الرأس مالي العالمي العالمي.
هذا يعني أن لا أمل في حوار حول لبنان في الدى المنظور، لأن السعودية مصرة على أن يكون الرئيس الجديد هو رجلها في لبنان بمعية أدواتها في تيار 14 الشهر، كما أن الحرباء ‘جنبلاط’، يبدو أنه عاد للعب دور القبان، ليرجح كفة رئيس من اللون الأزرق، خصوصا وأن له حسابات قديمة معلقة مع الجنرال من زمن الحرب الأهلية، ويرغب في تصفيتها معه وإستعادة خط الود مع الرياض وباريس وواشنطن، وبذلك يضرب عصفورين بحجر واحد.. وبالتالي، فالفراغ الذي تحدثنا عنه في أكثر من مقالة ومناسبة هو إسم “الرئيس” العتيد الوحيد في المشهد اللبناني القادم كما أكدت صحيفة الأخبار.
لكن وللإنصاف، هناك تقرير صدر بداية هذا العام عن مؤسسة ‘كارنيغي’ للسلام الدولي، خلص إلى أن دعم “الشيعة” للنظام السوري “مسألة جيوسياسية أكثر منها دينية”، مؤكدا أن الحرب في سورية ليست مصدر حشد لشيعة المنطقة كما هو الأمر بالنسبة للجهاديين “السنّة” الأجانب. وأنه غالباً مايُصوَّر تورّط الأفرقاء الشيعة في المنطقة، أي إيران وحزب الله اللبناني والمجموعات العراقية، من منظار ديني. لكنّ الدوافع التي تحرّك المقاتلين الشيعة في سورية (أو على الأقل الدول أو الجماعات التي ترسلهم إلى هناك) تكتسب أبعاداً متشعّبة، وتنطلق من عوامل عدّة مثل الاعتبارات الجيوسياسية والرغبة في الدفاع عن النفس وصونها، أكثر ممّا تنطلق من الانقسام المذهبي الواضح، وفق ما يقول التقرير.
وكلنا يعلم أن سماحة السيد كان منذ البداية، يتعامل مع الموضوع المذهبي بحذر شديد، ويعمل كل ما في وسعه لإطفاء نار الفتنة المذهبية التي كانت تجهد لإشعالها السعودية في المنطقة. وها هو التقرير المشار إليه أعلاه، يؤكد أن السعودية هي مشعلة النيران، فيما إيران وحلفائها يقومون دائما بعمليات إطفاء حقنا للدماء، وحتى لا يتحول التحريض إلى حرب دينية طاحنة ساحقة ماحقة بين المسلمين فينتهي أمرهم وفق ما تتوهم أمريكا وإسرائيل.
وإذا كان حزب الله الذي يطالبه وكلاء السعودية في لبنان، بالخروج من سورية والتزام سياسة النأي بالنفس، قد دخل سورية لحماية ما تبقى من لبنان من السقوط في يد التكفيريين، فقد آن الآوان لجماعة 14 الشهر أن تدرك أن محورها من أمريكا إلى السعودية مرورا بفرنسا وتركيا وقطر والأردن قد فشل فشلا ذريعا بادارة ما أسموه زورا وبهتانا بـ”الثورة” سياسيا وأمنيا وعسكريا، وآن له أن يتحمل نتائج فشل مغامراته الإجرامية في سورية ولبنان أيضا.
لأن الأرواح التي سقطت بالسيارات المفخخة في لبنان، كانت من توقيع الجماعات التكفيرية الوهابية التي سهّل سماسرة 14 الشهر دخولها إلى الشمال حيث البيئة الحاضنة للإرهاب، وبمعرفة مسؤولين أمنيين وسياسيين ونواب في البرلمان، وكان الحريري شخصيا هو من يدير أوركسترا الإجرام ضد حزب الله، تنفيذا لتعليمات أسياده في الرياض، وبدافع الإنتقام الشخصي من الحزب الذي حوّل الحريري من رئيس للحكومة اللبنانية وهو يدخل البيت الأبيض مزهوّا كالطوس، للإجتماع مع ‘أوباما’، إلى رئيس سابق للحكومة وهو يخرج من المكتب البيضاوي في نفس الليلة، الأمر الذي صدم ‘أوباما’ نفسه، وخربط بالكامل أجندة وبروتوكول الزيارة.
تقديم جماعة 14 عميل لـ”جوكر” المجرم المدان ‘سمير جعجع’ كمرشح للرئاسة، كان بهدف قطع الطريق تحديدا على وصول الجنرال ‘عون’ للرئاسة، وكل ما دار بينهما من حوار ومفاوضات آخرها بباريس، لم يكن سوى لعبة تقطيع الوقت إلى أن يحل الفراغ، لأن الحريري كان لديه علم من السعودية، بأن شيئا ما يحضر للبنان، وأنه من غير الوارد تسليم البلد لحزب الله وحلفائه ما يدعم الموقع الجيوسياسي الإيراني ويضعف النفوذ السعودي، وبالتالي الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة.
المعلومات المتداولة اليوم في واشنطن، تتحدث عن قرار أمريكي بفتح جبهة الحرب مع حزب الله في لبنان. فبالإضافة للمناورات العسكرية التي تجريها مع “إسرائيل” والتي ستجرى أيضا في الأردن بمشاركة أكثر من 20 دولة، وزيارة العاهل الأردني لواشنطن واتصال ‘أوباما” به الجمعة، مضاف إلى القرار الذي اتخذته واشنطن وتشكل على إثره فريق من مخابرات محور المؤامرة لمتابعة نشاطات حزب الله وتحركاته في لبنان وسورية، كلها تؤشر إلى أن طبخة ما تحضر للبنان على نار هادئة.
لا أحد يعلم ما الذي تخطط له أمريكا وإسرائيل والسعودية في مرحلة الفراغ القادمة، لكن ما من شك أن الفراغ هذه المرة لن يطال منصب الرئاسة فحسب، بل في حال نفذ الجنرال تهديده وقدم نوابه إستقالتهم من البرلمان كجطوة أولى مع القاء في الحكومة على أمل أن يتبلور حل ما، وفق معلومات جريدة ‘السفير’ اليوم، يمهد لما هو أخطر، لأن تعطيل التشريع في البلاد، ثم إسقاط الحكومة التي يفترض أنها ستتولى مهام الرئيس بالوكالة مجتمعة، من شأنه إسقاط الدولة اللبنانية بمؤسساتها الرئيسة باستثناء الجيش. الأمر الذي قد يفتح الباب على تطورات قد تعصف بلبنان.
ما من شك، أن سماحة السيد سيخصص جزءا هاما من كلمته التي سيلقيها الأحد بمناسبة عيد المقاومة والتحرير المجيد، ولا أحد يعلم ما الذي سيقوله بشأن مخطط الرد الذي أعده حزب الله وحلفائه. غير أن كل المؤشرات تؤكد أن لبنان لن تقوم له قائمة بعد اليوم إلا بمؤتمر تأسيسي جديد يضع دستورا جديدا للبلاد يلغي الطوائف لحساب المواطنة، وهو ما لن يوافق عليه فريق السعودية، وبذلك يفتح الباب واسعا للفوضى الذي يتجنبها حزب الله، ويراهن مدبروا المؤامرة أن هذا العزف على وثر الهاجس المذهبي وتحميل حزب الله مسؤولية الفراغ وانهيار المؤسسات للإستحواد على الدولة بالقوة، من شأنه أن يرغمه على تقديم تنازلات، وفق ما يتوهم المتآمرون.
لبنان دخل اليوم درب المجهول.. خصوصا وأن لا أفق واعد لحوار محتمل بين إيران والسعودية، وإيران بصدد التوجه إلى آسيا للإنخراط في منظومتها المالية والإقتصادية لتجاوز الحظر والضغوط الغربية عليها، وهناك تحالف إستراتيجي أمني وعسكري وإقتصادي يتشكل في الأفق بيت روسيا والصين وإيران، ما سيقلب المعادلات في المنطقة والعالم بالكامل ولو بعد حين.
وأود الإشارة هنا إلى أن تقديم فرنسا لقرار إحالة الملف السوري إلى المحكمة الدولية لجرائم الحرب، كان بإيعاز من أمريكا التي كانت تعرف أن القرار لن يمر، لكن كانت بحاجة لمعرفة إن كانت الصين ستتلتزم على الأقل الحياد بعدم التصويت حتى لا تحرج، لكن الفيتو الصيني كان رسالة واضحة لبالون الإختبار الأمريكي، ومفادها، أن روسيا والصين في الهم شرق، وأن روسيا بفضل تحالفها مع الصين ودول البريكس قد تحررت من الضغط الغربي في مجال العقوبات، وأصبح بيدهما الآن القدرة أن يعصفا بإقتصاد أوروبا وأمريكا. كما أن سياسة جذب إيران لن تنفع، لأن الصين وروسيا نجحتا في إقناع إيران بالإنضمام لمحورهما الصاعد بثبات وقوة.
من هنا جاءت الحاجة الأمريكية لفعل شيىء في سورية ولبنان لحماية أمن “إسرائيل” وأدوات أمريكا في المنطقة، وخصوصا السعودية.. ولمزيد من التوضيح، علينا إنتظار إطلالة سماحة السيد الأحد ليلقي الضوء على المستجدات في لبنان وسورية والمنطقة.
السبت , 24 ايار / مايو 2014
بانواما الشرق الاوسط - أحمد الشرقاوي
إنه لمن دواعي الحمد والشكر أن يردد جمهور المقاومة على إمتداد الوطن العربي الكلمة السحرية التي طال انتظارها، لكن بيقين، لأنها وعد الله الذي أعلنه نصر الله حين قرر دخول الحرب ضد التكفيريين أدوات السعودية و”إسرائيل” وأمريكا في سورية.. فجاء النصر طبقا للوعد: “كما كنت أعدكم دائما بالنصر، أعدكم هذه المرة بالنصر في سورية”.. فانتصرت سورية.
لكن.. ولقطع الطريق على حزب الله حتى لا يستثمر هذا النصر الإلهي العظيم في اللعبة السياسية في لبنان واللعبة الجيوسياسية في المنطقة، أعلنت الولايات المتحدة أن حزب الله تحوّل إلى تهديد خطير لأمن أمريكا وإسرائيل ودول الإعتدال في المنطقة وعلى رأسها مملكة القهر والصمت والمؤامرات ضد الأمة، وبدأت الإعداد لحرب أمنية دولية لعزله ومحاصرته.
آخر تقرير صادر عن مركز ‘أميركان إنتربرايز’ الذي يعد العقل المدبر لليمين الأمريكي، أكد أن الإعتقاد الذي كان سائدا بأن دخول حزب الله الحرب ضد التكفيريين في سورية سيضعفه وسيسهّل القضاء عليه بعد إسقاط ‘الأسد’، لم يكن في محله. لأن ما حصل هو العكس تماما، حيث تحوّل الحزب بفضل الإنتصارات الميدانية التي حققها في سورية، من منظمة محلية إلى قوة إقليمية مؤثرة في التوازنات الجيوسياسية.
والأخطر، أن قوات الحزب أصبحت تمتلك خبرة قتالية كبيرة لا تقدر بثمن، لأن سورية أتاحت لها فرصة التدريب الحي والمباشر في حرب عصابات معقدة ضد التكفيريين في مختلف البيئات وفوق الأرض كما تحتها، بالإضافة لحرب المدن والشوارع التي أثارت قلق إسرائيل الشديد، مخافة أن تساعد الخبرة التي إكتسبها حزب الله في سورية على إحتلال الجليل الأعلى في الحرب المقبلة. ناهيك عن ما أصبح اليوم بحوزة الحزب من ترسانة صواريخ هائلة بعضها كاسر للتوازن كصواريخ “ياخنوت” الروسية وأسلحة أخرى نوعية يعتقد أنها ستكون مفاجأة سماحة السيد في الحرب المقبلة، بالإضافة إلى تكنولوجيا إتصالات يستحيل خرقها، وطائرات تجسس بدون طيار قادرة على حمل صواريخ دقيقة وضرب أهداف في العمق “الإسرائيلي”. فتحول الحزب بذلك إلى قوة إقليمية ضاربة، تشكل تهديدا خطير على “إسرائيل” ودول المنطقة.
وللتوضيح فقط، فعبارة “حزب الله أصبح يمثل تهديدا خطيرا لإسرائيل” وفق المفهوم الصهيوأمريكي، لا يعني أن الحزب سيبادر إلى الهجوم على الكيان الصهيوني، بل يكمن التهديد في نجاح حزب الله في الحد من عربدة “إسرائيل” في لبنان وسورية والإعتداء على من تشاء متى تشاء، ووضع معادلات لتوازن الردع في وجهها من خلال رسائل ميدانية استلمتها تل أبيب مؤخرا في لبنان وسورية، وحللتها وفهمت فحواها، فزادتها رعبا على رعب من قدرة حزب الله على كسر طغيانها والتربص بجنونها ليتصيّدها كالطريدة المذعورة عند أول خطأ ترتكبه، ليكون رد الحزب من باب الدفاع عن النفس، لكسب تعاطف الشارع في العالم العربي والإسلامي والدولي لجهته.
لكن الأخطر، كما يفيد التقرير، أن حزب الله استنسخ نفسه وأسس حزب الله السوري من مقاتلين دربوا ليكونوا على شاكلة جنوده، تحسبا لفتح حبهة الجولان مع “إسرائيل” عند أول إحتكاك خطير يرتكب. وكان سماحة السيد سبق وأن تحدث عن أن حدود المواجهة مع الكيان الصهيوني تمتد من حدود لبنان الجنوبية مع البحر إلى الحدود مع الأردن مرورا بالجولان المحتل. وهو بهذه الإستراتيجية الرادعة، يكون قد أسقط مشروع “إسرائيل” بإقامة منطقة ‘طيبة’ العازلة.
السعودية بدورها تعتبر حزب الله يمثل تهديدا لأمنها وأمن حلفائها، لأنه دراع إيران في المنطقة ينفذ سياساتها الطائفية والتوسعية، كما تقول، وتسعى إلى القضاء عليه بكل السبل ومهما بلغت الأكلاف، خصوصا بعد فقدانها للعراق وهزيمتها في سورية فلم يبقى لها سوى التمسك بلبنان بالأظافر والأسنان. وما تمويل صفقة السلاح بـ 3 مليار دولار للجيش اللبناني إلا وسيلة خبيثة لخلق شرخ بين المقاومة والجيش الذي أثبت أنه جيش وطني صاحب عقيدة راسخة، ويعتبر إسرائيل لا حزب الله هي العدو، ولا ينساق وراء أهواء الساسة وتقلبات السياسة.
وموضوع الرئاسة اللبنانية يتعلق بهذا الأمر تحديدا، لأن ما كانت تريده السعودية وأمريكا وفرنسا و”إسرائيل” أيضا، هو أن يتم التمديد سنتين لناطور بعبدا الذي سيرحل الأحد غير مأسوف عليه، وذلك بهدف تنفيذ مخطط “فرق تسد” الذي وضعته السعودية بمساعدة “إسرائيل” لضرب ثلاثية “الشعب والجيش والمقاومة” وتجريد حزب الله من هويته اللبنانية وإعتباره منظمة إرهابية محتلة للبنان في أفق نزع سلاحه أو ضربه.
اليوم جائت الأخبار من السعودية لتؤكد أن الأمير ‘سعود الفيصل’ عراب المؤامرة على سورية ولبنان، يرفض تزكية ترشيح العماد ‘ميشال عون’، لأنه لا يستطيع أن ينسى تاريخ هذا الرجل، وكأن الجنرال هو من تحالف مع المخابرات الأمريكية لقتل الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله، حين قرر التمرد على أمريكا واستعمل سلاح النفط في حرب 73، فكاد يسبب في كارثة إقتصادية تعصف بأمريكا وأوروبا والنظام الرأس مالي العالمي العالمي.
هذا يعني أن لا أمل في حوار حول لبنان في الدى المنظور، لأن السعودية مصرة على أن يكون الرئيس الجديد هو رجلها في لبنان بمعية أدواتها في تيار 14 الشهر، كما أن الحرباء ‘جنبلاط’، يبدو أنه عاد للعب دور القبان، ليرجح كفة رئيس من اللون الأزرق، خصوصا وأن له حسابات قديمة معلقة مع الجنرال من زمن الحرب الأهلية، ويرغب في تصفيتها معه وإستعادة خط الود مع الرياض وباريس وواشنطن، وبذلك يضرب عصفورين بحجر واحد.. وبالتالي، فالفراغ الذي تحدثنا عنه في أكثر من مقالة ومناسبة هو إسم “الرئيس” العتيد الوحيد في المشهد اللبناني القادم كما أكدت صحيفة الأخبار.
لكن وللإنصاف، هناك تقرير صدر بداية هذا العام عن مؤسسة ‘كارنيغي’ للسلام الدولي، خلص إلى أن دعم “الشيعة” للنظام السوري “مسألة جيوسياسية أكثر منها دينية”، مؤكدا أن الحرب في سورية ليست مصدر حشد لشيعة المنطقة كما هو الأمر بالنسبة للجهاديين “السنّة” الأجانب. وأنه غالباً مايُصوَّر تورّط الأفرقاء الشيعة في المنطقة، أي إيران وحزب الله اللبناني والمجموعات العراقية، من منظار ديني. لكنّ الدوافع التي تحرّك المقاتلين الشيعة في سورية (أو على الأقل الدول أو الجماعات التي ترسلهم إلى هناك) تكتسب أبعاداً متشعّبة، وتنطلق من عوامل عدّة مثل الاعتبارات الجيوسياسية والرغبة في الدفاع عن النفس وصونها، أكثر ممّا تنطلق من الانقسام المذهبي الواضح، وفق ما يقول التقرير.
وكلنا يعلم أن سماحة السيد كان منذ البداية، يتعامل مع الموضوع المذهبي بحذر شديد، ويعمل كل ما في وسعه لإطفاء نار الفتنة المذهبية التي كانت تجهد لإشعالها السعودية في المنطقة. وها هو التقرير المشار إليه أعلاه، يؤكد أن السعودية هي مشعلة النيران، فيما إيران وحلفائها يقومون دائما بعمليات إطفاء حقنا للدماء، وحتى لا يتحول التحريض إلى حرب دينية طاحنة ساحقة ماحقة بين المسلمين فينتهي أمرهم وفق ما تتوهم أمريكا وإسرائيل.
وإذا كان حزب الله الذي يطالبه وكلاء السعودية في لبنان، بالخروج من سورية والتزام سياسة النأي بالنفس، قد دخل سورية لحماية ما تبقى من لبنان من السقوط في يد التكفيريين، فقد آن الآوان لجماعة 14 الشهر أن تدرك أن محورها من أمريكا إلى السعودية مرورا بفرنسا وتركيا وقطر والأردن قد فشل فشلا ذريعا بادارة ما أسموه زورا وبهتانا بـ”الثورة” سياسيا وأمنيا وعسكريا، وآن له أن يتحمل نتائج فشل مغامراته الإجرامية في سورية ولبنان أيضا.
لأن الأرواح التي سقطت بالسيارات المفخخة في لبنان، كانت من توقيع الجماعات التكفيرية الوهابية التي سهّل سماسرة 14 الشهر دخولها إلى الشمال حيث البيئة الحاضنة للإرهاب، وبمعرفة مسؤولين أمنيين وسياسيين ونواب في البرلمان، وكان الحريري شخصيا هو من يدير أوركسترا الإجرام ضد حزب الله، تنفيذا لتعليمات أسياده في الرياض، وبدافع الإنتقام الشخصي من الحزب الذي حوّل الحريري من رئيس للحكومة اللبنانية وهو يدخل البيت الأبيض مزهوّا كالطوس، للإجتماع مع ‘أوباما’، إلى رئيس سابق للحكومة وهو يخرج من المكتب البيضاوي في نفس الليلة، الأمر الذي صدم ‘أوباما’ نفسه، وخربط بالكامل أجندة وبروتوكول الزيارة.
تقديم جماعة 14 عميل لـ”جوكر” المجرم المدان ‘سمير جعجع’ كمرشح للرئاسة، كان بهدف قطع الطريق تحديدا على وصول الجنرال ‘عون’ للرئاسة، وكل ما دار بينهما من حوار ومفاوضات آخرها بباريس، لم يكن سوى لعبة تقطيع الوقت إلى أن يحل الفراغ، لأن الحريري كان لديه علم من السعودية، بأن شيئا ما يحضر للبنان، وأنه من غير الوارد تسليم البلد لحزب الله وحلفائه ما يدعم الموقع الجيوسياسي الإيراني ويضعف النفوذ السعودي، وبالتالي الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة.
المعلومات المتداولة اليوم في واشنطن، تتحدث عن قرار أمريكي بفتح جبهة الحرب مع حزب الله في لبنان. فبالإضافة للمناورات العسكرية التي تجريها مع “إسرائيل” والتي ستجرى أيضا في الأردن بمشاركة أكثر من 20 دولة، وزيارة العاهل الأردني لواشنطن واتصال ‘أوباما” به الجمعة، مضاف إلى القرار الذي اتخذته واشنطن وتشكل على إثره فريق من مخابرات محور المؤامرة لمتابعة نشاطات حزب الله وتحركاته في لبنان وسورية، كلها تؤشر إلى أن طبخة ما تحضر للبنان على نار هادئة.
لا أحد يعلم ما الذي تخطط له أمريكا وإسرائيل والسعودية في مرحلة الفراغ القادمة، لكن ما من شك أن الفراغ هذه المرة لن يطال منصب الرئاسة فحسب، بل في حال نفذ الجنرال تهديده وقدم نوابه إستقالتهم من البرلمان كجطوة أولى مع القاء في الحكومة على أمل أن يتبلور حل ما، وفق معلومات جريدة ‘السفير’ اليوم، يمهد لما هو أخطر، لأن تعطيل التشريع في البلاد، ثم إسقاط الحكومة التي يفترض أنها ستتولى مهام الرئيس بالوكالة مجتمعة، من شأنه إسقاط الدولة اللبنانية بمؤسساتها الرئيسة باستثناء الجيش. الأمر الذي قد يفتح الباب على تطورات قد تعصف بلبنان.
ما من شك، أن سماحة السيد سيخصص جزءا هاما من كلمته التي سيلقيها الأحد بمناسبة عيد المقاومة والتحرير المجيد، ولا أحد يعلم ما الذي سيقوله بشأن مخطط الرد الذي أعده حزب الله وحلفائه. غير أن كل المؤشرات تؤكد أن لبنان لن تقوم له قائمة بعد اليوم إلا بمؤتمر تأسيسي جديد يضع دستورا جديدا للبلاد يلغي الطوائف لحساب المواطنة، وهو ما لن يوافق عليه فريق السعودية، وبذلك يفتح الباب واسعا للفوضى الذي يتجنبها حزب الله، ويراهن مدبروا المؤامرة أن هذا العزف على وثر الهاجس المذهبي وتحميل حزب الله مسؤولية الفراغ وانهيار المؤسسات للإستحواد على الدولة بالقوة، من شأنه أن يرغمه على تقديم تنازلات، وفق ما يتوهم المتآمرون.
لبنان دخل اليوم درب المجهول.. خصوصا وأن لا أفق واعد لحوار محتمل بين إيران والسعودية، وإيران بصدد التوجه إلى آسيا للإنخراط في منظومتها المالية والإقتصادية لتجاوز الحظر والضغوط الغربية عليها، وهناك تحالف إستراتيجي أمني وعسكري وإقتصادي يتشكل في الأفق بيت روسيا والصين وإيران، ما سيقلب المعادلات في المنطقة والعالم بالكامل ولو بعد حين.
وأود الإشارة هنا إلى أن تقديم فرنسا لقرار إحالة الملف السوري إلى المحكمة الدولية لجرائم الحرب، كان بإيعاز من أمريكا التي كانت تعرف أن القرار لن يمر، لكن كانت بحاجة لمعرفة إن كانت الصين ستتلتزم على الأقل الحياد بعدم التصويت حتى لا تحرج، لكن الفيتو الصيني كان رسالة واضحة لبالون الإختبار الأمريكي، ومفادها، أن روسيا والصين في الهم شرق، وأن روسيا بفضل تحالفها مع الصين ودول البريكس قد تحررت من الضغط الغربي في مجال العقوبات، وأصبح بيدهما الآن القدرة أن يعصفا بإقتصاد أوروبا وأمريكا. كما أن سياسة جذب إيران لن تنفع، لأن الصين وروسيا نجحتا في إقناع إيران بالإنضمام لمحورهما الصاعد بثبات وقوة.
من هنا جاءت الحاجة الأمريكية لفعل شيىء في سورية ولبنان لحماية أمن “إسرائيل” وأدوات أمريكا في المنطقة، وخصوصا السعودية.. ولمزيد من التوضيح، علينا إنتظار إطلالة سماحة السيد الأحد ليلقي الضوء على المستجدات في لبنان وسورية والمنطقة.