المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير آية الإسراء والمعراج


شجون الزهراء
26-05-2014, 02:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته


قال تعالى } سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ { .
أي إلى ملكوت المسجد الأقصى الذي هو في السماء كما يظهر من الأخبار الآتية لنريه من آياتنا إنه هو السميع لأقوال عبده البصير لأفعاله .
القمي عن الباقر (عليه الصلاة والسلام) إنه كان جالسا في المسجد الحرام فنظر إلى السماء مرة وإلى الكعبة مرة ثم قال سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وكرر ذلك ثلاث مرات ثم التفت إلى إسماعيل الجعفي فقال أي شيء يقولون أهل العراق في هذه الآية يا عراقي قال يقولون أسرى به من المسجد الحرام إلى بيت المقدس فقال ليس كما يقولون ولكنه أسرى به من هذه إلى هذه وأشار بيده إلى السماء وقال ما بينهما حرم .
والعياشي عن الصادق (عليه الصلاة والسلام) أنه سئل عن المساجد التي لها الفضل فقال المسجد الحرام ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قيل والمسجد الأقصى فقال ذاك في السماء إليه أسرى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقيل إن الناس يقولون إنه بيت المقدس فقال مسجد الكوفة أفضل منه .
وفي الكافي عنه (عليه الصلاة والسلام) إنه سئل كم عرج برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال مرتين .
والكافي والعياشي عن الباقر (عليه الصلاة والسلام) أتى جبرائيل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالبراق أصغر من البغل وأكبر من الحمار مضطرب الأذنين عينيه في حافره وخطاه مد بصره .
وزاد في الكافي فإذا انتهى إلى جبل قصرت يداه وطالت رجلاه فإذا هبط طالت يداه وقصرت رجلاه أهدب [1] العرف [2] الأيمن له جناحان من خلفه .
وفي العيون عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إن الله تعالى سخر لي البراق وهي دابة من دواب الجنة ليست بالقصير ولا بالطويل فلو أن الله أذن لها لجالت الدنيا والآخرة في جرية واحدة وهي أحسن الدواب لونا .
والقمي عن الصادق (عليه الصلاة والسلام) جاء جبرائيل وميكائيل وإسرافيل بالبراق إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخذ واحد باللجام وواحد بالركاب وسوى الأخر عليه ثيابه فتضعضعت [3] البراق فلطمها جبرائيل ثم قال اسكني يا براق فما ركبك نبي قبله ولا يركبك بعده مثله قال فترقت به ورفعته ارتفاعا ليس بالكثير ومعه جبرائيل (عليه الصلاة والسلام) يريه الآيات من السماء والأرض قال (صلى الله عليه وآله وسلم) فبينا أنا في مسيرتي إذ نادى مناد عن يميني يا محمد فلم أجبه ولم ألتفت إليه ثم نادى مناد عن يساري يا محمد فلم أجبه ولم ألتفت إليه ثم استقبلتني امرأة كاشفة عن ذراعيها عليها من كل زينة الدنيا فقالت يا محمد انتظرني حتى أكلمك فلم ألتفت إليها ثم سرت فسمعت صوتا أفزعني فجاوزته فنزل بي جبرائيل فقال صل فصليت فقال لي تدري أين صليت فقلت لا فقال صليت بطيبة [4] وإليها مهاجرك ثم ركبت فمضينا ما شاء الله ثم قال لي انزل فصل فنزلت فصلّيت فقال لي أتدري أين صليت فقلت لا فقال صليت بطور سيناء حيث كلم الله موسى تكليما ثم ركبت فمضينا ما شاء الله ثم قال لي أنزل فصل فنزلت وصليت فقال لي أتدري أين صليت فقلت لا قال صليت ببيت لحم وبيت لحم بناحية بيت المقدس حيث ولد عيسى بن مريم عليهما السلام ثم ركبت فمضينا حتى انتهينا إلى بيت المقدس فربطت البراق بالحلقة التي كانت الأنبياء يربطون بها فدخلت المسجد ومعي جبرائيل إلى جنبي فوجدنا إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام فيمن شاء الله من أنبياء الله فقد جمعوا إلي وأقيمت الصلاة ولا أشك إلا وجبرائيل سيتقدمنا فلما استووا أخذ جبرائيل بعضدي فقدمني وأممتهم ولا فخر ثم أتاني الخازن بثلاثة أوان إناء فيه لبن وإناء فيه ماء وإناء فيه خمر وسمعت قائلا يقول إن أخذ الماء غرق وغرقت أمته وإن أخذ الخمر غوي وغوت أمته وإن أخذ اللبن هدي وهديت أمته قال فأخذت اللبن وشربت منه فقال لي جبرائيل هديت وهديت أمتك ثم قال لي ماذا رأيت في مسيرك فقلت ناداني مناد عن يميني فقال لي أو أجبته فقلت لا ولم ألتفت إليه فقال ذلك داعي اليهود ولو أجبته لتهودت أمتك من بعدك ثم قال ماذا رأيت فقلت ناداني مناد عن يساري فقال لي أو أجبته فقلت لا ولم ألتفت إليه فقال ذلك داعي النصارى ولو أجبته لتنصرت أمتك من بعدك ثم قال ماذا استقبلك فقلت لقيت امرأة كاشفة عن ذراعيها عليها من كل زينة الدنيا فقالت يا محمد انتظرني حتى أكلمك فقال أو كلمتها فقلت لم اكلمها ولم ألتفت إليها فقال تلك الدنيا ولو كلمتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة ثم سمعت صوتا أفزعني فقال لي جبرائيل تسمع يا محمد قلت نعم قال هذه صخرة قذفتها على شفير جهنم منذ سبعين عاما فهذا حين استقرت قالوا فما ضحك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى قبض قال فصعد جبرائيل وصعدت معه إلى السماء الدنيا وعليها ملك يقال إسماعيل وهو صاحب الخطفة التي قال الله تعالى إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب وتحته سبعون ألف ملك تحت كل ملك سبعون ألف ملك فقال يا جبرائيل من هذا معك فقال محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قال وقد بعث قال نعم ثم فتح الباب فسلمت عليه وسلم عليّ واستغفرت له واستغفر لي وقال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وتلقتني الملائكة حتى دخلت السماء الدنيا فما لقيني ملك إلا ضاحك مستبشر حتى لقيني ملك من الملائكة لم أر خلقا أعظم منه كريه المنظر ظاهر الغضب فقال لي مثل ما قالوا من الدعاء إلا أنه لم يضحك ولم أر فيه من الاستبشار ما رأيت مّمن ضحك من الملائكة فقلت من هذا يا جبرائيل فإني قد فزعت منه فقال لي يجوز أن يفزع منه فكلنا نفزع منه إن هذا مالك خازن النار لم يضحك قط ولم يزل منذ ولاه الله جهنم يزداد كل يوم غضبا وغيظا على أعداء الله وأهل معصيته فينتقم الله به منهم ولو ضحك إلى أحد كان قبلك أو كان ضاحكا إلى أحد بعدك لضحك إليك ولكنه لا يضحك فسلمت عليه فرد السلام عليّ وبشرني بالجنة فقلت لجبرائيل وجبرائيل بالمكان الذي وصفه الله مطاع ثم أمين ألا تأمره أن يريني النار فقال له جبرائيل يا مالك أر محمدا النار فكشف عنها غطاء وفتح بابا منها فخرج منها لهب ساطع في السماء وفارت وارتفعت حتى ظننت لتتناولني مما رأيت فقلت يا جبرائيل قل له فليرد عليها غطاءها فأمرها فقال ارجعي فرجعت إلى مكانها الذي خرجت منه ثم مضيت فرأيت رجلا أدما جسيما فقلت من هذا يا جبرائيل فقال هذا أبوك آدم (عليه الصلاة والسلام) فإذا هو يعرض عليه ذريته فيقول روح طيب وريح طيبة من جسد طيب ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سورة المطففين على رأس سبع عشرة آية } كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَّرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ(21) { إلى آخرها قال فسلمت على أبي آدم وسلم عليّ واستغفرت له واستغفر لي وقال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح والمبعوث في الزمن الصالح ثم مررت بملك من الملائكة وهو جالس على مجلس وإذا جميع الدنيا بين ركبتيه وإذا بيده لوح من نور ينظر إليه مكتوب فيه كتابا ينظر فيه لا يلتفت يمينا ولا شمالا مقبلا عليه به كهيئة الحزين فقلت من هذا يا جبرائيل فقال هذا ملك الموت دائب في قبض الأرواح فقلت يا جبرائيل أدنني منه حتى اكلمه فأدناني منه فسلمت عليه وقال له جبرائيل هذا نبي الرحمة الذي أرسله الله إلى العباد فرحب بي وحياني بالسلام وقال أبشر يا محمد فإني أرى الخير كله في أمتك فقلت الحمد لله المنان ذي النعم على عباده ذلك من فضل ربي ورحمته عليّ فقال جبرائيل هو أشد الملائكة عملا فقلت أكل من مات أو هو ميت فيما بعد هذا يقبض روحه فقال نعم قلت ويراهم حيث كانوا ويشهدهم بنفسه فقال نعم .
فقال ملك الموت ما الدنيا كلها عندي فيما سخرها الله لي ومكنني عليها إلا كالدرهم في كف الرجل يقلبه كيف يشاء وما من دار إلا وأنا أتصفحه كل يوم خمس مرات وأقول إذا بكى أهل البيت على ميتهم لا تبكوا عليه فإن لي فيكم عودة وعودة حتى لا يبقى منكم أحد فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كفى بالموت طامة [5] يا جبرائيل فقال جبرائيل إن ما بعد الموت أطم وأطم من الموت قال ثم مضيت فإذا أنا بقوم بين أيديهم موائد من لحم طيب ولحم خبيث يأكلون اللحم الخبيث ويدعون الطيب فقلت من هؤلاء يا جبرائيل فقال هؤلاء الذين يأكلون الحرام ويدعون الحلال وهم من أمتك يا محمد فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم رأيت ملكا من الملائكة جعل الله أمره عجبا نصف جسده نارا ونصفه الآخر ثلجا فلا النار يذيب الثلج ولا الثلج يطفي النار وهو ينادي بصوت رفيع ويقول سبحان الذي كف حر هذه النار فلا يذيب الثلج وكف برد هذا الثلج فلا يطفي حر هذه النار اللهم مؤلف [ يا مؤلفا خ ل ] بين الثلج والنار ألف بين قلوب عبادك المؤمنين فقلت من هذا يا جبرائيل فقال هذا ملك وكله الله بأكناف [6] السماء وأطراف الأرضين وهو أنصح ملائكة الله لأهل الأرضين من عباده المؤمنين يدعو لهم بما تسمع منه منذ خلق ملكان يناديان في السماء أحدهما يقول اللهم أعط كل منفق خلفا[7] والآخر يقول اللهم أعط كل ممسك تلفا ثم مضيت فإذا أنا بأقوام لهم مشافر [8] كمشافر الإبل يقرض اللحم من جنوبهم ويلقى في أفواههم فقلت من هؤلاء يا جبرائيل فقال هؤلاء الهمازون اللمازون ثم مضيت فإذا أنا بأقوام يرضخ [9] رؤوسهم بالصخر فقلت من هؤلاء يا جبرائيل فقال هؤلاء الذين ينامون عن صلاة العشاء ثم مضيت فإذا أنا بأقوام يقذف النار في أفواههم وتخرج من أدبارهم فقلت من هؤلاء يا جبرائيل فقال هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ثم مضيت فإذا أنا بأقوام يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر من عظم بطنه فقلت من هؤلاء يا جبرائيل فقال هؤلاء الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس وإذا هم بسبيل آل فرعون يعرضون عليها النار غدوا وعشيا ويقولون ربنا متى تقيم الساعة قال ثم مضيت فإذا أنا بنساء معلقات بُثديهنّ [10] فقلت من هؤلاء يا جبرائيل فقال هؤلاء اللواتي يورثن أموال أزواجهن أولاد غيرهم ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على قوم في نسبهم من ليس منهم فاطلع على عوراتهم وأكل خزائنهم ثم قال مررنا بملائكة من ملائكة الله عز وجل خلقهم الله كيف شاء ووضع وجوههم كيف شاء ليس شيء من أطباق أجسادهم إلا وهو يسبح الله ويحمده من كل ناحية بأصوات مختلفة أصواتهم مرتفعة بالتحميد والبكاء من خشية الله فسألت جبرائيل عنهم فقال كما ترى خلقوا إن الملك منهم إلى جنب صاحبه ما كلمه قط ولا رفعوا رؤوسهم إلى ما فوقها ولا خفضوها إلى ما تحتها خوفا لله وخشوعا فسلمت عليهم فردوا عليّ بإيماء رؤوسهم ولا ينظرون إليّ من الخشوع فقال لهم جبرائيل هذا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) نبي الرحمة أرسله الله على العباد رسولا ونبيا وهو خاتم النبوة وسيدهم أفلا تكلموه قال فلما سمعوا ذلك من أقبلوا عليّ بالسلام وأكرموني وبشروني بالخير لي ولأمتي قال ثم صعدنا إلى السماء الثانية فإذا فيها رجلان متشابهان فقلت من هذان يا جبرائيل قال ابنا الخالة يحيى وعيسى عليهما السلام فسلمت عليهما وسلما عليّ واستغفرت لهما واستغفرا لي وقالا مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وإذا فيها من الملائكة وعليهم الخشوع وقد وضع الله وجوههم كيف شاء ليس منهم ملك إلا يسبح الله ويحمده بأصوات مختلفة ثم صعدنا إلى السماء الثالثة فإذا فيها رجل فضل حسنه سائر الخلق كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم فقلت من هذا يا جبرائيل فقال هذا أخوك يوسف فسلمت عليه وسلم عليّ واستغفرت له واستغفر لي وقال مرحبا بالأخ الصالح والنبيّ الصالح والمبعوث في الزمن الصالح وإذا فيها ملائكة من الخشوع مثل ما وصفت في والسماء الأولى والثانية وقال لهم جبرائيل في أمري ما قال للآخرين وصنعوا بي مثل ما صنع الآخرون ثم صعدنا إلى السماء الرابعة وإذا فيها رجل فقلت من هذا يا جبرائيل فقال هذا إدريس رفعه الله مكانا عليا فسلمت عليه وسلم عليّ واستغفرت له واستغفر لي وإذا فيها من الملائكة عليهم من الخشوع مثل ما في السماوات فبشروني بالخير لي ولأمتي ثم رأيت ملكا جالسا على سرير تحت يديه سبعون ألف ملك تحت كل ملك سبعون ألف ملك فوقع في نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه هو فصاح به جبرائيل فقال قم فهو قائم إلى يوم القيامة ثم صعدنا إلى السماء الخامسة فإذا فيها رجل كهل عظيم العين لم أر كهلا أكهل منه حوله ثلة من أمته فأعجبني كثرتهم فقلت من هذا يا جبرائيل فقال هذا المجيب في لقومه هارون بن عمران فسلمت عليه وسلّم عليّ واستغفرت له واستغفر لي وإذا فيها من الملائكة عليهم الخشوع مثل ما في السماوات ثم صعدنا إلى السماء السادسة وإذا فيها رجل أدم طويل كأنه من شعرة ولو أن عليه قميصين لنفذ شعره فيهما وسمعته يقول يزعم بنو إسرائيل إني أكرم ولد آدم على الله وهذا رجل أكرم على الله مني فقلت من هذا يا جبرائيل فقال أخوك موسى بن عمران فسلمت عليه وسلم عليّ واستغفرت له واستغفر لي وإذا فيها من الملائكة عليهم الخشوع مثل ما في السماوات قال ثم صعدنا إلى السماء السابعة فما مررت بملك من الملائكة إلا قالوا يا محمد احتجم وأمر أمتك بالحجامة وإذا فيها رجل اشمط [11] الرأس واللحية جالس على كرسي فقلت يا جبرائيل من هذا الذي في السماء السابعة على باب بيت المعمور في جوار الله فقال يا محمد هذا أبوك إبراهيم (عليه الصلاة والسلام) وهذا محلك ومحل من اتقى من أمتك ثم قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين فسلمت عليه وسلم عليّ وقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح والمبعوث في الزمن الصالح وإذا فيها من الملائكة عليهم الخشوع مثل ما في السماوات فبشروني بالخير لي ولأمتي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ورأيت في السماء السابعة بحارا من نور يتلألأ يكاد تلألؤها يخطف بالأبصار وفيها بحار مظلمة وبحار ثلج ترعد فلما فرغت ورأيت هؤلاء سألت جبرائيل فقال أبشر يا محمد واشكر كرامة ربك واشكر الله على ما صنع إليك قال فثبتني الله بقوته وعونه حتى كثر قولي لجبرائيل ويعجبي فقال جبرائيل يا محمد تعظّم ما ترى إنما هذا خلق من خلق ربك أن بين الله وبين خلقه تسعين ألف حجاب وأقرب الخلق إلى الله أنا وإسرافيل وبيننا وبينه أربعة حجب حجاب من نور وحجاب من ظلمة وحجاب من الغمام وحجاب من ماء قال ورأيت من العجائب الذي خلق الله وسخر به على ما أراد ديكا رجلاه في تخوم الأرضين السابعة ورأسه عند العرش وملكا من ملائكة الله تعالى خلقه كما أراد رجلاه في تخوم الأرضين السابعة ثم أقبل مصعدا حتى خرج في الهواء إلى السماء السابعة وانتهى فيها مصعدا حتى انتهى قرنه إلى قرب العرش وهو يقول سبحان ربي حيث ما كنت لا تدري أين ربك من عظم شأنه وله جناحان في منكبه إذا نشرهما جاوز المشرق والمغرب فإذا كان في السحر نشر جناحيه وخفق [12] بهما وصرخ [13] بالتسبيح يقول سبحان الله الملك القدوس سبحان الله الكبير المتعال لا إله إلا الله الحي القيوم وإذا قال ذلك سبحت ديوك الأرض كلها وخفقت بأجنحتها وأخذت بالصراخ فإذا سكت ذلك الديك في السماء سكتت ديوك الأرض كلها ولذلك الديك زغب [14] أخضر وريش أبيض كأشد بياض ما رأيته قط وله زغب أخضر أيضا تحت ريشه الأبيض كأشد خضرة ما رأيتها قط قال ثم مضيت مع جبرائيل فدخلت البيت المعمور فصليت فيها ركعتين ومعي أناس من أصحابي عليهم ثياب جدد وآخرين عليهم ثياب خلقان [15] فدخل أصحاب الجدد وحبس أصحاب الخلق ثم خرجت فانقاد لي نهران نهر يسمى الكوثر ونهر يسمى الرحمة فشربت من الكوثر واغتسلت من الرحمة ثم انقادا لي جميعا حتى دخلت الجنة وإذا على حافتيها [16] بيوتي وبيوت أزواجي وإذا ترابها كالمسك وإذا جارية تنغمس في أنهار الجنة فقلت لمن أنت يا جارية فقالت لزيد بن حارثة فبشرته بها حين أصبحت وإذا بطيرها كالبخت [17] وإذا رمانها مثل الدّليب [18] العظام وإذا شجرة لو أرسل طائر في أصلها ما دارها سبعمائة سنة وليس في الجنة منزل إلا وفيها فرع منها فقلت ما هذه يا جبرائيل فقال هذه شجرة طوبى قال الله تعالى طوبى لهم وحسن مآب قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلما دخلت الجنة رجعت إلى نفسي فسألت جبرائيل عن تلك البحار وهولها وأعاجيبها فقال هو سرادقات الحجب التي احتجب الله تبارك وتعالى بها ولولا تلك الحجب لهتك نور العرش وكل شيء فيه فانتهيت إلى سدرة المنتهى فإذا الورقة منها تظل امة من الأمم فكنت منها كما قال الله تعالى قاب قوسين أو أدنى فناداني آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون قال القمي قد كتبنا ذلك في سورة البقرة .
هناك قال فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يا رب أعطيت أنبياءك فضائل فأعطني فقال الله وقد أعطيتك فيما أعطيتك كلمتين من تحت عرشي لا حول ولا قوة إلا بالله ولا منجى منك إلا إليك قال وعلمتني الملائكة قولا أقوله إذا أصبحت وأمسيت اللهم أن ظلمي أصبح مستجيرا بعفوك وذنبي أصبح مستجيرا بمغفرتك وذلي أصبح مستجيرا بعزك وفقري أصبح مستجيرا بغناك ووجهي البالي أصبح مستجيرا بوجهك الباقي الذي لا يفنى وأقول ذلك إذا أمسيت ثم سمعت الأذان فإذا ملك يؤذن لم ير في السماء قبل تلك الليلة فقال الله أكبر الله أكبر فقال الله صدق عبدي أنا أكبر فقال أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله فقال صدق عبدي أنا الله لا إله غيري فقال أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله فقال صدق عبدي أن محمدا عبدي ورسولي أنا بعثته وانتجبته فقال حي على الصلاة حي على الصلاة فقال صدق عبدي دعا إلى فريضتي فمن مشى إليها راغبا فيها محتسبا كانت كفارة لما مضى من ذنوبه فقال حي على الفلاح حي على الفلاح فقال الله هي الصلاح والنجاح والفلاح ثم أممت الملائكة في السماء كما أممت الأنبياء في بيت المقدس قال ثم غشيتني صبابة فخررت ساجدا فناداني ربي إني قد فرضت على كل نبي كان قبلك خمسين صلاة وفرضتها عليك وعلى أمتك فقم بها أنت في أمتك فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فانحدرت حتى مررت على إبراهيم (عليه الصلاة والسلام) فلم يسألني عن شيء حتى انتهيت إلى موسى (عليه الصلاة والسلام) فقال ما صنعت يا محمد فقلت قال ربي فرضت على كل نبي كان قبلك خمسين صلاة وفرضتها عليك وعلى أمتك فقال موسى يا محمد إن أمتك آخر الأمم وأضعفها وإن ربك لا يرد عليك شيئا وإن أمتك لا تستطيع أن تقوم بها فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لامتك فرجعت إلى ربي حتى انتهيت إلى سدرة المنتهى فخررت ساجدا ثم قلت فرضت عليّ وعلى أمتي خمسين صلاة ولا أطيق ذلك ولا أمتي فخفف عني فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى (عليه الصلاة والسلام) فأخبرته فقال ارجع إلى ربك لا تطيق فرجعت إلى ربي فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى (عليه الصلاة والسلام) فأخبرته فقال ارجع وفي كل رجعة أرجع إليه أخر ساجدا حتى رجع إلى عشر صلوات فرجعت إلى موسى (عليه الصلاة والسلام) وأخبرته فقال لا تطيق فرجعت إلى ربي فوضع عني خمسا فرجعت إلى موسى وأخبرته فقال لا تطيق فقلت قد استحييت من ربي ولكن أصبر عليها فناداني مناد كما صبرت عليها فهذه الخمس بخمسين كل صلاة بعشر ومن هم من أمتك بحسنة يعملها فعملها كتبت له عشرا وإن لم يعمل كتبت له واحدة ومن هم من أمتك بسيئة فعملها كتبت عليه واحدة وإن لم يعملها لم أكتب عليه فقال الصادق (عليه الصلاة والسلام) جزى الله موسى عن هذه الأمة خيرا فهذا تفسير قول الله عز وجل } سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ { الآية .
وفي المجالس عن الصادق (عليه الصلاة والسلام) لما أسري برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى بيت المقدس حمله جبرائيل على البراق فأتيا بيت المقدس وعرض عليه محاريب الأنبياء وصلى بها ورده فمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في رجوعه بعير [19] لقريش وإذا لهم ماء في آنية وقد أضلوا بعيرا لهم وكانوا يطلبونه فشرب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من ذلك الماء وأهرق باقيه فلما أصبح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لقريش إن الله تعالى قد أسرى بي إلى بيت المقدس وأراني آثار الأنبياء ومنازلهم وإني مررت بعير في موضع كذا وكذا وقد أضلوا بعيرا لهم فشربت من مائهم وأهرقت باقي ذلك فقال أبو جهل قد مكنتكم الفرصة فسألوه كم الأساطين فيها والقناديل فقالوا يا محمد أن هاهنا من قد دخل بيت المقدس فصف لنا كم أساطينه وقناديله ومحاريبه فجاء جبرائيل (عليه الصلاة والسلام) فعلق صورة بيت المقدس تجاه [20] وجهه فجعل يخبرهم بما يسألونه عنه فلما أخبرهم قالوا حتى يجيء العير ونسألهم عما قلت فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تصديق ذلك أن العير تطلع عليكم مع طلوع الشمس يقدمها جمل أورق [21] فلما كان من الغد أقبلوا ينظرون إلى العقبة ويقولون هذه الشمس تطلع الساعة فبينما هم كذلك إذ أطلعت عليهم العير حتى طلع القرص يقدمها جمل أورق فسألوهم عما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا لقد كان هذا ضل جمل لنا في موضع كذا وكذا ووضعنا ماء فأصبحنا وقد اهريق الماء فلم يزدهم ذلك إلا عتوا .
والقمي ما يقرب منه وفي كشف الغمة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه سئل بأي لغة خاطبك ربك ليلة المعراج فقال خاطبني بلغة علي بن أبي طالب (عليه الصلاة والسلام) فألهمت أن قلت يا رب خاطبتني أم علي فقال يا أحمد أنا شيء ليس كالأشياء ولا أقاس بالناس ولا أوصف بالأشياء خلقتك من نوري وخلقت عليا من نورك فاطلعت على سراير قلبك فلم أجد إلى قلبك أحب من علي بن أبي طالب فخاطبتك بلسانه كي ما يطمئن قلبك.
والأخبار في قصة المعراج كثيرة من أرادها فليطلبها من مواضعها وفيها أسرار لا يعثر عليها إلا الراسخون في العلم .
————-
الهوامش :
[1] هدب الشجر كفرح طال أغصانها وتدلت كاهدبت ق .
[2] وفي حديث ابن جبير ما أكلت لحما أطيب من مغرفة البرذون أي منبت عرفه من رقبته نهاية .
[3] ضعضعه هدمه حتى الأرض وتضعضعت أركانه أي اتضعت م‍ .
[4] وطيبة على وزن شيبة اسم مدينة الرسول صلى الله عليه وآله صحاح .
[5] الطامة الدهية لأنها تطم على كل شيء أي تعلوه من طم الأمر أعلاه م‍ .
[6] الكنف بالتحريك الجانب والناحية والاكناف الجوانب والنواحي م‍ .
[7] وفي الخبر اللهم أعط كل منفق خلفا أي عوضا عاجلا مالا أو دفع سوء وأجلا ثوابا فكم من منفق قلما يقع به الخلف المالي م‍ .
[8] المشفر من البعير بفتح الميم وكسرها والشين مفتوحة فيها كالجحفلة من الفرس وغيره من ذي الحافر والشفة من الإنسان م‍ .
[9] الرضخ الدق والكسر ومنه ضخت رأسه بالحجارة م‍ .
[10] الثدي بالفتح وسكون المهملة وخفة الياء يذكر ويؤنث وهو للمرأة والرجل والجمع ثد وثدي بكسر الثاء وربما جاء على ثداء كسهم وسهام م‍ .
[11] الشمط ـ بالتحريك ـ بياض شعر الرأس مخالط السواد .
[12] وخفق الطائر إذا طار وخفقاته اضطراب جناحيه م‍ .
[13] والصراخ بالضم الصوت والتصرخ تكلف الصّراخ وفي الحديث كان يقوم من الليل إذا سمع صوت الصارخ يعني بذلك الديك لأنه كثير الصراخ بالليل م‍ .
[14] الزّغب محركة صغار الشعر ولينه حين يبدو من الصبي وكذلك من الشيخ حين يرقّ شعره ويضعف ومن الرّيش ول ما ينبت يقال زغب الفرخ زغيبا من باب تعب صغر ريشه مـ .
[15] خلق الثور كنصر وسمع وكرم خلوقة وخلقا محركة بليَ والخلق محركة البالي للمذكر والمؤنث ج خلقان ق .
[16] حفوا حوله يحفون حفا أي أطافوا به واستداروا وحفافا الشيء جانبا ص .
[17] البخت نوع من الإبل مـ .
[18] الدلو مؤنث وقد يذكر ج أدل ودلاء ودلّى ودِلّى ق .
[19] العير بالكسر القافلة مؤنثة والإبل تحمل الميرة بلا واحد من لفظها أو كل ما امتير عليه إبلاً كانت أو حميرا أو بغالا ج كعنبات ويسكن ق .
[20] ووجاهك وتجاهك مثلثين تلقاء وجهك ق .
[21] الاورق من الإبل ما في لونه بياض الى سواد وهو من أطيب الإبل لحما لا سيرا وعملا ق .