المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من سيرة السيدة خديجة عليها السلام ورد افتراءات عائشة عليها


تقوى القلوب
08-07-2014, 11:29 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وال محمد
مقتبس من كتاب االسيرة النبوية عند أهل البيت (ع) ـ ج 3
ملحق رقم 7
من سيرة أم المؤمنين خديجة(عليها السلام)
1- صار بيت خديجة(عليها السلام) بيت النبي(صلى الله عليه وآله) ، ويقع في الجهة المقابلة لشعب بني هاشم وكان الى وقت قريب معروفاً ببيت خديجة ومولد فاطمة(عليها السلام) ، ويقع في سوق الليل وهو سوق لبيع الذهب ، وقد زرته في الستينات والسبعينات ميلادية ، حتى هدمه الوهابيون وأزالوه فيما أزالوا من آثار النبي(صلى الله عليه وآله) وآثار الإسلام !
وعندما كتبت قريش صحيفة المقاطعة ، اضطر النبي(صلى الله عليه وآله) أن يترك بيته ويدخل مع بني هاشم في شعب أبي طالب ، وتحملت خديجة معه(صلى الله عليه وآله) سنوات المحاصرة فأرسل الله جبرئيل ليقرئها السلام ويسليها عن فقدانها بيتها ، ويبشرها بأنه بنى لها بيتاً في الجنة . وكان النبي(صلى الله عليه وآله) يذكرها كل عمره ويمدحها ، فكانت عائشة تحسدها وتغار منها: قالت:((ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة ، ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت في الجنة))! (صحيح بخاري: 8/195).
لاحظ أن عائشة ذكرت سبب حسدها لخديجة ، ولم تذكر هنا صفة بيتها !
وقد ذكرتها رواية أهل البيت(عليهم السلام) ، ففي شرح الأخبار:3/17، عن الإمام الباقر(عليه السلام) قال:((قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لفاطمة(عليها السلام) :إن جبرائيل(عليه السلام) عهد إليَّ أن بيت أمك خديجة في الجنة بين بيت مريم ابنة عمران وبين بيت آسية امرأة فرعون ، من لؤلؤة جوفاء ، لا صخب فيه ولا نصب)).
وفي نظم درر السمطين للزرندي الحنفي/183، والفصول مهمة لابن الصباغ:1/666، عن أبي سعيد الخدري أن النبي(صلى الله عليه وآله) :((مر في السماء السابعة قال: فرأيت فيها لمريم ولأم موسى ، ولآسية امرأة فرعون ، ولخديجة بنت خويلد ، قصوراً من الياقوت ، ولفاطمة بنت محمد سبعين قصراً من مرجان أحمر ، مكللةً باللؤلؤ)).
وقد روى عددٌ من مصادرهم حديث بيت خديجة(عليها السلام) بدون قصب ! ففي فضائل الصحابة/75 ، للنسائي:((بشر رسول الله (ص) خديجة ببيت في الجنة لاصخب فيه ولا نصب)). والنسائي:5/94، والجامع الصغير:2/247 ، وتاريخ الذهبي:1/238.
لكن بيت خديجة صار عند عائشة كوخاً من قصب !(( بشر خديجة ببيت من الجنة من قصب ، لاصخب فيه ولانصب))! (صحيح بخاري: 2/203).
أما لماذا من قصب؟فتقول عائشة:((توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة ، فقال رسول الله (ص): أريتُ لخديجة بيتاً من قصب ، لا صخب فيه ولانصب)).
وفي فتح الباري:1/27:((خرَّج المصنف بالإسناد في التاريخ حديث الباب عن عائشة ثم عن جابر بالإسناد المذكور هنا ، فزاد فيه.. وماتت خديجة قبل أن تفرض الصلاة ، فقال النبي: رأيت لخديجة بيتاً من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب)).
وفي مسند أبي يعلى:4/41 ، من حديث المعراج:((وسئل(ص) عن خديجة لأنها ماتت قبل الفرائض وأحكام القرآن؟ فقال: أبصرتها على نهر من أنهار الجنة في بيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب)) ! وفي الطبراني الأوسط:8/120:(( ماتت قبل الفرائض وأحكام القرآن)). ومثله تاريخ دمشق:63/22 ، وصححه مجمع الزوائد:9/416.
فبيت خديجة(عليها السلام) بزعم عائشة من قصب لأنها لم تصلِّ ، أما بيتها هي فمن لؤلؤ ، لأنها صلَّت ! وهذا يسليها عن بشارة النبي(صلى الله عليه وآله) لخديجة وحبه لها .
ثم جاء المعذرون ومنهم بخاري ، فأرادوا أن يغطوا الفضيحة ، لأن الصلاة فرضت في أول البعثة ، فجعلوا قصب عائشة بمعنى الذهب ! لكن اللغة تأبى عليهم ، فالقصب هو النبات المعروف المجوف ، ولم يرد وصفاً لقصور الجنة !
وتمحل بعضهم فقال إنه بيت إضافي لخديجة غير بيت اللؤلؤ ! أو إشارة الى أنها أحرزت قصبة السبق وهي قصبة يجعلونها آخر الميدان . أو(( من جهة استواء أكثر أنابيبه وكذا كان لخديجة من الإستواء ما ليس لغيرها)). (فتح الباري:7/104).
وكلها أعذار تؤكد أن بيوت الجنة من لؤلؤ وذهب ، ولكن عائشة أبت أن تجعل بيت خديجة المظلومة ، إلا من قصب !
2- اشتهر حسد عائشة لخديجة(عليها السلام) وكانت تجهر به وبغضب النبي(صلى الله عليه وآله) عليها لذلك، ولا سبب لهذا الحسد سبب إلا مكانة خديجة(عليها السلام) عند الله تعالى ورسوله(صلى الله عليه وآله) ، فقد كان النبي(صلى الله عليه وآله) يردد ذكرها ويمدحها ليُعَرِّف المسلمين بقدرها فتثور عائشة !
ففي سيرة ابن إسحاق:5/228:(( عن علي بن أبي طالب قال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: خير نسائها مريم ابنة عمران ، وخير نسائها خديجة بنت خويلد)).
وفي سيرة ابن هشام:1/159، وتفسير العياشي:2/279 ، والإستيعاب:4/1821، عن أبي سعيد الخدري أن النبي(صلى الله عليه وآله) قال:((إن جبرئيل قال لي ليلة أسريَ بي : وحين رجعت فقلت: يا جبرئيل هل لك من حاجة؟فقال: حاجتي أن تقرأ على خديجة من الله ومني السلام . وحدثنا عند ذلك أنها قالت حين لقَّاها نبي الله السلام فقال لها الذي قال جبرئيل قالت: إن الله هو السلام ومنه السلام واليه السلام ، وعلى جبرئيل السلام)).
وفي الخصال/205 ، عن ابن عباس قال:((خط رسول الله(صلى الله عليه وآله) أربع خطط في الأرض وقال: أتدرون ما هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم فقال: أفضل نساء الجنة أربع: خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ، ومريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون)). وروته مصادر السنيين باستفاضة .
وفي الخصال/225، عن الإمام الكاظم(عليه السلام) :(( قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : إن الله تبارك وتعالى اختار من كل شئ أربعة: اختار من الملائكة جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت(عليهم السلام) ، واختار من الأنبياء أربعة للسيف: إبراهيم و داود وموسى وأنا ، واختار من البيوتات أربعة فقال: إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ . واختار من البلدان أربعة فقال عز وجل: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا البَلَدِ الأَمِينِ . فالتين المدينة ، والزيتون بيت المقدس ، وطور سينين الكوفة ، وهذا البلد الأمين مكة . واختار من النساء أربعاً: مريم وآسية وخديجة وفاطمة ، واختار من الحج أربعة: الثج والعج والإحرام والطواف ، فأما الثج فالنحر والعج ضجيج الناس بالتلبية . واختار من الأشهر أربعة: رجب وشوال وذا القعدة وذا الحجة . واختار من الأيام أربعة: يوم الجمعة ويوم التروية ويوم عرفة ويوم النحر)).
وفي سيرة ابن إسحاق:5/234:((حسبك من نساء العالمين بأربع مريم ابنة عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة ابنة محمد)).
إن هذه المكانة الجليلة كانت تحرك الحسد في قلب عائشة ! وقد تقدم قولها:((ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة))! (صحيح بخاري:8/195) .
وفي فتح الباري:7/102، أن أكثر حسدها لخديجة كان بسبب بشارة جبرئيل لها ببيت في الجنة قال:(( عن هشام بن عروة بلفظ: ما حسدت امرأة قط ما حسدت خديجة حين بشرها النبي ببيت)). أي لأجل أنه بشرها ببيت من ربها في الجنة !
وفي السيرة الحلبية:3/401:((قالت له وقد مدح خديجة: ما تذكر من عجوز حمراء الشدقين قد أبدلك الله خيراً منها ! فغضب رسول الله (ص) وقال: والله ما أبدلني الله خيراً منها)) ! وفي سيرة ابن إسحاق:5/228 ، عن أبي نجيح قال:((أهدي لرسول الله(صلى الله عليه وآله) جزور أو لحم ، فأخذ عظماً منها فتناوله بيده فقال له: إذهب به إلى فلانة ، فقالت له عائشة: لم غَمَرْتَ (الغمر: الدسم) يدك؟ فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : إن خديجة أوصتني بها ، فغارت عائشة وقالت: لكأنه ليس في الأرض امرأة إلا خديجة ! فقام رسول الله مغضباً فلبث ما شاء الله ، ثم رجع فإذا أم رومان فقالت: يا رسول الله ما لك ولعائشة إنها حَدَث ، وأنت أحق من تجاوز عنها، فأخذ بشدق عائشة وقال:ألست القائلة كأنما ليس على الأرض امرأة إلا خديجة ! والله لقد آمنت بي إذ كفر قومك ، ورزقت مني الولد وحرمتموه)) !
وفي العمدة/394، أنه(صلى الله عليه وآله) طرد عائشة !((فقال(صلى الله عليه وآله) : قومي عني فقامت إلى ناحية من البيت ولعلها تكلمت بعد قيامها فأخذ بشدقها)) ! ولم تبين الرواية كيف أخذ بشدقها ، وهل سد شدقها ليسكتها فقط ، أم ضغط عليه تأديباً لها !
وفي الخصال/405 ، عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال:(( دخل رسول الله(صلى الله عليه وآله) منزله فإذا عائشة مقبلة على فاطمة تصايحها وهي تقول: والله يا بنت خديجة ما ترينَ إلا أن لأمك علينا فضلاً ، وأي فضل كان لها علينا ما هي إلا كبعضنا ! فسمع مقالتها لفاطمة ، فلما رأت فاطمة رسول الله(صلى الله عليه وآله) بكت ، فقال: ما يبكيك يا بنت محمد ؟ قالت: ذكرت أمي فتنقصتها فبكيت ! فغضب رسول الله(صلى الله عليه وآله) ثم قال: مه يا حميراء فإن الله تبارك وتعالى بارك في الودود الولود ، وإن خديجة رحمها الله ولدت مني طاهراً وهو عبدالله وهو المطهر ، وولدت مني القاسم وفاطمة. [وأم كلثوم وزينب] وأنت ممن أعقم الله رحمه ، فلم تلدي شيئاً )) !
ورغم نهي النبي(صلى الله عليه وآله) وغضبه على عائشة فقد استمر حسدها لخديجة(عليها السلام) وامتد الى ابنتها فاطمة(عليها السلام) ! ولعائشة قصص في حساسيتها منها ، لكن سلوك فاطمة(عليها السلام) الرباني فرض احترامها على عائشة حتى كانت تقول:(( ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة من فاطمة إلا أن يكون الذي ولدها)). (الإستيعاب:4/1896، والزوائد:9/201 ، وصححه. وأبو يعلى: 8/153، وفيه: وكان بينهما شئ فقالت عائشة: يارسول الله سلها فإنها لا تكذب !
3- لايصح تصديق روايات عائشة والمتعصبين لها في أي شئ يتعلق بخديجة(عليها السلام) : فإن من أصول القضاء رد شهادة المتهم في حق من يتهمه ، وما دامت عائشة اعترفت بحسدها المفرط لخديجة(عليها السلام) ، فلا يقبل قولها ولا قول ابن أختها عروة عن خديجة ! ولذا نتوقف في قول حكيم بن حزام صاحب عروة والمتعصب لعائشة:((كان عمر رسول الله يوم تزوج خديجة خمساً وعشرين سنة ، وعمرها أربعون سنة . بينما قال ابن عباس كان عمرها ثمانياً وعشرين سنة ، رواهما ابن عساكر ! وقال ابن جرير:كان ابن سبع وثلاثين سنة. وكذا نقل البيهقي عن الحاكم.. وكان عمرها إذ ذاك خمساً وثلاثين وقيل خمساً وعشرين سنة)). (سيرة ابن كثير:1/265).
4- أحل الله لنبيه من النساء ما شاء ، لكنه لم يتزوج على خديجة ولم يتزوج لهواه ففي الكافي:5/389 ، أن أبا بكر الحضرمي سأل الإمام الباقر(عليه السلام) :(( عن قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ؟ كم أحل له من النساء؟قال: ما شاء من شئ. قلت: قوله عز وجل: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِينَ ؟
فقال: لاتحل الهبة إلا لرسول الله(صلى الله عليه وآله) وأما لغير رسول الله فلا يصلح نكاح إلا بمهر قلت: أرأيت قول الله عز وجل: لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ؟ فقال: إنما عنى به لايحل لك النساء التي حرم الله في هذه الآية: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ..الى آخرها ، ولو كان الأمر كما تقولون كان قد أحل لكم ما لم يحل له ، لأن أحدكم يستبدل كلما أراد ولكن ليس الأمر كما يقولون . إن الله عز وجل أحل لنبيه(صلى الله عليه وآله) أن ينكح من النساء ما أراد إلا ما حرم عليه في هذه الآية)) .
ثم روى عن أبي بصير وغيره في تسمية نساء النبي(صلى الله عليه وآله) قال:((عائشة ، وحفصة ، وأم حبيب بنت أبي سفيان بن حرب ، وزينب بنت جحش ، وسودة بنت زمعة ، وميمونة بنت الحارث ، وصفية بنت حي بن أخطب ، وأم سلمة بنت أبي أمية ، وجويرية بنت الحارث . وكانت عائشة من تيم ، وحفصة من عدي ، وأم سلمة من بني مخزوم ، وسودة من بني أسد بن عبد العزى ، وزينب بنت جحش من بني أسد وعدادها من بني أمية ، وأم حبيب بنت أبي سفيان من بني أمية ، وميمونة بنت الحارث من بني هلال ، وصفية بنت حي بن أخطب من بني إسرائيل .
ومات(صلى الله عليه وآله) عن تسع نساء وكان له سواهن التي وهبت نفسها للنبي(صلى الله عليه وآله) وخديجة بنت خويلد أم ولده، وزينب بنت أبي الجون التي خدعت ، والكندية)).
ثم روى أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) لم يتزوج على خديجة .
5. اشتهر وفاء النبي(صلى الله عليه وآله) لخديجة(عليها السلام) ونشرت ذلك عائشة في قصص غيرتها منها ، قال ابن البطريق في العمدة/394:(( أبو إسحاق بإسناده عن أم رومان (أم عائشة) قالت: كان لرسول الله (ص) جارة قد أوصته خديجة أن يتعاهدها ، فحضر عنده شئ من المأكل فأمر بإعطائها وقال: هذه أمرتني خديجة بأن أتعاهدها ، فقالت عائشة ، وكنت أحسدها لكثرة ذكره لها...)). وتقدم ذلك .
وعندما أفاء الله على رسوله(صلى الله عليه وآله) أموال بني النضير ، ومنها فدك أمره أن يفي لخديجة التي وهبته كل أموالها ، فيعطي فدكاً لابنتها ووارثتها الوحيدة فاطمة(عليها السلام) . وقد أجمع المسلمون على أن أموال بني النضير كانت خالصة لرسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وفيها نزل قوله تعالى: وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَئٍْ قَدِيرٌ . (الكافي:1/539 ، والمعتبر:2/633، والبخاري:3/227 ، و:4/209) .
ونزل قوله تعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ.. وقال جبرئيل للنبي: ((إن الله يأمرك أن تؤتى ذا القربى حقه . قال: يا جبرئيل ومن قرباي ، وما حقهم؟ قال: أعط فاطمة حوائط فدك ، واكتب لها كتاباً..وهي من ميراثها من أمها خديجة)). (قصص الأنبياء/345 ، ومناقب آل أبي طالب:1/122).
6. وكما كانت فاطمة بنت أسد أماً للنبي(صلى الله عليه وآله) ، كانت خديجة أماً لعلي(عليه السلام) وربته وأحبته كما أحبه النبي(صلى الله عليه وآله) . ويحدثنا النص التالي أن النبي(صلى الله عليه وآله) أرسل علياً في إحدى مهامه ، ولما تأخر تخوف عليه فذهبت خديجة(عليها السلام) للبحث عنه !
(( أذن رسول الله(صلى الله عليه وآله) لهم في الهجرة ، فهاجر من خاف من قومه على نفسه وتفرقوا في البلدان ، وأقام مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) من حماة قومه ، وافتقد علياً(عليه السلام) ذات يوم فلم يعلم مكانه حتى أمسى فاشتد غمه به ، فرأت أثر الغم عليه خديجة رضوان الله عليها ، فقالت: يا رسول الله ما هذا الغم الذي أراه عليك ؟ قال: غاب علي منذ اليوم فما أدري ما صنع به ، وقد أعطاني الله عز وجل فيه ثلاثاً في الدنيا وثلاثاً في الآخرة لا أخاف معها عليه أن يموت ولا يقتل حتى يعطيني الله موعده إياي ، إلا أني أخاف عليه واحدة. قالت: يا رسول الله وما الثلاث الذي أعطاكها الله في الدنيا؟ وما الثلاث الذي أعطاكها الله في الآخرة ، وما الواحدة التي تخشاها عليه؟ قال: يا خديجة ، إن الله عز وجل أعطاني في علي لدنياي أنه يقتل أربعة وثمانين مبارزاً قبل أن يموت أو يقتل ، وأنه يواري عورتي عند موتي ، وأنه يقضي ديني وعداتي من بعدي. وأعطاني في علي لآخرتي أنه صاحب مفتاحي يوم أفتح أبواب الجنة، وأنه صاحب لوائي يوم القيامة ، وأنه صاحب حوضي. والتي أخافها عليه ضغائن له في قلوب قوم. فخرجت خديجة في الليل تلتمس خبر علي فوافقته فأعلمته باغتمام رسول الله(صلى الله عليه وآله) بغيبته ، وألفته مقبلاً إليه فسبقته تبشره فقام قائماً ، فحمد الله تعالى رافعاً يديه)).(شرح الأخبار:2/205 ، وتفسير فرات/547 ).
وفي مناقب علي(عليه السلام) لمحمد بن سليمان:1/304:(( فلما رأت ذلك خديجة قالت: يا رسول الله أنا أعلم لك علمه ، فشدت على بعيرها ثم ركبت فلقيت علي بن أبي طالب فقالت له: إركب وائت رسول الله(صلى الله عليه وآله) فإنه بك مغتم فقال: ما كنت لأجلس في مجلس زوجة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، بل إمضي فأخبري رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأنا قادم على أثرك قالت خديجة: فمضيت فأخبرت رسول الله(صلى الله عليه وآله) فإذا هو قائم يقول: اللهم فرج غمي بأخي علي، فإذا بعلي قد جاء فتعانقا ، قالت خديجة: ولم أكن أجلس إذا كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) قائماً، فما افترقا متعانقين حتى ضربتا عليَّ قدماي)). أي تعبت من الوقوف وهي تنتظر النبي(صلى الله عليه وآله) وهو واقف يتحدث مع علي(عليه السلام) .
7. قال العلامة الحلي في منهاج الكرامة/75:((وعظموا أمر عائشة على باقي نسوانه ، مع أنه(صلى الله عليه وآله) كان يكثر من ذكر خديجة بنت خويلد ، وقالت له عائشة: إنك تكثر من ذكرها وقد أبدلك الله خيراً منها ! فقال لها: والله ما بدلت بها من هو خير منها: صدقتني إذ كذبني الناس، وآوتني إذ طردني الناس ، وأسعدتني بما لها ، ورزقني الله الولد منها ولم أرزق من غيرها . وأذاعت (عائشة) سر رسول الله(صلى الله عليه وآله) . وقال لها النبي(صلى الله عليه وآله) : إنك تقاتلين علياً وأنت ظالمة . ثم إنها خالفت أمر الله تعالى في قوله: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ، وخرجت في ملأ من الناس تقاتل علياً(عليه السلام) على غير ذنب ، لأن المسلمين أجمعوا على قتل عثمان وكانت هي كل وقت تأمر بقتله ، وتقول: أقتلوا نعثلاً قتل الله نعثلاً !
فلما بلغها قتله فرحت بذلك ثم سألت: من تولى الخلافة؟ فقالوا: علي فخرجت لقتاله على دم عثمان . فأي ذنب كان لعلي(عليه السلام) على ذلك؟ وكيف استجاز طلحة والزبير مطاوعتها على ذلك؟ وبأي وجه يلقون رسول الله(صلى الله عليه وآله) مع أن الواحد منا لو تحدث مع امرأة غيره وأخرجها من منزلها وسافر بها ، كان أشد الناس عداوة)) !
8. وكان النبي(صلى الله عليه وآله) ينفق على المؤمنين من أموال خديجة ، من بعثته الى الهجرة ، ففي أمالي الطوسي/463 ، في حديث هجرة النبي(صلى الله عليه وآله) ومبيت علي(عليه السلام) في فراشه ، عن أبي رافع قال له:(( فأدِّ أمانتي على أعين الناس ظاهراً ، ثم إني مستخلفك على فاطمة ابنتي ومستخلف ربي عليكما ومستحفظه فيكما ، وأمره أن يبتاع رواحل له وللفواطم ، ومن أزمع للهجرة معه من بني هاشم. قال أبو عبيدة: فقلت لعبيد الله يعني ابن أبي رافع: أوَكان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يجد ما ينفقه هكذا ؟ فقال: إني سألت أبي عما سألتني وكان يحدث بهذا الحديث ، فقال: فأين يذهب بك عن مال خديجة(عليها السلام) ؟ وقال: إن رسول الله قال: ما نفعني مال قط مثلما نفعني مال خديجة ، وكان رسول الله يفك من مالها الغارم والعاني ، ويحمل الكَلَّ ، ويعطي في النائبة ويرفد فقراء أصحابه إذ كان بمكة ، ويحمل من أراد منهم الهجرة . وكانت قريش إذا رحلت عيرها في الرحلتين يعني رحلة الشتاء والصيف كانت طائفة من العير لخديجة ، وكانت أكثر قريش مالاً ، وكان(صلى الله عليه وآله) ينفق منه ما شاء في حياتها ، ثم ورثها هو وولدها بعد مماتها)).
وروى بخاري (5/80) قول عمر لأسماء بنت عميس:(( سبقناكم بالهجرة فنحن أحق برسول الله منكم ! فغضبت وقالت: كلا والله كنتم مع رسول الله يطعم جائعكم ويعظ جاهلكم ، وكنا في دار أو في أرض البعداء البغضاء بالحبشة ، وذلك في الله وفي رسوله(صلى الله عليه وآله) ! وأيم الله لا أطعم طعاماً ولا أشرب شراباً حتى أذكر ما قلت لرسول الله (ص) ، ونحن كنا نُؤذى ونُخاف... الخ.)).