الرحيق المختوم
09-07-2014, 03:02 PM
هذا الذي بين يديك هو ملخص محاضرة سماحة الشيخ الأستاذ بناهيان حيث ألقاها في حفل تأبين الشهداء في جامعة الزهراء(س)، تمت ترجمتها بتوفيق الله فتفضل بمطالعتها مشكورا:
أفضل رؤية عن الحياة والعبادة هي نعتبرها ساحة سباق
أفضل رؤية يمكن أن نحملها تجاه الحياة هي أن نعتبر الحياة ساحة سباق. وكذلك العبودية فهي سباق، فلا ينبغي أن ننظر إلى العبودية بنظرة باردة. إن الله سبحانه قد اعتبر فلسفة الخلق هو الامتحان وقال إنما هو يمتحنكم في سبيل أن يرى أي الناس أحسن عملا. (الَّذی خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَیاةَ لِیَبْلُوَکُمْ أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)[الملك/2] فلا یمتحننا الله في سبيل أن يميّز بين أهل الجنة وأهل النار، بل يجري الامتحان في سبيل أن يرى أي الناس أحسن عملا. إذن هي مسابقة وأجمل بكثير من لو كانت من أجل التمييز بين الناجح والساقط وبين أهل الجنة والنار.
إن قلنا: «إن الله يمتحننا ليعلم هل سوف نكون أخيارا صالحين، أم نكون أشرارا سيئين.» فمثل هذه النظرة تكهرب الجوّ وتجهد الإنسان. فعلى سبيل المثال عادة ما يسأل الآباء والأمهات بمثل هذه الأسئلة عن أبنائهن: «في أي فرع قبل ابنكم في الجامعة؟ وفي أي تخصص نجح؟ وماذا اختار من عمل ومهنة؟» فلا نسأل أبدا «ماذا أصبح ولدك مهندسا أم مدمنا على الخمور؟! وهل صار طبيبا أم سارقا؟!» وكذلك الله سبحانه وتعالى لا يمتحننا ليرى هل سنكون من أصحاب الجنة أم من أصحاب النار! أو ليرى هل نكون من الأخيار أم من الأشرار. بل قال إنما أمتحنكم لأرى (أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)
كانت نظرة الشهداء إلى غير أهل الجبهة، نظرة شفقة لمن تأخّر في السباق
وقد أشير إلى موضوع السباق في القرآن الكريم بتعابير أخرى أيضا، كقوله تعالى: (فَاسْتَبِقُوا الْخَیْرات)[البقرة/148و المائدة/48] فلابد للمؤمنين أن يتسابقوا ليروا أيهم قادر على أن يكون أحسن عملا. من محاسن أجواء السباق هي أن لو تأخر أحد في ساحة السباق لا يعدم ولا يعاقب، إلا إذا أراد أن يستغل الحرية الموجودة في ساحة السباق ويحدث شغبا فيها فعند ذلك يلاحق ويعاقب. وعلى أي حال إن الخوض في ميادين السباق والفوز فيها هو مما لا يقربه من كان عديم الهمّة.
كان يحظى الشهداء بأفضل رؤية في هذا المجال. فعندما كانوا يرون أن الشباب لا يأتون إلى الجبهة، كانوا ينظرون إليهم كما ينظرون إلى من تأخر في ساحة السباق، فلم يكونوا يتأثرون بعديمي الهمم من أمثال هؤلاء وكانوا يسارعون إلى جبهات القتال. كانوا يطمحون بالفوز في هذا السباق ولهذا لم يكونوا يقايسون بينهم وبين الخاسرين والمتأخرين في هذا السباق، كما لم يكونوا يسبّون الخاسرين والقاعدين ولم يحقدوا عليهم. كان مجاهدونا يحظون بروحيات عالية جدا، فإنهم كانوا يصبون إلى الفوز في مسابقة العبودية والحياة، وحقا أنهم قد فازوا في هذا السباق. عندما يفوز الرياضيون المحترفون في ساحة السباق، يصافحون الخاسرين في الميدان ويطبطبون على ظهرهم. وكذلك الشهداء كانوا يتعاملون مع المتأخرين عنهم والخاسرين في سباق الجهاد بهذا النَفَس، ولذلك كانوا يستوهبون من أولئك الذين لم يأتوا إلى الجبهات ويعتذرون منهم في وصاياهم. فانظروا كم كانوا يتعاملون برأفة وجمال مع المتأخرين في السباق.
إن هؤلاء الشهداء الذين حلّوا ضيوفا لكم في الجامعة، جاءوا بعد استشهادهم ليأخذوا بأيدينا. فكأنما ليس لهم شأن في السماء سوى أن يرجعوا إلينا ويعينونا. الشهداء هم الفائزون في هذا السباق فهم يرجعون ويصافحون الخاسرين ويحدبون عليهم.
وكذا الحياة الأسرية فإنها تحلو إن تسابق الزوجان على أن يكون كل منهما أفضل من زوجه
إن العبودية عبارة عن سباق. هناك عبارة أخرى في القرآن الكريم تقول: (سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّکُم)[آلعمران/133] والتسارع هو ضرب من السباق. إن كانت الحياة محلا للعبادة، فالتفسير الحقيقي للحياة هو أنها ساحة سباق، ليتبين أي المتسابقين أحسن عملا.
وكذلك الحياة الأسرية التي يعيش فيها الرجل والمرأة مع بعض، فإنها عبارة عن ساحة سباق ليتضح أي الزوجين أحسن عملا. ولا شك في أن لو لم يتسابق الزوجان بينهما على الخير والصلاح، تحدث مشاكل لا يمكن علاجها في أغلب الحالات، وعند ذلك يضطر كل منهما إلى تحمل زوجه في ما تبقي من حياتهما. أما إذا تسابقا وتنافسا في الخير وحاول كل منهما أن يسبق زوجه في العمل الصالح، تحلو الحياة كثيرا. ففي مثل هذه الأجواء إن أساء زوج الإنسان إليه، يقابله بلطف بدلا من الانتقام منه، ليسبقه بنقطة في هذا السباق.
لنؤمن بأن الشهداء قد سبقوا الجميع وسبقوا زماننا
إن هذه النظرة إلى «الحياة» و «العبودية» نظرة جذابة جدا. إن الشهداء قد فازوا بجائزة المسابقة واللطيف أنهم شاركوا باقي الناس في جائزتهم. من المؤكد أن قد رأيتم بعض الرياضيين حيث إنهم حينما يفوزون بمداليتهم ويقفوا على منصة الفوز وقمّة البطولة، يهدون مداليتهم الذهبية إلى الشعب أو إلى أسرتهم أو إلى أمّهم مثلا، فإن الشهداء كانوا يحظون بهذه الروحية بأعلى درجاتها. فما إن نال الشهداء هذا المقام العظيم يأخذون بأيدي الناس ويشفعون لهم. فلنؤمن حقيقة بأن الشهداء قد سبقوا الجميع، ولنؤمن بأنهم كانوا أذكى وأفهم من الآخرين وكانوا أسرع حركة وأسرع عملا من غيرهم، إذ قد اتخذوا موقفهم وردّ فعلهم بسرعة. في أيام الدفاع المقدّس لم يكن الله يتقبل من كان يتماطل في اتخاذ الموقف. لذلك إحدى خصائص الشهداء المهمة هي أنهم كانوا يحظون بسرعة عالية جدا ولهذا استطاعوا أن يفوزوا في السباق. وكذلك قد سبق الشهداء زماننا وتقدموا عليه.
یتبع إن شاء الله...
أفضل رؤية عن الحياة والعبادة هي نعتبرها ساحة سباق
أفضل رؤية يمكن أن نحملها تجاه الحياة هي أن نعتبر الحياة ساحة سباق. وكذلك العبودية فهي سباق، فلا ينبغي أن ننظر إلى العبودية بنظرة باردة. إن الله سبحانه قد اعتبر فلسفة الخلق هو الامتحان وقال إنما هو يمتحنكم في سبيل أن يرى أي الناس أحسن عملا. (الَّذی خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَیاةَ لِیَبْلُوَکُمْ أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)[الملك/2] فلا یمتحننا الله في سبيل أن يميّز بين أهل الجنة وأهل النار، بل يجري الامتحان في سبيل أن يرى أي الناس أحسن عملا. إذن هي مسابقة وأجمل بكثير من لو كانت من أجل التمييز بين الناجح والساقط وبين أهل الجنة والنار.
إن قلنا: «إن الله يمتحننا ليعلم هل سوف نكون أخيارا صالحين، أم نكون أشرارا سيئين.» فمثل هذه النظرة تكهرب الجوّ وتجهد الإنسان. فعلى سبيل المثال عادة ما يسأل الآباء والأمهات بمثل هذه الأسئلة عن أبنائهن: «في أي فرع قبل ابنكم في الجامعة؟ وفي أي تخصص نجح؟ وماذا اختار من عمل ومهنة؟» فلا نسأل أبدا «ماذا أصبح ولدك مهندسا أم مدمنا على الخمور؟! وهل صار طبيبا أم سارقا؟!» وكذلك الله سبحانه وتعالى لا يمتحننا ليرى هل سنكون من أصحاب الجنة أم من أصحاب النار! أو ليرى هل نكون من الأخيار أم من الأشرار. بل قال إنما أمتحنكم لأرى (أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)
كانت نظرة الشهداء إلى غير أهل الجبهة، نظرة شفقة لمن تأخّر في السباق
وقد أشير إلى موضوع السباق في القرآن الكريم بتعابير أخرى أيضا، كقوله تعالى: (فَاسْتَبِقُوا الْخَیْرات)[البقرة/148و المائدة/48] فلابد للمؤمنين أن يتسابقوا ليروا أيهم قادر على أن يكون أحسن عملا. من محاسن أجواء السباق هي أن لو تأخر أحد في ساحة السباق لا يعدم ولا يعاقب، إلا إذا أراد أن يستغل الحرية الموجودة في ساحة السباق ويحدث شغبا فيها فعند ذلك يلاحق ويعاقب. وعلى أي حال إن الخوض في ميادين السباق والفوز فيها هو مما لا يقربه من كان عديم الهمّة.
كان يحظى الشهداء بأفضل رؤية في هذا المجال. فعندما كانوا يرون أن الشباب لا يأتون إلى الجبهة، كانوا ينظرون إليهم كما ينظرون إلى من تأخر في ساحة السباق، فلم يكونوا يتأثرون بعديمي الهمم من أمثال هؤلاء وكانوا يسارعون إلى جبهات القتال. كانوا يطمحون بالفوز في هذا السباق ولهذا لم يكونوا يقايسون بينهم وبين الخاسرين والمتأخرين في هذا السباق، كما لم يكونوا يسبّون الخاسرين والقاعدين ولم يحقدوا عليهم. كان مجاهدونا يحظون بروحيات عالية جدا، فإنهم كانوا يصبون إلى الفوز في مسابقة العبودية والحياة، وحقا أنهم قد فازوا في هذا السباق. عندما يفوز الرياضيون المحترفون في ساحة السباق، يصافحون الخاسرين في الميدان ويطبطبون على ظهرهم. وكذلك الشهداء كانوا يتعاملون مع المتأخرين عنهم والخاسرين في سباق الجهاد بهذا النَفَس، ولذلك كانوا يستوهبون من أولئك الذين لم يأتوا إلى الجبهات ويعتذرون منهم في وصاياهم. فانظروا كم كانوا يتعاملون برأفة وجمال مع المتأخرين في السباق.
إن هؤلاء الشهداء الذين حلّوا ضيوفا لكم في الجامعة، جاءوا بعد استشهادهم ليأخذوا بأيدينا. فكأنما ليس لهم شأن في السماء سوى أن يرجعوا إلينا ويعينونا. الشهداء هم الفائزون في هذا السباق فهم يرجعون ويصافحون الخاسرين ويحدبون عليهم.
وكذا الحياة الأسرية فإنها تحلو إن تسابق الزوجان على أن يكون كل منهما أفضل من زوجه
إن العبودية عبارة عن سباق. هناك عبارة أخرى في القرآن الكريم تقول: (سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّکُم)[آلعمران/133] والتسارع هو ضرب من السباق. إن كانت الحياة محلا للعبادة، فالتفسير الحقيقي للحياة هو أنها ساحة سباق، ليتبين أي المتسابقين أحسن عملا.
وكذلك الحياة الأسرية التي يعيش فيها الرجل والمرأة مع بعض، فإنها عبارة عن ساحة سباق ليتضح أي الزوجين أحسن عملا. ولا شك في أن لو لم يتسابق الزوجان بينهما على الخير والصلاح، تحدث مشاكل لا يمكن علاجها في أغلب الحالات، وعند ذلك يضطر كل منهما إلى تحمل زوجه في ما تبقي من حياتهما. أما إذا تسابقا وتنافسا في الخير وحاول كل منهما أن يسبق زوجه في العمل الصالح، تحلو الحياة كثيرا. ففي مثل هذه الأجواء إن أساء زوج الإنسان إليه، يقابله بلطف بدلا من الانتقام منه، ليسبقه بنقطة في هذا السباق.
لنؤمن بأن الشهداء قد سبقوا الجميع وسبقوا زماننا
إن هذه النظرة إلى «الحياة» و «العبودية» نظرة جذابة جدا. إن الشهداء قد فازوا بجائزة المسابقة واللطيف أنهم شاركوا باقي الناس في جائزتهم. من المؤكد أن قد رأيتم بعض الرياضيين حيث إنهم حينما يفوزون بمداليتهم ويقفوا على منصة الفوز وقمّة البطولة، يهدون مداليتهم الذهبية إلى الشعب أو إلى أسرتهم أو إلى أمّهم مثلا، فإن الشهداء كانوا يحظون بهذه الروحية بأعلى درجاتها. فما إن نال الشهداء هذا المقام العظيم يأخذون بأيدي الناس ويشفعون لهم. فلنؤمن حقيقة بأن الشهداء قد سبقوا الجميع، ولنؤمن بأنهم كانوا أذكى وأفهم من الآخرين وكانوا أسرع حركة وأسرع عملا من غيرهم، إذ قد اتخذوا موقفهم وردّ فعلهم بسرعة. في أيام الدفاع المقدّس لم يكن الله يتقبل من كان يتماطل في اتخاذ الموقف. لذلك إحدى خصائص الشهداء المهمة هي أنهم كانوا يحظون بسرعة عالية جدا ولهذا استطاعوا أن يفوزوا في السباق. وكذلك قد سبق الشهداء زماننا وتقدموا عليه.
یتبع إن شاء الله...