مشاهدة النسخة كاملة : فقهيات
خادم الشيعة
10-07-2014, 04:24 AM
القراءة
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين وعلى من تبعهم بصدق وإخلاص وإيمان إلى قيام يوم الدين. اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، اللهم افتح علينا أبواب رحمتك يا ارحم الراحمين ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
بعد هذا الانقطاع عظم الله أجوركم باستشهاد الامام الحسين (ع).
انتهينا من مسألة أن فساد الشرط لا يؤدي إلى فساد المشروط الذي هو العقد محل الكلام، ومعنى ذلك أن العقد صحيح، فإن كان العقد صحيحا فهل الشرط يؤدي إلى خيار فسخ؟ أي المشروط. مثلا: لو فرضنا أنها قالت له : زوجتك نفسي بشرط أن لا تتزوج عليَّ. ثم تبيَّن لها أن هذا الشرط فاسد، وهي سلمت نفسها واجرت العقد بناء على هذا الامر، وهو التزم به في العقد. فهل استظهار أن فساد الشرط الذي لم يؤد إلى فساد العقد، الذي بقي صحيحا، فهل لها خيار الفسخ أو لا؟.
في كل العقود لها أو له خيار الفسخ. هناك حالتان: تارة يظهر أن الشرط فاسد مما يؤدي إلى خيار الشرط، وتارة يشترط خيار الفسخ.
فلنأخذ الادلة من الطرفين: من قال بأن الشرط الفاسد يؤدي إلى خيار قال: أن العمومات تقتضي الخيار، " المؤمنون عند شروطهم " " أوفوا بالعقود "، وسنأتي لبيان كيفية الاستدلال بها.
وعدم ثبوت خيار الفسخ هو الذي يحتاج إلى دليل، القاعدة تقتضي ثبوت خيار الفسخ. عدم الثبوت، هو الذي يحتاج إلى دليل.
القائلون بعدم ثبوت خيار الفسخ أتوا بثمانية أدلة سنبينها. إذن يمكن أن نقول: أن القاعدة تقتضي ثبوت خيار الفسخ وعدم ثبوت خيار الفسخ هو الذي يحتاج إلى دليل. فلنبحث بالأدلة التي ذكروها لخيار الفسخ، وهي العمومات الواردة في الروايات وفي القرآن الكريم " أوفوا بالعقود "، سواء قلنا بان " أوفوا بالعقود " يجب الوفاء بالعقود، ومن جملة الوفاء بالعقود وفاء بشرائطه، ومن جملة الوفاء بالشرط أن العرف يرى أن عدم الوفاء بالشرط يقتضي خيار تخلف الشرط في كل العقود ومنها عقد النكاح. إذا تخلف الشرط في أي عقد في البيع في الإجارة في الكفالة، إذا تخلف الشرط، المشروط له يقول: أنا لي حق الخيار، هذا الحكم العرفي هو من جملة " أوفوا بالعقود" لان الوفاء بالعقد بكل الوفاء وشرائطه واحكامه. يعني هذا حكم عرفي. هذا في " أوفوا بالعقود ".
ولو قلنا بأن الشرط هو عقد ضمن عقد، فإنه يندرج تحت " أوفوا بالعقود " أيضا، لأنها عموم يندرج تحته كل عقد سواء كان مستقلا أو عقدا ضمن عقد، فإذن هذا العموم نستطيع الاستدلال به كقاعدة، كأصل لفظي.
" المؤمنون عند شروطهم " أيضا لأنه يمكن الاستدلال بالطريقة التالية: أن تخلف الشرط في العرف العام يقتضي خيار الفسخ.
يمكن أن يقال بان القاعدة هي ثبوت الخيار، عدم ثبوت الخيار هو الذي يحتاج إلى دليل.
فلنبحث بالأدلة التي استندوا اليها في نفي خيار الفسخ أو حق الفسخ.
ما استدلوا به ثمانية أدلة:
الأول: أن عدم خيار الفسخ في النكاح من ضروريات الفقه.
الثاني: الإجماع على عدم ثبوت خيار الفسخ.
الثالث: أن النكاح فيه شائبة العبادة، والعبادة لا فسخ فيها.
الرابع: أن النكاح دائم ومنقطع، والخيار معناه تضيق دائرة الدائم وهو ينافي الدوام.
الخامس: ان السيرة العقلائية والعرفية والشرعية على عدم الفسخ في النكاح. ولعله هذا أقوى الأدلة.
السادس: أن تشريع عقد المنقطع يدل بالالتزام على عدم الخيار.
السابع: ما دل على حصر الفراق في العقد الدائم بالطلاق، يدل على عدم ثبوت الخيار.
الثامن: الروايات التي تدل على بطلان خيار الفسخ.
نلاحظ بهذه الادلة التي ساقوها لنفي خيار الفسخ، أن محور الادلة شيء واحد وهو أن النكاح لا يتحمل خيار الفسخ، ولهذا بعض الادلة تناسب خيار تخلف الشرط وبعضها الآخر يناسب اشتراط الخيار، كقولها: زوجتك نفسي على أن يكون لي خيار الفسخ ساعة أشاء.
ومحور الادلة أن النكاح يختلف عن بقية العقود في عدم تحمل خيار الفسخ.
أما الدليل الاول وهو أن هذا من الضروريات وهو: أن منافاة عقد النكاح لاشتراط الفسخ من ضروريات الفقه. هذا الكلام ذكره في جواهر الكلام.
والجواب على الدليل الاول: الكلام الشبهة المفهومية والمصداقية، بعبارة أخرى في معنى الضرورة وفي تطبيقها.
لبيان الإشكال على هذا الكلام لا بد من مقدمة وهي ما معنى الضروري وما معنى ضروريات الفقه.
الضروري في الاصطلاحات العامة ما يقابل الممكن، ولذلك في المنطق قالوا: الممكن وهو ما سلب فيه إحدى الضرورتين ضرورة السلب وضرورة الايجاب. وقسموا الوجود إلى ثلاثة أقسام: واجب الوجود، ممتنع الوجود، ممكن الوجود، وهو ما سلب فيه الضرورتان الضرورتين هو الامكان الخاص. ما سلب فيه امكان الطرف الآخر هذا هو الضروري ولذلك في المنطق في الفلسفة، واندرج هذا أيضا في الفقه وفي العلوم الدينية بشكل عام، فقالوا: هذا من ضروريات الدين.
فعندنا ضرورة دينية ومذهبية وفقهية، ما الفرق بين هذه الضرورات؟.
الضرورة الدينية: هي ما لا يمكن تصور انتفائه في الدين. وقلنا بأن الضرورة هي سلب الامكان من الطرف الآخر، ما لا يمكن تصور انتفائه فلو نفيته كأنه كذبت الدين، أن هذا ليس دينا، كذبت رسول الله (ص) ولذلك بعضهم يقول أن هذا تكذيب للرسالة.
كما لو قلت مثلا: بأن الاسلام ليس فيه معاد ليس فيه صلاة أو لو قلت بأن الاسلام الكذب فيه حلال والصدق فيه حرام أي هذه القيم التي هي من الواضحات.
الضرورة المذهبية: التي إذا نفيت كأنما المذهب انتفى، لذلك قالوا أن الامامة من أصول المذهب.
الضرورة الفقهية: يمكن تصور عدة معان لها:
المعنى الاول: بحيث لو انتفى انتفى الفقه في عرف المتشرعة.
المعنى الثاني: أن يكون امرا متسالما عليه، وقلنا أن الفرق بين الاجماع والتسالم. التسالم نوع من الإجماع لكنه أعلى رتبة، وكأنه نوع من البديهة لا يحتاج إلى نقض بين الفقهاء وليس بذاته.
وذكرنا أن في كلماتهم هناك عدة مراتب: الضروري، البديهي، المتسالم عليه، الاجماع، الاتفاق، بلا خلاف. الفاظ كلها يجمعها انها تدل على اتفاق، بان الفقهاء اتفقوا على هذا الحكم، لكن كل منها له معنى ملازم يدل عليها، أقواها الضروري ثم البديهي ثم التسالم ثم الاجماع ثم الاتفاق ثم بلا خلاف.
المعنى الثالث: أن يكون امرا يحكم به الذوق الفقهي.
المعنى الرابع: أن يكون مجمعا عليه أي الضرورة والاجماع شيء واحد.
كلمة ضرورة إذن استخدمت في عدة معان في كتب الفقه، وهي كلها تفيد لو تمت حجيتها، وإنما تتم إذا أفادت القطع بالحكم الشرعي.
وهنا نقطة مهمة أن عنوان الضرورة الفقهية ليس موجودا في نص شرعي، ولو كان موجودا لوجوب أن نبحث معناه، بل هو اصطلاح ثم تداوله بين الفقهاء، وذكرنا ان بحث مفهوم عنوان أو لفظ معين إنما يكون لأمرين: إما أن يكون في نص شرعي فلا بد من فهم معناه. وإما أن لا يكون في نص شرعي، بل تم تداوله كثيرا عند الفقهاء بحيث أصبح مستعملا، فكي لا يتكلم كل منّا في واد نبحث المعنى وما المقصود من هذا المعنى. وذكرت لكم مثالا كلمة ريبة في مسألة النظر بين الرجل والمرأة، الريبة من حمد الله انها ليست موجودة في نص شرعي، بل هي من اصطلاحات الفقهاء ولذلك لها تعبيرات متعددة، ونحن لسنا بحاجة إلى أن نفسرها، نعم نحتاج للتفسير حتى نفهم كلمات الفقهاء ماذا يقولون وحتى لا يتكلم كل منا في واد.
بحسب التعريف عندنا أربعة تعاريف للضرورة: الإجماع وثلاثة أول، وأخرنا الإجماع لسبب بأن الثلاثة الاول لا تنطبق على مسألتنا. يعنى انه إذا تبين بأن الشرط فاسد فمعنى ذلك انه لا يثبت له بخيار الفسخ، ليس ضرورة بحيث لو قيل بخيار الفسخ، هل ينتفي الدين؟ المذهب؟ الفقه؟.
لم ينتف الدين ولا المذهب ولا الفقه. إذن تعريف الضروري بالمعاني الثلاثة الاول لا ينطبق هنا، نعم بالمعنى الاجمالي ممكن، لان هناك اجماعا على هذه المسألة ولذلك فلننتقل مباشرة إلى الإجماع. فإذن الدليل الاول إما أنه لا ينطبق على مسألتنا أي معنى الضروري، واما أنه يعود إلى الإجماع إلى الدليل الثاني، فلنبحث به.
الدليل الثاني الإجماع: قال في الجواهر:{ لا يصح اشتراطه – خيار الفسخ- في العقد اتفاقا}. وفي كشف اللثام للفاضل الهندي (ره) وفي غيره، نقلوا ان هناك اجماعا على عدم صحة اشتراط خيار الفسخ.
والكلام فيه نتركه لغد إن شاء الله.
خادم الشيعة
10-07-2014, 04:26 AM
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين وعلى من تبعهم بصدق وإخلاص وإيمان إلى قيام يوم الدين. اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، اللهم افتح علينا أبواب رحمتك يا ارحم الراحمين ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
إذن عندنا طائفتان من الروايات المتعارضة، بعضها مضمونها فساد الشرط ويلزمه عدم ثبوت خيار الفسخ من باب أن على الامام أن يبيّنه ولم يبيّنه على عدم خيار الفسخ، وطائفة اخرى تقول بصحة الشرط وثبوت خيار الفسخ، ووجوب الالتزام به، وكلتا الروايتين معتبرتان سندا.
أما دلالة الرواية الثانية على ثبوت خيار الفسخ لأنه إن لم يلتزم بالشرط يحق للمشترط له أن يفسخ، فهذا طبيعة العقد لان العقد التزام، والشرط التزام في التزام، فإذا لم التزم يحق للطرف الآخر أن لا يلتزم.
لكن قد يقال إن الالتزام بالشرط في الرواية الثانية، هو من باب أنه جعل لله عليه أن لا يتزوج عليها، وليس من باب وجوب الوفاء بالشرط. الامام (ع) عندما قال فليف لها بشرطه، لعلّه من باب أنه لله وليس وفاء بالشرط.
والجواب: أن وجوب الوفاء بالشرط في الرواية الثانية التي ذكرناها لا يخلو من أحد أمرين:
إما وفاء بالعهد لأنه جعل لله عليه. وإما وفاء بالشرط.
فإن كان وفاء بالعهد فهو يدل على صحة الشرط، فيتعارض مع الرواية الاولى، ويدل بالازم العرفي، بالقانون على خيار الفسخ.
وإن كان وفاء بالشرط وهو الظاهر لأن الامام (ع) ارجع السائل إلى قاعدة شرعية وهي " المؤمنون عند شروطهم " لم يقل له انك انت جعلت لله عليك. وهو الاحتمال الاقوى في ارجاع الامام إلى هذه القاعدة، يستنتج منه أمران: الاول صحة الشرط، والثاني ثبوت خيار الفسخ.
إذن عندنا طائفتان متعارضتان في مسألتين:
المسألة الاولى: صحة الشرط أو عدمها. المسألة الثانية: هي ثبوت خيار الفسخ أو عدمه.
الحر العاملي (قده) في الوسائل تخلص من التعارض قال: نحمل رواية صحة الشرط على الاستحباب أو على التقية. بمعنى تصرف في الدلالة، " فليف " امر بالوفاء ظاهر في الوجوب، فإما تصرف دلالة فيحملها على الاستحباب، أو تصرف في جهة الصدور فتحمل على التقية.
والتحقيق أن الامور لا تصل إلى مرحلة المرجحات وإلغاء احدى الروايتين، لان المرجحات تقتضي العمل برواية وطرح الرواية الاخرى، لعلّه نستطيع أن نقول: نقدم رواية الثبوت، صحة الشرط وصحة العقد وثبوت خيار الفسخ على رواية عدم الثبوت.
ذلك أن الروايتين الأولتين دلتا على فساد الشرط بالمنطوق، نص، عندما قال: " أن شرط الله قبل شرطكم "، " ليس ذلك بشيء " " كل شرط سوى كتاب الله " " فلا يجوز ذلك له ولا عليه ". النص واضح بالفساد.
الروايتين النافية للصحة دلتا أيضا على عدم ثبوت خيار الفسخ، ولكن لم يقل أنه لا يمكن خيار الفسخ إنما استظهرنا عدم ثبوت خيار الفسخ بالاطلاق المقامي بمقدمات الحكمة، لو تمت كالتالي: أن السائل في مقام استفصال كيف تريد التخلص، " إن تزوج عليها فهي طالق "، ليس السؤال عن عنوان الطلاق بل السؤال هي تريد أن تخلص نفسها، فالإمام (ع) يسأل انه كيف يتم الفراق، فيقول: هكذا لا يتم الفراق وكان ينبغي عليه التنبيه إلى كيفية تمام الفراق وبأن لها خيار الفسخ لو كان.
فإذن دلالة الطائفة الاولى على عدم ثبوت خيار الفسخ إنما هو بمقدمات الحكمة لو تمت، لان مقدمات الحكمة ثلاث كلمات هي: أن يكون الامام (ع) في مقام البيان، أمكن ان يبين، ولم يبيّن. وبلا شك المقدمتان الاخيرتين تامتان: أمكن أن يبين، ليس هناك أي مانع عليه، ولم يبيّن. ولكن الكلام في المقدمة الاولى، في مقام البيان كل انواع الفراق، هذا الذي يحتاج إلى استظهار، والرواية الثانية رواية الصحة تدل على صحة الشرط أيضا منطوقا لأمر الامام (ع) بالوفاء به، وتدل ايضا على ثبوت خيار الفسخ لكونه من اللوازم العرفية للشروط الصحيحة.
إذن التعارض في مسألة فساد الشرط وصحته، وفي مسألة ثبوت الخيار وعدمه.
المسألة الاولى: في مسألة صحة الشرط وفساده، لو شككنا في صحة شرط فما هي القاعدة؟ وما هو معنى العمومات؟. هذا بحث مهم له ثماره العملية الكثيرة. مثلا: " أوفوا بالعقود " تدل على الوفاء بالعقود الصحيحة أو مطلق العقد؟ أو مطلقا؟، و" قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم " يعني الغض المحرم " المؤمنون عند شروطهم " مطلقة. فالأصل صحة الشرط إلا أن يخرج بدليل، أو يقال " أوفوا بالعقود " مثلا: الاصل صحة العقد إلا أن يدل دليل على الفساد. والاصل في " قل للمؤمنين يغضوا " حرمة الغض إلا بدليل. فعلى الاحتمال الاول أي الغض المحرم، فإذا شككت الاصل عدم الحرمة، ليس هناك اصل لفظي يثبت الحرمة عند الشك، بينما على الثاني الاصل اللفظي الحرمة، إذا شككت أن هذه الاجنبية يجوز النظر اليها أو لا؟ الاصل الحرمة.
لذلك هذه المسألة لها ثمار كثيرة في الفقه فنقول: " المؤمنون عند شروطهم، الشرط لغة أمر موجود قبل الاسلام وقبل الشرع، إذن هو لفظ مستعمل وهو مطلق واستطيع استنتاج أصل لفظي منه، أن المراد هو عموم الشروط بدليل الاستثناء، إلا ما أحل حراما أو حرم حلالا "، يعني إلا الفاسد، ما خالف الاحكام. هناك عام، ولهذا نستطيع أن نقول أن " المؤمنون عند شروطهم " أصل لفظي عام يدل بمنطوقه على وجوب الوفاء لكن باللازم يدل على اصل الصحة لأنه من باب لا يمكن الامر بالوفاء بأمر فاسد.
لكن ذكرنا في مسألة سابقة أن مشهور المتأخرين ذهب إلى عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، لكن مشهور المتقدمين ذهب إلى صحة التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، ونحن نميل إلى المتقدين أكثر من المتأخرين نميل إلى صحة التمسك بالعام في الشبهة المصداقية. وملخص السبب أن ما ذكروه من ادلة على عدم جواز التمسك بالعام ليس بدليل.
في مقام الاثبات والبيان والبرهان هناك عام وهناك تخصيص، طالما لم يثبت الخاص نتمسك بالعام. لكنهم قالوا أنه في مقام الثبوت يدور الامر بين حجتين ثم نطبق ذلك على مقام الاثبات، يدور الامر بين حجتين فلا يكون عندي أي دليل على جواز التمسك. وهذا الكلام ناقشناه، وقلنا لا نستطيع التسليم أن الامر يدور بين حجتين في مقام الثبوت، وإذا كان كذلك كأن الله عز وجل قال لنا : فكروا في البيانات في البيان الشرعي لا تفكروا في عالم الثبوت في عالم الواقع، وعلى ذلك يمكن التمسك بعموم " المؤمنون عند شروطهم " لإثبات صحة الشرط، فيكون حينئذ " أن لا يتزوج عليها "، شرط صحيح بعموم " المؤمنون عند شروطهم ".
وهناك تعارض في مسألة اخرى وهي ثبوت خيار الفسخ وعدمه، ايضا نرجح جانب ثبوت خيار الفسخ دلالة. بيانه في الروايات الاولى، عندما قال: " شرط الله قبل شرطكم " لم يذكر أن ليس لها خيار الفسخ، والانصاف أن المرأة لما جعلت إن تزوج عليها فهي طالق، هي لا تريد الطلاق بعينه بخصوص عنوانه بل تريد أن تتخلص منه بأي كيفية، لذلك لو ثبت لها خيار الفسخ، لكان على الامام أن يبيّن، إذن دلالة الرواية الاولى على عدم ثبوت خيار الفسخ هو بمقدمات الحكمة والاطلاق المقامي.
الرواية الاولى تحتمل امرين: الاول انها في مقام بيان خصوص عنوان الطلاق، أنه لا يثبت. الثاني انه في مقام بيان ان الانفصال لا يصح، ولذلك نفينا خيار الفسخ.
الرواية الثانية تثبت، قال: " فليف لها بشرطه " " المؤمنون عند شروطهم " النتيجة هي ثبوت خيار الفسخ هو باللازم العرفي، لذلك نجد أن الناس ثبت للمشروط حق فسخ الارتباط عند تخلف الطرف الآخر عن الالتزام، والعقد التزام وارتباط بين التزامين.
إذن ثبوت خيار الفسخ في الرواية الثانية غير موجود، لكنه باللازم القانوني العرفي موجود، وثبوت صحة الشرط انما تم بعموم لفظي " المؤمنون عند شروطهم " فتم لازمه ايضا وهو ثبوت خيار الفسخ ايضا بعموم لفظي، فرواية الصحة تدل على ثبوت الخيار بالاطلاق اللفظي ورواية الفساد تدل على نفي الخيار بالاطلاق المقامي، والاطلاق اللفظي أقوى دلالة من الاطلاق المقامي.
ولذلك نقول أن الرواية الثانية دليل على أن الرواية الاولى المراد منها هو بيان حكم عنوان الطلاق وليس مجرد بيان كيفية الفراق يدل عليه ايضا انه لو كان المراد كيفية الفراق لقال له خيار الفسخ والانفساخ والارتداد، يبيّن كل المسائل في كيفية الفراق، هذا مؤيد لأنه قد يقال بان كلاهما مسلم، فالفسخ والانفساخ ليس واردا.
ختاما لهذا البحث ننقل كلام المحقق آغا ضياء العراقي (قده) احد اعمدة الاصول والفلسفة في القرن العشرين، حيث يقول: ولقد اجاد في الجواهر حيث قال: أن مقتضى القاعدة جريان خيار تخلف الشرط في باب النكاح ايضا. لولا الاجماع.
طبعا هذه المسألة لها ثمرة كبيرة وخطيرة جدا، نفتح الباب على مصراعيه، ففي كل شرط يتخلف فيه يأتي الطرف الاخر بخيار الفسخ، تحتاج إلى ضبط ولذلك هذا الكلام من الناحية العلمية النظرية، لكن من الناحية العملية ولا يستطيع احد اختراق الاجماع، لذلك يحتاطون مهما امكن، فالأفضل في الاحتياط اجراء الطلاق إذا لم يف بالشرط، أو التسامح بطريقة ما.
خادم الشيعة
10-07-2014, 04:27 AM
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين وعلى من تبعهم بصدق وإخلاص وإيمان إلى قيام يوم الدين. اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، اللهم افتح علينا أبواب رحمتك يا ارحم الراحمين ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
كان الكلام في الدليل السادس: وهو السيرة العقلائية والمتشرعية والعرفية، كل أنواع السيرة التي يمكن ملاحظتها على ان الزواج بطبعه دائم، علقة ملزمة لازمة لا تقبل الانفكاك ولا تقبل التقايل، وانفكاكها بأمر وحيد وهو الطلاق، لا يكون الفراق والانفصال بين الزوجين إلا بالطلاق، وهذه سيرة عامة لم يردع عنها الشارع، لم يثبت خلافها، ولذلك نستطيع أن نقول أنها معتبرة.
والجواب: أن هذا غير مسلم، نسلم بثبوت مسلك الناس على ذلك، أنه لا يوجد خيار فسخ في الزواج لكن عدم اعتياد الناس على ذلك لا يعني أن هذه العادة أصبحت حجة معتبرة و" أوفوا بالعقود " تعني أن نفس العقد ممضى وأيضا لوازمه، فإذا أصبح اللازم دخيلا في المفهوم أو كان بحيث أن العرف يعتبره أمرا قانونيا، حين إذن يصبح معتبرا، أما مجرد عادة فلا يكون أمرا معتبرا.
فليس مجرد اعتياد الناس على شيء وكان متصلا يعصر المعصوم (ع) يصبح معتبرا وحجة.
والميزان في كون اللازم معتبرا في العرف هو التالي: إن كان تركه مستغربا فليس بقانوني عند العرف لأنه من باب ترك المألوف، وإن كان مستنكرا فهو قانوني لأنه من باب ترك الحق. وشتان ما بين الاستغراب والاستنكار، وما بين ترك المألوف وترك الحق، فإن الأول جائز والثاني باطل.
من باب التقريب ذكرنا أن صلاة النافلة، مثلا صلاة الليل إذا صلاها احد ماشيا ونحن نعلم ان صلاة الليل ماشيا لا يشترط فيها استقبال القبلة. عندما يقال أنك تستطيع أن تصلي كذلك ويستغرب منك ذلك، هناك استغراب لكن لا يستنكر ذلك لأنه أمر شرعي.
سمعت في التلفاز بالنسبة للزواج، أن شابا وفتاة سجلا زواجا لمدة سنتين قابلا للتجديد وذلك في اسبانيا، وبدأ المذيع يثني على هذا التطور في الفكر الاجتماعي عندهم.
التعليق على ذلك ان هذا الزواج زواج منقطع قابل للتجديد عند الطرفين، عندنا تطور في الفكر الاجتماعي قبلهم بكثير، لكن للوهلة الأولى أمر مستغرب، العاقدان بعد سنتين يراجعان أنفسهما فإن ارادا الاستمرار وإلا فلا، شيء غريب لكن هل خرجا عن أسم الزواج؟ أبدا. هل خرجا عن ماهية الزواج؟ لا يزال أسمه زواجا حتى عندهم، وليس عقدا جديدا آخر.
وسمعت من بعض الاخوة أنه في المانيا الآن يدرسون مسألة قانونية، هل يمكن في كل سبع سنوات ان يعاد النظر في عقد الزواج إذا أرادت الزوجة أو الزوج فسخ العقد؟.
السؤال هنا: عندما يبحثون هذه المسألة هل خرج عن مفهوم الزواج؟ أبدا. من يسمع يستغرب هذا العقد ولكن يقول أنه زواج، وغريب هذه الاحكام هذا النمط. الاستغراب شيء والاستنكار شيء آخر، لا يستنكرون ذلك ولو استنكروه لما بحثوه من الأصل، ولذلك نجد بعض أبناء العامة يستغرب مسألة الزواج المنقطع، ولولا النص الموجود لأصبح مشكلة. وقلنا في الغرب عندما يبحثون مسألة الزواج وفسخه، ونحن نعلم أن عندهم علاقات أخرى وهي شبه قانونية، علاقات جنسية بين الرجل والمرأة. الزواج والمساكنة والمصاحبة والزنا. وكل منها له احكامه. المساكنة والمصاحبة والزنا ليس زواجا عندهم، له احكام خاصة وتختلف كليا.
الشاهد فيما نقول أنهم بحثوا في انقطاع الزواج في خيار الفسخ ولم يخرج عن مفهوم الزواج. إذن الدوام ليس دخيلا في مفهوم العقد، ولا أنه من اللوازم التي لا تنفك عن مفهوم العقد، نعم اعتاد الناس على ذلك، والاعتياد لا يعني أبدا اننا لا نبحث به.
فائدة استطرادية: ذكرنا سابقا هناك ثلاثة تعبيرات عند الاصوليين والفقهاء يقولون: سيرة العقلاء، حكم العقلاء، بناء العقلاء.
ما الفرق بين هذه الثلاثة: قلنا أن السيرة عبارة عن مسلك، منشأه حاجة عقلائية، ولذلك يشمل العادات والتقاليد وغير ذلك، من قبيل ما هو عندنا عندما يكون هناك مناسبة موت اسبوع أو تشيع، صاحب العزاء هو الذي يصنع الطعام للمعزين. وسبب هذه العادة قدوم الناس من هنا وهناك فلا بد من واجب معين. وهذا خلاف الشرع المشروع، الناس هي التي تصنع الطعام لصاحب العزاء لثلاثة أيام. هذه العادة تخالف الشرع المروي، لكن سببها حضور المعزين من أمكنة مختلفة، العادة لها منشأ فإن انتهى المنشأ تنتهي العادة هذا المسلك.
فإذن السيرة هي مسلك، أما حكم العقلاء فهو حكم.
وهناك فرق بين حكم العقل وحكم العقلاء، فحكم العقلاء هو الآراء المحمودة والعقل العملي بحيث لو اجتمعوا لحكموا به، مثل: العدل حسن، ولا علاقة له بالعادات والتقاليد، اما حكم العقل فهو يحكم ولو كان منفردا، وهو حكم العقل النظري، مثل: واحد زائد واحد يساوي اثنين.
وهناك اصطلاح آخر وهو بناء العقلاء وقد يطلق احيانا على السيرة أنه تبانوا على ذلك بمعنى أنه مسلكهم وذلك مثل العمل بالخبر الواحد، العمل به سيرة وقد تسمى بناء وليس حكما عقلائيا ولا عقليا. هذا هو الفرق وللأسف احيانا تستعمل بدل الكلمات مكان الاخرى وهو غير سليم استعمالا تساهليا، وتركيز المصطلحات أمر مهم لفهم ما يقال ويقرأ.
إذن الجواب على الاستدلال بالسيرة أن الدوام ليس دخيلا في مفهوم الزواج، ولذلك خيار الفسخ ثبت في العيب ولم يخرجه عن مفهوم الزواج، ثبت في التدليس ولم يخرجه عن مفهوم الزواج وكذلك ثبت في بعض الشروط. فإذا ثبت مفهوم الزواج ينطبق " أوفوا بالعقود " تأتي وتأتي كل الشروط أيضا.
بل يمنك القول إن العقلاء سيرتهم أو مبناهم على خلاف أنه ليس هناك خيار فسخ عند تخلف الشرط.
فلو أن زواجا تم على شرط فان لم يفعله قد يقال أن لها حق الفسخ حين ذلك مع تخلف الشرط. هذا عقلائيا غير مستنكر وإن كان ليس ديدنهم ذلك، ليست سيرتهم على ذلك.
الدليل السابع: أن تشريع عقد المتعة، العقد الموقت يدل باللازم عرفا على أن النكاح الدائم لا يقبل خيار الفسخ إذ لو كان خيار الفسخ جائزا في الدائم لكان مغنيا عن تشريع العقد المنقطع. الدليل هو لو كان خيار الفسخ صحيحا لاستغنينا به عن العقد المنقطع، ساعة تشاء تشترط ذلك وتفسخ، فنفس تشريع عقد منقطع معناه أنه ليس خيار الفسخ لذلك، هي تتحكم بالوقت أو هو. هذا دليل بعضهم. الفسخ يجعل الوقت بين الطرفين فلا معنى لتشريع الزواج الموقت.
والجواب: لا مانع من تشريع التوقيت، ولا تنافي مع خيار الفسخ، لان لكل منهما أحكامه. الا ترى كما ذكرنا في المثال أن الاجارة تكون لوقت معين، ومع ذلك تقبل خيار الفسخ.
الدليل الثامن: ما دل على حصر الفراق في العقد الدائم بالطلاق. إذ لو كان الانفصال ممكنا بخيار الفسخ لبيَّنه.
نذكر الروايات: ما رواه في الكافي باسنادين: عن ابراهيم بن الفضل عن أبان بن تغلب قال: قلت لابي عبد الله (ع) فإني استحي أن اذكر شرط الايام – الحياء لاستغراب الناس في تحديد الايام والاسابيع – قال (ع) هو اضر عليك، قلت وكيف قال: لأنك إن لم تشترط كان تزويج مقام – دائم – ولزمتك النفقة في العِدَّة وكانت وارثا ولم تقدر على أن تطلقها إلا طلاق السنة. - أي شاهدين وطهر إلى آخر الشروط -.
كيفية الاستدلال أن الامام حصر الفراق بالطلاق ولم يذكر خيار الفسخ.
رواية أخرى: ما رواه الشيخ عن احمد بن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن موسى ابن سعدان عن عبد الله بن قاسم عن الشهاب بن سالم قال: قلت لابي عبد الله (ع): اتزوج المرأة متعة مرّة مبهمة، فقال: ذلك أشد عليك ترثها وترثك، ولا يجوز لك أن تطلقها إلا على طهر وشاهدين.
الاستدلال بالرواية بنفس الكيفية السابقة، أنه حصر الانفصال بالطلاق، قال لا تستطيع أن تطلقها إلا على طهر وشاهدين. كلامنا في الروايتين في حصر الانفصال بالطلاق، ولو كان خيار الفسخ صحيحا لعلَّمه الامام (ع) ذلك.
الجواب: أولا: في اسناد الروايتين خلل.
وثانيا: أن مدلول الخبرين لا يشمل ما نحن فيه، فإنه في مقام بيان حكم ما لو لم يذكر الاجل بعد وقوع العقد، السائل لم يسأل الامام كيف يتم الانفصال، ولو كان كذلك لكان جواب الامام شاملا: إما بانتهاء المدة أو بالطلاق أو بخيار الفسخ أو بالارتداد، حينئذ يتم الكلام.
بل قال السائل هكذا فعلت، فماذا افعل؟.
الدليل التاسع: الروايات التي تدل على بطلان خيار الفسخ بدلالة بطلان شرطه، نصوص معتبرة. بمعنى أنه إذا اشترطت عليه أن لا يتزوج عليها، الامام (ع) يجيب بان شرط الله قبل شرطكم.
هناك روايات صحيحة معتبرة متعارضة في المقام كيف نخرج من هذا التعارض؟.
http://www.imshiaa.com/vb/alfatek_2_13/statusicon/user_online.gif http://www.imshiaa.com/vb/alfatek_2_13/buttons/reputation.gif (http://www.imshiaa.com/vb/reputation.php?p=293672) http://www.imshiaa.com/vb/alfatek_2_13/buttons/report.gif (http://www.imshiaa.com/vb/report.php?p=293672) http://www.imshiaa.com/vb/alfatek_2_13/misc/progress.gif http://www.imshiaa.com/vb/alfatek_2_13/buttons/edit.gif (http://www.imshiaa.com/vb/editpost.php?do=editpost&p=293672) http://www.imshiaa.com/vb/alfatek_2_13/buttons/quote.gif (http://www.imshiaa.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=293672) http://www.she3a-alhsen.com/alfatek_2_13/buttons/multiquote_off.gif (http://www.imshiaa.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=293672) بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين وعلى من تبعهم بصدق وإخلاص وإيمان إلى قيام يوم الدين. اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، اللهم افتح علينا أبواب رحمتك يا ارحم الراحمين ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
كان الكلام في الدليل السادس: وهو السيرة العقلائية والمتشرعية والعرفية، كل أنواع السيرة التي يمكن ملاحظتها على ان الزواج بطبعه دائم، علقة ملزمة لازمة لا تقبل الانفكاك ولا تقبل التقايل، وانفكاكها بأمر وحيد وهو الطلاق، لا يكون الفراق والانفصال بين الزوجين إلا بالطلاق، وهذه سيرة عامة لم يردع عنها الشارع، لم يثبت خلافها، ولذلك نستطيع أن نقول أنها معتبرة.
والجواب: أن هذا غير مسلم، نسلم بثبوت مسلك الناس على ذلك، أنه لا يوجد خيار فسخ في الزواج لكن عدم اعتياد الناس على ذلك لا يعني أن هذه العادة أصبحت حجة معتبرة و" أوفوا بالعقود " تعني أن نفس العقد ممضى وأيضا لوازمه، فإذا أصبح اللازم دخيلا في المفهوم أو كان بحيث أن العرف يعتبره أمرا قانونيا، حين إذن يصبح معتبرا، أما مجرد عادة فلا يكون أمرا معتبرا.
فليس مجرد اعتياد الناس على شيء وكان متصلا يعصر المعصوم (ع) يصبح معتبرا وحجة.
والميزان في كون اللازم معتبرا في العرف هو التالي: إن كان تركه مستغربا فليس بقانوني عند العرف لأنه من باب ترك المألوف، وإن كان مستنكرا فهو قانوني لأنه من باب ترك الحق. وشتان ما بين الاستغراب والاستنكار، وما بين ترك المألوف وترك الحق، فإن الأول جائز والثاني باطل.
من باب التقريب ذكرنا أن صلاة النافلة، مثلا صلاة الليل إذا صلاها احد ماشيا ونحن نعلم ان صلاة الليل ماشيا لا يشترط فيها استقبال القبلة. عندما يقال أنك تستطيع أن تصلي كذلك ويستغرب منك ذلك، هناك استغراب لكن لا يستنكر ذلك لأنه أمر شرعي.
سمعت في التلفاز بالنسبة للزواج، أن شابا وفتاة سجلا زواجا لمدة سنتين قابلا للتجديد وذلك في اسبانيا، وبدأ المذيع يثني على هذا التطور في الفكر الاجتماعي عندهم.
التعليق على ذلك ان هذا الزواج زواج منقطع قابل للتجديد عند الطرفين، عندنا تطور في الفكر الاجتماعي قبلهم بكثير، لكن للوهلة الأولى أمر مستغرب، العاقدان بعد سنتين يراجعان أنفسهما فإن ارادا الاستمرار وإلا فلا، شيء غريب لكن هل خرجا عن أسم الزواج؟ أبدا. هل خرجا عن ماهية الزواج؟ لا يزال أسمه زواجا حتى عندهم، وليس عقدا جديدا آخر.
وسمعت من بعض الاخوة أنه في المانيا الآن يدرسون مسألة قانونية، هل يمكن في كل سبع سنوات ان يعاد النظر في عقد الزواج إذا أرادت الزوجة أو الزوج فسخ العقد؟.
السؤال هنا: عندما يبحثون هذه المسألة هل خرج عن مفهوم الزواج؟ أبدا. من يسمع يستغرب هذا العقد ولكن يقول أنه زواج، وغريب هذه الاحكام هذا النمط. الاستغراب شيء والاستنكار شيء آخر، لا يستنكرون ذلك ولو استنكروه لما بحثوه من الأصل، ولذلك نجد بعض أبناء العامة يستغرب مسألة الزواج المنقطع، ولولا النص الموجود لأصبح مشكلة. وقلنا في الغرب عندما يبحثون مسألة الزواج وفسخه، ونحن نعلم أن عندهم علاقات أخرى وهي شبه قانونية، علاقات جنسية بين الرجل والمرأة. الزواج والمساكنة والمصاحبة والزنا. وكل منها له احكامه. المساكنة والمصاحبة والزنا ليس زواجا عندهم، له احكام خاصة وتختلف كليا.
الشاهد فيما نقول أنهم بحثوا في انقطاع الزواج في خيار الفسخ ولم يخرج عن مفهوم الزواج. إذن الدوام ليس دخيلا في مفهوم العقد، ولا أنه من اللوازم التي لا تنفك عن مفهوم العقد، نعم اعتاد الناس على ذلك، والاعتياد لا يعني أبدا اننا لا نبحث به.
فائدة استطرادية: ذكرنا سابقا هناك ثلاثة تعبيرات عند الاصوليين والفقهاء يقولون: سيرة العقلاء، حكم العقلاء، بناء العقلاء.
ما الفرق بين هذه الثلاثة: قلنا أن السيرة عبارة عن مسلك، منشأه حاجة عقلائية، ولذلك يشمل العادات والتقاليد وغير ذلك، من قبيل ما هو عندنا عندما يكون هناك مناسبة موت اسبوع أو تشيع، صاحب العزاء هو الذي يصنع الطعام للمعزين. وسبب هذه العادة قدوم الناس من هنا وهناك فلا بد من واجب معين. وهذا خلاف الشرع المشروع، الناس هي التي تصنع الطعام لصاحب العزاء لثلاثة أيام. هذه العادة تخالف الشرع المروي، لكن سببها حضور المعزين من أمكنة مختلفة، العادة لها منشأ فإن انتهى المنشأ تنتهي العادة هذا المسلك.
فإذن السيرة هي مسلك، أما حكم العقلاء فهو حكم.
وهناك فرق بين حكم العقل وحكم العقلاء، فحكم العقلاء هو الآراء المحمودة والعقل العملي بحيث لو اجتمعوا لحكموا به، مثل: العدل حسن، ولا علاقة له بالعادات والتقاليد، اما حكم العقل فهو يحكم ولو كان منفردا، وهو حكم العقل النظري، مثل: واحد زائد واحد يساوي اثنين.
وهناك اصطلاح آخر وهو بناء العقلاء وقد يطلق احيانا على السيرة أنه تبانوا على ذلك بمعنى أنه مسلكهم وذلك مثل العمل بالخبر الواحد، العمل به سيرة وقد تسمى بناء وليس حكما عقلائيا ولا عقليا. هذا هو الفرق وللأسف احيانا تستعمل بدل الكلمات مكان الاخرى وهو غير سليم استعمالا تساهليا، وتركيز المصطلحات أمر مهم لفهم ما يقال ويقرأ.
إذن الجواب على الاستدلال بالسيرة أن الدوام ليس دخيلا في مفهوم الزواج، ولذلك خيار الفسخ ثبت في العيب ولم يخرجه عن مفهوم الزواج، ثبت في التدليس ولم يخرجه عن مفهوم الزواج وكذلك ثبت في بعض الشروط. فإذا ثبت مفهوم الزواج ينطبق " أوفوا بالعقود " تأتي وتأتي كل الشروط أيضا.
بل يمنك القول إن العقلاء سيرتهم أو مبناهم على خلاف أنه ليس هناك خيار فسخ عند تخلف الشرط.
فلو أن زواجا تم على شرط فان لم يفعله قد يقال أن لها حق الفسخ حين ذلك مع تخلف الشرط. هذا عقلائيا غير مستنكر وإن كان ليس ديدنهم ذلك، ليست سيرتهم على ذلك.
الدليل السابع: أن تشريع عقد المتعة، العقد الموقت يدل باللازم عرفا على أن النكاح الدائم لا يقبل خيار الفسخ إذ لو كان خيار الفسخ جائزا في الدائم لكان مغنيا عن تشريع العقد المنقطع. الدليل هو لو كان خيار الفسخ صحيحا لاستغنينا به عن العقد المنقطع، ساعة تشاء تشترط ذلك وتفسخ، فنفس تشريع عقد منقطع معناه أنه ليس خيار الفسخ لذلك، هي تتحكم بالوقت أو هو. هذا دليل بعضهم. الفسخ يجعل الوقت بين الطرفين فلا معنى لتشريع الزواج الموقت.
والجواب: لا مانع من تشريع التوقيت، ولا تنافي مع خيار الفسخ، لان لكل منهما أحكامه. الا ترى كما ذكرنا في المثال أن الاجارة تكون لوقت معين، ومع ذلك تقبل خيار الفسخ.
الدليل الثامن: ما دل على حصر الفراق في العقد الدائم بالطلاق. إذ لو كان الانفصال ممكنا بخيار الفسخ لبيَّنه.
نذكر الروايات: ما رواه في الكافي باسنادين: عن ابراهيم بن الفضل عن أبان بن تغلب قال: قلت لابي عبد الله (ع) فإني استحي أن اذكر شرط الايام – الحياء لاستغراب الناس في تحديد الايام والاسابيع – قال (ع) هو اضر عليك، قلت وكيف قال: لأنك إن لم تشترط كان تزويج مقام – دائم – ولزمتك النفقة في العِدَّة وكانت وارثا ولم تقدر على أن تطلقها إلا طلاق السنة. - أي شاهدين وطهر إلى آخر الشروط -.
كيفية الاستدلال أن الامام حصر الفراق بالطلاق ولم يذكر خيار الفسخ.
رواية أخرى: ما رواه الشيخ عن احمد بن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن موسى ابن سعدان عن عبد الله بن قاسم عن الشهاب بن سالم قال: قلت لابي عبد الله (ع): اتزوج المرأة متعة مرّة مبهمة، فقال: ذلك أشد عليك ترثها وترثك، ولا يجوز لك أن تطلقها إلا على طهر وشاهدين.
الاستدلال بالرواية بنفس الكيفية السابقة، أنه حصر الانفصال بالطلاق، قال لا تستطيع أن تطلقها إلا على طهر وشاهدين. كلامنا في الروايتين في حصر الانفصال بالطلاق، ولو كان خيار الفسخ صحيحا لعلَّمه الامام (ع) ذلك.
الجواب: أولا: في اسناد الروايتين خلل.
وثانيا: أن مدلول الخبرين لا يشمل ما نحن فيه، فإنه في مقام بيان حكم ما لو لم يذكر الاجل بعد وقوع العقد، السائل لم يسأل الامام كيف يتم الانفصال، ولو كان كذلك لكان جواب الامام شاملا: إما بانتهاء المدة أو بالطلاق أو بخيار الفسخ أو بالارتداد، حينئذ يتم الكلام.
بل قال السائل هكذا فعلت، فماذا افعل؟.
الدليل التاسع: الروايات التي تدل على بطلان خيار الفسخ بدلالة بطلان شرطه، نصوص معتبرة. بمعنى أنه إذا اشترطت عليه أن لا يتزوج عليها، الامام (ع) يجيب بان شرط الله قبل شرطكم.
هناك روايات صحيحة معتبرة متعارضة في المقام كيف نخرج من هذا التعارض؟.
http://www.imshiaa.com/vb/alfatek_2_13/statusicon/user_online.gif http://www.imshiaa.com/vb/alfatek_2_13/buttons/reputation.gif (http://www.imshiaa.com/vb/reputation.php?p=293672) http://www.imshiaa.com/vb/alfatek_2_13/buttons/report.gif (http://www.imshiaa.com/vb/report.php?p=293672) http://www.imshiaa.com/vb/alfatek_2_13/misc/progress.gif http://www.imshiaa.com/vb/alfatek_2_13/buttons/edit.gif (http://www.imshiaa.com/vb/editpost.php?do=editpost&p=293672) http://www.imshiaa.com/vb/alfatek_2_13/buttons/quote.gif (http://www.imshiaa.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=293672) http://www.she3a-alhsen.com/alfatek_2_13/buttons/multiquote_off.gif (http://www.imshiaa.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=293672)
خادم الشيعة
10-07-2014, 04:28 AM
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين وعلى من تبعهم بصدق وإخلاص وإيمان إلى قيام يوم الدين. اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، اللهم افتح علينا أبواب رحمتك يا ارحم الراحمين ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
الدليل الثالث: -على أن عقد النكاح لا يتحمل خيار الشرط أو اشتراط الخيار أي خيار الفسخ وخيار الشرط بمعنى خيار الفسخ عند تخلف الشرط -. ما ذكروه أو ما اشتهر بينهم حتى اصبح شبه متسالم أن النكاح فيه شائبة العبادة، والعبادة لا تتحمل الفسخ أو خيار الفسخ، فكذلك النكاح لا يتحمل ذلك.
إنما قالوا أن النكاح فيه شائبة العبادة، منشأ هذه المقولة لعله كثرة الروايات الواردة في استحباب الزواج والنكاح بكل أقسامه، بل وثواب الآثار المترتبة عليه، حتى غسل الجنابة، حتى ماء الغسل.
فقالوا: أن فيه شائبة العبادة وإنما لم يقولوا عبادة لأن ذلك يحتاج إلى دليل. هناك عقود عبادية، كالصدقة عقد عبادي، وهي عينها الهبة، جميع شروط الهبة موجودة في الصدقة، كل شروط الصحة وعدمها إلى آخره كلها موجودة في الصدقة، إلا أن الصدقة عقد لازم والهبة عقد جائز، عدا الاستثناءات، الاصل في الهبة الجواز، إذا وهبتك شيئا، لي الحق أن استرده بخلاف الصدقة إذا تصدقت ليس لي الحق بالرجوع.
قالوا الفرق بين الصدقة والهبة أن الهبة عقد توصلي لا عبادة فيه ولذلك جاز الرجوع، أما الصدقة فهي عقد عبادي، ولذلك قالوا أنه لا يجوز الرجوع فيه، العلاقة مع الله.
ولذلك فرقنا بين الوعد والنذر أو اليمين. الوعد يجوز خلفه، قالوا لأنه ليس مع الله أما النذر فهو مع الله.
ويرد على الدليل الثالث، أولا:
أن هذا العنوان فيه شائبة العبادة. لم يثبت، لا نسلم به وإن اشتهر على السنتهم، وقد نفاه كثيرون. نعم هو مفهوم متصيد، تصيد من نصوص الثواب، وطبعا على الرغم من أن عقد النكاح له اهميّة كبرى في نظام المجتمع ونظرة الشارع إليه، مما جعل فيه ثوابا كبيرا واحكاما كثيرة أيضا، عندما يحصل عقد الزواج ليس مجرد عقد هناك مستتبعات هناك آثار، احكام كثيرة جدا، من النفقات إلى الحضانة إلى تربية الاولاد إلى البر، الإرث إلى آخره.
لكن اختلاف النكاح عن بقية العقود لا يعني أنه اصبح عبادة أو فيه شائبة العبادة، كل عقد يختلف عن الآخر، لكن كثرة الاختلاف لا تعني ثبوت عناوين تحتاج إلى دليل. هذا أولا.
ثانيا: إن مجرد كونه عبادة اصبح غير قابل للفسخ هناك عبادات قابلة للفسخ مع الاشتراط، من قبيل الإحرام والاعتكاف. في الاعتكاف نعلم أنه ثلاثة أيام، في اليوم الاول يستطيع المعتكف أن يخرج من المسجد في اليوم الثاني كذلك فإذا دخل اليوم الثالث لا يستطيع الخروج بعد، إلا إذا اشترط أي حين عقد نية الاعتكاف يشترط الخروج. فهذا الدليل أيضا لا نسلم به.
الدليل الرابع: النكاح كما في الروايات إما ثلاثة أو أربعة: دائم نكاح بإرث، ونكاح بغير إرث وهو المنقطع، وملك يمين. وفي حديث آخر النكاح أربعة: الدائم والمنقطع وملك اليمين والتحليل. لذلك حدث خلاف بأن التحليل هو يعود إلى هذه الثلاثة أو هو أمر رابع، ولذلك قلنا أن هناك فرقا بين مفهوم النكاح ومفهوم الزواج. الزواج ينقسم إلى قسمين، وملك اليمين ليس زواجا. اختلاف التقسيم يعني اختلافا في المفهوم، قبول التقسيم إلى ثلاثة وهنا إلى اثنين يعني اختلاف المفهوم.
فالنكاح ثلاثة ومع الخيار لا يكون دائما، هذه نقطة التفت إليه بعض الفقهاء، قالوا: مع الخيار لا يكون دائما، لان انشاء الشرط مرجعه إلى تضييق دائرة المنشأ، فخيار الفسخ ينافي الدوام.
واما المنقطع فخيار الفسخ ينافيه أيضا، وذلك أن المنقطع مشروط فيه تعيين الأجل ومع الخيار لا يدري متى سيفسخ.
يريد أن يقول: أن الزواج دائم ومنقطع، أما الدائم فمجرد أن اشترط ضيقت الدائرة ككل العمومات، مثلا: " أكرم عالما " أمر مطلق فإذا قيّدته " بأكرم عالما مؤمنا " ضاقت الدائرة، وإذا قيدته " أكرم عالما مؤمنا، شاعرا " كلما زدت قيدا كلما ضاقت الدائرة إلى أن قد تنحصر بواحد، ومع ذلك يبقى كليا حتى ولو انحصر بواحد، كما في زمن آدم (ع) ليس هناك رجل آخر في الدنيا فلو صدر أمر إلى حواء بإكرام رجل لا يصبح آدم علما بل يبقى كليا عاما نكرة، كل ما في الأمر أنه انحصر بواحد، الانحصار لا يعني أنه اصبح علما بل بيقى نكرة عاما، يبقى اسم جنس.
في عقد الزواج حدث اشتراط، الشرط يقييد المشروط فتضيق دائرة المنشأ. فالمستدل على ثبوت الخيار يقال: أن انشاء الشرط مرجعه إلى تضيق دائرة المنشأ، فخيار الفسخ ينافي الدوام – عندما تقول خيار الفسخ أي ليس دائما، يمكن أن يفسخ في أي وقت-. وأما المنقطع فخيار الفسخ أيضا ينافيه، لان المنقطع فيه تعين أجل، فلا معنى للفسخ وهو ينافي تعين الأجل.
إذن عقد النكاح المشروط بخيار الفسخ ليس دائما لأنه ينافي الدوام، وليس منقطعا لأنه ينافي التوقيت. لا دائم ولا منقطع، ولا هو ملك يمين، إذن هذا ليس نكاحا ولا هو تحليل، هذا عقد آخر، ولذلك قال بعض الفقهاء أن عقد الزواج بشرط الخيار عقد آخر ليس زواجا، عقد جديد مخترع.
يرد عليه أولا: أن خيار الفسخ لا ينافيه الدوام. كما في بقية العقود، البيع عقد، وطبيعة البيع الاستمرار خيار الفسخ لا يتناف مع استمراره، لذلك ذكرنا أن تقيد دائرة المنشأ لا يعني نفي الماهية، لم يصبح علما يبقى نكرة أسم جنس، ولو انحصر بواحد، ولم يصبح عقدا آخر، مفهوم رجل حتى ولو انحصر بشخص واحد يبقى اسم جنس نكرة، حتى لو لم يكن هناك أي فرد، انحصاره بشخص لا يعني انقلاب مفهومه. وهنا ايضا اشتراط الخيار لا يعني اختلاف مفهومه، مع تقيد دائرة المنشأ يبقى دائما.
فخيار الفسخ لا ينافي الدوام كما في بقية العقود، نعم يكون العقد مع خيار الفسخ متزلزلا لا أنه قد تغير مفهومه، لايزال عقد بيع عقد نكاح، كل ما في الامر أنه متزلزل لا ندري متى سيفسخ، والتزلزل لا يعني منافاة المفهوم وأنه أصبح عقدا آخر.
مضافا إلى أن الخيار ثبت في بعض الامور في عقد النكاح، خيار العيب والتدليس، ثبت هذا إجماعا ونصا، فهل تغيير مفهومه؟ هل تضيق دائرة المنشأ. هنا أدت إلى تغيير العنوان، فما زال عقد الزواج زواج ودائم ولو فيه خيار الفسخ.
مضافا: أما بالنسبة للعقد المنقطع قالوا: ان التوقيت ينافي الخيار، الجواب: انت تفرض كبرى غير مسلمة، لماذا نقول أن التوقيت ينافي الخيار؟. قد يقال مجرد التوقيت هو سينهي العقد، فما الداعي للخيار؟. هذه هي الفكرة الاساسية انه ليس عقدا منقطعا لأن المنقطع توقيت والتوقيت ينافي الخيار.
نقول: الاجارة لمدة معينة مثل: اجرتك الدار لمدة سنة، ومع ذلك يجوز فيها الخيار. التوقيت شيء والخيار شيء آخر، كل منها له احكام تختلف عن الآخر.
الدليل الخامس: اللزوم في عقد النكاح، حكم وليس حقا، والحكم لا يجوز فيه الفسخ والرجوع والتقايل لان الحكم رفعه ووضعه بيد الحاكم أو الشارع، اما الحق فهو سلطة معطاه إلى طرف فيحق له التخلي عنه. وذكرنا هذه المسألة تفصيلا في الفرق بين الحكم والحق.
فاللزوم في عقد النكاح حكم ولذلك لا يجوز فسخه ولا يجوز اشتراط خيار الفسخ، ولذلك الدليل على أنه حكم وليس حقا أنه لا يقبل التقايل.
ولو جاز اشتراط الفسخ في عقد النكاح لصح التقايل.
ويرد عليه: مقدمة: العقد أمر لازم، صحة التقايل في العقد أمر آخر ليس كل عقد قابل للتقايل، لا يوجد هكذا قاعدة، فالتقايل يحتاج إلى دليل، إلى اثبات، فمجرد عدم قبول التقايل لا يعني حكما باللزوم، إذ لعل منشأ عدم قبوله التقايل وجود بديل عن التقايل وهو الطلاق، بعكس البيع لا طلاق فيه بل هناك فسخ وتقايل، فلا يعني هذا أن اللزوم اصبح حكما ولا يجوز التنازل عنه.
الدليل السادس: السيرة العقلائية ولعله بعد الاجماع اكثر الادلة قوة، ويحتاج في رده إلى التفات. قالوا: أن السيرة العقلائية والمتشرعية والعرفية. على أن الزواج الدائم هو علقة ملزمة لا تقبل الانفكاك إلا بالطلاق. وهذا أمر ثابت وقلنا أن الشارع استخدم ما وضعه العقلاء حيث اخترعوا وضعية الزواج لترتيب احكام، وسماه كثيرون حكما وضعيا، ونحن اسميناه استعمالا، كان موجودا قبل الاسلام وبعده، عند الكفار وغيرهم، فاستخدمه الشارع، اخترعه الناس لتنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة، فاستعمله الشارع، هو عبارة عن استعمال كما استعمل الحروف والارقام، شيء موجود استفاد منه، وتدخل في الشرائط والاحكام لكنه لم يتدخل في اصل المفهوم.
عندما تكون السيرة في كل الدنيا على أنه ليس هناك فسخ في النكاح في كل الاديان وعند الكفار والعلمانين، كان عقد النكاح امرا مستمر، ليس هناك شيء اسمه خيار الفسخ، نعم هناك طلاق، وفرق بين الفسخ والطلاق، وفرق بين الطلاق وابطال العقد، وإن كان في تشريعات اخرى لا يفرقون بين الطلاق وابطال العقد.
هناك فرق بين الفسخ والطلاق وابطال العقد، في الاحكام والمفهوم. ابطال العقد يعني من اساسه. الفسخ من حين الفسخ، وله احكام اخرى. الطلاق أمر آخر شرعه الشارع لكيفية الفراق. هناك ثلاثة مفاهيم ابطال الزواج، فسخ عقد الزواج، والطلاق.
فقالوا: اننا نجد في سيرة الناس السيرة العامة نجد أنه ليس هناك فسخ وانما طلاق والشارع استخدم ما عند الناس امضى ما عند الناس وحكم بما عندهم، يعني حكم بالزواج وهو لا يقبل الفسخ، فاصبح عدم قبول الفسخ سيرة عقلائة امضاها الشارع.
فإذن عند الشارع ايضا ليس هناك فسخ، هذه السيرة لم يردع عنها الشارع بل امضاها، إلا ما ثبت من اسباب الفسخ، بالعيب والتدليس.
والجواب: هذا مسلم أن السيرة على ذلك، جعلوا الزواج ووضعوه لتنظيم علاقتهم بدون فسخ. لا نسلم انهم جعلوه بدون فسخ، هذا القيد لا نسلم به فإنه وإن لم يوجد خيار فسخ في الزواج فلا يعني أن الزواج مبني على عدم الفسخ أو لا؟ الناس اعتادت على ترك الفسخ حتى ظننا أنه اصبح دخيلا في المفهوم.
بعبارة اخرى: السيرة متى تكون معتبرة شرعا، ليس مجرد أن الناس مشت على ذلك اعتادت بل في حالتين: اما أن يكون عدم الفسخ دخيلا في مفهوم الزواج وإما مبني عليه عقد الزواج.
وسيأتي الجواب في الدرس القادم.
خادم الشيعة
10-07-2014, 04:29 AM
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين وعلى من تبعهم بصدق وإخلاص وإيمان إلى قيام يوم الدين. اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، اللهم افتح علينا أبواب رحمتك يا ارحم الراحمين ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
الدليل الأول الذي ذكرناه على نفي خيار الفسخ عند تخلف الشرط أو عند اشتراط الخيار، هو الضرورة، وذكرنا أربعة معان للضرورة أخرها أنه بمعنى الإجماع، وهناك معان اخرى لا نسلم بانطباقها على ما نحن فيه.
فلننقل الكلام للإجماع، فالإجماع هو الدليل الثاني.
الدليل الثاني: قالوا أن هناك إجماعا على أن عقد النكاح لا يتحمل لا اشتراط الخيار ولا خيار تخلف الشرط.
في الجواهر يقول: { لا يصح اشتراطه – خيار الفسخ - في العقود اتفاقا } وقلنا أن كلمة اتفاقا كقيمة علمية تقل عن كلمة إجماع. في كشف اللثام وغيره، هذا الإجماع قديم حيث صرح الشيخ الطوسي بذهاب المشهور إلى بطلان العقد باشتراط خيار الفسخ، لو قالت: زوجتك نفسي بشرط أن يكون لي خيار الفسخ ساعة أشاء. فهذا باطل. الشرط باطل والعقد أيضا باطل، وهذا برأيه .
وهذا نقل الشيخ الطوسي وهو نقل عن حس وليس عن حدس، سمع الفقهاء أو قرأ كلماتهم فقال المشهور كذا، فهذا نقل عن حس. وقلنا أن الإجماع كلما اقترب من الحس كانت حجيته أقوى، وكلما اقترب من الحدس كان أضعف، وذلك لأن الحدس عهدته على صاحبه، أما النقل أو الرؤية فأدلته الحجية تذهب إلى حجية الحس، وذكرنا ذلك في مبحث الإجماع.
ونعود إلى كلام الطوسي وكل من ذكر خيار الشرط ذكر أنه يجري في كل عقد سوى الوقف والنكاح – الوقف ليس عقدا لكنه من باب الاستثناء المنقطع – ولا يثبت في الطلاق – الطلاق المشروط، مثل: انت طالق بشرط كذا أو بشرط أن يكون لي خيار فسخ الطلاق ساعة أشاء- ولا العتق ولا الإبراء – والثلاثة من الايقاعات.
الذي نفهمه من كلام الشيخ أن اشتراط الخيار يؤدي إلى فساد العقد على المشهور، ونفهم منه أن اشتراط الخيار فاسد.
فإذن لا معنى لخيار فسخ لأن أصل العقد باطل.
وننقل أيضا كلام الشهيد الثاني في المسالك يقول:{ المشهور بين الاصحاب بطلان النكاح بشرط الخيار فيه }. يعني اشتراط الخيار، لا يتكلم هنا عن تخلف الشرط، وقلنا هناك فرق بين خيار تخلف الشرط وخيار اشتراط الخيار. الكلام هنا عن اشتراط الخيار وكل منها يختلف عن الآخر اختلافا كاملا، تخلف الشرط معناه عدم تنفيذ الطرف الثاني للشرط، حينئذ يكون لي الخيار، وقد يكون الشرط صحيحا. اشتراط الخيار، معناه أن يكون لي خيار الفسخ في متن العقد.
والجامع بينهما كما قلنا، بين هذه الادلة هو أن النكاح لا يتحمل خيار الفسخ، اشتراطا أو تخلف الشرط.
ونعود إلى المسالك، يقول: المشهور بين الاصحاب بطلان النكاح بشرط الخيار فيه. قطع بذلك الشيخ في المبسوط وغيره من المتأخرين، محتجين بأن النكاح ليس من عقود المعاوضات القابلة لخيار الشرط، بل فيه شائبة العبادة فالشرط يخرجه عن وضعه – يعني أن النكاح موضوع يختلف كليا عن بقيَّة العقود، ولذلك بمجرد أن يشترط الخيار، يعني خروج عن ما وضع له، وكأنه شيء آخر وليس نكاحا هذا عقد آخر خرج عن مفهومه، ليس أنه مجرد شرط فاسد. اشتراط هذا الخيار يعني خرج عن مفهوم النكاح، هذا ليس عقد نكاح.
وخالف ابن ادريس في ذلك فحكم بصحة العقد وفساد الشرط.
ووجهه: ما أشار إليه من وجود المقتضي لصحة العقد لاجتماع شرائط الصحة فيه لأنه الفرض وانتفاء المانع. – العقد صحيح مع فساد الشرط لماذا؟ لوجود المقتضي وفقد المانع، المقتضي هو أن هذا العقد قد تم بكل اجزائه بشكل صحيح. والمانع، لا مانع من صحة هذا العقد سوى اشترط الخيار.
فهنا التزامان: العقد الأول التزام، والشرط عبارة عن عقد آخر أو التزام، ففساد الثاني لا يعني فساد الاول- وعمل بمقتضى العقد لأصالة الصحة وعموم " أوفوا بالعقود " . نفهم من هذا الكلام وكأن هناك تسالم على فساد الشرط، فصار يناقش في أصل صحة العقد وكأن الشرط مفروغ عن فساده.
وتردد المحقق في بطلان العقد، ولم يتردد أحد في بطلان الشرط، هناك تسالم إلى يومنا هذا.
وفيه: أولا: ذكرنا في الإجماع أنه مشكل كبرى وصغرى، مشكل في عالم النظرية وفي عالم التطبيق. وقلنا أن الإجماع في الكبرى كلما اقترب من الحس كلما كانت حجيته اكثر، وأن نحصل اجماعا شبه حسي، هذا من الصعب.
وثانيا: إن تحصيل الإجماع من اصعب ما يكون، لأن الشيعة ليسوا فقط الشيخ الطوسي (ره) والعلامة (ره) والمفيد (ره) وغيرهم، هناك عشرات الفقهاء الكبار، فاستقصاء آرائهم جميعا شبه محال. ذكرنا بحث الإجماع ولا نعيد، وقلنا أن مخالفة الإجماع مشكل والعمل به أشكل.
الشيخ الانصاري (ره) يقول كلمة جميلة، نصف سطر هي في كفَّة وكل بحث الإجماع في كفَّة اخرى. يقول: { الإجماع هم أصل له وهو أصل لهم }. هذا ملخص مفيد جميل جدا منه (ره) نسف حجيَّة الإجماع بهذه الكلمات واراد أنه ليس حجة. لكن لما كان الجو العام لأبناء العامة وعليه حصل من فقهائنا مجاراة بأن الاجماع حجة.
الإجماع بذاته ليس حجة، فما هو مبرر الإجماع؟ قالوا أن المبرر هو الكشف عن رأي المعصوم، اختراع، الكشف عن رأي المعصوم كيف يكشف؟ فذهبوا إلى الإجماع الدخولي والإجماع الحدسي، والإجماع اللطفي. وقد بيَّنا ذلك في دروس سابقة.
وثانيا: أن معقد هذه الإجماعات هو عدم صحة اشتراط الخيار، لا عدم ثبوت خيار الفسخ عند فساد الشرط، وهو محل كلامنا. قالوا هناك اجماع على فساد خيار الشرط، على فساد اشتراط الخيار، وكلامنا في خيار تخلف الشرط، والاجماع دليل لبي لا اطلاق له لأنه لا لسان له، الاطلاق إنما يكون من اللسان، والإجماع دليل لبي، كبقية الادلة اللبية، السيرة دليل لبي، تقرير المعصوم دليل لبي ، فعل المعصوم أيضا. اللبي هو كل دليل لا لفظ فيه، وعند الشك نقتصر في حجيته على القدر المتيقن، والقدر المتيقن هو اشتراط الخيار ولا يسري إلى خيار تخلف الشرط.
وأما ثانيا: مسألة فيه شائبة العبادة، لا نسلم بها، وأيضا حتى ولو كان عبادة يتحمل الشروط، والدليل الثالث في اجوبته ما ينفعنا في الدليل الثاني.
نلخصها: اولا أنه فيه شائبة العبادة لا نسلم به، وثانيا حتى ولو كان عبادة، العبادات تتحمل الشروط كما في الاعتكاف.
خادم الشيعة
10-07-2014, 04:29 AM
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين وعلى من تبعهم بصدق وإخلاص وإيمان إلى قيام يوم الدين. اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، اللهم افتح علينا أبواب رحمتك يا أرحم الراحمين.
الولاية على البكر البالغة الرشيدة في الزواج المنقطع.
كنا قد قسمنا الروايات إلى طوائف حتى نستطيع أن نتخلص من التعارض الموجود، ووصلنا إلى كيفية الجمع بين الروايات:
هذه الطوائف متعارضة للوهلة الاولى، ولكن بعد أن حملنا الطائفة الأولى وهي الدالة على استقلال الأب مطلقا مثل: " ليس لها مع أبيها أمر " على التشريك في الولاية بين البنت وأبيها وأن للاب حق النقض، وذلك لأمرين نعيدهما مختصرين:
الاول: إنه ظلم للبنت أن لا يكون لها رأي فهو أمر يخالف العقل الذي يحكم بقبح الظلم، ويخالف القرآن الكريم الذي يقول: " وما ربك بظلام للعبيد ".
الثاني: الروايات الاخرى الدالة على التشريك والتي تعين على فهم الروايات الاولى أي التي تدل على استقلال الأب.
ثم إن هذه الروايات مطلقة بالنسبة للدوام والانقطاع. ثم بعد ذلك قدمنا روايات التفصيل بين المالكة أمرها وغير المالكة أمرها على روايات التشريك وروايات الاستقلال، من باب تقديم الخاص على العام. ذلك أن روايات غير المالكة أمرها أخص من روايات استقلال البنت موضوعا فتقدم عليها، وأيضا روايات المالكة أمرها أخص من روايات التشريك موضوعا فتقدم عليها. وجميع هذه الروايات موضوعها الزواج الشامل للدائم والمنقطع.
يبقى عندنا الروايات التي تجوز متعة البكر بشرط عدم الدخول فنقول:
إن استفدنا من هذه الروايات الإرشاد إلى ما عند الناس كما هو ظاهر كلمة " عيب على الابكار " " عار " " فليستترن " وغيرها من الالفاظ التي توحي بأنه إرشاد إلى ما عند الناس في ذلك الزمن وفي تلك البيئة. فلا تدل حينئذ على حكم مولوي، بل يكون من باب النصيحة وعدم جواز إهانة المؤمن لنفسه.
وإن كان الأمر كذلك يكون حكم زواج المتعة كحكم الزواج الدائم من حيث إذن الأب، أي إن كانت مالكة أمرها فالولاية لها، وإلا كانت الولاية مشتركة بينها وبين أبيها. وإن لم تكن مالكة أمرها فالولاية مشتركة بينهما. هذا كله إذا استفدنا الارشاد من روايات اشتراط عدم الدخول.
أما إذا استفدنا الحكم المولوي كما أفاد بعض الفقهاء فإنه لا بد من الذهاب إلى الآتي:
إن كانت مالكة أمرها فيجوز لها العقد بدون إذن أبيها بشرط عدم الدخول، وإلا فلا بد من إذن الأب.
أما الاستدلال بالقرآن الكريم:
كان من الاولى الابتداء في الاستدلال بالقرآن، ولكن لما كانت الروايات أخص أخرنا الاستدلال به، وآيات القرآن الكريم مطلقة بالنسبة لإذن الأب وعدمه: فقوله تعالى في سورة النساء آية 24/ " وأحل لكم ما وراء ذلكم ان تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين". و " فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ". وما مرَّ من الآيات التي ذكرناها في الزواج الدائم مثل: " أوفوا بالعقود ". وإطلاقات الآيات مقيَّدة بالأخبار وقد درسنا في الأصول أن عمومات القرآن وإطلاقاته يمكن تقييدها وتخصيصها بالأخبار. ولذلك لا تصل النوبة إلى مرجحات باب التعارض.
المختار:
بعد هذه الادلة نختار جواز متعة البكر الرشيدة بدون إذن أبيها إذا كانت مالكة أمرها، ويجب عليها أن تلاحظ النظرة الاجتماعية السائدة في زمنها وبيئتها بالنسبة للدخول. وإن لم تكن كذلك احتاجت إلى إذن أبيها.
والحمد لله رب العالمين
خادم الشيعة
10-07-2014, 04:30 AM
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين وعلى من تبعهم بصدق وإخلاص وإيمان إلى قيام يوم الدين. اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، اللهم افتح علينا أبواب رحمتك يا أرحم الراحمين.
الولاية على البكر البالغة الرشيدة في الزواج المنقطع.
كنا قد قسمنا الروايات إلى طوائف حتى نستطيع أن نتخلص من التعارض الموجود، ووصلنا إلى الطائفة السادسة:
6- الروايات الدالة على جواز متعة البكر من دون تقييد بإذن الولي أو عدمه.
منها: - ح 1 من نفس المصدر. محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن عبد الله عن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن زياد بن أبي الحلال، قال: سمعت أبا عبد الله يقول: لا بأس أن يتمتع البكر ما لم يفض إليها كراهية العيب على أهلها.
هذه الرواية مقيّدة بعدم الدخول اولا، ثانيا: لم يتطرق إلى شرط الولي أو عدم شرطه، إذن الولي أو عدمه، ثالثا: كراهية العيب على اهلها، هذا التعبير كأنه إرشاد إلى ما في الواقع، لان كلمة عيب لا تستعمل في الاحكام الشرعية، العيب هو مسألة عرفية. الذي نفهم منه انه حتى الافضاء إن كان عرفا ليس عيبا فلا بأس به. نستفيد منها امرين: الاول حكم شرعي إرشادي والثاني حكم تأديبي تربوي.
فالحكم الشرعي الاول هو لم يذكر إذن الولي وعدم إذنه، فإذن هذه الرواية ناظرة إلى اصل زواج المتعة، لأنه قد يقال: أن البكر لا يجوز متعتها أصلا حتى مع إذن ابيها.
الرواية تقول انه يجوز متعة البكر من دون النظر إلى إذن الاب. الذي نستفيده:
أولا: اصل حلية المتعة على البكر.
ثانيا: عدم جريان أصالة الإطلاق بالنسبة لإذن الأب وعدمه لأنها ليست في مقام بيان هذه الجهة، بل لمجرد بيان أصل جواز متعة البكر مع عدم الدخول. نعم لو كانت مطلقة أمكن استفادة عدم اشتراط إذن الولي.
ثالثا: قد يستفاد أن الرواية إرشاد إلى ما عند الناس من استهجان واستقباح المتعة وفقدان البنت بكارتها بها.
وهناك أيضا مسألة تربوية وهي أنه أيها المؤمنون الله عز وجل يريد منكم على لسان الائمة " كون زينا لنا ولا تكونوا شينا علينا "، فما كان عيبا عند الناس لا تمارسوه ليس لأنه محرم أو لأنه مجرد كونه عيبا عند الناس. لذلك امتنعوا عن ما يؤدي إلى الاهانة، إن الله تعالى لا يريد للمؤمن أن يهان.
<!--[if !supportLists]-->-<!--[endif]-->ح 2 من نفس المصدر: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن محمد بن أبي حمزة عن بعض أصحابه عن ابي عبد الله (ع) في البكر يتزوجها الرجل متعة؟ قال: لا بأس ما لم يقتضها.
قد يقال أن هذه الرواية يمكن ان تكون في جواز متعة البكر ولو بغير إذن ابيها، وذلك لإطلاقها من هذه الجهة لكن الرواية ليست ظاهرة في ذلك، بل هي ظاهرة في الدلالة على تشريع متعة البكر بشرط عدم الدخول، من دون نظر إلى إذن الولي وعدمه، فهي عامة من هذه الجهة. لكن الرواية مرسلة.
<!--[if !supportLists]-->-<!--[endif]-->ح 3 محمد بن على بن الحسين بإسناده عن إسحاق بن (1) عمار عن أبي عبد الله (ع)
قال: قلت له: رجل تزوج بجارية عاتقٍ على أن لا يقتضها، ثم أذنت له بعد ذلك؟ قال: إذا أذنت فلا بأس.
والرواية عامة من جهة إذن الولي، والظاهر كونها في مقام تشريع أصل متعة البكر بشرط عدم الدخول. لكن الرواية هنا لا تبين شرط عدم الدخول في صحة العقد لأن البنت هي التي اشترطت عدم الدخول، بل يستشم صحة العقد ولو مع الدخول حيث قال لا باس انه إذا قبلت.
وأما إذن الولي فليست ناظرة إليه إلا إذا استفدنا الاطلاق من الرواية.
الرواية موثقة، بإسحاق بن عمار.
<!--[if !supportLists]-->-<!--[endif]-->ح 4 من نفس المصدر: وبأسناده، أي محمد بن علي بن الحسين، عن محمد بن عزاقر (ثقة) عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع) قال: سألته عن التمتع بالابكار؟ فقال: هل جعل الله ذلك إلا لهنَّ، فليستترن وليستعففن.
الرواية مرسلة. نستفيد منها في مقام الدلالة أصل جواز التمتع بالابكار.
وفي مقام الدلالة " وهل جعل الله ذلك إلا لهن " يعني انها رحمة كما قال علي بن ابي طالب (ع) لولا عمر ما زنا إلا شقي. كانت المتعة رحمة الله لامته. ثم يقول: " فليستترن " أمر بالاستتار، ولعلَّه للنظرة الاجتماعية السائدة للعرف العام.
وفيها أمر بالاستعفاف، فهل الاستعفاف عن المتعة، عن الزنى؟ الظاهر هو الثاني، لأن التعفف هو عن الحرام ليس عن شيء محلل وقد يطلق عن المكروهات والمباحات.
<!--[if !supportLists]-->-<!--[endif]-->ح 5 نفس المصدر ح 6. محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن موسى بن عمر بن يزيد عن محمد بن سنان عن أبي سعيد قال: سئل أبو عبد الله (ع) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
<!--[if !supportLists]-->(1)<!--[endif]-->فائدة: إسحاق ممنوع من الصرف للاعجمية والعلمية وليس مضافا إلى بن، واعراب بن غالبا وصف نعت لما قبله، وغالبا كلمة " أب " تأتي بدل أو عطف بيان. وهذا هو الفرق بين فلان بن فلان وفلان أب فلان.
عن التمتع بالأبكار اللواتي بين أبوين؟ فقال: لا بأس، ولا أقول كما يقول هؤلاء الاقشاب.
في التعليقة على الوسائل يقول: رجل قشب أي لا خير فيه.
ذكرنا ما في السند، ما في موسى بن عمر ومحمد بن سنان وابي سعيد القماط.
واحتمال أن تكون الرواية في مقام بيان أصل جواز متعة البكر قوي وهي عامة، والقدر المتيقن في بيان اصل المتعة، وإذن الولي وعدمه غير معلوم يمكن أخذها بإطلاقها، ولكن الرواية لم يؤخذ بها باعتبار ما في السند.
7- الطائفة السابعة: الروايات على النهي عن متعة البكر.
منها: - ح 10 من نفس المصدر. وبأسناده، أي محمد بن الحسن الطوسي عن محمد بن أحمد بن يحيى عن يعقوب بن يزيد (ثقة) عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري (ثقة) عن ابي عبد الله (ع) ، في الرجل يتزوج البكر متعة؟ قال: يكره للعيب على أهلها.
الرواية معتبرة سندا.
في مقام الدلالة " يكره للعيب على أهلها " كلمة يكره في الروايات ليس كما هو في اصطلاح الاصولي ليس مقابل التحريم دائما، احيانا في مقابل الكراهة العرفية انه شيء مبغوض.
وذكرنا في المنهجية في الشبهة المفهومية: اولا نطرق باب الشارع فإن لم يكن نطرق باب العرف، فان لم يكن بطرق باب اللغة، فإن لم يكن فالقدر المتيقن، والا كان المفهوم مجملا. عندما يكون المفهوم غير واضح في " الكراهة " نأخذ بالقدر المتيقن الذي يدل على مطلق المبغوضية والالزام بالترك الذي هو يحتاج للدليل.
الرواية ظاهرة في الارشاد، فلو فرضنا مجتمعا لا يراه عيبا ارتفعت الكراهة لارتفاع علّتها، والظاهر أنها ناظرة إلى تشريع متعة البكر لا إلى ولاية الأب عليها.
<!--[if !supportLists]-->-<!--[endif]-->ح11 وعنه أي بإسناد محمد بن الحسن عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عيسى عن الفضل بن كثير المدائني عن المهلب الدلال، أنه كتب إلى أبي الحسن (ع) ان امرأة كانت معي في الدار، ثم إنها زوجتني نفسها، وأشهدت الله وملائكته على ذلك، بعد ذلك إن أبيها زوجها من رجل آخر فما تقول؟ فكتب (ع) التزويج الدائم لا يكون إلا بولي وشاهدين، ولا يكون تزويج متعة ببكر، أستر على نفسك واكتم رحمك الله.
يقول الحر العاملي (ره) حمله الشيخ على التقية انتهى.
أقول الحمل على التقية واضح من سياق الرواية ومع اشتراط الشاهدين.
- ح 13 من نفس المصدر. احمد بن محمد بن عيسى في نوادره عن القاسم بن محمد عن جميل بن صالح عن ابي بكر الحضرمي، قال: قال: أبو عبد الله (ع) يا أبا بكر، إياكم والابكار أن تزوجوهن متعة.
الرواية ظاهرة في اصل تزويج البكر متعة.
- ح 14 من نفس المصدر. وعن أبي عمير، أي أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن ابي عمير، عن جميل بن صالح عن محمد بن مروان عن عبد الملك بن عمرو قال: سألت ابا عبد الله (ع) عن المتعة فقال: إن أمرها شديد فاتقوا الابكار.
من حيث الدلالة واضحة في النهي عن متعة البكر، لكن الكلام في " شديد "، تارة الشدة تكون بلحاظ الشارع كما في مسألة وجوب الاحتياط في الفروج برواية " وإن امر الفرج لشديد ومنه يكون الولد ".
وقد تكون الشدة بالعرف وهذا معناه الرجوع الى الاعراف. الروايات الاولى تعيننا في معنى الشدة هنا بان المسألة عرفية وليست حكمية بلحاظ الحكم الشرعي، وقد تدل على المعنيين معا ولا مانع من ذلك، هو شديد عند الله وشديد عند العرف ولا مانع من ذلك، وليس استعمالا للفظ في اكثر من معنى حتى نقول محال، في الاصول ذكروا ان استعمال اللفظ في اكثر من معنى محال. هل هذا استعمال للفظ في أكثر من معنى؟ نقول: إذا وجدنا معنى مشتركا بين الشدة في المعنى الحكم وبين الشدة بالمعنى العرفي حينئذ يكون استعمالا للفظ في معنى واحد. وإذا لم يكن هناك اشتراك بينهما لا بد أن نحمل على أحد المعنيين. إذا دار الامر بين المعنيين احتاج إلى قرينة، تكون حينئذ الروايات الاولى صالحة للقرينة على هذا المراد وهو الشدة في العرف بلحاظ ألفاظ العيب والاستتار.
والحمد لله رب العالمين.
خادم الشيعة
10-07-2014, 10:59 AM
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين وعلى من تبعهم بصدق وإخلاص وإيمان إلى قيام يوم الدين. اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، اللهم افتح علينا أبواب رحمتك يا أرحم الراحمين.
الولاية على البكر البالغة الرشيدة في الزواج المنقطع.
أما محمد بن سنان فهو ثقة إلا أن الكلام في رواياته حيث قال: أن ما أرويه هو وجادة لا سماع. مما ألقى بعض الظلال على رواياته رغم أن متونها عالية، وغير مخدوشة، إلا أن الأصل في الحديث هو السماع، أما الوجادة فقد يخدش فيها، خصوصا مع ما روي عن الامام الصادق (ع): " لعن الله المغيرة بن سعيد فقد دسّ في كتب أصحاب أبي أربعة آلاف حديث تغالي فينا ليبغضنا الناس.
أما الثانية: أبي سعيد القماط.
والثالثة: موسى بن عمر بن يزيد لم يوثق وذكره الشيخ في الفهرست 721، وترجمه النجاشي 1075، صاحب عدة كتب، روى كتبه سعد الاشعري ومحمد بن علي محبوب، وقع في اسانيد كامل الزيارات، رووا عنه ولم يستثنوه. لم يوثق ولم يطعن.
أبو سعيد مشترك بين ثلاثة: خالد بن سعيد وهو ثقة، وصالح بن سعيد روى عنه البزنطي ووقع في أسانيد من لا يحضره الفقيه. الثالث عباد بن يعقوب.
أما موسى بن عمر الراوي عن محمد بن سنان فهو مهمل لم يوثق، ترجمه النجاشي تحت رقم 1075 وقال: موسى بن عمر بن يزيد بن ذبيان الصيقل مولى بني نهد، أبو علي، وله ابن اسمه علي وبه يكنى، له كتاب طرائف النوادر، وكتاب النوادر. أخبرنا الحسين بن عبيد الله قال: حدثنا احمد بن محمد عن سعد عن موسى بكتبه.
وقد ذكره الشيخ في رجال أبي محمد العسكري (ع) وفي الفهرست وقال له كتاب.
والتحقيق فيه أنه لا يمكن الإعراض عن رواياته، وعدم إعطائها شيئا من الاعتناء، فهو وإن كان مهملا لم يوثق، إلا أن فيه أمورا تؤيد ما ذكرنا فيه:
منها: أنه صاحب كتاب، وكتبه رواها الأجلاء الثقات من قبيل سعد بن عبد الله ومحمد بن علي بن محبوب.
ومنها: أن اسمه قد وقع كثيرا في أسانيد الروايات بهذا العنوان: موسى بن عمر بن يزيد، أو موسى بن عمر وهو يروي عن ثقات الرواة من امثال صفوان وابن أبي عمير.
ومنها: أنه وقع في اسانيد كامل الزيارات.
ومنها: رويت رواياته ولم يستثنه أحد ولم يضعفوه.
ومنها: إن توصيفه تارة بالكوفي وتارة بالبصري وتارة بالبغدادي، لا ضير فيه، فتنقله بين البلدان طبيعي خصوصا لمن كان واسع الرواية.
المشكلة الثالثة في السند أبو سعيد القماط: فهو مشترك بين ثلاثة: إما خالد بن سعيد كوفي ثقة روى عن الامام الصادق (ع). قاله النجاشي والعلامة، وهذا عن الحر العاملي في س ج 20 تحت رقم 432. وأما صالح بن سعيد، وهو لم يوثق صريحا، ولكن خالد بن سعيد وصالح بن سعيد وعباد بن يعقوب روى عنه البزنطي، فمن سلَّم بقاعدة أن البزنطي وأضرابه لا يروي إلا عن ثقة لا بد له من الذهاب إلى توثيقه.
كما يؤيد هذا التوثيق وقوعه في أسانيد من لا يحضره الفقيه.
وأما عباد بن يعقوب العصفري المحدث العامي، يقول السيد الخوئي (قده) في ترجمة صالح بن سعيد: ثم لا يخفى أن أبا سعيد القماط وإن كان كنية لصالح بن سعيد أيضا، ألا أنه إذا أطلق ينصرف إلى أخيه خالد بن سعيد الذي تقدّم عن النجاشي. (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
<!--[if !supportLists]-->(1)<!--[endif]-->تذكير: هناك قاعدة وهي: أن البزنطي وابن أبي عمير وأضرابهما هؤلاء إذا رووا عن شخص فهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة. هذه القاعدة إذا تمّت فقد وثقت عشرات الروات. أبن أبي عمير إذا روى عن شخص فهو ثقة،. وقد بحثنا هذه المسألة، وكنت سابقا أذهب إلى عدم تمامية القاعدة، ولكن غيرت نظري فيمكن الذهاب إلى تمامية القاعدة لكل من رووا عنه هؤلاء فهو ثقة كل من وقع في الاسانيد فهو ثقة.
ومختصرا للتذكير أن في القاعدة مشكلتين:
القاعدة نص عليها الشيخ الطوسي (ره) قال: أن هؤلاء وأضرابهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة، أجمعت الطائفة على العمل بمراسيلهم.
الاشكال الاول: أن هناك روايتين عن ابن ابي عمير مرسلتين يرويهما الشيخ الطوسي بنفسه ويقول أنه لا اعتبار فيهما، ويقول انها، مرسلتان. هو أول من بدأ بخدش القاعدة.
المشكلة الثانية: أن هناك ستة رواة ضعاف يروي عنهم ابن أبي عمير فكيف يكون لا يروي إلا عن ثقة؟.
بناء على هذين الاشكالين كنا نشكك في عموم ما ذكره الشيخ الطوسي (ره) ونشكك في ثبوت القاعدة.
ولكن من فترة بدأت اميل إلى صحة القاعدة وللإشكالين حل.
أما الاول فحله أن الارسال قد وقع مرتين في الرواية، فلعلّه ناظر إلى أحد الارسالين لا إلى إرسال ابن ابي عمير.
وأما الضعاف الذي روى عنهم، هناك تخريج لتصحيح هذه الروايات.
وبالنتيجة من تمت عنده هذه القاعدة مجرد رواية البزنطي عنه فقد وثقه، هذا دليل. ومن لم تتم عنده القاعدة لم يوثقه. فصارت المسألة مبنائية.
ويدل عليه: ما في الكافي ج 1 باب الأخذ بالسنة وشواهد الكتاب 22، ح 8، ففيه: عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران عن أبي سعيد القماط وصالح بن سعيد عن أبان بن تغلب. فإن ذكر صالح بن سعيد مع أبي سعيد القماط يدل على أن المعروف بهذه الكنية غيره، وإن لم يكن لهذا النزاع أثر، فإن كلا منهما ثقة، على ما عرفت من وقوع صالح بن سعيد في إسناد تفسير على بن إبراهيم.
والحمد لله رب العالمين.
خادم الشيعة
10-07-2014, 10:59 AM
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين وعلى من تبعهم بصدق وإخلاص وإيمان إلى قيام يوم الدين. اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، اللهم افتح علينا أبواب رحمتك يا أرحم الراحمين.
الولاية على البكر البالغة الرشيدة في الزواج المنقطع.
الاقوال في المسألة:
قيل بولايتها على نفسها مطلقا في المنقطع، نسب ذلك في الشرائع إلى قائل، وعن الشهيد في شرح نكت الإرشاد أن المحقق سئل عن قائله فلم يجب (غاية المراد) ص 172.
يقول الشيخ الأنصاري في كتاب النكاح ( اعداد لجنة تحقيق تراث الشيخ الاعظم ص 125):
وظهر مما ذكرنا – أي من استقرار مذهب الامامية على عدم القول بالفصل بين المتعة والدوام- ضعف ما ذكره الشيخ في التهذيبين من استقلال البكر في المتعة، وثبوت الولاية لأبيها في الدوام، بناء على كون ذلك فتوى له، لا محض جمع.
وظهر أيضا ضعف عكس هذا القول المحكي في الشرائع وعن الشهيد في النكت: إن المحقق سئل عن قائله فلم يجب، ولا مستند له عدا الجمع بين الأخبار المختلفة المتقدِّمة ...انتهى.
وهناك قول لبعض المتأخرين المعاصرين بجواز متعة البكر البالغة الرشيدة بغير إذن وليها بشرط عدم الدخول.
والسبب في ذلك الاختلاف هو اختلاف الروايات.
طوائف الروايات:
الطائفة الاولى: وجوب أخذ إذن الأب مطلقا:
<!--[if !supportLists]-->1-<!--[endif]-->منها: الروايات التي وردت في استقلال الأب في التزويج مطلقا : مثلا: " ليس لها مع أبويها أمر " وهي الطائفة الاولى التي ذكرناها في الزواج الدائم.
<!--[if !supportLists]-->2-<!--[endif]--> الروايات الدالة على التشريك بين الجارية ووليها، مثل: لا ينقض النكاح إلا الأب " وقد مرَّت في الطائفة الثانية في البحث السابق.
الطائفة الثانية: الروايات الواردة في استقلال البنت مطلقا في الدائم والمنقطع، ومع اشتراط عدم الدخول وعدمه وقد مرَّ أيضا.
الطائفة الثالثة: الروايات التي تدل على اشتراط إذن الأب في المتعة.
منها: - ما في س ج 14 ب 11 من ابواب المتعة ح 5 ص 458. عن أحمد بن محمد بن ابي نصر البزنطي عن الرضا (ع) قال: البكر لا تتزوج متعة إلا بإذن أبيها ".
الرواية صحيحة.
<!--[if !supportLists]-->-<!--[endif]-->ح 12 من نفس المصدر، والرواية صحيحة. بإسناده، محمد بن الحسن عن احمد بن محمد عن محمد بن اسماعيل عن ظريف عن أبان عن أبي مريم عن أبي عبد الله (ع) قال: العذراء التي لها أب لا تزوج متعة إلا بإذن أبيها ". ورواه الصدوق بإسناده عن أبان.
يقول الحر العاملي: أقول: حمله الشيخ على الكراهية، وجوَّز حمله على التقيّة لِما تقدّم، وعلى غير البالغ لما يأتي. وقد تقدّم في أولياء العقد ما ظاهره المنافاة، لكنه غير صريح، بل هو عام يجوز تخصيصه.
الطائفة الرابعة: الروايات التي تدل على جواز متعة الجارية البكر بدون إذن وليها بشرط عدم الدخول.
منها:
<!--[if !supportLists]-->-<!--[endif]-->ما روي في نفس المصدر ح 7: وبهذا الاسناد، أي محمد بن الحسن، عن ابي سعيد القماط عمن رواه قال: قلت لأبي عبد الله (ع) : جارية بكر بين أبويها تدعوني إلى نفسها سرا من أبويها، فأفعل ذلك؟ قال: نعم، واتق موضع الفرج، قال: قلت: فإن رضيت بذلك؟ قال: وإن رضيت فإنه عار على الأبكار.
من حيث السند: الرواية مرسلة، وقلنا ان الرواية المرسلة تنفعنا إما في الفهم لبعض الروايات الصحيحة أو في تأيدها فليس كل مرسل لا قيمة له بناء على ضعف السند.
من حيث الدلالة: في هذه الرواية الكثير من الدلالات نستفيد منها:
اولا: انها جارية بكر بين ابويها يعني ان ظاهرها غير المالكة لامرها.
ثانيا: " تدعوني سرا " أي عن ابويها ظاهرها أن الاب غير راضٍ وإن احتمل غير ذلك.
ثالثا: " اتق موضع الفرج " أي يجوز بشرط عدم الدخول. نفهم منه بالعموم الناشئ من حذف المتعلّق أن كل تصرف متعلق بالفرج كاللمس والنظر والدخول يجب اتقاءه. لكن ظاهر الكلام هو الدخول دون غيره بقرينة " عار على الابكار".
ثم: " وإن رضيت - أي بالدخول - فانه عار على الابكار " هل يفهم منه حكم تكليفي مولوي أو ارشاد إلى ما عند الناس؟ كلمة " عار " لا تقال على المولويات ولذا لو لم يكن فقد البكارة عارا عند الناس لارتفع المنع.
فإذن الرواية من هذه الناحية ارشادية بالنسبة لـ " اتق موضع الفرج " وليس مولوية تكليفية.
لو فرضنا ان مجتمعا ما كما في أكثر المجتمعات العلمانية أو الذات البعد الغربي في التفكير المادي، إذ نسمع ان الفتاة التي تبقى بكرا يقال أن لديها مرض نفسي. في هذا النوع من البيئة ليس فقد البكارة " عار على الابكار "، وتعليل الامام (ع) يجعل الرواية ارشادية لما عند الناس في ذلك الزمن أو في تلك البيئة. بعبارة أخرى أن المناط في التحريم كما هو ظاهر الرواية كونه " عار على الابكار " مسالة عرفية مرتبطة بالعرف، إذا تغير العرف يتغير المناط فينتفي الحكم.
<!--[if !supportLists]-->-<!--[endif]-->في نفس المصدر ح 9، وبإسناده أي محمد بن الحسن عن أبي سعيد عن الحلبي قال: سألته عن التمتع من البكر إذا كانت بين أبويها بلا إذن أبويها؟ قال: لا بأس ما لم يقتض ما هناك لتعف بذلك.
من ناحية الدلالة:
اولا: الدلالة واضحة في أن الموضوع البكر البالغة الرشيدة بلا إذن ابويها وبين ابويها وغير مالكة لأمرها.
ثانيا: واضحة في عدم الدخول " لتعف بذلك " و " لتعف " تعليل (1).
اما بالنسبة للسند:
هناك ثلاثة مشاكل في سند الرواية:
الاولى: أن في إسناده محمد بن الحسن إلى ابي سعيد القماط محمد بن سنان.
الثانية: في أبي سعيد القماط.
الثالثة: في موسى بن عمر بن يزيد.
أما المشكلة الاولى: أن في الاسناد محمد بن سنان، فهناك عبد الله بن سنان وهو لا غبار عليه من الاعلائين الكبار من طبقة زرارة بن أعين. أما محمد بن سنان كما ذكروا انه قال: أن ما رويته فهو وجادة لا سماعا. وإلا فمحمد بن سنان ثقة وجيد.
ثانيا: محمد بن سنان رواياته معتبرة وغالب رواياته عقائديات لا يوجد في رواياته مغالاة، وسبك رواياته راق. أما الوجادة فهي مشكلة الكتب كما قال الامام الصادق (ع) : لعن الله المغيرة لقد دس في كتب اصحاب ابي (في رواية) اربعة الاف حديث تغالي فينا حتى يبغضنا الناس.
محمد بن سنان ثقة ورواياته لا يمكننا غض النظر عنها.
خادم الشيعة
10-07-2014, 11:01 AM
الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين وعلى من تبعهم بصدق وإخلاص وإيمان إلى قيام يوم الدين. اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، اللهم افتح علينا أبواب رحمتك يا أرحم الراحمين.
تقرير الاستاذ
اطلاقات النكاح في القرآن:
أما المسألة الأولى: وهي شمول " العقود " لكل ما شككنا في صحته من العقود مما كان في زمن الشارع.
فنقول: إن الآية إمضاء للعقود، ولو قلنا إن موضوع الإمضاء هو الموجود المرتكز في أذهان السامع والمتكلم، أما غير الموجود في ذلك الزمن أو غير الملتفت إليه فنشك في شمول العام له، ومع ضميمة أن الإمضاء دليل لبي لا لفظي نذهب إلى عدم شمول العام للعقود المشكوكة ومنها تزويج البنت البالغة البكر الرشيدة نفسها.
قلت: إن هذه المسألة كانت محل ابتلاء فهي موجودة في الأذهان وملتفت إليها، فالإمضاء يشملها ولذا أجرينا أصالة الإطلاق والعموم في كل الشروط المشكوكة في عقد الزواج بعد صحة عقد الزواج عليه.
المسألة الثانية: في شمول " أوفوا بالعقود " وأمثالها للعقود المستحدثة.
إن قلت: إن الإمضاء دليل لبي كما ذكرنا فنقتصر فيه على القدر المتيقن، والعقود المستحدثة لم يكن ملتفتا إليها وليست موجودة في الارتكاز الذهني في زمن الشارع، ولا بد في الإمضاء من التفات المتكلم إلى الممضى لأن الامضاء هو إقرار ما كان في زمان الإمضاء، أما المستحدثات من الأنماط الجديدة من العقود فلم تكن ملتفتا إليها، فلا يشملها الإمضاء لأن الإمضاء دليل لبي نقتصر فيه على القدر المتيقن، والقدر المتيقن هو ما كان، ولذا فقوله تعالى: " أوفوا بالعقود " لا تشمل العقود المستحدثة بعد أكثر من ألف عام مثل سندات الخزينة، وقوله (ص) : " النكاح سنتي " لا يشمل أنماط الأنكحة الجديدة مثل الزواج المدني، والمساكنة وغيرها كما أن قوله (ع): " لا تبع ما ليس تملك " لا يشمل أنواع الملكية التي ظهرت مثل ملك الدولة والبلدية ومثل ملكية الاختراع الفكري وحق التفرد به مما يسمى بالملكية الفكرية.
قلت: إن المفهوم مثل مفهوم الملكية ومفهوم النكاح ومفهوم العقد لمَّا أمضاه الشارع المقدَّس فقد أمضاه إما على نحو القضية المحصورة أو على نحو القضية المهملة.
فإذا كان قد أمضاه على نحو القضية المحصورة أي لاحظ الأفراد، والمفاهيم محمولة على القضايا على نحو الحمل الشائع الصناعي، والافراد بأكملها ملحوظة، فتكون القضايا عامة ومطلقة، وعليه فالقضية تشمل كل ما يصدق عليه العقد والملك والنكاح.
وإذا كان المفهوم قد أمضي على نحو القضية المهملة بأن يقرَّ تشريع نفس الملك والنكاح والعقد بغض النظر عن أفرادها، فإن الافراد وإن لم تكن مشمولة بالقضية في منطوقها وألفاظها وحتى الاستعمال، إلا أن المفاهيم لما كانت بالحمل الشائع الصناعي، وكانت الاحكام والآثار هي بلحاظ الأفراد، فإن تخصيص بعض الأفراد بالأحكام دون الآخر تخصيص بلا مخصص، وببركات مقدمات الحكمة تشمل القضية كل الأفراد، فإن على الشارع الحكيم أن يبيِّن المخصص والتخصيص لو كان، وهذا من قبيل دلالة " أكرم العالم " على العموم بمقدمات الحكمة، حيث إن اللام دخلت على عنوان العالم بنحو الحمل الشائع الصناعي، وحيث إن تخصيص بعض العلماء بالإكرام دون الآخر تخصيص بلا مخصص، تمت دلالة المفرد المخصص بالام على العموم ببركات مقدمات الحكمة، أما دلالة " أكرم كل عالم " على العموم فهي بالوضع.
إن قلت: هذا صحيح لو ثبت صدق العنوان، أي عنوان الملك أو النكاح أو العقد، ولكن الثابت هو ما كان في زمن الشارع، أما الأفراد المستحدثة فلا نسلِّم بصدق العنوان عليها، فلا يشملها العام.
قلت: إن المفهوم الشرعي هو نفسه المفهوم العرفي، فلا حقيقة شرعية في البين، وهذا المفهوم لم يتغيَّر من ألف سنة إلى يومنا هذا.
إن قلت: لا نسلم أن المفهوم الشرعي هو عينه المفهوم العرفي، وبعبارة أخرى: لا نسلِّم بالحقيقة العرفية لهكذا مفاهيم، فلعلَّ الشارع استعملها بمعان أخرى.
قلت: إن المعنى الشرعي هو نفس المعاني العرفية والدليل على ذلك أن الشارع يتكلم مع الناس بلغتهم وإصطلاحاتهم، فأن يريد معنى آخر فهذا ما يحتاج إلى الدليل. ثم لو شككنا في المعنى وأن للشارع اصطلاحا يختلف عن الاصطلاح العرفي لجرت أصالة عدم النقل، لأنها أمارة عقلائية تجري عند الشك في حصول نقل من العرف إلى الشرع ولا يقتصر مجراها على الشك في نقل المعنى من زمن إلى زمن. ويؤيد أن المعنى الشرعي هو نفس المعنى العرفي قول الله عز وجل " إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلَّهم يعقلون " وقوله تعالى: " ولقد أرسلنا كل رسول بلسان قومه ". وإنما جعلنا الآيتين المباركتين من المؤيدات لاحتمال أن يراد بالأولى كونه عربيا بشكل عام ولا ينافي ذلك بعض الألفاظ الأعجمية مثل: " إستبرق و قسطاس " كما يقال.
وأما في الثانية فقد يقال إن المراد " باللسان " ليس اللفظ والمصطلحات، بل الذهنية والثقافة والفهم وما يستوعبونه من المعاني.
تقرير الطالب:
عندما ذكرنا دلالة الآيات القرآنية وأنها بإطلاقها تدل على صحة كل عقد من قبيل " أوفوا بالعقود " " وأحل لكم ما وراء ذلك " وذكرنا استدلال بعض من قال بالاستدلال للولاية على البنت على نفسها لها الولاية المطلقة بالعمومات التي يستفاد منها أن " الناس مسلطون على أنفسهم ".
هنا يجرنا الكلام إلى بحث مهم له أهميته العلمية الكبيرة إذ قد يقال أن " أوفوا بالعقود " هي للعقود المشروعة التي تمت مشروعيتها، يعني العقد التام الأجزاء والشرائط حينئذ يجب الوفاء به. وبعبارة أخرى " أوفوا بالعقود " أي بالعقد الصحيح فلا يمكن استفادة مشروعية العقد من " أوفوا بالعقود " خصوصا أن هذه الادلة أدلة إمضائية والامضاء دليل لبي فيقتصر فيه على القدر المتيقن.
هذا الاشكال جرنا إلى هذا البحث وهو أن الالفاظ الموجودة في النصوص التي هي موجودة أصلا عند العرف عندما يستعمها الشارع هل يستعملها في خصوص الصحيح منها التام للأجزاء والشرائط أو يشمل غير الصحيح أيضا، فمثلا: عندما يقول الشارع " النكاح سنتي " هذا إمضاء وتقرير لمفهوم النكاح، بلا شك أنه يشمل الانكحة الصحيحة. فلو شككنا في نوع من النكاح قديما أو حديثا فهل استطيع التمسك بإطلاق " النكاح سنتي "، بل هل استطيع أن استفيد الاطلاق أو لا، أو هو مجرد إمضاء لنفس النكاح بغض النظر عن أفراده وخصوصا أن نفس استعمال لفظ النكاح هو إمضاء له، وهكذا في كل الالفاظ الواردة كالإجارة والبيع " أحل الله البيع " والعقود " أوفوا بالعقود " إلى آخره . من هنا فهل إطلاقات هذه النصوص تشمل غير الصحيحة منها.
قلنا أن الشروط ثلاثة أقسام: إما معلوم، فلا بد من الاتيان به. أو معلوم العدم، فلا يجب الاتيان به سواء كان مأخوذا على نحو الـ بشرط لا أو لا بشرط. أو مشكوك. إذا أتيت بعقد مشكوك كما في عقد النكاح، أشك في شرط الاتيان بالصيغة، او باللغة العربية أو بالماضوية، بصحة العقد بلفظ المضارع. هذه الشروط إذا اتيت بها فالعقد صحيح. فلو أتيت بعقد دون الشرط المشكوك، فهل " اوفوا بالعقود " تشمله؟ إذا قلنا أن " أوفوا بالعقود " للصحيحة فقط فلا تشمله.
وقلنا في مقام تقسيم الشبهات وقسمناها إلى: الحكمية، أو المفهومية، أو المصداقية.
هذه الشبهة حكمية، وعند الشبهة الحكمية اولا ابحث عن علم فإن لم أحد فعلمي، فإن لم أجد فأصل لفظي، فإن لم أجد فأصل عملي وقد بيناه فلا نكرر. ثم إن بعضهم قد ينتقل مباشرة إلى الاصل العملي وهو في آخر سلم الاستدلال.
للتذكير: العلم ناشئ من الامور التي تورث القطعي كالتواتر والخبر الواحد المحفوف بالقرائن والاجماع العملي والسيرة القطعية.
العلمي من الخبر الواحد الصحيح والشهرة الفتوائية المعتبرة والقياس المعتبر، الظن المعتبر وغير ذلك.
الاصل اللفظي وهو الذي سنتكلم فيه هنا، هل عندنا أصل لفظي عام أو مطلق في هذه النصوص ليشمل الصحيح وغير الصحيح، هل هناك عموم في " أوفوا بالعقود " يشمل غير الصحيح أو نقتصر على القدر المتيقن الذي أعلم صحته؟ هل يشمل العقود المشكوك صحتها التي ليس فيها جزءا أو شرطا فترجع إلى مسألة الصحيح والاعم؟.
الاصل العملي في كل الشروط والاجزاء هو الفساد وأصالة عدم ترتب الأثر. وذكرنا ان أصالة الاطلاق تقتضي طرد الشرط المشكوك واصالة الفساد تقتضي الاتيان بالشرط المشكوك، فنتيجة الاصل اللفظي تختلف عن نتيجة الاصل العملي.
هل " أوفوا بالعقود " تشمل مطلق العقود، أو خصوص العقود الصحيحة؟
فلنقسم الموضوع إلى مسألتين كل منهما تختلف عن الأخرى في مقام الاستدلال.
المسألة الاولى: هل تشمل " أوفوا بالعقود " ما شك في شرط أو جزء مما كان في زمن التشريع.
المسألة الثانية: المستحدثات بعد زمن التشريع، وهناك أنواع من الأنكحة الجديدة، كالمساكنة، الزواج المدني والزواج العرفي والمسيار. هل استطيع أن اتمسك بقوله (ص) " النكاح سنتي " لأصحح كل أنواع الزواج الجديد؟ وفي البيع " لا بيع إلا في ملك " هل أستطيع أن اصحح كل أنواع التملك الجديدة من قبيل تملك الدولة والبلدية والجمعيات أو الملكية الفكرية. السؤال هل يصدق عنوان الملك؟ ثم بعد صدق الملك هل استطيع التمسك بإطلاق " لا بيع إلا في ملك " لتشمل كل جديد أو لا؟
أما المسالة الاولى: وهي شمول العقد لكل ما شككنا لصحته من العقود مما كان في زمن الشارع.
فنقول: أن الآية إمضاء للعقود وإمضاء لهذا العام.
إن قلت: أن موضوع الامضاء، يجب أن يكون مرتكزا في اذهان الناس وهو اقرار ما عندهم، أما في المستحدث بعد ألف سنة هل يشمله الإمضاء؟ هل نقول هنا بالإطلاق؟ وخصوصا أن الامضاء دليل لبي يقتصر فيه على القدر المتيقن، فلا يشمل الامضاء العقد غير الموجود في ذلك الزمن أو غير الملتفت إليه في نفس الزمن.
نقول: اننا نذهب إلى شمول العام لهذه المسألة لان تزويج البنت من نفسها من القريب جدا انها كانت موجودة، وإن كانت النساء في ذلك الزمن مسحوقات ليس لها مع وليها أمر، ففي الجاهلية كان الولد يقول: أرث زوجة أبيه كما أرث أبي. لذلك نزل القرآن الكريم " لا تنكحوا ما نكح أباءكم من النساء ".
فإذن نقول: ان هذه المسألة كانت محل ابتلاء، إذن هي موجودة في الاذهان وملتفت إليها فالإمضاء يشملها، ولهذا اجرينا أصالة الاطلاق وأصالة العموم في كل العقود المشمولة في ذلك الزمن بشرط ثبوت عنوان العقد.
المسألة الثانية: في شمول " أوفوا بالعقود " وامثالها للعقود المستحدثة وما اكثرها في زماننا هذا، كما في سندات الخزينة، هل استطيع إذا شككت في صحته أُن صَحِّحه " أوفوا بالعقود " ؟. هل الملكية الفكرية بقوله (ع) " لا تبع ما ليس تملك " الملك هو نفس الملك العرفي وهذا ملك عرفي فتكون الملكية الفكرية محترمة؟ وإلى آخره.
الاشكال أن الامضاء دليل لبي فنقتصر فيه على القدر المتيقن، والعقود المستحدثة لم يكن ملتفتا إليها قطعا، لم تكن موجودة في زمن التشريع وليست موجودة في الارتكاز الذهني، ولا بد في الامضاء من التفات المتكلم إلى ذلك لان الامضاء اقرار ما كان في زمن الامضاء، أما المستحدثات من الأشكال الجديدة فلا يشملها.
قلت: أن المفهوم كمفهوم الملكية ومفهوم النكاح والطلاق والعقد والملك والإجارة، لما امضاها الشارع وقال: " النكاح سنتي " أمضاها على أحد نوعين من القضايا:
إما على نحو القضية المحصورة، وإما على نحو القضية المهملة.
فأما إن يكون المراد الحكم في مفهوم النكاح بغض النظر عن أفرادها أو أن تكون الافراد ملحوظة عاما وخاصا. فهذه القضايا في " النكاح سنتي " مثلا إما مأخوذة على نحو القضايا المحصورة أي ملحوظة الافراد. بعبارة اخرى كأنه قال: " كل نكاح سنتي " أو أن المراد تشريع أصل العنوان فلا يلحظ الافراد عاما او خاصا.
فإذا كان قد أمضى القضايا على نحو القضية المحصورة فصار " كل نكاح سنتي " فكل ما صدق عليه النكاح صار صحيحا حتى ولو بعد ألف سنة، كلما صدق العقد تم ووجب الوفاء به وتم الحكم. فإذا امضى على نحو القضية المحصورة أي لاحظ الافراد فتكون المفاهيم محمولة على نحو الحمل الشائع الصناعي الذي هو حمل على الافراد، ويكون العنوان مرآة وعنوانا لأفراد كمثال: الانسان ميت. حمل شائع صناعي العنوان الانسان والميت حمل على الافراد.
فإذا تم عنوان العقد تم " أوفوا بالعقود "، تم النكاح " النكاح سنتي " والافراد بأكملها ملحوظة فتكون القضايا عامة ومطلقة، وعليه القضية تشمل كل ما يصدق عليه العقد والملك والنكاح.
أما إذا كانت القضايا ملحوظة على نحو القضية المهملة، والمراد تشريع أصل النكاح بغض النظر عن الافراد كلا أو بعضا. فان الافراد وإن لم تكن مشمولة للقضية " أوفوا بالعقود " بمنطوقها والفاظها وحين الاستعمال، إلا ان المفاهيم لما كانت بالحمل الشائع الصناعي أي الافراد ملحوظة، فإن تخصيص بعض الافراد بالحكم دون الآخر تخصيص بلا مخصص، وببركات مقدمات الحكمة تشمل القضية كل الافراد. ولان الآثار هي للافراد فتخصيص بعض الافراد دون الآخر يحتاج إلى دليل. فببركات مقدمات الحكمة صار عاما أي انقلب من مهملة إلى محصورة.
وبعبارة أخرى التخصيص هو الذي يحتاج إلى دليل وليس العكس، ولذلك قالوا إذا قلنا " أكرم العالم " أو " أكرم كل عالم " ما الفرق بينها في مقام الدلالة على العموم. فـ " أكرم كل عالم " تدل على العموم بالوضع. أما " أكرم العالم " فليست موضوعة للعموم، بل ببركات مقدمات الحكمة " أكرم " تسلَّطت على العنوان والماهية، ولما كانت الماهية لا تكرم بل الذي يكرم هو الافراد، وتخصيص بعض الافراد يحتاج إلى دليل فصار " أكرم العالم " تدل على العموم.
إن قلت: هذا صحيح لو ثبت العنوان " العقد " لان العنوان والمفهوم لم يتغير ولكن الثابت من العنوان هو ما كان في زمن الشارع، أما الافراد الجديدة فليست من المعلوم انه ينطبق عليها الملك أو النكاح. فالمهم صدق العنوان، من قال بان هذه العقود الجديدة بعد ألف سنة ينطبق عليها العنوان؟! هذا اول الكلام.
قلت: أن المفهوم الشرعي هو نفسه المفهوم العرفي فلا حقيقة شرعية في البين وهذا المفهوم لم يتغير من ألف سنة إلى يومنا، وعليه لما كانت الحقيقة الشرعية هي بنفسها الحقيقة العرفية فكل ما صدق عرفا صدق شرعا. ولذلك إذا كان هناك ملك للجهة للدولة، أو الملكية الفكرية براءة الاختراع، إذا كانت تعتبر عرفا ملكا فهي مملوكة شرعا ولذلك تكون محترمة. ولذلك التخصيص يحتاج إلى دليل وليس العام، الالغاء يحتاج إلى دليل، لا احتاج إلى دليل على ملكية الدولة بل احتاج إلى دليل اسقاط الملكية. ولذلك بعض العقود اسقطها الشارع، وذكرنا سابقا أن الاوضاع هل أبوابها توقيفية أو لا؟ أي الملكية لها أبواب كالإرث والحيازة والبيع والشراء، فلو اخترعنا بابا جديدا للملكية هل يصح هذا الباب أو لا؟ الشارع اسقط بعض الملكيات من حيث السبب ومن حيث المملوك ومن حيث المالك، فاسقط الربا والقمار كباب للملكية، واسقط ملكية الخمر في مقام وملكية العين وإن كان مملوكا في عرف الدنيا، وفي مقام ملكية الجهة قال العبد لا يملك.
إن قلت: لا نسلم بأن المفهوم الشرعي هو عين المفهوم العرفي، مصادرة على المطلوب، أي لا نسلم بالحقيقة العرفية لهذا المفهوم فلعل الشارع استعملها لمعان أخرى، في خصوص التام للأجزاء والشرائط، فلا يتم العنوان إلى على الصحيح منها.
قلت: ان المعاني الشرعية هي نفس المعاني العرفية، والدليل على ذلك أن الشارع تكلم كثيرا فيها في النصوص، والشارع يتكلم بلغة الناس واصطلاحاتهم، فإذا أراد معنى آخر من لفظ ما يجب عليه ان يبيِّن. ثم لو شككنا أنه اراد معنى آخر أو لا، لأمكن إجراء أصالة عدم النقل لأنها أمارة عقلائية تجري عند الشك في النقل سواء كان الشك من زمن إلى زمن أو من اصطلاح إلى اصطلاح. ويؤيد أن النقل يحتاج إلى دليل قوله عز وجل " بسم الله الرحمن الرحيم إنا انزلناه قرآنا عربيا لعلهم يعقلون " وقوله تعالى " ولقد ارسلنا كل رسول بلسان قومه ليبيِّن لهم ". وهنا اعتبرنا الآيتين الكريمتين يؤيدا وليس دليلا لاحتمال أن يراد من الاولى كونها عربية بشكل عام ولا ينافي وجود بعض الالفاظ الاعجمية كقسطاس واستبرق. وأما في الثانية قد يقال إن المراد من اللسان هو الذهنية وليس لغة ولسانا.
إذن نقول: بلا شك ولا ريب أن الشارع استعمل الالفاظ في معانيها العرفية، والنقل هو الذي يحتاج إلى دليل. إلى هنا قد تمت الحقيقة العرفية فالملك هو نفس المعنى من ألف سنة إلى يومنا هذا، الحقيقة الشرعية هي نفس المعنى العرفي، ولهذا كل ما كان ملكا عرفا هو ملك شرعا وكل ما كان نكاحا عرفا هو نكاح شرعا وكل ما كان عقدا كذلك. وبهذا نرجع للعرف في هذه الامور وبهذا نثبت صحة كل الامور المستحدثة، ويكون الامضاء حينئذ امضاء لنفس العنوان والعنوان انطبق على افراده بالحمل الشائع صناعي، بالعموم وهو حقيقة عرفية، فكل ما كان حقيقة عرفية تم يعني كل ما كان من أفراده تم، والتخصيص يحتاج إلى دليل وليس العكس، فلا يضرُّ كون الإمضاء حقيقة عرفيه .
خادم الشيعة
10-07-2014, 11:02 AM
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين وعلى من تبعهم بصدق وإخلاص وإيمان إلى قيام يوم الدين. اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، اللهم افتح علينا أبواب رحمتك يا أرحم الراحمين.
تقرير الطالب
حلّ التعارض:
ذكرنا في مسألة ولاية البنت البالغة الرشيدة على نفسها أن طوائف الروايات أربعة:
الطائفة الاولى: تدل على استقلال الأب فيجوز له عقد التزويج واجبارها ولو كانت كارهة، وذهب إليه الكثير من فقهاء العامة وبعض أصحابنا كما عن الشيخ الطوسي (ره). والروايات التي استدلوا بها معتبرة.
الطائفة الثانية: ما يدل على التشريك بينهما وللأب حق النقض، يشترط رضاه.
الطائفة الثالثة: استقلالها كليا على نفسها فتستطيع أن تزوج نفسها ولو من دون رض أبيها.
الطائفة الرابعة: التفصيل بين المالكة أمرها فلها الولاية على نفسها، وغير المالكة أمرها فليس لها الولاية، بل أبوها هو الولي.
وذكرنا أن سبب الخلاف الكثير هو اختلاف الروايات وتعارضها وأنهم حاولوا التخلص من التعارض بوجوه عدّة، لكن للتخلص من هذا التعارض نقول:
المختار في المسألة أننا نلتزم بروايات التفصيل، إذا كانت مالكة أمرها فلها الحرية بتزويج نفسها، وإن لم تكن مالكة أمرها فهي مشتركة في الولاية مع الأب على نحو " الواو" لا على نحو " أو ". وهذا الاختيار ليس من باب الجمع التبرعي كما ذهب إليه بعضهم، بل جمع من ظاهر الروايات لأننا ذكرنا أن الجمع التبرعي لا دليل عليه. والطائفة الاولى التي تقول باستقلال الأب لم تحمل على التقية وهذا ممكن لأننا ذكرنا أن أبناء العامة يختلفون بأقوالهم، بعضهم يقول بحق الاختيار واستقلال الأب في الولاية وبعضهم كان لا يقبل ذلك، بل بعضهم يقول باستقلال البنت. لذلك مسألة التقية يفرض أن تكون التقية من حاكم ذلك الزمان، فإذا وردت الروايات عن الصادق (ع) فالذي كان في زمانه أبو حنيفة و ابو يوسف ولم يكن أبو حنيفة يقول بإجبار البنت، بينما كان ابن ابي ليلى قاضي القضاة بعد ذلك في زمن المعتصم أي في زمن الهادي والعسكري (عليهم). فعندما ينقسم نفس أبناء العامة لا تكون هناك تقيّة نعم، تكون تقيّة مع الاختلاف بملاحظة حاكم ذلك الزمن وما هو الرأي الذي كان يُتَّقى.
نعود إلى الطوائف الأربعة:
قلنا في الطائفة الاولى أن عقد الزواج ليس كبقية العقود ينظر فيه للمصلحة والمفسدة فقط فيه مصلحة وعدم مفسدة بل أن هناك نفس وجسد، الزواج ليس كبيع قطعة أرض، الأب قد يشخص المصلحة للبنت، وذكرنا في مسألة سابقة أن ولاية الأب هي في اشتراط عدم المفسدة إجماعا أما هل يشترط أن ينظر لمصلحتها، المشهور عدم اشتراط المصلحة وإن ذهبنا نحن في مباحث سابقة أنه أيضا تشترط المصلحة فأصل ولايته لأجل ذلك. لكن حتى لو كان الأب يرى مصلحتها فمسألة الزواج ليست مصلحة ومفسدة وأرقام بل هناك إنسان، حياة فيها روح وهوى ورغبات، عقد الزواج يختلف عن غيره، تصوروا أن الأب يريد أن يزوج البنت وهي لا تطيق الزوج، تصور نفسك قد أجبرت على معاشرة امرأة لا تطيقها، والمسألة الجنسية والعاطفية مهمة في الزواج، اليس هذا ظلما؟ القرآن يقول: " وما ربك بظلام للعبيد ". فتفسير الروايات التي ذكروها " ليس لها مع وليها أمر " وإن كانت ظاهرة بأن ليس لها حتى تزويج نفسها، ليس لها شيء، كليا سحق لدورها. قلنا أنه بهذه القرائن " ما خالف قول ربنا لم نقله " بالقرينة العقلية بأنه ظلم وبمخالفة الكتاب، وقرائن الروايات الأخرى التي تدل على استقلال البنت إما مطلقا وإما في بعض الموارد كما لو كانت مالكة أمرها، بالقرينة العقلية والنقلية فإن روايات الطائفة الاولى نفسرها بأمر آخر يمكن حينئذ استظهاره، وهو أنها ليس لها أمر مستقل أي أنها إذا عقدت تحتاج إلى إذن أبيها. وايضا يدل على هذا المعنى الروايات الواردة التي جعلوها من الطائفة الأولى كـ " لا ينقض النكاح إلا الأب " فإنها تعني أنه كان هناك نكاح ابرمته هي وللأب الولاية بمعنى حق النقض، فهذا هو التشريك. هذه الروايات جعلوها من الطائفة الاولى التي تدل على استقلال الأب ولكنها ظاهرة في التشريك فببركتها وببركة القرينة العقلية ومخالفة الكتاب وروايات استقلال البنت تفصيلا أو اجمالا، نستطيع تفسير أو حمل هذه الروايات التي فيها ظهور أن المراد من قوله (ع) " ليس لها مع ابيها أمر " أنها تستطيع أن تزوج نفسها لكن تحتاج إلى إذن الأب.
سؤال: الحرمة هنا في عقدها حرمة تكليفية أو وضعية.
الجواب: حرمة وضعية لأنها لم ترتكب محرما، نعم هذا العقد باطل إذا لم يأذن به الولي والبطلان حكم وضعي، نفس العقد باطل ولم تقم بمحرم إلا بعد العلاقة بدون إذن الاب، نعم لو قامت بادعاء صحته أصبح بدعة فيحرم من جهة البدعة.
إذن الطائفة الاولى قسمان: القسم الاول " ليس لها مع وليها أمر " أصبحت ظاهرة ببركة الروايات الأخرى " لا ينقض النكاح إلا الأب " هذه تفسر تلك وببركة الكتاب " وما ربك بظلام للعبيد " والروايات الأخرى يصبح عندنا ظهور في معنى هذه الروايات أن له حق النقض اصبح هناك تشريك في الولاية وليس بمعنى انه ليس لها الحق أن لا تزوج نفسها كليا. ثم في ضمن الروايات الاولى بعض الروايات الصريحة في استقلال الأب مثل " وإن كانت كارهة " لذا قال بعض الفقهاء أنه يجوز له اجبارها فماذا نفعل بها؟
نقول: أنه لا بد من حملها على معنى آخر، إما أن تكون جارية صغيرة سفيهة أو ترغيبها في امتثال أمر أبيها، وإلا " ما خالف قول ربنا لم نقله " " زخرف " باطل " اضرب به عرض الحائط ". فإذا الرواية الاولى أصبحت ظاهرة في التشريك أي اصبحت الطوائف ثلاث: إما التشريك أو استقلال البنت أو التفصيل بين المالكة أمرها وغير المالكة أمرها. فنقول: أن روايات التفصيل هذه مقدمة على رواية التشريك وتكون هي الحاكم والفصل والجامع بين الروايات.
والوجه في ذلك: أولا أن روايات التشريك عام وهو " كل فتاة بالغة رشيدة بكر لا بد من إذن أبيها " فإذا جاءت رواية تقول: " الفتاة البكر الرشيدة المالكة أمرها ليس لوليها أن ينقض العقد " هذا خاص، والخاص هو المالكة أمرها لأنه بعض البنات، فتكون روايات المالكة أمرها مقدمة على روايات التشريك من باب تقديم الخاص على العام، وأن المقيَّد يقدم على المطلق. فتقديم هذه الروايات المفصلة على روايات التشريك من هذا الباب، فلا يوجد جمع تبرعي بل هو جمع استظهاري، لان المالكة أمرها أخص من مطلق البنت. فيتم الجمع بين هاتين الطائفتين.
يبقى طائفة استقلال البنت أيضا هذا عام " كل بنت بالغة راشدة لها الولاية على نفسها " ففي نفس الرواية " غير المالكة أمرها لا ولاية على نفسها بل تحتاج إلى إذن الأب " فغير المالكة أمرها أخص من عموم استقلال البنت بالولاية فتقدم من باب تقديم الخاص على العام ومن باب الاستظهار، جمع ظهوري وليس تبرعيا. حينئذ نستطيع الذهاب إلى القول بأن روايات التفصيل بين المالكة أمرها وغير المالكة أمرها صالحة للجمع بين الطوائف المتعارضة. المالكة أمرها لا ولاية لاحد عليها تستطيع أن تزوج نفسها، وغير المالكة أمرها لا بد من إذنِ أبيها. ننتهي إلى أن هذه الروايات صالحة للجمع بين المتعارضات ولسنا بحاجة إلى إي أمر آخر من باب تقديم الخاص على العام، ولذلك نذهب إلى أن روايات التفصيل وبالوجدان التقي وليس بالوجدان العقلي، إذا كان للبنت كل الحرية في التصرف كما في الرواية فهل تمنع في خصوص عقد الزواج؟!، فنرى أن الروايات منسجمة مع الطبيعة العقلائية.
غدا يبقى عمومات الكتاب ماذا تقتضي؟
والحمد لله رب العالمين.
خادم الشيعة
10-07-2014, 11:04 AM
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين وعلى من تبعهم بصدق وإخلاص وإيمان إلى قيام يوم الدين. اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، اللهم افتح علينا أبواب رحمتك يا أرحم الراحمين.
تقرير الاستاذ
المختار في مسألة الولاية:
الظاهر من الطوائف الأربعة هو التنافي والتعارض، وقد حاول بعضهم التخلص من هذا التعارض.
<!--[if !supportLists]-->-<!--[endif]-->أن يجعل لكل من الأب والبنت الولاية استقلالا، فهما وليان كاملان في عرض واحد، أيهما سبق إلى العقد صحَّ عقده. وقد نقل هذا الرأي عن المحقق اليزدي (ره) مع تقديم خيار الأب على خيارها لو تقارن الخياران.
وقد يستدل له بأن التعارض بين الروايات الدالة على استقلال الأب والروايات الدالة على استقلال البنت إنما كان بسبب المفهوم، ولا مفهوم لهما.
فإن قوله (ع): " تزوج ولو بغير إذن وليها " لا يدل على عدم صحة تزويج وليها لها.
وكذا قوله (ع): " إذا زوّج الابنة جاز " فلا يدل على عدم صحة تزويجها نفسها.
لكن الانصاف أن الظهور البدوي لقوله (ع) " ليس لها مع أبيها أمر " أنه لا دور لها ولا قرار مع وجود أبيها.
كما أن المعارضة مع روايات التفصيل بين المالكة أمرها وغيرها باقية.
كما أن الانصاف أن الروايات في التعارض مستقر، ولذا فالدليل على هذا الرأي هو مجرد التخلص من التعارض.
تقرير الطالب
بعد هذه العطلة العاشورائية للتذكير بما سبق، كان المطلب هو استقلال البنت البالغة الرشيدة في الولاية على نفسها في عقد النكاح، ونذكر اننا قسمنا الروايات إلى أربعة طوائف:
الطائفة الاولى: التي يستفاد منها ان الأب له الولاية المطلقة المستقلة على البنت فلا يحق لها رفض ارادة أبيها وتجبر على الزواج وإن كانت كارهة كما في بعض النصوص. ورأي بعض الفقهاء مثل الشيخ الطوسي (ره) كما مرَّ وكثير من فقهاء العامة انه يجوز له إجبارها على الزواج.
الطائفة الثانية: التشريك بين ولاية الأب وولاية البنت.
الطائفة الثالثة: ما يدل على استقلال البنت تماما في ولايتها على نفسها في عقد النكاح.
الطائفة الرابعة: الروايات المفصلة بين المالكة أمرها وغير المالكة أمرها. وفي هذه الطائفة ذكرنا معنى المالكة أمرها وأنها ليست الثيب التي تملك أمرها بعقد النكاح وفيه اجماع على ذلك، وليس المراد من المالكة أمرها في المسألة المالية فقط وأنها تنفق على نفسها، بل المراد من المالكة أمرها أنها صاحبة قرارها في كل شيء، فكما في الرواية أنها تبيع وتشتري وتعطي من مالها ما تشاء وتشهد وتعتق، وقلنا أن هذه الرواية ليست نصاً في البيع والشراء والاعطاء والعتق والشهادة دون غيرها من الأمور، بل مراده أمثلة متداولة شائعة على أنها تملك قرارها، أي مجرد تطبيق لحريتها في القرار وكونها مالكة لأمرها.
هذه أقسام الطوائف الاربعة وهناك من قسم تقسيمات أخرى كالتفريق بين المنقطع والدائم، ولكن نحن قلنا أن عنوان مسألتنا هو ولاية البكر البالغة الرشيدة على نفسها في الزواج الدائم لان في الزواج المنقطع كلاما آخر. بعضهم فرق بين الدخول وعدمه، وهذا موجود في روايات الزواج المنقطع، لذلك جعلنا الزواج المنقطع له مسالة خاصة وللزواج الدائم مسألة خاصة.
هذه طوائف الروايات الاربعة وظاهرها التعارض، أي أن هناك تناف في مداليلها، الاب مستقل تماما ينافي أنها هي مستقلة في قرارها، لذلك حاول بعضهم التخلص من هذا التعارض بالتخلص من التعارض بين الطائفة الاولى والطائفة الثالثة، وحمل الطائفة الثانية التي تقول بالتشريك بالتشريك على هذا التخلص وذلك بالطريقة التالية: قالوا أنه للاب الولاية المستقلة ولا يجوز لها أن ترفض إرادة أبيها فيما لو لم تكن متزوجة أي لم تزوج نفسها، فاذا زوجها الاب لا يجوز لها الرفض، واستقلالها بمعنى أنها إذا زوجت نفسها لا يجوز له الرفض ايضا، وإذا كانا في وقت واحد، المحقق اليزدي (ره) يقول: أنه يقدم تزويج الاب. بعبارة أخرى أن الولاية لهما في عرض واحد، إذا زوجت نفسها أولا فزواجها تام وإذا زوجها الاب أولا صح تزويجه.
إذن فهما وليان كلاهما في عرض واحد ايهما سبق إلى العقد صح عقده ولا يجوز للآخر أن ينقضه، نقل هذا عن المحقق اليزدي (ره) مع تقديم خيار الأب على خيارها لو تقارن الخياران.
رد اشكال: بأن هذا الكلام يستدل له بأن منشأه التعارض بالمفهوم لا بالمنطوق، كما إذا قلت: أن الولاية للاب في عقد الزواج، وفي رواية ثانية قلت: أن الولاية للبنت في عقد الزواج. التعارض هنا في المفهوم أما نفس المنطوق فلا تعارض فيه، هناك ولاية للاب وولاية للبنت ويمكن الجمع بينهما، التعارض فهو في المفهوم، الولاية للاب مفهومها أنه ليس للبنت ولاية فيتعارض مفهوم الولاية للاب مع منطوق الولاية للبنت، والعكس كذلك صحيح.
ولما كان الوصف واللقب لا مفهوم لهما كما درسنا في الاصول فلا وجود للمفهوم هنا فلا تعارض بينهما، فتكون الولاية للاب وايضا للبنت وأيهما سبق صح عقده، هذا ما قد يستدل به لهذا التخلص، أكرر: التعارض إنما كان بسبب المفهوم ولا مفهوم لهما. وكشاهد قوله (ع) " تتزوج ولو بغير إذن وليها " لا يدل على عدم صحة تزويج وليها لها. وكذلك قوله (ع) " إذا زوج الابنة جاز " فإنه غير ناظر إلى أنه إذا هي زوجت نفسها فلا مفهوم لها فلا يدل على عدم صحة تزويجها.
لكن الانصاف أن الظهور البدوي لقوله (ع) " ليس لها مع أبيها أمر " أنه لا دور لها ولا قرار، فالخطور الاول للمعنى أنه ليس لها دور وليس لها قرار مع وجود الاب ومن جملة الدور والقرار أنها تزوج نفسها، فالإنصاف أن كلمة " ليس لها مع ابيها أمر " تدل على ما ذكره الفقهاء الذين قالوا باستقلال الاب أي إذا زوجت نفسها الزواج باطل ليس لها أمر، ظهورها ليس في التشريك بل ظهورها في استقلال الاب في كل شيء.
كما أنه إذا قلنا أن هذا التخلص بأن الاب له حق أن يزوج والبنت لها حق التزوج في عرض واحد، فالإنصاف أنه أيضا المعارضة مع الطائفة الرابعة وهي التفصيل بين المالكة أمرها وغير المالكة أمرها ما زالت باقية، هذا التخلص من التعارض يخلصنا من التعارض من الطوائف الثلاثة الاولى استقلال الاب والتشريك بينهما واستقلال البنت، أما التفصيل بين المالكة أمرها وغير المالكة أمرها فالتعارض باق ومستحكم، والحقيقة أن هذا التخلص دليله أن هناك تعارض ونريد التخلص منه فهذا الجمع أن له الحق بالاستقلال بالولاية بعرض واحد وهي لها حق الاستقلال بعرض واحد الدافع الحقيقي أن هناك تعارضا بين الروايات واريد التخلص منه.
نحن سنتخلص من هذا التعارض وسنبين بالطريقة الاصولية المتداولة ذلك. (1). ـ
http://www.imshiaa.com/vb/alfatek_2_13/statusicon/user_online.gif http://www.imshiaa.com/vb/alfatek_2_13/buttons/reputation.gif (http://www.imshiaa.com/vb/reputation.php?p=293716) http://www.imshiaa.com/vb/alfatek_2_13/buttons/report.gif (http://www.imshiaa.com/vb/report.php?p=293716) http://www.imshiaa.com/vb/alfatek_2_13/misc/progress.gif http://www.imshiaa.com/vb/alfatek_2_13/buttons/edit.gif (http://www.imshiaa.com/vb/editpost.php?do=editpost&p=293716) http://www.imshiaa.com/vb/alfatek_2_13/buttons/quote.gif (http://www.imshiaa.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=293716) http://www.she3a-alhsen.com/alfatek_2_13/buttons/multiquote_off.gif (http://www.imshiaa.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=293716)
خادم الشيعة
10-07-2014, 11:05 AM
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين وعلى من تبعهم بصدق وإخلاص وإيمان إلى قيام يوم الدين. اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، اللهم افتح علينا أبواب رحمتك يا ارحم الراحمين ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
الدليل الثاني: الروايات. ما روي في الوسائل ج 14 ص 27 باب 6 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد – عن محمد بن يعقوب عن احمد بن محمد عن علي بن مهزيار عن محمد بن الحسن الاشعري قال: كتب بعض بني عمي إلى ابي جعفر الثاني(الجواد (ع)): ما تقول في صبية زوجها عمها فلما كبرت أبت التزويج، فكتب لي لا تكره على ذلك والامر امرها.
الرواية صحيحة سندا. أما دلالة المتن فواضحة على ان العقد فضولي، العم استعمل امرا ليس من شأنه، وعقد الفضولي يحتاج إلى اجازة منها. فإذن يدل على صحة عقد الفضولي في النكاح، وفي مقامنا لا تدل على حصر الاولياء بهؤلاء، نعم هو نفي لولاية العم لكن ليس في الرواية لسان اطلاق على نفي دلالة كل احد حتى العم. نحن نحتاج إلى رواية فيها لسان اطلاق، مطلقا. الرواية لا تدل على اكثر من نفي ولاية العم.
الرواية الثانية: في الوسائل ج 14 ص باب 12 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ح 1 – محمد بن الحسن باسناده عن احمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن ابي عمير عن صفوان عن علاء عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر (ع)(الباقر(ع)) في الصبي يتزوج الصبية يتوارثان فقال: إذا كان ابواهما اللذان زوجاهما نعم قلت فهل يجوز طلاق الاب، قال: لا.
من حيث السند الرواية صحيحة. اما من حيث الدلالة على المطلوب وهو الحصر، ان لا ولاية لاحد عليه او عليها الا الخمسة.
اما من حيث الدلالة بمفهوم الشرط على عدم ولاية احد الا الابوين. هذه الدلالة صحيحة لان مفهوم الشرط مشهور بين الاصوليين انه ظاهر وحجة.
قد يقال: ان موضوعهما الصغيرين اما غيرهما من البالغة الرشيدة البكر او غيرها خارج عن الموضوع ( الصغيرين).
الجواب: اننا بمفهوم الموافقة والاولوية يتم نفي الولاية عن غير الصغيرين.
الرواية الثالثة: في الوسائل ج 14 باب 4 من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ح 3- عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن علي بن الحكم عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن احدهما (ع) قال: لا تستأمر الجارية إذا كانت بين ابويها ليس لها مع الاب امر. وقال يستأمرها كل احد عدا الاب.
من حيث السند الرواية صحيحة. اما من حيث الدلالة فقد استدل في رياض المسائل على ان الولاية ليست لاحد.
رده البعض (ره) انه مختصة بالبالغة واجنبية عن المقام.
الجواب: الانصاف اننا نسلم اختصاصها بالبالغة لدلالة كلمة يستأمرها كل احد، ولكنها ليست اجنبية عن المقام، فأنها تدل على نفي الولاية عن كل احد. هذه الرواية لها لسان اطلاق وعموم، لا ولاية لاحد عليها الا الابوين او من كان هناك دليل على ولايته كالحاكم والوصي.
vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
Jannat Alhusain Network © 2024