خادم الشيعة
23-07-2014, 06:57 AM
القرآن الكريم كتاب تأمّلٌ وتدبّرٌ
قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (البقرة:164) صدق الله العلي العظيم.
من المستحبات المؤكدة في شهر رمضان التلاوة الكثيرة للقرآن الكريم، في كل أزمنة هذا الشهر، باعتبار أنّ شهر رمضان هو شهر القرآن، ولكن ماذا ينبغي أن نستفيده من هذا الكتاب العظيم ؟
الفائدة العظمى من قراءة القرآن الكريم.
للقراءة القرآنية فوائد متعددة ولعل من أهم الفوائد والثمرات التي يحققها القارئ للقرآن الكريم, ثمرة الوصول إلى التفكير السليم, القائم على البرهان الهادي في الوصول إلى مرتبة من الاطمئنان أو اليقين, والتفاعل مع مظاهر الكون باعتبارها آيات لله تبارك وتعالى دالة على وجوده، إنّ هذه القراءة للقرآن الكريم تنعكس إيجابياً على القارئ، وتدله على المنهج السليم للتفكير وهو المنهج الذي يعتمد الجمع بين العقلانية والتفكير في مظاهر الكون المختلفة، أي إنّ الوصول إلى النتائج العقلية يمرّ بطريق مظاهر الكون المتعددة والمختلفة، ولا يعتمد هذا التفكير على المنهج العقلي المجرد في الوصول إلى الاطمئنان واليقين بالله تعالى، فإذا قرأ القارئ القرآن الكريم بهذا النحو من التلاوة سيجد لقراءة القرآن آثاراً إيجابية تنعكس على نفسه وتُحدث فهماً سليماً في تعامله مع الله تبارك وتعالى ومع مفردات الكون المختلفة، ولذا, نجد في آي القرآن الكريم هذا النحو في تذكير أصحاب العقول وتذكير المتأملين والمفكرين عندما يريدون أن يصلوا إلى المعارف الحقة فلا بد لهم من إتباع هذا الأسلوب التأملي في مظاهر الكون المختلفة، قال الله تبارك وتعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }(العنكبوت:20) فالوصول إلى اليقين بالمعاد يعتمد أسلوباً في التأمل مع مظاهر الخلق المادية في الحياة الدنيا، فليسافر الإنسان إلى حيث يشاء فإنه سوف يجد أنّ الدنيا مليئة بالعمران والخراب، ثم يستدل من خلال أُفول الأشياء والتغير المستمر لها على وجود عالم آخر سيؤول الخلق إليه, { فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ}، { وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً}(آل عمران:191) هذا نمط من التفكير في مفردات الكون ينبغي لقارئ القرآن الكريم في هذا الشهر أن يسير على وفقه، وليس معنى ذلك أن يكتفي الإنسان بالتفكير في مفردات الكون المادية ناسياً حقيقة وجوده، غير متأملٍ لمظاهر الإبداع والإتقان في خلق نفسه، لأن الله تبارك وتعالى يريد للإنسان أن يصل إلى التكامل عبر التفكير في نفسه وفي مفردات الخلق الأخرى، قال الله تبارك وتعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} (فصلت:53) وقال تعالى أيضاً: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ }، هؤلاء الذين يسيرون في وصولهم إلى الله عبر التفكير السليم في مفردات الكون على مستوى الآفاق أو الأنفس حتى يصلوا إلى إدراك الحقانية المطلقة لله تبارك وتعالى، وهو ما أبانه الباري جلّ وعلا في قوله تعالى: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
نتائج القراءة المتأملة للقرآن الكريم.
هذه القراءة المتأملة للقرآن، والداعية إلى المنهجية المازجة في التفكير بين عالم الآفاق والأنفس تؤدي إلى نتائج فائقة:
الأولى: اليقين بوجود الله تبارك وتعالى، وهو أيضاً ما أبانه الذكر الحكيم في قوله تعالى: {أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}(إبراهيم:10) وهو أيضاً ما أبانه الله جلّ وعلا حتى للجاحد بوجوده إذا سار على هذا النهج في التفكير، بمعنى أنّه سيصل إلى الإيقان في عمق نفسه وإن كان يحاول أن يكذب في الظاهر، لكنه سوف يدرك الباري تبارك وتعالى باعتبار أنه لاشك في وجوده، إذا تأمل الإنسان في مظاهر الكون المختلفة، وكذلك في عالم نفسه، والله تبارك وتعالى يشير إلى هذا في طائفة من الآيات الكريمة: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}(لقمان:25) أي، إذا سألت هؤلاء عن خلق السماوات والأرض فإنهم سوف يصلون من خلال وجدانهم،إلى أنه الله تبارك وتعالى، وهذا الاطمئنان النفسي سوف يقودهم إلى إدراك الارتباط الوثيق بين الخلق والحق تبارك وتعالى, {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ}(العنكبوت:61) فالله هو الخالق والمسخر لهذه المظاهر الكونية.
الثانية: هناك طريق آخر يشجبه القرآن الكريم، هو طريق التخمين والظن, الذي لا يعتمد الربط الوثيق بين مظاهر الكون الدالة على دقة الإبداع وإتقان الصنع وتجلي الحكمة الإلهية له تبارك وتعالى، وقد أوضح الله في آيات متعددة أنّ ذلك التخمين والحدس غير القائم على التفكير في مظاهر الكون والتأمل في آفاق النفس لايؤدي إلى الاطمئنان ولا يوصل إلى اليقين، قال الله تبارك وتعالى لأولئك الذين يتبعون الظن: {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً}(النجم:28) ويقول في آية أخرى: { قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}(البقرة:111).
إذاً هناك منهجان يصل إليهما القارئ للقرآن الكريم والمتأمل لما يريده الله تبارك وتعالى من عباده في الوصول إلى النتائج السليمة عبرالطريق السليم، ولعل ما ورد في بعض الروايات وأيضاً في شهر رمضان- من أنّ القارئ بتأمل للقرآن سوف يصل إلى اليقين - فهو إشارة إلى هذا المنهج الذي ذكرناه، كما أنّ وصول القارئ إلى ثمرات وحقائق معرفية منوط بهذا النحو من التفكير والتأمل الذي ألمحنا إليه, ولذا، نجد أنّ بعض الروايات تشير إلى أنّ الله تبارك وتعالى تجلّى لخلقه في آياته، وهذا ما يؤكده إمامنا الصادق عندما أبان مفصحاً بأنّ القارئ للقرآن يصل إلى مرحلة في قراءة القرآن بحيث يدرك أنه يسمع الآيات من الله تبارك وتعالى، أي تؤثر على وجدانه، فهذا منهج حق يوصل إلى الاطمئنان واليقين. وطريقة أخرى قائمة على الحدس والتخمين لا توصل إلى الإيمان بالله تبارك وتعالى, فضلاً عن التناغم والانسجام بين الإيمان العقدي من ناحيةٍ, والانسجام مع مظاهر الكون من ناحيةٍ أخرى، والله تعالى أبان أنّ من لم يَسر على وفق هذا المنهج السليم لن يكون إلا من أتباع الباطل ومن أصحاب الضلال، قال الله تبارك وتعالى: { فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ }(يونس:32) إذاً علينا أن ننهل من القرآن الكريم مستفيدين من نهج القرآن التأملي والعقلي الذي تشير إليه الآيات الشريفة كقوله تعالى: { وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً}، وأيضاً قوله تعالى: { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ }(آل عمران:190) فهذا النهج إذا سار على وفقه الإنسان وأدرك حلاوة التلاوة للقرآن، عندئذ يصبح لقراءة القرآن معنى وتأثير خاص، أما إذا هذ القرآن كهذ الشعر فإنّ قراءته سوف تكونه بسرعة وبالتالي سوف يقرأ كثيراً من القرآن، وسوف يتحقق له نحو من التأثير إلا أنه ليس بذلك التأثير فيما لو كانت قراءته بالشروط التي أشارت إليها آي القرآن الكريم وطائفة من الروايات الواردة عن المصطفى صلى الله عليه وآله وعن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام
قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (البقرة:164) صدق الله العلي العظيم.
من المستحبات المؤكدة في شهر رمضان التلاوة الكثيرة للقرآن الكريم، في كل أزمنة هذا الشهر، باعتبار أنّ شهر رمضان هو شهر القرآن، ولكن ماذا ينبغي أن نستفيده من هذا الكتاب العظيم ؟
الفائدة العظمى من قراءة القرآن الكريم.
للقراءة القرآنية فوائد متعددة ولعل من أهم الفوائد والثمرات التي يحققها القارئ للقرآن الكريم, ثمرة الوصول إلى التفكير السليم, القائم على البرهان الهادي في الوصول إلى مرتبة من الاطمئنان أو اليقين, والتفاعل مع مظاهر الكون باعتبارها آيات لله تبارك وتعالى دالة على وجوده، إنّ هذه القراءة للقرآن الكريم تنعكس إيجابياً على القارئ، وتدله على المنهج السليم للتفكير وهو المنهج الذي يعتمد الجمع بين العقلانية والتفكير في مظاهر الكون المختلفة، أي إنّ الوصول إلى النتائج العقلية يمرّ بطريق مظاهر الكون المتعددة والمختلفة، ولا يعتمد هذا التفكير على المنهج العقلي المجرد في الوصول إلى الاطمئنان واليقين بالله تعالى، فإذا قرأ القارئ القرآن الكريم بهذا النحو من التلاوة سيجد لقراءة القرآن آثاراً إيجابية تنعكس على نفسه وتُحدث فهماً سليماً في تعامله مع الله تبارك وتعالى ومع مفردات الكون المختلفة، ولذا, نجد في آي القرآن الكريم هذا النحو في تذكير أصحاب العقول وتذكير المتأملين والمفكرين عندما يريدون أن يصلوا إلى المعارف الحقة فلا بد لهم من إتباع هذا الأسلوب التأملي في مظاهر الكون المختلفة، قال الله تبارك وتعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }(العنكبوت:20) فالوصول إلى اليقين بالمعاد يعتمد أسلوباً في التأمل مع مظاهر الخلق المادية في الحياة الدنيا، فليسافر الإنسان إلى حيث يشاء فإنه سوف يجد أنّ الدنيا مليئة بالعمران والخراب، ثم يستدل من خلال أُفول الأشياء والتغير المستمر لها على وجود عالم آخر سيؤول الخلق إليه, { فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ}، { وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً}(آل عمران:191) هذا نمط من التفكير في مفردات الكون ينبغي لقارئ القرآن الكريم في هذا الشهر أن يسير على وفقه، وليس معنى ذلك أن يكتفي الإنسان بالتفكير في مفردات الكون المادية ناسياً حقيقة وجوده، غير متأملٍ لمظاهر الإبداع والإتقان في خلق نفسه، لأن الله تبارك وتعالى يريد للإنسان أن يصل إلى التكامل عبر التفكير في نفسه وفي مفردات الخلق الأخرى، قال الله تبارك وتعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} (فصلت:53) وقال تعالى أيضاً: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ }، هؤلاء الذين يسيرون في وصولهم إلى الله عبر التفكير السليم في مفردات الكون على مستوى الآفاق أو الأنفس حتى يصلوا إلى إدراك الحقانية المطلقة لله تبارك وتعالى، وهو ما أبانه الباري جلّ وعلا في قوله تعالى: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
نتائج القراءة المتأملة للقرآن الكريم.
هذه القراءة المتأملة للقرآن، والداعية إلى المنهجية المازجة في التفكير بين عالم الآفاق والأنفس تؤدي إلى نتائج فائقة:
الأولى: اليقين بوجود الله تبارك وتعالى، وهو أيضاً ما أبانه الذكر الحكيم في قوله تعالى: {أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}(إبراهيم:10) وهو أيضاً ما أبانه الله جلّ وعلا حتى للجاحد بوجوده إذا سار على هذا النهج في التفكير، بمعنى أنّه سيصل إلى الإيقان في عمق نفسه وإن كان يحاول أن يكذب في الظاهر، لكنه سوف يدرك الباري تبارك وتعالى باعتبار أنه لاشك في وجوده، إذا تأمل الإنسان في مظاهر الكون المختلفة، وكذلك في عالم نفسه، والله تبارك وتعالى يشير إلى هذا في طائفة من الآيات الكريمة: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}(لقمان:25) أي، إذا سألت هؤلاء عن خلق السماوات والأرض فإنهم سوف يصلون من خلال وجدانهم،إلى أنه الله تبارك وتعالى، وهذا الاطمئنان النفسي سوف يقودهم إلى إدراك الارتباط الوثيق بين الخلق والحق تبارك وتعالى, {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ}(العنكبوت:61) فالله هو الخالق والمسخر لهذه المظاهر الكونية.
الثانية: هناك طريق آخر يشجبه القرآن الكريم، هو طريق التخمين والظن, الذي لا يعتمد الربط الوثيق بين مظاهر الكون الدالة على دقة الإبداع وإتقان الصنع وتجلي الحكمة الإلهية له تبارك وتعالى، وقد أوضح الله في آيات متعددة أنّ ذلك التخمين والحدس غير القائم على التفكير في مظاهر الكون والتأمل في آفاق النفس لايؤدي إلى الاطمئنان ولا يوصل إلى اليقين، قال الله تبارك وتعالى لأولئك الذين يتبعون الظن: {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً}(النجم:28) ويقول في آية أخرى: { قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}(البقرة:111).
إذاً هناك منهجان يصل إليهما القارئ للقرآن الكريم والمتأمل لما يريده الله تبارك وتعالى من عباده في الوصول إلى النتائج السليمة عبرالطريق السليم، ولعل ما ورد في بعض الروايات وأيضاً في شهر رمضان- من أنّ القارئ بتأمل للقرآن سوف يصل إلى اليقين - فهو إشارة إلى هذا المنهج الذي ذكرناه، كما أنّ وصول القارئ إلى ثمرات وحقائق معرفية منوط بهذا النحو من التفكير والتأمل الذي ألمحنا إليه, ولذا، نجد أنّ بعض الروايات تشير إلى أنّ الله تبارك وتعالى تجلّى لخلقه في آياته، وهذا ما يؤكده إمامنا الصادق عندما أبان مفصحاً بأنّ القارئ للقرآن يصل إلى مرحلة في قراءة القرآن بحيث يدرك أنه يسمع الآيات من الله تبارك وتعالى، أي تؤثر على وجدانه، فهذا منهج حق يوصل إلى الاطمئنان واليقين. وطريقة أخرى قائمة على الحدس والتخمين لا توصل إلى الإيمان بالله تبارك وتعالى, فضلاً عن التناغم والانسجام بين الإيمان العقدي من ناحيةٍ, والانسجام مع مظاهر الكون من ناحيةٍ أخرى، والله تعالى أبان أنّ من لم يَسر على وفق هذا المنهج السليم لن يكون إلا من أتباع الباطل ومن أصحاب الضلال، قال الله تبارك وتعالى: { فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ }(يونس:32) إذاً علينا أن ننهل من القرآن الكريم مستفيدين من نهج القرآن التأملي والعقلي الذي تشير إليه الآيات الشريفة كقوله تعالى: { وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً}، وأيضاً قوله تعالى: { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ }(آل عمران:190) فهذا النهج إذا سار على وفقه الإنسان وأدرك حلاوة التلاوة للقرآن، عندئذ يصبح لقراءة القرآن معنى وتأثير خاص، أما إذا هذ القرآن كهذ الشعر فإنّ قراءته سوف تكونه بسرعة وبالتالي سوف يقرأ كثيراً من القرآن، وسوف يتحقق له نحو من التأثير إلا أنه ليس بذلك التأثير فيما لو كانت قراءته بالشروط التي أشارت إليها آي القرآن الكريم وطائفة من الروايات الواردة عن المصطفى صلى الله عليه وآله وعن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام