المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الولاية


ابو محمد البصراوي
05-08-2014, 09:49 PM
الولاية

أن القرب الكذائي المعبر عنه بالولاية،أول ما أعتبره الإنسان.إنما أعتبره في الأجسام وأمكنتها وأزمنتها ثم أستعير لأقسام القرب المعنوي بالعكس مما نذكره لأن هذا هو المحصل من البحث في حالات الإنسان الأولية، فالنظر في أمر المحسوسات والاشتغال بأمرها أقدم في عيشه من التفكر في المعقولات والمعاني وأنحاء اعتبارها والتصرف فيها.وإذا فرضت الولاية:وهي القرب الخاص في الأمور المعنوية كان لازمها أن الولي فمن وليه ما ليس لغيره إلا بواسطة فكل ما كان من التصرف من وليه مما يجوز أن يخلفه فيه غيره فإنما يخلفه الولي لا غيره كولي الميت، فإن التركة التي كان الميت أن يتصرف بها بالملك لوارثه الولي أن يتصرف فيها بولاية الوراثة ، وولي الصغير يتصرف بولايته في شؤون الصغير المالية بتدبير أمره ، وولي النصرة له أن يتصرف في أمر المنصور من حيث تقويته في الدفاع ، والله سبحانه ولي عباده يدبر أمرهم في الدنيا والآخرة ولا ولي غيره ، وهو ولي المؤمنين في تدبير أمر دينهم بالهداية والدعوة والتوفيق والنصرة وغير ذلك ، والنبي ولي المؤمنين من حيث إن له أن يحكم فيهم وعليهم بالتشريع والقضاء ، والحاكم ولي الناس بالحكم فيهم على مقدار سعة حكومته وعلى هذا القياس سائر موارد الولاية كولاية العتق والحلف والجوار والطلاق وأبن العم ، وولاية الحب وولاية العهد. وهكذا قوله يولون الأدبار أي يجعلون أدبارهم تلي جهة الحرب وتدبر أمرها وقوله (توليتم) أي توليتم عم قبوله أي اتخذتم أنفسكم تلي جهة خلاف جهته بالإعراض عنه أو اتخذتم وجوهكم تلي خلاف جهته. بالإعراض عنه. فالمحصل من معنى الولاية في موارد استعمالها هو نحو من القرب يوجب نوعاً من حق التصرف ومالكية التدبير.وقد أشتمل قوله تعالى)إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا....الخ(. من السياق على ما يدل على وحدة ما في معنى الولاية المذكورة فيه حيث تضمن العد في قوله:الله ورسوله والذين آمنوا وأسند الجميع إلى قوله(وليكم) وظاهره كون الولاية في الجميع بمعنى واحد. ويؤيد ذلك أيضاً قوله في الآية التالية)فإن حزب الله هم الغالبون (حيث يشعر أو يدل على كون المتولين جميعاً حزباً لله لكونهم تحت ولايته ، فولاية الرسول والذين آمنوا إنما هو في سنخ ولاية الله.وقد ذكر الله سبحانه لنفسه من الولاية التكوينية التي تصحح له التصرف في كل شيء وتدبير أمر الخلق بما شاء ، قال تعالى:)أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي(([1] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftn1))، وقال تعالى)مالكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون((2).وقال:)أنت وليّ في الدنيا والآخرة((3).
وقال:)فما له من ولي من بعده(([2] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftn2)). في معنى قوله تعالى:)ونحن أقرب إليه من حبل الوريد(([3] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftn3)). وقوله:)واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه(([4] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftn4)) . وربما لحق بهذا الباب ولاية النصرة التي ذكرها لنفسه في قوله)فإن الله هو مولاه(([5] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftn5)).وفي معنى ذلك قوله)وكان حقاً علينا نصر المؤمنين(([6] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftn6)).وذكر تعالى أيضاً لنفسه على المؤمنين فيما يرجع إلى دينهم من تشريع الشريعة والهداية والإرشاد والتوفيق ونحو ذلك كقوله تعالى) الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور(([7] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftn7)).وقوله)والله ولي المؤمنين(([8] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftn8)).وقوله)الله ولي المتقين(([9] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftn9)).وفي هذا المعنى قوله تعالى)وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا(([10] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftn10))
فهذا ما ذكره الله تعالى من ولاية نفسه في كلامه ويرجع محصلها إلى ولاية التكوينية وولاية التشريعية وإن شئت سمها بالولاية الحقيقية والولاية الاعتبارية.([11] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftn11))




[1] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftnref1)ـ سورة الشورى/آية(9)
2 ـ سورة السجدة/آية/(4)
3ـ سورة يوسف/آية(101)

[2] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftnref2)ـ سورة الشورى/آية(44)

[3] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftnref3) ـ سورة ق / آية(16)

[4] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftnref4)ـ الأنفال / آية(24)

[5] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftnref5)ـ التحريم/ آية(4)

[6] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftnref6)ـ الروم /آية(47)

[7] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftnref7)ـ البقرة م آية(257)

[8] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftnref8)ـ آل عمران / آية(68)

[9] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftnref9)ـ الجاثية/آية(19)

[10] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftnref10)ـ الأحزاب/آية(32)

[11] (http://www.imshiaa.com/vb/#_ftnref11)ـ آية وجوب الولاية ص14